عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 01-22-2023, 11:02 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Exclamation متاهة وسائل التواصل!


متاهة وسائل التواصل!

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أين؟!

من صفات النفس الجبلية؛ (العبث)!

فهي صبيانية الهوى، طائشة بلا هدف، طفولية الرغبات تلهو حيث يقع نظرها.

ألم تر إلى الطفل حيث يرى شيئا ينجذب إليه فيلهو به فإذا ظهر له غيره انتقل إليه
فليست له أهداف ينشدها وإنما هو اللهو والعبث…

وجزرته التي تغريه، بريق كل ذي لون، ورنين كل ذي صوت، وجديد كل ذي منظر.

وهكذا النفس!

ومن أوضح ما يكشفها لك إنزلاقها عن حدود الشريعة
كصابونة بيد مبلولة لا تكاد تثبت إلا بنباهة وحزم.

فهي تتفلت عن حدود ما أنزل الله إلى بنيات الطريق، يمنة ويسرة بين شبهات مضلة وشهوات مغوية.

وخاصة عند وسائل الإعلام الحديثة بمختلف برامج تواصلها
فهي معاطن هلاك ومراتع فساد لا يسلم منها إلا محظوظ؛ قد عم شرها وتطاير شررها.

ووجدت فيها النفس بغيتها؛ طيشا وعبثا وتضيعا للأوقات، فلذلك سرت هذه الوسائل -الزرقاء والخضراء- حيث سرى الليل والنهار، دخلت كل بيت، ونزلت كل جيب؛ ولازمت النساء والرجال بل والأطفال وتنقلت معهم في الحل والترحال.

ووجد منشؤوها بغيتهم؛ فصاروا يستحدثون لهم أساليب متنوعة في إلهائهم، وطرائق ماكرة في إغوائهم حتى نافست تلك النفثات المسمومة -بمقاطعها وحالاتها- وساوس إبليس الشيطانية، بل تجاوزتها حتى لم يبق عند بعضهم وقت يصغي فيه لتلك الوساوس الخفية؛ لأنه في مراتع خصبة وشهية سمعية وبصرية فهي وإن كانت افتراضية إلا أنها حسية قد ملكت القلوب وأسرت النفوس.

فهي -غالبا- مجانية الاستعمال لكنها باهضة العواقب والمآل، قليلة المؤنة لكنها شديدة المحنة، يسيرة التكاليف لكنها مضيعة للواجبات والتكاليف.

فيصدق في هذه الوسائل والنفوس ما قيل قديما: وافق شنٌّ طبقة ، وما زاد عليه المتأخرون: وافقه فاعتنقه.

وأي عناق ووفاق!

لا يفرق بينهما إلا سلطان قاهر كنوم ساهر يرقب طلعة الفجر ليتمم الغفلة على أصولها بإلحاق نهار البطالة بليلها.

ألا أفق أيها (المفتون) وتدارك ما بقي من عمر يترقب صاحبه (ريب المنون)
قد حان غروب شمسه، فليس له بعد أمسه إلا آمال سرابية أو أوهام منامية.

وبادر إلى الاستيقاظ من نوم الغفلة، فإن بين نوم البدن ونوم القلب شبه وفي الاستيقاظ منهما شبه؛ فاستعن بطرائق اليقظة الحسية على تحقيق اليقظة المعنوية القلبية.

وأول ذلك الندم …

نعم، ندم تغلي ناره حتى تذوب (نـ)ـونه فلا يبقى إلا (دم)
يخرج مع عبرات الحسرات وبكاء المفرطين والمفرطات بطاعة خالق الأرض والسموات.

﴿وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾

https://t.me/abozydotabi



__________________
قناة (المكتبة الورقية) على التليجرام
تضم عددا من الرسائل الدعوية والتعليمية على صيغة (pdf)
كتبها الفقير إلى عفو ربه
حمد أبو زيد العتيبي
على الرابط التالي:

https://t.me/Rasaelpdf
رد مع اقتباس