عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-22-2017, 09:13 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي دورة في الفقه الإسلامي وأدلته للشيخ / صادق البيضاني - متجدد -

الحلقة (1 )
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:

المقدمة الأولى : قضايا لها أهميتها
قبل البدء في هذه السلسلة المباركة من دروس الفقه الإسلامي، أضع بين أيديكم قضايا لها أهميتها في الفقه الاسلامي، أجملها في التالي :
القضية الأولى : هناك مسائل فقهية ورد تفصيلها في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وهي على ثلاثة أقسام :
القسم الأول مسائل فعلية : حيث أمر الشرع بفعلها، ويكون دليلها تفصيلياً, ومثال ذلك إقامة الصلاة, قال الله عز وجل فيها: "وأقيموا الصلاة"([1]), فهذا الدليل دل على وجوب الصلاة، فسماه الفقهاء دليلاً تفصيلياً؛ لأنه ورد مفصلًا في الكتاب العزيز في مسألة بعينها، وهي مسألة الصلاة بغض النظر عن كيفيتها التي وردت في السنة المطهرة، وكذلك ورد دليل الصلاة تفصيلياً في السنة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين: "بني الإسلام على خمس"([2]), وذكر من ذلك "وإقام الصلاة", فهذا يقال له دليل تفصيلي, والفعل قد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبًا، كما ستأتي أمثلته من خلال الدروس القادمة بمشيئة الله.
القسم الثاني مسائل تتعلق بالترك : حيث نهى الشرع عن فعلها, ودليلها تفصيلي, ومن ذلك ما جاء في قول الله عز وجل: "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه"([3]), هذا دليل تفصيلي في ترك الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وأنها رجس محرمة, ومن ذلك أيضاً ما ورد عن النبي صلى الله وعلى آله وسلم أنه: نهى عن لبس الحرير([4]).
والترك يرد على سبيل التحريم، وقد يرد على سبيل الكراهة كما ستأتي أمثلته قريباً بمشيئة الله.
القسم الثالث مسائل فيها التخيير وهو: الإباحة؛ فإن الله عز وجل أباح لنا الألبسة التي لم ينه عنها التشريع وأباح لنا أن نشرب الماء ونطعم الطعام متى شئنا، فهذا مما ورد دليله تفصيلياً في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومثال ذلك قوله تعالى : " كلوا واشربوا ولا تسرفوا"([5])، فهذا دليل تفصيله، وفيه إباحة الأكل والشرب.
القضية الثانية : أن هناك مسائل فقهية دليلها إجمالي بمعنى لا دليل عليها مفصلاً في الكتاب أو السنة, لكن فيها الإجماع عن الصحابة أو اتفاق العلماء, ومن أمثلتها : عدم جواز تزويج المسلمة من كتابي، فهذا لم يرد فيه نص ينهى عن هذا النوع من التزويج؛ لكنه يؤخذ من أدلة مجملة كقول الله عز وجل : "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"([6]).
القضية الثالثة : أن هناك مسائل احتاجت إلى آلة الاجتهاد، ودخلت في أدلة إجمالية، ولم يرد فيها نص مفصل, فأفتى فيها علماء الأمة بمجمل كثير من الأدلة وإن كان في بعضها مقال من حيث الاستدلال لكن كثراً منها موافق لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وسنرى من خلال هذه الدروس أمثلة كثيرة ترد في موضعها إن شاء الله، ومن أمثلة ذلك بناء منارات المساجد حتى يفرق الناس إذا أرادوا الصلاة بينها وبين الكنائس والمعابد ونحوها، وحتى تكون دليلاً على أماكن المساجد لمن كان غريباً على البلد النازل فيها على قول بعض أهل العلم، وليس بناؤها بلازم شرعاً، ففي المسألة سعة حسب المصالح والمفاسد.
وكذلك من المسائل التي طريقها الاجتهاد : المسائل العارضة التي تحصل من عصر إلى عصر.
ومن هذه المسائل في عصرنا الحاضر : مسألة أطفال الأنابيب ومسألة العقاقير التي ركبت من بعض الحيوانات المنوية من الإنسان أو الحيوان, لعلاج الشخص المصاب بضعف الإخصاب، ومسألة البنوك الإسلامية ومسائل كثيرة تتعلق بالأسهم والشركات والتأمينات، فمنها ما يوافق الشرع في الجملة ومنها ما يخالف.
القضية الرابعة : أن هناك مسائل حدثت في عهد الصحابة ومن بعدهم وليست عصرية : فقد ينفرد الصحابي عن الصحابة أو غيره عن غيرهم بالخوض في حكمها أو يختلفون, ولم يرد فيها دليل أو إجماع أو اتفاق كمسألة القراءة من المصحف في قيام الليل، ونحوها.
أهمية الفقه الإسلامي: من لا يعرف الفقه فلن يعرف الحلال والحرام, ولن يسعد المسلمون إلا بمعرفة الفقه الإسلامي بأدلته الصحيحة من الكتاب والسنة.
وإلى لقاء قادم بإذن الله، وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
___ا
([1]) سورة البقرة, الآية (43).
([2]) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر.
([3]) سورة المائدة, الآية (90).
([4]) أخرجه الترمذي في سننه من حديث أبي موسى، والحديث صحيح.
[5] سورة الأعراف، الآية (31).
([6]) سورة النساء, الآية (141).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس