أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
65226 96660

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-15-2017, 11:30 AM
ابو العلاء السالمي ابو العلاء السالمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: الجزائر
المشاركات: 343
افتراضي نظرة سلوكية في منهج الغلاة


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

لايختلف الكثير منا، أن من الأسباب التي أوقعت غلاة التجريح في غلوهم الفاحش، والذي أفسدوا به الدعوة السلفية وأوقعوا الفرقة والخلاف بين المنتسبين إليها:


1- سوء الفهم.

2- الجهل بمقاصد الشريعة وقواعدها.

3- الهوى وحظ النفس.


لكن قد لا يرى الكثير منا، أن من هذه الأسباب كذلك -في نظري والله تعالى أعلم-، سبب نفسي سلوكي، لايقل أهمية عن غيره من الأسباب ، كان له أثره البالغ في منهجهم، ألا وهو أنهم قد جٌبلوا على الشدة والقسوة، فساءت بذلك أخلاقهم وطباعهم، إذ لم يحملوها ويعودوها على مكارم الأخلاق، فالطّباع والسلوك، في أكثر أحوالها، وليدة الأصول والمعادن، ولها أثرها في حياة الناس سلبا وإيجابا، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "النَّاسُ معادِنُ كمعادنِ الفضَّةِ والذَّهبِ، خيارُهم في الجاهليَّةِ خيارُهم في الإسلامِ إذا فقِهوا، والأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ، فما تعارف منها ائْتَلف، وما تناكَر منها اخْتَلف." رواه مسلم ، (2638).


أي أن الناس أصولٌ مختلفة، سواء من جهة الخير أو من جهة الشر، فمن كان من معدن طيب، جُبل غالبا على الخير، ومن كان من معدن خبيث، جبل غالبا على الشر، وذلك بحسب الأصول، فالأخلاق والسلوكيات تُتوارث باختلاف المعادن، كما أنها تكتسب بحسب البيئة وطرائق التعليم، كمن جاهد نفسه ، وخالف هواها، و حملها على اتباع الهدى، وعودها على مكارم الأخلاق، فالعلم بالتعلّم والحلم بالتحلّم.

ومن كانوا الأفضل في معادنهم في الجاهلية، فإنهم الأفضل كذلك إذا دخلوا في الإسلام، بل ويزدادون بذلك رفعة ومنزلة، وكذلك من كان أفضل في معدنه قبل الإستقامة والتفقه في الدين، فإنه يكون الأفضل بعدها.

كما أن الأرواح تأتلف وتتنافر، بحسب ما جُبلت عليه طبعا وسلوكا، فتميل بطبعها إلى مثيلاتها ونظائرها، وتنفر ممن يضادها يخالفها، وهذا واقع معاش بين الناس.


جاء في فيض القدير للمناوي:

"تجدون الناس معادن أي أصولا مختلفة ما بين نفيس وخسيس كما أن المعدن كذلك (فخيارهم في الجاهلية) هم (خيارهم في الإسلام) قال الرافعي رحمه الله: وجه الشبه أن اختلاف الناس في الغرائز والطبائع كاختلاف المعادن في الجواهر وأن رسوخ الاختلاف في النفوس كرسوخ عروق المعادن فيه وأن المعادن كما أن منه ما لا تتغير صفته فكذا صفة الشرف لا تتغير في ذاتها بل من كان شريفا في الجاهلية فهو بالنسبة إلى أهل الجاهلية رأس فإن أسلم استمر شرفه فكان أشرف ممن أسلم من المشروفين في الجاهلية ثم لما أطلق الحكم خصه بقوله (إذا فقهوا) بضم القاف على الأجود ذكره أبو البقاء أي صاروا فقهاء ففيه إشارة إلى أن نوع الإنسان إنما يتميز عن بقية الحيوان بالعلم وأن الشرف الإسلامي لا يتم إلا بالفقه وأنه الفضيلة العظمى والنعمة الكبرى والمراد بالخيار في هذا ونحوه من كان متصفا بمحاسن الأخلاق كالكرم والفقه والحلم وغيرها متوقيا لمساوئها كالبخل والفجور والظلم وغيرها"

[فيض القدير، 3/229]



وقد قيل، الودّ والعداوة يُتوارثان، ويُحكى: أن أعرابيا أخذ جَرو ذئب، فربّاه بلبن شاة عنده، وقال: إذا ربّيته مع الشاة أنِس بها، فيذبّ عنها ويكون أشدّ من الكلب، ولا يعرف طبْع أجناسه، فلما قوي وثب على شاة فافترسها، فقال الأعرابي:

أكلْت شُوَيهيتي ونَشأتَ فينا *** فَما أدْراك أنّ أباك ذيبُ.


و كما هو معلوم، أن المعادن لايتم الكشف عن حقيقتها والتمييز بينها، إلا بعرضها على النار، فكلما اشتدت حرارة النار ولهيبها، كلما ظهرت تلك المعادن على حقيقتها، وانفصلت عن غيرها، وكذلك القوم، فقد ظهروا وبانت حقيقتهم في الفتن، وكانوا من أشد الناس ولوغا فيها وترويجا لها، والله المستعان.

فالقوم قد جُبلوا على القسوة المفرطة، وشدة الغضب، وسرعة الإنفعال، و الإنتقام للنفس، ومن جالسهم وسمع كلامهم وردودهم عرف ذلك، فكان لهذه السلوكيات أثرها الكبييييير في اعوجاج منهجهم، وانحرافهم عن الجادة، فقد عاشوا حِقبة من الزمن -ولايزالون-، يسقطون الأفاضل من أهل السنة، تبديعا وتجريحا، حتى أنهم حاموا حول تكفيرهم والله المستعان.

أسأل الله أن يطهر قلوبهم و يردهم إلى الحق ردا جميلا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

__________________

{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10]
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.