عرض مشاركة واحدة
  #528  
قديم 06-24-2022, 02:42 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي




مقتطفات من ((السفينة العراقية في لباس خرقة الصوفية)) لمحمد ابن عِرَاق الكناني (878 - 933 هـ)


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه.

أما بعد، فإن لبس الخرقة الصوفية لا أصل له في الكتاب والسنة، وهو أمر أحدثه الصوفية المتأخرون، قال شيخي إبراهيم الهاشمي الأمير حفظه الله في مقدمة تحقيقه لـ (( السيف المجزم لقتال من انتهك حرمة الحَرَم المحرّم )): لبس الخرقة لا أصل له في الكتاب والسنة، وهو أمر أحدثه الصوفية المتأخرون – سامحهم الله -، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) في (( منهاج السنة )) (4/156): (( وقد كتبت أسانيد الخرقة، لأنه كان لنا فيها أسانيد، فبينتها ليعرف الحق من الباطل... وقد عُقل بالنقل المتواتر أن الصحابة لم يكونوا يلبسون مريديهم خرقة ولا يقصون شعورهم ولا التابعون، ولكن فعله بعض مشايخ المشرق من المتأخرين)).
وانظر: ((الفتاوى الكبرى)) (5/354)، و((مجموع الفتاوى)) (11/88-99)، و((منهاج السنة)) وفيه ذكر أسانيد الخرقة، وفيه كلام نفيس (4/156 فما بعدها). اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي:
وذكر السخاوي في ((الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر)) (2/940) أن شيخه ابن حجر سُئِل عن حديث الخرقة، وما لذلك مِنَ الطُّرق، فقال: إن ذلك ما لم أتشاغل به قطُّ، لتحقُّق بُطلان كلِّ ما ورد في ذلك.

وذكر السخاوي في ((إرشاد الغاوي)) (ص 96 - 105) إجازته في لباس الخرقة المبتدعة، ونبَّه محقق الكتاب جزاه الله خيراً على أنها لا أصل لها. وذكر السخاوي ما روي من أسانيد فيمَن لبسها من السلف والصحابة، ثم قال: ((وقد تضمّنت هذه السلسلة طريقة سهروردية وقادرية ورفاعية وقشيرية ونعمانية وغيرها، مع ما انضم إليها من الصحبة، ولكن في كثير من رواتها جهالة أو ضعف أو توقف في اتصال مما أوضحناه في مكان آخر، ونقلت كلام شيخنا فيه في ترجمته، وكذا لابن الجزري بالنسبة للحسن عن علي كلام، وقال القطب الحلبي: هذا إسناد المشايخ الصالحين، والله أعلم بصحة اتصاله.)) انتهى.

قال أبو معاوية البيروتي: فهاكم اعتراف شيخ الإسلام ابن حجر وتلميذه السخاوي بعدم صحة أسانيد الخرقة، فهي باطلة لا أصل لها في السنة النبوية.

وبعد هذه المقدمة عن حكم لبس الخرقة الصوفية، فهذه مقتطفات من كتاب ((السفينة العراقية في لباس خرقة الصوفية)) للشيخ محمد بن علي ابن عراق الكناني الدمشقي (878 - 933 هـ) صاحب الزاوية الشهيرة في وسط بيروت، وله عدة مؤلفات.

1 - ذكر ابن عراق في ((السفينة العراقية)) أن شيخه علي بن ميمون الهاشمي القرشي المغربي الغماري التباسي (ت 917 هـ) كان من طريقته أنه لا يرى لبس الخرقة ولا إلباسها.

[[قال البيروتي: ومما ورد في ترجمته في مصدر آخر: كان لا يخالف السنَّة حتى نقل عنه أنه قال: لو أتاني السلطان أبو يزيد بن عثمان لا أعامله إلا بالسنة، وكان لا يقوم للزائرين، ولا يقومون، وإذا جاءه أحد من أهل العلم يفرش له جلدة شاة تعظيماً له، وكان قوالاً بالحق لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، وكان له غضب شديد إذا رأى في المريدين منكراً يضربهم بالعصا. قال: وكان لا يقبل وظيفة ولا هدايا الأمراء والسلاطين، وكان مع ذلك يطعم كل يوم عشرين نفساً من المريدين، وله أحوال كثيرة، ومناقب عظيمة ... وكان لا يرى الخلوة، ولا يقول بها]].

2 - ترجم ابن عراق لنفسه في ((السفينة العراقية))، وذكر أنه ولد في سنة ثمان وسبعين وثمان مئة، وقرأ القرآن بالتجويد على الشيخ عمر الدّاراني، قرأ عليه ختمات، وعلى الشيخ إبراهيم القدسي، قرأ عليه يويمات، ثم اشتغل في الحساب على الشيخ زين الدّين عرفة، ثم جوّد ختمة لابن كثير، وأفرد لراوييه على الشيخ عمر الصّهيوني، وجوّد عليه الخطّ أيضا، وأخذ عنه علم الرماية، ولزمه فيه ثلاث سنوات كاملات، وفي أثنائها مات والده في سنة خمس وتسعين وثمان مئة، وتزوج في تلك السنة، ثم توجه إلى بيروت بنيّة استيفاء إقطاع والده، فسمع وهو ببيروت برجل من الأولياء فيها يسمّى سيدي محمد الرائق، فزاره ودعا له، وقال له: لا خيّب الله سعيك. ثم رجع إلى دمشق، واشتغل بالفروسية والرّمي والصّيد، ولعب الشطرنج، والنرد، والنّقاف، والتنعم بالمأكولات والملبوسات، وإنشاء الإقطاع والفدادين، ولم يزل مع هذه الأمور مواظبا على الصلوات، وزيارة الصالحين، وحبّ الفقراء والمساكين حتّى تم له خمسة أعوام ....

3 - ترجم ابن عراق لولده سعد الدين علي (907 - 963 هـ) في ((السفينة))، وذكر مولده سنة سبع وتسع مئة بساحل بيروت، وحفظ القرآن العظيم وهو ابن خمس سنين في سنتين، ولازم والده في قراءة ختمة كل جمعة ست سنين، فعادت بركة الله تعالى عليه، وحفظ كتبا عديدة في فنون شتّى، وأخذ القراآت عن تلميذ أبيه الشيخ أحمد بن عبد الوهاب خطيب قرية مجدل معوش، وعن غيره ....

[[قال أبو معاوية البيروتي: وللابن عدة مؤلفات، منها كتابه في ذبّ الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة))؛ وقال عنه العيدروسي في ((تاريخ النور السافر)): ((هو كتاب جليل عظيم الفائدة)). وقد انتهى من تأليف كتابه بمصر سنة 954 هـ، وأهداه إلى السلطان سليمان العثماني، وطُبِع الكتاب في مجلدين]].

4 - من كلام ابن عراق في ((السفينة)): إني أرى الخمول نهمة، وكل أحد يأباه، وأرى الظهور نقمةً، وكل أحد يتمناه، ألا وإن في الظهور، قصم الظهور.

5 -

* كناشة البيروتي (الجزء الخامس)
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس