الموضوع: سماحة الاسلام
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-13-2018, 08:46 AM
حمزة محمد الزرقان حمزة محمد الزرقان غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
الدولة: الأردن
المشاركات: 4
افتراضي سماحة الاسلام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
الإسلام هو دين الله عز وجل الذي ارتضاه لأهل سماواته وأرضه، وهو دين جميع الأنبياء عليهم السلام، ولا تصلح حياة البشرية من أولها إلى آخرها إلا بهذا الدين.
وبهذا الدين نسخ ما قبله من الأديان والشرائع.
فالإسلام دينَ الله تعالى، وما سواه أديان باطلة محرفة.
قال تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]
ومن الجهل الفاضح والظلم البين أن يُتهم الإسلام بالإرهاب، وأن يُتهم الإسلام بالتطرف والرجعية والجمود والأصولية والتأخر والوحشية والبربرية، إلى آخر هذه التهم المعلبة التي تكال الآن للإسلام في الليل والنهار!
إن دين الإسلام منذ ظهوره كان بناؤه على اليسر
قال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ » رواه البخاري.
وفي هذا الدين من السماحة والسهولة ومن اليسر والرحمة ما يتوافق مع عالميته وخلوده وهو ما يجعله صالحا بل مصلحاً لكل زمان ومكان ,لسائر الأمم والشعوب.
لقد جاء الإسلام في فترة جاهلية أُهدرت فيها كرامة الإنسان وحريته ,فأعاد الإسلام بناء الإنسان من جديد ونظم علاقته بربه وعلاقته بالآخرين.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} سورة الحجرات، الآية: 13.
إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم أو المساس الجائر لأموالهم وأعراضهم ودمائهم وتاريخ الإسلام في هذا المجال أنصع تاريخ على وجه الأرض .
ونبينا صلى الله عليه وسلم مثال للكمال البشري في حياته كلها، مثال للكمال في علاقته بربه وفي علاقته بالناس كلهم بمختلف أجناسهم وأعمارهم وألوانهم، مسلمين وغير مسلمين، قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه « كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا سَهْلًا » صحيح مسلم، قال النووي: " أي سهل الخلق كريم الشمائل لطيفا ميسرا في الخلق "
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا».
بمثل هذه القيم كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، يسر في كل شيء، وذود عن حرمات الله لا عن عَرَض الدنيا أو أهواء النفوس.
وهو الذي قال الله عز وجل عنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} سورة الأنبياء، الآية: 107.
فكان صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة إلى الخلق كلهم، وحث على العطف على الناس ورحمتهم فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ» رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ "، قَالَ: " فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ "، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا».
وتأمل رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لما قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ» رواه مسلم. (و دوس قبيلة من اليمن).
وفي صحيح مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: « كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ»
لقد وضع الإسلام الضوابط الكاملة لجميع ميادين الحياة في علاقة المرء بربه وفي علاقته ببني جنسه وفي علاقته بسائر المخلوقات، وجاءت جميع هذه الضوابط متوافقة مع فطرة الإنسان وعقله، فيها من التيسير والسماحة والمرونة، وهذه من خصائص الإسلام العظيمة التي ترتبط بأصل هذا الدين.
كتب النصارى في الشام سنة 13هـ إلى أبي عبيدة بن الجراح رضى الله عنه يقولون:" يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم وإن كانوا على ديننا أنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا وأحسن ولاية علينا " (فتوح البلدان ، للبلاذري ص 139) . واستمر هذا النهج في معاملة غير المسلمين عبر تاريخ الإسلام.
وبسبب ما يتعرض له الإسلام من حملات التشويه والمسخ للثوابت الأصولية والقيم الدينية,فلا بد لنا من بيان أصل عظيم من أصوله الراسخة وهو معتقد الولاء والبراء .
فالولاء شرعاً، هو: حُبُّ الله تعالى ورسوله ودين الإسلام وأتباعِه المسلمين، ونُصْرةُ الله تعالى ورسولِه ودينِ الإسلام وأتباعِه المسلمين.
والبراء هو: بُغْضُ الطواغيت التي تُعبَدُ من دون الله تعالى (من الأصنام الماديّة والمعنويّة: كالأهواء والآراء) ، وبُغْضُ الكفر (بجميع ملله) وأتباعِه الكافرين، ومعاداة ذلك كُلِّه.
يقول الله تعالى في الولاء: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ - وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55 - 56]
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] قال ابن جرير: ((وأمّا المؤمنون والمؤمنات، وهم المصدّقون بالله ورسوله وآيات كتابه، فإن صفتهم أن بعضهم أنصارُ بعض وأعوانهم))
ويقول الله تعالى في البراء: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]
وقال تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28]
وقال تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80 - 81]
والمسلم في كل ركعة يقول :{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6 - 7] وقد أجمع المفسرون أن: المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى .انظر: الإجماع في التفسير لمحمد بن عبد العزيز الخضيري (137 - 138) .
ومع ذلك فلا بُدّ من بيان عدم تعارض معتقد (الولاء والبراء) مع مبادئ الوسطيّة والسماحة والرحمة، وذلك يظهر من خلال النقاط الآتية التي لا تزيد على أن تكون أمثلة لعدم تعارض (الولاء والبراء) مع سماحة الإسلام:
أوّلاً: لا يُجبر أحدٌ من الكفار الأصليِّين على الدخول في الإسلام.
قال الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]
ثانياً: أنّ لأهل الذمّة التنقّل في أي البلاد حيث شاؤوا، بلا استثناء، إلا الحرم. ولهم سكنى أي بلد شاؤوا من بلاد الإسلام أو غيرها، حاشا جزيرة العرب.
وهذا كُلّه محلّ إجماع (مراتب الإجماع لابن حزم (122)) إلا المرور بالحرم ففيه خلافٌ، الراجح فيه عدم الجواز (أحكام أهل الذمة لابن القيم (1 / 188 - 191)) .
ثالثاً: حفظ العهد الذي بيننا وبين الكفار، إذا وَفَّوْا هُمْ بعهدهم وذمّتهم.
قال الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4]
وعن أبي رافع رضي الله عنه (وكان قبطيًّا) ، قال: بعثتني قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا قَالَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ وَلَكِنِ ارْجِعْ فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِكَ الَّذِي فِي نَفْسِكَ الْآنَ فَارْجِعْ» . قَالَ: فَذَهَبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَأسْلمت. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وصححه الألباني.
رابعاً: حرمة دماء أهل الذمّة والمعاهدين، إذا وَفَّوْا بذمتهم وعهدهم.
قال صلى الله عليه وسلم: «من قَتَل معاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً» أخرجه البخاري .
خامساً: الوصيّة بأهل الذمّة، وصيانة أعراضهم وأموالهم، وحفظ كرامتهم.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفحتون أرضاً يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً، فإنّ لهم ذِمّةً ورحماً» رواه مسلم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((أُوصي الخليفةَ من بعدي بذمّة الله وذمّة رسوله صلى الله عليه وسلم: أن يُوَفَّى لهم بعهدهم، وأن يُقاتَل مِنْ ورائهم، وأن لا يكلَّفُوا فوق طاقتهم)) أخرجه البخاري.
سادساً: أن اختلاف الدين لا يُلْغي حقَّ ذوي القربى.
قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].
سابعاً: أن البرّ والإحسان والعَدْلَ حقٌّ لكل مْنْ لم يقاتل المسلمين أو يُظاهر على قتالهم، بل حتى المقاتل يجوز بِرُّهُ والإحسان إليه إذا لم يقوِّه ذلك على قتال المسلمين وأذاهم.
قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8 - 9]
وأمّا العَدْل فهو فرضٌ واجب لكل أحد، حتى من نُبغضه بحقّ، ممن عادانا وقاتلنا من الكفار.
يقول الله تعالى في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]
وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]
ولذلك لا يجوز لنا أن نخون من خاننا؛ لأن الخيانة والغدر ليسا من العدل.
قال صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» أخرجه أبو داود ، والترمذي وصححه الألباني.
فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة.
فنسأل الله تعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يحفظ المسلمين وبلاد المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رد مع اقتباس