أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
92538 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-29-2012, 07:13 AM
أبو الأزهر السلفي أبو الأزهر السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,172
Thumbs up خذوا على أيديهم ... لا تُغرِقوا السَّفينةَ - د.عبدالعزيز بن ندَى العتيبي



خذوا على أيديهم ... لا تُغرِقوا السَّفينةَ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نَبِيّ بعده، أما بعد:

ان الْخراب والدّمار لا ينشده ذَوُو العقول والألباب، فلا أحد يقبل بِهدم بيتهِ، وخراب داره، ولا يسعى فِي ذهاب مصالِحه وفساد شأنه، ولكنها الفِتَنُ اذا حلت بأرض، جعلت من النساءِ أَيامَى، والأبناءِ يتامَى، والديار خرابا، والسواد بياضا، واعلموا عباد الله! ان دعاةَ الفِتَن وموقدوها، ورؤوس الفوضى، وأقطاب الفساد، زينوا للدّهْماء وعامة الناس أَنَّهم دعاة اصلاح، وهم دعاة فساد فِي البلاد، ونار شر تُحرق العباد، قال الله تعالَى فِي هؤلاء وأمثالِهم: {وَاذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا انَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلاَ انَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ وَاذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ انَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 11 - 13]، أَي: ارجعوا عن سبل الغواية والضلال، قالوا: نَحن أهل الرأي السديد والقول الرشيد، وهم عند التحقيق عبيدٌ للشهوات والشبهات، {وَلَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ}، فكيف نأمن أولئك على الدين والأنفس والأعراض والأموال؟! بل كيف وُسِّدوا الْمناصب، ووضعت تَحت أيديهم مصالِح العباد؟! ودعوتُهم قائمة علَى الافساد فِي كلِّ واد!
ولله در القائل:

ومن ذا الذي يرجو اللئيم سجية ... ويأمل ريا منه وهو سراب

ويعقد كفيه على وُدِّ غَــــــــــادرٍ ... ألا ان عمران العـــدو خراب

لن ندع أحدا يهدم بيتا وَيُخرب مسجدا، ولن نترك الداء يسري فِي الْمجتمع، يسمم الناس بأفكار هدامة، نِهايتها الحسرة والندامة، ولِماذا تُهمل هذه الأفكار والأحزاب تعيث فِي الأرض الفساد، فكلما ظهرت فِي مكان أو زمان نشرت البلاء والوباء، وأحيت الفتن وانتشر الْهرج، وشاعت الفوضى، وعمَّ الفساد في الأرض، وعندنا تصبح الفوضى سائدة، فلا تسأل عن الْهلكة، وعذاب الفرقة والاضطراب والْخلاف، الذي يِحل فِي الأوطان، ويضعف البلدان، وقد حرص النبي صلى الله عليه مسلم على سلامة الْمجتمع من البلاء والفتن وشقاء العيش وصعوبة الحياة، فكان يرشد أصحابه الَى أفضل الدعاء، كما روى البخاري (6616)، ومسلم (2707) فِي صحيحيهما من حديث أبِي هريرة رضي الله عنه، عن النّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «تعوذوا بالله من جَهْدِ البلاء، ودَرَكِ الشقاء، وسوء القضاء، وَشَماتة الأعداء».


﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا


لقد تنوع التوجيه والبيان والارشاد فِي كتاب الله وسُنّةِ نَبِيِّهِ ومن ذلك ضرب الأمثال لتدرك العقول وتعي القلوب مراد الله، ليكون قريبا الَى الأذهان قال تعالَى:{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [ابراهيم: 25]، وقال تعالَى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]، وسنذكر مثلين من السنة، من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم تبين ان الفتن تبدو صغيرة فاذا بِها تصبح فِي قوتِها وفتكها بركانا هائجا.


ومعظمُ النارِ من مُستصغرِ الشرر


أولا: الاستهانة بصغائر الذنوب
روى الامام أحمد فِي الْمسندِ (5/331) بسند صحيح من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ايَّاكُم ومُحقرات الذنوب، كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حَتَّى أَنْضَجوا خبزتَهم، وان مُحقرات الذنوب مَتَى يؤخذ بِها صاحبها تُهلكه»، وله شاهدٌ رواه أَحْمدُ فِي الْمُسندِ (1/402) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ايَّاكم ومُحقرات الذنوب، فَانَّهن يَجتمعن على الرجل حتَّى يهلكنه، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لَهن مثلا، كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يَجيء بالعود، حتّى جَمعوا سوادا، فَأَجَّجُوا نارا، وأَنْضَجوا ما قذفوا فيها».
-1 ضرب النبي صلى الله عليه مثلا، الذنوب الصغيرة والاستهانة بأمرها، بالأعواد الصغيرة التي اذا اجتمعت أوقدت نارا وأنضجت طعاما.
-2 ويستفاد من الحديث ان بعض الفتن تبدو صغيرة، ولكنها سبيل الَى القضاء على الْمَمالك والدول، وضياع لِمصالِح الأمم والشعوب، فلابد من حسمِ مادّتِها، وَوَأْدِها فِي مهدها.


نَجاةُ السفينة، نَجاةُ الْمُجتمع


ثانيا: الأخذ على أيدي المخالفين والمنحرفين نجاة للأمم
روى البخاري في صحيحه (2493، 2686) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم في أسفلها، وصار بعضهم في أعلاها، فكان الذين في أسفلها اذا استقوا من الماء، يَمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولَم نؤذ من فوقنا، فان يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعا، وان أخذوا على أيديهم، نَجوا ونَجوا جَميعا».وفِي روايةٍ له: «فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا: ما لك؟ قال: تأذيتم بِي، ولابد لِي من الْماء فَان أَخَذوا على يَديه، أَنْجَوه ونَجَّوا أنفسهم، وان تركوه، أهلكوه وأهلكوا أنفسهم».وفِي روايةٍ لابن حبان فِي صحيحه (1/533) فقال: «من ناوأه من السفهاء: افعل، فأهوى الَى فأس ليضرب بِها أرض السفينة، فأشرف عليه رجل رشيد فقال: ما تصنع؟ فقال: نحن أقربكم من المرفق وأبعدكم منه، أَخرقُ دف السفينة فاذا استغنينا عنه سددناه، فقال: لا تفعل، فانك ان فعلت تَهلك ونَهلك».
-1 ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا، المجتمع فيه قوم صالحون وآخرون مفسدون، وقعوا فِي المخالفة والانحراف عن الصراط المستقيم، بِجماعة فِي سفينة، همَّ بعضهم بفعلٍ ظاهره مصلحة وهو خطر على السفينة وأهلها، فلابد ان يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء، ولا يتركوهم وما أرادوا، وَيَمنعوا الأقوال والأفعال الْمُنحرفة، ففي ذلك النجاة والسلامة للجميع.
-2 قال الله تعالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، أَيْ: لا تَختصُّ اصابتها برؤوس الضلالة، ومن يباشر الظلم منكم بل يعمه وغيره، كاقرار الْمنكرات، والْمُداهنة فِي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وافتراق الكلمة، وظهور البدع، والسكوت عن سادات الفوضى، فأعمالُهم تعقبها فتن لا تبقي ولا تذر.
-3 ويستفاد من قول الله سبحانه وتعالَى وحدِيثِ نَبِيِّهِ أنه اذا لَم يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء من العابثين بالأمن، ودعاة الشر، وباعثي الفتن، ضاعت البلاد وهلك العباد، ولا يخفى ان استمرار الحضارات وحياة الشعوب وصلاح المجتمعات، فِي حاجة لعلاجٍ ناجع ومواقف حازمة، فشرارة الفتنة تطفأ فِي حينها، وأفكار السوء والْمعتقدات الْمنحرفة توأد فِي مهدها، والأفاعي تقتل في جحورها.


القضاءُ على مادَّةِ الفسادِ


فلا يستهان بِمادة الفساد التي تتسلل الَى الجسد فيتآكل شيئا فشيئا حتى تفتك به، فصغائر الذنوب تؤذي، والْمُداومة عليها سَيجِرُّ يوما الَى الوقوع فِي الكبائر، فحذار من كل زلة وانْحراف، وتَنبَّه من الوقوع فِي الفتن، ولا تستصغر أَمْرَ قَذاةٍ وقعت فِي العين، فكم من الدمع أسالت علَى الْخدّينِ.وكذلك شأن الذنوب والمعاصي والبدع فِي الناس، والخطوب والأخطار عندما تستهين بِها الدول والأمم.

مثلُ القذاةِ بعينِ المرءِ يَحقرُها ... ودمعُها أبداً من وَخْزِها يكِفُ


د.عبدالعزيز بن ندَى العتيبي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.