عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 12-19-2015, 06:00 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

حياكم الله أخي ، وبارك الله فيك .
أولا : لابد - بداية - من التوضيح قبل الإجابة : ليس مقالي هذا ولا ذاك في مسائل التبديع بالمسائل العلمية الخبرية العقدية أصالة ؛ وإنما بالتبع : إشارات طفيفة من غير تفصيل ولا كبير تأصيل ، فلم أخض في التبديع بها ، والغاية الرد على نظرية : [ لا اعتقد أنها اجتهادية إن تعلقت بالعقائد ] فالمجادل لابد أن يهدم العماد بداية وهو : [ أن كل ما تعلق بالعقيدة ليس اجتهاديا - من جهة الدلائل على المسائل - ] ، وما دام الخلاف قد قامت سوقه في بعض المسائل ارتفع القول بعدم الاجتهاد .
فإن أريد بعدم الاجتهاد أي في الحكم من المحدث ؛ فهذا باطل لأن اختلاف المعتقد ليس مسوغا للتجريح بمجرده ، بل تظافرت كلمة المحدثين بالتوقف في حكم المختلفين اعتقاديا حتى تقوم البراهين على نفاذه ، وهذا - أيضا - يدفع القول بأن أحكام المحدث ليست اجتهادية من جهة الجرح بمجرد مخالفة المعتقد .
لعل المقام قد اتضح - إن شاء الله - من مقصود المقالات ؛ فالتبديع من القدر الزائد عن مقصودي فيها ، وهو من مسائل الوعيد المتوقفة على قيام الشروط وانتفاء الموانع - خلافا لبعض المعاصرين -
، فقد يكون كما قال ابن تيمية سابقا : [وإنما المقصود هنا أن ما ثبت قبحه من البدع وغير البدع من المنهي عنه في الكتاب والسنة أو المخالف للكتاب والسنة إذا صدر عن شخص من الأشخاص فقد يكون على وجه يعذر فيه؛ إما ( لاجتهاد ) أو ( تقليد يعذر فيه ) وإما ( لعدم قدرت ) كما قد قررته في غير هذا الموضع ، وقررته أيضا في أصل ( التكفير والتفسيق المبني على أصل الوعيد ) .
فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع (لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع ) هذا في عذاب الآخرة .. وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق يدخل في هذه القاعدة سواء كان بسبب بدعة اعتقادية أو عبادية أو بسبب فجور في الدنيا وهو الفسق بالأعمال ، فأما أحكام الدنيا فكذلك أيضا ...
] .
ولهذا مزيد تفصيل لا محل له .

ثانيا : قولكم - إن قال أحد غلاة التجريح - : [ لا نسلم لكم أنَّ ما اعتمد عليه شيخنا ربيع-حفظه الله- في تبديعه لمن خالف المنهج السلفي أو العقيدة هي مسائل خلافية في العقيدة أو المنهج، فمثلاً: هل من وصف الصحابة بالغثائية، هذه مما اختلف السلف فيها وفي تبديع من قال بها.!وكذا من يقول بوحدة الأديان .. هب أنَّها مسائلُ اجتهادية، فإن أصابَ _في تبديعه_ فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.!!!
فلماذا هذا التشنيع على الشيخ ربيع حامل لواء الجرح والتعديل في هذا الزمان بشهادة الأعلام
] .

يقال له - جوابك من وجوه - :
الوجه الأول : إن كان لا يسلم لنا أنها من المسائل الخلافية في المنهج والعقيدة فعليه أن يثبتها اتفاقا قبل الخوض في التبديع - أولا - ، فكما أن المثبت عليه الدليل فكذلك النافي لا فرق بينهما في هذا النوع من المسائل ، فمن زعم الإجماع فعليه ذكره بلا قوادح فيه ، ومن وقف على الخلاف ارتفع القول بالإجماع المظنون - وهذا يختلف عن مسألة حكم الخلاف بعد انعقاد الإجماع عند الأصوليين - .

الوجه الثاني : كيف يمكن القول بانعقاد اجماع مظنون مع وجود خلاف مشتهر عند أولي العلم ، فكم من المسائل قال بها الشيخ ربيع خالفه فيها كبار أهل العلم ، فالشيخ يبدع - على سبيل المثال - بحمل المجمل على المفصل ، وقد قرره أكثر جماهير أهل العلم في القديم والحديث ، فضلا أن كبار السلفيين المعاصرين كالعباد ، والفوزان ، وآل الشيخ ، وزيد المدخلي ، والراجحي ، والألباني ، وابن عثيمين ، والجامي ، والوادعي .. على خلافه فيها ؟!
وقل - كذلك - في العديد من المسائل التي أحدثها الشيخ ربيع ؛ فمن أين لهم فيها الاتفاق ؟!


الوجه الثالث : إن تنزلنا لإخواننا بأنها محل اتفاق بين أهل السنة ولا يعتبر فيها اجتهاد لورود النصوص الحاكمة ، كما قال ابن تيمية : [ كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد أن الله لا يرى؛ لقوله: {لا تدركه الأبصار} ولقوله: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يدلان بطريق العموم .
وكما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يرى وفسروا قوله: {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح. أو من اعتقد أن الميت لا يعذب ببكاء الحي؛ لاعتقاده أن قوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} يدل على ذلك؛ وأن ذلك يقدم على رواية الراوي لأن السمع يغلط كما اعتقد ذلك طائفة من السلف والخلف. أو اعتقد أن الميت لا يسمع خطاب الحي؛ لاعتقاده أن قوله: {فإنك لا تسمع الموتى} يدل على ذلك. أو اعتقد أن الله لا يعجب كما اعتقد ذلك شريح؛ لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب والله منزه عن الجهل ...
أو اعتقد أن بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن؛ لأن ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظا من القرآن كإنكار بعضهم: {وقضى ربك} وقال: إنما هي ووصى ربك. وإنكار بعضهم قوله: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} وقال: إنما هو ميثاق بني إسرائيل وكذلك هي في قراءة عبد الله ، وإنكار بعضهم {أفلم ييأس الذين آمنوا} إنما هي أولم يتبين الذين آمنوا ، وكما أنكر عمر على هشام بن الحكم لما رآه يقرأ سورة الفرقان على غير ما قرأها ، وكما أنكر طائفة من السلف على بعض القراء بحروف لم يعرفوها حتى جمعهم عثمان على المصحف الإمام ، وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي؛ لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به. وأنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي؛ لكونهم ظنوا أن الإرادة لا تكون إلا بمعنى المشيئة لخلقها وقد علموا أن الله خالق كل شيء؛ وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والقرآن قد جاء بلفظ الإرادة بهذا المعنى وبهذا المعنى لكن كل طائفة عرفت أحد المعنيين وأنكرت الآخر
] .

فليس كل من خالف حكم عليه مباشرة من غير إقامة للحجة عليه ، وتفكيك الشبهات الحائلة للخلاص إلى الحق ، فإن ظهرت المعاندة بعد البيان فالحكم ينطبق عليه ، وإن كانت من المسائل المشتبهة في حقه ولم يحسن تفهمها وعرف حسن قصده ومحبته للحق فإن حكم عليه بالدنيا - تنفيرا مما هو عليه - فلا يقطع بهلاكه ، فقد لا يهلك لأسباب كثيرة ذكرها ابن تيمية في أسباب رفع العقوبة عمن خالف عقيدتنا .

الوجه الرابع : وكيف الحال والجارح قد يكون غالطا في حكاية مذهب المجروح ، فيجرح القائل بوحدة الأديان بمجرد موافقات إجمالية ، وعبارات محتملة ، مع اقتران كلام المجروح - صراحة - بما يدفع التهمة ؛ ولهذا من شرائط الجرح تفسيره بما يكون قادحا فقد يجرح الجارح بما لا يعد جرحا ! .

الوجه الخامس : ثم إذا أراد الجارح اعتبار إفراطه في التبديع اجتهادا ؛ فإن المحجوج تسعه الحجة باعتبار ما تلبس فيه من الاجتهاد ، هذه بتلك لا فرق (!) ، فإن زعم الجارج أن الاجتهاد لا يشمل مسائله ، فيقال للجارح : كذلك القول في اجتهادك فليس كل ما دخل سعة الاجتهاد من المقبول المعذور صاحبه ، فالعبرة : باستفراغ الوسع وبذل الجهد حتى العجز عن تمام المباحثة وكمال المواصلة فحينها يعذر الجارح وإن غلط ، وإلا فمجرد كون المسائل من الاجتهاد مع تفريط صاحبها عن طلب الحق فإنه غير معذور ، وقد حكم الألباني على من بدع المسلمين بغير حق برجوع الابتداع عليه إن لم يكن مصيبا .
والشيخ ربيع المدخلي قد جرج أناسا بغير حق ، واجتهاده في التبديع فيه إفراط فلا يدخل بالمعذورين من المجتهدين أحيانا ، فهل اجتهاده بجعل الشيخ الحلبي وزمرته كالماسونية وأعظم منها لتأصيلهم لحرب الإسلام من الاجتهاد الذي لا مجال بعده لمعرفة الحق ؟!
وهل اجتهاده بجعل المذكورين أشد ضلالا من الفرق من الخوارج والمعتزلة والروافض من الاجتهاد الذي لا مجال بعده لمعرفة الحق ؟!
وهل اجتهاده بجعل المذكورين من دعاة وحدة الأديان وتصحيح دين اليهود والنصارى من الاجتهاد الذي لا مجال بعده لمعرفة الحق ؟!
وهل اجتهاده في جعل المذكورين من أخطر أهل البدع بإطلاق ممن ينشر أصول الجهمية ويؤيدهم من الاجتهاد الذي لا مجال بعده لمعرفة الحق ؟!
وهل اجتهاده في اتهام الشيخ الحلبي باشتراط الاجماع في التجريح - مع نفيه له عشرات المرات - من الاجتهاد الذي لا مجال بعده لمعرفة الحق ؟!

الوجه السادس : نسأل الله أن تكون أحكام ربيع عن عجز لا إفراط ليدخل في دائرة الأجرين ؛ لكن في كثير من المقالات والقضايا تظهر علائم العناد واتباع الهوى ، وترك التراجع عن الباطل ، وهو على كل حال داخل في رتبة الاجتهاد مالم يظهر فيه إفراطه عن تحقيق الحق ، ويقال لمن يقول بأنه من المجتهدين وإن غلط لا يجوز لكم عند جماهير أهل العلم بعد معرفتكم لحاله متابعته على ما هو فيه ، فقد يستفرغ الشيخ ربيع جهده من غيرإفراط في الحكم على زيد وعمرو ويكون فيه مأجورا غير آثم - إن شاء الله - لكن من تابعه بعد معرفه غلطه فهو غير معذور عند المحققين من أهل العلم


__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس