عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-20-2014, 05:22 PM
ابو همام محمد السلفي ابو همام محمد السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 193
افتراضي

]قبل تمام ما أردت إتمامه لابد من التنبيه على أمرين فاتني التنبيه عليهما آنفا ، فأما :
الأول : أن الذي قاله معاذ -رضي الله عنه- صح -ولله الحمد- مرفوعًا إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه البخاري في "التاريخ " (2/2/248)، ويعقوب بن سفيان في " المعرفة " (2/296- 297) بإسناد واحد قالا- والسياق ليعقوب-، ومن طريقه: أخرجه ابن عساكر في "التاريخ " (1/528) أن أبا هريرة وابن السمط كانا يقولان:لا يزال المسلمون في الأرض حتى تقوم الساعة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « لا تزالُ من أمَّتي عِصابةٌ قوَّامةٌ على أمْرِ الله عزّ وجلّ، لا يضرُّها من خالفَها؛ تقاتلُ أعداءها، كلما ذهبَ حربٌ نشِبَ حربُ قومٍ آًخرين، يزيغُ اللهُ قلوب قوم ليرزقَهم منه، حتى تأتيهم الساعةُ، كأنّها قطعُ الليلِ المظلمِ، فيفزعونَ لذلك؛حتّى يلبسُوا له أبدانَ الدُّروع، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: همْ أهلُ الشّامِ، ونكَتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بإصبعِه؛ يومئُ بها إلى الشّامِ حتّى أوجَعها !» .
وصحح إسناده العلامة الإمام الألباني -رحمه الله- في " السلسلة الصحيحة" (3425) و بوب له بقوله " بشرى لأهل الشام المؤمنين " و هذا من دقائق تبويباته .
و الثاني : أن حديث : " إذا هلك أهل الشام فلا خير في أمتي ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتلوا الدجال " ، ضعيف -بهذا السياق- كما في " تخريج أحاديث فضائل الشام " ( ص 17 رقم 5 ) . و إنما الصحيح بلفظ " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، .." الحديث .
الشاهد الثاني
و هو قوله -صلى الله عليه وسلم- : " ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام " و في لفظ " وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام " ، و في هذا دليل على أن سلامة الشام من الفتن إنما هو بسبب قيام الطائفة المنصورة -بها- بقتال أهل الفتن، و قتل الفتن و وئدها؛ الذي هو حقيقة القتال على أمر الله -جل و علا- و الظهور به، و هو الذي فسره حديث الباب و قول النبي-صلى الله عليه وسلم- " يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " ، فهي صفة كاشفة مقدَّمة تبين حقيقة قتال أهل الفتن ، و قتال فتنتهم التي تتم بها سلامة بلاد الشام من الفتن، و طرحها لأهل الفتن ، و ما ذاك إلا لأن حقيقة الفتنة تأتي من قبل ترك واجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و السكوت على الباطل و مداهنة أهله ، فهذه هي حقيقة مقاتلة هذه الطائفة على أمر الله -عز وجل- بأن لا يكون لأهل الفتن في بلاد الشام صولة و لا لفتنتهم جولة ! و ليس هذا الخير مقصورًا عليها فحسب ؛ بل يتعداه إلى غيرها من بلاد الإسلام ما إذا وجد من يمد لها يد التعاون و القتال، أو يكون صورة عنها في جنس ذلك كما سيأتي -إن شاء الله- الحديث عن ذلك .
وقد جاء في أثر خُرَيْمَ بْنَ فَاتِكٍ الْأَسَدِيَّ قال :" أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ، وَلَنْ يَمُوتُوا إِلَّا هَمًّا أَوْ غَيْظًا أَوْ حُزْنًا"
أخرجه أحمد ( 3 / 498) ،و الفسوي في " المعرفة و التاريخ" ( 2 / 173 ) ،و ابن عساكر في" تاريخ دمشق " ( 1 / 286 ) ، وابن أبي عاصم في " الآحاد و المثاني" ( 2 / 288 / 1048 ) بإسناد صحيح ، و رواه ابن حبان في " الثقات" ( 4 / 10 ) ، و نعيم بن حماد في " الفتن " ( 1 / 235 / 658 )، وابن أبي عاصم في " الآحاد و المثاني" ( 2 / 288 / 1049 ) ،و ابن عساكر في" تاريخ دمشق " ( 1 / 285) من طريق بقية موقوفًا -كذلك- ، وروي مرفوعًا و لا يصح كما في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "( 1 / 68 / 13 ) ، و لا يبعد أن يكون مثله مما لا يقال بالرأي، واحتج به شيخ الإسلام -رحمه الله- كما سيأتي .
قال المناوي في "فيض القدير" ( 3 / 86 - 87 ): « يعني هم عذابه الشديد يصبه على من يشاء من العبيد .... في إشعاره إيذان بأن أهل الشام قد رزقوا حظا في سيوفهم ، وشاهده ما رواه الخطيب في "التاريخ" [ ( 1 / 52 )] : "أن عمر كتب إلى كعب الأحبار : اختر لي المنازل فكتب إليه : بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء: أريد اليمن، فقال حسن الخلق: أنا معك، وقال الجفاء: أريد الحجاز، فقال الفقر: وأنا معك، وقال البأس: أريد الشام، فقال السيف: وأنا معك، وقال العلم: أريد العراق، فقال العقل: وأنا معك، وقال الغنى: أريد مصر، فقال الذل : وأنا معك، فاختر لنفسك" » .
فلا يمكن أن يظهر أهل الفسق والفجور والبدع , على أهل الطاعة والإيمان والعمل الصالح في بلاد الشام ما دامت طائفته المنصورة قائمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ساعية في الواجب الذي يتحقق به الإيمان؛ وهو تحقيق العمل الصالح؛ والذي لا يتحقق إلا بإصلاح النفس من جهة، وإصلاح الغير من جهة أخرى ، وهذه هي أمارة النجاة من الفتنة والسلامة من الهلاك كما قال تعالى : " وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ " [ هود : 117].
فالهلاك الكلي للشام لا يكون لديمومة أهل الإصلاح فيهم , وقد يكونون في جهة دون جهة منها ، وقد يكونون متفرقين في نواحي شتى، ولذلك فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ألا إن الفتن إذا وقعت فالإيمان بالشام " ليس بالضرورة أن يكون في سائر بلاد الشام على حسب الحد الجغرافي لها الذي وقع فيه الخطاب النبوي , فقد يكون الأمان من الفتنة في ناحية منها وقد يكون في ناحيتين , والذي أملاه علينا الواقع -اليوم- أنّ عمّان البلقاء عاصمة الأردنّ التي تحتضن مدرسة إمام أهل الحديث والسنة الإمام الألباني -رحمه الله- هي أسعد نواحي بلاد الشام بالأمن والأمان دون غيرها، و هذا أمر يعلمه القاصي و الداني، و الموالي و الشانئ ، لاسيما وقد صرح بعض أولياء أمور هذه البلاد بأن الإمام الألباني -رحمه الله- كان صِمَام أمان لها.
وهذا الأمان الذي تسعد به بلاد الأردنّ هو الذي سينطلق منه -إن شاء الله تعالى، و بإذنه- عز الإسلام وأهله، وعز أهل السنة وأهلها , وترفع به راية الجهاد في سبيل الله على الوجه الذي يحبه الله تعالى ويرضاه .
وهذا كما كان لهذا الإمام فهو لتلاميذه وأبناءه من بعده، فلما أن أراد بعض أهل الفتن -منها- كغلاة التكفير من جهة ، وجماعة الإخوان المسلمين من جهة؛ من إثارة الفتن و زعزعت الأمن بالمظاهرات والانقلابات وقفت في وجههم هذه المدرسة؛ حتى خمدت فتنتهم وطفئت نارهم ، مصداقاً لقول ربنا -تبارك وتعالى- : " كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ " [المائدة : 64 ] . و قوله -صلى الله عليه وسلم- : " تقاتل أعداء الله كلما ذهبت حرب نشبت حرب قوم آخرين " .
ومصداقاً للخبر -السابق- : " وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ " .
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مدرسة الإمام الألباني -رحمه الله- هي الطائفة المنصورة التي بشر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والظاهرة على غيرها لقتالها أهل الفتن ،
وهذا الأمن والأمان الذي تنعم به بلاد الأردنّ أو عمّان -البلقاء-هو الذي سيكون منه -إن شاء الله تعالى- سناء هذه الأمة، وسينطلق منه عز الإسلام وأهله، وعز أهل السنة وأهلها، وترفع به راية الجهاد في سبيل الله على الوجه الذي يحبه الله تعالى ويرضاه ، وهو الذي سيكون منه مدد تحرير دمشق الشام وتطهير فلسطين والقضاء على شر فتنة على وجه الأرض؛ ألا وهي فتنة المسيح الدجال وجيوشه من اليهود والرافضة والخوارج ، كما جاءت بذلك التباشير النبوية .
وما ذاك؛ إلا لأن الجهاد في سبيل الله لا يمكن انطلاقه الانطلاق المحمود المتفائل له بالنصر ، المرجو منه السناء إلا من أرض آمنة تمكن له تحقيق عدته و توفير شروطه المقومة لنهوضه النهوض الذي يحقق غرضه و هدفه، لاسيما تحقيق العدتين؛ الإيمانية و المادية ، فهو -ابتداء- فتح يفتح الله تعالى به على من جاهد بالقرآن والسنة، و لمن علم الله تعالى منه الصدق في النية، ودون ذلك فبابه -الذي هو بابه- مقفل في وجه الأمة ! فجهاد القلم واللسان مقدم على جهاد السيف والسنان؛ فهو لبنة أساس له، ومنطقه الذي ينطق به وبصره الذي يبصر به .
ولذلك؛ فإن من شم أنفه رائحة فقه الجهاد الشرعي علم أنه قائم على جهاد القلم واللسان، والسنة والقرآن، وأنه لولا هذا الجهاد لما راح جهاد السنان وما جاء !
يتبع ...
[/font][/size]
رد مع اقتباس