أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
3238 169036

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-24-2013, 08:27 PM
أسامة أسامة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: غزة - فلسطين
المشاركات: 365
افتراضي أيها الناس لا تدعوا على أنفسكم وغيركم بالشر والهلاك. الشيخ فؤاد أبو سعيد

أيها الناس!
لا تدعوا على أنفسكم وغيركم بالشر والهلاك
إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء:1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:70، 71).
أما بعد: فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
من سنن الكفار، ومن عدم إيمانهم برسلهم؛ يدعون على أنفسهم بالشر والهلاك، {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. (الأنفال: 32، 33)
والعجب ممن يكون في رغد من العيش، وأمن وأمان وسلم وسلام، فيرغبون في التغيير، ويدعون بما فيه التعب والمشقة، والشر والهلاك، والخوف والجزع، وهذا ما كان من أهل سبأ الذين قال الله فيهم: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ* وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ* فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. (سبأ: 15، 19)
وقوم صالح عليه السلام كذبوه {... وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}. (الأعراف: 77، 78)
وقوم لوط عليه السلام نهاهم عن الفاحشة وقطع السبيل، {... فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. (العنكبوت: 29)
ولعل هذا الأمر؛ وهو الدعاء على النفس بالشر والهلاك مجبول عليه الإنسان، قال سبحانه: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}. (الإسراء: 11)
[يقول تعالى ذكره، مذكِّرًا عبادَه أياديَه =ونعمَه= عندهم: ويدعو الإنسان على نفسه وولده وماله بالشرّ، فيقول: (اللهمّ أهلكه، والعنه)، عند ضجره وغضبه، كدعائه بالخير: يقول: (كدعائه ربَّه بأن يهبَ له العافية، ويرزقه السلامة في نفسه وماله وولده)، يقول: (فلو استجيب له في دعائه على نفسه وماله وولده بالشرّ، كما يستجاب له في الخير هلك، ولكن الله بفضله لا يستجيب له في ذلك). تفسير الطبري (17/ 393)
والدعاء على النفس والولد والمال موجود عند العرب، ومنتشر بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، لذلك ثبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ يُسْألُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ». سنن أبي داود (1532)
وقال سبحانه وتَعَالَى: {وَيَدْعُو الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا}، ... يُقَال: إِن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم. فَاسْتَجَاب الله لَهُ، وَضربت عُنُقه صبرا يَوْم بدر. تفسير السمعاني (3/ 222- 223)
أما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على أيِّ مسلمٍ أو سبُّه فهو رحمة للمدعو عليه، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ)، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ؟!» قَالَتْ: (قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا)، قَالَ: "أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا". مسلم (2600)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسِيرٍ، فَلَهَوْتُ =وانشغلت= عَنْهُ، فَذَهَبَ، =وهرب،= فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الْأَسِيرُ؟" قَالَتْ: (لَهَوْتُ عَنْهُ مَعَ النِّسْوَةِ فَخَرَجَ)، فَقَالَ: "مَا لَكِ قَطَعَ اللهُ يَدَكِ، أَوْ يَدَيْكِ"، فَخَرَجَ، فَآذَنَ بِهِ النَّاسَ، فَطَلَبُوهُ، فَجَاءُوا بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ فَقَالَ: "مَا لَكِ! أَجُنِنْتِ؟" قُلْتُ: (دَعَوْتَ عَلَيَّ، فَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ، أَنْظُرُ أَيُّهُمَا يُقْطَعَانِ)، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا، وَقَالَ: "اللهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ، أَوْ مُؤْمِنَةٍ، دَعَوْتُ عَلَيْهِ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا". مسند أحمد ط الرسالة (40/ 303 ح 24259)
فهنيئا لك يا كاتبَ الوحي! يا معاويةَ! عندما دعا عليك رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ».... مسلم (2604).
فإن هذه الدعوةَ زكاةٌ وطهور، ورحمةٌ وأجورٌ من الله على معاويةَ رضي الله تعالى عنه.
ومن حكمةِ الله الرحمن الرحيم في عدم إجابة كلِّ ما يدعو به الإنسان من خير أو شر، [إذا كنت تقول: أنا أدعو بالخير، والله سبحانه وتعالى لا يعطيني، =ولا يستجيب لي!!=. فخذ مقابلها: أنك تدعو بالشرّ على نفسك، ولا يجيبك الله.
ثم ألا يضيق الأب أحياناً ذَرْعاً بمن حوله، فيقول: فليأخذني الله؛ لأستريح من وجوهكم؟ هَبْ أن الله سبحانه أجابه إلى هذه الدعوة، فماذا يكون الموقف؟ وقد تجد من يقول: يا رب أصبني بالعمى فلا أراهم، أو تدعو المرأة على نفسها أو على أولادها.
وأنتم تحبون أن يجيب الله تعالى دعاءكم، فلو كان يجيبكم على دعاء الشرّ لانتهت حياتكم إلى الفزع...]. تفسير الشعراوي (9/ 5768)
عبد الله! لا تدعو على نفسك أو ولدك أو مالك، [ألا تسمع أمّاً تدعو على ابنها أو ابنتها رغم حبها لهما، فلو استجاب الله لدعائها على أولادها الذين تحبهم أليس في ذلك شر بالنسبة للأم.
والولد قد يقول لأمه مغاضباً: يا رب تحدث لي حادثة؛ حتى تستريحي مني. فهَبْ أن الله استجاب لهذا الدعاء، أيرضي ذلك من دعا على نفسه أو يرضي أمه؟
طبعاً لا؛ فإذا كان الله سبحانه قد أبطأ عليك بدعاء الشر فهذا خير لك، فعليك أن تأخذ إبطاء الله سبحانه عليك بدعاء الخير على أنه خير لك]. تفسير الشعراوي (10/ 6177)
وهذا أبو الْمُنْذِرِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يدعو على نفسه بالوعك والمرض والحمى حتى ينالَ كفارات الذنوب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ المسلمين قال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ الَّتِي تُصِيبُنَا مَاذَا لَنَا مِنْهَا؟) فَقَالَ: "كَفَّارَاتٌ" =أي ماحياتٌ للذنوب=. فَقَالَ: (أَيْ رَسُولَ اللَّهِ! وَإِنْ قَلَّتْ؟!) قَالَ: "وَإِنْ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا". قَالَ: (فَدَعَا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ الْوَعْكُ حَتَّى يَمُوتَ، وَأَنْ لَا يَشْغَلَهُ عَنْ حَجٍّ وَلَا عَنْ عَمْرَةٍ، وَلَا جِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ). قَالَ: (فَمَا مَسَّ إِنْسَانٌ جَسَدَهُ إِلَّا وَجَدَ حَرَّهَا حَتَّى مَاتَ). صحيح ابن حبان- محققا (7/ 190، ح 2928)، صحيح الترغيب (3/ 187، رقم 3433) حسن
قال الذهبي: [ملازمة الحمى له حرفت خُلُقَهُ يسيراً، ومن ثَمَّ يقول زِرُّ بنُ حُبيش: (كان أُبيٌّ فيه شَراسة)]. حاشية مسند أحمد ط الرسالة (35/ 9)
والدعاء على المؤمنين والذين ظاهرهم الإسلام، نهى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ عِتْبَانَ، فَقُلْتُ: (حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ)، قَالَ: (أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ فِي مَنْزِلِي، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى)، قَالَ: فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ وَهُوَ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِي، وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وَكُبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ، قَالُوا: (وَدُّوا أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ، وَدُّوا أَنَّهُ أَصَابَهُ شَرٌّ)، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ:
«أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟»، قَالُوا: (إِنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ)، قَالَ:
«لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ»، مسلم (33). فرفض أن يدعوَ عليه وهو يقول كلمة التوحيد.
ومن أسلم بعد أن أثخن في المسلمين تجريحا وتقتيلا، فالإسلام يعصم دمه وماله وعرضه، ويمنع الدعاءَ عليه وبالشر، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ أَهْلِهِ، وَقَالَ: (اشْهَدُوا يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ)، قَالَ ثَابِتٌ: فَكَأَنِّي كَرِهْتُ ذَاِك فَقُلْتُ: (يَا أَبَا حَمْزَةَ! لَوْ سَمَّيْتَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ)، قَالَ: (ومَا بَأْسُ ذَلِكَ أَنْ أَقُلْ لَكُمْ قُرَّاءُ، أَفَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمُ الَّذِينَ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرَّاءَ؟!) فَذَكَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعِينَ، فَكَانُوا إِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ انْطَلَقُوا إِلَى مُعَلِّمٍ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، فَيَدْرُسُونَ فِيهِ القُرآنَ حَتَّى يُصْبِحُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا فَمَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ اسْتَعْذَبَ مِنَ الْمَاءِ وَأَصَابَ مِنَ الْحَطَبِ، وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَعَةٌ، اجْتَمَعُوا فَاشْتَرَوُا شَّاةً، فأَصْلَحُوهَا، فَيُصْبِحُ ذَلِكَ مُعَلَّقًا بِحُجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُصِيبَ خُبَيْبٌ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَفِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ، فَقَالَ حَرَامٌ: (لِأَمِيرِهِمْ دَعْنِي فَلْنُخْبِرْ هَؤُلَاءِ أَنَا لَسْنَا إِيَّاهُمْ، نُرِيدُ حَتَّى يُخْلُوا وَجْهَنَا)، فَقَالَ لَهُمْ حَرَامٌ: (إَنَّا لَسْنَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ فَخَلُّوا وَجْهَنَا)، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِالرُّمْحِ فَأَنْفَذَهُ بِهِ، فَلَمَّا وَجَدَ الرُّمْحَ فِي جَوْفِهِ؛ قَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)، قَالَ: (فَانْطَوَوْا عَلَيْهِمْ فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ)، قَالَ أَنَسٌ: (فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ =أي حزن= عَلَى شَيْءٍ قَطُّ وَجْدَهُ عَلَيْهِمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ)، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَبُو طَلْحَةَ يَقُولُ لِي: (هَلْ لَكَ فِي قَاتِلِ حَرَامٍ؟) قَالَ:
(قُلْتُ لَهُ مَا لَهُ؟ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ)، =أي دعا عليه= فقَالَ: (مَهْلًا، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ). المنتخب من مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (ص: 380، رقم 1276)
أي توقف لا تدعو عليه، وإن كان هو قاتل خالك حرام، فالإسلام يجب ما قبله.
والخوارج والثوار الذين ثاروا على عثمان وحاصروه في داره، دعا لهم عثمان رضي الله تعالى عنه –خريج مدرسة النبوة إن صح التعبير ولم يدعُ عليهم- عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ حُصِرَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَخَرَجَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ مِنَ الدَّارِ -وَكَانَ مَعَ عُثْمَانَ- فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلَامٍ: (مَاذَا قَالَ عُثْمَانُ آنِفًا؟) قَالَ: فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ خَذَلُونِي وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّي، فَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ). =الله أكبر!=
فَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَجْتَمِعُوا أَبَدًا). تاريخ المدينة لابن شبة (4/ 1178)
فأين اليوم مثلُ عثمانَ رضي الله تعالى عنه، يدعو بالخير لا بالشر، يدعو بالاجتماع لا بالتفرق، يدعو لوحدة الصف لا التشتت والتشرذم؟!
والعصاةُ من الفنانين، واللاهين والمغنين ونحوهم، ندعو لهم بالهداية والرحمة، لا بالغواية والضلال والنقمة، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأطروشِ، قَالَ: كَانَ مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ عَلَى الدَّجْلَةِ وَنَحْنُ مَعَهُ؛ إِذْ مَرَّ بِهَا أَقْوَامٌ أَحْدَاثٌ، =شباب مراهقون= فِي زورقٍ يُغَنُّونَ وَيَضْرِبُونَ بِالدُّفِّ، فَقُلْنَا لَهُ: (يَا أَبَا مَحْفُوظٍ! أَمَا تَرَى هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْبَحْرِ يَعْصُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ! ادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ)، قَالَ: فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: (إِلَهِي وَسَيِّدِي! اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُفَرِّحَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا فَرَّحْتَهُمْ فِي الدُّنْيَا)، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: (إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ نَسْأَلْكَ أَنْ تَدْعُوَ لَهُمْ!) قَالَ: (إِذَا فَرَّحَهُمْ فِي الْآخِرَةِ تَابَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يَضُرَّكُمْ شَيْءٌ). شعب الإيمان (9/ 69- 70، رقم 6276)
ويجوز الدعاء على الظالمِ المسلمِ بتقييد الدعاء فتقول: (اللهم عليك بفلان إن كان هو ظلمني، أو عليك به إن كان كاذبا، إن كان هو أخذ مالي أو انتهك عرضي ...).
فقد ثبت أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ خَطَبَهُمْ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: (يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ! أَيُّ أَمِيرٍ كُنْتُ لَكُمْ؟) فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: (اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْنَا؛ لا تَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلا تَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلا تَغْزُوا فِي السَّرِيَّةِ). فَقَالَ سَعْدٌ: (اللهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا؛ فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَعَجِّلْ فَقْرَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ). قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى عُمِيَ، وَكَانَ يَلْتَمِسُ الْجُدُرَ، وَافْتَقَرَ حَتَّى سَأَلَ النَّاسَ بِكَفِّهِ، وَأَدْرَكَ فِتْنَةَ الْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ، فَقَاتَلَ فِيهَا، وَكَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ: (كَيْفَ أَنْتَ؟) يَقُولُ: (أَنَا أَعْمَى فَقِيرٌ، أَدْرَكَتْنِي دَعَوَاتُ سَعْدٍ). المجالسة وجواهر العلم (4/ 123، رقم 1294). قال مشهور: [إسناده صحيح]. وفي مسند سعد بن أبي وقاص (ص: 218، رقم 132)
وفي رواية: (قَالَ سَعْدٌ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ؛ يَغْمِزُهُنَّ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبْرِ). مسند البزار (3/ 273، رقم 1062)
ومن العصاةِ؛ اللصوصُ ونحوُهم إن سرقوا لا نخفِّفُ عنهم جُرمَهم بالدعاء عليهم، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُرِقَتْ مِلْحَفَةٌ لَهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَنْ سَرَقَهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "لَا تُسَبِّخِي": أَيْ لَا تُخَفِّفِي. سنن أبي داود (1497)، صحيح الترغيب (2/ 323، ح 2468)
أخي في الدين والإسلام! إياك أن تعرض نفسك لدعاء الصالحين، وذلك باتهامهم في أعراضهم، أو استفزازهم أو تكذيبِهم، فينالَك غضبٌ من الرحمن، وانتقام من الجبارِ جلَّ جلاله.
كَانَ مُطَرِّفٌ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، أَرْسَلَهُ رَجُلٌ يَخْطبُ لَهُ، فَذَكَرَهُ لِلْقَوْمِ فَأَبَوْهُ، فَذَكَرَ نَفْسَهُ فَزَوَّجُوهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ: (بَعَثْتُكَ تَخْطُبُ لِي فَخَطَبْتَ لِنَفْسِكَ)، قَالَ: (قَدْ بَدَأْتُ بِكَ). قَالَ: (كَذَبْتَ!) قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَبَ عَلَيَّ فَأَرِنِي بِهِ). قَالَ: فَمَاتَ مَكَانَهُ، فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ، =أي رفعوا قضيتهم إلى أمير البلد أن مطرِّفا قتل صاحبنا بدعائه عليه=. فَقَالَ لَهُمُ الْأَمِيرُ: (ادْعُوا أَيْضًا أَنْتُمْ عَلَيْهِ كَمَا دَعَا عَلَيْكُمْ). من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (9/ 238، رقم 173)
وعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْ عَلِيٍّ، =أي سبَّ عليًّا رضي الله تعالى عنه وشتمه=، فَنَهَاهُ سَعْدٌ، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَقَالَ سَعْدٌ: (أَدْعُو عَلَيْكَ)، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَدَعَا عَلَيْهِ سَعْدٌ، فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَ بَعِيرٌ نَادٌّ أَوْ نَاقَةٌ نَادَّةٌ، =أي فارَّة وهاربة من صاحبها وهي منزعجة= فَخَبَطَتْهُ حَتَّى مَاتَ). مجابو الدعوة لابن أبي الدنيا (ص: 37، رقم 36)
لقد طلب بعض الصحابة الدعاءَ على المشركين، فبماذا أجاب الرحمة المهداة؟ قِيلَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ). قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً». مسلم (2599)
والذين ظلموا المسلمين وعذبوهم لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، بل أمر المسلمين بالصبر، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَضْطَجِعٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ، مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَدْعُو عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَدْ خَشِينَا أَنْ يَرُدُّونَا عَنْ دِينِنَا؟ فَصَرَفَ وَجْهَهُ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ لَهُ، ثُمَّ جَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا وَاصْبِرُوا، فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ لَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى رَأْسِهِ فَيَشُقُّ بِاثْنَيْنِ، لَا يَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ فَاتِحٌ وَصَانِعٌ لَكُمْ». الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا (ص: 63، ح 85) وانظر نحوه في صحيح البخاري (3852).
وتوبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الآخرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين وبعد؛
إنّ بعضَ الناس هنا؛ وعندما كانت صواريخ بني صهيون تنهال علينا قبل سنوات قليلة، والأشلاء في غزة تتناثر، والأجساد تتمزق، والأرواح تصعد إلى بارئها، والدماء تتدفق على الأرض العطشى، وكنا نرى العالم من حولنا في فضائياته، رأينا سباقَ الخيل والهِجِنِ، والرقصَ الشعبيَّ وغيرَه تُبثُّ من القنواتِ الخليجية والسعودية، ورأينا التمثيلياتِ والمسلسلات، والراقصاتِ والمغنيات، والفرحَ والطرب، من سائر القنوات العربية وخصوصا المصرية.
انفعل بعض من أصيبوا من أهل غزة، فدعوا على العرب عموما وعلى المصريين خصوصا، أن يصيبهم ما أصابنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فانظروا إلى ما أصاب العرب؛ العراق ليبيا، اليمن تونس سوريا، وانظروا إلى ما أصاب مصرنا الشقيقة خاصة، فياليت من أراد الدعاء أن يدعو بالخير لا بالشر، بالعمار لا بالخراب والدمار، بالوحدة والتآلف، لا بالقطيعة والتنافر.
عباد الله! إذا لم ترضَوا بالواقع المرّ، ستُبْتلون بغيب أمرّ، وتندمون على ما مضى، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: (أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ الْحَجَّاجَ)، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْمٌ أَوْ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ». سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. صحيح ابن حبان (13/ 282، ح 5952)، انظر الصحيحة (1218).
عهْدُ الحجاج الذي استعاذَ من الصحابة والصالحون يتمناه كثير من الناس اليوم، فإذا جاء الغدُ تمنى الناس اليوم بل الأمس.
فأنصفوا في كلامكم، ولا تعتدوا في دعائكم، فإذا دعوتم فـ{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. (الأعراف: 55)
ألا واعلموا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَيُّهَا النَّاسُ! فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ". مسند أحمد ط الرسالة (11/ 235، ح 6655)، حسنه لغيره في صحيح الترغيب (2/ 133، ح 1652)
فاللَّهُمَّ يَا أكْرم الأكرمين! تفضَّلْ علينا وعَلى جَمِيع المذنبين بتوبة؛ تنقلنا من ذُلِّ الْمعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ الطَّاعَة، وثبتنا عَلَيْهَا حَتَّى تخرجَنا من الدُّنْيَا بِلَا ذُلٍّ وَلَا تِبَاعة، على منهاج أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، الَّذين أوجبت لَهُم الرَّحْمَة والشفاعة، اللَّهُمَّ إِن الطَّاعَة بقَدَرِك والمعاصي، وَفِي قبضتك الْقُلُوب والنواصي؛ فطهر قُلُوبنَا بِمَاء التَّوْبَة، واغسلها من دنس الحوبة، وَمَتعْنَا بالسلامة فِي ديننَا ودنيانا مَا أبقيتنا، وَلَا تردنَا على أعقابنا بعد إِذْ هديتنا.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، الذين يقاتلون أولياءك، ويصدون عن دينك، ويعتدون على مقدساتك، ويروعون الآمنين، اللهم اصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اصرف الفتن عن إخواننا في مصر والشام، وسائر بلاد العرب والإسلام.
وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين، وَخيرِ الْمُرْسلين، واحشرنا تَحت لوائه أَجْمَعِينَ، على منهاجه وسنته غير مبدلين وَلَا مغيرين، موفقين معصومين، غيرِ مغضوب علينا وَلَا ضَالِّينَ، يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ.
{وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} (يُونُس: 10)، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم.
وارض اللهم عن آل بيته الطاهرين، وصحابته الكرامِ الطيبين، ذوي القَدْرِ العليِّ، والمقامِ الجليِّ: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعلى سائر العشرة المبشرين، وكلِّ الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}. (العنكبوت:45)
وكتب وألف بين الجمل وجمع من المظان:
أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
الزعفران- المغازي- الوسطى- غزة
16 شوال 1434 هلالية
وفق: 23/ 8/ 2013 شمسية.
__________________
إن الدعوة السلفية دعوة بالحسنى، وليست حركةً حزبيَّة، دعوة لدين الإسلام دين السلم والسلام، والأمن والأمان، نسالم من يسالمنا، ونعادي من يعادينا.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.