بارك الله فيكم جميعا على المرور .
وما أحوجنا إلى حفظ هذه النصوص وأمثالها مما يكبل الألسنة ويلجمها بلجامها .
فما أكثر الندم والحسرة على إطلاق اللسان يوم القيامة .
فليت شعري كيف يكون حال من أطلق لسانه في أولياء الله ، وحاملي ألوية الدين والدعوة ، الذين يغار الله عليهم ، وينتقم لهم ، ويؤذن بالحرب عدوهم.
كم من عالم موثوق ، وثقة صدوق ، ذهب حديثه ، وترك علمه ، وسلبه الله بعدما أعطاه ، بسبب إطلاقه لسانه في أولياء الله .
الله الله .. نتذكر الصدّيق وهو من هو في الصدق والأمانة، والحفظ والتثبت ، والفهم والفطنة ، وطول الملازمة والصحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك فليس هو في عداد المكثرين من الرواية !!
لماذا ؟؟ لأنه كان طويل الصمت ، شديد المحاسبة للسان ، يجبذ لسانه بيده ويقول : هذا الذي أوردني الموارد .
يا من تزعم التصدر للجرح والتعديل ، ما أنت إلا على شفا حفرة من النار قل من نجا منها .
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله - : أعراض العلماء حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكام .
وقال الذهبي - رحمه الله - : والمتكلم في الرجال لا بد أن يكون تام العلم تام الورع .
فمن أين لك أن تتمسخر وتعلق وتضحك وتأخذ بالظنة ، ثم تدعي تمام العلم وتمام الورع .
وما أعظم الحكمة النبوية " من صمت نجا " فتأمل في مفهوم المخالفة .
والله يقول : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " فتأمل فائدة حرف الجر هنا .
وتأمل حال الرقيب المتجهز بعتاد الكتابة ، فما أسرع ما يلتقط اللفظة الملفوظة في تيقظ وانتباه ، وما أسرع تقييده لها .
قال الشيخ ابن عثيمين حول هذه الآية : يكتب كل شيئ حتى اللغو من الكلام .
صدق من قال : ما في الدنيا شيئ أحوج إلى طول حبس من اللسان .
فلنحذر أربى الربا ، ولنحذر أربى الأربى .
وما أربى الأربى ؟؟ إنه الكلام في العلماء والأولياء .
كم سيتمنى أحدنا أن لو كان أبكما .
والله المستعان .
|