عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-01-2009, 08:10 PM
فادي بسام البرغوثي فادي بسام البرغوثي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 51
افتراضي ائمةالحديث ومن سار على نهجهم هم اعلم الناس باهل الاهواء والبدع

أئمة الحديث ومن سار على نهجهم هم أعلم الناس بأهل الأهواء والبدع

أئمة الحديث ومن سار على نهجهم

هم أعلم الناس بأهل الأهواء والبدع ومشروعية الجرح والتعديل من الأكفاء لم تنقطع



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .

أما بعد :

فإن الرد على أهل البدع وجرحهم والتحذير منهم أصل في الإسلام , إذ هو من أهم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أهم أبواب النصيحة للإسلام والمسلمين, وأول من جرحهم وحذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث حذر من الخوارج في عدد من الأحاديث ووصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة , وذم ذا الخويصرة بعينه والأدلة كثيرة على هذا .

فإن أهل السنة والحديث يواجهون عدداً من المشاكل التي يفتعلها أهل الأهواء والبدع والشغب .

ومن هذه المشاكل ما هو موجه إلى العقائد الإسلامية، ومنها ما هو موجه إلى السنة وعلومها من نقد وجرح وتعديل وتصحيح وتعليل، والتفريق الباطل بين منهج المتقدمين والمتأخرين , ومنهج الموازنات , والمنهج الواسع الأفيح، وحمل المجمل على المفصل ، وباقي التأصيلات ، ومنها القول بأن جرح أهل البدع لا يدخل في منهج أهل الحديث وقواعده وأصوله ، وقد فرح بهذا القول جهال وأفراخ أهل البدع المتلبسين بالسنة كذباً وزوراً , وصار ديدناً لهم لا يفترون عن اللهج به .

فمن هو إمامهم في هذا الباطل ، إن أول من قال بهذا في حدود علمي التاج السبكي معترضاً على الإمام الذهبي , حيث انتقد بعض الأشاعرة كالفجر الرازي وغيره في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال .

قال الإمام الذهبي في هذا الكتاب : " الفخر بن الخطيب صاحب التصانيف رأس في الذكاء والعقليات لكنه عري من الآثار وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين ثورت حيرة , نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا , وله كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم سحر صريح فلعله تاب من تأليفه إن شاء الله تعالى " اهـ

قال الحافظ ابن حجر : " وقد عاب التاج السبكي على المصنف ذكره هذا الرجل في هذا الكتاب , وقال : إنه ليس من الرواة , وقد تبرأ المصنف من الهوى والعصبية في هذا الكتاب , فكيف ذكر هذا وأمثاله , ممن لا رواية لهم كالسيف الآمدي وقد اعتذر عنه بأنه يرى القدح في هؤلاء من الديانة وهذا بعينه التعصب في المعتقد" .

انظر إلى السبكي كيف يرمي الذهبي بالتعصب في المعتقد، وينكر عليه ذكر الرازي وأمثاله في كتابه الميزان , والميزان في نظره خاص بالرواة , وهذا اعتراض باطل دافعه الهوى والتعصب لأمثاله من أهل الأهواء , فلم يشترط أحد من أئمة الجرح والتعديل تخصيص الجرح بالرواة فقط من حيث الرواية فقط، بل تناولوا الرواة من جهة الرواية ومن جهة المعتقد , فالراوي المبتدع أخطر عندهم من الراوي السليم من البدع , لذا ترى الأئمة لم يكتفوا بذكر أهل البدع في كتب الجرح والتعديل , بل ذهبوا ينتقدونهم ويجرحونهم ويبينون فساد عقائدهم ومناهجهم لشدة خطورتهم في كتب مستقلة وهي كثيرة معلومة لدى العلماء وطلاب العلم.

ولقد قلد السبكي أناس , فأخرجوا أهل البدع من باب الجرح والتعديل , وقالوا: إن الجرح والتعديل في الرواية والرواة فقط .

ومع أن كلام السبكي باطل فرأيه أهون وأخف من رأي هؤلاء , لأنه استنكر على الإمام الذهبي إيراده لبعض أهل البدع الذين لا علاقة لهم بالرواية في كتاب يراه خاصاً بالرواة , فلو أوردهم في غيره فلعله لا يجد مجالاً لهذا الاعتراض فيحجم عن الاعتراض .

أما هؤلاء مع الأسف فيرون الجرح والتعديل خاصاً بالرواية والرواة فقط وهذه كارثة والله.

ومنهم من يرى أن الجرح قد انتهى بعصور الرواية , وهذه كارثة أخرى .

على كل حال فإن الحافظ ابن حجر لم يعبأ باعتراض السبكي فلقد انتقد الرازي بنفسه ونقل فيه انتقاد العلماء ومما قاله فيه : " وكان يعاب بإيراد الشبه الشديدة ويقصر في حلها حتى قال بعض المغاربة : يورد الشبهة نقداً ويحلها نسيئة وذكره ابن دحية بمدح وذم .

وذكره أبو شامة فحكى عنه أشياء ردية ".

ونقل عن الطوفي نقده لتفسير الرازي , فقال: "إنه مع تفسير القرطبي أجمع التفاسير إلا أنه كثير العيوب , وإن سراج الدين السرمياحي المصري صنف كتاب " المآخذ " في مجلدين بيَّن فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبهرج , وكان ينقم عليه كثيراً ويقول يورد شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق , ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غاية ما يكون من الوهاء ".

قال الحافظ : " وذكر ابن خليل السكوني في كتابه " الرد على الكشاف " أن ابن الخطيب ( يعني الرازي ) قال في كتبه في الأصول : إن مذهب الجبر هو المذهب الصحيح وقال بصحة الأعراض وينفي صفات الله الحقيقية وزعم أنها مجرد نسب وإضافات كقول الفلاسفة , وسلك طريق أرسطو في دليل التمانع ونقل عن تلميذه التاج الأرموي أنه نصر كلامه فهجره أهل مصر وهموا به فاستتر " .

وقال في شرح الأربعين : " إن من أخر عقاب الجاني مع علمه بأنه سيعاقبه فهو الحقود , وقد تعقب بأن الحقود من أخر مع العجز أما مع القدرة فهو الحكيم , والحقود إنما يعقل في حق المخلوق دون الخالق بالإجماع " , انظر لسان الميزان (5/430-435) .

أقول: تعالى الله عما يقوله الرازي علواً كبيراً .

وذكر الحافظ انتقادات أخر .

رحم الله الحافظ ابن حجر الذي سار في نقد أهل البدع في طريق أهل الحديث ولم يعبأ باعتراض السبكي وتعصبه ومغالطته ولم يمنعه القول الباطل عن الصدع بالحق وكشف الأباطيل .

ومن الواضح جداً ومن نواح شتى أن أئمة الإسلام على امتداد التاريخ قاموا بنقد أهل البدع وجرحهم وبيان خطورتهم وخطورة بدعهم والتحذير منها ومنهم .

وعلى رأس هؤلاء الأئمة الصحابة الكرام : عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً .

وهذا الإمام محمد بن سيرين يحكي واقعهم فيقول :

" لم يكونوا يسألون عن الإسناد , فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ منهم " .

وهذا يفيدنا أن أهل الحديث هم أيقظ الناس وأشدهم معرفة بأهل البدع وأشدهم حذراً من دسهم وكيدهم .

وقال ابن سيرين أيضاً – رحمه الله – : " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" .

وقال الإمام مسلم – رحمه الله - :

" واعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروى منها إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن يتقيَّ منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع".

وساق الأدلة على ذلك من القرآن والسنة .

وهذا منهج سار عليه أهل الحديث وأئمتهم , فهم أيقظ الناس وأشد الناس انتباهاً لأهل البدع وأشدهم معرفة بعقائدهم ومناهجهم بل ودسائسهم , وعلماء الإسلام في هذا الباب تبع لهم لأنهم أهل الاهتمام بهذا الشأن والتخصص فيه رحمهم الله .

وكان الأئمة من التابعين ومن بعدهم يحذرون من مجالسة أهل الأهواء ومن هؤلاء الأئمة سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وابن سيرين والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وعبد الله بن أبي مليكة والزهري ومكحول والقاسم أبو عبد الرحمن وعطاء الخراساني وثابت البناني والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وإبراهيم النخعي وأبوقلابة ومالك والثوري والأوزاعي وسلام بن أبي مطيع والشافعي وأحمد وغيرهم وكل هؤلاء الأئمة من أئمة الحديث والسنة .

ومعنى هذا أن أهل السنة وأئمتهم واعون عالمون بأهل البدع جماعات وأفراداً وإلا فما فائدة التحذير .

ومن هؤلاء المبتدعة أو ممن وقع في بدعة الآتية أسماؤهم وهم قليل من كثير بين حالهم أئمة الحديث والسنة.

1- إبراهيم بن طهمان الخراساني نزيل مكة وثقه في الرواية عدد من الأئمة وممن وثقه الإمام أحمد وصالح بن محمد جزرة والدارقطني ولكنهم وصفوه بالإرجاء تهذيب التهذيب ( 1/ 129-130) وقال الذهبي فيه قال الدارقطني ثقة وإنما تكلموا فيه للإرجاء .

وقال أبو إسحاق الجوزجاني : فاضل رمي بالإرجاء .

وقال أحمد : " صحيح الحديث مقارب يرى الإرجاء وكان شديداً على الجهمية " الميزان (1/38) .

2- أيوب بن عائذ الكوفي ، قال الذهبي : " وكان من المرجئة قاله البخاري وأورده في الضعفاء لإرجائه ، وذكر الذهبي أنه له عند البخاري حديث وعند مسلم حديث آخر فإنه مقل " ، الميزان ( 1/289) وذكر الحافظ أن ابن المبارك والبخاري وأبا داود وابن حبان وصفوه بالإرجاء , تهذيب التهذيب (1/407) ونقل توثيقه عن الأئمة .

3- ثور بن يزيد الكلاعي أبو خالد الحمصي , قال ابن معين : ما رأيت أحداً يشك أنه قدري , وقال ابن المبارك : سألت سفيان عن الأخذ عن ثور فقال: "خذوا عنه واتقوا قرنيه".

وقال أحمد بن حنبل: كان ثور يرى القدر وكان أهل حمص نفوه وأخرجوه . وقال أبو مسهر عن عبد الله بن سالم قال: أدركت أهل حمص وقد أخرجوا ثوراً وأحرقوا داره لكلامه في القدر .

وقال الوليد : " قلت للأوزاعي: حدثنا ثور بن يزيد فقال لي: فعلتها ؟".

وقال سلمة بن العيار كان الأوزاعي سيء القول في ثور وابن إسحاق وزرعة بن إبراهيم " الميزان (1/374) .

وذكر الحافظ ابن حجر عدداً من أئمة الحديث يطعنون في ثور بعقيدة القدر منهم أحمد بن صالح المصري , ويحيى بن سعيد القطان " تهذيب التهذيب(2/34) .

6,5,4 - الجعد بن درهم وجهم بن صفوان وبشر المريسي ، ألف عثمان ابن سعيد الدارمي كتاباً في الرد على الجهمية وكتاباً في الرد على بشر المريسي الجهمي كما أسلفنا وعثمان بن سعيد من أئمة الحديث كفر الجهمية بالكتاب والسنة وأقوال أئمة الحديث وقال في مقدمة كتابه في الرد على المريسي (ص5) سمعت محبوب بن موسى الأنطاكي أنه سمع وكيعاً يكفر الجهمية , وكتب إلى علي بن خشرم أن ابن المبارك كان يخرج الجهمية من عداد المسلمين , وسمعت يحيى بن يحيى وأبا توبة وعلي بن المديني يكفرون الجهمية ومن يدعي أن القرآن مخلوق .

وقال في (ص9) حدثنا الحسن بن الصباح البزار , ثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك قال : " لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحب إليَّ من أن أحكي كلام الجهمية".

وقال في آخر هذا الكتاب : " باب الاحتجاج في إكفار الجهمية (ص106) .

وساق أدلة كثيرة على تكفيرهم بتعطيل صفات الله , وقولهم بخلق القرآن ونقل تكفيرهم بخلق القرآن عن حماد بن أبي سليمان وعن يحيى بن يحيى وأبي توبة .

وتكلم في هذا الكتاب على بشر المريسي وابن الثلجي واللؤلؤي وعارض ضلالاتهم وضلالات الجهمية بالقرآن والسنة وكلام أئمة الحديث .

قال رحمه الله راداً على جهمي يطعن في السنة ويتعلق بحديث موضوع لفظه "إذا سمعتم عني حديثاً فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه " فبين معنى الحديث على فرض ثبوته ثم قال " إنما ذلك إلى الفقهاء العلماء الجهابذة النقاد لها العارفين بطرقها ومخارجها على خلاف المريسي واللؤلؤي وابن الثلجي ونظرائهم من المنسلخين منها , ومن معرفتها ومما يصدقها من كتاب الله فقد أخذنا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ننقل منها إلا ما روى الفقهاء الحفاظ المتقنون مثل معمر ومالك بن أنس وسفيان الثوري وابن عيينة وزهير بن معاوية وزائدة وشريك وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك ونظرائهم الذين اشتهروا بروايتها ومعرفتها والتفقه فيها بخلاف تفقه المريسي وأصحابه فما تداول هؤلاء الأئمة ونظراؤهم على القبول قبلناه , وما ردوه رددناه, ومالم يستعملوه تركناه لأنهم كانوا أهل العلم والمعرفة بتأويل القرآن ومعانيه وأبصر بما وافقه منها مما خالفه ...) .

فهؤلاء العلماء الذين ذكرهم ونظراؤهم مثل الليث بن سعد والأوزاعي ويحيى بن أبي كثير ومثل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري ومسلم وأبو داود وأضرابهم ممن سبقهم ولحقهم هم مرجع الأمة في عقيدتها ومنهجها وفي فقه الكتاب والسنة وفي علوم السنة والقرآن والجرح بالبدع وغيرها لأنهم هم العلماء حقاً لا أمثال بشر المريسي وأضرابه .

7- ذر بن عبد الله الهمداني , قال الذهبي تابعي ثقة , ونقل توثيقه عن ابن معين

قال الذهبي قال أحمد : لا بأس به هو أول من تكلم في الإرجاء , وقال الأزدي يتكلمون فيه كان مرجئاً , وتكلم فيه سعيد بن جبير من أجل الإرجاء , الميزان ( 2/32) .

وقال الحافظ ابن حجر : " وقال أبو داود : كان مرجئاً وهجره إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير للإرجاء , ونقل الحافظ عن الساجي أن ذراً كان يرى الإرجاء تهذيب التهذيب (3/218) .

8- سعيد بن أبي عروبة إمام أهل البصرة في زمانه . له مصنفات لكنه تغير بأخرة ورمي بالقدر , حدث عنه يحيى القطان وخلق كثير وقال بندار : حدثنا عبد الأعلى السامي وكان قدرياً , حدثنا سعيد , وكان قدرياً عن قتادة وكان قدرياً وقال أحمد بن حنبل : كان قتادة وهشام وسعيد يقولون بالقدر ويكتمونه الميزان (2/151-152)

وقال الحافظ ابن حجر : " وقال ابن قانع خلط في آخر عمره وكان أعرج يرمى بالقدر , وقال أحمد : كان يقول بالقدر ويكتمه , وقال العجلي : كان لا يدعو إليه وكان ثقة " تهذيب التهذيب (4/65) .

9- شيبان بن فروخ رمي بالقدر , قال أبو حاتم كان يرى القدر اضطر إليه الناس بأخرة ت 135هـ وقال الساجي : " قدري إلا أنه كان صدوقاً " , تهذيب التهذيب (4/375) والميزان (2/285) .

10- ابن أبي نجيح / عبد الله بن يسار المكي , ثقة , قال يحيى: كان من رؤوس الدعاة إلى القدر , ميزان الاعتدال (2/527) , وقال: كان مشهوراً بالقدر , وعن أحمد بن حنبل قال أصحاب ابن أبي نجيح قدرية كلهم ولم يكونوا أصحاب كلام , وعن أيوب قال : أي رجل أفسدوا , وقال العجلي: ثقة وكان يرى القدر تهذيب التهذيب ( 6/54-55) .

11- علقمة بن مرثد , قال الإمام أحمد : " قيس بن مسلم وعلقمة بن مرثد مرجئين , قال عبد الله قلت لأبي: فعمرو بن مرة ؟ قال مرجيء " العلل (2/144) .

12- عمرو بن عبيد بن باب البصري , طعن فيه بعض أئمة الحديث بالكذب , وهو مبتدع ضال معتزلي قدري .

روى العقيلي بإسناده إلى ابن المبارك وقيل له : تركت عمرو بن عبيد وتحدث عن هشام وسعيد وفلان وهم كانوا في عداده ( يعني قدرية ) قال : " إن عمراً كان يدعو " أي يدعو إلى بدعته , وبدعه سعيد بن عامر وذمه ذماً شديداً وبدعه حماد بن سلمة .

وحدث العقيلي عن معاذ بن المثنى , قال حدثنا أبي عن أبيه أنه سئل عن حديث لعمرو بن عبيد ، فأبى أن يحدث به , وقال للذي سأله ما تصنع بعمرو بن عبيد ؟ كان قدرياً معتزلياً.

وكان أيوب يقول: ما فعل المقيت يعني عمرو بن عبيد .

وقال ابن عيينة: حدثنا عمرو وكان مبتدعاً .

وبدعه ابن معين ونهى عن الكتابة عنه .

وكان عمرو يطعن في بعض الصحابة , ويطعن في أئمة الحديث والسنة , وكلام أئمة الحديث فيه كثير ، انظر ترجمته في الضعفاء للعقيلي (3/277) ط قلعجي، والميزان للذهبي (3/273-279) .

13- وقال أبو حاتم في عمرو بن مرة الجملي : ثقة يرى الإرجاء وعن مغيرة بن مقسم أن عمراً دخل في الإرجاء , الميزان (3/288) , وانظر تهذيب التهذيب (8/102-103) .

14- قيس بن مسلم الجدلي الكوفي , وصفه بالإرجاء يحيى بن سعيد القطان والنسائي ويعقوب بن سفيان وأبو داود , تهذيب التهذيب (8/403-404) .

وكتب أئمة الجرح والتعديل زاخرة ببيان أهل البدع وبيان عقائدهم وأحوالهم, وكذا مؤلفات أئمة الحديث في العقائد مليئة ببيان أحوال أهل البدع طوائف وأفراداً وهم العلماء حقاً .

قال الإمام أحمد : " الذي لا يميز بين صحيح الحديث من سقيمه ليس بعالم".

فهل بقي مجال للقول بأن أهل البدع لا يدخلون في جرح أئمة الحديث ولا في أصولهم .

ولا يتنقص أهل الحديث وينتقص علومهم إلا جاهل ضال مفتر .

والجرح والتعديل هم أئمته وهم مرجع علماء الأمة فيه من مفسرين وفقهاء وهم الذين تصدوا لأهل البدع فكشفوا عوارهم وبينوا ضلالهم من خوارج وروافض ومعتزلة ومرجئة وقدرية وجبرية وصوفية , ولا يزالون قائمين بهذا الواجب العظيم , ولا يزال باب الجرح والتعديل قائماً ومفتوحاً ما دام هناك أهل حق وأهل باطل وأهل ضلال وأهل هدى , ولا يزال الصراع قائماً بين الطائفة المنصورة ومن خالفها من أهل الضلال ومن خذلها , " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خلفهم حتى يأتي أمر الله ".

ومن قال : إن باب الجرح والتعديل قد انتهى فقد غلط غلطاً كبيراً , ولا تزال أقلام أهل السنة تتدفق بنقد وبيان حال أهل البدع من روافض وخوارج ومعتزلة وصوفية وأشعرية , وأحزاب منحرفة , وبيان بدعهم وضلالاتهم .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله – بعد بيان الأصناف التي يجوز الكلام فيهم ولا يعد غيبة:

" ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة , أو العبارات المخالفة للكتاب والسنة , فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين , حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه , وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل .

فبيَّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين , ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين , وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب , فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً , وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً " , مجموع الفتاوى (28/231-232) .

وقال أيضا: " الراد على أهل البدع مجاهد , حتى كان يحيى بن يحيى يقول : الذب عن السنة أفضل الجهاد " نقض المنطق ( ص :12).

وقال الحافظ ابن القيم – رحمه الله – " وأنت إذا تأملت تأويلات القرامطة والملاحدة والفلاسفة والرافضة والقدرية والجهمية , ومن سلك سبيل هؤلاء من المقلدين لهم في الحكم والدليل , ترى الإخبار بمضمونها عن الله ورسوله لا يقصر عن الإخبار عنه بالأحاديث الموضوعة المصنوعة , التي هي مما عملته أيدي الوضاعين وصاغته ألسنة الكذابين , فهؤلاء اختلقوا عليه ألفاظاً وضعوها وهؤلاء اختلقوا في كلامه معاني ابتدعوها , فيا محنة الكتاب والسنة بين الفريقين وما نازلة نزلت بالإسلام إلا من الطائفتين فهما عدوان للإسلام كائدان , وعن الصراط المستقيم ناكبان وعن قصد السبيل جائران – إلى أن قال – فكشف عورات هؤلاء , وبيان فضائحهم , وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : " إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله " , وقال " أهجهم أو هاجهم وجبريل معك " وقال : " اللهم أيده بروح القدس ما دام ينافح عن رسولك " وقال عن هجائه لهم " والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النبل " الخ , الصواعق المرسلة (1/301-302) .

وقال ابن القيم – رحمه الله – في بيان أنواع الأقلام :

" القلم الثاني عشر : القلم الجامع , وهو قلم الرد على المبطلين , ورفع سنة المحقين , وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها , وبيان تناقضهم , وتهافتهم , وخروجهم عن الحق , ودخولهم في الباطل , وهذا القلم في الأقلام نظير الملوك في الأنام , وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل المحاربون لأعدئهم .

وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال .

وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل , وعدو لكل مخالف للرسل .

فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن " , التبيان في أقسام القرآن (1/379).

والنقل يطول جداً لو استطردنا في ذكر أئمة السنة الذين كانوا يحذرون من أهل البدع على مستوى الطوائف والأفراد , وأكتفي بالإضافة إلى ما سبق بالنقل عن بعضهم .

هذا الإمام أحمد يحذر من جماعة من أهل البدع بأعيانهم وينص على بدعهم , فلقد حذَّر من أحمد بن رباح وابن الخلنجي وشعيب بن سهل , ومحمد بن منصور قاضي الأهواز وعلي بن الجعد وحكى رجوعه , والفتح بن سهل لأنهم جهمية .

وسئل عن ابن الثلجي فقال: مبتدع صاحب هوى، وكلامه في ابن أبي دؤاد والمريسي والمحاسبي والكرابيسي معلوم .

وكلام أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ومحمد بن يحيى والبخاري وأبي داود وعشرات من أئمة السنة في أهل البدع معروف .

ولكثير من أئمة الحديث والسنة مؤلفات خاصة في أهل البدع ومنهم ابن أبي حاتم وعبدالله بن أحمد , والخلال واللالكائي وابن بطة وأبو القاسم الأصبهاني .

ثم بعدهم كثير من أئمة الحنابلة ومنهم المقادسة عبد الغني والضياء المقدسي وابن قدامة ثم ابن تيمية وتلاميذه ابن القيم وابن عبد الهادي والذهبي ثم تلاميذهم مثل ابن رجب وابن كثير وابن ناصر الدين الدمشقي .

وللحافظ ابن حجر وتلاميذه نصيب وافر في الكلام على أهل البدع متأثرين بمنهج أهل الحديث , فقد تكلموا في أفراد كثير في كتبهم وتكلموا في أهل وحدة الوجود والحلول .

وانتقد أهل البدع وجرحهم أئمة الدعوة السلفية في نجد كالإمام محمد بن عبد الوهاب وأبنائه وأحفاده وتلاميذهم إلى يومنا هذا .

وتكلم فيهم ابن الوزير اليماني والصنعاني والشوكاني والشريف الحسن بن خالد الحازمي وصديق حسن خان وأهل الحديث في الهند , وكل هؤلاء ينطلقون من منهج الكتاب والسنة ومنهج الصحابة ومن تبعهم بإحسان ولا سيما أئمة الحديث والسنة, والعلماء من فقهاء وغيرهم تبع لهم في هذا الميدان وعنهم يأخذون .

وهذا النهج قائم على امتداد التاريخ الإسلامي ولا بد أن يستمر إلى أن يرفع القرآن وينتهي الإسلام ثم يقوم شرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة .

ولعل في هذه الذكرى عظة لمن يرى أن جرح أهل البدع لا يدخل في منهج أهل الحديث ولا في أصولهم ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ولا يكابر بعد هذا إلا أهل الأهواء المعاندون .

وختاماً ليعلم كل مسلم طالب للحق أن نقد أهل البدع من أعظم الجهاد وأفضل من الضرب بالسيوف ولأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أعظم أبواب النصيحة لله ولأنه ذب عن دين الله وحماية له فهم أولى وأولى بالجرح من الرواة , فإن الراوي إن كان صحيح العقيدة انتقد من جهة الرواية , وإن كان فاسد العقيدة انتقد من جهتين جهة العقيدة وجهة الرواية , وإن كان مع فساد عقيدته داعية فلا يروى عنه وانتقد في بدعته وحُذر منه , وهذا هو المنهج الحق , وهو أمر واضح كالشمس في عمل أئمة الحديث في مواقفهم وكتبهم في الرجال وفي العقائد , وكان ذلك من اختصاصهم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .





كتبه:

ربيع بن هادي المدخلي

19/10/1425هـ

مكة المكرمة
رد مع اقتباس