أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
95128 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-14-2022, 08:05 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي وسائل التواصل كشفت عقول كتابها / أ.د. أحمد الرضيمان




إذا كان السكوت في بعض المواقف يُعَدُ نطقاً يتبيَّن به موقف الساكت، على حد قول أبي العلاء المعري: وقد تَنْطِقُ الأشياءُ وهْيَ صَوَامِتٌ ****وما كُلّ نُطْقِ المُخْبِرينَ كلامُ.

فإن كلام الإنسان الذي يتكلم به في السر والعلن، ويفعل مقتضاه، مبين لموقفه من باب أولى، فالمرء مخبوء تحت لسانه، وإذا تكلم الإنسان فقد عرض عقله على الناس، ومن اطلع على ما تضخه وسائل التواصل اليوم: كتويتر، وفيس بوك، وتيك توك وغيرها، تبين له من خلالها عقول الكتاب فيها، فيظهر له: العاقل المتزن، ويظهر له السفيه المضطرب، ويظهر له النفيس، ويظهر له الخسيس، (قد علم كل أناس مشربهم).

فهناك من يكتب وهو يراقب الله في ما يكتب، فلا يكتب إلا ما يسره أن يراه يوم القيامة شاهدا له لا عليه، وقد وضع نصب عينه ركيزتين اثنتين يحافظ عليهما أشد المحافظة في كتاباته وهما "الدين - والوطن الذي هو كيان الدولة وقيادتها ومواطنيها" فلا يكتب قط ما يسيء إلى الدين والوطن والقيادة والمواطن، بل يدافع عن دينه ووطنه، بعلم وعدل وأدب، وليس بجهل وظلم ومزايدة.

كما أن هناك أناساً يكتبون ما يضرهم في دينهم ودنياهم ولا ينفعهم، بل كل ما خطر على بالهم كتبوه، وكل ما سمعوه كتبوه، من دون تثبت ودون معرفة بفقه المآلات، ابتغاء الشهرة وحب طيران السمعة في الآفاق، وهذا جهل وسفه، ذلك أنه ليس كل ما يُعلم يُقال، وليس كل ما يُقال صحيح، وليس كل ما ثبت صحته، يصح نشره، وليس كل ما صح نشره يصح نشره عند كل أحد، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: "مَا أنت بمحدِّث قوماً حديثاً لاَ تبلغُه عقولهم إِلاَّ كان لبعضهم فتنة" رواه مسلم، وقال البخاري في صحيحه "باب: من خص بالعلم قوما دون قوم، كراهية ألا يفهموا"، وقال أبوهريرة، رضي الله عنه، كما في صحيح البخاري "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ" والوعاء الذي لم يبثه: هو ما لا مصلحة للناس في سماعه، من الفتن والأشخاص، فنشره يسبب شرا، ولا ينفع الناس، ولا يتعلق به حكم شرعي يحتاجه الناس، وإلا لما وسعه كتمه.

بل إن الأمر الجائز إذا كان في نشره فتنة، فإن الحكمة أن يُسكَت عنه ولا يُنشَر.

قال البخاري- رحمه الله- في صحيحه: باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ فَيَقعُ فِى أَشَدَّ مِنْهُ، وذكر حديث عائشة- رضي الله عنها- وأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لها "لَوْلا قَوْمُكِ حَدِيثُ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ منه، وَبَابٌ يَخْرُجُون". قال المهلب: فيه أنه قد يترك شيئًا من الأمر بالمعروف إذا خشى منه أن يكون سببًا لفتنة قوم ينكرونه ويسرعون إلى خلافه.

وقال أبو الزناد– أحد شراح صحيح البخاري: "إنما خشي أن تنكره قلوب الناس لقرب عهدهم بالكفر، ويظنون أنما يفعل ذلك لينفرد بالفخر دونهم".

وقد نهى الله، تعالى، عن سب الذين يدعون من دون الله، وإن كان ذلك جائزا إذا كان يؤدي إلى منكر أكبر، وهو سبهم لله، تعالى، بدليل قوله تعالى، "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم" قال السعدي، رحمه الله، في تفسيره "وفي هذه الآية الكريمة، دليل للقاعدة الشرعية، وهو أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم، ولو كانت جائزة تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر".

إن على الكتاب في وسائل التواصل وغيرها أن يراعو فقه المآلات، وليس كل ما خطر ببالهم كتبوه، بل يجب اتباع الحكمة، وقد قال تعالى، "وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا"، والحكمة هي الإصابة في القول والفعل، ووضع الشيء في موضعه المناسب.

إنه ليس من الحكمة أن يتدخل الإنسان في أمور لا تعنيه، وليست من اختصاصه، وربما تثير شرًا وفتنا وقى الله شرها.

لقد كشفت وسائل التواصل عقول من يكتبون فيها، فظهر أهل التؤدة والصدق، وظهر أهل العجلة والتملق، ولكن في النهاية سيذهب الزبد والتملق والكذب جفاء، كما قال تعالى، "فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗ "، وسيبقى ما ينفع الناس كما قال تعالى، "وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ"، وليعلم الجميع أن ما كان لله يبقى، وما كان لغيره يفنى.

ولمّا ألَّف الإمام مالك كتابه "الموطأ" قيل له: إن غيرك صنّف؟ فقال "ما كان لله يبقى، وما كان لغيره يفنى"، أي: كتابي وكتب غيري، سيبقى منها ما أريد به وجه الله، وسيفنى ويزول ما كان للدنيا ومطامعها.

كما أنه لا يليق بالإنسان إذا كتب في وسائل التواصل وغيرها شيئا من الخير أن يفعل نقيضه، فبعض الذين يكتبون فيها عن فضل صلة الأرحام على سبيل المثال، لا يصلون أرحامهم، وبعض الذين يكتبون عن ترك السياسة لأهل السياسة، داخلون في الكلام في السياسة وفي شئون الدول، ولا يتركون السياسة لأهل السياسة، وأيضا يتكلمون فيها بجهل وعدم فقه لما يترتب على كلامهم، وهذا المسلك دليل على نقص العقل.

قال الله تعالى، "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُون"، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُون* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون".
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:42 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.