عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-09-2012, 10:05 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ومن التيسير ودفع المشقة

ومن التيسير ودفع المشقة

13. الأصل في ماء المطر والثلج والبرد أنه طهور : طاهرٌ ومطهرٌ لغيره : قال الله - تعالى - :
﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ۞ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا [سورة الفرقان : 48 - 49].

ومنه أ. طهارة ما يصيب الثياب من بللٍ من ماء المطر أو من طين الشوارع لا يجب غسله ولا تطهيره : فقد كان الصحابة الكرام - رضي الله عنه - والتابعين يخوضون في الوحل والطين وماء المطر، ويدخلون المسجد، ويصلون ولا يغسلون ما أصابهم منه. فعن جابر – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلتْ لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيتُ الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثتُ إلى الناس عامة). (متفق عليه).

ب. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بعد تكبيرة الإحرام في الصلاة أن يغسله الله من الخطايا بالماء والثلج والبرد : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة، قال : أحسبه، قال : هنية، فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير وبين القراءة ما تقول ؟ قال : أقول : (اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد) (متفق عليه).

ت. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو للميت في صلاة الجنازة أن يغسله الله من الخطايا بالماء والثلج والبرد : عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول : (اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار).
وفي رواية : (وقه فتنة القبر، وعذاب النار)، قال : حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) . رواه مسلم

14. الغريق له أجر شهيدين – إن لم يكن ينوي قتل نفسه - : فعن أم حرام – رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد، والغريق له أجر شهيدين) [1].

وقد كانت أم حرام من أوائل من ركب البحر في زمن معاوية - رضي الله عنه - فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل على أم حرام بنت ملحان، وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها يوما فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استيقظ وهو يضحك، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عَليّ غُزاةٌ في سبيل الله، يركبون ثبَجَ هذا البحر، ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة . فقلت : يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت يا رسول الله ! ما يضحكك ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عَلَيّ غُزاةٌ في سبيل الله. كما قال في الأولى . فقلت يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم. قال : أنتِ من الأولين. فركبتْ أم حرام البحر في زمن معاوية، فَصُرعَتْ عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت). (متفق عليه).

أسأل الله - تعالى - أن يكتب لها أجر شهيدين، وأن يجمعنا بها في أعلى عليين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


يُتبع - إن شاء الله تتعالى -.

______

[1] (حديث حسن) أخرجه (أبو داود) (2493) ص (285). والحميدي في " مسنده " (349) وكذا ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد ) (ق 98 / 2) وابن عبد البر في " التمهيد " (1 / 239 - طبع المغرب).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس