عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-24-2017, 03:52 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي من الأدلة على عذاب القبر في الكتاب والسنة :

من الأدلة على عذاب القبر ونعيمه في الكتاب والسنة :

1.
أخرج الإمام البخاري رحمه الله - تعالى - في "التاريخ" (1/ 8 / 229) عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ بصر بجماعة فقال: (عَلامَ اجتمعَ عليه هؤلاء ؟) قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بلَّ الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: (أيْ إخواني ! لمثل هذا اليوم فأعدّوا).

لذا ينبغي على المرء أن يعرف هذه الحياة الدنيا على حقيقتها، فهي ليست بدار قرار، وإنما هي ممر ابتلاء وتكليف فلا يفاجئ بما فيها من كوارث وآلام وأكدار، لعلمه أنها لا تستقيم على حال، فيومٌ لك ويوم عليك، اليوم بذار وغدًا بإذن الله - تعالى – نجني الثمار. فعن ابن عمر – رضي الله عنهما -: قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعض جسدي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور). رواه (البخاري). انظر: [مشكاة المصابيح جـ 3 رقم 5274].

علينا أن نُعِدّ العِدَّةَ لمثل هذا اليوم، وأن نبقى دائما على حذر من الخطر ... خطر سوء الخاتمة ... سوء العاقبة، نحثّ الخطى إلى الطاعات، ولا تتعلق القلوب بهذه الحياة الدنيا، إلا بما يخرجنا الله - تعالى - منها وهو راض عنا - سبحانه -، فإننا لا ندري متى يأتي الأجل، والأعمال بالخواتيم.

2. قال الله - تعالى – ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ۞ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ۞ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ۞ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ۞ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۞ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ۞ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ۞ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ۞ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ۞ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ۞ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ۞ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ۞ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ۞ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [سورة الواقعة 83 – 96].

قوله - تعالى - : ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ۞ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ۞ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ يدل على أن مَن حان أجله يعاين ما لا يعاينه مَن حَوله، تأتيه الملائكة قبل أن يأتي ملك الموت فيبشرونه إما بروْحٍ وريحان ورب غير غضبان، وإما إلى سخطٍ مِنَ الله وغضب.

3. تخرج روح المؤمن سهلة تسيل كما تسيل القطرة من فَيِّ السِّقاء، وكرامات إثر كرامات، على العكس من الكافر : عن البراء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة ! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدَعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى; فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله. فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء ! أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك ! هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول : أنا عملك الصالح. فيقول : رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله وغضب ! فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟؟. فيقولون : فلان بن فلان !! بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، فيستفتح له ، فلا يفتح له، ثم قرأ : ﴿لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول الله - عز وجل - : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري !. فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ! فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب منتن الريح، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول : رب لا تقم الساعة) (حديث صحيح) رواه : [أحمد، وأبو داود، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، والضياء]. انظر : [صحيح الجامع حديث رقم 1676] تحقيق الألباني - رحمه الله تعالى -.

4. وفي رواية : عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال : (استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا).
زاد في حديث جرير ها هنا وقال : وإنه ليسمع خفقَ نعالهم إذا ولوْا مدبرين حين يقال له : (يا هذا من ربك وما دينك ومن نبيك ؟).
قال هناد : قال : (ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ قال فيقول : هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولان : وما يدريك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت).
زاد في حديث جرير : فذلك قول الله - عز وجل - ﴿يثبت الله الذين آمنوا. الآية، ثم اتفقا قال : (فينادي مناد من السماء : أن قد صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، وألبسوه من الجنة، قال : فيأتيه من روحها وطيبها. قال : ويفتح له فيها مد بصره.

قال : وإن الكافر ... "فذكر موته" قال : (وتعاد روحه في جسده : ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول هاه هاه هاه لا أدري. فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري. فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري. فينادي مناد من السماء : أن كذب، فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، قال : فيأتيه من حرها وسمومها. قال : ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه).

زاد في حديث جرير قال : (ثم يقيض له أعمى أبكمْ معه مرزبة من حديد، لو ضرب بها على جبلٍ لصار تُرابًا، قال : فيضربه بها ضربةً يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابًا، قال ثم تعاد فيه الروح) صحيح. انظر : [سنن أبي داود 4/ 239 رقم 4753].

وفي رواية له بمعناه وزاد : (فيأتيه آتٍ قبيحِ الوجه قبيحِ الثياب مُنتن الريح فيقول : أبشر بهوانٍ من الله وعذابٍ مُقيم فيقول : بشرك الله بالشر من أنت فيقول : أنا عملك الخبيث، كنت بطيئًا عن طاعة الله، سريعًا في معصيته فجزاك الله بشر، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة، لو ضُربَ بها جبلٌ كان ترابا، فيضربُهُ ضربة فيصير ترابا، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربةً أخرى فيصيحُ صيحةً يسمعه كل شيء إلا الثقلين). قال البراء : (ثم يفتح له باب من النار ويمهد له من فرش النار) (صحيح).

5. وعن أبي سعيد - رضي الله عنه – قال : "شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يا أيها الناس ! إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دُفِنَ فتفرّقَ عنه أصحابه، جاءه ملك في يده مطراق فأقعده قال : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول : صدقت، ثم يفتح له باب إلى النار، فيقول هذا كان منزلك لو كفرت بربك، فأما إذ آمنت، فهذا منزلك، فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول له اسكن ويُفسح له في قبره.
وإن كان كافرًا أو منافقا، يقول له : ما تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول لا دريتَ ولا تليتَ ولا اهتديتْ. ثم يُفتح له باب إلى الجنة فيقول : هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرتَ به فإن الله - عز وجل - أبدلكَ به هذا، ويُفتح له باب إلى النار، ثم يَقمَعهُ قمعةً بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم غيرَ الثقلين). فقالَ بعضُ القوم : يا رسول الله ! "ما أحدٌ يقومُ عليهِ ملكٌ في يدِهِ مِطراقٌ إلا هَبـِلَ عند ذلك ؟!"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقوْلِ الثَّابِتِ (صحيح) أخرجه الإمام أحمد - رحمه الله -(3/ 3 - 4). وانظر : [الصحيحة 7/ 1169 - 1170 رقم 3394].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس