عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 03-02-2020, 01:15 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي


35 - السلف و السلفيون " رؤية من الداخل " لإبراهيم العسعس.

ذهب فيه مؤلفه إلى بدعية التسمية ب " السلفية " !! و ذكر أن من يتسمّون ب " السلفيين " هذه الأيام هم ناصريون !! فعقد بابا في كتابه بعنوان " سلفية أم ناصرية " - الناصرية نسبة معروفة و أصبحت علما على أنا منسلخين من الدين , و هم علمانيون - ثم يعمم بعض التصوّرات التي دوّنها بعض السلفيين على جميعهم , و الخلاصة في هذا الكتاب تضخيم لبعض الجزئيات , و تعميم للأخطاء و الهفوات , و فيه تصوّرات شنيعات قامت في ذهن المؤلف مسبقا حول الدعوة و الدّعاة .
و قد ردّ شيخنا - الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى على من ينكر التسمية بالسلفية فقال : ( إنّ كلمة السلف معروفة في لغة العرب و في لغة الشرع , و ما يهمّنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية : فقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم , أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة رضي الله عنها " فاتقي الله و اصبري , و نعم السلف أنا لك " رواه مسلم . و يكثر العلماء لكلمة السلف , و هذا أكثر من أن يعد و يحصى , و حسبنا مثالا واحدا و هو ما يحتجون به في محاربة البدع :

و كل خير في اتباع من سلف *** و كل شر في ابتداع من خلف

و الذي ينكر هذه التسمية نفسه تُرى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب سواء أكان هذا المذهب متعلّقا بالعقيدة أو بالفقه ؟!
فهو إما أن يكون أشعريا أو ماتريديّا , و إما أن يكون من أهل الحديث , أو حنفيا أو شافعيا أو مالكيا , أو حنبليا , مما يدخل في مسمّى أهل السنة و الجماعة , مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة , فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلاشك , و إن كان منهم العلماء الذين يصيبون , فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الإنتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟
و أما الذي ينتسب إلى السلف الصالح , فإنه ينتسب إلى العصمة - على وجه العموم - و قد ذكر النبي من علامة الفرقة الناجية أنها تتمسّك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما كان عليه أصحابه , فمن تمسّك بهم كان يقينا على هدى من ربه .
ثم لماذا لا نكتفي بالإنتساب إلى الكتاب و السنة ؟ السبب يعود إلى أمرين اثنين : 1 - متعلق بالنصوص الشرعية . 2 - بواقع الطوائف الإسلامية .
بالنسبة للسبب الأول : فنحن نجد في النصوص الشرعية أمرا بطاعة شيء آخر إضافة إلى الكتاب و السنة , كما في قوله تعالى ( و أطيعوا الله و أطيعوا الرّسول و أولي الأمر منكم ) , فلو كان هناك ولي أمر مبايع من المسلمين , لوجبت طاعته كما تجب طاعة الكتاب و السنة , مع أنه قد يخطئ هو و من حوله , فوجبت طاعته دفعا لمفسدة اختلاف الآراء , و ذلك بالشرط المعروف : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .
و قال الله تعالى ( و من يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى , و يتّبع غير سبيل المؤمنين نُولّه ما تولّى و نُصله جهنّم و ساءت مصيرا ) .
إن الله عز و جل يتعالى و يترفع عن العبث , و لاشك و لاريب أن ذكره سبيل المؤمنين إنما هو لحكمة و فائدة بالغة , فهو يدل على أن هناك واجبا مهما , و هو أن اتباعنا لكتاب الله سبحانه و لسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم يجب أن يكون وفق ما كان عليه المسلمون الأولون , و هم أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , و هذا ما تنادي به الدعوة السلفية , و ما ركّزت عليه في أسّ دعوتها , و منهج تربيتها .
أما بالنسبة للسبب الثاني : فالطوائف و الأحزاب الآن لا تلتفت مطلقا إلى اتباع سبيل المؤمنين الذي جاء ذكره في الآية , و أيَّدته بعض الأحاديث منها حديث الفِرَق الثلاث و السبعين , و كلُّها في النار إلا واحدة , و صفها رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنها ( هي التي على مثل ما أنا عليه اليوم و أصحابي ) السلسلة الصحيحة " 203 , 1492 " . و هذا الحديث يشبه تلك الآية التي تذكر سبيل المؤمنين , و منها حديث العرباض بن سارية , و فيه ( فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) إرواء الغليل " 2455 " .
إذا هناك سنّتان : سنة الرسول صلى الله عليه و سلم , و سنة الخلفاء الراشدين , و لابد لنا - نحن المتأخرين - أن نرجع إلى الكتاب و السنة و سبيل المؤمنين , و لا يجوز أن نقول : إننا نفهم الكتاب و السنة استقلالا دون الإلتفات إلى ما كان عليه سلفنا الصالح ! و لابدّ من نسبة مميزة دقيقة في هذا الزمان , فلا يكفي أن نقول : أنا مسلم فقط , أو مذهبي الإسلام , فكل الفرق تقول ذلك , الرافضيّ و الإباضي , و القاديانيّ , و غيرهم من الفرق , فما الذي يُميّزك عنهم ؟!
و لول قلت : أنا مسلم على الكتاب و السنة لما كفى أيضا , لأن أصحاب الفرق - أشاعرة و ماتريدية و حزبيّين - يدّعون اتباع هذين الأصلين كذلك .
و لاشك أن التسمية الواضحة الجليّة المميّزة البيّنة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب و السنة و على منهج سلفنا الصالح , و هي أن تقول باختصار " أنا سلفي " و عليه , فإنّ الصواب الذي لا محيد عنه أنه لا يكفي الإعتماد على القرآن و السنة دون منهج السلف المبين لهما في الفهم و التصور , و العلم و العمل , و الدعوة و الجهاد , و لو سلمنا للناقدين جدلا أننا سنتسمى بالمسلمين فقط دون الإنتساب للسلفية - مع أنها نسبة شريفة صحيحة - , فهل هم يتخلّون عن التسمي بأسماء أحزابهم أو مذاهبهم أو طرائقهم على كونها غير شرعية و لا صحيحة ؟!

فحسبهم هذا التفاوت بيننا *** و كلّ إناء بما فيه ينضح
) إنتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( لا عيب على من أظهر مذهب السلف و انتسب إليه , و اعتزى إليه , بل يجب قبول ذلك منه بالإتفاق , فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقّا ) . ص 207 إلى 213
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس