عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 02-25-2011, 02:06 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

و الله أثلجت صدورنا يا شيخنا و حبيبنا مشهور ، فجزاك الله خيرا عظيما .
لقد قلّ من يصدع بمنهج السّلف في هذه الأيّام مع هذه الأحداث ، و أكثرهم صاروا يَسْبَحُون -و يُسَبّحون-مع السّلطة الرّابعة ، و التي جعلوها في أنفسهم سلطة أولى , و الله تعالى يقول في كتابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).
فقد ضاع هذا الضابط الشّرعي في نفوس هؤلاء ، و راجت عليهم سلع هذه السّلطة الدّخيلة على مجتمعاتنا الإسلاميّة .
و الله أشياء تُدمي القلب !.
فقد أصبح الغوغاء- بنظام الديمقراطية و دعوات الحريّة - هم الحُكّام الجدد و هم القدوة الجديدة ، و هم المغيّرون الجدد ، فعلا لقد فعلت الماسونيّة فعلتها و ذهبت !-و قد انضمّ إليها في ذاك الزّمان كبار جذور الحركيين ! أمثال الأفغاني !.
و قاعدتنا السّلفيّة تقول : إن لم تستطع تغيير مجتمعك بالدعوة السلفيّة ، فلا تتغيّر عنها إلى حال مجتمعك!.
فيأتي يوم القيامة النبيّ و ليس معه إلا واحد أو لا أحد !.
ها قدّ غيّروا بعض الحكام ، فمن سيغيّر الشّعوب !؟.
أوليست الشّعوب أيضا بحاجة إلى تغيير !؟.
أوليست الشّعوب أيضا مُطالبة بالتّغيير !؟.
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
كيف الحال إذا كان من يتهمنا بعيدا عن منهج السلف و عن طروحات السّلف و طريقة السّلف !!؟.
قال الشيخ السّعديّ-رحمه الله- في تفسير هذه الآية :
يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة. فإن الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة. فالواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين، لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟
فإن التثبت في هذه الأمور يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف لشرور عظيمة، ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته، بخلاف المستعجل للأمور في بدايتها قبل أن يتبين له حكمها، فإن ذلك يؤدي إلى ما لا ينبغي، كما جرى لهؤلاء الذين عاتبهم الله في الآية لمَّا لم يتثبتوا وقتلوا من سلم عليهم، وكان معه غنيمة له أو مال غيره، ظنًّا أنه يستكفي بذلك قتلَهم، وكان هذا خطأ في نفس الأمر، فلهذا عاتبهم بقوله:( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) أي: فلا يحملنكم العرض الفاني القليل على ارتكاب ما لا ينبغي فيفوتكم ما عند الله من الثواب الجزيل الباقي، فما عند الله خير وأبقى.
وفي هذا إشارة إلى أن العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة له فيها هوى وهي مضرة له، أن يُذَكِّرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها، وقدَّم مرضاة الله على رضا نفسه، فإن في ذلك ترغيبًا للنفس في امتثال أمر الله، وإن شق ذلك عليها.
ثم قال تعالى مذكرًا لهم بحالهم الأولى، قبل هدايتهم إلى الإسلام: ( كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئًا فشيئًا، فكذلك غيركم.
فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان - على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة - من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه، ولهذا أعاد الأمر بالتبين فقال: ( فَتَبَيَّنُوا ) .
فإذا كان من خرج للجهاد في سبيل الله، ومجاهدة أعداء الله، وقد استعد بأنواع الاستعداد للإيقاع بهم، مأمورًا بالتبين لمن ألقى إليه السلام، وكانت القرينة قوية في أنه إنما سلم تعوذا من القتل وخوفا على نفسه - فإن ذلك يدل على الأمر بالتبين والتثبت في كل الأحوال التي يقع فيها نوع اشتباه، فيتثبت فيها العبد، حتى يتضح له الأمر ويتبين الرشد والصواب.
( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) فيجازي كُلا ما عمله ونواه، بحسب ما علمه من أحوال عباده ونياتهم.
رد مع اقتباس