عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-16-2021, 11:54 AM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

.
- عدمُ تكفيرِ غيرِ المسلمين من اليهود والنصارى وأَهلِ المِللِ الأُخرى، واعتقادُ نَجاتِهم يومَ القيامةِ بما قدّموه في الدنيا من أَعمال وحضارة.
والله يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وقال في النصارى: {قَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} وقال في اليهود:{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا}. فالنجاةُ بالإسلامِ فقط، وهم يجازَون على أعمالهم الصالحة في الدنيا. أما في الآخرة فلا ثواب لهم عند الله لكفرهم، قال سبحانه وتعالى في شأنهم: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، وقال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي سليمٌ من الشرك، مُوحدا مخلصا لله تعالى. وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقال: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يظلمُ مؤمناً حسنة يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنةٌ يُجزى بها).

- مُوالاةُ غيرِ المسلمين، وعدمُ البراءةِ منهم ومن دينِهم وعاداتِهم، وعدمُ بُغضِ ما هم عليه من الكفر والعصيان.
وتكونُ الموالاةُ بالمحبةِ والتأييدِ والنُّصرةِ، وتبدأ بالإِعجابِ بهم وبما يَخُصّهم من شؤونِ دينِهم وعاداتهم، وهذا يكون عن ضعفٍ في القلبِ وخُلُّوِه من التعظيمِ الذي ينبغي لشرعِ الله. ثم يصيرُ الإِعجابُ محبةً وتشبُّهًا، ثم ينتهي الأمر إِلى نُصرتِهم وموالاتِهم الموالاةَ التامةَ، وما كان في القلبِ فلا بدَّ أَن يظهرَ على الجوارح. وجاء النهيُ عن موالاتِهم حتى ولو كانوا من أقربِ الناس كالوالدين والأَبناء. يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وسورة "المُمْتَحِنةُ" جاءت فاصلةً في هذا الأَمر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من تَشبّهَ بقومٍ فهو منهم) رواه أحمدُ وصححه الألباني. وقال: (أَوثقُ عُرى الإيمانِ الموالاةُ في الله والمعاداةُ في الله، والحبُّ في الله والبغضُ في الله) رواه الطبراني، وصححه الألباني.
وهذا لا يمنع من الإِحسانِ إليهم وصلتِهم وبِرِّهم ممن لم يُظهِرْ العداوةَ والمحاربةَ للمسلمين، قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. وكذلك لا يمنعُ من المحبةِ الفطرية في الإنسان؛ كمحبةِ الوالدين أَو الأَبناءِ إن كانوا كفارا، لكن تَبقى العداوةُ موجودةً في القلب، وتظهرُ جليةً عند تعارضِ المصلحةِ الشرعية مع مصلحةِ القرابة، فعندها لا بدَّ من تقديم المصلحة الشرعية.
أما أَهلُ المعاصي من المسلمين، فالمُوالاةُ والمعاداةُ لهم بحسَبِ أحوالِهم، فيُكره ما هم عليه من المعاصي، ويُناصحون، وقد يحتاج الأمر إلى الهجر لهم، مع عدم البراءة التامّةِ منهم؛ لِما هم عليه من التوحيد. ويُراعى في هذا كلِّه المصلحةُ والمفسدةُ؛ فليس زمانُ ضعفِ المسلمين وحاجتِهم إلى الاجتماعِ والتآلفِ كزمان قوتهم.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
فاستَثْنَتِ الآيةُ النصرَ في الدين؛ فإنْ استنصرَ هؤلاءِ الذين لم يُهاجروا في قتال دينيٍّ على عدوٍّ لهم من الكفار، فوجب نصرُهم؛ لأُخوّةِ الدين، ما لم يكن في هذا النصر نقضٌ لعهدٍ للمسلمين مع أولئك الكفار.
وكان من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للغُزاة كما في حديث بُريدةَ رضي الله عنه: (..ادْعُهم إِلى الإسلام، فإن أَجابوك فاقبلْ منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادْعُهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأَعلِمهم إِن فعلوا ذلك أنَّ لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين. فإن أَبَوْا واختاروا دارَهم فأَعلمهم أَنهم يكونون كأَعرابِ المسلمين، يجري عليهم حكمُ الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيءِ والغنيمةِ نصيبٌ، إلا أَن يُجاهدوا مع المسلمين). رواه أحمد وصححه شعيب.

يتبع..
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس