عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 03-15-2016, 10:19 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


الفتوى المنيعة

بِسْم الله الرحمن الرحيم

إن الفتوى هي إخبار عن حكم شرعي - قطعي أو ظني - .

والحكم الشرعي بطبيعته منيع فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

والمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي ، فإن كان أهلا لهذا المنصب وموفيا له حقه لم يكن نقله إلا صوابا ولا إخباره إلا صادقا .

فتمنُّع الفتوى عن تسرب الباطل في ثناياها يقوم على أمرين :

الأول / أصول الفتوى المستقيمة .

الثاني / آلة المفتي القويمة .

ومع ذلك فقد تخرج الفتوى ممن هذه صفته وهي مشتملة على شعبة من الباطل ؛ إما تقصيرا ، أو مبالغة في حكم أو خبر .


وكلاهما إما أن يكون :

- ناشئاً عن هوى - لشبهة أو شهوة - .

-أو ناشئاً عن غفلة - لنسيان أو خطأ - .

فالأولى / خبيئة ظلم في قلب المفتي لم يحترس منها .

والثانية / طبيعة جهل في قلبه لم يتنبه لها .


ومن أسباب الترفع عن هاتين الآفتين : النظر في المآل .

أما الأولى / فالنظر إلى مآل العبد الأخروي ، وتيقنه يزرع في المفتي بذرة الوجل التي هي أصل المطهرات القلبية المثمرة لخشية الله .

وأما الثاني / فالنظر إلى مآل الفتوى الدنيوي ، وتمرسه في إدارة المصالح والمفاسد وتمكنه من تصريفها في وجوهها النافعة يزرع في المفتي بذرة الحذر التي هي أصل اليقظة والنباهة المذهبة عنه سِنة الغفلة المثمرة لرسوخه في العلم .

وفي طيات ما سبق مخبئات من التنبيهات والإشارات والتحذيرات يدركها الموفق بإعطاء كل جملة حقها من التأمل ، والتعقل ، والتفكر .

فاللبيب يجعل القليل كثيرا بحسن النظر والتدبير .

والبليد يتفرق عليه أمره ونجاته في جوفه أو بين يديه .

وما التوفيق إلا من عند الله .



***


رد مع اقتباس