أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
86644 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 11-09-2010, 10:40 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

وقوله: وتفسيره على ما أراد الله وعلمه، إلى أن قال: لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا.
أي كما فعلت المعتزلة بنصوص الكتاب والسنة في الرؤية، وذلك تحريف لكلام الله وكلام رسوله عن مواضعه, فالتأويل الصحيح هو الذي يوافق ما جاءت به السنة، والفاسد المخالف له, فكل تأويل لم يدل عليه دليل من السياق، ولا معه قرينة تقتضيه، فإن هذا لا يقصده المبين الهادي بكلامه، إذ لو قصده لحف بالكلام قرائن تدل على المعنى المخالف لظاهره، حتى لا يوقع السامع في اللبس والخطأ، فإن الله أنزل كلامه بيانا وهدى، فإذا أراد به خلاف ظاهره، ولم يحف به قرائن تدل على المعنى الذي يتبادر غيره إلى فهم كل أحد، لم يكن بيانا ولا هدى, فالتأويل إخبار بمراد المتكلم، لا إنشاء.
وقوله: فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه.
أي: سلم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل! والعقل أصل النقل!! فإذا عارضه قدمنا العقل!! وهذا لا يكون قط.
إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل، لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع النقيضين، وتقديم العقل ممتنع؛ لأن العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، ولو أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضًا للنقل؛ لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء، فكان تقديم العقل موجبًا عدم تقديمه، فلا يجوز تقديمه, وهذا بين
قال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حمر النعم، أقبلت أنا وأخي، وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حجرة، إذ ذكروا آية من القران، فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا، قد احمروجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: "مهلا يا قوم! بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، بل يصدق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" صحيح وأخرجه البغوي أيضا في شرح السنة رقم "121" طبع المكتب الإسلامي.
ولا شك أن الله قد حرم القول عليه بغير علم، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]. وقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36].
فعلى العبد أن يجعل ما بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه، فيصدق بأنه حق وصدق، وما سواه من كلام سائر الناس يعرضه عليه، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل، وان لم يعلم: هل خالفه أو وافقه, يكون ذلك الكلام مجملا لا يعرف مراد صاحبه، أو قد عرف مراده لكن لم يعرف هل جاء الرسول بتصديقه أو بتكذيبه فإنه يمسك عنه، ولا يتكلم إلا بعلم، والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول، وقد يكون علم من غير الرسول، لكن في الأمور الدنيوية، مثل الطب والحساب والفلاحة، وأما الأمور الإلهية والمعارف الدينية، فهذه العلم فيها ما أخذ عن الرسول لا غير.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 11-09-2010, 10:43 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "ولا تثبت قدم الإسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام".
هذا من باب الاستعارة، إذ القدم الحسي لا تثبت إلا على ظهر شيء. أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين، وينقاد إليها، ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه.
روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال: من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التسليم. وهذا كلام جامع نافع.
وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو: أن العقل مع النقل كالعامي
والعاقل يعلم أن الرسول معصوم في خبره عن الله تعالى، لا يجوز عليه الخطأ، فيجب عليه التسليم له والانقياد لأمره
قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [النور: 54]. وقال: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: 35]. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 4]. {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]. {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الدخان: 1, 2]. {تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 2]. {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111]. {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 11-10-2010, 10:38 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان".
هذا تقرير للكلام الأول، وزيادة تحذير أن يتكلم في أصول الدين, بل وفي غيرها, بغير علم. وقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]. وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: 3, 4]. وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ، ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج 8, 9 ]. وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50]. وقال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل" , ثم تلا: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} [الزخرف: 58]. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" . خرجاه في "الصحيحين".
ولا شك أن من لم يسلم للرسول نقص توحيده، فإنه يقول برأيه وهواه، ويقلد ذا رأي وهوى بغير هدى من الله، فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول، فإنه قد اتخذه في ذلك إلها غير الله. قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43]. أي: عبد ما تهواه نفسه.
وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق، كما قال عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها

فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة، ويعارضونها بها، ويقدمونها على حكم الله ورسوله.
وأحبار السوء، وهم العلماء الخارجون عن الشريعة بآرائهم وأقيستهم الفاسدة، المتضمنة تحليل ما حرم الله ورسوله، وتحريم ما أباحه، واعتبار ما ألغاه، وإلغاء ما اعتبره، وإطلاق ما قيده، وتقييد ما أطلقه، ونحو ذلك.
والرهبان وهم جهال المتصوفة، المعترضون على حقائق الإيمان والشرع، بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، والتعوض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان وحظوظ النفس. فقال الأولون: إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة! وقال الآخرون: إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل! وقال أصحاب الذوق إذا تعارض الذوق والكشف، وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف.
كل من قال برأيه وذوقه وسياسته مع وجود النص، أو عارض النص بالمعقول, فقد ضاهى إبليس، حيث لم يسلم لأمر ربه، بل قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]. وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80]. وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]. وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا نبيه ويرضوا بحكمه ويسلموا تسليما.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 11-10-2010, 10:44 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، موسوسا تائها، شكا، لا مؤمنا مصدقا، ولا جاحدا مكذبا".
يتذبذب: يضطرب ويتردد, وهذه الحالة التي وصفها الشيخ رحمه الله حال كل من عدل عن الكتاب والسنة إلى علم الكلام المذموم، أو أراد أن يجمع بينه وبين الكتاب والسنة، وعند التعارض يتأول النص ويرده إلى الرأي والآراء المختلفة، فيؤول أمره إلى الحيرة والضلال والشك.
كما قال ابن رشد الحفيد، وهو من أعلم الناس بمذاهب الفلاسفة ومقالاتهم، في كتابه تهافت التهافت: ومن الذي قال في الإلهيات شيئا يعتد به؟
، وكذلك الآمدي، أفضل أهل زمانه، واقف في المسائل الكبار حائر ، وكذلك الغزالي رحمه الله انتهى آخر أمره إلى الوقف والحيرة في المسائل الكلامية، ثم أعرض عن تلك الطرق وأقبل على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فمات و[صحيح الإمام] البخاري على صدره. وكذلك أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، قال في كتابه الذي صنفه: [أقسام] اللذات:
نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
فكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها ... رجال فزالوا والجبال جبال
لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]. وأقرأ في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]. ثم قال: "ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي".

وكذلك قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم، حيث قال:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعًا كف حائر ... على ذقن أو قارعًا سن نادم
وكذلك قال أبو المعالي الجويني: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به. وقال عند موته: لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي، أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور.
قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب.
وقال الشافعي رحمه الله: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام. وقال: لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه -ما خلا الشرك بالله- خير له من أن يبتلى بالكلام.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 11-10-2010, 10:50 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم، أو تأولها بفهم، إذ كان تأويل الرؤية -وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية- بترك التأويل، ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين".
يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على المعتزلة ومن يقول بقولهم في نفي الرؤية، وعلى من يشبه الله بشيء من مخلوقاته, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر" متفق عليه ، الحديث: أدخل كاف التشبيه على ما المصدرية أو الموصولة بترون التي تتأول مع صلتها إلى المصدر الذي هو الرؤية، فيكون التشبيه في الرؤية لا في المرئي. وهذا بين واضح في أن المراد إثبات الرؤية وتحقيقها، ودفع الاحتمالات عنها. وماذا بعد هذا البيان وهذا الإيضاح؟! فإذا سلط التأويل على مثل هذا النص، كيف يستدل بنص من النصوص؟!
وقوله: "لمن اعتبرها منهم بوهم"، أي توهم أن الله تعالى يرى على صفة كذا، فيتوهم تشبيها، ثم بعد هذا التوهم -إن أثبت ما توهمه من الوصف- فهو مشبه، وإن نفى الرؤية من أصلها لأجل ذلك التوهم, فهو جاحد معطل, بل الواجب دفع ذلك الوهم وحده، ولا يعم بنفيه الحق والباطل، فينفيهما ردا على من أثبت الباطل، بل الواجب رد الباطل وإثبات الحق.
وإلى هذا المعنى أشار الشيخ رحمه الله بقوله: ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه
وقوله: "أو تأولها بفهم" أي ادعى أنه فهم لها تأويلا يخالف ظاهرها، وما يفهمه كل عربي من معناها، فإنه قد صار اصطلاح المتأخرين في معنى التأويل: أنه صرف اللفظ عن ظاهره، وبهذا تسلط المحرفون على النصوص، وقالوا: نحن نتأول ما يخالف قولنا، فسموا التحريف: تأويلا، تزيينا له وزخرفة ليقبل، وقد ذم الله الذين زخرفوا الباطل، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]. والعبرة للمعاني لا للألفاظ, فكم من باطل قد أقيم عليه دليل مزخرف عورض به دليل الحق.
قوله: إذا كان تأويل الرؤية, وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل، ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين. ومراده ترك التأويل الذي يسمونه تأويلا، وهو تحريف, ولكن الشيخ رحمه الله تأدب وجادل بالتي هي أحسن، كما أمر الله تعالى بقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} [النحل: 125]. وليس مراده ترك كل ما يسمى تأويلا، ولا ترك شيئا من الظواهر لبعض الناس لدليل راجح من الكتاب والسنة, وإنما مراده ترك التأويلات الفاسدة المبتدعة، المخالفة لمذهب السلف، التي يدل الكتاب والسنة على فسادها، وترك القول على الله بلا علم.
فمن التأويلات الفاسدة، تأويل أدلة الرؤية، وأدلة العلو، وأنه لم يكلم موسى تكليما، ولم يتخذ إبراهيم خليلا! ثم قد صار لفظ "التأويل" مستعملا في غير معناه الأصلي.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 11-11-2010, 10:34 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه".
النفي والتشبيه مرضان من أمراض القلوب، فإن أمراض القلوب نوعان: مرض شبهة، ومرض شهوة، وكلاهما مذكور في القرآن، قال تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]. فهذا مرض الشهوة، وقال تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]. وقال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 125]. فهذا مرض الشبهة، وهو أردأ من مرض الشهوة، إذ مرض الشهوة يرجى له الشفاء بقضاء الشهوة، ومرض الشبهة لا شفاء له إن لم يتداركه الله برحمته. والشبهة التي في مسألة الصفات نفيها وتشبيهها، وشبه النفي أردأ من شبه التشبيه، فإن شبه النفي رد وتكذيب لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وشبه التشبيه غلو مجاوزة للحد فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. وتشبيه الله بخلقه كفر فإن الله تعالى يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ} [الشورى: 11]، ونفي الصفات كفر، فان الله تعالى يقول: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. وهذا أصل نوعي التشبيه، فإن التشبيه نوعان: تشبيه الخالق بالمخلوق، وهذا الذي يتعب أهل الكلام في رده وإبطاله، وأهله في الناس أقل من النوع الثاني، الذين هم أهل تشبيه المخلوق بالخالق، كعباد المشايخ، وعزير، والشمس والقمر، والأصنام، والملائكة، والنار، والماء، والعجل، والقبور، والجن، وغير ذلك. وهؤلاء هم الذين أرسلت لهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 11-11-2010, 10:36 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية".
يشير الشيخ رحمه الله إلى تنزيه الرب تعالى بالذي هو وصفه كما وصف نفسه نفيا وإثباتا, وكلام الشيخ مأخوذ من معنى سورة الإخلاص, فقوله: موصوف بصفات الوحدانية مأخوذ من قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1, 2]. .وقوله: منعوت بنعوت الفردانية من قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 2, 3 ].
وقوله: ليس في معناه أحد من البرية من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4].
وهو أيضا مؤكد لما تقدم من إثبات الصفات ونفي التشبيه
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 11-13-2010, 06:04 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات".
مقدمة، وهي: أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل، وهم المتبعون للسلف، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين، ما أثبت بها فهو ثابت، وما نفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي, ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا، ويذكرون عن مثبتها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلا، مخالفا لقول السلف، ولما دل عليه الكتاب والميزان, ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون.
فالواجب أن ينظر في هذا الباب، أعني باب الصفات، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه, والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني, وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها: فإن كان معنى صحيحا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة، إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، ونحو ذلك.
والشيخ رحمه الله أراد الرد بهذا الكلام على المشبهة، كداود الجواربي وأمثاله القائلين: إن الله جسم، وإنه جثة وأعضاء وغير ذلك! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا, فالمعنى الذي أراده الشيخ رحمه الله من النفي الذي ذكره هنا حق، لكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقا وباطلا، فيحتاج إلى بيان ذلك. وهو: أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا، وأنهم لا يحدون شيئا من صفاته.
قال أبو داود الطيالسيى: كان سفيان وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة, لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف؟ وإذا سئلوا قالوا بالأثر
سئل عبد الله بن المبارك: بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه على العرش، بائن من خلقه، قيل: بحد؟ قال: بحد، انتهى. ومن المعلوم أن الحد يقال على ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره، والله تعالى غير حال في خلقه، ولا قائم بهم، بل هو القيوم القائم بنفسه، المقيم لما سواه, فالحد بهذا المعنى لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلا، فإنه ليس وراء نفيه إلا نفي وجود الرب ونفي حقيقته, وأما الحد بمعنى العلم والقول، وهو أن يحده العباد، فهذا منتف بلا منازعة بين أهل السنة.

وعن سهل بن عبد الله التستري قال وقد سئل عن ذات الله : ذات الله موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة، ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان، من غير حد ولا إحاطة ولا حلول، وتراه العيون في العقبى، ظاهرا في ملكه وقدرته، وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه، والعيون لا تدركه، ينظر إليه المؤمن بالأبصار، من غير إحاطة ولا إدراك نهاية.
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في "الفقه الأكبر": له يد ووجه ونفس، كما ذكر تعالى في القرآن من ذكر اليد والوجه والنفس، فهو له صفة بلا كيف، ولا يقال: أن يده قدرته ونعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة، انتهى. وهذا الذي قاله الإمام رضي الله عنه، ثابت بالأدلة القاطعة؛ قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]. وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]. {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]. وقال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] ، وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]. وقال تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]. وقال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة لما يأتي الناس آدم فيقولون له: "خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء" صحيح، أخرجه البخاري "4/ 454، 464" وأحمد "3/ 116" في حديث الشفاعة من حديث أنس، الحديث. ولا يصح تأويل من قال: إن المراد باليد: بالقدرة، فإن قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. لا يصح أن يكون معناه بقدرتي مع تثنية اليد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: "حجابه النور، ولو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" صحيح.
ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء، أو جوارح، أو أدوات، أو أركان؛ لأن الركن جزء الماهية، والله تعالى هو الأحد الصمد، لا يتجزأ، سبحانه وتعالى، والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية، تعالى الله عن ذلك، ومن هذا المعنى قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ} [الحجر: 91]. والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع, وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة, وكل هذه المعاني منتفية عن الله تعالى، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله تعالى, فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني، سالمة من الاحتمالات الفاسدة، فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفيا ولا إثباتا، لئلا يثبت معنى فاسد، أو ينفى معنى صحيح, وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل.
وقول الشيخ رحمه الله: لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات, هو حق، باعتبار أنه لا يحيط به شيء من مخلوقاته، بل هو محيط بكل شيء وفوقه, وهذا المعنى هو الذي أراده الشيخ رحمه الله، لما يأتي في كلامه: أنه تعالى محيط بكل شيء وفوقه. فإذا جمع بين كلاميه، وهو قوله: لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وقوله: محيط بكل شيء وفوقه, علم أن مراده أن الله تعالى لا يحويه شيء، ولا يحيط به شيء، كما يكون لغيره من المخلوقات، وأنه تعالى هو المحيط بكل شيء، العالي عن كل شيء.
قال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني: سمعت الأستاذ أبا منصور بن حماد -بعد روايته حديث النزول- يقول: سئل أبو حنيفة رضي الله عنه؟ فقال: ينزل بلا كيف.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 12-11-2010, 06:34 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "والمعراج حق، وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقظة، إلى السماء, ثم إلى حيث شاء الله من العلا وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى, فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى".
"المعراج": مفعال، من العروج، أي الآلة التي يعرج فيها، أي يصعد، وهو بمنزلة السلم، لكن لا يعلم كيف هو، وحكمه كحكم غيره من المغيبات، نؤمن به ولا نشتغل بكيفيته.
وقوله: وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقظة, اختلف الناس في الإسراء.
فقيل: كان الإسراء بروحه ولم يفقد جسده، نقله ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما، ونقل عن الحسن البصري نحوه, لكن ينبغي أن يعرف الفرق بين أن يقال: كان الإسراء مناما، وبين أن يقال: كان بروحه دون جسده، وبينهما فرق عظيم, فعائشة ومعاوية رضي الله عنهما لم يقولا: كان مناما، وإنما قالا: أسري بروحه ولم يفقد جسده، وفرق ما بين الأمرين: أن ما يراه النائم قد يكون أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة، فيرى كأنه قد عرج إلى السماء، وذهب به إلى مكة، وروحه لم تصعد ولم تذهب، وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال, فما أراد1 أن الإسراء مناما، وإنما أراد أن الروح ذاتها أسري بها، ففارقت الجسد ثم عادت إليه، ويجعلان هذا من خصائصه، فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت.
وقيل: كان الإسراء مرتين، مرة يقظة، ومرة مناما, وأصحاب هذا القول كأنهم أرادوا الجمع بين حديث شريك وقوله: ثم "استيقظت"، وبين سائر الروايات. وكذلك منهم من قال: بل كان مرتين، مرة قبل الوحي، ومرة بعده, ومنهم من قال: بل ثلاث مرات، مرة قبل الوحي، ومرتين بعده, وكلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة، للتوفيق!! وهذا يفعله ضعفاء أهل الحديث، وإلا فالذي عليه أئمة النقل: أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة، بعد البعثة، قبل الهجرة بسنة، وقيل: بسنة وشهرين، ذكره ابن عبد البر.
قال شمس الدين ابن القيم: يا عجبا لهؤلاء الذين زعموا أنه كان مرارا! كيف ساغ لهم أن يظنوا أنه في كل مرة يفرض عليهم الصلوات خمسين، ثم يتردد بين ربه وبين موسى حتى تصير خمسا، فيقول: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، ثم يعيدها في المرة الثانية إلى خمسين، ثم يحطها إلى خمس؟! وقد غلط الحفاظ شريكا في ألفاظ من حديث الإسراء، ومسلم أورد المسند منه، ثم قال: "فقدم وأخر وزاد ونقص", ولم يسرد الحديث, وأجاد رحمه الله. انتهى كلام الشيخ شمس الدين رحمه الله.
وكان من حديث الإسراء: أنه صلى الله عليه وسلم أسري بجسده في اليقظة، على الصحيح، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، راكبا على البراق، صحبة جبرائيل عليه السلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد, وقد قيل: إنه نزل بيت لحم وصلى فيه، ولا يصح عنه ذلك البتة , ثم عرج من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبرائيل، ففتح لهما، فرأى هناك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام، وأقر بنبوته .....
ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة، قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1]. والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح, فيكون الإسراء بهذا المجموع، ولا يمتنع ذلك عقلا، ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر.
[COLOR="Purple"]وفي حديث المعراج دليل على ثبوت صفة العلو لله تعالى من وجوه، لمن تدبره، وبالله التوفيق.

----------
1: لم يصح ذلك عنهما، فهو في غنية عن التأويل.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 12-12-2010, 05:54 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

قوله: "والحوض -الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته- حق".
الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيا، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير، تغمده الله برحمته، في آخر تاريخه الكبير، المسمى بـ"البداية والنهاية". فمنها: ما رواه البخاري رحمه الله تعالى، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن قدر حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء من اليمن، وأن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء" صحيح، وروى منه أحمد "3/ 225، 238" بإسنادين صحيحين الشطر الثاني، وزاد في أحدهما "أباريق الذهب والفضة" وهو رواية لمسلم، ورواه البخاري أيضا "4/ 248" بتمامه.
, وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليردن علي ناس من أصحابي، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك" صحيح، ورواه البخاري أيضا "4/ 248، 249" فلو عزاه إليه المؤلف لكان أولى، فإن اللفظ، ولفظ مسلم "7/ 70-71" بنحوه.
. رواه مسلم. وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك، قال: أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاة، فرفع رأسه مبتسما، إما قال لهم، وإما قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه أنزلت عليّ آنفا سورة" ، فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، حتى ختمها، ثم قال لهم: "هل تدرون ما الكوثر؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة، عليه خير كثير، ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يختلج العبد منهم، فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" . صحيح، وهو في "المسند" "3/ 102" بسند صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه" كما ذكر المؤلف.
ورواه مسلم، ولفظه: "هو نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة" ، والباقي مثله. ومعنى ذلك أنه يشخب فيه ميزابان من ذلك الكوثر إلى الحوض، والحوض في العرصات قبل الصراط؛ لأنه يختلج عنه، ويمنع منه، أقوام قد ارتدوا على أعقابهم، ومثل هؤلاء لا يجاوزون الصراط قال العلامة أبو عبد الله القرطبي [رحمه الله] في "التذكرة": واختلف في الميزان والحوض: أيهما يكون قبل الآخر؟ فقيل: الميزان، وقيل: الحوض. قال أبو الحسن القابسي: والصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي: والمعنى يقتضيه، فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم، كما تقدم فيقدم قبل الميزان والصراط ]
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.