عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-19-2017, 09:31 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي دراسات شرعية موجزة حول شبهات الدواعش بقلم د. صادق بن محمد البيضاني (متجدد)

شبهة موالاة حكام العرب للكافرين على المسلمين
(ضمن دراسات شرعية موجزة حول شبهات الدواعش وتنظيم القاعدة وغيرهم من أهل التكفير)


بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
الحلقة (1)

لقد نتج عن الفكر التكفيري جملة من السموم الفتَّاكة بالمجتمعات الإسلامية والتي من أبرزها وأضرها استحلال الدماء والأموال وإعلان الجهاد على دول الإسلام، بحجة أنها أصبحت بلاد كفر لا إسلام بزعمهم، حتى ادعى بعضهم وليسوا جميعاً تكفير كل مقيم في هذه الدول، وهذا ما نص عليه شكري مصطفى([1]) الذي يقول : " إن القول بأن الدار دار كفر مسوغ لتكفير كل مقيم فيها".
وقد تعلق هؤلاء بعدة شبهٍ، ومن أبرزها : ” قولهم : إن الدول العربية اليوم موالية للكافرين الصليبيين على المسلمين في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها وإنها تحارب المجاهدين، ولبيان هذه المسألة بإيجاز أقول وبالله التوفيق :
قال ابن كثير عند تفسير قوله تعالى ” لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة “([2]) : نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ، ثم توعد على ذلك فقال تعالى : ” ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ” أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله..... وقوله تعالى : ” إلا أن تتقوا منهم تقاة” أي إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما قال البخاري عن أبي الدرداء : إنه قال : إنا لنكشِّر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم “([3])اهـ
” وجاء عن ابن عباس أنه قال ” نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين وذلك قوله : ” إلا أن تتقوا منهم تقاة "([4])”.
قال الشوكاني : وفي ذلك دليل على جواز الموالاة لهم مع الخوف منهم، ولكنها تكون ظاهراً لا باطناً ، وخالف في ذلك قوم من السلف فقالوا : لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام([5]).
قلت : الخلاف مأثور عن معاذ بن جبل ومجاهد ، وما أثر عنهما مخالف لما عليه عامة أهل العلم في القديم والحديث حتى قال الحسن البصري رداً على هذه الدعوى ” التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة”([6]).
” وقيل : … والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم ومن أكره على الكفر”([7]).
قال البيضاوي في تفسيره ” منع من موالاتهم ظاهراً وباطناً في الأوقات كلها إلا وقت المخافة فإن إظهار الموالاة حينئذ جائز([8]).
قال ابن القيم ” ومعلوم أن التقاة ليست بموالاة؛ ولكن لما نهاهم عن موالاة الكفار اقتضي ذلك معاداتهم والبراءة منهم ومجاهرتهم بالعدوان في كل حال، إلا إذا خافوا من شرهم فأباح لهم التقية. وليست التقية موالاةً لهم”([9]).
قلت : وحاصل هذه المسألة ” أن من أظهر لهم المجاملة والتلطف والصداقة وهو كافر بدينهم فلا يعد موالياً لهم طالما هم ظاهرون على أهل الإسلام ويخشى أهل الإسلام من بطشهم فإن اللسان لا يعد معبراً عما في القلب إن كان تقية ، وهذا حاصل ما سبق من أقوال أهل العلم ، وبهذا يتبين أن نوع الموالاة التي يخرج بها المسلم من دين الإسلام إلى دين الكفر هو حبهم على ما هم عليه من الكفر أو موافقتهم على دينهم باطناً أو ظاهراً مع شيء من الباطن ، وكذلك من أعانهم على سفك دماء المسلمين مستحلاً ذلك ، وأما من أعانهم من غير استحلال لخوف أو إيذاء عظيم أو ما أشبه ذلك فقد ارتكب جرماً عظيماً، وهو تحت المشيئة ويعد من الولاء لكنه لا يعد الفاعل كافراً طالما لم يستحله، بل ظالم وفاسق، والله يتولاه يوم العرض؛ لأن القتل والإعانة عليه من الكبائر غير المخرجة عن دين الإسلام إلا من استحل ذلك.
ومما يؤكد شرط الموالاة الباطنية ما اعتذر به النبي -عليه الصلاة والسلام- لحاطب بن أبي بلتعة الذي " كتب إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله عليه الصلاة والسلام إليهم ثم أعطاه امرأة، وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشا" ([10])، ثم إن النبي- عليه الصلاة والسلام- سأل حاطباً ليتبين هل له من عذر، أو دافع يخرجه من مأزق الموالاة لأعداء الله مما قد يتبادر إلى ذهن الآخرين ، فقال له : " يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا تعجل عليَّ يا رسول الله، إني كنت امرأً ملصقاً في قريش، وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : صدق" [ متفق عليه ].
ومنه ما جاء في قصة عمار واعتُذِر له بمثل قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"([11]).
وهذا الباب له ضوابطه وموانعه من إكراه، أو جهل، أو خطأ، أو تأويل، أو شبهة، ونحوها من هذه الأمور، وقد بسطت كل ذلك بأدلته في كتابي " الموالاة والمعاداة في الاسلام" وهو كتاب مطبوع متداول.
ويدخل في سلك التكفيريين اليوم كافة الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان وباكستان واليمن وغيرها، فإنها تكفر كل من خالفها وتستحل دمه، حتى كفروا حكام العرب السنة، وهذا لا يخفى على كل عاقل، ثم إن خطر هذه الميليشيات الشيعية التكفيرية على الاسلام والمسلمين أشد من خطر الدواعش والخوارج التكفيريين لكونهم يعتقدون عقيدةً اثني عشرية إمامية رافضية لا تؤمن بأدلة الكتاب والسنة ويكفرون عامة الصحابة ويطعنون في الاسلام، ويستبيحون دماء المسلمين السنة، وقد سبق بيان هذه الخطورة مبسوطة في غير هذا المقام.
ولكي يهربوا من هذه التهمة اتهموا كل من خالفهم اليوم بأنه داعشي وعرضوه للحبس والتنكيل أو قتلوه، حتى وإن كان من ألد خصوم الدواعش.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
....الحواشي....

[1] شكري أحمد مصطفى، مصري الجنسية، كان من الإخوان المسلمين في بداية أمره، وقد سجنه الرئيس جمال عبد الناصر ضمن قادة الإخوان في الستينيات الميلادية ثم تأثر بفكر الخوارج لدى خروجه من السجن فنقم على الدولة وعلى الإخوان، فتبرأ منه الإخوان، وتم سجنه مرة أخرى، ومن ثم إعدامه شنقاً عام 1978م.
[2] سورة آل عمران ، الآية رقم (28).
[3] تفسير ابن كثير(1/476).
[4] تفسير ابن جرير ( 3/227).
[5] فتح القدير للشوكاني (1/500).
[6] انظر : تفسير القرطبي ( 4/60).
[7]المصدر السابق (4/57).
[8] كتاب التفسير للبيضاوي (ص25).
[9] بدائع الفوائد لابن القيم (3/575).
[10] زاد المعاد لابن القيم (3/ 398).
[11] سورة النحل ، الآية رقم (106)..
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس