عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-11-2015, 09:26 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

4- بيانُ اعتقاد اْلبرعي أنّ الأولياء الصّالحين يسعُهُم اْلخروج عن شريعةِ النّبيّ ومخالفتها كما خرج اْلخضر عن شريعةِ موسى على حدّ زعمه ،وأنّه لا
ينبغي أنْ يُنكر عليهم ولوْ أتوْا بمنكرٍ واضحٍ يخالف شريعة الله ويجبُ على
من رآهم على منكرٍ ما أن يرضى بذلك ويتذكّر قصّة موسى واْلخضر حتّى تكون عونًا على عدم الإنكار

قال في قصيدته أهل الطريقة صفحة (138):

وإذا بدا لك منكرٌ ألفيته ... في قولهم أو فعلــــــهم لمحرّم
أوّلْ بفقهٍ ما تشابه منهم ... تأويل خير مؤولٍ ومتـــــرجم
يجدون لمْس الأجنبيّة عندهم ...إنْ صافحت يدهم كذات اْلمحرم
لْلخضر معْ موسى اْلكليم قضيّة ... فيها اْلكفاية لْلفتى اْلمستفهم
قتْل اْلغلام وللسّفينة خارقًا ... و بنى الجدار بغير أجر فافهم
علم الحقيقة من أباح بسرّه ...للغيــــر أهدر ماله بعــد الدّم
لم يستطع1 موسى الكليم لخضره... صبرًا عليه فكيف بالمتعلّم


الـــرَّد:
احتجاجُ الصّوفيّة بقصة اْلخضر باطلٌ لعدّة أسباب :
أنّ اْلخضر نبيّ على أصحّ اْلقولين وليس بوليّ،قال تعالى:﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا[الكهف:65]
قال الشّيخ اْلعلّامة محمد الأمين الشّنقيطي في "أضواء البيان":
« ومن أظهرِ الأدلّة أنّ الرّحمة واْلعلم [اللَّدُنِّي ] اللّذّيْن امتنَّ الله بهما على عبدهِ اْلخضر عن طريقِ النُّبوّة واْلوحي قوله تعالى عنه:﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي
أيّ :وإنّما فعلتُهُ عن أمرِ الله جلّ وعلا ،وأمر الله إنّما يتحقّق عن طريقِ اْلوحي،إذْ لا طريق تعرفُ بها أوامرَ الله ونواهيه إلّا اْلوحي من الله جلّ وعلا ،
و لاسيّما قتل الأنفُس اْلبريئة في ظاهرِ الأمر ،وتعييبِ سفنِ النّاس
بخرقها ؛لأنّ /اْلعدوان على أنفسِ النّاس وأموالهم لا يصحّ إلا عن طريقِ اْلوحي من الله تعالى ،وقد حصر تعالى الإنذَار في اْلوحي في قولهِ تعالى :
﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِاْلوَحْيِ ..» إلى أنْ قَال:
:« وباْلجملة ،فلا يخفَى على منْ له إلمامٌ بمعرفةِ دين الإسلامِ أنّه لا طريقَ تعرفُ بها أوامر اللهِ ونواهيه و ما يتقرّب إليه به من فعلٍ وتركٍ إلّا عن طريق اْلوحي ،
فمنْ ادّعى أنّه غنيٌّ في اْلوصولِ إلى ما يُرضي ربّه عن الرّسل و ما جاءُوا به ولو في مسألةٍ واحدةٍ فلا شكَّ في زندقتهِ ،والآيات والأحاديث الدّالة على هذا لا تُحصى ،قالَ تعالى :
﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ،
ولم يقلْ :حتّى نُلقي في اْلقلوب إلهامًا ...،
وبذلك تعلم أنَّ ما يدّعيهِ كثيرٌ من اْلجهلة اْلمدَّعين التَّصوف ؛ من أنَّ لهم ولأشياخِهِم طريقةً باطلةً توافقُ اْلحقّ عند الله ولو كانت مخالفةً لظاهرِ الشَّرع ،كمخالفةِ ما فعلهُ اْلخضر لظاهرِ اْلعلم الَّذي عند موسى =زندقة ،وذريعة
إلى الانحلالِ باْلكلية من دين الإسلامِ بدعوى أنّ اْلحقّ في أمورٍ باطنةٍ
تخالفُ ظاهرهُ » انتهى كلامه رحمه الله –من أضواء البيان ،(4/202-205).

أنّ الخضر سواء كان وليًّا أو نبيَّا لم يكن واجبًا عليه متابعة شريعة موسى؛ لأنه لم يكن من أمّة موسى ،ولم يكن موسى مبعوثًّا إليه وموسى عليه
السّلام إنّما بعثه الله إلى بني إسرائيل فقط كما ثبت في صحيح اْلبخاري عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال عندما ذكر ما فضلّه الله به على الأنبياء :
"وَكَانَ النَّبِيُّ يبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّة وَبعثْتُ لِلنَّاسِ عَامَّة "،
وممّا يدلّ على أنّ اْلخضر لم يَكن من بني إسرائيل أنّه عندما جاء موسى إلى اْلخضر قال موسى :السّلام عليكم فقال اْلخضر :وأنّي بأرضك السّلام فقال:أنا موسى،فقال اْلخضر :موسى بني إسرائيل

وممّا يبطل دعواهم في احتجاجهم بقصّة اْلخضر:أنّه حتّى وإن كان اْلخضر وليًّا وإن كان من بني إسرائيل ،وإن كان يجوز لأولياء بني إسرائيل مخالفة أنبيائهم ،
إلّا أنّ هذه الأمّة-أعني أمّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يجوز
لأيّ أحدٍ منها أنْ يخالف شريعة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولو في مسألةٍ واحدةٍ ،ولو كان اْلمخالفُ من أعظمِ الأولياء ،بل و
لوْ كان اْلمخالف هو صدّيق الأمّة الأكبر أبو بكر الصّديق ،أو محدّثها اْلملهم عمر بن اْلخطاب ،ليس هذا فحسْب بل ولو كان هناك نبيّ من أولي
اْلعزم من الرّسل حيًّا لما جاز له مخالفة النّبي اْلكريم ،كما قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم :"لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا لَمَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي"
قال ابن القيّم في "مدارج السّالكين:
« فَمَن ادَّعَى أَنَّه مَعَ محمد صلّى الله عليه وسلّم كاْلخضر مَع موسى أوْ جوّز ذلِكَ لأَحَدٍ مِن الأُمَّة: فَليُجَدِّد إِسْلَامَه ،وَلْيَتَشَهَّد شَهَادَة اْلحَقّ ،
فإنّه بذَلِك مُفَارِقٌ لِدِينِ الإسْلَام بِاْلكُلِّيَّة فَضْلًا [ عَنْ ] أنْ يَكون مِن خَاصّة أوْليَاء الله ،وإنّمَا هُو مِنْ أَوْلِياء الشَّيْطانِ وَخُلَفَائِهِ ونُوّابِهِ وهذَا اْلموْضع
مقطع ومفَرّق بين زنَادِقة اْلقَوْمِ وبَيْن [أَهْل ] الاسْتِقَامَة منهم »


...............
1-في الكتاب :(يستطيع )،وقد قمت بحذف الياء حتى يستقيم الوزن
باختصار من كتاب "شعر البرعي في ميزان الكتاب والسنة"،كتبه :عمر بن التهامي
.
للاطلاع على المزيد يراجع الكتاب على الرابط أدناه
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1298
.
.
رد مع اقتباس