عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-28-2013, 08:05 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي


قال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة ص193-196:

[ ومن "الآداب والعادات":
1 - عن جابر بن عبد الله مرفوعاً:
"لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرءوس والأكف والإشارة"1.
__________

1- قال الحافظ في "الفتح" "11/ 12":
"أخرجه النسائي بسند جيد".
قلت: ولعله في "سننه الكبرى" أو في "عمل اليوم والليلة" له، ثم طبع هذا، وهو فيه برقم "340"، وفيه عنعنة أبي الزبير. انظر "الصحيحة" "1783".

وقد أورده الهيثمي في "المجمع" "8/ 38" بنحوه، ثم قال:
"رواه أبو يعلى والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح".
ويشهد له ما أخرجه الترمذي "3/ 386" من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود بالإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف". وقال:
"هذا إسناد ضعيف".

قلت: وابن لهيعة إنما ضعف من قبل حفظه، والحديث الذي قبله يشهد لما رواه، وانظر الحديث الآتي.
ولهذا كانوا يكرهون التسليم باليد، كما قال عطاء بن أبي رباح فيما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "ص146"، وإسناده صحيح على شرطه في "الصحيح". قال النووي:
"والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسًّا وشرعًا، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم". ذكره في "الفتح".

قلت: ثم إن الحديث عام يشمل -باستثناء من سبق- من سلم بالإشارة واللفظ معًا، أو بالإشارة دون اللفظ، وإن كان هذا أشد مخالفة؛ لجمعه بين ترك السنة -وهو إلقاء السلام أو رده- والتشبه بالكفار.
وأما النووي فقد حمله على هذا الأخير محتجًّا بحديث في ثبوته نظر، فقال في "الأذكار" "ص313" عقب حديث عمرو بن شعيب المتقدم:
"وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء قعود، فأشار بيده بالتسليم، قال الترمذي: حديث حسن. فهذا محمول على أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: فسلم علينا".

قلت: حديث أسماء هذا لا يصح، فلا يصلح للإعتماد عليه في إجازة ما دل مطلق حديث جابر وغيره على منعه؛ وذلك لأن إسناده يدور على شهر بن حوشب عنها، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه ابن عدي:
وهو ممن لا يحتج به، ولا يتدين بحديثه، قال الحافظ في "التقريب":
"صدوق، كثير الإرسال والأوهام".

وكثرة أوهامه مما لا يشك فيه من تتبع روايته وأحاديثه، ولذلك لا نشك أن ما تفرد به أو اختلف عليه فيه؛ أنه لا يحتج به، وإنما يعتبر به في الشواهد والمتابعات، وقد تفرد بذكر الإشارة في هذا الحديث، بل اختلف عليه فيها؛ فمنهم من أثبتها عنه، ومنهم من لم يذكرها البتة، فقد أخرج حديثه الترمذي "3/ 386"، والبخاري في "الأدب المفرد" "ص151"، وأحمد "6/ 457-458"؛ من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر به. وقال الترمذي:
"وهذا حديث حسن، قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، قال محمد: شهر حسن الحديث، وقوي أمره، وقال: إنما تكلم فيه ابن عون".

قلت: قد تكلم فيه غيره أيضًا، فانظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"، وقد ذكرت لك خلاصة ما يستفاد من أقوالهم فيه.

ثم أخرج الحديث أبو داود "2/ 343"، والدارمي "2/ 277"، وابن ماجه "2/ 398"، وأحمد "6/ 452" من طريق ابن أبي حسن سمعه من شهر بن حوشب، يقول: أخبرته أسماء ابنة يزيد مر علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة فسلم علينا. فلم يذكر ابن أبي الحسين -واسمه عبد الله بن عبد الرحمن- عنه الإشارة، وذكرها عبد الحميد بن بهرام، فاختلفا، فوجب الترجيح، ورواية ابن أبي حسين عندي أرجح؛ لأنه ثقة عند الجميع كما قال ابن عبد البر، وهو محتج به في "الصحيحين"، وليس كذلك ابن بهرام، فهو مع كونه ليس من رجالهما، فقد قيل فيه: "إنه يهم"، و"لا يحتج بحديثه"؛ فلا يصلح أن يعارض بروايته ويقال: "زيادة الثقة مقبولة"؛ لأن هذا محله فيما لو كان الزائد ثقة قوي الحفظ كما هو مبين في "المصطلح"، وليس الأمر كذلك هنا، فتنبه.

على أننا لو فرضنا أن ابن بهرام قد حفظ هذه الزيادة عن شهر، فذلك يدل على أن شهرًا نفسه كان يضطرب فيها، فكان يرويها تارة، وتارة لا، وذلك مما يوهن الاعتماد عليها والاحتجاج بها. ويؤيد هذا أن الحديث رواه غير شهر عن أسماء بدون الزيادة، فقال البخاري في "الأدب":
حدثنا مخلد قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل عن ابن أبي غنية عن محمد بن مهاجر عن أبيه عن أسماء ابنة يزيد الأنصارية:
مر بي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا في جوار أتراب لي، فسلم علينا.

وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى، ورجاله ثقات، رجال الصحيح، غير مهاجر والد محمد، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" "5/ 427"، فالآخذ بحديثه هذا أولى، ولا سيما وهو مولى أسماء هذه، فهو أعلم بحديثها من شهر.

وبذلك يثبت أن أصل الحديث صحيح، وأن ذكر الإشارة فيه منكر من أوهام شهر بن حوشب، فلا يحتج بها، ولا يعارض الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه.
"تنبيه": قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ساق حديث أسماء، واللفظ الذي فيه الإشارة: "وله شاهد من حديث جابر عند أحمد".
ونقله عنه المباركفوري في "تحفة الأحوذي".

ويغلب على الظن أن قوله: "جابر" سبق قلم من الحافظ، والصواب: "جرير"، فإن الهيثمي لم يورد في "المجمع" "8/ 38" غير حديثه، ولفظه:
"مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على نسوة، فسلم عليهن"، وهو في "المسند" "4/ 357 و363"، و"عمل اليوم والليلة" لابن السني "رقم 221"، وأبي يعلى، والطبراني، وقد تكلم عليه الهيثمي بما يدل على اضطراب إسناده، وفي بعض طرقه جابر عن طارق التيمي، قال الهيثمي: "فإن كان جابر هو الجعفي فهو ضعيف".

وجزم الحافظ في "التعجيل" بأنه هو، وفيه نظر، فإنه وقع في السند جابر بن عبد الله، والجعفي اسم أبيه يزيد، فافترقا، والله أعلم
]

رد مع اقتباس