* صارتِ الفِتْيانُ حُمَماً(1) .
- يُضربُ لِمن يَجلبُ حَيْناً(2) على نفسِه لسَعْيِهِ . أو يُضربُ في التحزُّن للمُتَورِّطِ .
قال الميدانِيّ :
هذا مِن قولِ الْحَمْراءِ بِنتِ ضَمْرَةَ بنِ جابرٍ ؛ وذلك أنّ بني تَميمٍ قتلوا سعدَ ابنَ
هِندٍ أخا عَمْرِو بنِ هندٍ الملكِ ، فنذرَ عمرٌو ليَقتلنَّ بأخيه مائةً من بني تَميمٍ ،
فجمع أهلَ مَمْلكتِه ، فسار إليهم , فبلغهم الخبرُ ، فتفرّقوا في نواحي بلادِهم ،
فأتى دارَهم فلم يَجدْ إلا عجوزاً كبيرةً , وهي الْحمراءُ بنتُ ضَمْرَةَ ، فلمّا نظر
إليها وإلى حُمْرتِها قال لها : إنِي لأحسِبُك أعجميةً .
فقالت : لا، والذي أسأله أنْ يَخفِضَ جناحَك ، ويَهُدَّ عِمادَك ، ويَضَعَ وِسادَك ،
ويَسْلُبَك بلادَك ، ما أنا بأعجميةٍ .
قال : فمن أنتِ ؟
قالت : أنا بِنتُ ضَمْرَةَ بنِ جابرٍ ، سادَ مَعَدَّاً كابراً عن كابرٍ ، وأنا أخْتُ ضمرةَ
بن ضمرة .
قال : فمَنْ زوجُكِ ؟
قالت : هَوْذَةُ بنُ جَرْوَلٍ .
قال : وأين هو الآن , أمَا تعرفين مكانَه ؟
قالت : هذه كلمةُ أحْمقٍ ، لو كنتُ أعلمُ مكانَه حالَ بينك وبينِي .
قال : وأيُّ رجلٍ هو ؟
قالت : هذه أحْمقُ مِنَ الأولى ، أعَنْ هَوْذةَ يُسْألُ ؟. هو واللهِ طيِّبُ العِرْقِ ،
سَمينُ العَرْق ، لا ينامُ ليلةَ يَخافُ ، ولا يشبعُ ليلةُ يُضافُ ، يأكلُ ما وجدَ ، ولا
يسألُ عمّا فقدَ .
فقال عمرٌو : أمَا واللهِ لولا أنّي أخافُ أنْ تلدي مثلَ أبيكِ وأخيكِ وزجكِ
لاسْتَبْقيتكِ .
فقالت : وأنتَ واللهِ لا تقتلُ إلا نساءً أعالِيها ثدُِيٌّ وأسفلها دُمِيٌّ(3) ، وواللهِ ما
أدركتَ ثأراً , ولا مَحَوْتَ عاراً , وما مَنْ فعلتَ هذه به بغافلٍ عنكَ , ومعَ اليومِ
غدٌ .
فأمرَ بإحْراقِها .فلمّا نظرت إلى النارِ قالت : هَيْهاتَ ؛ صارتِ الفِتيانُ حُمَماً.
فذهبت مثلاً .
- وفي مثل حال هذه المرأة يُقال :
" لا تكن كالعَنْز تبحثُ عن الْمُدْيَةِ "
____________
(1) الْحُمَمُ : الرّمادُ والفَحْمُ , وكلُّ ما احترق من النار . الواحدة : حُمَمَة .
(2) الْحَيْنُ الهلاكُ , والْمِحْنة .
(3) دمٌ تُجمعُ على دُمِيّ , ودِماء .
--------------------------