عرض مشاركة واحدة
  #143  
قديم 08-29-2018, 06:00 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


المناظرة بين الكتاب الورقي ، والمُصوّر


قال الكتاب الورقي للمصوّر يوما :
إني لأظلم نفسي إذ أُذكر وإياك على صعيد ، وما يحملني على خطابك ومفاخرتك ،إلا أن أفْخَركَ إحقاقا للحق الذي وُضع ، ووضعا للباطل الذي رفع !!
أما تراكَ - لو تبصرت - أنّ وجودَك عدَم ، والإغتباطَ بوهم وجودك ندم ! أنتَ المفقودُ الذي يُظهر نفسه موجودا ، واللَّحِزُ الذي يُعطي فيُكدي جحودا ! أما تراكَ تموتُ إنْ عَدمتَ [ بنتَ الصاعقة ] ، وهل عَميت عليكَ أنباءُ التشكّي منك عند أهل الذائقة !
كيفَ منتكَ نفسُك الغرورُ أن تعتبرَ نفسَك كتابًا على الحقيقة ! وأنتَ تُحشرُ - عند أهل النهى - في منزلةِ أكلِ الجيفةِ عند إقفارِ الطريقة !
أما بلغكَ ما قالت فيك الأطباء ؟ أنك آفةُ المُقَل ! ونصحوا بمُحاماتكَ كلَّ مَن عَقل !
أينَ أنتَ من لذة تقليب الأوراق ! التي قيل عنها { أحلى من الدوكاء والعشاق } ومن رائحة طولِ العهد ، وهي أحلى عندهم من ذوق الشهد !!
أما نهاكَ التاريخُ أنْ لو تناهى خبَركُ إلى المتقدمين ! لسلكوك في دروب الظرف والنّكاتِ بينَ المتنادميِن ! ولطارَ رواةُ الأخبار ، تفكها بغرائبك الِكبار ! ولو لم يكن من عجيب خبرك أن ضغطة زِرٍ تُعدِمك ، وتحرك فأرة ! ببرنامجٍ يغير عليك فيغيرّكُ فتُذمِمُك .. لكفى بها عارا عليك ... !!!
أما هانَ أمركُ على الخلائق ! فصرت لهوانك لا تباعُ ولو بدانق !! تُحمل هونا بلا درهم أو دينار ! ولا يكون مصيرك بعدها إلا إلى سلّة مهملةٍ - لا إلى النار !!
قالَ الكتاب المصوّر :
إيهًا لك أيها الجلدُ المنفوخ ! والورقُ البالي ! إنك لتبصرُ القذى في عيني ، ولا ترى الجذع في عينك ! هلا نظرتَ إلى إلى سير أبائك من المخطوطات ! وكيف أذهبت أبصار أقوامٍ لا تقدر دية أعينهم بالأموالِ والحَوطات ! فأنّى للإبن أن يتنكر لأصله الدميم ! ويجلبَ دونَه بالفخر العميم !!
إنّي - لو رأت بصيرتُك - أكثرُ منك أشياعا وأتباعا ! وأطولُ منك في رحى العلوم الحادثةِ باعا ! وسلْ عني : هل يقدر باحث عن الإستغناءٍ عنّي ؟ فإن رجع الجوابُ بالسلب ؛ عاد عليك أيها المتنفخ بالثلب !!
وتحتج عليّ في ماءِ حياتي ببنت الصاعقة ؟ فهل سيفتحك القارئ أيها المتنفخ إن عَدمها أم يكون في الحالين كالناعقة !
وتحتج عليّ بالتاريخ ؟ وما أليق بك أن تؤدب بالشماريخ ! كيف سولت لك نفسك الفِرا على ما لا سبيل إلى العلم به يقينا ؟ أم تظن أنّ التاريخ يقيك ولا يقينا ؟
أمّا الهوان ! فقد كنت في غنيةٍ عن الفضيحة ، ولكن إذ طرقت فاسمع حقيقتك الوضيحة : إنّك قد بلغت من الهوان ما لا يخفى على كل مستبصر بأخبار الكتاب !! سلْ ..تجد ..!! مَن يقتنيك ويراك له حظّ السعادة ؟ ومن يعتني بك كما يحفظ أولاده ؟ ومن يبذل فيك ماله تقربا وعبادة ؟؟
إنَّك والله لأحق بالرثاء من الأموات ! ولست أدري كيف للشعراء أن يكون هذا عليهم قد فات !!
وما استباحة تحميلي ، إلا من بعض جميلي ! وما عدم شرائي - لو كنت تفهم - إلا بعض ثَرائي !
أنا الموجود حيث يريدُ المريد ! وإني لأسرع من الجان المَريد ! فكيف تفخر ؟ وما أنت إلا كمن لجسده بيده ينخر ..!!
فإن أبيت إلا التعالي ، فهلم نحتكم إلى أبي المعالي .
قال أبو المعالي : في كل خير ، ودونكما الأصدقاء ، ذوي البصيرة والنقاء يحكمون بينكما ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..

أبو المعالي الظاهري
إيقاظ = [ بنت الصاعقة = الكهرباء ، على سبيل التظرف] .
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس