عرض مشاركة واحدة
  #362  
قديم 08-28-2018, 03:45 PM
أبو متعب فتحي العلي أبو متعب فتحي العلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الزرقاء - الأردن
المشاركات: 2,322
افتراضي

قال شيخنا :

(( ما عاينّاه، وشاهدناه، ولمسناه -باستمرار-والموفق الله-: من تلكم الجهود الجليلة والعظيمة والكبيرة التي تبذلها (المملكة العربية السعودية) -كافّة-ولا تزال-في تطوير أسباب وأساليب وطرق ووسائل تسهيل الحج ومناسكه-على وجه الخصوص-؛ فضلاً عن المحافظة على أمن الحجيج، وسلامتهم-من الواردين إليها-كل سنة-بما يقرب من ثلاثة ملايين حاج-ذكوراً وإناثاً، صغاراّ وكباراً، أصحّةً ومرضى-ومن كل بلاد الدنيا-:

يوجب -حتماً-على كل منصفٍ ذي عقل وإدراك: أن يشكرها، وبالخير أن يذكرها، وأن يدعو لشعبها، وأبنائها، وجيشها وعسكرها، وأولياء أمورها: بالمزيد من التوفيق، والصبر، والأجر، والسداد، والكمال، والتكميل(فهم بشر..لهم حدودهم وقدراتهم)..
....بدلاً من تلك المماحكات السياسية الجائرة -أو هاتيك المناكفات الشخصية الحائرة-التي يتداولها وينشرها-أو ينطلق بها ويكرّرها-مِن هنا، وهناك وهنالك- أناسٌ معروفون بالخلل المنهجي الدعوي، أو الدغَل الفكري العقائدي-أصالةً-، أو آخرون جاهلون مجهولون(!).. يريدون أن يجعلوا لأنفسهم مكانةً-ما-ولو بأبطل الباطل..لحاجاتٍ أو أهواء..لا نصيحةً في الدين، ولا تواصياّ بالحق والصبر..

...وعليه؛ فـ(المملكة العربية السعودية)-الرائدة-مدعوّة-اليوم-أكثرَ من أي وقت مضى-إلى المضيّ قُدُماً-وبقوة وثبات وثبوت-في تعميق رسالتها الإسلامية الرحيمة الكبرى، التي تدلّ عليها رايتُها العاليةُ الشمّاءُـ التي لا-ولن-تنكفئ-إن شاء الله-: (لا إله إلا الله...):
-في تعظيم العقيدة والتوحيد..
-في نشر حميد الأخلاق وجميل السلوك..
-في التركيز على العلم النافع، والعمل الصالح..
-في تثبيت مكانتها العظمى في قلوب عامة المسلمين-في أنحاء المعمورة-.
-في تأكيد استحقاقها الأكبر-وريادتها-في رعاية الحرمين الشريفين، وما يتصل بهما من ركن الحج الإسلامي العظيم-وما يَلحق به من العُمرة أو الزيارة-، والذي يَجهد(!)بعض الناس-اليومَ-(مِن/إلى)في التهوين من شأنه، أو التقليل من مكانته-بطرق ملتوية، و..خبيثة!!
ألا خابوا، وخسروا..
كل ذلك مطلوبٌ من(المملكة العربية السعودية)-بالمَزيد المزيد-من العلم والعمل-بالإعلام والإعلان، بالتعاون والتكامل، بالرفق واللين، بالحكمة والرحمة، بالقول والفعل-انطلاقاً من علمائها الكبار، وعموم أبنائها الأبرار؛ بل من كل مسلم يعرف حق توحيد الله العلي ّ الغفار-......
وهي لذلك-كله-أهل..
وهو عليها-بإذن الله-يسيرٌ وسهل..

كتبته في مكة المكرمة
11/ذي الحجة/1439
مقابل الكعبة المشرّفة ))

وقال :

(( لإنصاف بين (الإسفاف والإجحاف!)!
وقفات علمية في مسألة (طاعة وليّ الأمر)-مع د.وليد الشاويش-!

اطّلعتُ-ضُحى هذا اليومِ: 15/ذي الحجة/1439هـ-على ما كتبه الدكتور وليد الشاويش(عميد كلية الفقه المالكي)-وفقه الله-في«جامعة العلوم الإسلامية»/الأردن-بعنوان:(طاعة وليّ الأمر بين الإسفاف والإجحاف-«وإن ضرب ظهرَك، وأخذ مالَك»-)!
وقد رأيتُه عنواناً جميلاً جذّاباً(!)لموضوع حيويّ عصريّ-شرعيّ وسياسيّ-مهمٍّ-غايةً-..
ثمّ قرأتُ هذا البحثَ بتمعّنٍ ودقة نظرٍ؛ عسى أن أجدَ القولَ الحقَّ الصوابَ في هذه المسألة الكبرى..
...فلم أجده-واأسَفاه-!!
وكان شعوري(!)-عند الانتهاء من النظر في البحث-بأنّه مكتوبٌ بطريقة فلسفية؛ لا فقهية علمية! فَقَدْ فقَدَ مقوِّماتِ البحث الفقهيّ العلميّ-المعروفة-؛ فلم نر فيه أيّاً من نصوصِ المحدّثين والفقهاء، ولا كلاماً للأئمة والعلماء!
...إنما دوَرانٌ في مصطلحات جامدة! قد يكون أكثرُها(!)غيرَ مفهومٍ لخاصّة طلبة العلم! فضلاً عن العامّةِ من المسلمين!
وكأنّ(!)مقصود البحث هو(التوقّف والإيقاف)! والمُراجَحة بين(الإسفاف والإجحاف)-تعميماً، وتعميةً-!!
...فلماذا؟! ولمصلحة مَن؟!

وبيانُ ذلك، وتوضيحُه: من وجوه-باختصار واعتصار-:
*أولاً: تركيز الكاتب-وفقه الله-مِراراً-على ما يُسمّى-اليوم-في عالم السياسة والإعلام-بـ(الولاء)، و(المعارَضة)!!
وهما مصطلَحانِ دخيلانِ على فقه السياسة الشرعية الصحيحـ/ـة!
وهذا المصطلح قد يجعل لـ(المعارَضة)-بالمعنى العصري!-في الحكم الشرعيّ-شأناً يكادُ يوازي(الولاء)-والذي هو الأصل في الرعية-.
وأعجبني-في بعض سياق الكاتب-وفقه الله-ما يُشبه الذمَّ لـ(التعصّب المذهبي!)!
وأرجو أن يَكونَ لهذا معانٍ حقّةٌ واقعيةٌ-إن شاء الله-.
*ثانياً: صرّح الكاتب-وفقه الله-بعُقدة بحثه منذ السطور الأولى له، وذلك قوله:(... أصبحنا نعيشُ حال(!)من التوظيف المتضارِب لنصوص الشريعة، مثل النصوص الآمِرة بطاعة وليّ الأمر، ومعارَضتها بنصوص أخرى تحرِّم الظلمَ، وتأمر بالعدل)!
بانياً على ذلك زعمَه-بعدُ-:( أن النصوص الشرعية قد ضُرب بعضها ببعض)!!!
فأقول: وكلُّ هذا غير صحيح؛ فلا تعارُض، ولا تضارُب، ولا معارَضة-ألبتّة-!
ولدينا-في هذا البابِ المهمّ الجليل-الذي استعصى على الكاتب فهمُه واستيعابُه-عدّةُ مقامات مهمّات:
1-تحريم الظلم، والأمر بالعدل-بالعموم-.
2-طاعة وليّ الأمر المسلم-بالمعروف-.
3-عدمُ طاعته في المنكَر.
4-الصبرُ على جَوره وظلمه.
5-تحريم الخروج عليه.
6-وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر-عموماً-.
7-درجات ذلك.
8-مَآلاته فيما هنالك.
9-خصوصيةُ أمر الحاكم -المخالِف للشرع-ونهيه-بالسرّ-.
10-عدمُ جواز أمر الحاكم -المخالِف للشرع-ونهيه-بالعلَن-.
...وهي-جميعاً-مقاماتٌ مؤتلِفٌ بعضُها مع بعضٍ-غيرُ مختلِفٍ -ولله الحمد-.
وسردُها-كما تقدّم-على التوالي-يكاد يكون مُغنيَاً عن شرحها وتفصيلِها –مع أنه سيأتي مَزيدُ بيانٍ لذلك-.
وقد أعجبني-في هذا السياق-قولُ الكاتب-وفقه الله-:(... الحقُّ في النظر في النصوص الشرعية -دائماً-، هو الجمع بينها، وليس الأخذَ ببعض وترك البعض الآخَر)..
...ويا ليتَه طبّق-عملياً-ما نظّره-قولياً-!
.*ثالثاً: كرّر الكاتبُ-عدةَ مرات-وصفَ بعضِ الاستدلال المغلوط بالسنة النبوية والحديث-في نظر الكاتب-بـ(قطع الغيار)-ذمّاً منه لـ(توظيف نصوص الشريعة لأغراض الولاء والمعارضة)-!
واصِفاً-في السياق نفسِه-الاستدلالَ بالحديث الشهير-الذي رواه الإمام مسلم في«صحيحه»-والذي فيه:«اسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، فَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ »-بأنه:(مِن أمثلة الاستخدام المفرِط للنصوص الشرعية)!!!
ولا أدري(!)بماذا أحكم على هذا الوصف النَّابي الجاسي-سعادةَ الدكتور-وقد استدلّ به كبراء، وعظماء-!!
ولا يَشفعُ للكاتبِ-وفقه الله-ما أتْبع به كلامَه السابق مِن قوله-بعدُ-: (وتَكمُن خطورةُ هذا التوظيفِ، في أنه يولِّد شعوراً اجتماعياً بأن الدين لا يُـقيم العدالة في المجتمع؛ لطغيان سياسة (جَلْد الظهر) و(ضرب القَفا) على معنى الحق والعدالة)!
فأقول: هذا توهّمٌ بغير حق، وتوهيمٌ بلا دليل، وتوهينٌ بمحض الأقاويل!
وأين فَهْمُ العلماء الكُبراء-عبر القرون-مِن هذا الكلام المتهاوي المظنون!؟
* فلقد بوّب الإمام البيهقي في«السُّنن الكبرى»على هذا الحديث، بقوله:(بَابُ الصَّبْرِ عَلَى أَذًى يُصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ إِمَامِهِ, وإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مِنْ أُمُورِهِ- بِقَلْبِهِ-, وَتَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ).
* وقال الإمامُ ابنُ هُبَيرة في كتابه «الإفصاح عن معاني الصِّحاح»-مستنبِطاً من فقه الحديث-:« أنّ المؤمن إذا بُلي بذلك-في وقتِ أميرٍ جائرٍ-مِن ضرْبِ ظهرِه، وأخْذِ مالِه؛ فإنه لا يخرج عليه، ولا يحاربه؛ بل يسمع ويطيع؛ فإنه بخروجه يزيد الفتنَ شرًا».
أقول: والواقع العصري-فضلاً عن الحال التاريخي-أكبرُ دليل..
* وقال شيخُ الإسلام ابن تيميّة: « فَهَذَا أَمْرٌ بِالطَّاعَةِ مَعَ ظُلْمِ الْأَمِيرِ».
* وقال العلامة الشوكاني في «نيل الأوطار»: «فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ-وَإِنْ بَلَغُوا فِي الْعَسْفِ وَالْجَوْرِ إلَى ضَرْبِ الرَّعِيَّةِ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ-.
فَيَكُونُ هَذَا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْله –تَعَالَى-: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾، وَقَوْلِهِ: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾».

* وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في «شرح الأربعين النووية»:«...وضربُ الظهر وأخذُ المال -بلا سببٍ شرعي-: معصيةٌ-لا شكّ-؛ فلا يقول الإنسان لولي الأمر: (أنا لا أطيعك حتى تطيعَ ربك)؛ فهذا حرامٌ، بل يجب أن يطيعَه وإن لم يطعْ ربه.
أمّا لو أمر بالمعصية؛ فلا سمع ولا طاعة؛ لأن ربَّ ولي الأمر وربَّ الرعية واحدٌ -عزّ وجلّ-؛ فكلُّهم يجب أن يخضعوا له -عزّ وجل-، فإذا أُمرنا بمعصية الله، قلنا: لا سمع ولا طاعة».
أقول: وهذا كلامٌ علميٌّ جامعٌ.
*رابعاً: ثم قال الكاتب-وفقه الله-:« ولا يَخفى أنّ تحويل نصّ الحديث إلى مادة إعلامية(!)على أنها من مظاهر الولاء، دون(!)أحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ستعني حالة انشقاقية داخل المجتمع، حيث ينحاز قوم إلى الحاكم، وقوم آخرون إلى المظلوم، وتزداد الهوّة بين المسلمين، بسبب تحويل الشرع إلى غنائم(!)بين المتخاصمين»!
فأقول: هذا خِطاب عاطفي، بعيدٌ عن النظر الفقهي، ومعزولٌ عن معرفة أسس السياسة الشرعية..
انشقاق..وانحياز..هوّة..غنائم..تخاصم....!!
ما الحلّ-إذن-؟!
وأين هو؟!
لقد تقدّم فيما نقلتُه -من كلام العلماء- ما يقضي على هذه التوهُّمات الانفعالية المتراكِمة؛ التي ظنّ الكاتبُ-وفقه الله-شرعيّتَها، وما هي من الشرع في شيء-على نحو ما توهّم-!
ولقد بنى الكاتب على تناقضه الموهوم-السابقِ نقدُه-ما سمّاه:«اختطاف السنّة بين الولاء والمعارَضة»!!!
كيف ذلك؛ ومَن معه النصُّ السَّنِيُّ السُّنِّيُّ الراجحُ الواضحُ البيِّنُ هو السعيدُ به؛ دون مَن ظنّ أنّ العموماتِ(!)تساعدُه وتُعينه-وهي مخصَّصةٌ مرجوحةٌ-!
*خامساً: كرّر الكاتب-وفقه الله-مصطلحَ(الإجماعات العقدية والأصولية والفقهية)-غيرَ مرةٍ-!
ولم ينصَّ عليها، ولم يدندنْ حولها!!
وإن أشار إلى بعضِها-حيناً!-؛ فبغير بيانٍ واضح، أو تقريرٍ صالح!
فهل هذا منه سهوٌ بشريٌّ! أم هو إمعانٌ في التعمِية؟!
*سادساً: إضافةً إلى استعمال لفظ (قطع الغيار!)-في وصف استخدام البعض(!)للسنة-استخداماً خاطئاً-في نظر الكاتب-: استخدم الكاتب مصطلحاتٍ أخرى في السياق-ذاتِه-؛ مثل:(امتهان النص الشرعي! و:(التوظيف الانتهازي للنص الشرعي!)، و: (تحويل نصوص الشرع إلى مادة إعلامية ونشرة إخبارية للخصومة!) -وأمثال ذلك-!!
ولعلّ ما هو أبشعُ من ذلك-كلِّه-: قولُه-غفر الله له-: (المتكسّبون بامتهان السنّة!!)!!
...وهي-جميعاً-ألفاظٌ (قد) تُضعِف مكانةَ السنة النبوية، ومنزلةَ الاستدلال بها عند عامة المسلمين؛ فالواجبُ اجتنابُها، والتعبيرُ عن تلكم المسالك الخاطئة المغلوطة -في الاستدلال بالسنة-ولو من وجهة نظر الكاتب-غفر الله له-: بغير هذه التعبيرات الخفيفات-مما فيه تعظيم للسنة المشرَفة-!
*سابعاً: قول الكاتب:« عندما يأمر النبي-صلى الله عليه وسلم-بلزوم الجماعة وعدم الانشقاق عليها؛ فإنه-كذلك-يأمر بكفِّ الظلم عن المظلومين»!!!
فأقول: وهل بينهما تعارضٌ أو معارَضة-أصلاً-!؟
أم خَفِيَ(!)على الكاتب-عفا الله عنه-في معرِض كلامه الخِطابيّ الحماسيّ-أنّ النصوص الشرعية جاءت ببيان وجهٍ خاصٍّ في التعامل-أمراً، ونهياً، وكَفّاً-مع الحاكم المسلم حالَ جَوره وظلمه-كما سيأتي-على غير طريقة التعامل مع المحكومين-!؟
*ثامناً: ومثلُ الكلام السابق للكاتب-خِطابيَّةً حماسيةً-كذلك-: قولُه:«..فكيف نردُّ إلى السنة-لقطع النزاع-مع هذا الامتهان(!)لها في دهاليز السياسة، وتضييع المظلومين(!) بترك(!)الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحويل السنة الجامعة إلى أشلاء ممزَّقة(!)على يدي تناقضات الولاء والمعارضة، التي تهدّد سلامة المجتمع كله...»!
فأقول: قد فعلتَ-يا سعادةَ الدكتور-ما نهيتَ عنه! وتلبّستَ بما هزئتَ به؛ فلم تورد-إهمالاً، أو جهلاً، أو غفلةً-النصوص الشرعية التي تَقضي على ذلك التناقض(!)الذي توهّمتَه-وليس هو-يقيناً-كذلك-كما سيأتي-!
*تاسعاً: قال الكاتب-وفقه الله-: «..الشريعة -الآمِرة بالعدل، الناهية عن الظلم- فيها بديلٌ عن الانشقاق على المجتمع، الذي فيه هدمٌ لبنيان المسلمين، وهذا البديلُ هو: فريضةُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..»!!
فأقول: نعم؛ ولكنّ هذا كلامٌ عامٌّ! يحتاجُ تأصيلاً وتفصيلاً..
وإلا؛ فهل ضلّ الخوارجُ والمعتزلةُ-ومَن سلك سُبلَهم-إلا بسبب سوء فهمهم، وخلَل تطبيقهم لقواعد (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)-وضوابطه-؟!
ومِن أخطرِ ذلك: تعميمُهم هذه القواعدَ لتشملَ-بغير أصولٍ ضابطةٍ-الحاكمَ المسلمَ الجائر؟!
نعم؛ الحاكم المسلم الجائر: يؤمَر ويُنهى، لكنْ: ضمن ضوابطَ، ووَفْقَ أصول؛ وليس اعتباطاً، أو بالمساواة بينه وبين عامة الرعية في ذلك-وهو ما لم يَظهَر(!)غيرُه من كلام الكاتب-عفا الله عنه-!
وهذا شأنٌ خطيرٌ-جداً-!
وهو ما صرّح(!)به الكاتب-بَعْداً-بقوله:«..يجب أن يستمرَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للحاكم والمحكوم على السواء ..»!!!!
..هكذا-خبط لَزقٍ-! بلا ضوابطَ ولا تأصيلات..(على السواء!)!!
فأين لغة الفقه؟! وأين تدقيقات العلماء؟! وأين التخصيصاتُ الشرعية في النصوص الأخرى، التي تفرّق-في طرائق الأمر والنهي-بين الحاكم والمحكوم؟!
إنّ تعميماتِ الكاتب-عفا الله عنه-خطيرة-لو أخذناها على ظاهرها-! ولكنّنا نجاهدُ أنفسَنا على حُسن الظنّ به.
و..المرجوُّ أن يُراجع، أو يتراجع...
*عاشراً: ختم الكاتب مقاله-وكأنّه يتسلسل بقرّائه من الأدنى إلى الأعلى! أو من الأخفى إلى الأوضح!-قائلاً-:« لا يعني بحالٍ من الأحوال أن هناك أحاديثَ ضعيفةً تجيز القول للظالم:(أنه ظالم) أن ضعف الحديث يؤثّر في معناه!
بل معناه صحيح، فهو مندرِج تحت قوله-تعالى-:﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ.وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾.
وكذلك تحت الأحاديث الصحيحة الآمرة بالمعروف، والناهية عن المنكر.
فيجب المصير إلى الجمع بين الأدلة..»!!!!
قلت: في هذه الجملة عدّة مغالَطاتٌ:
1-نعم؛ ضعف الحديث-بنسبته إلى النبيّ-صلى الله عليه وسلم-شيءٌ، وصحّة معناه-بالعموم-دون نسبته إلى النبيّ-صلى الله عليه وسلم-شيءٌ آخَرُ.
هذه قاعدة حديثية صحيحة.
2-ولكنْ؛ ليس الأمر كذلك فيما زعمه الكاتبُ-غفر الله له-في الحديث(الضعيف)-الذي أشار إليه-، وهو حديثُ عبدالله بن عَمرو-رضي الله عنه-وهذا نصُّه-: «إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِي تَهَابُ الظَّالِمَ أَنْ تَقُوْلَ لَهُ:(إِنَّكَ ظَالِمٌ)؛ فَقَدْ تُوُدِّعُ مِنْهُم»!
فالظاهر أنّ الكاتب-وفقه الله-مقرُّ بضعف هذا الحديث! لكنه ينزع(!)إلى صحّة معناه!
وهذا منه-على الرُّغم مِن ذا-خطأ عظيم-جداً-؛ سببه: عدمُ مَصير الكاتب إلى (الجمع بين الأدلة)-وهو ما دندن حوله-كثيراً-، ولم يَخُضْهُ ولو قليلاً!
بل العجَبُ: أنه-غفر الله له-يذكر الضعيف-ويتأوّله-كما هنا-، ويُهمِل الصحيح-ويُعرِض عنه-كما سيأتي-!
والسؤال: هل (إعراضُه)-هذا-جهلٌ منه به-ولا يَعيبُه!-، أم هو تعمُّدٌ-وهو ما لا نرجوه له-!
3- إدراجُ الكاتب حديثَ«إنك ظالم» تحت معنى(!)قول الله-تعالى-: ﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ.وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾-ليشدَّ به ما تخيّله مِن معنىً-: غفلةٌ كبرى عن النصوص النبوية الحديثية الأخرى، المفرِّقة -في طرائق الأمر والنهي-بين الحاكم والمحكوم-كما سنذكرها في آخِر المقال-إن شاء الله-؟!
ونصُّ(الجهر)-في الآية الكريمة-حسب فهم الكاتب-: يؤكّد خللَ هذا الفهم!
نعم؛ الجهر(أمام) الحاكم-مواجَهةً-بالنَّكير عليه- دلّت عليه بعضُ النصوص.
وهذه مسألةٌ أخرى، غيرُ ما نحن بصدده-فتأنَّ-.
4-وما قيل في هذه الآية الكريمةِ، يُقال في(الأحاديث الصحيحة الآمِرة بالمعروف، والناهية عن المنكر)-كما توهّم الكاتب-عفا الله عنه-وادّعى-!
فالحاكم والمحكوم داخلان-كلاهما-في باب(الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)-ولا بُدّ-، لكنْ؛ طرائق ذلك-بينهما-مختلفةٌ-تماماً-!
وهو ما لم يُشر إليه الكاتب في طول مقاله وعرضِه-مطلَقاً-كما نبّهتُ-مِراراً-!!

وأخيراً:
فهاكم-إخواني طلبةَ العلم-ما وعدتُ به-وكرّرتُ القولَ فيه-مما لم يذكره الكاتب، ولم يلتفت إليه-من أحاديثَ وآثارٍ صحيحة دلّت على التفريق-آنِف الذكر-في طريقةِ إنكار المنكر على الحاكم، وأنها تختلف عن طريقة إنكار المنكر على المحكوم:
* روى أحمد، والحاكم، وابنُ أبي عاصمٍ-وغيرهم-عن الصحابيّ عِيَاض بن غَنْمٍ-رضي الله عنه-عن رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –أنّه قال: »مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ؛ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ: لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ؛ فَذَاكَ، وَإِلَّا: كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ..«.
قال العلامة السِّندي في «حاشية المسنَد»-شارحاً-:«نصيحةُ السلطان ينبغي أن تكون في السرّ؛ لا بين الخَلق».
* وروى الشيخان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ؛ فَتُكَلِّمَهُ؟!
فَقَالَ: أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ؟!
وَاللهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ..».
قال الإمام النووي -رحمه الله- شارحاً قولَ أسامة-:(يعني: المجاهَرة بالإنكار على الأمراء في الملأ (.
وَقَالَ القاضي عِيَاض: (مُرَاد أُسَامَةَ: أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَابَ الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام؛ لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ؛ بَلْ يَتَلَطَّفُ بِهِ، وَيَنْصَحُهُ سِرًّا؛ فَذَلِكَ أَجْدَرُ بِالْقَبُولِ(.
وقال شيخنا الإمام الألباني:( يعني: المجاهَرة بالانكار على الاْمراء في المَلأ؛ لأن في الانكار جِهاراً ما يُخشى عاقبتُه، كما اتفَق في الإنكار على عثمان-جِهارأ-؛ إذ نشأ عنه قتلُه).
* وروى الإمام أحمد في«المسند» عن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى-وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ-، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟!
فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ.
قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟
قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ.
قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ».
قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ –وَحْدَهُمْ-، أَمِ الْخَوَارِجُ –كُلُّهَا-!؟
قَالَ: «بَلِ الْخَوَارِجُ –كُلُّهَا-».
قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ!
قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي، فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ -يَا ابْنَ جُمْهَانَ-: عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ.
إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ؛ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ؛ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا: فَدَعْهُ؛ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ«
* وروى سعيدُ بن منصور، وابنُ أبي شيبة عن عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ إِمَامِي بِالْمَعْرُوفِ؟
قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ؛ فَلَا، فَإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَاعِلًا: فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ.
 وأما أقوال العلماء:
* قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: «الْجَائِزُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ -مَعَ السَّلَاطِينِ-: التَّعْرِيفُ وَالْوَعْظُ.
فَأَمَّا تَخْشِينُ الْقَوْلِ، نَحْوُ: (يَا ظَالِمُ)، (يَا مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ)؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُحَرِّكُ فِتْنَةً يَتَعَدَّى شَرُّهَا إلَى الْغَيْرِ: لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ -عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء-.
قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ..»
* وقال الإمام ابنُ النحّاس الشافعيّ: «ويَختار الكلامَ مع السلطان في الخَلوة، على الكلام معه على رءوس الأشهاد.
بل يَوَدُّ لو كلّمه سرّاً، ونصَحه خُفْيَةً -من غير ثالثٍ لهما-».
* وقال العلامة الشوكانيّ: «ينبغي لمَن ظَهر له غلطُ الإمام -في بعض المسائل-: أن يُناصحَه، ولا يُظهِرَ الشناعةَ عليه على رؤوس الأشهاد.
بل كما ورد في الحديث: «أنه يأخذُ بيده، ويخلو به، ويبذلُ له النصيحة، ولا يُذِلّ سُلطان الله».
ولا يجوز الخروجُ على الأئمة -وإنْ بلَغوا في الظلم أيَّ مبلَغٍ- ما أقاموا الصلاةَ، ولم يظهرْ منهم الكفرُ البَوَاح-.
والأحاديثُ الواردة -في هذا المعنى- متواترةٌ.
ولكنْ؛ على المأموم أن يُطيعَ الإمامَ في طاعة الله، ويعصيَه في معصية الله؛ فإنه (لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق)».
قلتُ:
والكلام -في هذا الباب- كثيرٌ، ومتشعّب.
ومَن لم يَضبِطْه، ويَجمعْ أطرافَه، ويُدركْ مآلاتِه-مصالحَ، أو مفاسدَ-؛ فسيُفسد مِن حيث يظنّ أنه يُحسِن صُنعاً! وسيكون منه-شاء أم أبى-(الإسفاف) تِلْوَ (الإجحاف)-بِلا (إنصاف)-!!!

والله المستعان، وعليه التُّكلان.
وصلّى الله، وسلّم، وبارك: على سيّدنا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه-أجمعين-.


كتبتُه-في مجلسٍ واحدٍ-،
كان آخِرَه بعد أذان العصر،
مِن يوم الأحد: 15/ذي الحجة/1439هـ.
ولله الحمدُ-من قبل ومن بعدُ-. ))

وقال :

(( بعدَ انتهاء فترة العيد السعيد-أعاده الله علينا وعليكم بالبركة والسرور-: سيكونُ أوانُ عودةِ دُروسي العلمية-إن شاء الله-ابتداءً من يوم الجمعة القادم/درس محافظة الزرقاء-مسجد عمر، ويوم الاثنين-كذلك-/درس محافظة العاصمة-مسجد المغيرة.
رزَقني الله وإياكم العلمَ النافع، والعملَ الصالح..
والله الموفّق لا ربّ سواه.))
رد مع اقتباس