أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
109813 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-19-2011, 06:19 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي شبهــة في التـوحيـــد والإجـابـة عنهــا

شبهة في التوحيد
والاجابة عنها



بقلم : أبي العبدين البصري




بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره( ) ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
"يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا اللّه حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ ". آل عمران: 102.
"يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به والأرْحامَ إِنَّ اللّه كانَ عليكم رَقيباً" النساء:1.
يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا اللّه وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع اللّه ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً الأحزاب: 70- 71.
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اما بعد فان سبب البحث في هذا الموضوع هو الدفاع عن التوحيد أولاً، وعن جانب المصطفى  ثانياً. إذ اني في اثناء قراءتي في السير للأمام الذهبي وقع نظري على رواية زيد بن حارثة، حيث ان فيها أمراً يمس جانب التوحيد الذي هو (ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون، يؤثر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جدا، أدنى شيء يؤثر فيها، ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية.
فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده وإلا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعُه)( )
بله الشبهة التي هي أخطر وأضر على العباد مما سبق في كلام ابن القيم.
فكان لزاماً على أهله وحملة رايته تعليمه للناس أبتداءً والدفاع عنه وحمايته وصيانته أنتهاءً، وإنه لمن المؤسف أن ينشغل الشباب المسلم عن تعلم التوحيد وتعليمه ليلاً ونهاراً بتصنيف الناس بين الظن واليقين!!
فالتوحيد( هومفزَع اعدائه واوليائه، فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون واما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها، ولذلك فزع اليه يونس فنجّاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون فى الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة ولما فزع اليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لان الايمان عند المعاينة لا يقبل هذه سنة الله فى عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التى ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقى فى الكرب العظام الا الشرك ولا ينجى منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وبالله التوفيق)( )
فهذا هو التوحيد الذي هو أصل الإسلام وهو دين الله الذي بعث به جميع رسله وله خلق الخلق، وهو حقه على عباده وهو الفارق بين الموحدين والمشركين وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين الخالدين فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وأعلم ايها الموفق أن أحق الناس برحمته سبحانه وتعالى هم أهل التوحيد والإخلاص له فكل من كان أكمل في تحقيق إخلاص لا إله إلا الله علما وعقيدة وعملا وبراءة وموالاة ومعاداة كان أحق بالرحمة كما قال تعالى({وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وأعظم الناس أحساناً هم أهل توحيده والإخلاص له سبحانه و أهل التوحيد هم المستحقون للشفاعة يوم القيامة كما ثبت في الصحيح أن أبا هريرة رضي الله عنه قال يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فقال: (يا أبا هريرة لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه)
وليس المراد هنا هو بيان فضائل التوحيد لكن التنويه لشيء يسير منه وإلا فان فضائله لا تعد ولا تحصى فحسبك به فضيلة أن أهله لهم الهداية في الدنيا والأمن في الآخرة كما أخبر الحق سبحانه ({الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] يعني أنهم لم يخلطوا إيمانهم بظلم، والظلم هنا فسر بالشرك، فقد جاء في الحديث الصحيح أنه لما نزلت هذه الآية قال الصحابة: ( أينا لا يظلم نفسه؟ )، قال: (ذلك الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
واذا كان الأمر كذلك وهذا هو حال التوحيد وهذه مكانته في الدين بهذا السمو والعلو كان من أعظم الوجبات هو الدفاع عنه ورد كل شبهة تمس جنابه ولاسيما اليوم، فالعالم يبدو كقرية واحدة بسبب انتشار وسائل الأعلام وكثرة الفضائيات؛ لذلك أصبحت الشبهة تلقى بكل سهولة ويسمعها آلالف الناس الذين ليس من شأنهم سماع الشبهات! فضلاً عن ردها، فلذلك وجب على أهل التوحيد أن يجتهدوا أكثر فأكثر في الدفاع عنه،والدعوى إليه والذب عنه ودفع كل شبهة من شأنها أن تشكك فيه،
فكان هذا البحث جزء يسيرا من هذا الواجب لعلي أكون قد ساهمت في الدفاع عن هذه العقيدة الطيبة التي أدين لله بها واسأله سبحانه ان يتوفاني عليها فأقول مستعينا بالله تعالى. وقد قسمته الى خمسة ابواب و اثنتي عشر فصلا سائلا المولى سبحانه الاعانة والتوفيق.














• الباب الاول
وفيه فصلين
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة
• الباب الثاني:
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول ذكرالروايات
الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث
• الباب الثالث: عصمة النبي صلى الله عليه واله وسلم؟
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث:الادلة على عصمته قبل النبوة عليه السلا
• الباب الرابع
وفيه فصلين
الفصل الاول في بيان معنى اية الشورى ({وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]
الفصل الثاني في بيان معنى اية الضحى{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7
• الباب الخامس
فيه فصلين
الفصل الاول ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني تليخص التوجيهات المذكورة

الباب الاول
وفيه فصلين
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة

الفصل الاول
تعريف الشبهة

الشبهة لغة: الالتباس والاختلاط. وشرعا:هي وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق وذلك بسبب التباس الحق بالباطل حتى لا يتبن( ) اذا الشبهه سميت بذلك لأنها تشبه الحق من وجه وهي مباينة له من وجه اخر قال:الشيخ العلامة المتفنن صالح ال الشيخ حفظه تعالى في شرحه على كشف الشبهات (الشبهات جمع شبهة وهي المسألة التي جعلت شبها بالحق ؛ لأن الحق عليه دليل بين واضح، وسميت شبهة لأنها مسألة من مسائل العلم أورد عليها أصحابها بعض الأدلة التي يظنونها علما فهي عبارة عن تشبيه الباطل بالحق فاذا شبه الباطل بالحق من جهة أن الباطل له دليل وله برهان صارت هذه المسألة إذا عورض بها الحق شبهة (والشبهة والمشبهة )هي المسألة المعضلة أو المشكلة التي تلتبس على الناس كما جاء في بعض ألفاظ حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه(الحلال بين والحرام بين وبين الحلال والحرام أمور متشابهات) ( )
فسميت (مشبهة ومشتبهة)لأن الأمر يشتبه على الناظر فيها. ثم قال حفظه الله تعالى:"ولا شك ان ازلة الشبهات من أصول هذا الدين ؛لأن الله جل وعلا رد على المشركين في القران ودحض شبهاتهم وأقوالهم قال جل وعلا:{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 16]
فكل من يجادل بالباطل له حجة وله علم لكن حجته داحضة. فإزالة الشبه التي شبه بها أعداء الملة والدين فرض من الفروض في هذه الشريعة. وواجب من الواجبات ولابد أن يوجد من يقوم به والا التبس الباطل بالحق.وصار هذا يشبه هذا وضل الناس.

الفصل الثاني
بيان كيفية التعامل مع الشبهة

والجواب عن أي شبهة يكون بأحد أمرين جواب مجمل ثم جواب مفصل، فان الموحد اذا وردت عليه شبهة فعليه أن يردها ردا مجملا ابتداءً لانه ما من شبهة الا ولها جواب في الكتاب أو السنة لكن الادراك ومعرفة الحق يتفاوت من شخص الى اخر، فالعبد اذا مرت به شبهة عليه ان يبادر الى رد المتشابه الى المحكم كما ذكر الله تعالى عن حال عباده الراسخين، فقال عزوجل:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] ولهذا صح عنه عليه السلام أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم فاتباع المتشابه هو طريق الزائغين واتباع المحكم هي طريق الراسخين وهذه هي الطريقة المثلى عند ورود الشبهة على العبد بل هي سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين .وعليه ان يبادر الى اتهام العقل بالقصور وتنزيه الشرع من كل نقص حتى ياتيه الجواب المفصل .
وكذلك لابد أن يعلم أنه ما من شبهة الا وفي الكتاب العزيز ما يبطلها قال الله عز وجل:{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان33] قال بعض المفسرين هذه الاية عامة في كل حجة يأتي بها أهل البطل الى يوم القيامة قال:ابوحيان: "ولايأتونك بشبهة في ابطال امرك الاجئناك بالحق الذي يدحض شبهة اهل الجهل ويبطل كلام أهل الزيغ"( )( )
اذا لايأتي صاحب باطل بشبهة الا وفي القران مايبطلها كما ذكر الله عز وجل .
فطريقة الراسخين مع الشبهة هي ان يقولوا أمنا به أولا ثم حمل المتشابه على المحكم ثانيا ثم اتهام العقل وتنزيه الشرع ثالثا وطريقة الزائغين هي اتباع المتشابه وترك المحكم ومن هنا وقعت المعصية والبدعة والشرك.
والشبهة ترد على الموحد كلما ازداد في دعوته الى التوحيد المفصل قال الشخ صالح ال الشيخ:
(ولا شك أن الداعية بتفصيل في التوحيد سترد عليه شبه وأما الداعية باجمال فلن ترد عليه الشبه فشبه المشبعين في توحيد الله تزداد بازدياد التفصيل في مسائل التوحيد)
فالمنهجية المثلى في التعامل مع الشبهة هي الطريقة التي ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه اذ من المعلوم يقينا أن الملة كاملة والنعمة على العباد بعدم النقص سابغة كما أخبر الحق سبحانه وتعالى بقوله:({حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3]
فالحمد لله على كمال الملة وتمام النعمة حيث لايبقى لصاحب باطل شبهة الا وفي الشرع ما يبطلها ويقلعها من جذورها.















الباب الثاني
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول ذكرالروايات
الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث ترجمة الراوي الذي عليه مدارالحديث

الفصل الاول ذكر الروايات
قال الامام البخاري في صحيحه (حدثني محمد بن أبي بكر حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا سالم بن عبدالله بن عمررضي الله عنهما: "أن النبي  لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي  الوحي فقدمت الى النبي  سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد اني لست اكل مما تذبحون على انصابكم ولا اكل الا ما ذكر اسم الله عليه وأن زيد بن عمرو بن نفيل كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله انكارا لذلك واعظما له". ( )
وقال في موضع اخر:
حدثني معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار اخبرنا موسى بن عقبى قال: أخبرني سالم انه سمع عبدالله يحدث عن رسول الله  أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذاك قبل ان ينزل على رسول الله  الوحي فقدم اليه رسول الله  سفرة لحم فأبى أن يأكل منها، قال اني لا اكل مما تذبحون على انصابكم والا اكل الا ماذكر اسم الله عليه" ( )!!
فالناظر في هاتين الروايتين يجد اختلافاً، فأمّا الروية الاولى فقد ورد فيها ان السفرة قدمت الى النبي ، وأما في الروايا الثانية فقد ورد انه هو قدمها الى زيد!!
قال: العلامة محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى: "قلت: هذا اختلاف شديد بين الروايتين قال الحافظ: "وجمع ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة الى النبي  فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال، قلت: والرواية الأولى في سندها فضيل بن سليمان النميري، وفيه ضعف. قال في( الخلاصة) وقال أبوزرعة: لين. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي. ووثقه ابن حبان، وقد خالفه عبدالعزيزبن المختار عند المصنف، ووهيب بن خالد وزهير وهو ابن معاويةّّّّّ عندأحمد (2-68و8 9و127) ثلاثتهم بالرواية الاخرى، فهي المحفوظة"( )
وعلى هذا الترجيح الذي ذكره الشيخ الألباني يكون الذي قدم السفرة هو النبي  لاقريش كما ذكر ذلك بعض العلماء كابن بطال ـ رحمه الله تعالى ـ ومما يوضح ذلك أكثر رواية الإمام الذهبي ( )حيث قال:
"عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله  وهو مردفي إلى نصب من الانصاب، فذبحنا له ( ضمير له راجع إلى رسول الله ) شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أقبل رسول الله  يسير، وهو مردفي، في أيام الحر، حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فقال له النبي : مالي أرى قومك قد شنفوا لك، (أي: أبغضوك ) ؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة ( ) كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة ( )، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ضلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، واتبعه.
فرجعت، فلم أحس شيئا، فأناخ رسول الله  البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: ما هذه؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا. قال: فقال إني لا آكل مما ذبح لغير الله، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي أمة وحده"( )
قال الامام الذهبي:
رواه إبراهيم الحربي في " الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان:
إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي ، إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه، لان زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو ـ عليه السلام ـ قد منع زيداً أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم، هذا محال.
الثاني: ان يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن، فإنما الاعمال بالنية، [ أما ] زيد، فأخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما سكت النبي عن الافصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للاوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيداً ـ رحمه الله ـ توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق( ) أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا
وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الارض سبعين واديا
وقال:الامام الذهبي في موضع اخرمن السير
عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال:خرجت مع رسول الله يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الانصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل، فقال النبي: يا زيد! ما لي أرى قومك قد شنفوا لك؟
قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فدك، فوجدتهم يعبدون [الله] ويشركون [به].فقدمت على أحبار خيبر، فوجدتهم كذلك، فقدمت على أحبار الشام، فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي.فقال شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله [ به ] إلا شيخ بالحيرة.
فخرجت حتى أقدم عليه، فلما رآني، قال: ممن أنت ؟ قلت من أهل بيت الله.
قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك، قد بعث نبي طلع نجمه، وجميع من رأيتهم في ضلال.
قال: فلم أحس بشئ.
قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد ؟ قال: شاة ذبحناها لنصب.
قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
وتفرقنا، فأتى رسول الله البيت، فطاف به، وأنا معه، وبالصفا والمروة، وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة.وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما.
فقال النبي: " لا تمسحهما فإنهما رجس ".
فقلت في نفسي: لامسنهما حتى أنظر ما يقول.فمسستهما،
فقال: " يا زيد ! ألم تنه
قال: ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي،  لزيد:" إنه يبعث أمة وحده "( )
في إسناده محمد( ) لا يحتج به، وفي بعضه نكارة بينة.

الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
والناظرفي أجابة الأمام الذهبي المتقدمة التي نقلها عن الحربي انه يرى ثبوت القصة لأن التأويل فرع التصحيح ومما يؤكد هذا أمور:
1. أن لها أصلاً في الصحيح.
2. أن الأئمة جروا على تحسين حديث محمد بن عمرووهو ما استقر عليه رأيهم.
3. أن الأمام الذهبي نفسه يحسن حديثه وان تفرد.
واليك البيان من كلام امام هذا الفن بلا منازع( ) في هذا الزمان العلامة الألباني حيث قال: "محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
قال الترمذي: " حديث حسن صحيح " .
و قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .
قلت: وفيه نظر فإن محمد بن عمرو، فيه كلام و لذلك لم يحتج به مسلم، و إنما روى له متابعة، و هو حسن الحديث، و أما قول الكوثري في مقدمة " التبصير في الدين " ( ص 5 ) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع، فمن مغالطاته، أو مخالفاته المعروفة، فإن الذي استقر عليه رأي المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال
الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به، من هؤلاء النووي و الذهبي
والعسقلاني و غيره( )
وهكذا جرى هو ـ رحمه الله ـ في مواضع كثيرة من كتبه وكذلك العلامة أحمد شاكر في تعليقه على تفسير ابن جرير الطبري في عدة مواضع. ثم إني لم أجد احداً من الأئمة ضعف حديثه الا الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى حيث قال:
(قال في المجمع (9/418) رواه أبويعلى(337/1) والبزار(261/1) زوائد البزار والطبراني ورجال ابي يعلي والبزار وأحد اسانيد الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث . ورواه النسائي في المناقب من الكبرى (85) والحاكم ( 3/216-217 ) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي . وقال الذهبي( ):في اسناده محمد لايحتج به، وفي بعضه نكارة بينه. قلت: والنكارة البينة هي ان النبي  قال:" شاة ذبحناها لنصب كذا وكذا"، فان هذه الكلمة ترد كل التأويلات في الفتح (7/142- 145) ولاتتحمل مطلقاً،فانها نص في أنهم ذبحوها للنصب لاعليه فقط .وهذه الجملة لاتتحمل من محمد بن عمروبن علقمة الذي قال فيه الحافظ:صدوق له أوهام فالصواب انه حديث ضعيف. وانظر الحديث المتقدم (350) .
والموضع الذي أشار اليه الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى في المعجم برقم(350) ليس له علاقة بموضوعنا لأنه باسناد اخر متفق على ضعفه.

وهذا يخالف ما قرره العلامة الألباني نقلا عن أئمة هذا الفن قبل قليل من أن الأئمة مشوا على تحسين حديث محمد بن عمروفي كثير من مصنفاتهم كما تقدم النقل عنه انفا.




الفصل الثالث
ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث

هو محمدبن عمروبن بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ابي عبدالله وقيل ابي الحسن
قال البخاري في التاريخ الكبير(1-106) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني سمع أباه وأبا سلمة بن عبد الرحمن روى عنه مالك والثوري وقال لي محمد بن بشار حدثنا يوسف بن يعقوب عن شعبة عن أبي الحسن وهو محمد بن عمرو وروى زيد بن أبي أنيسة عن أبي الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد في ليلة القدر ورواه محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مثله)
قال ابن عبد البر في التمهيد (13_46) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي من أنفسهم يكنى أبا عبد الله وكان من ساكني المدينة وبها كانت وفاته في سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وكان كثير الحديث روى عنه مالك وابن عيينة والثوري وجماعة من الأئمة إلا أنه يخالف في أحاديث فإذا خالفه في أبي سلمة الزهري أو يحيى بن كثير فالقول قولهما عن أبي سلمة عند أهل العلم بالحديث وقال يحيى بن معين محمد بن عمرو بن علقمة أعلى من سهيل بن أبي صالح وقال يحيى القطان محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة وقال يحيى بن معين أيضا محمد بن عجلان أوثق من محمد بن عمرو قال لم يكونوا يكتبون حديث محمد بن عمرو حتى اشتهاها أصحاب الإسناد فكتبوها.
قال: أبو عمر: محمد بن عمرو ثقة محدث روى عنه الأئمة ووثقوه ولا مقال فيه إلا كما ذكرنا إنه يخالف في أحاديث وأنه لا يجري مجرى الزهري وشبهه وكان شعبة مع تعسفه وانتقاده الرجال يثنى عليه ذكر العقيلي قال حدثني محمد بن سعد الشاشي قال حدثنا محمد بن موسى الواسطي قال سمعت يزيد بن هارون يقول قال شعبة محمد بن عمرو أحب إلي من يحيى بن سعيد الأنصاري في الحديث.
قال أبوعمر حسبك بهذا ويحيى بن سعيد أحد الأئمة الجلة وقد روى ابن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة)

وقال الزرقاني في شرحه على الموطأ(2_415) محمد بن عمرو بن علقمة) بن وقاص الليثي المدني روى عن أبيه ونافع وأبي سلمة بن عبد الرحمان وخلق، وعنه مالك وشعبة والسفيانان وجماعة، وثقه النسائي وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم، وروى له الأئمة الستة، ومات سنة خمس وأربعين ومائة على الصحيح وقيل قبلها.
قال الذهبي في كتابه الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة(2_207)
(محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي عن أبيه وأبي سلمة وعنه شعبة ومالك ومحمد الأنصاري قال أبو حاتم يكتب حديثه وقال النسائي وغيره ليس به بأس مات 144 4 خ م متابعة )
وقال الصفدي في الوافي بالوفيات(الليثي المدني ابن وقاص محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني أحد علماء الحديث.
أكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو والده،قال أبو حاتم:صالح الحديث،وقال النسائي وغيره:ليس به بأس،روى له الأربعة والبخاري مقرونا).

قال الحافظ في تهذيب التهذيب(9_471) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي
أبو عبد الله ويقال أبو الحسن المدني. روى عن أبيه وأبي سلمة بن
عبدالرحمن وعبيدة بن سفيان وسعيد بن الحارث وابراهيم ابن عبدالله بن حنين ودينار أبي عبدالله القراظ وعمر بن مسلم بن أكيمة الليثي ومحمد ابن ابراهيم بن الحارث التيمي وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وخالد بن عبدالله بن حرملة وعبد الرحمن بن يعقوب وعمر بن الحكم بن ثوبان وسعد بن سعيد الانصاري ويحيى ابن عبدالرحمن بن حاطب وغيرهم.روى عنه موسى بن عقبة ومات قبله وابن عمه عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص وشعبة الثوري وحماد بن سلمة وأبو معشر المدني ويزيد بن زريع ومعتمر بن سليمان والدراوردي واسماعيل بن جعفر وابن أبي عدي ومعاذ بن معاذ وابن عيينة وأبو بكر ابن عياش ويحيى بن سعيد القطان وعبد الاعلى بن عبدالاعلى وسعيد بن عامر وعرعرة ابن البرند والنضر بن شميل وعبدة بن سليمان وعباد بن عباد وعباد بن العوام وخالد بن الحارث وأبو أسامة ويزيد بن هارون ومحمد بن عبدالله الانصاري وآخرون.
قال:علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد وسئل عن سهيل ومحمد بن عمرو فقال محمد أعلى منه.
قال علي قلت ليحيى محمد بن عمرو كيف هو قال تريد العفو أو تشدد قال لا بل أشدد قال ليس هو ممن تريد وكان يقول حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبدالرحمن ابن خاطب قال يحيى وسألت مالكا عنه فقال فيه نحو ما قلت لك. قال علي وسمعت يحيى يقول محمد ابن عمرو أحب إلي من ابن أبي حرملة وقال إسحاق بن حكيم عن يحيى القطان محمد ابن عمرو رجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث وقال إسحاق بن منصور سئل يحيى ابن معين عن محمد بن عمرو ومحمد بن إسحاق أيهما يقدم فقال محمد بن عمرو. وقال ابن أبي خيثمة سئل ابن معين عن محمد بن عمرو فقال ما زال الناس ينقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشئ من روايته ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال الجوزجاني:ليس بقوي الحديث ويشتهي حديثه وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ وقال النسائي ليس به بأس وقال مرة ثقة وقال ابن عدي له حديث صالح وقد حدث عنه جماعة من الثقات كل واحد يتفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض وروى عنه مالك في الموطأ وأرجو أنه لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. قال الواقدي توفي سنة أربع وأربعين ومائة وقال عمرو بن علي مات سنة خمس وأربعين. روى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات.
قلت: وقال أحمد ابن مريم عن ابن معين ثقة وقال عبدالله بن أحمد عن ابن معين سهيل والعلاء وابن عقيل حديثهم ليس بحجة ومحمد بن عمرو فوقهم وقال يعقوب بن شيبة هو وسط والى الضعف ما هو. وقال الحاكم قال ابن المبارك لم يكن به بأس وقال ابن سعد كان كثير الحديث يستضعف وقال ابن معين ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ومحمد بن عمرو أحب إلي من محمد ابن إسحاق حكاه العقيلي.
قال العلامة احمد شاكررحمه الله تعالى في تحقيقه لتفسير ابن جرير الطبري(محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 12822، وغيرها قبله وبعده .)
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه على السنن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن و عائشة قد مر ذكرهما.
والناظر في هذه النقولات يخرج بنتيجة هي:أن الراوي لاينزل حديثه عن درجة الحسن كما قرر ذلك أئمة الشأن والله تعالى أعلم.






























الباب الثالث
عصمة النبي صلى الله عليه واله وسلم؟

وفيه ثلاثة فصول

الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث الادلة على عصمته قبل النبوة عليه السلام

العِصْمَةُ: المَنْعُ. وكُل شَيْءٍ اعْتَصَمْتَ به. واعْتَصَم من الشًرً بكَذا وأعْصَمَ جميعاً. واسْتَعْصَمَ: الْتَجَأ. وأعْصَمْتُه: هَيأت له ما يَعْتَصِم به. ودَفَعْتُهُ إليه بِعِصْمَتِهِ:
والعِصْمَةُ: القِلادَة، وتُجْمَعُ على الأعْصَام
و العِصْمَةُ: المَنَعة والعاصمُ: المانعُ الحامي والاعْتِصامُ: الامْتِساكُ بالشَّيء افْتِعال [ ه ] ومنه شعر أبي طالب:
- ثِمَالُ اليَتَامَى عصْمةٌ للأَرَامِلِ
أي يَمْنَعُهم من الضَّياع والحاجة
- ومنه الحديث [ فقد عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهم ]
- وحديث الإفْك [ فعَصَمها اللّه بالوَرَع ]
و أَعصَمَ بالبَعِيرِ: أَمْسَكَ بحبلٍ من حِبالِهِ لِئَلاَّ تَصْرَعَهُ راحِلَتُه، والعِصْمَةُ: بالكَسْر: المَنْع، هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة، ويقال: أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ، ثمَّ صارت بِمَعْنَى المَنْع. وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه: أن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا: منَعَه ووَقَاه، وقَوْلُه تَعالَى: يعصمني من الماء! . أي: يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ، و ! لا عاصم اليوم من أمر الله!، أي لا مانعَ، وقِيلَ: هو على النِّسْبَةِ، أي ذا عِصْمَةٍ، وقِيلَ: مَعْنَاه لا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ، وفيه كَلامٌ لَيْسَ هذا مَوْضِعَه . وقال الزَّجّاجُ: أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ،وكُلُّ ما أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه .
وقالَ محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ في ضياءِ الحلُوم: أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْلُ . وقال المُناوِيّ: العِصْمَةُ مَلَكَةُ اجْتنابِ المعاصِي مع التَّمَكُّنِ منها . وقال الرَّاغِب: ' عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ: حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بما خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولاَهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ، ثم بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثم بِإنْزالِ السَّكِينَة عليهم وبِحِفْظِ قُلوبِهم، وبالتَّوفيقِ، قال الله عَزَّ وجَلَّ: ! والله يعصمك من الناس! . وقال شيخُنا: العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلاَمِ: عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ،وهو الذي اعتمدَه ابنُ الهُمام .
اذا يتلخص من هذه النقول ان العصمة هي بمعنى الحفظ والعناية والمنع من كل قبيح

تعريف العصمة اصطلاحا
وشرعا عرفها صاحب كتاب نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض(4/ 39).
لمؤلفه احمدالخفاجي قال:هي لطف من الله تعالى يحمل النبي على فعل الخير ويزجره عن الشرمع بقاء الأختيار تحقيقا للأبتلاء وقال أيضا يستحسن في تعريفها من قال:هي حفظ الله عز وجل للأنبياء بواطنهم وظواهرهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهه ولو في حال الصغر مع بقاء الاختيار تحقيقا للابتلاء ...
اذا العصمة تعني حفظ الله عزوجل لأنبيائه عن مواقعة الذنوب الظاهرة والباطنة وأن العناية الالهيه لم تنفك عنهم في كل أطوار حياتهم قبل النبوة وبعدها على ماهو المعتمد كما سيأتي تحقيقه فهي محيطة بهم تحرسهم من الوقوع في منهي عنه شرعا وعقلا....
واذا العناية لاحظتك عيونها نم فالخاوف كلهن أمان
وأما في أصطلاح أهل الأصول هي:منع الله عبده من السقوط في القبيح من الذنوب والأخطاء ونحو ذلك .
هذا ماتيسر من ذكر ما يتعلق بالعصمة ومعناها اللغوي والشرعي باختصار .

وقبل ذكر الادلة لابد من بيان معنى العصمة التي نتكلم عنها وهي عصمة مقيدة لا مطلق العصمة، أي: العصمة من الشرك والكفر والذنوب الشائنة. اذ ان الكلام هو عن العصمة قبل النبوة فحسب.






الادلة على عموم العصمة

قال تعالى: (وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة
قال صاحب البحرالمديد (ج1_ص16.)
{ ومن ذريتي } فاجعل أئمة، { قال } الحق تعالى: { لا ينال عهدي }أي: لا يلحق عهدي بالإمامة { الظالمين } منهم، إذ لا يصلح للإمامة إلا البررة الأتقياء، لأنها أمانة من الله وعهد، والظالم لا يصلح لها، وفيه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة لا يستحقون الإمامة، وفيه دليل على عصمة الأنبياء قبل البعثة، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة. قاله البيضاوي.اه
وقال ابو السعود في تفسيره.(ج1_ص156) وفيه دليل على عصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر على الإطلاق وعدم صلاحية الظالم للإمامة.
وقال:الطاهربن عاشور في تفسيره التحريروالتنوير(ج1_ص9) وقد علمتَ آنفاً عصمة الأنبياء من الشرك قبل النبوءة فعصمتهم منه بعد النبوءة بالأولى، قال تعالى: ( لئن أشركت ليحبطَن عملك )
وقال في موضع اخر(، والهمّ بالسيئة مع الكف عن إيقاعها ليس بكبيرة فلا ينافي عصمة الأنبياء من الكبائر قبل النبوءة على قول من رأى عصمتهم منها قبل النبوءة، وهو قول الجمهور.
وهنا يرد علينا سؤال وهو ماذا يترتب على هذه المسألة أي ماذا يترتب على القول بعدم عصمة الانبياء قبل الوحي؟؟؟
الجواب ان هذا يؤثر على دعوتهم بعد النبوة سلبا وايجابا وان هذا طريق الى اذاهم كماسيأتي عن ابن حزم رحمه الله تعالى وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة في كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى ولامام ابن حزم رحمه الله تعالى.
وممن استدل بهذه الاية وغيرها على عصمتهم قبل الوحي
صاحب تفسير روح البيان(ج1-ص179)حيث قال:
وفي الآية دليل على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر قبل البعثة وبعدها.
وقال ايضا صاحب مفاتح الغيب (1_40) المسألة السادسة الآية تدل على عصمة الأنبياء من وجهين الأول أنه قد ثبت أن المراد من هذا العهد الإمامة ولا شك أن كل نبي إمام فإن الإمام هو الذي يؤتم به والنبي أولى الناس وإذا دلت الآية على أن الإمام لا يكون فاسقاً فبأن تدل على أن الرسول لا يجوز أن يكون فاسقاً فاعلاً للذنب والمعصية أولى الثاني قال وَلاَ يَنَالُونَ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فهذا العهد إن كان هو النبوة وجب أن تكون لا ينالها أحد من الظالمين وإن كان هو الإمامة فكذلك لأن كل نبي لا بد وأن يكون إماماً يؤتم به وكل فاسق ظالم لنفسه فوجب أن لا تحصل النبوة لأحد من الفاسقين والله أعلم.
قال الزمخشري رحمه الله في الكشاف ( 2_ 772) من قال: كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية، فنعم ؛ وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله ؛ والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع )
مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَىْء ( ( يوسف: 38 ) وكفى بالنبي نقيصه عند الكفار أن يسبق له كفر )
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) ففي هذه الاية أيضا د ليل على عموم عصمته علية السلام.
ومن الادلة على ذلك أيضا مارواه الامام الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا الحارث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان رسول الله يحرس حتى نزلت هذه الآية والله يعصمك من الناس
فأخرج رسول الله رأسه من القبة فقال يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل برقم (3046) وحسنه العلامة الالباني فيه وذكر له شواهد في الصحيحة 5- 644)رقم(2489).
وأصرح ما ورد في ذلك من أقوال الصحابة ما رواه الامام أحمد قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِيسَى، يَعْنِى ابْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، قَالَ: إِنِّى لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ  بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىِّ  بِشَهْرٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، فَنُودِىَ فِى النَّاسِ: أَنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، وَهِىَ أَوَّلُ صَلاةٍ فِى الْمُسْلِمِينَ نُودِىَ بِهَا إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، شَيْئًا صُنِعَ لَهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ، وَهِىَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِى الإِسْلاَمِ، قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا كَفَانِيهِ غَيْرِى، وَلَئِنْ أَخَذْتُمُونِى بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ  مَا أُطِيقُهَا، إِنْ كَانَ لَمَعْصُومًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ مِنَ السَّمَاءِ) ( )
الفصل الثاني
الادلة على عصمته قبل النبوة 

قال الامام البخاري(حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)364ورواه مسلم34.
قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري (بنيان الكعبة كان والنبى غلام قبل البعثة بمدة، وقيل: كان يومئذ ابن خمسة عشر عامًا، وقد بعثه الله بالرسالة إلى خلقه، وعلَّمه ما يعلم)
وقال في عمدة القاري (وجاء في رواية غير ( الصحيحين ) إن الملك نزل عليه فشد إزاره ) وقد ترجم البيهقي للحديث بقوله( في (الدلائل) 2/ 30 - 31، باب ما جاء في حفظ الله عزّ وجلّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعايبها، لما يريد به من كرامته برسالته حتى بعثه رسولا) .
فان حفظ الله له عليه السلام من الوقوع في الشرك أولى من حفظ عورته بكثير كما هو معلوم.
قال الامام مسلم في صحيحه حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره)برقم (162)
قال الشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي في رسالته (حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة)(1_134)
فالحديث نص على إخراج جبريل لحظ الشيطان منه صلى الله عليه وسلم وتطهيره لقلبه فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه. وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره صلى الله عليه وسلم.
وموضع الشاهد هنا هو قول الشيخ محمد بن خليفة وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره صلى الله عليه وسلم فهذا الحديث نص على حفظ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله وسلم قبل البعثة.
وقال صاحب كتاب رد شبهات حول عصمة لعماد السيد محمد إسماعيل الشربينى
(وإخراج جبريل لحظ الشيطان منه، وتطهيره لقلبه، فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه، وهذا دليل على عصمته من كل ما يمس قلبه، وعقيدته، وخلقه، منذ صغره صلى الله عليه وسلم.)
وقال (صاحب كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع) العبد الرءوف محمد عثمان
الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة - الرياض
فهذا الحديث يبين أن الله طهر قلبه صلى الله عليه وسلم منذ صغره وحفظه من وصول الشيطان إليه وذلك ليعده فيما بعد لمهمة النبوة والرسالة . فنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الزاكية والخصال الحميدة، والفطرة النقية السليمة، فبغضت إليه الأوثان فلم يسجد لصنم قط، وحبب إليه الخير ومكارم الأخلاق، فكان في ذلك مضرب الأمثال، وكيف لا ؟ وهو الملقب من قبل قومه بالصادق الأمين صلى الله عليه وسلم .
ومن الأدلة أيضا مارواه ابن حبان( باب عصمته صلى الله عليه واله وسلم) (2100)
أنبأنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله منهما قلت لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم يرعاها ابصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال نعم فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف ومزامير قلت ما هذا قالوا فلان يتزوج فلانة رجل من قريش تزوج امرأة من قريش فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فأخبرته ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فسمعت كما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت فقلت ما فعلت شيئا" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوبة"

قال صاحب كتاب(رد شبهات حول عصمة الرسول 1/90)
أخرجه ابن حبان فى صحيحه الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) كتاب التاريخ، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يوحى إليه 14/ 169 رقم 6272، والحاكم فى المستدرك 4/273 رقم 7619 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبى، وأخرجه البزار ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/226، وصححه جماعة من الأئمة غير من سبق ذكرهم. منهم ابن حزم فى الفصل فى الملل والنحل 2/321، والقارى فى شرح الشفا 1/299 والشهاب الخفاجى فى نسيم الرياض 1/483، وابن حجر فى المطالب العالية 4/178 رقم 4259، وقال: قال البوصيرى: رواه ابن إسحاق بإسناد حسن، وابن حبان فى صحيحه، ووافق= =ابن حجر، السيوطى فى الخصائص الكبرى 1/15.، والحديث أخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/186 رقم 128 واللفظ له، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 2/33، 34، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 2/267 من رواية البيهقى، وقال: هذا حديث غريب جداً، وقد يكون عن على بن أبى طالب نفسه، ويكون قوله فى آخره "حتى أكرمنى الله عز وجل بنبوته، مقحماً أهـ قلت: ما قاله الحافظ ابن كثير يرده، إخراج الأئمة للحديث مرفوعاً، وتصحيح بعض الأئمة له
فهذا الحديث نص واضح في عصمته عليه السلام قبل النبوة.وفيه قص النبى صلى الله عليه وسلم عن نفسه من خبر حفظ الله إياه من كل سوء منذ صغره وصدر شبابه، ما يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية:

الأولى: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً بخصائص البشرية كلها، وكان يجد فى نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميولات الفطرية التى اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها. فكان يحس بمعنى السمر واللهو، ويشعر بما فى ذلك من متعة، وتحدثه نفسه لو تمتع بشئ من ذلك كما يتمتع الآخرون.
الثانية: أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف، وعن كل مالا يتفق مع مقتضيات الدعوة التى هيأه الله لها،
فهو حتى عندما لا يجد لديه الوحي أو الشريعة التى تعصمه من الاستجابة لكثير من رغائب النفس، يجد عاصماً آخر خفياً يحول بينه وبين ما قد تتطلع إليه نفسه مما لا يليق بمن هيأته الأقدار لتتميم مكارم الأخلاق، وإرساء شريعة الإسلام المصدرالسابق.
قال:الامام الترمذي حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال وآدم بين الروح والجسد
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وفي الباب عن ميسرة الفجر (3609) صححه الألباني
ورواى ابن ابي عاصم فقال: ثنا أبو موسى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا منصور بن سعد عن بديل العقيلي عن عبد الله
بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كتبت نبيا؟ قال:( وأدم بين الروح والجسد)برقم (410) صححه الألباني ايضا.

قال ابن حبان في صحيحه( 6404)
أخبرنا علي بن الحسين بن سلمان بالفسطاط حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا ابن وهب قال: وأخبرني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية الفزاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني أنه خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام ) قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح لغيره. رواه الامام أحمد 17163
قال الشيخ شعيب صحيح لغيره.

قال:الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف(89) قد استدل الإمام أحمد بحديث العرباض بن سارية هذا على أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يزل على التوحيد منذ نشأ و رد بذلك على من زعم غير ذلك بل قد يستدل بهذا الحديث على أنه صلى الله عليه و سلم ولد نبيا فإن نبوته وجبت له من حين أخذ الميثاق منه حين استخرج من صلب آدم فكان نبيا من حينئذ لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك و ذلك لا يمنع كونه نبيا قبل خروجه كمن يولى ولاية و يؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته و إن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت قال حنبل: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد: من زعم أن النبي كان على دين قومه قبل أن يبعث ؟ قال: هذا قول سوء ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يحذر كلامه و لا يجالس قلت له: إن جارنا الناقد أبا العباس يقول هذه المقالة ؟ قال: قاتله الله و أي شيء أبقى إذا زعم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان على دين قومه و هم يعبدون الأصنام قال الله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام: { و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } قلت له: و زعم أن خديجة كانت على ذلك حين تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم في الجاهلية قال: أما خديجة فلا أقول شيئا قد كانت أول من آمن به من النساء ثم قال: ماذا يحدث الناس من الكلام ! ! هؤلاء أصحاب الكلام لم يفلح ـ سبحان الله ـ لهذا القول و احتج في ذلك بكلام لم أحفظه.
قال الامام أبومحمد بن حزم رحمه الله تعالى: "فإن قال قائل: أيجوز أن يكون نبي من الأنبياء عليهم السلام يأتي معصية قبل أن يتنبأ؟ قلنا: لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما: اما أن يكون متعبداً بشريعة نبي أتى قبله كما كان عيسى ـ عليه السلام ـ واما أن يكون قد نشأ في قوم قد درست شريعتهم ودثرت ونسيت كما في بعثة محمد  في قوم قد نسوا شريعة إسماعيل وابراهيم عليهما السلام ـ قال تعالى (ووجدك ضالا فهدى) وقال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر آبائهم) فإن كان النبي متعبداً بشريعةٍ ما فقد أبطلنا آنفا أن يكون نبي يعصي ربه أصلاً، وإن كان نشأ في قوم دثرت شريعتهم فهو غير متعبد ولا مأمور بما لم يأته أمر الله تعالى به بعد، فليس عاصياً لله ـ تعالى ـ في شئ يفعله أو يتركه، الإ أننا ندري أن الله ـ عز و جل ـ قد طهر أنبياء وصانهم من كل ما يعابون به؛ لأن العيب أذى وقد حرم الله ـ عز و جل ـ أن يؤذى رسوله قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ).

قال أبو محمد: فبيقين ندري أن الله تعالى صان أنبياءه عن أن يكونوا لبغية، أو من أولاد بغى، أو من بغايا بل بعثهم ـ الله تعالى ـ في حسب قومهم، فإذاً لا شك في هذا، فبيقين ندري أن الله تعالى عصمهم قبل النبوة من كل ما يؤذون به بعد النبوة، فدخل في ذلك السرقة والعدوان والقسوة والزنا واللياطة والبغي وأذى الناس في حريمهم وأموالهم وأنفسهم وكل ما يعاب به المرء ويتشكى منه ويؤذى بذكره"( )
ويتلخص من كلام الامام ابن حزم ان الانبياء عليهم السلام معصومين من الكفروالشرك وكل مايقدح في مقام النبوة قبل البعثة وبعدها.
















الباب الرابع
فيه فصلين
الفصل الاول بيان معنى اية الشورى
الفصل الثاني بيان معنى اية الضحى

الفصل الاول
قوله تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ الشورى: ٥٢

فان ظاهر هذه الاية(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ )
يخالف ما قدمنا من تأصيل ونقولات عن الأئمة من معرفته التوحيد والايمان معرفة اجمالية وليس الأمركذلك واليك التفصيل قال الامام أبي عبدالله محمدبن أبي بكر القرطبي (ت671): "أي لم تكن تعرف الطريق إلى الإيمان. وظاهر هذا يدل على أنه ما كان قبل الإيحاء متصفا بالإيمان. قال القشيري: وهو من مجوزات العقول، والذي صار إليه المعظم أن الله ما بعث نبياً إلا كان مؤمناً به قبل البعثة. وفيه تحكم، إلا أن يثبت ذلك بتوقيف مقطوع به( ). قال القاضي عياض وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة فللناس فيه خلاف ؛ والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته والتشكك في شيء من ذلك. وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا ؛ ونشأتهم على التوحيد والإيمان"( ) ثم نقل عن القاضي عياض (ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبئ واصطفي ممن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك. ومستند هذا الباب النقل. وقد استدل بعضهم بأن القلوب تنفر عمن كانت هذه سبيله"( ).
وهنا مسألة هل كان النبي صلى الله عليه واله وسلم متعبدا بشرع احد من قبله؟
فمنهم من منع ذلك مطلقا وأحاله عقلا. قالوا: لأنه مبعد أن يكون متبوعا من عرف تابعا، وبنوا هذا على التحسين والتقبيح. وقالت فرقة أخرى: بالوقف في أمره عليه السلام وترك قطع الحكم عليه بشيء في ذلك، إذ لم يحل الوجهين منهما العقل ولا استبان عندها في أحدهما طريق النقل، وهذا مذهب أبي المعالي. وقالت فرقة ثالثة: إنه كان متعبدا بشرع من قبله وعاملا به ؛ ثم اختلف هؤلاء في التعيين، فذهبت طائفة إلى أنه كان على دين عيسى فإنه ناسخ لجميع الأديان والملل قبلها ؛ فلا يجوز أن يكون النبي على دين منسوخ. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين إبراهيم ؛ لأنه من ولده وهو أبو الأنبياء. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين موسى ؛ لأنه أقدم الأديان. وذهبت المعتزلة إلى أنه لا بد أن يكون على دين ولكن عين الدين غير معلومة عندنا. وقد أبطل هذه الأقوال كلها أئمتنا ؛ إذ هي أقوال متعارضة وليس فيها دلالة قاطعة، وإن كان العقل يجوز ذلك كله. والذي يقطع به أنه عليه السلام لم يكن منسوبا إلى واحد من الأنبياء نسبة تقتضي أن يكون واحدا من أمته ومخاطبا بكل شريعته ؛ بل شريعته مستقلة بنفسها مفتتحة من عند الله الحاكم جل وعز.
ثم قال القاضي: "وأنا أقول: إن قريشا قد رمت نبينا عليه السلام بكل ما افترته، وعير كفار الأمم أنبياءها بكل ما أمكنها واختلقته، مما نص الله عليه أو نقلته إلينا الرواة، ولم نجد في شيء من ذلك تعييرا لواحد منهم برفضه آلهتهم وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه. ولوكان هذا لكانوا بذلك مبادرين، وبتلونه في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركه آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم من قبل ؛ ففي إطباقهم على الإعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه ؛ إذ لو كان لنقل وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عن تحويل القبلة وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] كما حكاه الله عنهم. ( )
وقال جماعة: معنى الإيمان في هذه الآية شرائع الإيمان ومعالمه ؛ ذكره الثعلبي. وقيل: تفاصيل هذا الشرع ؛ أي كنت غافلا عن هذه التفاصيل. ويجوز إطلاق لفظ الإيمان على تفاصيل الشرع ؛ ذكره القشيري: وقيل: ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن، ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان ؛ ونحوه عن أبي العالية. وقال بكر القاضي: ولا الإيمان الذي هو الفرائض والأحكام. قال: وكان قبل مؤمنا بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل ؛ فزاد بالتكليف إيمانا. وهذه الأقوال الأربعة متقاربة. وقال ابن خزيمة:عنى بالإيمان الصلاة ؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي صلاتكم إلى بيت المقدس ؛ فيكون اللفظ عاما والمراد الخصوصي. وقال الحسين بن الفضل: أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا أهل الإيمان. ( )
وقيل: ما كنت تدري شيئا إذ كنت في المهد وقبل البلوغ. وحكى الماوردي نحوه عن علي بن عيسى قال: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ. وقيل: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك، وهو محتمل. وفي هذا الإيمان وجهان: أحدهما: أنه الإيمان بالله، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته. والثاني: أنه دين الإسلام، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة.
وقال:
ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير(قوله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب وذلك أنه لم يكن يعرف القرآن قبل الوحي ولا الإيمان فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه بمعنى الدعوة إلى الإيمان قاله أبو العالية.
والثاني: أن المراد به شرائع الإيمان ومعالمه وهي كلها إيمان وقد سمى الصلاة إيمانا بقوله: وما كان الله ليضيع إيمانكم البقرة ، هذا اختيار ابن قتيبة ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.
والثالث: أنه ما كان يعرف الإيمان حين كان في المهد وإذ كان طفلا قبل البلوغ حكاه الواحدي.
والقول ما اختاره ابن قتيبة وابن خزيمة وقد اشتهر في الحديث عنه عليه السلام أنه كان قبل النبوة يوحد الله ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة إبراهيم عليه السلام. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من زعم أن النبي  كان على دين قومه فهو قول سوء أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب وقال ابن قتيبة: قد جاء أنه كان على دين قومه أربعين سنة، ومعناه أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إسماعيل، من ذلك حج البيت والختان وإيقاع الطلاق إذا كان ثلاثا وأن للزوج الرجعة في الواحدة والاثنتين ودية النفس مائة من الإبل والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وكان عليه الصلاة و السلام على ما كانوا عليه من الإيمان بالله والعمل بشرائعهم في الختان والغسل والحج وكان لا يقرب الأوثان ويعيبها وكان لا يعرف شرائع الله التي شرعها لعباده على لسانه فذلك قوله: ما كنت تدري ما الكتاب، يعني: القرآن ولا الإيمان يعني: شرائع الإيمان، ولم يرد الإيمان الذي هو الإقرار بالله؛ لأن آباءه الذين ماتوا على الشرك كانوا يؤمنون بالله ويحجون له البيت مع شركهم.
قوله تعالى: ولكن جعلناه، في هاء الكناية قولان، أحدهما: أنها ترجع إلى القرآن والثاني: إلى الإيمان نورا أي ضياء ودليلاً على التوحيد نهدي به من نشاء من عبادنا إلى دين الحق.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ}, يبين الله جل وعلا فيه منته على هذا النبي الكريم، بأنه علمه هذا القرآن العظيم ولم يكن يعلمه قبل ذلك، وعلمه تفاصيل دين الإسلام ولم يكن يعلمها قبل ذلك.
وقال ابن كثير(أي: على التفصيل الذي شرع لك في القرآن)
وقال البغوي في تفسيره معالم التنزيل(، { مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ } يعني شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: "الإيمان" في هذا الموضع: الصلاة، ودليله: قوله عز وجل: "وما كان الله ليضيع إيمانكم"( البقرة 143 ) .
وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم((( )))، ولم يتبين له شرائع دينه.

وقال الماوردي في النكت والعيون
مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ ( فيه وجهان:
أحدهما: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ، قاله ابن عيسى .
الثاني: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك وهو محتمل .
وفي هذا الإيمان وجهان:
أحدهما: أنه الإيمان بالله، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته .
الثاني: أنه دين الإٍسلام، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة .
وقال حقي في تفسيره({ ولا الايمان } اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الامور التى لا تهتدى اليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرءآن قبل الوحى ولا شرآئع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى { وما كان الله ليضيع ايمانكم } اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت ونثا قط قال « لا » قيل هل شربت خمرا قط قال « لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان »اى الايمان الشرعى المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وايقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحرم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله  على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فيقول البيضاوى وهو دليل على انه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الاثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذى يؤمن ومن الذى لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر
وقال صاحب تفسير روح البيان( أي: الإيمان بتفاصيل ما في تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدي إليها العقول لا الإيمان بما يستقل به العقل والنظر، فإن درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعاً، فإن أهل الوصول اجتمعوا على أن الرسل عليهم السلام، وكانوا مؤمنين قبل الوحي ومعصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلاً عن الكفر، وهو مراد من قال: لا يعرف القرآن قبل الوحي ولا شرائع الإيمان ومعالمه، وهي إيمان كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (البقرة: 143) ؛ أي: صلاتكم سماها إيماناً ؛ لأنها من شعب الإيمان، ويدل عليه أنه عليه السلام قيل له: هل عبدت وثناً قط قال: لا قيل: هل شربت خمراً قط.
قال: لا وما زلت أعرف أن الذين هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب؟ ولا الإيمان ؛ أي: الإيمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الأحكام.
وقال في مفاتح الغيب(مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر وذكروا في الجواب وجوهاً الأول مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ أي القرآن وَلاَ الإِيمَانُ أي الصلاة لقوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ أي صلاتكم الثاني أن يحمل هذا على حذف المضاف أي ما كنت تدري ما الكتاب ومن أهل الإيمان يعني من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن الثالث ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلاً في المهد الرابع الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به وإنه قبل النبوّة ما كان عارفاً بجميع تكاليف الله تعالى بل إنه كان عارفاً بالله تعالى وذلك لا ينافي ما ذكرناه الخامس صفات الله تعالى على قسمين منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقل ومنها ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوّة
ثم قال تعالى وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا واختلفوا في الضمير في قوله وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ منهم من قال إنه راجع إلى القرآن دون الإيمان لأنه هو الذي يعرف به الأحكام.
وقد اكثرت النقل عن أئمة التفسير في بيان معنى هذه الاية لان بعض أهل العلم قد أخذ بظاهر الاية كالشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى ورضي الله عنه حيث تكلم عن المسألة في كتابه (تفسير ايات أشكلت على كثير من العلماء)
على أنه لم يخالف في عصمته عليه السلام وإنما ذكر أن وقوع الشرك ممكن من بعض الانبياء! ولا يوجد نص صريح يمنع من ذلك اما في حق نبينا عليه السلام فقد تقدم نقل الادلة على ذلك انظر منه(16.الى239)ففيه بحث نفيس حول الموضوع.


الفصل الثاني
في بيان معنى قوله تعالى( وَوَجَدَك َ ضَالاً فَهَدَى)
قال: الامام الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان (1_318)
أي: ذاهبًا عمّا علمك من العلوم التي لا تدرك إلا بالوحي.
الضلال بمعنى الذهاب عن علم حقيقة الأمر المطابقة للواقع، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى} [93/7] أي ذاهباً عما تعلمه الآن من العلوم والمعارف التي لا تعرف إلا بالوحي فهداك إلى تلك العلوم والمعارف بالوحي. وحدد هذا المعنى قوله: تعالى عن أولاد يعقوب: {قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}، أي: ذهابك عن العلم بحقيقة أمر يوسف، ومن أجل ذلك تطمع في رجوعه إليك، وذلك لا طمع فيه على أظهر التفسيرات
قال ابي القاسم ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى } فيه ستة أقوال: أحدها: وجدك ضالاً عن معرفة الشريعة فهداك إليها، فالضلال عبارة عن التوقيف في أمر الدين حتى جاءه الحق من عند الله، فهو كقوله: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان } [ الشورى: 52 ] وهذا هو الأظهر وهو الذي اختاره ابن عطية وغيره ومعناه أنه لم يكن يعرف تفصيل الشريعة وفروعها حتى بعثه الله، ولكنه ما كفر بالله ولا أشرك به لأنه كان معصوماً من ذلك من قبل النبوة وبعدها . والثاني: وجدك في قوم ضلاّل، فكأنك واحد منهم، وإن لم تكن تعبد ما يعبدون، وهذا قريب من الأول . والثالث: وجدك ضالاً عن الهجرة فهداك إليها، وهذا ضعيف، لأن السورة نزلت قبل الهجرة، الرابع: وجد حامل الذكر لا تعرف فهدى الناس إليك وهداهم بك، وهذا بعيد عن المعنى المقصود . الخامس: أنه من الضلال عن الطريق، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ضلّ في بعض شعب مكة، وهو صغير فردّه الله إلى جده، وقيل: بل ضلّ من مرضعته حليمة فرده الله إليها، وقيل: بل ضل في طريق الشام حين خرج إليها مع أبي طالب . السادس: أنه بمعنى الضلال من المحبة أي وجدك محباً لله فهداك إليه ومنه قول إخوة يوسف لأبيهم، { تالله إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ القديم } [ يوسف: 95 ] محبتك ليوسف.
وقال القرطبي في الجامع لاحكام القران(والضلال حقيقته الذهاب عن الحق ؛ أخذ من ضلال الطريق، وهو العدول عن سمته. قال ابن عرفة: الضلالة عند العرب سلوك غير سبيل القصد ؛ يقال: ضل عن الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه. وخص في الشرع بالعبارة في العدول عن السداد في الاعتقاد دون الأعمال ؛ ومن غريب أمره أنه يعبر به عن عدم المعرفة بالحق سبحانه إذا قابله غفلة ولم يقترن بعدمه جهل أو شك، وعليه حمل العلماء قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} [الضحى: 7] أي غافلا، في أحد التأويلات، يحققه قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} [الشورى: 52].
وقال ايضا(- {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى}
أي غافلا عما يراد بك من أمر النبوة، فهداك: أي أرشدك. والضلال هنا بمعنى الغفلة ؛ كقوله جل ثناؤه: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} أي لا يغفل. وقال في حق نبيه: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} وقال قوم: {ضَالاً} لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك اللّه إلى القرآن، وشرائع الإسلام ؛ عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهو معنى قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ}، على ما بينا في سورة الشورى. وقال قوم: {وَوَجَدَكَ ضَالاً} أي في قوم ضلال، فهداهم اللّه بك. هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه ؛ أي ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم. وقيل: {وَوَجَدَكَ ضَالاً} عن الهجرة، فهداك إليها. وقيل: {ضَالاً} أي ناسيا شأن الاستئناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك ؛ كما قال تعالى: " {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} . وقيل: ووجدك طالبا للقبلة فهداك إليها ؛ بيانه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ...} الآية. ويكون الضلال بمعنى الطلب ؛ لأن الضال طالب. وقيل: ووجدك متحيرا عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه ؛ فيكون الضلال بمعنى التحير ؛ لأن الضال متحير. وقيل: ووجدك ضائعا في قومك ؛ فهداك إليه ؛ ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل: ووجدك محبا للهداية، فهداك إليها ؛ ويكون الضلال بمعنى المحبة. ومنه قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} أي في محبتك. قال الشاعر:
هذا الضلال أشاب مني المفرقا ... العارضين ولم أكن متحققا
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي ... بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل: {ضَالاً} في شعاب مكة، فهداك وردك إلى جدك عبدالمطلب. قال ابن عباس: ضل النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو صغير في شعاب مكة، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه، فرده إلى جده عبدالمطلب ؛ فمن اللّه عليه بذلك، حين رده إلى جده على يدي عدوه. وقال سعيد بن جبير: خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم مع عمه أبي طالب في سفر، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظلماء، فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل عليه السلام، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند، ورده إلى القافلة ؛ فمن اللّه عليه بذلك. وقال كعب: إن حليمة لما قضت حق الرضاع، جاءت برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لترده على عبدالمطلب،
قال: ابن ابي زمنيين في تفسيره (ووجدك ضالا فهدى كقوله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا يعني القرآن ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان)
وقال:ابن كثير(وقوله: { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } كقوله { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ الشورى: 52 ] ومنهم من قال [إن] المراد بهذا أنه، عليه السلام، ضل في شعاب مكة وهو صغير، ثم رجع. وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس يعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.
قال: صاحب تفسير المحيط لابن حيان الاندلسي(ووجدك ضالا فهدى
لا يمكن حمله على الضلال الذي يقابله الهدى، لأن الأنبياء معصومون من ذلك . قال ابن عباس: هو ضلاله وهو في صغره في شعاب مكة، ثم رده الله إلى جده عبد المطلب . وقيل: ضلاله من حليمة مرضعته . وقيل: ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب )،
وقال البغوي (وَوَجَدَكَ ضَالا } يعني ضالا عما أنت عليه { فَهَدَى } أي: فهداك للتوحيد والنبوة.
قال الحسن والضحاك وابن كيسان: "ووجدك ضالا" عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلا عنها، فهداك إليها، [كما قال] "وإن كنت من قبله لمن الغافلين" (يوسف -3) وقال: "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" (الشورى -52) .
وقيل: ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب وروى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب).
قال الثعالبي في تفسيره(قال عياض ولا اعلم احدا من المفسرين قال فيها ضالا عن الايمان)
قال ابن جريرالطبري رحمه الله(وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى ) ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم.
وقال السديّ في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن السديّ( وَوَجَدَكَ ضَالا ) قال: كان على أمر قومه أربعين عاما. وقيل: عُنِيَ بذلك: ووجدك في قوم ضلال فهداك. وقد تقدم رد هذا الكلام عن الامام احمد رحمه الله تعالى فقد قال هذا قول سوء لايجالس صاحبه وكأن الامام أحمد عد هذا القول محدث في الدين ولهذا نهى عن مجالست قائله كائناً من كان مع حفظ مقامه في الأسلام.

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله(ووجدك ضالاً فهدى} {وجدك ضالاً} أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي، كما قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113]. وقال: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: 48]. فهو صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً بل هو من الأميين {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة: 2]. لا يقرأ ولا يكتب، لكن وصل إلى هذه الغاية العظيمة بالوحي الذي أنزله الله عليه، فعلم وعلَّم وهنا قال {فهدى} ولم يأت التعبير ـ والله أعلم ـ فهداك، ليكون هذا أشمل وأوسع فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام، وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام. إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك.)
فهذه نبذة من اقوال المفسرين في بيان معنى الاية حاصلها ان المنفي في الاية ليس الايمان المجمل ومعرفة النبي للتوحيد وانما هي على ماتقدم في اية الشورى كما هو قول الغالبية العظمة من أهل العلم.

والخلاصة من هذه النقول انه عليه السلام كان عارفا بالله عزوجل محاطا بالعناية الألهيه قبل ان يوحى اليه ذلك لأن صدور الكفر والشرك والصفات الرديئه أعظم طريق الى أذاه والصد عن دعوته بعد النبوة.
ولو كان شيء من ذلك لذكره المشركون تعييراً لهم كما لم يسكتوا عن الامور التي هي ليست عيبا اصلا كتحويل القبلة كما ذكر الله عنهم فلما لم يفعلوا دل ذلك على عدم وجود شيء من ذلك كما نبه على ذلك الإمام القرطبي رحمه الله تعالى.
وعلى هذاالتقرير تبقى الرويات التي ذكرناها تحتاج الى تأويل واليك ماذكره أهل العلم في توجيه الروايات فأقول مستعينا بالله :



















الباب الخامس
وفيه فصلين والخلاصة
الفصل الاول ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني تليخص التوجيهات المذكورة

الفصل الاول
ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية

قال: الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى(فقدم إليه النبي  سفرة قال عياض الصواب الأول قلت رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما وقال ابن بطال كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه و سلم فأبى ان يأكل منها فقدمها النبي  لزيد بن عمرو فأبى ان يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها اولا انا لا ناكل ما ذبح على انصابكم انتهى وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فاني لم اقف عليه في رواية أحد وقد تبعه بن المنير في ذلك وفيه ما فيه قوله على انصابكم بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للاصنام قال الخطابي كان النبي  لا يأكل مما يذبحون عليها للاصنام وياكل ما عدا ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه لان الشرع لم يكن نزل بعد بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه الا بعد المبعث بمدة طويلة قلت وهذا الجواب أولى مما ارتكبه بن بطال وعلى تقدير ان يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكورة فانما يحمل على انه انما ذبح عليه لغير الأصنام واما قوله تعالى وما ذبح على النصب فالمراد به ما ذبح عليها للاصنام ثم قال الخطابي: وقيل: لم ينزل على النبي  في تحريم ذلك شيء قلت وفيه نظر لأنه كان قبل المبعث فهو من تحصيل الحاصل وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قدمته وهو عند احمد وكان بن زيد يقول عذت بما عاذ به إبراهيم ثم يخر ساجدا للكعبة قال فمر بالنبي  وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه فقال يا بن أخي لااكل مما ذبح على النصب قال فما رؤي النبي  يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما قال خرجت مع رسول الله  يوما من مكة وهو مردفي فذبحنا شاة على بعض الانصاب فانضجناها فلقينا زيد بن عمرو فذكر الحديث مطولا وفيه فقال زيد اني لا أكل مما لم يذكر اسم الله عليه قال الداودي كان النبي  قبل المبعث يجانب المشركين في عاداتهم لكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم وقال السهيلي فان قيل فالنبي  كان أولى من زيد بهذه الفضيلة فالجواب انه ليس في الحديث انه  أكل منها وعلى تقدير ان يكون أكل فزيد انما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه وانما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه وانما نزل تحريم ذلك في الإسلام والأصح ان الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة مع ان الذبائح لها أصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القران ولم ينقل ان أحدا بعد المبعث كف عن الذبائح حتى نزلت الآية قلت: وقوله: ان زيدا فعل ذلك برأيه أولى من قول الداودي انه تلقاه عن أهل الكتاب فان حديث الباب بين فيما قال السهيلي وان ذلك قاله زيد باجتهاده لا بنقل عن غيره ولا سيما وزيد يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدا من أهل الكتابين وقد قال القاضي عياض في الملة المشهورة في عصمة الأنبياء قبل النبوة انها كالممتنع لان النواهي انما تكون بعد تقرير الشرع والنبي  لم يكن متعبدا قبل ان يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه والله اعلم فان فرعنا على القول الاخر فالجواب عن قوله ذبحنا شاة على بعض الانصاب يعني الحجارة التي ليست باصنام ولا معبودة وانما هي من الات الجزار التي يذبح عليها لان النصب في الأصل حجر كبير فمنها مايكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه ومنها ما لا يعبد بل يكون من الات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة ....أ-ه (الفتح 7_ 181)
وقال الحربي
في غريبه كما تقدم نقل الأمام الذهبي له وهذا نص كلامه (قَوْلُه ذَبَحْنَا شَاةً لِنُصُبٍ مِنَ الأَنْصابِ لِذَلِكَ وَجْهَانِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ فَعَلهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رسولِ اللّهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَلاَ رَضاهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ِلأَنَّ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنَ العصْمَةَ والتَّوْفيقِ مَا كَانَ اللّه أَعْطَاهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَمنعه مِمَّا لاَ يَحِلُّ مِنْ أَمْرِ الجَاهِليَّةِ وَكَيْفَ يَجُوزُ ذلِكَ وَهُو قَدْ مَنَعَ زَيْداً في حَديثِهِ هَذاَ بِعَيْنِه أَنْ يَمَسَّ صَنَماً . وَمَا مَسَّهُ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ وَلاَ بَعْد فَهُوَ يَنْهَى زَيْداً عَنْ مَسِّهِ / ويَرْضَى أَنْ يَذْبَحَ لَهُ ! ! هَذَا مُحاَلٌ
وَالوجْهُ الثَّانِى: أَنْ يَكُونَ ذَبَحَ لِزَادِهِ فِى خُرُوجِه فَاتَّفَقَ ذَلِكَ عَنْدَ صَنَمٍ كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ فَكَانَ الذّبْحُ مِنْهُمْ لِلصَّنَمِ . وَالذَّبْحُ مِنْهُ اللَه تَعَالَى إِلاَّ أَنَّ المَوْضِعَ جَمَعَ بَيْنَ الذَّبْحَيْنِ فَأَمَّا ظَاهِرُ مَا جَاَْء بِهِ الحَدِيثُ فَمَعَاذَ اللّهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ ابن ِعُمَر وَسَعِيدِ بنِ زَيْدٍ فَليْسَ فِيهما بَيانُ أَنّهُ ذَبَحَ أَوْ أمَرَ بِذَلِكَ . وَلَعَلَّ زَيْداً ظنَّ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِمَّا كَانَتْ قُرَيشٌ تَذْبَحُهُ ِلأَنْصَابِهَا . فامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ الأَمْرُ كَما ظَنَّ فَإِنْ كَان ذَلَك ؟ َ فُعِلَ فِبِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلاَ رَِضاهُ ( 2_ 792)
هذا ملخص ما وجدته من كلام أهل العلم حول هذه المسألة بعد بذل ما استطعت من جهد
وبعد ما تقدم فانا أمام هذه المسألة بين أحد أمرين لا ثالث لهما الأول اما تضعيف رواية الذهبي في السير، واما ترجيح أحد الوجوه التي ذكرها العلماء واليك تلخيصها وهو المطلب الأخير في هذا البحث المتواضع .


الفصل الثاني
تلخيص التوجيهات المذكورة

• ان السفرة كانت لقريش قدموها للنبي فأبى الأكل منها فقدمها النبي لزيد فأبى أن يأكل منها أيضا وعلى هذا فلا أشكال في الرواية أصلا وقد تقدم ضعف هذا الوجه في كلام الحافظ وكلام الشيخ حمدي السلفي أيضا
• ان النبي  كان أصالة يجانب المشركين في عاداتهم وعباداتهم لكنه لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح !!!وهو مع مافيه أقوى من الوجه الأول
• انه كان لايأكل مايذبحون عليها للأصنام ويأكل ما دون ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه...والرواية ترد هذا الوجه اذ هي صريحة في الذبح على النصب وهوموضع الأشكال لا الاكل
• ان النصب هنا هو حجر والة من الات الجزار ليس نصبا بالمعنى الشرعي وانما المراد منه معناه اللغوي لا الشرعي وهذا الوجه كأن الحافظ ابن حجر مال إليه كما ذكره صاحب كتاب (رد شبهات حول عصمة الرسول)

• أن يكون هذا الفعل صدر من زيد ونسب الأمر اليهما لانه كان معه وهذا أقوى من الوجوه السابقة اذ يجمع به بين عصمته وتصحيح هذه الرواية على قول من يرى صحتها وهم الأكثر كما تقدم ومما يقوي هذا الوجه أن زيدا في ذلك الوقت لم يكن متقيدا بكل أوامره خصوصا انه امره ان لا يمس الصنم فمسه لانه لم يرسل حتى تجب طاعته.
• ان يكون ذبح لزاده ووافق ذلك عند صنم فكان الذبح منهم للصنم ومنه لله تعالى فان قال: قائل لم لم يراعي باب سد الذرائع قلنا أن هذا غير وارد لانه لم يرسل بعد فان كان اكل منه كما ورد عن بعض من نقلنا عنهم من أهل العلم فان هذا مما يؤكد هذا الوجه اذ كيف ينهى عن مسه ثم يأكل منه إذ لا فرق بين الامرين حيث أن كليهما شرك فأكله منه دليل لنا على انه ماذبح لغير الله لأنه عليه السلام معصوم من الوقوع في الشرك وحاشاه من ذلك كما قدمنا.من أن العناية الألهية كانت ترعاه منذ صغره صلى الله عليه واله وسلم .
هذا ما استطاع العبد الفقير جمعه حول هذا الموضوع وهو يعلم يقنا أنه ليس اهلا لذلك لكن لعله يكون استطاع ان يشارك في الدفاع عن العقيدة التي يحيا من اجلها الا وهي عبادة الله وحده لا شريك له جل في علاه فما كان فيها من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وأذكر هنا بما قاله أهل العلم كل كتاب سوى كتاب الله سبحانه هو عرضة للنقد والانتقاد والتخطئة والتصحيح فمن رأى زلة قلم أونبوة فهم فليصحح وليقوم

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
جمعه ورتبه الفقير الى عفو ربه
ابو العبدين البصري
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-18-2011, 02:34 PM
أبو عبد العزيز الأثري أبو عبد العزيز الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 2,568
Thumbs up

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العبدين البصري مشاهدة المشاركة
شبهة في التوحيد
والاجابة عنها



بقلم : أبي العبدين البصري




بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره( ) ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
"يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا اللّه حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ ". آل عمران: 102.
"يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به والأرْحامَ إِنَّ اللّه كانَ عليكم رَقيباً" النساء:1.
يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا اللّه وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع اللّه ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً الأحزاب: 70- 71.
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اما بعد فان سبب البحث في هذا الموضوع هو الدفاع عن التوحيد أولاً، وعن جانب المصطفى  ثانياً. إذ اني في اثناء قراءتي في السير للأمام الذهبي وقع نظري على رواية زيد بن حارثة، حيث ان فيها أمراً يمس جانب التوحيد الذي هو (ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون، يؤثر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جدا، أدنى شيء يؤثر فيها، ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية.
فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده وإلا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعُه)( )
بله الشبهة التي هي أخطر وأضر على العباد مما سبق في كلام ابن القيم.
فكان لزاماً على أهله وحملة رايته تعليمه للناس أبتداءً والدفاع عنه وحمايته وصيانته أنتهاءً، وإنه لمن المؤسف أن ينشغل الشباب المسلم عن تعلم التوحيد وتعليمه ليلاً ونهاراً بتصنيف الناس بين الظن واليقين!!
فالتوحيد( هومفزَع اعدائه واوليائه، فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون واما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها، ولذلك فزع اليه يونس فنجّاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون فى الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة ولما فزع اليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لان الايمان عند المعاينة لا يقبل هذه سنة الله فى عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التى ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقى فى الكرب العظام الا الشرك ولا ينجى منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وبالله التوفيق)( )
فهذا هو التوحيد الذي هو أصل الإسلام وهو دين الله الذي بعث به جميع رسله وله خلق الخلق، وهو حقه على عباده وهو الفارق بين الموحدين والمشركين وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين الخالدين فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وأعلم ايها الموفق أن أحق الناس برحمته سبحانه وتعالى هم أهل التوحيد والإخلاص له فكل من كان أكمل في تحقيق إخلاص لا إله إلا الله علما وعقيدة وعملا وبراءة وموالاة ومعاداة كان أحق بالرحمة كما قال تعالى({وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وأعظم الناس أحساناً هم أهل توحيده والإخلاص له سبحانه و أهل التوحيد هم المستحقون للشفاعة يوم القيامة كما ثبت في الصحيح أن أبا هريرة رضي الله عنه قال يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فقال: (يا أبا هريرة لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه)
وليس المراد هنا هو بيان فضائل التوحيد لكن التنويه لشيء يسير منه وإلا فان فضائله لا تعد ولا تحصى فحسبك به فضيلة أن أهله لهم الهداية في الدنيا والأمن في الآخرة كما أخبر الحق سبحانه ({الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] يعني أنهم لم يخلطوا إيمانهم بظلم، والظلم هنا فسر بالشرك، فقد جاء في الحديث الصحيح أنه لما نزلت هذه الآية قال الصحابة: ( أينا لا يظلم نفسه؟ )، قال: (ذلك الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
واذا كان الأمر كذلك وهذا هو حال التوحيد وهذه مكانته في الدين بهذا السمو والعلو كان من أعظم الوجبات هو الدفاع عنه ورد كل شبهة تمس جنابه ولاسيما اليوم، فالعالم يبدو كقرية واحدة بسبب انتشار وسائل الأعلام وكثرة الفضائيات؛ لذلك أصبحت الشبهة تلقى بكل سهولة ويسمعها آلالف الناس الذين ليس من شأنهم سماع الشبهات! فضلاً عن ردها، فلذلك وجب على أهل التوحيد أن يجتهدوا أكثر فأكثر في الدفاع عنه،والدعوى إليه والذب عنه ودفع كل شبهة من شأنها أن تشكك فيه،
فكان هذا البحث جزء يسيرا من هذا الواجب لعلي أكون قد ساهمت في الدفاع عن هذه العقيدة الطيبة التي أدين لله بها واسأله سبحانه ان يتوفاني عليها فأقول مستعينا بالله تعالى. وقد قسمته الى خمسة ابواب و اثنتي عشر فصلا سائلا المولى سبحانه الاعانة والتوفيق.














• الباب الاول
وفيه فصلين
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة
• الباب الثاني:
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول ذكرالروايات
الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث
• الباب الثالث: عصمة النبي صلى الله عليه واله وسلم؟
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث:الادلة على عصمته قبل النبوة عليه السلا
• الباب الرابع
وفيه فصلين
الفصل الاول في بيان معنى اية الشورى ({وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]
الفصل الثاني في بيان معنى اية الضحى{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7
• الباب الخامس
فيه فصلين
الفصل الاول ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني تليخص التوجيهات المذكورة

الباب الاول
وفيه فصلين
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة

الفصل الاول
تعريف الشبهة

الشبهة لغة: الالتباس والاختلاط. وشرعا:هي وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق وذلك بسبب التباس الحق بالباطل حتى لا يتبن( ) اذا الشبهه سميت بذلك لأنها تشبه الحق من وجه وهي مباينة له من وجه اخر قال:الشيخ العلامة المتفنن صالح ال الشيخ حفظه تعالى في شرحه على كشف الشبهات (الشبهات جمع شبهة وهي المسألة التي جعلت شبها بالحق ؛ لأن الحق عليه دليل بين واضح، وسميت شبهة لأنها مسألة من مسائل العلم أورد عليها أصحابها بعض الأدلة التي يظنونها علما فهي عبارة عن تشبيه الباطل بالحق فاذا شبه الباطل بالحق من جهة أن الباطل له دليل وله برهان صارت هذه المسألة إذا عورض بها الحق شبهة (والشبهة والمشبهة )هي المسألة المعضلة أو المشكلة التي تلتبس على الناس كما جاء في بعض ألفاظ حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه(الحلال بين والحرام بين وبين الحلال والحرام أمور متشابهات) ( )
فسميت (مشبهة ومشتبهة)لأن الأمر يشتبه على الناظر فيها. ثم قال حفظه الله تعالى:"ولا شك ان ازلة الشبهات من أصول هذا الدين ؛لأن الله جل وعلا رد على المشركين في القران ودحض شبهاتهم وأقوالهم قال جل وعلا:{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 16]
فكل من يجادل بالباطل له حجة وله علم لكن حجته داحضة. فإزالة الشبه التي شبه بها أعداء الملة والدين فرض من الفروض في هذه الشريعة. وواجب من الواجبات ولابد أن يوجد من يقوم به والا التبس الباطل بالحق.وصار هذا يشبه هذا وضل الناس.

الفصل الثاني
بيان كيفية التعامل مع الشبهة

والجواب عن أي شبهة يكون بأحد أمرين جواب مجمل ثم جواب مفصل، فان الموحد اذا وردت عليه شبهة فعليه أن يردها ردا مجملا ابتداءً لانه ما من شبهة الا ولها جواب في الكتاب أو السنة لكن الادراك ومعرفة الحق يتفاوت من شخص الى اخر، فالعبد اذا مرت به شبهة عليه ان يبادر الى رد المتشابه الى المحكم كما ذكر الله تعالى عن حال عباده الراسخين، فقال عزوجل:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] ولهذا صح عنه عليه السلام أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم فاتباع المتشابه هو طريق الزائغين واتباع المحكم هي طريق الراسخين وهذه هي الطريقة المثلى عند ورود الشبهة على العبد بل هي سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين .وعليه ان يبادر الى اتهام العقل بالقصور وتنزيه الشرع من كل نقص حتى ياتيه الجواب المفصل .
وكذلك لابد أن يعلم أنه ما من شبهة الا وفي الكتاب العزيز ما يبطلها قال الله عز وجل:{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان33] قال بعض المفسرين هذه الاية عامة في كل حجة يأتي بها أهل البطل الى يوم القيامة قال:ابوحيان: "ولايأتونك بشبهة في ابطال امرك الاجئناك بالحق الذي يدحض شبهة اهل الجهل ويبطل كلام أهل الزيغ"( )( )
اذا لايأتي صاحب باطل بشبهة الا وفي القران مايبطلها كما ذكر الله عز وجل .
فطريقة الراسخين مع الشبهة هي ان يقولوا أمنا به أولا ثم حمل المتشابه على المحكم ثانيا ثم اتهام العقل وتنزيه الشرع ثالثا وطريقة الزائغين هي اتباع المتشابه وترك المحكم ومن هنا وقعت المعصية والبدعة والشرك.
والشبهة ترد على الموحد كلما ازداد في دعوته الى التوحيد المفصل قال الشخ صالح ال الشيخ:
(ولا شك أن الداعية بتفصيل في التوحيد سترد عليه شبه وأما الداعية باجمال فلن ترد عليه الشبه فشبه المشبعين في توحيد الله تزداد بازدياد التفصيل في مسائل التوحيد)
فالمنهجية المثلى في التعامل مع الشبهة هي الطريقة التي ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه اذ من المعلوم يقينا أن الملة كاملة والنعمة على العباد بعدم النقص سابغة كما أخبر الحق سبحانه وتعالى بقوله:({حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3]
فالحمد لله على كمال الملة وتمام النعمة حيث لايبقى لصاحب باطل شبهة الا وفي الشرع ما يبطلها ويقلعها من جذورها.















الباب الثاني
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول ذكرالروايات
الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث ترجمة الراوي الذي عليه مدارالحديث

الفصل الاول ذكر الروايات
قال الامام البخاري في صحيحه (حدثني محمد بن أبي بكر حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا سالم بن عبدالله بن عمررضي الله عنهما: "أن النبي  لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي  الوحي فقدمت الى النبي  سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد اني لست اكل مما تذبحون على انصابكم ولا اكل الا ما ذكر اسم الله عليه وأن زيد بن عمرو بن نفيل كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله انكارا لذلك واعظما له". ( )
وقال في موضع اخر:
حدثني معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار اخبرنا موسى بن عقبى قال: أخبرني سالم انه سمع عبدالله يحدث عن رسول الله  أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذاك قبل ان ينزل على رسول الله  الوحي فقدم اليه رسول الله  سفرة لحم فأبى أن يأكل منها، قال اني لا اكل مما تذبحون على انصابكم والا اكل الا ماذكر اسم الله عليه" ( )!!
فالناظر في هاتين الروايتين يجد اختلافاً، فأمّا الروية الاولى فقد ورد فيها ان السفرة قدمت الى النبي ، وأما في الروايا الثانية فقد ورد انه هو قدمها الى زيد!!
قال: العلامة محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى: "قلت: هذا اختلاف شديد بين الروايتين قال الحافظ: "وجمع ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة الى النبي  فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال، قلت: والرواية الأولى في سندها فضيل بن سليمان النميري، وفيه ضعف. قال في( الخلاصة) وقال أبوزرعة: لين. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي. ووثقه ابن حبان، وقد خالفه عبدالعزيزبن المختار عند المصنف، ووهيب بن خالد وزهير وهو ابن معاويةّّّّّ عندأحمد (2-68و8 9و127) ثلاثتهم بالرواية الاخرى، فهي المحفوظة"( )
وعلى هذا الترجيح الذي ذكره الشيخ الألباني يكون الذي قدم السفرة هو النبي  لاقريش كما ذكر ذلك بعض العلماء كابن بطال ـ رحمه الله تعالى ـ ومما يوضح ذلك أكثر رواية الإمام الذهبي ( )حيث قال:
"عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله  وهو مردفي إلى نصب من الانصاب، فذبحنا له ( ضمير له راجع إلى رسول الله ) شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أقبل رسول الله  يسير، وهو مردفي، في أيام الحر، حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فقال له النبي : مالي أرى قومك قد شنفوا لك، (أي: أبغضوك ) ؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة ( ) كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة ( )، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ضلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، واتبعه.
فرجعت، فلم أحس شيئا، فأناخ رسول الله  البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: ما هذه؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا. قال: فقال إني لا آكل مما ذبح لغير الله، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي أمة وحده"( )
قال الامام الذهبي:
رواه إبراهيم الحربي في " الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان:
إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي ، إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه، لان زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو ـ عليه السلام ـ قد منع زيداً أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم، هذا محال.
الثاني: ان يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن، فإنما الاعمال بالنية، [ أما ] زيد، فأخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما سكت النبي عن الافصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للاوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيداً ـ رحمه الله ـ توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق( ) أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا
وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الارض سبعين واديا
وقال:الامام الذهبي في موضع اخرمن السير
عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال:خرجت مع رسول الله يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الانصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل، فقال النبي: يا زيد! ما لي أرى قومك قد شنفوا لك؟
قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فدك، فوجدتهم يعبدون [الله] ويشركون [به].فقدمت على أحبار خيبر، فوجدتهم كذلك، فقدمت على أحبار الشام، فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي.فقال شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله [ به ] إلا شيخ بالحيرة.
فخرجت حتى أقدم عليه، فلما رآني، قال: ممن أنت ؟ قلت من أهل بيت الله.
قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك، قد بعث نبي طلع نجمه، وجميع من رأيتهم في ضلال.
قال: فلم أحس بشئ.
قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد ؟ قال: شاة ذبحناها لنصب.
قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
وتفرقنا، فأتى رسول الله البيت، فطاف به، وأنا معه، وبالصفا والمروة، وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة.وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما.
فقال النبي: " لا تمسحهما فإنهما رجس ".
فقلت في نفسي: لامسنهما حتى أنظر ما يقول.فمسستهما،
فقال: " يا زيد ! ألم تنه
قال: ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي،  لزيد:" إنه يبعث أمة وحده "( )
في إسناده محمد( ) لا يحتج به، وفي بعضه نكارة بينة.

الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
والناظرفي أجابة الأمام الذهبي المتقدمة التي نقلها عن الحربي انه يرى ثبوت القصة لأن التأويل فرع التصحيح ومما يؤكد هذا أمور:
1. أن لها أصلاً في الصحيح.
2. أن الأئمة جروا على تحسين حديث محمد بن عمرووهو ما استقر عليه رأيهم.
3. أن الأمام الذهبي نفسه يحسن حديثه وان تفرد.
واليك البيان من كلام امام هذا الفن بلا منازع( ) في هذا الزمان العلامة الألباني حيث قال: "محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
قال الترمذي: " حديث حسن صحيح " .
و قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .
قلت: وفيه نظر فإن محمد بن عمرو، فيه كلام و لذلك لم يحتج به مسلم، و إنما روى له متابعة، و هو حسن الحديث، و أما قول الكوثري في مقدمة " التبصير في الدين " ( ص 5 ) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع، فمن مغالطاته، أو مخالفاته المعروفة، فإن الذي استقر عليه رأي المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال
الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به، من هؤلاء النووي و الذهبي
والعسقلاني و غيره( )
وهكذا جرى هو ـ رحمه الله ـ في مواضع كثيرة من كتبه وكذلك العلامة أحمد شاكر في تعليقه على تفسير ابن جرير الطبري في عدة مواضع. ثم إني لم أجد احداً من الأئمة ضعف حديثه الا الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى حيث قال:
(قال في المجمع (9/418) رواه أبويعلى(337/1) والبزار(261/1) زوائد البزار والطبراني ورجال ابي يعلي والبزار وأحد اسانيد الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث . ورواه النسائي في المناقب من الكبرى (85) والحاكم ( 3/216-217 ) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي . وقال الذهبي( ):في اسناده محمد لايحتج به، وفي بعضه نكارة بينه. قلت: والنكارة البينة هي ان النبي  قال:" شاة ذبحناها لنصب كذا وكذا"، فان هذه الكلمة ترد كل التأويلات في الفتح (7/142- 145) ولاتتحمل مطلقاً،فانها نص في أنهم ذبحوها للنصب لاعليه فقط .وهذه الجملة لاتتحمل من محمد بن عمروبن علقمة الذي قال فيه الحافظ:صدوق له أوهام فالصواب انه حديث ضعيف. وانظر الحديث المتقدم (350) .
والموضع الذي أشار اليه الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى في المعجم برقم(350) ليس له علاقة بموضوعنا لأنه باسناد اخر متفق على ضعفه.

وهذا يخالف ما قرره العلامة الألباني نقلا عن أئمة هذا الفن قبل قليل من أن الأئمة مشوا على تحسين حديث محمد بن عمروفي كثير من مصنفاتهم كما تقدم النقل عنه انفا.




الفصل الثالث
ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث

هو محمدبن عمروبن بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ابي عبدالله وقيل ابي الحسن
قال البخاري في التاريخ الكبير(1-106) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني سمع أباه وأبا سلمة بن عبد الرحمن روى عنه مالك والثوري وقال لي محمد بن بشار حدثنا يوسف بن يعقوب عن شعبة عن أبي الحسن وهو محمد بن عمرو وروى زيد بن أبي أنيسة عن أبي الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد في ليلة القدر ورواه محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مثله)
قال ابن عبد البر في التمهيد (13_46) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي من أنفسهم يكنى أبا عبد الله وكان من ساكني المدينة وبها كانت وفاته في سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وكان كثير الحديث روى عنه مالك وابن عيينة والثوري وجماعة من الأئمة إلا أنه يخالف في أحاديث فإذا خالفه في أبي سلمة الزهري أو يحيى بن كثير فالقول قولهما عن أبي سلمة عند أهل العلم بالحديث وقال يحيى بن معين محمد بن عمرو بن علقمة أعلى من سهيل بن أبي صالح وقال يحيى القطان محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة وقال يحيى بن معين أيضا محمد بن عجلان أوثق من محمد بن عمرو قال لم يكونوا يكتبون حديث محمد بن عمرو حتى اشتهاها أصحاب الإسناد فكتبوها.
قال: أبو عمر: محمد بن عمرو ثقة محدث روى عنه الأئمة ووثقوه ولا مقال فيه إلا كما ذكرنا إنه يخالف في أحاديث وأنه لا يجري مجرى الزهري وشبهه وكان شعبة مع تعسفه وانتقاده الرجال يثنى عليه ذكر العقيلي قال حدثني محمد بن سعد الشاشي قال حدثنا محمد بن موسى الواسطي قال سمعت يزيد بن هارون يقول قال شعبة محمد بن عمرو أحب إلي من يحيى بن سعيد الأنصاري في الحديث.
قال أبوعمر حسبك بهذا ويحيى بن سعيد أحد الأئمة الجلة وقد روى ابن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة)

وقال الزرقاني في شرحه على الموطأ(2_415) محمد بن عمرو بن علقمة) بن وقاص الليثي المدني روى عن أبيه ونافع وأبي سلمة بن عبد الرحمان وخلق، وعنه مالك وشعبة والسفيانان وجماعة، وثقه النسائي وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم، وروى له الأئمة الستة، ومات سنة خمس وأربعين ومائة على الصحيح وقيل قبلها.
قال الذهبي في كتابه الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة(2_207)
(محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي عن أبيه وأبي سلمة وعنه شعبة ومالك ومحمد الأنصاري قال أبو حاتم يكتب حديثه وقال النسائي وغيره ليس به بأس مات 144 4 خ م متابعة )
وقال الصفدي في الوافي بالوفيات(الليثي المدني ابن وقاص محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني أحد علماء الحديث.
أكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو والده،قال أبو حاتم:صالح الحديث،وقال النسائي وغيره:ليس به بأس،روى له الأربعة والبخاري مقرونا).

قال الحافظ في تهذيب التهذيب(9_471) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي
أبو عبد الله ويقال أبو الحسن المدني. روى عن أبيه وأبي سلمة بن
عبدالرحمن وعبيدة بن سفيان وسعيد بن الحارث وابراهيم ابن عبدالله بن حنين ودينار أبي عبدالله القراظ وعمر بن مسلم بن أكيمة الليثي ومحمد ابن ابراهيم بن الحارث التيمي وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وخالد بن عبدالله بن حرملة وعبد الرحمن بن يعقوب وعمر بن الحكم بن ثوبان وسعد بن سعيد الانصاري ويحيى ابن عبدالرحمن بن حاطب وغيرهم.روى عنه موسى بن عقبة ومات قبله وابن عمه عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص وشعبة الثوري وحماد بن سلمة وأبو معشر المدني ويزيد بن زريع ومعتمر بن سليمان والدراوردي واسماعيل بن جعفر وابن أبي عدي ومعاذ بن معاذ وابن عيينة وأبو بكر ابن عياش ويحيى بن سعيد القطان وعبد الاعلى بن عبدالاعلى وسعيد بن عامر وعرعرة ابن البرند والنضر بن شميل وعبدة بن سليمان وعباد بن عباد وعباد بن العوام وخالد بن الحارث وأبو أسامة ويزيد بن هارون ومحمد بن عبدالله الانصاري وآخرون.
قال:علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد وسئل عن سهيل ومحمد بن عمرو فقال محمد أعلى منه.
قال علي قلت ليحيى محمد بن عمرو كيف هو قال تريد العفو أو تشدد قال لا بل أشدد قال ليس هو ممن تريد وكان يقول حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبدالرحمن ابن خاطب قال يحيى وسألت مالكا عنه فقال فيه نحو ما قلت لك. قال علي وسمعت يحيى يقول محمد ابن عمرو أحب إلي من ابن أبي حرملة وقال إسحاق بن حكيم عن يحيى القطان محمد ابن عمرو رجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث وقال إسحاق بن منصور سئل يحيى ابن معين عن محمد بن عمرو ومحمد بن إسحاق أيهما يقدم فقال محمد بن عمرو. وقال ابن أبي خيثمة سئل ابن معين عن محمد بن عمرو فقال ما زال الناس ينقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشئ من روايته ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال الجوزجاني:ليس بقوي الحديث ويشتهي حديثه وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ وقال النسائي ليس به بأس وقال مرة ثقة وقال ابن عدي له حديث صالح وقد حدث عنه جماعة من الثقات كل واحد يتفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض وروى عنه مالك في الموطأ وأرجو أنه لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. قال الواقدي توفي سنة أربع وأربعين ومائة وقال عمرو بن علي مات سنة خمس وأربعين. روى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات.
قلت: وقال أحمد ابن مريم عن ابن معين ثقة وقال عبدالله بن أحمد عن ابن معين سهيل والعلاء وابن عقيل حديثهم ليس بحجة ومحمد بن عمرو فوقهم وقال يعقوب بن شيبة هو وسط والى الضعف ما هو. وقال الحاكم قال ابن المبارك لم يكن به بأس وقال ابن سعد كان كثير الحديث يستضعف وقال ابن معين ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ومحمد بن عمرو أحب إلي من محمد ابن إسحاق حكاه العقيلي.
قال العلامة احمد شاكررحمه الله تعالى في تحقيقه لتفسير ابن جرير الطبري(محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 12822، وغيرها قبله وبعده .)
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه على السنن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن و عائشة قد مر ذكرهما.
والناظر في هذه النقولات يخرج بنتيجة هي:أن الراوي لاينزل حديثه عن درجة الحسن كما قرر ذلك أئمة الشأن والله تعالى أعلم.






























الباب الثالث
عصمة النبي صلى الله عليه واله وسلم؟

وفيه ثلاثة فصول

الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث الادلة على عصمته قبل النبوة عليه السلام

العِصْمَةُ: المَنْعُ. وكُل شَيْءٍ اعْتَصَمْتَ به. واعْتَصَم من الشًرً بكَذا وأعْصَمَ جميعاً. واسْتَعْصَمَ: الْتَجَأ. وأعْصَمْتُه: هَيأت له ما يَعْتَصِم به. ودَفَعْتُهُ إليه بِعِصْمَتِهِ:
والعِصْمَةُ: القِلادَة، وتُجْمَعُ على الأعْصَام
و العِصْمَةُ: المَنَعة والعاصمُ: المانعُ الحامي والاعْتِصامُ: الامْتِساكُ بالشَّيء افْتِعال [ ه ] ومنه شعر أبي طالب:
- ثِمَالُ اليَتَامَى عصْمةٌ للأَرَامِلِ
أي يَمْنَعُهم من الضَّياع والحاجة
- ومنه الحديث [ فقد عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهم ]
- وحديث الإفْك [ فعَصَمها اللّه بالوَرَع ]
و أَعصَمَ بالبَعِيرِ: أَمْسَكَ بحبلٍ من حِبالِهِ لِئَلاَّ تَصْرَعَهُ راحِلَتُه، والعِصْمَةُ: بالكَسْر: المَنْع، هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة، ويقال: أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ، ثمَّ صارت بِمَعْنَى المَنْع. وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه: أن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا: منَعَه ووَقَاه، وقَوْلُه تَعالَى: يعصمني من الماء! . أي: يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ، و ! لا عاصم اليوم من أمر الله!، أي لا مانعَ، وقِيلَ: هو على النِّسْبَةِ، أي ذا عِصْمَةٍ، وقِيلَ: مَعْنَاه لا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ، وفيه كَلامٌ لَيْسَ هذا مَوْضِعَه . وقال الزَّجّاجُ: أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ،وكُلُّ ما أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه .
وقالَ محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ في ضياءِ الحلُوم: أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْلُ . وقال المُناوِيّ: العِصْمَةُ مَلَكَةُ اجْتنابِ المعاصِي مع التَّمَكُّنِ منها . وقال الرَّاغِب: ' عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ: حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بما خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولاَهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ، ثم بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثم بِإنْزالِ السَّكِينَة عليهم وبِحِفْظِ قُلوبِهم، وبالتَّوفيقِ، قال الله عَزَّ وجَلَّ: ! والله يعصمك من الناس! . وقال شيخُنا: العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلاَمِ: عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ،وهو الذي اعتمدَه ابنُ الهُمام .
اذا يتلخص من هذه النقول ان العصمة هي بمعنى الحفظ والعناية والمنع من كل قبيح

تعريف العصمة اصطلاحا
وشرعا عرفها صاحب كتاب نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض(4/ 39).
لمؤلفه احمدالخفاجي قال:هي لطف من الله تعالى يحمل النبي على فعل الخير ويزجره عن الشرمع بقاء الأختيار تحقيقا للأبتلاء وقال أيضا يستحسن في تعريفها من قال:هي حفظ الله عز وجل للأنبياء بواطنهم وظواهرهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهه ولو في حال الصغر مع بقاء الاختيار تحقيقا للابتلاء ...
اذا العصمة تعني حفظ الله عزوجل لأنبيائه عن مواقعة الذنوب الظاهرة والباطنة وأن العناية الالهيه لم تنفك عنهم في كل أطوار حياتهم قبل النبوة وبعدها على ماهو المعتمد كما سيأتي تحقيقه فهي محيطة بهم تحرسهم من الوقوع في منهي عنه شرعا وعقلا....
واذا العناية لاحظتك عيونها نم فالخاوف كلهن أمان
وأما في أصطلاح أهل الأصول هي:منع الله عبده من السقوط في القبيح من الذنوب والأخطاء ونحو ذلك .
هذا ماتيسر من ذكر ما يتعلق بالعصمة ومعناها اللغوي والشرعي باختصار .

وقبل ذكر الادلة لابد من بيان معنى العصمة التي نتكلم عنها وهي عصمة مقيدة لا مطلق العصمة، أي: العصمة من الشرك والكفر والذنوب الشائنة. اذ ان الكلام هو عن العصمة قبل النبوة فحسب.






الادلة على عموم العصمة

قال تعالى: (وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة
قال صاحب البحرالمديد (ج1_ص16.)
{ ومن ذريتي } فاجعل أئمة، { قال } الحق تعالى: { لا ينال عهدي }أي: لا يلحق عهدي بالإمامة { الظالمين } منهم، إذ لا يصلح للإمامة إلا البررة الأتقياء، لأنها أمانة من الله وعهد، والظالم لا يصلح لها، وفيه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة لا يستحقون الإمامة، وفيه دليل على عصمة الأنبياء قبل البعثة، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة. قاله البيضاوي.اه
وقال ابو السعود في تفسيره.(ج1_ص156) وفيه دليل على عصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر على الإطلاق وعدم صلاحية الظالم للإمامة.
وقال:الطاهربن عاشور في تفسيره التحريروالتنوير(ج1_ص9) وقد علمتَ آنفاً عصمة الأنبياء من الشرك قبل النبوءة فعصمتهم منه بعد النبوءة بالأولى، قال تعالى: ( لئن أشركت ليحبطَن عملك )
وقال في موضع اخر(، والهمّ بالسيئة مع الكف عن إيقاعها ليس بكبيرة فلا ينافي عصمة الأنبياء من الكبائر قبل النبوءة على قول من رأى عصمتهم منها قبل النبوءة، وهو قول الجمهور.
وهنا يرد علينا سؤال وهو ماذا يترتب على هذه المسألة أي ماذا يترتب على القول بعدم عصمة الانبياء قبل الوحي؟؟؟
الجواب ان هذا يؤثر على دعوتهم بعد النبوة سلبا وايجابا وان هذا طريق الى اذاهم كماسيأتي عن ابن حزم رحمه الله تعالى وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة في كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى ولامام ابن حزم رحمه الله تعالى.
وممن استدل بهذه الاية وغيرها على عصمتهم قبل الوحي
صاحب تفسير روح البيان(ج1-ص179)حيث قال:
وفي الآية دليل على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر قبل البعثة وبعدها.
وقال ايضا صاحب مفاتح الغيب (1_40) المسألة السادسة الآية تدل على عصمة الأنبياء من وجهين الأول أنه قد ثبت أن المراد من هذا العهد الإمامة ولا شك أن كل نبي إمام فإن الإمام هو الذي يؤتم به والنبي أولى الناس وإذا دلت الآية على أن الإمام لا يكون فاسقاً فبأن تدل على أن الرسول لا يجوز أن يكون فاسقاً فاعلاً للذنب والمعصية أولى الثاني قال وَلاَ يَنَالُونَ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فهذا العهد إن كان هو النبوة وجب أن تكون لا ينالها أحد من الظالمين وإن كان هو الإمامة فكذلك لأن كل نبي لا بد وأن يكون إماماً يؤتم به وكل فاسق ظالم لنفسه فوجب أن لا تحصل النبوة لأحد من الفاسقين والله أعلم.
قال الزمخشري رحمه الله في الكشاف ( 2_ 772) من قال: كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية، فنعم ؛ وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله ؛ والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع )
مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَىْء ( ( يوسف: 38 ) وكفى بالنبي نقيصه عند الكفار أن يسبق له كفر )
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) ففي هذه الاية أيضا د ليل على عموم عصمته علية السلام.
ومن الادلة على ذلك أيضا مارواه الامام الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا الحارث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان رسول الله يحرس حتى نزلت هذه الآية والله يعصمك من الناس
فأخرج رسول الله رأسه من القبة فقال يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل برقم (3046) وحسنه العلامة الالباني فيه وذكر له شواهد في الصحيحة 5- 644)رقم(2489).
وأصرح ما ورد في ذلك من أقوال الصحابة ما رواه الامام أحمد قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِيسَى، يَعْنِى ابْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، قَالَ: إِنِّى لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ  بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىِّ  بِشَهْرٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، فَنُودِىَ فِى النَّاسِ: أَنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، وَهِىَ أَوَّلُ صَلاةٍ فِى الْمُسْلِمِينَ نُودِىَ بِهَا إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، شَيْئًا صُنِعَ لَهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ، وَهِىَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِى الإِسْلاَمِ، قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا كَفَانِيهِ غَيْرِى، وَلَئِنْ أَخَذْتُمُونِى بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ  مَا أُطِيقُهَا، إِنْ كَانَ لَمَعْصُومًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ مِنَ السَّمَاءِ) ( )
الفصل الثاني
الادلة على عصمته قبل النبوة 

قال الامام البخاري(حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)364ورواه مسلم34.
قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري (بنيان الكعبة كان والنبى غلام قبل البعثة بمدة، وقيل: كان يومئذ ابن خمسة عشر عامًا، وقد بعثه الله بالرسالة إلى خلقه، وعلَّمه ما يعلم)
وقال في عمدة القاري (وجاء في رواية غير ( الصحيحين ) إن الملك نزل عليه فشد إزاره ) وقد ترجم البيهقي للحديث بقوله( في (الدلائل) 2/ 30 - 31، باب ما جاء في حفظ الله عزّ وجلّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعايبها، لما يريد به من كرامته برسالته حتى بعثه رسولا) .
فان حفظ الله له عليه السلام من الوقوع في الشرك أولى من حفظ عورته بكثير كما هو معلوم.
قال الامام مسلم في صحيحه حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره)برقم (162)
قال الشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي في رسالته (حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة)(1_134)
فالحديث نص على إخراج جبريل لحظ الشيطان منه صلى الله عليه وسلم وتطهيره لقلبه فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه. وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره صلى الله عليه وسلم.
وموضع الشاهد هنا هو قول الشيخ محمد بن خليفة وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره صلى الله عليه وسلم فهذا الحديث نص على حفظ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله وسلم قبل البعثة.
وقال صاحب كتاب رد شبهات حول عصمة لعماد السيد محمد إسماعيل الشربينى
(وإخراج جبريل لحظ الشيطان منه، وتطهيره لقلبه، فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه، وهذا دليل على عصمته من كل ما يمس قلبه، وعقيدته، وخلقه، منذ صغره صلى الله عليه وسلم.)
وقال (صاحب كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع) العبد الرءوف محمد عثمان
الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة - الرياض
فهذا الحديث يبين أن الله طهر قلبه صلى الله عليه وسلم منذ صغره وحفظه من وصول الشيطان إليه وذلك ليعده فيما بعد لمهمة النبوة والرسالة . فنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الزاكية والخصال الحميدة، والفطرة النقية السليمة، فبغضت إليه الأوثان فلم يسجد لصنم قط، وحبب إليه الخير ومكارم الأخلاق، فكان في ذلك مضرب الأمثال، وكيف لا ؟ وهو الملقب من قبل قومه بالصادق الأمين صلى الله عليه وسلم .
ومن الأدلة أيضا مارواه ابن حبان( باب عصمته صلى الله عليه واله وسلم) (2100)
أنبأنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله منهما قلت لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم يرعاها ابصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال نعم فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف ومزامير قلت ما هذا قالوا فلان يتزوج فلانة رجل من قريش تزوج امرأة من قريش فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فأخبرته ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فسمعت كما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت فقلت ما فعلت شيئا" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوبة"

قال صاحب كتاب(رد شبهات حول عصمة الرسول 1/90)
أخرجه ابن حبان فى صحيحه الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) كتاب التاريخ، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يوحى إليه 14/ 169 رقم 6272، والحاكم فى المستدرك 4/273 رقم 7619 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبى، وأخرجه البزار ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/226، وصححه جماعة من الأئمة غير من سبق ذكرهم. منهم ابن حزم فى الفصل فى الملل والنحل 2/321، والقارى فى شرح الشفا 1/299 والشهاب الخفاجى فى نسيم الرياض 1/483، وابن حجر فى المطالب العالية 4/178 رقم 4259، وقال: قال البوصيرى: رواه ابن إسحاق بإسناد حسن، وابن حبان فى صحيحه، ووافق= =ابن حجر، السيوطى فى الخصائص الكبرى 1/15.، والحديث أخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/186 رقم 128 واللفظ له، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 2/33، 34، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 2/267 من رواية البيهقى، وقال: هذا حديث غريب جداً، وقد يكون عن على بن أبى طالب نفسه، ويكون قوله فى آخره "حتى أكرمنى الله عز وجل بنبوته، مقحماً أهـ قلت: ما قاله الحافظ ابن كثير يرده، إخراج الأئمة للحديث مرفوعاً، وتصحيح بعض الأئمة له
فهذا الحديث نص واضح في عصمته عليه السلام قبل النبوة.وفيه قص النبى صلى الله عليه وسلم عن نفسه من خبر حفظ الله إياه من كل سوء منذ صغره وصدر شبابه، ما يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية:

الأولى: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً بخصائص البشرية كلها، وكان يجد فى نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميولات الفطرية التى اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها. فكان يحس بمعنى السمر واللهو، ويشعر بما فى ذلك من متعة، وتحدثه نفسه لو تمتع بشئ من ذلك كما يتمتع الآخرون.
الثانية: أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف، وعن كل مالا يتفق مع مقتضيات الدعوة التى هيأه الله لها،
فهو حتى عندما لا يجد لديه الوحي أو الشريعة التى تعصمه من الاستجابة لكثير من رغائب النفس، يجد عاصماً آخر خفياً يحول بينه وبين ما قد تتطلع إليه نفسه مما لا يليق بمن هيأته الأقدار لتتميم مكارم الأخلاق، وإرساء شريعة الإسلام المصدرالسابق.
قال:الامام الترمذي حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال وآدم بين الروح والجسد
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وفي الباب عن ميسرة الفجر (3609) صححه الألباني
ورواى ابن ابي عاصم فقال: ثنا أبو موسى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا منصور بن سعد عن بديل العقيلي عن عبد الله
بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كتبت نبيا؟ قال:( وأدم بين الروح والجسد)برقم (410) صححه الألباني ايضا.

قال ابن حبان في صحيحه( 6404)
أخبرنا علي بن الحسين بن سلمان بالفسطاط حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا ابن وهب قال: وأخبرني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية الفزاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني أنه خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام ) قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح لغيره. رواه الامام أحمد 17163
قال الشيخ شعيب صحيح لغيره.

قال:الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف(89) قد استدل الإمام أحمد بحديث العرباض بن سارية هذا على أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يزل على التوحيد منذ نشأ و رد بذلك على من زعم غير ذلك بل قد يستدل بهذا الحديث على أنه صلى الله عليه و سلم ولد نبيا فإن نبوته وجبت له من حين أخذ الميثاق منه حين استخرج من صلب آدم فكان نبيا من حينئذ لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك و ذلك لا يمنع كونه نبيا قبل خروجه كمن يولى ولاية و يؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته و إن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت قال حنبل: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد: من زعم أن النبي كان على دين قومه قبل أن يبعث ؟ قال: هذا قول سوء ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يحذر كلامه و لا يجالس قلت له: إن جارنا الناقد أبا العباس يقول هذه المقالة ؟ قال: قاتله الله و أي شيء أبقى إذا زعم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان على دين قومه و هم يعبدون الأصنام قال الله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام: { و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } قلت له: و زعم أن خديجة كانت على ذلك حين تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم في الجاهلية قال: أما خديجة فلا أقول شيئا قد كانت أول من آمن به من النساء ثم قال: ماذا يحدث الناس من الكلام ! ! هؤلاء أصحاب الكلام لم يفلح ـ سبحان الله ـ لهذا القول و احتج في ذلك بكلام لم أحفظه.
قال الامام أبومحمد بن حزم رحمه الله تعالى: "فإن قال قائل: أيجوز أن يكون نبي من الأنبياء عليهم السلام يأتي معصية قبل أن يتنبأ؟ قلنا: لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما: اما أن يكون متعبداً بشريعة نبي أتى قبله كما كان عيسى ـ عليه السلام ـ واما أن يكون قد نشأ في قوم قد درست شريعتهم ودثرت ونسيت كما في بعثة محمد  في قوم قد نسوا شريعة إسماعيل وابراهيم عليهما السلام ـ قال تعالى (ووجدك ضالا فهدى) وقال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر آبائهم) فإن كان النبي متعبداً بشريعةٍ ما فقد أبطلنا آنفا أن يكون نبي يعصي ربه أصلاً، وإن كان نشأ في قوم دثرت شريعتهم فهو غير متعبد ولا مأمور بما لم يأته أمر الله تعالى به بعد، فليس عاصياً لله ـ تعالى ـ في شئ يفعله أو يتركه، الإ أننا ندري أن الله ـ عز و جل ـ قد طهر أنبياء وصانهم من كل ما يعابون به؛ لأن العيب أذى وقد حرم الله ـ عز و جل ـ أن يؤذى رسوله قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ).

قال أبو محمد: فبيقين ندري أن الله تعالى صان أنبياءه عن أن يكونوا لبغية، أو من أولاد بغى، أو من بغايا بل بعثهم ـ الله تعالى ـ في حسب قومهم، فإذاً لا شك في هذا، فبيقين ندري أن الله تعالى عصمهم قبل النبوة من كل ما يؤذون به بعد النبوة، فدخل في ذلك السرقة والعدوان والقسوة والزنا واللياطة والبغي وأذى الناس في حريمهم وأموالهم وأنفسهم وكل ما يعاب به المرء ويتشكى منه ويؤذى بذكره"( )
ويتلخص من كلام الامام ابن حزم ان الانبياء عليهم السلام معصومين من الكفروالشرك وكل مايقدح في مقام النبوة قبل البعثة وبعدها.
















الباب الرابع
فيه فصلين
الفصل الاول بيان معنى اية الشورى
الفصل الثاني بيان معنى اية الضحى

الفصل الاول
قوله تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ الشورى: ٥٢

فان ظاهر هذه الاية(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ )
يخالف ما قدمنا من تأصيل ونقولات عن الأئمة من معرفته التوحيد والايمان معرفة اجمالية وليس الأمركذلك واليك التفصيل قال الامام أبي عبدالله محمدبن أبي بكر القرطبي (ت671): "أي لم تكن تعرف الطريق إلى الإيمان. وظاهر هذا يدل على أنه ما كان قبل الإيحاء متصفا بالإيمان. قال القشيري: وهو من مجوزات العقول، والذي صار إليه المعظم أن الله ما بعث نبياً إلا كان مؤمناً به قبل البعثة. وفيه تحكم، إلا أن يثبت ذلك بتوقيف مقطوع به( ). قال القاضي عياض وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة فللناس فيه خلاف ؛ والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته والتشكك في شيء من ذلك. وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا ؛ ونشأتهم على التوحيد والإيمان"( ) ثم نقل عن القاضي عياض (ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبئ واصطفي ممن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك. ومستند هذا الباب النقل. وقد استدل بعضهم بأن القلوب تنفر عمن كانت هذه سبيله"( ).
وهنا مسألة هل كان النبي صلى الله عليه واله وسلم متعبدا بشرع احد من قبله؟
فمنهم من منع ذلك مطلقا وأحاله عقلا. قالوا: لأنه مبعد أن يكون متبوعا من عرف تابعا، وبنوا هذا على التحسين والتقبيح. وقالت فرقة أخرى: بالوقف في أمره عليه السلام وترك قطع الحكم عليه بشيء في ذلك، إذ لم يحل الوجهين منهما العقل ولا استبان عندها في أحدهما طريق النقل، وهذا مذهب أبي المعالي. وقالت فرقة ثالثة: إنه كان متعبدا بشرع من قبله وعاملا به ؛ ثم اختلف هؤلاء في التعيين، فذهبت طائفة إلى أنه كان على دين عيسى فإنه ناسخ لجميع الأديان والملل قبلها ؛ فلا يجوز أن يكون النبي على دين منسوخ. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين إبراهيم ؛ لأنه من ولده وهو أبو الأنبياء. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين موسى ؛ لأنه أقدم الأديان. وذهبت المعتزلة إلى أنه لا بد أن يكون على دين ولكن عين الدين غير معلومة عندنا. وقد أبطل هذه الأقوال كلها أئمتنا ؛ إذ هي أقوال متعارضة وليس فيها دلالة قاطعة، وإن كان العقل يجوز ذلك كله. والذي يقطع به أنه عليه السلام لم يكن منسوبا إلى واحد من الأنبياء نسبة تقتضي أن يكون واحدا من أمته ومخاطبا بكل شريعته ؛ بل شريعته مستقلة بنفسها مفتتحة من عند الله الحاكم جل وعز.
ثم قال القاضي: "وأنا أقول: إن قريشا قد رمت نبينا عليه السلام بكل ما افترته، وعير كفار الأمم أنبياءها بكل ما أمكنها واختلقته، مما نص الله عليه أو نقلته إلينا الرواة، ولم نجد في شيء من ذلك تعييرا لواحد منهم برفضه آلهتهم وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه. ولوكان هذا لكانوا بذلك مبادرين، وبتلونه في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركه آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم من قبل ؛ ففي إطباقهم على الإعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه ؛ إذ لو كان لنقل وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عن تحويل القبلة وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] كما حكاه الله عنهم. ( )
وقال جماعة: معنى الإيمان في هذه الآية شرائع الإيمان ومعالمه ؛ ذكره الثعلبي. وقيل: تفاصيل هذا الشرع ؛ أي كنت غافلا عن هذه التفاصيل. ويجوز إطلاق لفظ الإيمان على تفاصيل الشرع ؛ ذكره القشيري: وقيل: ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن، ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان ؛ ونحوه عن أبي العالية. وقال بكر القاضي: ولا الإيمان الذي هو الفرائض والأحكام. قال: وكان قبل مؤمنا بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل ؛ فزاد بالتكليف إيمانا. وهذه الأقوال الأربعة متقاربة. وقال ابن خزيمة:عنى بالإيمان الصلاة ؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي صلاتكم إلى بيت المقدس ؛ فيكون اللفظ عاما والمراد الخصوصي. وقال الحسين بن الفضل: أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا أهل الإيمان. ( )
وقيل: ما كنت تدري شيئا إذ كنت في المهد وقبل البلوغ. وحكى الماوردي نحوه عن علي بن عيسى قال: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ. وقيل: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك، وهو محتمل. وفي هذا الإيمان وجهان: أحدهما: أنه الإيمان بالله، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته. والثاني: أنه دين الإسلام، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة.
وقال:
ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير(قوله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب وذلك أنه لم يكن يعرف القرآن قبل الوحي ولا الإيمان فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه بمعنى الدعوة إلى الإيمان قاله أبو العالية.
والثاني: أن المراد به شرائع الإيمان ومعالمه وهي كلها إيمان وقد سمى الصلاة إيمانا بقوله: وما كان الله ليضيع إيمانكم البقرة ، هذا اختيار ابن قتيبة ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.
والثالث: أنه ما كان يعرف الإيمان حين كان في المهد وإذ كان طفلا قبل البلوغ حكاه الواحدي.
والقول ما اختاره ابن قتيبة وابن خزيمة وقد اشتهر في الحديث عنه عليه السلام أنه كان قبل النبوة يوحد الله ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة إبراهيم عليه السلام. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من زعم أن النبي  كان على دين قومه فهو قول سوء أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب وقال ابن قتيبة: قد جاء أنه كان على دين قومه أربعين سنة، ومعناه أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إسماعيل، من ذلك حج البيت والختان وإيقاع الطلاق إذا كان ثلاثا وأن للزوج الرجعة في الواحدة والاثنتين ودية النفس مائة من الإبل والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وكان عليه الصلاة و السلام على ما كانوا عليه من الإيمان بالله والعمل بشرائعهم في الختان والغسل والحج وكان لا يقرب الأوثان ويعيبها وكان لا يعرف شرائع الله التي شرعها لعباده على لسانه فذلك قوله: ما كنت تدري ما الكتاب، يعني: القرآن ولا الإيمان يعني: شرائع الإيمان، ولم يرد الإيمان الذي هو الإقرار بالله؛ لأن آباءه الذين ماتوا على الشرك كانوا يؤمنون بالله ويحجون له البيت مع شركهم.
قوله تعالى: ولكن جعلناه، في هاء الكناية قولان، أحدهما: أنها ترجع إلى القرآن والثاني: إلى الإيمان نورا أي ضياء ودليلاً على التوحيد نهدي به من نشاء من عبادنا إلى دين الحق.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ}, يبين الله جل وعلا فيه منته على هذا النبي الكريم، بأنه علمه هذا القرآن العظيم ولم يكن يعلمه قبل ذلك، وعلمه تفاصيل دين الإسلام ولم يكن يعلمها قبل ذلك.
وقال ابن كثير(أي: على التفصيل الذي شرع لك في القرآن)
وقال البغوي في تفسيره معالم التنزيل(، { مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ } يعني شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: "الإيمان" في هذا الموضع: الصلاة، ودليله: قوله عز وجل: "وما كان الله ليضيع إيمانكم"( البقرة 143 ) .
وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم((( )))، ولم يتبين له شرائع دينه.

وقال الماوردي في النكت والعيون
مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ ( فيه وجهان:
أحدهما: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ، قاله ابن عيسى .
الثاني: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك وهو محتمل .
وفي هذا الإيمان وجهان:
أحدهما: أنه الإيمان بالله، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته .
الثاني: أنه دين الإٍسلام، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة .
وقال حقي في تفسيره({ ولا الايمان } اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الامور التى لا تهتدى اليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرءآن قبل الوحى ولا شرآئع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى { وما كان الله ليضيع ايمانكم } اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت ونثا قط قال « لا » قيل هل شربت خمرا قط قال « لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان »اى الايمان الشرعى المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وايقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحرم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله  على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فيقول البيضاوى وهو دليل على انه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الاثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذى يؤمن ومن الذى لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر
وقال صاحب تفسير روح البيان( أي: الإيمان بتفاصيل ما في تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدي إليها العقول لا الإيمان بما يستقل به العقل والنظر، فإن درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعاً، فإن أهل الوصول اجتمعوا على أن الرسل عليهم السلام، وكانوا مؤمنين قبل الوحي ومعصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلاً عن الكفر، وهو مراد من قال: لا يعرف القرآن قبل الوحي ولا شرائع الإيمان ومعالمه، وهي إيمان كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (البقرة: 143) ؛ أي: صلاتكم سماها إيماناً ؛ لأنها من شعب الإيمان، ويدل عليه أنه عليه السلام قيل له: هل عبدت وثناً قط قال: لا قيل: هل شربت خمراً قط.
قال: لا وما زلت أعرف أن الذين هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب؟ ولا الإيمان ؛ أي: الإيمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الأحكام.
وقال في مفاتح الغيب(مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر وذكروا في الجواب وجوهاً الأول مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ أي القرآن وَلاَ الإِيمَانُ أي الصلاة لقوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ أي صلاتكم الثاني أن يحمل هذا على حذف المضاف أي ما كنت تدري ما الكتاب ومن أهل الإيمان يعني من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن الثالث ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلاً في المهد الرابع الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به وإنه قبل النبوّة ما كان عارفاً بجميع تكاليف الله تعالى بل إنه كان عارفاً بالله تعالى وذلك لا ينافي ما ذكرناه الخامس صفات الله تعالى على قسمين منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقل ومنها ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوّة
ثم قال تعالى وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا واختلفوا في الضمير في قوله وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ منهم من قال إنه راجع إلى القرآن دون الإيمان لأنه هو الذي يعرف به الأحكام.
وقد اكثرت النقل عن أئمة التفسير في بيان معنى هذه الاية لان بعض أهل العلم قد أخذ بظاهر الاية كالشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى ورضي الله عنه حيث تكلم عن المسألة في كتابه (تفسير ايات أشكلت على كثير من العلماء)
على أنه لم يخالف في عصمته عليه السلام وإنما ذكر أن وقوع الشرك ممكن من بعض الانبياء! ولا يوجد نص صريح يمنع من ذلك اما في حق نبينا عليه السلام فقد تقدم نقل الادلة على ذلك انظر منه(16.الى239)ففيه بحث نفيس حول الموضوع.


الفصل الثاني
في بيان معنى قوله تعالى( وَوَجَدَك َ ضَالاً فَهَدَى)
قال: الامام الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان (1_318)
أي: ذاهبًا عمّا علمك من العلوم التي لا تدرك إلا بالوحي.
الضلال بمعنى الذهاب عن علم حقيقة الأمر المطابقة للواقع، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى} [93/7] أي ذاهباً عما تعلمه الآن من العلوم والمعارف التي لا تعرف إلا بالوحي فهداك إلى تلك العلوم والمعارف بالوحي. وحدد هذا المعنى قوله: تعالى عن أولاد يعقوب: {قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}، أي: ذهابك عن العلم بحقيقة أمر يوسف، ومن أجل ذلك تطمع في رجوعه إليك، وذلك لا طمع فيه على أظهر التفسيرات
قال ابي القاسم ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى } فيه ستة أقوال: أحدها: وجدك ضالاً عن معرفة الشريعة فهداك إليها، فالضلال عبارة عن التوقيف في أمر الدين حتى جاءه الحق من عند الله، فهو كقوله: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان } [ الشورى: 52 ] وهذا هو الأظهر وهو الذي اختاره ابن عطية وغيره ومعناه أنه لم يكن يعرف تفصيل الشريعة وفروعها حتى بعثه الله، ولكنه ما كفر بالله ولا أشرك به لأنه كان معصوماً من ذلك من قبل النبوة وبعدها . والثاني: وجدك في قوم ضلاّل، فكأنك واحد منهم، وإن لم تكن تعبد ما يعبدون، وهذا قريب من الأول . والثالث: وجدك ضالاً عن الهجرة فهداك إليها، وهذا ضعيف، لأن السورة نزلت قبل الهجرة، الرابع: وجد حامل الذكر لا تعرف فهدى الناس إليك وهداهم بك، وهذا بعيد عن المعنى المقصود . الخامس: أنه من الضلال عن الطريق، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ضلّ في بعض شعب مكة، وهو صغير فردّه الله إلى جده، وقيل: بل ضلّ من مرضعته حليمة فرده الله إليها، وقيل: بل ضل في طريق الشام حين خرج إليها مع أبي طالب . السادس: أنه بمعنى الضلال من المحبة أي وجدك محباً لله فهداك إليه ومنه قول إخوة يوسف لأبيهم، { تالله إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ القديم } [ يوسف: 95 ] محبتك ليوسف.
وقال القرطبي في الجامع لاحكام القران(والضلال حقيقته الذهاب عن الحق ؛ أخذ من ضلال الطريق، وهو العدول عن سمته. قال ابن عرفة: الضلالة عند العرب سلوك غير سبيل القصد ؛ يقال: ضل عن الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه. وخص في الشرع بالعبارة في العدول عن السداد في الاعتقاد دون الأعمال ؛ ومن غريب أمره أنه يعبر به عن عدم المعرفة بالحق سبحانه إذا قابله غفلة ولم يقترن بعدمه جهل أو شك، وعليه حمل العلماء قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} [الضحى: 7] أي غافلا، في أحد التأويلات، يحققه قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} [الشورى: 52].
وقال ايضا(- {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى}
أي غافلا عما يراد بك من أمر النبوة، فهداك: أي أرشدك. والضلال هنا بمعنى الغفلة ؛ كقوله جل ثناؤه: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} أي لا يغفل. وقال في حق نبيه: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} وقال قوم: {ضَالاً} لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك اللّه إلى القرآن، وشرائع الإسلام ؛ عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهو معنى قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ}، على ما بينا في سورة الشورى. وقال قوم: {وَوَجَدَكَ ضَالاً} أي في قوم ضلال، فهداهم اللّه بك. هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه ؛ أي ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم. وقيل: {وَوَجَدَكَ ضَالاً} عن الهجرة، فهداك إليها. وقيل: {ضَالاً} أي ناسيا شأن الاستئناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك ؛ كما قال تعالى: " {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} . وقيل: ووجدك طالبا للقبلة فهداك إليها ؛ بيانه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ...} الآية. ويكون الضلال بمعنى الطلب ؛ لأن الضال طالب. وقيل: ووجدك متحيرا عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه ؛ فيكون الضلال بمعنى التحير ؛ لأن الضال متحير. وقيل: ووجدك ضائعا في قومك ؛ فهداك إليه ؛ ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل: ووجدك محبا للهداية، فهداك إليها ؛ ويكون الضلال بمعنى المحبة. ومنه قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} أي في محبتك. قال الشاعر:
هذا الضلال أشاب مني المفرقا ... العارضين ولم أكن متحققا
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي ... بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل: {ضَالاً} في شعاب مكة، فهداك وردك إلى جدك عبدالمطلب. قال ابن عباس: ضل النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو صغير في شعاب مكة، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه، فرده إلى جده عبدالمطلب ؛ فمن اللّه عليه بذلك، حين رده إلى جده على يدي عدوه. وقال سعيد بن جبير: خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم مع عمه أبي طالب في سفر، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظلماء، فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل عليه السلام، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند، ورده إلى القافلة ؛ فمن اللّه عليه بذلك. وقال كعب: إن حليمة لما قضت حق الرضاع، جاءت برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لترده على عبدالمطلب،
قال: ابن ابي زمنيين في تفسيره (ووجدك ضالا فهدى كقوله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا يعني القرآن ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان)
وقال:ابن كثير(وقوله: { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } كقوله { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ الشورى: 52 ] ومنهم من قال [إن] المراد بهذا أنه، عليه السلام، ضل في شعاب مكة وهو صغير، ثم رجع. وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس يعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.
قال: صاحب تفسير المحيط لابن حيان الاندلسي(ووجدك ضالا فهدى
لا يمكن حمله على الضلال الذي يقابله الهدى، لأن الأنبياء معصومون من ذلك . قال ابن عباس: هو ضلاله وهو في صغره في شعاب مكة، ثم رده الله إلى جده عبد المطلب . وقيل: ضلاله من حليمة مرضعته . وقيل: ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب )،
وقال البغوي (وَوَجَدَكَ ضَالا } يعني ضالا عما أنت عليه { فَهَدَى } أي: فهداك للتوحيد والنبوة.
قال الحسن والضحاك وابن كيسان: "ووجدك ضالا" عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلا عنها، فهداك إليها، [كما قال] "وإن كنت من قبله لمن الغافلين" (يوسف -3) وقال: "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" (الشورى -52) .
وقيل: ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب وروى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب).
قال الثعالبي في تفسيره(قال عياض ولا اعلم احدا من المفسرين قال فيها ضالا عن الايمان)
قال ابن جريرالطبري رحمه الله(وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى ) ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم.
وقال السديّ في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن السديّ( وَوَجَدَكَ ضَالا ) قال: كان على أمر قومه أربعين عاما. وقيل: عُنِيَ بذلك: ووجدك في قوم ضلال فهداك. وقد تقدم رد هذا الكلام عن الامام احمد رحمه الله تعالى فقد قال هذا قول سوء لايجالس صاحبه وكأن الامام أحمد عد هذا القول محدث في الدين ولهذا نهى عن مجالست قائله كائناً من كان مع حفظ مقامه في الأسلام.

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله(ووجدك ضالاً فهدى} {وجدك ضالاً} أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي، كما قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113]. وقال: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: 48]. فهو صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً بل هو من الأميين {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة: 2]. لا يقرأ ولا يكتب، لكن وصل إلى هذه الغاية العظيمة بالوحي الذي أنزله الله عليه، فعلم وعلَّم وهنا قال {فهدى} ولم يأت التعبير ـ والله أعلم ـ فهداك، ليكون هذا أشمل وأوسع فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام، وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام. إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك.)
فهذه نبذة من اقوال المفسرين في بيان معنى الاية حاصلها ان المنفي في الاية ليس الايمان المجمل ومعرفة النبي للتوحيد وانما هي على ماتقدم في اية الشورى كما هو قول الغالبية العظمة من أهل العلم.

والخلاصة من هذه النقول انه عليه السلام كان عارفا بالله عزوجل محاطا بالعناية الألهيه قبل ان يوحى اليه ذلك لأن صدور الكفر والشرك والصفات الرديئه أعظم طريق الى أذاه والصد عن دعوته بعد النبوة.
ولو كان شيء من ذلك لذكره المشركون تعييراً لهم كما لم يسكتوا عن الامور التي هي ليست عيبا اصلا كتحويل القبلة كما ذكر الله عنهم فلما لم يفعلوا دل ذلك على عدم وجود شيء من ذلك كما نبه على ذلك الإمام القرطبي رحمه الله تعالى.
وعلى هذاالتقرير تبقى الرويات التي ذكرناها تحتاج الى تأويل واليك ماذكره أهل العلم في توجيه الروايات فأقول مستعينا بالله :



















الباب الخامس
وفيه فصلين والخلاصة
الفصل الاول ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني تليخص التوجيهات المذكورة

الفصل الاول
ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية

قال: الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى(فقدم إليه النبي  سفرة قال عياض الصواب الأول قلت رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما وقال ابن بطال كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه و سلم فأبى ان يأكل منها فقدمها النبي  لزيد بن عمرو فأبى ان يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها اولا انا لا ناكل ما ذبح على انصابكم انتهى وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فاني لم اقف عليه في رواية أحد وقد تبعه بن المنير في ذلك وفيه ما فيه قوله على انصابكم بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للاصنام قال الخطابي كان النبي  لا يأكل مما يذبحون عليها للاصنام وياكل ما عدا ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه لان الشرع لم يكن نزل بعد بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه الا بعد المبعث بمدة طويلة قلت وهذا الجواب أولى مما ارتكبه بن بطال وعلى تقدير ان يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكورة فانما يحمل على انه انما ذبح عليه لغير الأصنام واما قوله تعالى وما ذبح على النصب فالمراد به ما ذبح عليها للاصنام ثم قال الخطابي: وقيل: لم ينزل على النبي  في تحريم ذلك شيء قلت وفيه نظر لأنه كان قبل المبعث فهو من تحصيل الحاصل وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قدمته وهو عند احمد وكان بن زيد يقول عذت بما عاذ به إبراهيم ثم يخر ساجدا للكعبة قال فمر بالنبي  وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه فقال يا بن أخي لااكل مما ذبح على النصب قال فما رؤي النبي  يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما قال خرجت مع رسول الله  يوما من مكة وهو مردفي فذبحنا شاة على بعض الانصاب فانضجناها فلقينا زيد بن عمرو فذكر الحديث مطولا وفيه فقال زيد اني لا أكل مما لم يذكر اسم الله عليه قال الداودي كان النبي  قبل المبعث يجانب المشركين في عاداتهم لكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم وقال السهيلي فان قيل فالنبي  كان أولى من زيد بهذه الفضيلة فالجواب انه ليس في الحديث انه  أكل منها وعلى تقدير ان يكون أكل فزيد انما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه وانما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه وانما نزل تحريم ذلك في الإسلام والأصح ان الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة مع ان الذبائح لها أصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القران ولم ينقل ان أحدا بعد المبعث كف عن الذبائح حتى نزلت الآية قلت: وقوله: ان زيدا فعل ذلك برأيه أولى من قول الداودي انه تلقاه عن أهل الكتاب فان حديث الباب بين فيما قال السهيلي وان ذلك قاله زيد باجتهاده لا بنقل عن غيره ولا سيما وزيد يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدا من أهل الكتابين وقد قال القاضي عياض في الملة المشهورة في عصمة الأنبياء قبل النبوة انها كالممتنع لان النواهي انما تكون بعد تقرير الشرع والنبي  لم يكن متعبدا قبل ان يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه والله اعلم فان فرعنا على القول الاخر فالجواب عن قوله ذبحنا شاة على بعض الانصاب يعني الحجارة التي ليست باصنام ولا معبودة وانما هي من الات الجزار التي يذبح عليها لان النصب في الأصل حجر كبير فمنها مايكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه ومنها ما لا يعبد بل يكون من الات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة ....أ-ه (الفتح 7_ 181)
وقال الحربي
في غريبه كما تقدم نقل الأمام الذهبي له وهذا نص كلامه (قَوْلُه ذَبَحْنَا شَاةً لِنُصُبٍ مِنَ الأَنْصابِ لِذَلِكَ وَجْهَانِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ فَعَلهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رسولِ اللّهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَلاَ رَضاهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ِلأَنَّ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنَ العصْمَةَ والتَّوْفيقِ مَا كَانَ اللّه أَعْطَاهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَمنعه مِمَّا لاَ يَحِلُّ مِنْ أَمْرِ الجَاهِليَّةِ وَكَيْفَ يَجُوزُ ذلِكَ وَهُو قَدْ مَنَعَ زَيْداً في حَديثِهِ هَذاَ بِعَيْنِه أَنْ يَمَسَّ صَنَماً . وَمَا مَسَّهُ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ وَلاَ بَعْد فَهُوَ يَنْهَى زَيْداً عَنْ مَسِّهِ / ويَرْضَى أَنْ يَذْبَحَ لَهُ ! ! هَذَا مُحاَلٌ
وَالوجْهُ الثَّانِى: أَنْ يَكُونَ ذَبَحَ لِزَادِهِ فِى خُرُوجِه فَاتَّفَقَ ذَلِكَ عَنْدَ صَنَمٍ كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ فَكَانَ الذّبْحُ مِنْهُمْ لِلصَّنَمِ . وَالذَّبْحُ مِنْهُ اللَه تَعَالَى إِلاَّ أَنَّ المَوْضِعَ جَمَعَ بَيْنَ الذَّبْحَيْنِ فَأَمَّا ظَاهِرُ مَا جَاَْء بِهِ الحَدِيثُ فَمَعَاذَ اللّهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ ابن ِعُمَر وَسَعِيدِ بنِ زَيْدٍ فَليْسَ فِيهما بَيانُ أَنّهُ ذَبَحَ أَوْ أمَرَ بِذَلِكَ . وَلَعَلَّ زَيْداً ظنَّ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِمَّا كَانَتْ قُرَيشٌ تَذْبَحُهُ ِلأَنْصَابِهَا . فامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ الأَمْرُ كَما ظَنَّ فَإِنْ كَان ذَلَك ؟ َ فُعِلَ فِبِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلاَ رَِضاهُ ( 2_ 792)
هذا ملخص ما وجدته من كلام أهل العلم حول هذه المسألة بعد بذل ما استطعت من جهد
وبعد ما تقدم فانا أمام هذه المسألة بين أحد أمرين لا ثالث لهما الأول اما تضعيف رواية الذهبي في السير، واما ترجيح أحد الوجوه التي ذكرها العلماء واليك تلخيصها وهو المطلب الأخير في هذا البحث المتواضع .


الفصل الثاني
تلخيص التوجيهات المذكورة

• ان السفرة كانت لقريش قدموها للنبي فأبى الأكل منها فقدمها النبي لزيد فأبى أن يأكل منها أيضا وعلى هذا فلا أشكال في الرواية أصلا وقد تقدم ضعف هذا الوجه في كلام الحافظ وكلام الشيخ حمدي السلفي أيضا
• ان النبي  كان أصالة يجانب المشركين في عاداتهم وعباداتهم لكنه لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح !!!وهو مع مافيه أقوى من الوجه الأول
• انه كان لايأكل مايذبحون عليها للأصنام ويأكل ما دون ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه...والرواية ترد هذا الوجه اذ هي صريحة في الذبح على النصب وهوموضع الأشكال لا الاكل
• ان النصب هنا هو حجر والة من الات الجزار ليس نصبا بالمعنى الشرعي وانما المراد منه معناه اللغوي لا الشرعي وهذا الوجه كأن الحافظ ابن حجر مال إليه كما ذكره صاحب كتاب (رد شبهات حول عصمة الرسول)

• أن يكون هذا الفعل صدر من زيد ونسب الأمر اليهما لانه كان معه وهذا أقوى من الوجوه السابقة اذ يجمع به بين عصمته وتصحيح هذه الرواية على قول من يرى صحتها وهم الأكثر كما تقدم ومما يقوي هذا الوجه أن زيدا في ذلك الوقت لم يكن متقيدا بكل أوامره خصوصا انه امره ان لا يمس الصنم فمسه لانه لم يرسل حتى تجب طاعته.
• ان يكون ذبح لزاده ووافق ذلك عند صنم فكان الذبح منهم للصنم ومنه لله تعالى فان قال: قائل لم لم يراعي باب سد الذرائع قلنا أن هذا غير وارد لانه لم يرسل بعد فان كان اكل منه كما ورد عن بعض من نقلنا عنهم من أهل العلم فان هذا مما يؤكد هذا الوجه اذ كيف ينهى عن مسه ثم يأكل منه إذ لا فرق بين الامرين حيث أن كليهما شرك فأكله منه دليل لنا على انه ماذبح لغير الله لأنه عليه السلام معصوم من الوقوع في الشرك وحاشاه من ذلك كما قدمنا.من أن العناية الألهية كانت ترعاه منذ صغره صلى الله عليه واله وسلم .
هذا ما استطاع العبد الفقير جمعه حول هذا الموضوع وهو يعلم يقنا أنه ليس اهلا لذلك لكن لعله يكون استطاع ان يشارك في الدفاع عن العقيدة التي يحيا من اجلها الا وهي عبادة الله وحده لا شريك له جل في علاه فما كان فيها من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وأذكر هنا بما قاله أهل العلم كل كتاب سوى كتاب الله سبحانه هو عرضة للنقد والانتقاد والتخطئة والتصحيح فمن رأى زلة قلم أونبوة فهم فليصحح وليقوم

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
جمعه ورتبه الفقير الى عفو ربه
ابو العبدين البصري


جزاك الله خير
__________________
قال الله سبحانه تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

قال الشيخ ربيع بن هادي سدده الله :
( الحدادية لهم أصل خبيث وهو أنهم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريء منه ويعلن براءته منه، فإنهم يصرون على الاستمرار على رمي ذلك المظلوم بما ألصقوه به، فهم بهذا الأصل الخبيث يفوقون الخوارج )

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-24-2011, 12:39 AM
ابو الحسين الأثري ابو الحسين الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 428
افتراضي

الله يجزاك الفردوس ياطيب .

رائعُ أنتَ أينما حللت .
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.



To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-24-2011, 02:24 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي السلام عليكم

حياكم الله وبياكم وطبتم وطاب ممشاكم يا اهل السنة اين ما كنتم
ايها الاخوة الاحبة اود ان اعلمكم ان بحثي شبهة في التوحيد لم ينزل كما اردت حيث ان الحواشي لم تنزل لذا اقتضى التنبيه0
ثم اود مكن الاخوة اذا وجد احد منهم توجيه للمسألة اكثر ان لايبخل على اخيه
ولكم مني جزيل الشكر والدعاء بظهلر الغيب
محبكم
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-29-2011, 01:00 AM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي



شبهة في التوحيد
والأجابة عنها





بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره( )ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا اللّه حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ ( )
يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به والأرْحامَ إِنَّ اللّه كانَ عليكم رَقيباً ( )
يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا اللّه وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع اللّه ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً( )
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وبعد فان سبب البحث في هذا الموضوع هو الدفاع عن التوحيد أولاً، وعن جناب المصطفى  ثانياً. إذ اني في اثناء قراء تي في السير للإمام الذهبي وقع نظري على رواية زيد بن حارثة( ) حيث ان فيها أمراً يمس جانب التوحيد( )
الذي هو "الطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه فهو كأبيض ثوب يكون، يؤثر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جدا، أدنى شيء يؤثر فيها، ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية.فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده وإلا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعه"( ) بله( ) الشبهة التي هي أخطر وأضر على العباد مما سبق في كلام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى0
فكان لزاماً على أهله وحملة رايته تعليمه للناس أبتداءً والدفاع عنه وحمايته وصيانته أنتهاءً، وإنه لمن المؤسف أن ينشغل الشباب المسلم عن تعلم التوحيد وتعليمه ليلاً ونهاراً بتصنيف الناس بين الظن واليقين!!!
فالتوحيد "هومفزَع اعدائهِ واوليائه، فاما اعداؤُه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون واما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها ولذلك فزع اليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه اتباع الرسل فنجوا به مما عُذب به المشركون فى الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة ولما فزع اليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لان الايمان عند المعاينة لا يقبل هذه سنة الله فى عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التى ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقي فى الكرب العظام الا الشرك ولا ينجى منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وبالله التوفيق"( )
فهذا هو التوحيد الذي هو أصل الإسلام وهو دين الله الذي بعث به جميع رسله وله خلق الخلق ، وهو حقه على عباده و هو الفارق بين الموحدين والمشركين وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين الخالدين فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء0 وأعلم ايها الموفق أن أحق الناس برحمته سبحانه وتعالى هم أهل التوحيد والإخلاص له فكل من كان أكمل في تحقيق إخلاص لا إله إلا الله علما وعقيدة وعملا وبراءة وموالاة ومعاداة كان أحق بالرحمة كما قال تعالى:{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف : 56]
وأعظم الناس أحساناً هم أهل توحيده والإخلاص له سبحانه وأهل التوحيد هم المستحقون للشفاعة يوم القيامة كما ثبت في الصحيح أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: "يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فقال:" يا أبا هريرة لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفا عني من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه"( )
وليس المراد هنا هو بيان فضل التوحيد وعظيم شأنه لكن التنويه لشيء يسير منه وإلا فان فضائله لا تعد ولا تحصى فحسبك به فضيلة أن أهله لهم الهداية في الدنيا والأمن في الآخرة كما أخبر الحق سبحانه وتعالى فقال:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام : 82] أي أنهم لم يخلطوا إيمانهم بظلم، والظلم هنا فُسر بالشرك، كما جاء في الحديث الصحيح أنه لما نزلت هذه الآية قال الصحابة  : " أينا لا يظلم نفسه؟ " قال:" ذلك الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }"( )
فان الناس أحوج ما يكونون إلى الهدى في الدنيا الذي نتيجته الأمن في الأخرة ولاينال ذلك إلا بالتوحيد0
فاذا كان الأمر كذلك وهذا هو حال التوحيد وهذه مكانته في الدين بهذا السمو والعلو كان من أعظم الواجبات هو الدفاع عنه ورد كل شبهة تمس جنابه ولاسيما اليوم، فالعالم يبدو كقرية واحدة بسبب انتشار وسائل الأعلام وكثرة الفضائيات0
فأصبحت الشبهة تلقى بكل سهولة ويسمعها آلاف الناس الذين ليس من شأنهم سماع الشبهات!
فضلاً عن ردها، فلذلك وجب على أهل التوحيد أن يجتهدوا أكثر فأكثر في الدفاع عنه،والدعوة إليه والذب عنه ودفع كل شبهة من شأنها أن تشكك فيه لانه إذا تقاعس أهل الحق في الدفاع عنه نشط أهل الباطل في نشر باطلهم( )
قال:الشيخ فتحي حفظه الله تعالى: " للباطل صولة عند غفلة أهل الحق"( )
وقال الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد"للباطل صولة وجولة بسبب تفريط أهل الحق في القيام بواجبهم والله المستعان"( )
فكان هذا البحث جزءً يسيرا من هذا الواجب لعلي أكون قد ساهمت في الدفاع عن هذه العقيدة الطيبة التي أدين الله بها واسأله سبحانه تعالى ان يتوفاني عليها فأقول: مستعينا بالله تعالى :
وقد قسمته الى خمسة ابواب واثني عشر فصلا تناولت فيها تعريف الشبهة ومعناها اللغوي والشرعي بأيجاز ثم كيف يتعامل العبد الموحد مع الشبهة إذا وردت عليه ثم شرعت في ذكر الروايات التي هي موضع الأشكال وبدأت برواية البخاري لأنها الأصل ثم أردفتها بما ذكره الإمام الذهبي وحرصت على ذكر الروايات بأسانيدها لِما قرأته عن الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى حيث نقل عن السلف أنهم كانوا يحرصون على رواية الحديث بسنده ومن أجمل ما ذكره رحمه الله نقلاً عن الحافظ العلائي في"جامع التحصيل" ص(58) حيث قال:"وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن سيرين قال لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم0
وقال سفيان بن عيينة حدث الزهري يوما بحديث, فقلت هاته بلا إسناد فقال ارتقى السطح بلا سلم0
وقال: بقية ثنا عتبة بن أبي حكيم أنه كان عند إسحاق بن أبي فروة وعنده الزهري فجعل ابن أبي فروة يقول قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال الزهري قاتلك الله ما أجرأك ألا تسند حديثك تحدثنا بأحاديث ليست لها خطم ولا أزمة وقال: عبد الصمد ابن حسان سمعت سفيان الثوري يقول الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن سلاح فبم يقاتل وقال: شعبة كل حديث ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خل وبقل0
وفي صحيح مسلم أيضا عن عبدان قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول الإسناد عندي من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء0
وعن العباس بن أبي رزمة قال سمعت عبد الله يعني ابن المبارك يقول بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد0
وعن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لعبد الله بن المبارك يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك قال: فقال عبد الله يا أبا إسحاق عمن هذا قال: قلت له هذا من حديث شهاب بن خراش فقال: ثقة عمن قال قلت: عن الحجاج بن دينار قال ثقة عمن قال: قلت قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه و سلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف0
قال: العلائي: فهذه الآثار وغيرها متظافرة على اعتبار ما دل عليه الحديثان( ) المتقدمان من التصريح بالإسناد وإن ذلك شأن الرواية للحديث وطريق قبوله( )
قال: أبو عبد الرحمن الوادعي رحمه الله تعالى:"فعلى هذا الذين يحذفون الأسانيد من الكتب ويخرجونها مجردة من الأسانيد يعتبرون مسيئين إلى العلم ,وإلى سلفنا الصالح الذين بذلوا جهوداً عظيمة في تتبع الأسانيد والرحلة من أجلها0
ومن أجل هذا فإخوننا في الله يحرصون على ذكر الأحاديث بأسانيدها وبحمد الله وجدت قبولاً, واطمأن إليها الباحثون والحمد لله رب العالمين "( )
ثم تكلمت على ثبوت الرواية وبينت أن لها أصلاً في الصحيح( ) وأتبعت ذلك بترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث عند الذهبي وأعرضت عن ذكر باقي رجال الحديث لأنهم من رجال الصحيحين وبعد ذلك تطرقت لمسألة العصمة لتعلقها ببحثنا فذكرت تعريفها وأدلتها ثم نقلت أقوال المفسرين في بيان معنى آية الشورى وآية الضحى لأنه قد يتوهم أن ظاهرهما يخالف عصمته قبل البعثة وليس لأمر كذلك كما سيمر بك ثم ذكرت أقوى ما عثرت عليه من كلام أهل العلم في توجيه الرواية التي معنا والتي هي موضع الأشكال ملخصاً لها بحسب ما ترجح عندي من حيث القوى والضعف سائلا المولى سبحانه وتعالى الاعانة والتوفيق والإخلاص في القول والعمل انه ولي ذلك والقادر عليه0
فلا تكتب بكفِّك غير شيء ... يَسرّك في القِيامة أن تَراه

الباب الاول: وفيه فصلان
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة
الباب الثاني: وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول ذكرالروايات
الفصل الثاني مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث
. الباب الثالث: عصمة النبي صلى الله عليه واله وسلم؟
الباب الثالث: وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث :الادلة على عصمته قبل النبوة 
الباب الرابع: وفيه فصلان
الفصل الاول في بيان معنى اية الشورى ({وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى : 52]
الفصل الثاني في بيان معنى اية الضحى{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى :
الباب الخامس: فيه فصلان
الفصل الاول ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني تليخص التوجيهات المذكورة
الباب الاول وفيه فصلان:
الفصل الاول تعريف الشبهة
الفصل الثاني بيان كيفية التعامل مع الشبهة
الفصل الاول
تعريف الشبهة:
الشبهة لغة: "الالتباس والاختلاط. وشرعا:هي وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق وذلك بسبب التباس الحق بالباطل حتى لا يتبن"( )
قال ابن فارس رحمه الله : " الشين والباء والهاء أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً ، يقال شِبْه وشَبَه والشبَهُ من الجواهر الذي يشبه الذهب والمشبهات من الأمور المشكلات ، واشتبه الأمران إذا أشكلا0 ( )
وقال ابن منظور:"الشبه: الالتباس ، وأمور مُشْتَبِهةٌ :مشكلة يشبه بعضها بعضاً"( )
وقال أحمد الفيومي:" الشبهة في العقيدة المأخذ الملبس ؛ سميت شبهة لأنها تشبه الحق"( )
إذاً الشبهه سميت بذلك لأنها تشبه الحق من وجه وهي مباينة له من وجه اخر قال:الشيخ العلامة صالح ال الشيخ حفظه تعالى في شرحه على كشف الشبهات: "الشبهات جمع شبهة وهي المسألة التي جعلت شبها بالحق ؛ لأن الحق عليه دليل بين واضح، وسميت شبهة لأنها مسألة من مسائل العلم أورد عليها أصحابها بعض الأدلة التي يظنونها علما فهي عبارة عن تشبيه الباطل بالحق فاذا شبه الباطل بالحق من جهة أن الباطل له دليل وله برهان صارت هذه المسألة إذا عورض بها الحق شبهة"
"والشبهة والمشبهة "هي المسألة المعضلة أو المشكلة التي تلتبس على الناس كما جاء في بعض ألفاظ حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه "الحلال بين والحرام بين وبين الحلال والحرام أمور متشابهات"( )
فسميت (مشبهة ومشتبهة)لأن الأمر يشتبه على الناظر فيها. ثم قال حفظه الله تعالى:"ولا شك ان ازلة الشبهات من أصول هذا الدين ؛لأن الله جل وعلا رد على المشركين في القران ودحض شبهاتهم وأقوالهم قال جل وعلا: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 16]
فكل من يجادل بالباطل له حجة وله علم لكن حجته داحضة فإزالة الشبه التي شبه بها أعداء الملة والدين فرض من الفروض في هذه الشريعة
0وواجب من الواجبات ولابد أن يوجد من يقوم به والا التبس الباطل بالحق وصار هذا يشبه هذا وضل الناس "( )
ومن هذا الباب عزمت على إزالت هذه الشبهة وإن كنت ليس أهلاً لذلك ولكن حسبي أن أستعين بكلام أهل العلم على ذلك فليس لي هنا إلا الجمع والترتيب فقط والله المستعان وعليه التُكلان0

الفصل الثاني
بيان كيفية التعامل مع الشبهة:
والجواب عن أي شبهة يكون بأحد أمرين جواب مجمل ثم جواب مفصل، فان الموحد اذا وردت عليه شبهة فعليه أن يردها ردا مجملا ابتداءً لانه ما من شبهة إلا ولها جواب في الكتاب أو السنة لكن الادراك ومعرفة الحق يتفاوت من شخص الى اخر،
فالعبد اذا مرت به شبهة عليه ان يبادر الى رد المتشابه الى المحكم كما ذكر الله تعالى عن حال عباده الراسخين، فقال عزوجل:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]
ولهذا صح عنه عليه السلام أنه قال:"إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم فاتباع المتشابه هو طريق الزائغين واتباع المحكم هي طريق الراسخين ثم عليه الرجوع إلى أهل العلم الراسخين فيه كما أمر تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء : 83]
قال: العلامة السعدي "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، "أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها" فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك.
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى"( )
فهذه هي الطريقة المثلى عند ورودالشبهة على العبد بل هي سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين0
وعليه ان يبادر الى اتهام العقل بالقصور وتنزيه الشرع من كل نقص حتى ياتيه الجواب المفصل من العلماء0
وكذلك لابد أن يعلم أنه ما من شبهة الا وفي الكتاب العزيز ما يبطلها قال الله عز وجل:{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان33] قال بعض المفسرين "هذه الاية عامة في كل حجة يأتي بها أهل البطل الى يوم القيامة" قال:ابوحيان:"ولايأتونك بشبهة في ابطال امرك الاجئناك بالحق الذي يدحض شبهة اهل الجهل ويبطل كلام أهل الزيغ" ( ) 0( )
وعلى هذا لايأتي صاحب باطل بشبهة الا وفي القران مايبطلها كما ذكر الله عز وجل فطريقة الراسخين مع الشبهة هي ان يقولوا أمنا به أولا ثم حمل المتشابه على المحكم ثانيا ثم اتهام العقل وتنزيه الشرع ثالثا وطريقة الزائغين هي اتباع المتشابه وترك المحكم ومن هنا وقعت المعصية والبدعة والشرك0
والشبهة ترد على الموحد كلما ازداد في دعوته الى التوحيد المفصل0
قال: الشخ صالح ال الشيخ حفظه الله تعالى:"ولا شك أن الداعية بتفصيل في التوحيد سترد عليه شبه وأما الداعية باجمال فلن ترد عليه الشبه فشبه المشبعين في توحيد الله تزداد بازدياد التفصيل في مسائل التوحيد"( )
فالمنهجية المثلى في التعامل مع الشبهة هي الطريقة التي ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه اذ من المعلوم يقينا أن الملة كاملة والنعمة على العباد بعدم النقص سابغة كما أخبر الحق سبحانه وتعالى بقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة : 3] فهو إخبار منه تعالى لعباده المؤمنين بما هو إنعام عليهم منه وامتنان فأولا: إكمال الدين بجميع عقائده وعباداته وأحكامه وآدابه حتى قيل أن هذه الآية نزلت عشية يوم عرفة عام حجة الوداع0( )
بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه.
فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله.( )
فالحمد لله على كمال الملة وتمام النعمة حيث لايبقى لصاحب باطل شبهة الا وفي الشرع ما يبطلها ويقلعها من جذورها فهذا الرد المجمل لهذه المسألة التي بين أيدينا وأما الجواب المفصل فهو ما سيكون في ثنايا هذا البحث وخلاصته0
الباب الثاني :وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول: ذكرالروايات
الفصل الثاني: مناقشة الروايات من حيث ثبوتها
الفصل الثالث: ترجمة الراوي الذي عليه مدارالحديث

الفصل الاول
ذكر الروايات:
وسأقتصر على ذكر أصح ماورد فيها وإلا فهناك روايات أخرى لم اذكرها إما لضعف في بعضها وإما لعدم تعلقها في بحثنا0
قال: الامام البخاري في صحيحه: حدثني محمد بن أبي بكر حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا سالم بن عبدالله بن عمررضي الله عنهما:"أن النبي  لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي  الوحي فقدمت الى النبي  سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد اني لست اكل مما تذبحون على انصابكم ولا اكل الا ما ذكر اسم الله عليه وأن زيد بن عمرو بن نفيل كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله انكارا لذلك واعظماً له" ( )
وقال في موضع اخر: حدثني معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار اخبرنا موسى بن عقبى قال: أخبرني سالم انه سمع عبدالله يحدث عن رسول الله  "أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذاك قبل ان ينزل على رسول الله  الوحي فقدم اليه رسول الله  سفرة لحم فأبى أن يأكل منها، قال اني لا اكل مما تذبحون على انصابكم ولا اكل الا ماذكر اسم الله عليه" ( )!!
فالناظر في هاتين الروايتين يجد اختلافاً، بينهما فأمّا الروية الاولى فقد ورد فيها ان السفرة قدمت الى النبي  وأما في الروايا الثانية فقد ورد انه هو قدمها الى زيد!! قال: العلامة محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى: "قلت: هذا اختلاف شديد بين الروايتين قال الحافظ: "وجمع ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة الى النبي  فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال" ، قلت: والرواية الأولى في سندها فضيل بن سليمان النميري، وفيه ضعف. قال: في( الخلاصة) وقال أبوزرعة: لين. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي. ووثقه ابن حبان، وقد خالفه عبدالعزيزبن المختار عند المصنف، ووهيب بن خالد وزهير وهو ابن معاويةّعندأحمد (2-68و8 9و127) ثلاثتهم بالرواية الاخرى، فهي المحفوظة"( )
وعلى هذا الترجيح الذي ذكره الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: يكون الذي قدم السفرة هوالنبي  لا قريش كما ذكر ذلك بعض اهل العلم ومما يوضح ذلك أكثر ماذكره الإمام الذهبي في السير( )
حيث قال: "عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله  وهو مردفي إلى نصب من الانصاب، فذبحنا له ( ضمير له راجع إلى رسول الله ) شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أقبل رسول الله  يسير، وهو مردفي، في أيام الحر، حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر،
فقال: له النبي : مالي أرى قومك قد شنفوا لك"أي:أبغضوك"؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة ( ) كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة ( ) فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته،
فقال: إن كل من رأيت في ضلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، واتبع فرجعت، فلم أحس شيئا، فأناخ رسول الله  البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: ما هذه؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا. قال: فقال إني لا آكل مما ذبح لغير الله، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يأتي أمة وحده"( )
قال: الذهبي:"رواه إبراهيم الحربي في " الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي ، إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه، لان زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو ـ عليه السلام ـ قد منع زيداً أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم، هذا محال.
الثاني: ان يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن، فإنما الاعمال بالنية، [ أما ] زيد، فأخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما سكت النبي عن الافصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للاوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيداً ـ رحمه الله ـ توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا
وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الارض سبعين واديا( )
وقال: في موضع اخرمن السير( ):"عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال:"خرجت مع رسول الله يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الانصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل، فقال: النبي: يا زيد! ما لي أرى قومك قد شنفوا لك؟
قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فدك، فوجدتهم يعبدون [الله] ويشركون [به].فقدمت على أحبار خيبر، فوجدتهم كذلك، فقدمت على أحبار الشام، فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي.فقال: شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله [ به ]إلا شيخ بالحيرة فخرجت حتى أقدم عليه، فلما رآني، قال: ممن أنت ؟ قلت من أهل بيت الله.
قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك، قد بعث نبي طلع نجمه، وجميع من رأيتهم في ضلال.
قال: فلم أحس بشئ.
قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد ؟
قال: شاة ذبحناها لنصب.
قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
وتفرقنا، فأتى رسول الله البيت، فطاف به، وأنا معه، وبالصفا والمروة، وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة.وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما.فقال النبي: " لا تمسحهما فإنهما رجس ".
فقلت في نفسي: لامسنهما حتى أنظر ما يقول.فمسستهما، فقال: "يا زيد! ألم تنه؟ قال: ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي ، فقال النبي،  لزيد:" إنه يبعث أمة وحده"( ) في إسناده محمد( ) لا يحتج به، وفي بعضه نكارة بينة.
هذا ملخص لأصح الروايات التي وردت حول المسألة وهناك روايات أخرى لكنها ضعيفة الأسانيد فأعرضت عن ذكرها 0
وكذلك أعرضت عن ذكر باقي الروايات التي ذكرها الامام الذهبي في السير أيضاً لانها لا تخلوا من ضعف وما ورد في الروايات الصحيحة يفي بالمطلوب في بحثنا وبعد هذا العرض الموجز للروايات المتعلقة بمسألتنا هذه لابد من معرفة صحة ما ذكره الذهبي في سيره0


الفصل الثاني
مناقشة الروايات من حيث ثبوتها:
أي رواية الإمام الذهبي رحمه الله عزوجل فان الناظرفي أجابة الامام الذهبي المتقدمة التي نقلها عن الحربي يرى أنه يرى ثبوت القصة لأن التأويل فرع التصحيح( ) ومما يؤكد هذا أمور:
1. أن لها أصلاً في الصحيح.
2. أن الأئمة جروا على تحسين حديث محمد بن عمرو وهو ما استقر عليه رأيهم كما سيأتي في كلام الألباني رحمه الله تعالى0
3. أن الأمام الذهبي نفسه يحسن حديثه . أن الامام الذهبي نفسه قد وافق الحاكم على تصحيح هذه الرواية في المستدرك كما تقدم وإن كان ضعفها بمحمد بن عمروهنا0
واليك مزيد بيان من كلام العلامة الألباني حيث قال: "محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
قال: الترمذي :" حديث حسن صحيح وقال الحاكم "صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي .
قلت: وفيه نظر فإن محمد بن عمرو ، فيه كلام و لذلك لم يحتج به مسلم ، و إنما روى له متابعة، و هو حسن الحديث، و أما قول الكوثري في مقدمة " التبصير في الدين " ( ص 5) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع ، فمن مغالطاته ، أو مخالفاته المعروفة، فإن الذي استقر عليه رأي المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به، من هؤلاء النووي و الذهبي
والعسقلاني وغيره"( ) وهكذا جرى هو ـ رحمه الله ـ في مواضع كثيرة من كتبه وكذلك العلامة أحمد شاكررحمه الله تعالى في تعليقه على تفسير ابن جرير الطبري في عدة مواضع والعلامة العباد حفظه الله تبارك وتعالى في عدة مواطن في شرحه على السنن0
5_أني لم أجد احدا من الأئمة المعاصرين ضعف حديثه بمحمد بن عمرو سوى الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى حيث قال:"قال:في المجمع(9\418)رواه أبويعلى(337/1)والبزار(261/1)زوائد البزارو الطبراني ورجال ابي يعلي والبزار وأحد اسانيد الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث ورواه النسائي في المناقب من الكبرى (85) والحاكم ( 3/216-217 ) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي0 وقال الذهبي( ):في اسناده محمد لايحتج به، وفي بعضه نكارة بينه قلت:والنكارة البينة هي ان النبي  قال:"شاة ذبحناها لنصب كذا وكذا"، فان هذه الكلمة ترد كل التأويلات في الفتح (7/142- 145)( ) ولاتتحمل مطلقاً، فانها نص في أنهم ذبحوها للنصب لاعليه فقط .
وهذه الجملة لاتتحمل من محمد بن عمروبن علقمة الذي قال فيه الحافظ: صدوق له أوهام فالصواب انه حديث ضعيف. وانظر الحديث المتقدم (350)
والموضع الذي أشار اليه الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تعالى: في المعجم بالرقم المتقدم ليس له علاقة بموضوعنا لأنه باسناد اخر متفق على ضعفه وقد سألته حفظه الله تعالى عند زيارتي له عن سبب تضعيفه للرواية فقال:"لا أذكر الآن شيئاً"( ) والروايات التي معنا ليس فيها ما هوصريح بأن القائل هو النبي  فقد يكون ذلك قول زيد لا النبي  وقدعلمنا أنفاً من كلام الحربي والذهبي أن زيد لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما يمنعه من الوقوع في مثل ذلك بخلاف النبي الذي كان محروساً محفوضا منذ صغره كما سياتي في باب عصمته0
وما ذكره الشيخ حمدي حفظه الله تبارك وتعالى خلاف ما قرره العلامة الألباني نقلا عن أئمة هذا الفن قبل قليل من أن الأئمة مشوا على تحسين حديث محمد بن عمروفي كثير من مصنفاتهم كما تقدم النقل عنه انفا وإليك نبذة من أقوالهم في ترجمة الراوي0

الفصل الثالث
ترجمة الراوي الذي عليه مدار الحديث:
هو محمدبن عمروبن بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ابي عبدالله وقيل ابي الحسن0
قال: البخاري في التاريخ الكبير "محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني سمع أباه وأبا سلمة بن عبد الرحمن روى عنه مالك والثوري وقال لي محمد بن بشار حدثنا يوسف بن يعقوب عن شعبة عن أبي الحسن وهو محمد بن عمرو وروى زيد بن أبي أنيسة عن أبي الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد في ليلة القدر ورواه محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مثله"( )
قال: ابن عبد البر في التمهيد :"محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي من أنفسهم يكنى أبا عبد الله وكان من ساكني المدينة وبها كانت وفاته في سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وكان كثير الحديث روى عنه مالك وابن عيينة والثوري وجماعة من الأئمة إلا أنه يخالف في أحاديث فإذا خالفه في أبي سلمة الزهري أو يحيى بن كثير فالقول قولهما عن أبي سلمة عند أهل العلم بالحديث0( )
وقال: يحيى بن معين محمد بن عمرو بن علقمة أعلى من سهيل بن أبي صالح وقال يحيى القطان محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة وقال يحيى بن معين أيضا محمد بن عجلان أوثق من محمد بن عمرو قال: لم يكونوا يكتبون حديث محمد بن عمرو حتى اشتهاها أصحاب الإسناد فكتبوها 0( )
قال: أبو عمر: محمد بن عمرو ثقة محدث روى عنه الأئمة ووثقوه ولا مقال فيه إلا كما ذكرنا إنه يخالف في أحاديث وأنه لا يجري مجرى الزهري وشبهه وكان شعبة مع تعسفه وانتقاده الرجال يثنى عليه ذكر العقيلي قال: حدثني محمد بن سعد الشاشي قال حدثنا محمد بن موسى الواسطي قال سمعت يزيد بن هارون يقول قال شعبة محمد بن عمرو أحب إلي من يحيى بن سعيد الأنصاري في الحديث.
قال: أبوعمر حسبك بهذا ويحيى بن سعيد أحد الأئمة الجلة وقد روى ابن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة"0
وقال: الزرقاني في شرحه على الموطأ: "محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني روى عن أبيه ونافع وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخلق، وعنه مالك وشعبة والسفيانان وجماعة، وثقه النسائي وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم، وروى له الأئمة الستة، ومات سنة خمس وأربعين ومائة على الصحيح وقيل قبلها"( )
قال: الذهبي في كتابه الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة" محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي عن أبيه وأبي سلمة وعنه شعبة ومالك ومحمد الأنصاري قال أبو حاتم يكتب حديثه وقال النسائي وغيره ليس به بأس مات (144 )4 خ م متابعة"( )
وقال: الصفدي في الوافي بالوفيات "الليثي المدني ابن وقاص محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني أحد علماء الحديث.
أكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو والده، قال: أبو حاتم:صالح الحديث،وقال النسائي وغيره: ليس به بأس، روى له الأربعة والبخاري مقرونا ".
وقال: الحافظ في تهذيب التهذيب" محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي أبو عبد الله ويقال أبو الحسن المدني.
روى عن أبيه وأبي سلمة بن عبدالرحمن وعبيدة بن سفيان وسعيد بن الحارث وابراهيم ابن عبدالله بن حنين ودينار أبي عبدالله القراظ وعمر بن مسلم بن أكيمة الليثي ومحمد ابن ابراهيم بن الحارث التيمي وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وخالد بن عبدالله بن حرملة وعبد الرحمن بن يعقوب وعمر بن الحكم بن ثوبان وسعد بن سعيد الانصاري ويحيى ابن عبدالرحمن بن حاطب وغيرهم.
روى عنه موسى بن عقبة ومات قبله وابن عمه عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص وشعبة الثوري وحماد بن سلمة وأبو معشر المدني ويزيد بن زريع ومعتمر بن سليمان والدراوردي واسماعيل بن جعفر وابن أبي عدي ومعاذ بن معاذ وابن عيينة وأبو بكر ابن عياش ويحيى بن سعيد القطان وعبد الاعلى بن عبدالاعلى وسعيد بن عامر وعرعرة ابن البرند والنضر بن شميل وعبدة بن سليمان وعباد بن عباد وعباد بن العوام وخالد بن الحارث وأبو أسامة ويزيد بن هارون ومحمد بن عبدالله الانصاري وآخرون.
قال:علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد وسئل عن سهيل ومحمد بن عمرو فقال: محمد أعلى منه.
قال: علي قلت ليحيى محمد بن عمرو كيف هو قال: تريد العفو أو تشدد قال: لا بل أشدد قال ليس هو ممن تريد وكان يقول حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبدالرحمن ابن خاطب قال: يحيى وسألت مالكا عنه فقال: فيه نحو ما قلت لك. قال: علي وسمعت يحيى يقول محمد ابن عمرو أحب إلي من ابن أبي حرملة وقال: إسحاق بن حكيم عن يحيى القطان محمد ابن عمرو رجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث وقال إسحاق بن منصور سئل يحيى ابن معين عن محمد بن عمرو ومحمد بن إسحاق أيهما يقدم فقال محمد بن عمرو.
وقال: ابن أبي خيثمة سئل ابن معين عن محمد بن عمرو فقال ما زال الناس ينقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشئ من روايته ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة0
وقال: الجوزجاني ليس بقوي الحديث ويشتهي حديثه وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ وقال النسائي ليس به بأس وقال مرة ثقة وقال ابن عدي له حديث صالح وقد حدث عنه جماعة من الثقات كل واحد يتفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض وروى عنه مالك في الموطأ وأرجو أنه لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. قال: الواقدي توفي سنة أربع وأربعين ومائة0
وقال: عمرو بن علي مات سنة خمس وأربعين. روى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات.
قلت: وقال أحمد ابن مريم عن ابن معين ثقة0 وقال: عبدالله بن أحمد عن ابن معين سهيل والعلاء وابن عقيل حديثهم ليس بحجة ومحمد بن عمرو فوقهم وقال يعقوب بن شيبة هو وسط والى الضعف ما هو. وقال: الحاكم قال ابن المبارك لم يكن به بأس0
وقال: ابن سعد كان كثيرالحديث يستضعف وقال ابن معين ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ومحمد بن عمرو أحب إلي من محمد ابن إسحاق حكاه العقيلي"( )
قال: العلامة احمد شاكررحمه الله تعالى في تحقيقه لتفسير ابن جريرالطبري"محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ثقة روى له الجماعة مضى برقم : (12822) وغيرها قبله وبعده"
وقال: الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى: في شرحه على السنن "محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أبو سلمة بن عبد الرحمن وعائشة قد مر ذكرهما"
والناظر في هذه النقولات يخرج بنتيجة هي:أن الراوي لاينزل حديثه عن درجة الحسن كما قرر ذلك أئمة الشأن والله تعالى أعلم0
وهنا يرد علينا سؤال وهو هل كان النبي  معصوماً قبل البعثة؟ والجواب عنه في الباب الأتي

الباب الثالث: في عصمتة وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول: تعريف العصمة
الفصل الثاني:الادلة على عموم العصمة
الفصل الثالث :الادلة على عصمته قبل النبوة عليه السلام

الفصل الاول
تعريف العصمة:
العِصْمَةُ: المَنْعُ. وكُل شَيْءٍ اعْتَصَمْتَ به. واعْتَصَم من الشًرً بكَذا وأعْصَمَ جميعاً. واسْتَعْصَمَ: الْتَجَأ.
وأعْصَمْتُه: هَيأت له ما يَعْتَصِم به. ودَفَعْتُهُ إليه بِعِصْمَتِهِ:
والعِصْمَةُ: القِلادَة، وتُجْمَعُ على الأعْصَام0( )
و العِصْمَةُ : المَنَعة والعاصمُ : المانعُ الحامي والاعْتِصامُ : الامْتِساكُ بالشَّيء افْتِعال ومنه شعر أبي طالب :
ثِمَالُ اليَتَامَى عصْمةٌ للأَرَامِلِ أي يَمْنَعُهم من الضَّياع والحاجة ومنه الحديث [ فقد عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهم ] وحديث الإفْك [ فعَصَمها اللّه بالوَرَع ]( ) وأَعصَمَ بالبَعِيرِ :أَمْسَكَ بحبلٍ من حِبالِهِ لِئَلاَّ تَصْرَعَهُ راحِلَتُه والعِصْمَةُ : بالكَسْر : المَنْع هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة0
ويقال:أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ ، ثمَّ صارت بِمَعْنَى المَنْع وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه : أن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه .عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا : منَعَه ووَقَاه0
وقَوْلُه تَعالَى : يعصمني من الماء! أي : يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ ، ولا عاصم اليوم من أمر الله! ، أي لا مانعَ ، وقِيلَ : هو على النِّسْبَةِ، أي ذا عِصْمَةٍ، وقِيلَ : مَعْنَاه لا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ ، وفيه كَلامٌ لَيْسَ هذا مَوْضِعَه .
وقال: الزَّجّاجُ : أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ ،وكُلُّ ما أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه .
وقالَ: محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ في ضياءِ الحلُوم : أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْل. وقال: المُناوِي العِصْمَةُ مَلَكَةُ اجْتنابِ المعاصِي مع التَّمَكُّنِ منها .
وقال: الرَّاغِب:عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ : حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بما خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولاَهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ ،ثم بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثم بِإنْزالِ السَّكِينَة عليهم وبِحِفْظِ قُلوبِهم وبالتَّوفيق0 قال: الله نعالى:"والله يعصمك من الناس"! وقال: شيخُنا :العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلاَمِ عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ، وهو الذي اعتمدَه ابنُ الهُمام"( ) إذا يتلخص من هذه النقول ان العصمة هي بمعنى الحفظ والعناية والمنع من كل قبيح0
وشرعا:عرفها صاحب كتاب نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض لمؤلفه احمدالخفاجي( ) قال: "هي لطف من الله تعالى يحمل النبي صلى الله عليه واله وسلم على فعل الخير ويزجره عن الشرمع بقاء الأختيار تحقيقا للأبتلاء"
وقال: أيضا يستحسن في تعريفها من قال:"هي حفظ الله عز وجل للأنبياء بواطنهم وظواهرهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهه ولو في حال الصغر مع بقاء الاختيار تحقيقا للابتلاء"( ) 000
فالعصمة تعني حفظ الله عزوجل لأنبيائه عن مواقعة الذنوب الظاهرة والباطنة وأن العناية الالهيه لم تنفك عنهم في كل أطوار حياتهم قبل النبوة وبعدها على ماهو المعتمد كما سيأتي تحقيقه فهي محيطة بهم تحرسهم من الوقوع في منهي عنه شرعا وعقلا0000
واذا العناية لاحظتك عيونها نم فالخىاوف كلهن أمان0
وأما في أصطلاح أهل الأصول هي:"منع الله عبده من السقوط في القبيح من الذنوب والأخطاء ونحو ذلك"( ) هذا ماتيسر ذكره حول ما يتعلق بالعصمة ومعناها اللغوي والشرعي باختصار0
وقبل ذكر الادلة لابد من بيان معنى العصمة التي نتكلم عنها وهي عصمة مقيدة لا مطلق العصمة، أي: العصمة من الشرك والكفر والذنوب الشائنة اذ ان الكلام هو عن العصمة قبل النبوة فحسب0

الفصل الثاني
الادلة على عموم العصمة:
قال: تعالى: (وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)
قال: صاحب البحرالمديد:( ){ ومن ذريتي } فاجعل أئمة، { قال } الحق تعالى:{ لا ينال عهدي }أي: لا يلحق عهدي بالإمامة { الظالمين } منهم، إذ لا يصلح للإمامة إلا البررة الأتقياء، لأنها أمانة من الله وعهد، والظالم لا يصلح لها، وفيه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة لا يستحقون الإمامة، وفيه دليل على عصمة الأنبياء قبل البعثة، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة. قاله البيضاوي( ).اه
وقال: ابو السعود في تفسيره: "وفيه دليل على عصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر على الإطلاق وعدم صلاحية الظالم للإمامة"( )
وقال:الطاهربن عاشور في تفسيره التحريروالتنوير:"وقد علمتَ آنفاً عصمة الأنبياء من الشرك قبل النبوءة فعصمتهم منه بعد النبوءة بالأولى قال:تعالى:" لئن أشركت ليحبطَن عملك "
وقال: في موضع اخر" والهمّ بالسيئة مع الكف عن إيقاعها ليس بكبيرة فلا ينافي عصمة الأنبياء من الكبائر قبل النبوءة على قول من رأى عصمتهم منها قبل النبوءة ، وهو قول الجمهور"( )
وهنا يرد علينا سؤال وهو ماذا يترتب على هذه المسألة أي: ماذا يترتب على القول بعدم عصمة الانبياء قبل الوحي؟؟؟
الجواب ان هذا يؤثر على دعوتهم بعد النبوة سلبا وايجابا وان هذا طريق الى اذاهم كماسيأتي عن ابن حزم رحمه الله تعالى و في كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى0
وممن استدل بهذه الاية وغيرها على عصمتهم قبل الوحي:
صاحب تفسير روح البيان حيث قال:"وفي الآية دليل على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر قبل البعثة وبعدها"( )
وقال:صاحب مفاتح الغيب( ):"المسألة السادسة الآية تدل على عصمة الأنبياء من وجهين:
الأول: أنه قد ثبت أن المراد من هذا العهد الإمامة ولا شك أن كل نبي إمام فإن الإمام هو الذي يؤتم به والنبي أولى الناس وإذا دلت الآية على أن الإمام لا يكون فاسقاً فبأن تدل على أن الرسول لا يجوز أن يكون فاسقاً فاعلاً للذنب والمعصية أولى0
الثاني: قال وَلاَ يَنَالُونَ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فهذا العهد إن كان هو النبوة وجب أن تكون لا ينالها أحد من الظالمين وإن كان هو الإمامة فكذلك لأن كل نبي لا بد وأن يكون إماماً يؤتم به وكل فاسق ظالم لنفسه فوجب أن لا تحصل النبوة لأحد من الفاسقين والله أعلم"
قال: الزمخشري رحمه الله في الكشاف: " من قال: كان على أمر قومه أربعين سنة ، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية ، فنعم ؛ وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم فمعاذ الله والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة ، فما بال الكفر والجهل بالصانع (مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَىْء) " يوسف : 38 " وكفى بالنبي نقيصه عند الكفار أن يسبق له كفر"(1)
وقال: تعالى(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
قال:الشيخ ابوبكر الجزائري حفظه الله تعالى: "يَعْصِمُكَ "يحفظك حفظاً لا يصل إليك معه أحد بسوء"( ) ففي هذه الاية أيضا دليل على عموم عصمته علية السلام0
ومن السنة مارواه الامام الترمذي: قال حدثنا عبد بن حميد حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا الحارث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: " كان رسول الله يحرس حتى نزلت هذه الآية والله يعصمك من الناس فأخرج رسول الله رأسه من القبة فقال:يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل"( ) وأصرح ما ورد في ذلك من أقوال الصحابة ما رواه الامام أحمد قال:حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِيسَى، يَعْنِى ابْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، قَالَ: "إِنِّى لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ  بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىِّ  بِشَهْرٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً،فَنُودِىَ فِى النَّاسِ: أَنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، وَهِىَ أَوَّلُ صَلاةٍ فِى الْمُسْلِمِينَ نُودِىَ بِهَا إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، شَيْئًا صُنِعَ لَهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ، وَهِىَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِى الإِسْلاَمِ، قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا كَفَانِيهِ غَيْرِى، وَلَئِنْ أَخَذْتُمُونِى بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ  مَا أُطِيقُهَا، إِنْ كَانَ لَمَعْصُومًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ مِنَ السَّمَاءِ"( )
الفصل الثالث
الادلة على عصمته قبل النبوة
قال: الامام البخاري حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"( )
قال: ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري"بنيان الكعبة كان والنبي غلام قبل البعثة بمدة ، وقيل : كان يومئذ ابن خمسة عشر عامًا ، وقد بعثه الله بالرسالة إلى خلقه ، وعلَّمه ما يعلم"
وقال: في عمدة القاري "وجاء في رواية غير"الصحيحين" إن الملك نزل عليه فشد إزاره "وقد ترجم البيهقي للحديث بقوله"في "الدلائل" باب ما جاء في حفظ الله عزّ وجلّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعايبها لما يريد به من كرامته برسالته حتى بعثه رسولا" فان حفظ الله له عليه السلام من الوقوع في الشرك أولى من حفظ عورته بكثير كما هو معلوم0
وقال: الإمام مسلم في صحيحه حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك "أن رسول الله  أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال: أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره"( ) قال: الشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي( ) " فالحديث نص على إخراج جبريل لحظ الشيطان منه صلى الله عليه وسلم وتطهيره لقلبه فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه" وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره 0
وموضع الشاهد هنا هو قول الشيخ محمد بن خليفة وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره  فهذا الحديث نص على حفظ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله وسلم قبل البعثة0
وقال: صاحب كتاب رد شبهات حول عصمتة( ): "وإخراج جبريل لحظ الشيطان منه، وتطهيره لقلبه، فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه، وهذا دليل على عصمته من كل ما يمس قلبه، وعقيدته، وخلقه، منذ صغره "
وقال:صاحب كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع( ) "فهذا الحديث يبين أن الله طهر قلبه  منذ صغره وحفظه من وصول الشيطان إليه وذلك ليعده فيما بعد لمهمة النبوة والرسالة .
فنشأ رسول الله  على الأخلاق الزاكية والخصال الحميدة ، والفطرة النقية السليمة ، فبغضت إليه الأوثان فلم يسجد لصنم قط ، وحبب إليه الخير ومكارم الأخلاق ، فكان في ذلك مضرب الأمثال ، وكيف لا ؟ وهو الملقب من قبل قومه بالصادق الأمين صلى الله عليه وسلم" 0
ومن الأدلة أيضا مارواه ابن حبان "باب عصمته صلى الله عليه واله وسلم أنبأنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله منهما قلت لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم يرعاها ابصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان
قال: نعم فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف ومزامير قلت ما هذا قالوا فلان يتزوج فلانة رجل من قريش تزوج امرأة من قريش فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فأخبرته ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل: لي مثل ما قيل لي فسمعت كما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت فقلت ما فعلت شيئا"
قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته"( )0( ) فهذا الحديث نص واضح في عصمته عليه السلام قبل النبوة0
وفيما قصه النبى صلى الله عليه واله وسلم عن نفسه من خبر حفظ الله إياه من كل سوء منذ صغره وصدر شبابه، ما يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية :
الأولى : أن النبى صلى الله عليه واله وسلم كان متمتعاً بخصائص البشرية كلها، وكان يجد فى نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميولات الفطرية التى اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها.
فكان يحس بمعنى السمر واللهو، ويشعر بما فى ذلك من متعة، وتحدثه نفسه لو تمتع بشئ من ذلك كما يتمتع الآخرون.
الثانية : أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف، وعن كل مالا يتفق مع مقتضيات الدعوة التى هيأه الله لها، فهو حتى عندما لا يجد لديه الوحي أو الشريعة التى تعصمه من الاستجابة لكثير من رغائب النفس، يجد عاصماً آخر خفياً يحول بينه وبين ما قد تتطلع إليه نفسه مما لا يليق بمن هيأته الأقدار لتتميم مكارم الأخلاق، وإرساء شريعة الإسلام"( )
وقال:الإمام الترمذي حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قالوا :" يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟
قال وآدم بين الروح والجسد" قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي الباب عن ميسرة الفجر( )
ورواى ابن ابي عاصم فقال: ثنا أبو موسى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا منصور بن سعد عن بديل العقيلي عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال: قلت:" يا رسول الله متى كتبت نبيا؟ قال:" وأدم بين الروح والجسد"( ) 0( )
وقال: ابن حبان في صحيحه: أخبرنا علي بن الحسين بن سلمان بالفسطاط حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا ابن وهب قال : وأخبرني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية الفزاري قال :" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك : دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني أنه خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام"( )
قال:الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف: " قد استدل الإمام أحمد بحديث العرباض بن سارية هذا على أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يزل على التوحيد منذ نشأ و رد بذلك على من زعم غير ذلك بل قد يستدل بهذا الحديث على أنه صلى الله عليه و سلم ولد نبيا فإن نبوته وجبت له من حين أخذ الميثاق منه حين استخرج من صلب آدم فكان نبيا من حينئذ لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك و ذلك لا يمنع كونه نبيا قبل خروجه كمن يولى ولاية و يؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته و إن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت0
قال: حنبل : قلت لأبي عبد الله يعني أحمد : من زعم أن النبي كان على دين قومه قبل أن يبعث ؟ قال : هذا قول سوء ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يحذر كلامه و لا يجالس قلت له : إن جارنا الناقد أبا العباس يقول هذه المقالة ؟
قال : قاتله الله و أي شيء أبقى إذا زعم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان على دين قومه و هم يعبدون الأصنام قال الله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام : { و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } قلت له : و زعم أن خديجة كانت على ذلك حين تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم في الجاهلية قال : أما خديجة فلا أقول شيئا قد كانت أول من آمن به من النساء ثم قال : ماذا يحدث الناس من الكلام ! ! هؤلاء أصحاب الكلام لم يفلح ـ سبحان الله ـ لهذا القول و احتج في ذلك بكلام لم أحفظه"( )
وقال: الامام أبومحمد بن حزم رحمه الله تعالى: "فإن قال قائل: أيجوز أن يكون نبي من الأنبياء عليهم السلام يأتي معصية قبل أن يتنبأ؟
قلنا: لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما: اما أن يكون متعبداً بشريعة نبي أتى قبله كما كان عيسى ـ عليه السلام ـ واما أن يكون قد نشأ في قوم قد درست شريعتهم ودثرت ونسيت كما في بعثة محمد  في قوم قد نسوا شريعة إسماعيل وابراهيم عليهما السلام قال تعالى (ووجدك ضالا فهدى) وقال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر آبائهم) فإن كان النبي متعبداً بشريعةٍ ما فقد أبطلنا آنفا أن يكون نبي يعصي ربه أصلاً، وإن كان نشأ في قوم دثرت شريعتهم فهو غير متعبد ولا مأمور بما لم يأته أمر الله تعالى به بعد، فليس عاصياً لله ـ تعالى ـ في شئ يفعله أو يتركه، الإ أننا ندري أن الله ـ عز و جل ـ قد طهر أنبياء وصانهم من كل ما يعابون به؛ لأن العيب أذى وقد حرم الله ـ عز و جل ـ أن يؤذى رسوله قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا )
قال: أبو محمد: فبيقين ندري أن الله تعالى صان أنبياءه عن أن يكونوا لبغية، أو من أولاد بغى، أو من بغايا بل بعثهم ـ الله تعالى ـ في حسب قومهم، فإذاً لا شك في هذا، فبيقين ندري أن الله تعالى عصمهم قبل النبوة من كل ما يؤذون به بعد النبوة، فدخل في ذلك السرقة والعدوان والقسوة والزنا واللياطة والبغي وأذى الناس في حريمهم وأموالهم وأنفسهم وكل ما يعاب به المرء ويتشكى منه ويؤذى بذكره"( )
ويتلخص من كلام الامام أحمدوالإمام ابن حزم ان الانبياء عليهم السلام معصومون من الكفروالشرك وكل مايقدح في مقام النبوة قبل البعثة وبعدها لان ذلك طريق الى اذاهم وانتفاء اذاهم مطلب شرعي0
قال: تعالىوَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة : 61] نسأل الله أن يرزقنا الادب معه0
الباب الرابع: فيه فصلان
الفصل الاول: بيان معنى اية الشورى
الفصل الثاني: بيان معنى اية الضحى
الفصل الاول
قوله:تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى : 52 فان ظاهر هذه الاية( مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ )
يخالف ما قدمنا من تأصيل ونقولات عن الأئمة من معرفته  التوحيد والايمان وليس الأمركذلك واليك البيان من كلام أهل العلم0
قال:الامام أبوعبدالله محمد بن أبي بكر القرطبي (ت671): "أي لم تكن تعرف الطريق إلى الإيمان. وظاهر هذا يدل على أنه ما كان قبل الإيحاء متصفا بالإيمان.
قال: القشيري: وهو من مجوزات العقول، والذي صار إليه المعظم أن الله ما بعث نبياً إلا كان مؤمناً به قبل البعثة. وفيه تحكم، إلا أن يثبت ذلك بتوقيف مقطوع به( ). قال: القاضي عياض وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة فللناس فيه خلاف والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته والتشكك في شيء من ذلك. وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا ؛ ونشأتهم على التوحيد والإيمان" ( )
ثم نقل عن القاضي عياض "ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبئ واصطفي ممن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك. ومستند هذا الباب النقل. وقد استدل بعضهم بأن القلوب تنفر عمن كانت هذه سبيله" ( )
وهنا مسألة هل كان النبي صلى الله عليه واله وسلم متعبدا بشرع احد من قبله؟
فمنهم: من منع ذلك مطلقا وأحاله عقلاً. قالوا:لأنه مبعد أن يكون متبوعا من عرف تابعا ، وبنوا هذا على التحسين والتقبيح. وقالت: فِرقة أخرى : بالوقف في أمره عليه السلام وترك قطع الحكم عليه بشيء في ذلك إذ لم يحل الوجهين منهما العقل ولا استبان عندها في أحدهما طريق النقل ، وهذا مذهب أبي المعالي.
وقالت فرقة ثالثة :إنه كان متعبدا بشرع من قبله وعاملا به ؛ ثم اختلف هؤلاء في التعيين0
فذهبت طائفة إلى أنه كان على دين عيسى فإنه ناسخ لجميع الأديان والملل قبلها فلا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه واله وسلم على دين منسوخ. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين إبراهيم ؛ لأنه من ولده وهو أبو الأنبياء. وذهبت طائفة إلى أنه كان على دين موسى ؛ لأنه أقدم الأديان. وذهبت المعتزلة إلى أنه لا بد أن يكون على دين ولكن عين الدين غير معلومة عندنا. وقد أبطل هذه الأقوال كلها أئمتنا ؛ إذ هي أقوال متعارضة وليس فيها دلالة قاطعة ، وإن كان العقل يجوز ذلك كله. والذي يقطع به أنه عليه السلام لم يكن منسوبا إلى واحد من الأنبياء نسبة تقتضي أن يكون واحدا من أمته ومخاطبا بكل شريعته بل شريعته مستقلة بنفسها مفتتحة من عند الله الحاكم جل وعز0
ثم قال القاضي: "وأنا أقول: إن قريشا قد رمت نبينا عليه السلام بكل ما افترته وعير كفار الأمم أنبياءها بكل ما أمكنها واختلقته، مما نص الله عليه أو نقلته إلينا الرواة ، ولم نجد في شيء من ذلك تعييرا لواحد منهم برفضه آلهتهم وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه.
ولوكان هذا لكانوا بذلك مبادرين، وبتلونه في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركه آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم من قبل ؛ ففي إطباقهم على الإعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه ؛ إذ لو كان لنقل وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عن تحويل القبلة وقالوا : {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} كما حكاه الله عنهم0( )وقال: جماعة: معنى الإيمان في هذه الآية شرائع الإيمان ومعالمه ؛ ذكره الثعلبي.وقيل: تفاصيل هذا الشرع ؛ أي كنت غافلا عن هذه التفاصيل.
ويجوز إطلاق لفظ الإيمان على تفاصيل الشرع ؛ ذكره القشيري : وقيل : ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ، ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان ؛ ونحوه عن أبي العالية. وقال:ابو بكر القاضي: ولا الإيمان الذي هو الفرائض والأحكام. قال : وكان قبل مؤمنا بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل ؛ فزاد بالتكليف إيمانا. وهذه الأقوال الأربعة متقاربة. وقال ابن خزيمة :عنى بالإيمان الصلاة ؛ لقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي صلاتكم إلى بيت المقدس ؛ فيكون اللفظ عاما والمراد الخصوصي. وقال الحسين بن الفضل : أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا أهل الإيمان" 0( ) وقيل : ما كنت تدري شيئا إذ كنت في المهد وقبل البلوغ.
وحكى الماوردي نحوه عن علي بن عيسى قال: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة ، ولا الإيمان لولا البلوغ.
وقيل: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك ، وهو محتمل. وفي هذا الإيمان وجهان : أحدهما : أنه الإيمان بالله ، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته.
والثاني : أنه دين الإسلام ، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة.
وقال:ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير" قوله: تعالى ما كنت تدري ما الكتاب وذلك أنه لم يكن يعرف القرآن قبل الوحي ولا الإيمان فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بمعنى الدعوة إلى الإيمان قاله أبو العالية.
والثاني: أن المراد به شرائع الإيمان ومعالمه وهي كلها إيمان وقد سمى الصلاة إيمانا بقوله: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) البقرة ، هذا اختيار ابن قتيبة ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.
والثالث: أنه ما كان يعرف الإيمان حين كان في المهد وإذ كان طفلا قبل البلوغ حكاه الواحدي.
والقول ما اختاره ابن قتيبة وابن خزيمة وقد اشتهر في الحديث عنه عليه السلام أنه كان قبل النبوة يوحد الله ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة إبراهيم عليه السلام.
قال: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من زعم أن النبي  كان على دين قومه فهو قول سوء أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب"وقال: ابن قتيبة: قد جاء أنه كان على دين قومه أربعين سنة، ومعناه أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إسماعيل، من ذلك حج البيت والختان وإيقاع الطلاق( ) إذا كان ثلاثا وأن للزوج الرجعة في الواحدة والاثنتين ودية النفس مائة من الإبل والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وكان عليه الصلاة والسلام على ما كانوا عليه من الإيمان بالله والعمل بشرائعهم في الختان والغسل والحج وكان لا يقرب الأوثان ويعيبها وكان لا يعرف شرائع الله التي شرعها لعباده على لسانه فذلك قوله: (ما كنت تدري ما الكتاب)، يعني: القرآن ولا الإيمان يعني: شرائع الإيمان، ولم يرد الإيمان الذي هو الإقرار بالله؛ لأن آباءه الذين ماتوا على الشرك كانوا يؤمنون بالله ويحجون له البيت مع شركهم.
قوله تعالى: ولكن جعلناه، في هاء الكناية قولان،
أحدهما: أنها ترجع إلى القرآن
والثاني: إلى الإيمان نورا أي ضياء ودليلاً على التوحيد نهدي به من نشاء من عبادنا إلى دين الحق( )0
قال: العلامة الشنقيطي رحمه الله قوله: تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ}, يبين الله جل وعلا فيه منته على هذا النبي الكريم، بأنه علمه هذا القرآن العظيم ولم يكن يعلمه قبل ذلك، وعلمه تفاصيل دين الإسلام ولم يكن يعلمها قبل ذلك( ). وقال: ابن كثير"أي: على التفصيل الذي شرع لك في القرآن"( ) وقال: البغوي في تفسيره معالم التنزيل { مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ } يعني شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: "الإيمان" في هذا الموضع: الصلاة، ودليله: قوله عز وجل: "وما كان الله ليضيع إيمانكم" وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد( ) الله قبل الوحي على دين إبراهيم ( ) ، ولم يتبين له شرائع دينه.وقال الماوردي( ) في النكت والعيون: مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ فيه وجهان:
أحدهما : ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة ، ولا الإيمان لولا البلوغ ، قاله ابن عيسى
الثاني : ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك ، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك وهو محتمل .وفي هذا الإيمان وجهان :
أحدهما : أنه الإيمان بالله ، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته .
الثاني : أنه دين الإٍسلام ، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة .
وقال حقي في تفسيره({ ولا الايمان } اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الامور التى لا تهتدى اليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرءآن قبل الوحى ولا شرآئع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما
قال: تعالى { وما كان الله ليضيع ايمانكم } اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان0 ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت ونثا قط قال « لا » قيل هل شربت خمرا قط قال « لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان( )»اى الايمان الشرعى المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وايقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحرم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله  على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فيقول البيضاوى وهو دليل على انه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الاثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع0 وقال: بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذى يؤمن ومن الذى لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر0
وقال: صاحب تفسير روح البيان( )" أي : الإيمان بتفاصيل ما في تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدي إليها العقول لا الإيمان بما يستقل به العقل والنظر فإن درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعاً ، فإن أهل الوصول اجتمعوا على أن الرسل عليهم السلام ، كانوا مؤمنين قبل الوحي ومعصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلاً عن الكفر، وهو مراد من قال : لا يعرف القرآن قبل الوحي ولا شرائع الإيمان ومعالمه ، وهي إيمان كما قال تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ؛ أي: صلاتكم سماها إيماناً لأنها من شعب الإيمان ، ويدل عليه أنه عليه السلام قيل له : هل عبدت وثناً قط قال: لا قيل: هل شربت خمراً قط( ).
قال : لا وما زلت أعرف أن الذين هم عليه كفر ، وما كنت أدري ما الكتاب؟ ولا الإيمان أي : الإيمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الأحكام.
وقال: في مفاتح الغيب:"مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر وذكروا في الجواب وجوهاً الأول مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ أي القرآن وَلاَ الإِيمَانُ أي الصلاة لقوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ أي صلاتكم
الثاني أن يحمل هذا على حذف المضاف أي ما كنت تدري ما الكتاب ومن أهل الإيمان يعني من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن
الثالث ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلاً في المهد
الرابع الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به وإنه قبل النبوّة ما كان عارفاً بجميع تكاليف الله تعالى بل إنه كان عارفاً بالله تعالى وذلك لا ينافي ما ذكرناه0
الخامس صفات الله تعالى على قسمين منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقل ومنها ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية
فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوّة
ثم قال تعالى وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا واختلفوا في الضمير في قوله وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ منهم من قال إنه راجع إلى القرآن دون الإيمان لأنه هو الذي يعرف به الأحكام" وقد اكثرت النقل عن أئمة التفسير في بيان معنى هذه الاية لان بعض أهل العلم قد أخذ بظاهر الاية كالشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى ورضي الله عنه حيث تكلم عن المسألة في كتابه "تفسير ايات أشكلت على كثير من العلماء"( )
على أنه لم يخالف في عصمته عليه السلام وإنما ذكر أن وقوع الشرك ممكن من بعض الانبياء! ولا يوجد نص صريح يمنع من ذلك عنده رحمه الله تعالى0
اما في حق نبينا عليه السلام فقد تقدم نقل الادلة على ذلك و انظركلامه فيه( )ففيه بحث نفيس حول الموضوع تركت نقله خشية الاطالة0

الفصل الثاني
في بيان معنى قوله تعالى( وَوَجَدَك َ ضَالاً فَهَدَى)
قال: الامام الشنقيطي رحمه الله تعالى " أي: ذاهبًا عمّا علمك من العلوم التي لا تدرك إلا بالوحي.
الضلال بمعنى الذهاب عن علم حقيقة الأمر المطابقة للواقع، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى} أي ذاهباً عما تعلمه الآن من العلوم والمعارف التي لا تعرف إلا بالوحي فهداك إلى تلك العلوم والمعارف بالوحي. وحدد هذا المعنى قوله: تعالى عن أولاد يعقوب: {قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} ، أي: ذهابك عن العلم بحقيقة أمر يوسف، ومن أجل ذلك تطمع في رجوعه إليك، وذلك لا طمع فيه على أظهر التفسيرات"( ) وقال: ابي القاسم( ) ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل:"وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى| فيه ستة أقوال : أحدها : وجدك ضالاً عن معرفة الشريعة فهداك إليها ، فالضلال عبارة عن التوقيف في أمر الدين حتى جاءه الحق من عند الله فهو كقوله : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان } وهذا هو الأظهر وهو الذي اختاره ابن عطية وغيره ومعناه أنه لم يكن يعرف تفصيل الشريعة وفروعها حتى بعثه الله ، ولكنه ما كفر بالله ولا أشرك به لأنه كان معصوماً من ذلك من قبل النبوة وبعدها0
والثاني : وجدك في قوم ضلاّل ، فكأنك واحد منهم ، وإن لم تكن تعبد ما يعبدون وهذا قريب من الأول .
والثالث : وجدك ضالاً عن الهجرة فهداك إليها ، وهذا ضعيف ، لأن السورة نزلت قبل الهجرة ،
الرابع : وجد حامل الذكر لا تعرف فهدى الناس إليك وهداهم بك ، وهذا بعيد عن المعنى المقصود .
الخامس : أنه من الضلال عن الطريق ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ضلّ في بعض شعب مكة ، وهو صغير فردّه الله إلى جده ، وقيل : بل ضلّ من مرضعته حليمة فرده الله إليها ، وقيل : بل ضل في طريق الشام حين خرج إليها مع أبي طالب .
السادس : أنه بمعنى الضلال من المحبة أي وجدك محباً لله فهداك إليه ومنه قول إخوة يوسف لأبيهم ، { تالله إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ القديم } [ يوسف : 95 ] محبتك ليوسف "
وقال: القرطبي في الجامع لاحكام القران:"والضلال حقيقته الذهاب عن الحق أخذ من ضلال الطريق ، وهو العدول عن سمته. قال ابن عرفة : الضلالة عندالعرب سلوك غير سبيل القصد ؛ يقال : ضل عن الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه0
وخص في الشرع بالعبارة في العدول عن السداد في الاعتقاد دون الأعمال ومن غريب أمره أنه يعبر به عن عدم المعرفة بالحق سبحانه إذا قابله غفلة ولم يقترن بعدمه جهل أو شك ، وعليه حمل العلماء قوله تعالى : {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} أي غافلا ، في أحد التأويلات ، يحققه قوله تعالى : {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} وقال: ايضا{وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} أي غافلا عما يراد بك من أمر النبوة فهداك : أي أرشدك. والضلال هنا بمعنى الغفلة ؛ كقوله جل ثناؤه : {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} أي لا يغفل. وقال في حق نبيه : {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} وقال: قوم : {ضَالاً} لم تكن تدري القرآن والشرائع ، فهداك اللّه إلى القرآن ، وشرائع الإسلام ؛ عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهو معنى قوله تعالى : {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} على ما بينا في سورة الشورى( ).( )
وقال: قوم : {وَوَجَدَكَ ضَالاً} أي في قوم ضلال ، فهداهم اللّه بك. هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه أي ووجد قومك في ضلال ، فهداك إلى إرشادهم. وقيل : {وَوَجَدَكَ ضَالاً} عن الهجرة ، فهداك إليها.
وقيل : {ضَالاً} أي ناسيا شأن الاستئناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك ؛ كما قال تعالى : " {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} وقيل:ووجدك طالبا للقبلة فهداك إليها ؛ بيانه : {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ...} الآية. ويكون الضلال بمعنى الطلب ؛ لأن الضال طالب. وقيل : ووجدك متحيرا عن بيان ما نزل عليك ، فهداك إليه ؛ فيكون الضلال بمعنى التحيرلأن الضال متحير. وقيل : ووجدك ضائعا في قومك ؛ فهداك إليه ؛ ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل : ووجدك محبا للهداية ، فهداك إليها ؛ ويكون الضلال بمعنى المحبة. ومنه قوله تعالى : {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} أي في محبتك. قال الشاعر :
هذا الضلال أشاب مني المفرقا ... العارضين ولم أكن متحققا
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي ... بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل : {ضَالاً} في شعاب مكة ، فهداك وردك إلى جدك عبدالمطلب قال: ابن عباس :ضل النبي  وهو صغير في شعاب مكة فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه ، فرده إلى جده عبدالمطلب ؛ فمن اللّه عليه بذلك ، حين رده إلى جده على يدي عدوه. وقال سعيد بن جبير: خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم مع عمه أبي طالب في سفر ، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظلماء ، فعدل بها عن الطريق ، فجاء جبريل عليه السلام ،فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند ، ورده إلى القافلة ؛ فمن اللّه عليه بذلك.
وقال: كعب : إن حليمة لما قضت حق الرضاع ، جاءت برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لترده على عبدالمطلب0قال: ابن ابي زمنيين( ) في تفسيره "ووجدك ضالا فهدى كقوله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا يعني القرآن ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان"
وقال:ابن كثير:وقوله: { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } كقوله { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
ومنهم من قال [إن] المراد بهذا أنه، عليه السلام، ضل في شعاب مكة وهو صغير، ثم رجع. وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس يعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.
قال: صاحب تفسيرالبحر المحيط ابن حيان الاندلسي( ):"ووجدك ضالا فهدى" لا يمكن حمله على الضلال الذي يقابله الهدى ،لأن الأنبياء معصومون من ذلك . قال ابن عباس : هو ضلاله وهو في صغره في شعاب مكة ثم رده الله إلى جده عبد المطلب . وقيل : ضلاله من حليمة مرضعته وقيل : ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب0 وقال: البغوي (وَوَجَدَكَ ضَالا } يعني ضالا عما أنت عليه { فَهَدَى } أي: فهداك للتوحيد والنبوة( ).قال: الحسن والضحاك وابن كيسان: "ووجدك ضالا" عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلا عنها، فهداك إليها، [كما قال] "وإن كنت من قبله لمن الغافلين" (يوسف-3) وقال: "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" وقيل: ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب وروى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب" قال: الثعالبي في تفسيره الكشف والبيان( ) "قال عياض ولا اعلم احدا من المفسرين قال فيها ضالا عن الايمان
قال: "ابن جريرالطبري رحمه الله(وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى ) ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم.وقال: السديّ في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن السديّ( وَوَجَدَكَ ضَالا ) قال: كان على أمر قومه أربعين عاما. وقيل: عُنِيَ بذلك: ووجدك في قوم ضلال فهداك"( )
وقد تقدم رد هذا الكلام عن الامام احمد رحمه الله تعالى فقد قال هذا قول سوء لايجالس صاحبه وكأن الامام أحمد عد هذا القول محدث في الدين ولهذا نهى عن مجالست قائله كائناً من كان مع حفظ مقامه في الاسلام0
قال: العلامة ابن عثيمين رحمه الله(ووجدك ضالاً فهدى} {وجدك ضالاً} أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي، كما قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113]. وقال: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: 48]. فهو صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً بل هو من الأميين {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة: 2].
لا يقرأ ولا يكتب، لكن وصل إلى هذه الغاية العظيمة بالوحي الذي أنزله الله عليه، فعلم وعلَّم وهنا قال {فهدى} ولم يأت التعبير ـ والله أعلم ـ فهداك، ليكون هذا أشمل وأوسع فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام، وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام. إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك"( )
فهذه نبذة من اقوال المفسرين في بيان معنى الاية حاصلها ان المنفي في الاية ليس الايمان المجمل ومعرفة النبي  للتوحيد وانما هي على ماتقدم في اية الشورى كما هو قول الغالبية العظمة من أهل العلم خصوصاً أهل التفسير0
والحاصل من هذه النقول انه عليه السلام كان عارفا بالله عزوجل محاطا بالعناية الألهيه قبل ان يوحى إليه ذلك لأن صدور الكفر والشرك والصفات الرديئه أعظم طريق الى أذاه والصد عن دعوته بعد النبوة0
ولو كان شيء من ذلك لذكره المشركون تعييراً له كما لم يسكتوا عن الامور التي هي ليست عيبا اصلا كتحويل القبلة كما ذكر الله عنهم فلما لم يفعلوا دل ذلك على عدم وجود شيء من ذلك كما نبه على ذلك الإمام القرطبي رحمه الله تعالى كما قدمنا كلامه أنفاً0
وعلى هذاالتقرير تبقى الرويات التي ذكرناها تحتاج الى تأويل و إليك ماذكره أهل العلم في توجيه الروايات فأقول مستعينا بالله :

الباب الخامس: وفيه فصلان
الفصل الاول :ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية
الفصل الثاني: تليخص التوجيهات المذكورة
الفصل الاول
ذكر أقوال أهل العلم في توجيه الرواية:
قال: الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى"فقدم إليه النبي  سفرة قال عياض الصواب الأول قلت رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما 0
وقال: ابن بطال كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه و سلم فأبى ان يأكل منها فقدمها النبي  لزيد بن عمرو فأبى ان يأكل منها وقال: مخاطبا لقريش الذين قدموها اولا انا لا ناكل ما ذبح على انصابكم انتهى وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فاني لم اقف عليه في رواية أحد وقد تبعه بن المنير في ذلك وفيه ما فيه0
قوله: على انصابكم بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للاصنام قال الخطابي كان النبي  لا يأكل مما يذبحون عليها للاصنام وياكل ما عدا ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه لان الشرع لم يكن نزل بعد بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه الا بعد المبعث بمدة طويلة قلت وهذا الجواب أولى مما ارتكبه بن بطال وعلى تقدير ان يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكورة فانما يحمل على انه انما ذبح عليه لغير الأصنام واما قوله تعالى وما ذبح على النصب فالمراد به ما ذبح عليها للاصنام ثم قال: الخطابي: وقيل: لم ينزل على النبي  في تحريم ذلك شيء قلت وفيه نظر لأنه كان قبل المبعث فهو من تحصيل الحاصل وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قدمته وهو عند احمد وكان بن زيد يقول عذت بما عاذ به إبراهيم ثم يخر ساجدا للكعبة قال فمر بالنبي  وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه فقال يا بن أخي لااكل مما ذبح على النصب قال فما رؤي النبي  يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما( ) "قال خرجت مع رسول الله  يوما من مكة وهو مردفي فذبحنا شاة على بعض الانصاب فانضجناها فلقينا زيد بن عمرو فذكر الحديث مطولا وفيه فقال زيد اني لا أكل مما لم يذكر اسم الله عليه"
قال: الداودي كان النبي  قبل المبعث يجانب المشركين في عاداتهم لكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم0
وقال: السهيلي فان قيل فالنبي  كان أولى من زيد بهذه الفضيلة فالجواب انه ليس في الحديث انه  أكل منها وعلى تقدير ان يكون أكل فزيد انما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه وانما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه وانما نزل تحريم ذلك في الإسلام والأصح ان الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة مع ان الذبائح لها أصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القران ولم ينقل ان أحدا بعد المبعث كف عن الذبائح حتى نزلت الآية0
قلت: وقوله: ان زيدا فعل ذلك برأيه أولى من قول الداودي انه تلقاه عن أهل الكتاب فان حديث الباب بين فيما قال السهيلي وان ذلك قاله زيد باجتهاده لا بنقل عن غيره ولا سيما وزيد يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدا من أهل الكتابين0
وقد قال: القاضي عياض في الملة المشهورة في عصمة الأنبياء قبل النبوة انها كالممتنع لان النواهي انما تكون بعد تقرير الشرع والنبي  لم يكن متعبدا قبل ان يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه والله اعلم فان فرعنا على القول الاخر فالجواب عن قوله: ذبحنا شاة على بعض الانصاب يعني الحجارة التي ليست باصنام ولا معبودة وانما هي من الات الجزار التي يذبح عليها لان النصب في الأصل حجر كبير فمنها مايكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه ومنها ما لا يعبد بل يكون من الات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة0( )
وقال: الحربي في غريبه "قَوْلُه ذَبَحْنَا شَاةً لِنُصُبٍ مِنَ الأَنْصابِ لِذَلِكَ وَجْهَانِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ فَعَلهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رسولِ اللّهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَلاَ رَضاهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ِلأَنَّ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنَ العصْمَةَ والتَّوْفيقِ مَا كَانَ اللّه أَعْطَاهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَمنعه مِمَّا لاَ يَحِلُّ مِنْ أَمْرِ الجَاهِليَّةِ وَكَيْفَ يَجُوزُ ذلِكَ وَهُو قَدْ مَنَعَ زَيْداً في حَديثِهِ هَذاَ بِعَيْنِه أَنْ يَمَسَّ صَنَماً . وَمَا مَسَّهُ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ وَلاَ بَعْد فَهُوَ يَنْهَى زَيْداً عَنْ مَسِّهِ ويَرْضَى أَنْ يَذْبَحَ لَهُ ! ! هَذَا مُحاَلٌ 0
وَالوجْهُ الثَّانِى : أَنْ يَكُونَ ذَبَحَ لِزَادِهِ فِى خُرُوجِه فَاتَّفَقَ ذَلِكَ عَنْدَ صَنَمٍ كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ فَكَانَ الذّبْحُ مِنْهُمْ لِلصَّنَمِ . وَالذَّبْحُ مِنْهُ اللَه تَعَالَى إِلاَّ أَنَّ المَوْضِعَ جَمَعَ بَيْنَ الذَّبْحَيْنِ فَأَمَّا ظَاهِرُ مَا جَاَْء بِهِ الحَدِيثُ فَمَعَاذَ اللّهِ 0
وَأَمَّا حَدِيثُ ابن ِعُمَر وَسَعِيدِ بنِ زَيْدٍ فَليْسَ فِيهما بَيانُ أَنّهُ ذَبَحَ أَوْ أمَرَ بِذَلِكَ . وَلَعَلَّ زَيْداً ظنَّ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِمَّا كَانَتْ قُرَيشٌ تَذْبَحُهُ ِلأَنْصَابِهَا . فامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ الأَمْرُ كَما ظَنَّ فَإِنْ كَان ذَلَك ؟ َ فُعِلَ فِبِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلاَ رِضاهُ0( ) هذا ملخص ما وجدته من كلام أهل العلم حول هذه المسألة بعد بذل ما استطعت من جهد
وبعد ما تقدم فإنا أمام هذه المسألة بين أحد أمرين لا ثالث لهما اما تضعيف رواية الامام الذهبي في السير، واما ترجيح أحد الوجوه التي ذكرها العلماء واليك تلخيصها وهو المطلب الأخير في هذا البحث المتواضع0

الفصل الثاني
تلخيص التوجيهات المذكورة
• ان السفرة كانت لقريش قدموها للنبي فأبى الأكل منها فقدمها النبي لزيد فأبى أن يأكل منها أيضا وعلى هذا فلا أشكال في الرواية أصلا وقد تقدم ضعف هذا الوجه في كلام الحافظ وكلام الشيخ حمدي السلفي حفظه الله تبارك وتعالى أيضا0
• ان النبي  كان أصالة يجانب المشركين في عاداتهم وعباداتهم لكنه لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح !!!وهو مع مافيه أقوى من الوجه الأول0
• انه كان لايأكل مايذبحون عليها للأصنام ويأكل ما دون ذلك وان كانوا لايذكرون اسم الله عليه000والرواية ترد هذا الوجه اذ هي صريحة في الذبح على النصب وهوموضع الأشكال لا الاكل0
• ان النصب هنا هو حجر والة من الات الجزار ليس نصبا بالمعنى الشرعي وانما المراد منه معناه اللغوي لا الشرعي وهذا الوجه كأن الحافظ ابن حجر مال إليه كما ذكره أيضاً صاحب كتاب (رد شبهات حول عصمة الرسول) مرجحا له0
• أن يكون هذا الفعل صدر من زيد ونسب الأمر اليهما لانه كان معه وترك النبي صلى الله عليه واله وسلم الانكارعليه خوف الشر والاذى خصوصا انه لم يكلف بعد بالصدع بالتوحيد وهذا أقوى من الوجوه السابقة اذ يجمع به بين عصمته من الشرك والذنوب القادحة في مقام النبوة وتصحيح هذه الرواية على قول من يرى صحتها( ) وهم الأكثرمن اهل العلم كما تقدم ومما يقوي هذا الوجه أن زيدا في ذلك الوقت لم يكن متقيدا بكل أوامره خصوصا انه امره ان لا يمس الصنم فمسه لانه لم يرسل حتى تجب طاعته الطاعة المطلقة فنهيه له عن مسه قرينة قوية لنا في حمل الحديث على غير ظاهره اذ لا يعقل ان ينهى عن مسه ثم يذبح هوله!!!0
• ان يكون ذبح لزاده ووافق ذلك عند صنم فكان الذبح منهم للصنم ومنه لله تعالى فان قال: قائل: لم لم يراعي باب سد الذرائع قلنا: أن هذا غير واردأصلا لانه  لم يرسل بعد فان كان اكل منه كما ورد عن بعض من نقلنا عنهم من أهل العلم فان هذا مما يؤكد هذا الوجه اذ كيف ينهى عن مسه ثم يأكل منه وهو يعلم أنه ذبح على النصب فإنه لا فرق بين الامرين حيث أن كليهما شرك فأكله منه دليل لنا وقرينة قوية على انه ماذبح لغير الله لأنه عليه السلام معصوم من الوقوع في الشرك وحاشاه من ذلك كما قدمنا من أن العناية الألهية كانت ترعاه منذ صغره  كما صرحت بذلك الأحاديث التي أوردنها في عصمته  قبل النبوة وبهذين الوجهين الأخيريين يجمع بين القول بعصمته  وبين الروايات الوارد ذكرها في المسألة والله تعالى أعلم0
هذا ما استطاع العبد الفقير جمعه حول هذا الموضوع وهو يعلم يقنا أنه ليس اهلا لذلك لكن لعله يكون استطاع ان يشارك في الدفاع عن العقيدة التي يحيا من اجلها الا وهي عبادة الله وحده لا شريك له جل في علاه فما كان فيها من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وأذكر هنا بما قاله: أهل العلم "كل كتاب سوى كتاب الله سبحانه فهو عرضة للنقد والانتقاد والتخطئة والتصحيح فمن رأى زلة قلم أونبوة فهم فليصحح وليقوم"وليسترعلى أخيه فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام"إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر"( )
وما أحسن ما قاله: العماد الأصبهاني رحمه الله تعالى:"إني رأيت أنه لا يكتب أحدا كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل ،ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، ودليل على استيلاء النقص على جملة البشر" سبحانك اللهم وبحمدك وأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب اليك
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين0
جمعه ورتبه الفقير الى عفو ربه
أبوالعبدين البصري عفى الله عنه 0 26 /رجب/1431 هـ

9|7|2010م

(1) بعض الخطباء وغيرهم يزيدون : " ونستهديه " أو غيره فيرجى الانتباه أن ذلك لم يرد ولا يجوز الزيادة على تعليم الرسول صلى الله عليه و سلم كما هو معلوم0 قاله الشيخ الألباني رحمه الله تعالى وله رحمه الله رسالة ماتعة حول هذا الموضوع بعنوان(خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمهاأصحابه)وانظر مزيد بيان لهذه المسألة كلام الشيخ علي الحلبي في كتابة (الصحيح المستخرج في أحاديث الأدعية والأذكار وفضائل القران من مؤلفات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص5) وسئل العلامة:ابن عثيمين"هل ورد في خطبة الحاجة لفظ :( ونستهديه ) فأجاب أنها لم ترد في خطبة الحاجة وهوتصرف من بعض الناس والأمر في هذا فيما أظن واسع"سلسلة اللقاء الشهري شريط رقم22الوجه أ بتصرف وأختصار0
( ) آل عمران: 102.
( ) النساء:1.
( ) الأحزاب: 70- 71.
( ) سيأتي نصها كاملاً ص14_16
( ) فسألت بعض طلبة العلم عن توجيهها فأشار علي أن أبحث فيها فعزمت على جمع ماتيسرلي سائلاًالمولى الاعانة والتوفيق0
( )الفوائد ص 38 ط ابن الجوزي تحقيق وتعليق وترتيب الشيخ علي الحلبي حفظه الله تعالى.
( ) من معانيها (كيف) أنظر"الزاهر في معاني كلمات الناس" المؤلف / أبو بكر محمد بن القاسم الأنبا ري ص89
( ) الفوائد ص054 ط بشير محمد عيون
( ) رواه البخاري(6570)
( ) رواه البخاري(3360)ومسلم(124)
( ) ومن ابسط الأدلة على ذلك القنوات الرافضية التي تعمل ليلا ونهارا على الطعن والتشكيك وقد زادت على الثلاثين قناة أخزاها الله عز وجل جميعها0
( ) أستنباطا"مما قاله العلامة السعدي عند تفسيرقوله تعالى"{ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } أي: هذا وصف الباطل، ولكنه قد يكون له صولة و روجان إذا لم يقابله الحق فعند مجيء الحق يضمحل الباطل، فلا يبقى له حراك.ولهذا لا يروج الباطل إلا في الأزمان والأمكنة الخالية من العلم بآيات الله وبيناته"
( ) أصول الحوار وآدابه في الإسلام ص340
( ) يشير إلى حديثي ابن عباس رضي الله عنهما" وعن هشام بن حجير عن طاووس قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما وبشير بن كعب العدوي بحدثه ويحدثه فقال له ابن عباس عد لحديث كذا فعاد له ثم قال له عد لحديث كذا وكذا فعاد له فقال له ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا أو أنكرت حديثي كله وعرفت هذا فقال ابن عباس رضي الله عنه أنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه" 0
ومن طريق آخر عن مجاهد قال: "جاء بشير العدوي إلى ابن عباس رضي الله عنهما فجعل يحدث ويقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل ابن عباس لا ياذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال يا ابن عباس مالي أراك لا تأذن لحديثي أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تسمع فقال ابن عباس إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف رواه مسلم أيضا"0
( ) جامع التحصيل في أحكام المراسيل لمؤلف : أبو سعيد بن خليل بن كيكلديتحقق : حمدي عبد المجيد السلفي حفظه الله تعالى0
( ) الصحيح المسند من أسباب النزول (ص7 )ط دار الآثار
( ) كما أعتبره شاهداً كذلك ابن تيمية رحمه الله ناقلاً عن أبي عبد الله المقدسي حيث قال هذا حديث حسن وله شاهد في الصحيح من حديث ابن عمر(تفسير ايات اشكلت221)
( ) مفتاح دار السعادة.
( ) مقاييس اللغة ( 3/243) ط دار الجيل .
( ) لسان العرب ( 13/504
( ) الصباح المنير ( 1/304) ط دار الفكر
( ) متفق عليه
( ) من شرحه على كشف الشبهات
( ) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص190
( )البحر المحيط(6/497).
( ) من تعليق الفقي رحمه لله تعالى على كشف الشبهات ص39
( ) شرح كشف الشبهات
( ) أيسرالتفاسيرج1_ص589
( ) تفسير السعدي ص219
(( )) كتاب مناقب الانصار باب24رقم(3826).
(( )) كتاب الذبائح والصيد باب16رقم(5499).
( ) مختصر صحيح البخاري(2/ 529 برقم1624).
( ) السير (1/134).
( ) النائرة: العدواة.
( ) أيله: مدينة على ساحل البحر الاحمر، وهي العقبة.
( ) قال الشيخ شعيب إسناده حسن.
وذكره الحافظ في " المطالب العالية " (4057) ونسبه إلى أبي يعلى. وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 417، 418 ونسبه إلى أبي يعلى والبزار، والطبراني، وقال: وأحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث. وابن سعد، مختصرا 3 / 1 / 277 . ورواها في موضع اخر من السير (1/222 ).(سيأتي قريبا) وقال شيخ الاسلام قال:ابوعبدالله المقدسي هذاحديث حسن وله شاهدفي الصحيح من حديث ابن عمر(تفسيرايات اشكلت221)
( ) انظر السير له (ج2_ص134)
( ) (ج2_222)
( ) أخرجه الحاكم 3 / 216 - 217 وصححه، ووافقه الذهبي، وهو في " المطالب العالية " برقم (4057) ونقل محقق الكتاب عن البوصيري قوله: رواه النسائي أيضا في " الكبرى " بسند رجاله ثقات.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 417 - 418 ونسبه إلى أبي يعلى، والبزار، والطبراني، وعند الطبراني زيادة أشار إليها ثم قال: رجال أبي يعلى والبزار، وأحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث.
( ) هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي.
أخرج له البخاري مقرونا بغيره ووثقه غير واحد.وضعفه بعضهم تضعيفا خفيفا لا يخرجه عن كونه حسن الحديث ولذا قال الحافظ في " التقريب ": صدوق له أوهام. والذهبي ضعفه هنا مع أنه قد وافق الحاكم على تصحيحه في " المستدرك ". وانظر ما قاله الحافظ في " الفتح " (7/142-145) في دفع هذه النكارة التي ادعاها المؤلف
( ) وهذا ليس على أطلاقة 0
( ) الصحيحة (1_202)
( ) سير أعلام النبلاء (1/222).
( ) ستأتي معنا كلها
( ) في بيته في محافظة دهوك عام 1431هـ
( ) (1-106)
( ) وليست هذه الرواية التي معنا من مخالفاته لهما0
( ) (13_46)
( ) (2_415)
( ) (2_207)

( ) (9_471)
( ) المحيط في اللغة(ج1_ص59)
( ) النهاية في غريب الحديث والأثر (ج3_ص489)
( ) تاج العروس (ج1_7819) فصل العين
( )احمد بن محمد بن عمر الخفاجي، المصري، الحنفي (شهاب، أبو العباس) لغوي، اديب مشارك. ولد بمصر، وتوفي بها في 12 رمضان وقد اناف على التسعين من مؤلفاته الكثيرة: شرح درة الغواص في اوهام الخواص للحريري نسيم الرياض في شرح الشفاء للقاضي عياض ريحانة الالبا وزهرة الحياة الدنيا، شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل والنادر الحوشي القليل، وديوان العرب في ذكر شعراء العرب 979 - 1069 هـ) (1571 – 1659م (معجم المؤلفين ج2_138)بتصرف
( ) (4/ 39).
( ) المصدر السابق
( ) هواحمد بن عجيبة ( - 1224 هـ (1747 - 1809 م) احمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني، الادريسي، الشاذلي، الفاسي (أبو العباس) صوفي، مفسر، مشارك في انواع من العلوم توفي في 7 شوال.
من تصانيفه: ايقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عطاء الله في التصوف، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، شرح على الآجرومية في النحو، ازهار البستان في طبقات الاعيان، والفتوحات الالهية في شرح المباحث الاصلية.(معجم الؤلفين لرضا كحالة ج2_ص163بتصرف يسير)
( ) (ج1_ص160)
( ) (ج1_ص156) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القُرْآن الكَرِيْم . مُحَمَّد بن مُحَمَّد العِمَادي أبو السعود . ت 982 هـ .
( )( ج5_ص383)
( ) (ج1_ص9) لمؤلفه : إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء , متصوف مفسر , تركي مستعرب. ولد في آيدوس وسكن القسطنطينية وانتقل إلى بروسة وكان من أتباع الطريقة (الخلوتية) فنفي إلى تكفور طاغ واوذي , وعاد إلى بروسة فمات فيها. له كتب عربية وتركية فمن العربية روح البيان في تفسير القرآن الرسالة الخليلية في التصوف الفروقات وهو معجم في موضوعات مختلة. توفي عام 1127 هـ الموافق لعام 1715م.
(3)(ج1_ص 591)لمؤلفه الفخر الرازي هومحمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، أبو عبد الله، فخر الدين الرازي: الامام المفسر. أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الاوائل وهو قرشي النسب أصله من طبرستان، ومولده في الري وإليها نسبته، ويقال له (ابن خطيب الري) رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان، وتوفي في هراة. أقبل الناس على كتبه في حياته يتدارسونها وكان يحسن الفارسية. (الأعلام للزركلي ج6_ص313)
( ) أيسر التفاسير(ج1_653)
( ) (3046) وحسنه العلامة الالباني فيه وذكر له شواهد في الصحيحة ( 5- 644)رقم(2489)0
( ) رواه الأمام أحمد (1/13 ، رقم80 ) .اسناده ضعيف عيسى بن المسيب البجلي قاضي الكوفة مختلف فيه ، فقد ضعفه ابن معين وابو داود والنسائي وابو زرعة ابن حبان والدارقطني ، وقال الدارقطني مرة: صالح الحديث ، وكذا قال ابن عدي، وقال ابوحاتم : محله الصدق ليس بالقوي ، وصحح الحاكم في "المستدرك" حديثه وقال: لم يُجرح قط! وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" رقم (840) ، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. هاشم بن القاسم: هو ابن مسلم البغدادي ابوالنضر.
واخرجه مطولاً المروزي (91) عن ابي بكر بن ابي النضر، عن ابي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الاسناد.
واورده الهيثمي في "المجمع" 5/184 وقال: رواه احمد وفيه عيسى بن المسيب البجلي وهو ضعيف.

(2) (364ورواه مسلم340)
( ) برقم (162)
( ) في رسالته (حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة)
( ) لعماد السيد محمد إسماعيل الشربينى
1العبد الرءوف محمد عثمان ا لناشر : رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة – الرياض0
( ) (2100)
( ) قال صاحب كتاب رد شبهات حول عصمة الرسول:
أخرجه ابن حبان فى صحيحه الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان كتاب التاريخ، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يوحى إليه 14/ 169 رقم 6272، والحاكم فى المستدرك 4/273 رقم 7619 وقال : صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبى، وأخرجه البزار ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/226، وصححه جماعة من الأئمة غير من سبق ذكرهم. منهم ابن حزم فى الفصل فى الملل والنحل 2/321، والقارى فى شرح الشفا 1/299 والشهاب الخفاجى فى نسيم الرياض 1/483، وابن حجر فى المطالب العالية 4/178 رقم 4259، وقال : قال البوصيرى : رواه ابن إسحاق بإسناد حسن، وابن حبان فى صحيحه، ووافق= =ابن حجر، السيوطى فى الخصائص الكبرى 1/150، والحديث أخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/186 رقم 128 واللفظ له، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 2/33، 34، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 2/267 من رواية البيهقى،وقال : هذا حديث غريب جداً، وقد يكون عن على بن أبى طالب نفسه، ويكون قوله فى آخره "حتى أكرمنى الله عز وجل بنبوته، مقحماً أهـ قلت : ما قاله الحافظ ابن كثير يرده، إخراج الأئمة للحديث مرفوعاً، وتصحيح بعض الأئمة له0
( ) المصدرالسابق0
( ) (3609)صححه الألباني
( ) برقم (410)
( ) برقم ( 6404)صححه الألباني ايضا0
( ) قال: شعيب الأرنئوط : حديث صحيح لغيره0 رواه الإمام أحمد 17163
( ) (ص89)
( ) الفصل في الملل والأهواء والنحل ج2-ص275ط أحياء التراث العربي.
( ) وقد تقدم نقل الأدلة في ذلك قريبا.
( ) الجامع لأحكام القران 18/510 ط التركي
( ) المصدر السابق ( 18/513).
( )المصدر السابق ص 512 .
( ) المصدر السابق ص514.
( ) رد ابن تيمية رحمه الله هذا الكلام فقال(إن ما ذكره ابن قتيبة من إن العرب كانوا يجعلون الطلاق ثلاثاً فليس كذلك 0بل هذا إنما شرع بالمدينة000الخ تفسير آيات أشكات ج1_ص201
( ) تركت ذكر ترقيم الصفحة والجزء لأن القارئ يستطيع الرجوع إلى رقم الآية0
( ) أضواء البيان
( ) في تفسيره
( ) إن أرادة بالعبادة بمعنى التوحيد ومعرفة الله عز وجل فنعم وإن أرادة العبادة التي كان عليها بعد النبوة فهذا يحتاج إلى دليل0
( ) تقدم الخلاف فيها والراجح هو انه لم يكن تابعاً لنبيّ بكل شريعته.
( ) هوعلي بن محمد حبيب، أبو الحسن الماوردي: أقضى فضاة عصره. من المعلماء الباحثين، إصحاب التصانيف الكثيرة النافعة.ولد في البصرة، وانتقل إلى بغداد. وولي القضاء في بلدان كثيرة، ثم جعل " أقضى القضاة " في أيام القائم بأمر الله العباسي. وكان يميل إلى مذهب الاعتزال، وله المكانة الرفيعة عند الخلفاء، وربما توسط بينهم وبين الملوك وكبار الأمراء في ما يصلح به خللا أو يزيل خلافا. نسبته إلى بيع ماء الورد، ووفاته ببغداد. من كتبه " أدب الدنيا والدين - ط " و " الاحكام السلطانية - ط " والنكت والعيون - خ " ثلاث مجلدات كما في تذكرة النوادر 22، في تفسر القرآن، و " الحاوي - خ " في فقه الشافعية، نيف وعشرون جزءا، و " نصيحة الملوك - خ " و " تسهيل النظر - خ " في سياسة الحكومات، و " أعلام النبوة ط " و " معرفة الفضائل خ " و " الامثال والحكم - خ " و " الاقناع " فقه، و " قانون الوزارة " لعله المطبوع بعنوان " أدب الوزير " قاله عبيد. و " سياسة الملك " وغير ذلك0 974_ 1058م (الأعلام للزركلي ج4_0327بتصرف يسير)
( ) (أبو نعيم في الدلائل ، وابن عساكر) [كنز العمال 35439] وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 150) ولم أجد حكم أحد من العلماء المعاصرين على الحديث0
( ) تقدمت ترجمته ص28
( ) تقدم قبل قليل
( ) عند قوله تعالى {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} الأعراف : 88 وقوله{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْر ِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} إبراهيم: 13
( ) (ج1_ص160_239)
( ) أضواء البيان (1_318)
3هو ابن جزي الكلبي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي، أبو القاسم: فقيه من العلماء بالا صول واللغة.
من أهل غرناطة.من كتبه " القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية - ط " بتونس تقريب الوصول إلى علم الاصول " و " الفوائد العامة في لحن العامة " التسهيل لعلوم التنزيل 1294_ 1340م وهو من شيوخ لسان الدين ابن الخطيب. قال المقريزي: فقد وهو يحرض الناس يوم معركة طريف(الأعلام للزركلي ج5_325)بتصرف يسير0

( ) (ج20_96)
( ) وتقدم نقل كلامه كاملاً في آية الشورى
( ) أبو عبد الله بن أبي زمنين المري تفسيره مهم مختصر، اختصر فيه مؤلفه كتاب يحيى بن سلام في تفسير القرآن فحذف منه التكرار وبعض الزوائد التي يقوم علم التفسير بدونها، مما يسهل فهم الكتاب على الدارسين. كذلك أضاف المؤلف بعض الزيادات الضرورية من غير "كتاب يحيى" واتبع ذلك كثيراً من الاعراب واللغة0
( ) هو: محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي 0
( ) وهذا لايدل على نفي أصل التوحيد بل يمكن حمله على العلم المفصل بالتوحيد وإذا سلمنا أنه دل على ذلك فان هذا مفهوم واستنباط, وما قدمناه من أدلة منطوق ونصوص صريحة فهي مقدمة عليه0
( ) هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري0
( ) في تفسيره
( )في دروس تفسير القران الكريم
( ) تقدم تخريجه
( )انظر الفتح ج 7_ ص181

( ) ( ج2_ ص792) وتقدم كلامه لكن اعدته هنا نصا من كتابه وهناك نقلا عن الإمام الذهبي بتصرف يسير منه0
( ) والقول بضعفها وارد ومحتمل لاسيما وأن بعض أهل العلم ذهب إليه 0
( ) أخرجه أحمد (4/224 رقم 17999) ، وأبو داود (4/39 رقم 4012) ، والنسائى (1/200 ، رقم 406) . وأخرجه أيضًا : البيهقى (1/198 ، رقم 908) قال:الشيخ حمد بن عبد المحسن بن أحمد التويجري الحديث رواه أبو داود والإمام أحمد والنسائي بسند صحيح، وممن صححه من المتأخرين الشيخ ناصر رحمة الله عليه0
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-29-2012, 04:43 AM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

بلغني عن احد الاخوة ان الرافضة طرحوا هذه الشبهة في غرف البالتوك هذه الايام فلعلها على هذا الرابط ارتب قليلاً .


http://www.mahaja.com/showthread.php?14548
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-07-2012, 07:29 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

http://sub5.rofof.com/011ijtlh7/Shbhh_fy.html
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-08-2012, 07:12 AM
عبد الله بن مسلم عبد الله بن مسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 5,131
افتراضي

بارك الله فيك، لكن لعلك توضح لنا أي التوجيهات هو الراجح و لماذا، فإن هذا يحتاج إلى توضيح.

و ماذا عن توجيه ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة الى النبي صلى الله عليه و سلم فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال، لا أنه قدمها له ليأكل منها، لكن على نسق قوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت. فهذا التوجيه قوي في نظري، مع الضعف الموجود في إحدى الروايتين، و الله تعالى أعلم.
__________________
قال سفيان الثوري (ت161هـ): "استوصوا بأهل السنة خيرًا؛ فإنهم غرباء"
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-08-2012, 01:44 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله بن مسلم مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك، لكن لعلك توضح لنا أي التوجيهات هو الراجح و لماذا، فإن هذا يحتاج إلى توضيح.
و ماذا عن توجيه ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة الى النبي صلى الله عليه و سلم فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال، لا أنه قدمها له ليأكل منها، لكن على نسق قوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت. فهذا التوجيه قوي في نظري، مع الضعف الموجود في إحدى الروايتين، و الله تعالى أعلم.
حياك الله أخي :
الراجح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك وهذا ما ذكرته في الوجهين الآخيرين وهو أقوى مما ذكره ابن المنير رحمه الله تعالى .
ولعلك تنفعنا بتوجيه آخر للروايات فالبحث ما زال قائما والعلم لا يقبل الجمود .
بوركت .
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.