النذير العريان بقلم : أبو محمد محمد أمين قندوز

[أبو سلمى]

النذير العريان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه.
يا قومي والله العظيم نصيحة .... من مشفق و أخ لكم معوان
حدثنا شيخنا مشهور بن حسن آل سلمان وهو يبكي عن الشيخ الألباني أنه قال لهم يوما: سيموت الألباني وستعرفون من هو الألباني.
حبر أتى من أرض ألبان فيا.... أهلا بمن قد جاء من ألبان¹
فالله يجزيه الذي هو أهله.... من جنة المأوى مع الرضوان
قد مات رحمه الله وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء فمرَّت علينا سنون عجاف تداعت علينا الفرق والجماعات والأحزاب كما تتداعى الأكلة على قصعتها فبدأوا ينقضون عرى المنهج السلفي الذي أفنى رحمه الله حياته للدفاع عنه عروة عروة ويهدمونه لبنة لبنة، وإن تعجب ـــ والعجب كثير ــ أن أتباعه ومحبيه كانوا ممن ينقضون ويهدمون ولكن عن غير قصد ولأسباب مختلفة.
وكان أشد الناقضين و الهادمين: منهج الشيخ ربيع المدخلي ومن تبعه ونَاوَأَهُ،و كنَّا منهم فتابعناه على كُره أحيانا ،و على تملُّق أحيانا أخرى .و كلٌّ بحسبه ، إلا قليلا منا ،منعا للتصادم، وجمع الكلمة زعمنا .بل قلنا أن من يذهب إلى السعودية و لا يزور الشيخ ربيعًا، كمن ذهب للأردن و لم يزر الإمام الألباني.فكان من علامات الشك على الأقل في منهج أي شيخ من مشايخ الدعوة السلفية هو عدم زيارة الشيخ ربيع .و صدَّق هو ذلك ،فطالبنا بأكثر مما هنالك وهو طاعته في كل ما يرى ،أو الإسقاط!!!
فلما رأينا ذلك ،تبنا إلى الله و تبرأنا مما ادعيناه فيه، و لكن في السرِّ!؟ و هذه عادتنا أننا نخطئ في العلن و نتبرأ من خطئنا في السرِّ. لهذا لم يكن له أثر فعلي على المنهج، فالإصلاح لا ينفع إلا مع البيان قال الله تعالى{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }أقول هذا آسفا ، و لتعذروني.
أقول لما رأينا منه ذلك ،حاولنا أن نرد عليه هذا المنهج ،و نبين له أنه غلا غلوًّا فاحشا في إسقاط كل من يخالفه الرأي.و أنه غير سلفي ،و أنه ...و أنه ...ومن كان هذا حاله فالواجب ترك قوله في الرجال² إعمالاً لقواعد السلف.فليس أحد أكبر من الحق،ولا هو أجلُّ من أبي نعيم الفضل بن دكين أو عفان بن مسلم .قال ابن أبي حاتم " وقد كان من أكابر المحدثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعوَّل عليه ولا يلتفت إليه".قال الامام علي ابن المدينى وهو من أئمة هذا الشأن (أبونعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحدا إلا وقعوا فيه) قال الشيخ المعلمي:وأبونعيم وعفان من الأجلة، والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما في الرجال ومع ذلك لا تكاد تجد في كتب الفن نقل شيء من كلامهما.
لكننا وقعنا في داهية دهياء .و هو أنه لِنَّا لِينًا مقيتًا في مقابل هذا الغلوِّ الفاحش في الجرح ،فعدَّلنا كل موقوذة و متردية و نطيحة و ما أكل السبع.كأن لا وسط ،إما يمين و إما يسار،و كل شرٌّ.
و قد قال الحافظ ابن حجر: ولْيَحْذَرِ المتكلِّمُ في هذا الفنِّ مِن التَّساهُلِ في الجَرْحِ والتَّعديلِ، فإِنَّهُ إِنْ عدَّلَ أَحداً بغيرِ تثبُّتِ كانَ كالمُثْبِتِ حُكْماً ليسَ بثابتٍ، فيُخْشى عليهِ أَنْ يدْخُلَ في زُمرةِ «مَن روى حَديثاً وهُو يظنُّ أَنَّهُ كَذِبٌ» .
وإِنْ جَرَّحَ بغيرِ تَحرُّزٍ، فإِنَّه أَقْدَمَ على الطَّعنِ في مُسلمٍ بَريءٍ مِن ذلك، ووسَمَهُ بِميْسَمِ سُوءٍ يَبْقى عليهِ عارُهُ أَبداً.
و قال رحمه الله: "لا يُقْبَلَ الجَرْحُ والتَّعْديلُ إِلاَّ مِن عدلٍ مُتَيَقِّظٍ، فلا يُقْبَلُ جَرْحُ مَنْ أَفْرَطَ فيهِ مُجَرِّحٌ بما لا يقْتَضي رَدَّ حديثِ المُحَدِّثِ.
كما لا يُقْبَلُ تزكِيَةُ مَن أَخَذَ بمجرَّدِ الظَّاهِرِ، فأَطلَقَ التَّزكيةَ."
هذا هو المنهج الحق،منهج الوسط بين الغالي فيه و الجافي عنه.أما نحن فبِتْنَا نزكِّي العوراء البيِّن عورها و العرجاء البيِّن ضلعها و الكسير التي لا تنقي.فعُدنا لا نجرِّح أحدا ،و إن كان مجروحا .بل إن بعض قنواتنا!!!قناتنا الفضائية _توَّقَف بثُّها الآن_كانت تقدم منظِّر القطبيين!؟
قعَّد أحدنا في بعض منتدياتنا _على أني لست من هواة النت _ أن كلام الأقران لا يقبل مطلقا وهذا غير صحيح بل قال الذهبي رحمه الله"كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى و عصبية لا يلتفت إليه بل يطوى و لا يروى" و قال أيضا "كلام الأقران يطوى و لا يروى فإن ذُكِر تأمله المحدث فإن وجد له متابعا و إلا أعرض عنه" و قال أيضا "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد..."
فأنت ترى أنه قيَّد الكلام بقيود و هي:
_ إذا كان بهوى و عصبية
_ إذا لم يكن له متابع
_ إذا كان لعداوة
_ إذا كان لمذهب
_ إذا كان لحسد
و لم يطلق كما أطلق صاحبنا ،و كذلك الصنعاني رحمه الله الذي استدلَّ بقوله.فقد قيَّد كما قيَّد الذهبي فقال:"لا يقبل الجرح من المتاعدين مجملا و لا مفسرا لمانع العداوة" و لا أدري كيف فهم هو منه ذلك.و إلا كان كلُّ الأقران متاعدين ،و لايقول بهذا أحد. فكلام الأقران الغالب عليه أنه لشيء في النفوس لا في المطلق .و لو قلنا بقول صاحبنا ،لأهدرنا كلام كثير من علمائنا رحمهم الله.
و الذي أوقعنا في مثل هذا هو رد فعل عكسي للمنهج الظالم الجائر،وهو الغلوّ في الجرح. كان المرجوُّ منَّا أن ننفي عن هذا العلم ،تحريف الغالين ،و انتحال المبطلين ، و تأويل الجاهلين.
و لكنَّ الفتنة كانت شديدة علينا ،فسقطنا فيها ،و لم نخرج بعدُ،نسأل الله السلامة و العافية.
إختلط المنهج على أهله،و لم يتميز.و الذي أعتقده يقينا ،أنه ليس المنهج الذي تركه لنا الألباني لنحمله بعده.منهج الوسطية ،منهج الحق و العدل،منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله ،فيه الحكمة و العقل!!!؟
الراسخون في العلم
1_ حين فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ_الإخوانية_في الإنتخابات النيابية الجزائرية في تسعينيات القرن الماضي ،قال عنها الإمام الألباني :فقاقيع صابون.ولم ينسق وراء عواطفه_الله أكبر الله أكبر ،الإسلام قادم،الإسلام سيحكم..._
كما سمعنا في وقت قريب مضى،تكلمت العواطف!وصمت العقل!وغاب العلم "النافع"!!!وسقطنا في رَدَغَة موحلة .
أما الإمام الألباني فكان كالطود الشامخ لا تهزُّه الفتن،وملجأ يعتصم به.فعصم الله به خلقا كثيرا كانوا سيسقطون في مضلات الهوى و...،فرحم الله الإمام الرباني محمد ناصر الدين الألباني.
2_سئل الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله هل الخروج ضد الحكام مسموح؟
الجواب: الخروج ضد الحكام بلية من البلايا التي ابتلي بها المسلمون من زمن قديم، وأهل السنة بحمد الله لا يرون الخروج على الحاكم المسلم ...
فالخروج على الحاكم يعتبر فتنة فبسببه تسفك الدماء ويضعف المسلمون، حتى لو كان الحاكم كافرًا فلا بد أن يكون لدى المسلمين القدرة على مواجهته، حتى لا تسفك دماء المسلمين، فإن الله عز وجل يقول: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا }.
فتاريخ أهل السنة من زمن قديم لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم وفي هذا الزمن الخروج على الحاكم الكافر لا بد أن يكون بشروط، فإذا كان جاهلاً لا بد أن يعلم، وألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، ولا تسفك دماء المسلمين.
_ما رأيك في الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين؟
الجواب: أما حركة (حماس) فلن تكون نصرًا للإسلام، ففيها الشيعي والإخواني الحزبي...جماعة حماس جماعة حزبية لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، وتنكر على أهل السنة. ولو حصل لهم نصر لفعلوا كما فعل في أفغانستان يوجه بعضهم إلى بعض المدفع والرشاش، لأنّهم ليسوا على قلب واحد.
هكذا هم الأئمة الربانيون، الراسخون في العلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
1ــ في الأصل "حران " والبيتان من الكافية الشافية المعروفة بالنونية لابن القيم رحمه الله .
2ـ ــ خاصة ،لا المبالغة في الإزدراء به و الحطِّ منه .و هذه آفة أخرى أكلت السلفيين بعد وفاة الإمام الألباني إما حبٌّ كامل أو بغض تام .لا مكان للوسط و العدل.



منقول من تويتر : أبو محمد محمد أمين قندوز