أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
68909 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-19-2009, 10:27 PM
هشام حسين تندي هشام حسين تندي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 93
افتراضي الصِّــــــــراط المستقيـــــــم

الصِّــــــــراط المستقيـــــــم

إنَّ المُتَأمِّلَ لِنُصوصِ القرآن الكريم يرى فيها انتظاماً مُعْجِزاً، ويجد فيها ترابطاً دقيقاً، ويتعايش معها -مِن خِلال ذلك كُلِّه- تعايشاً عميقاً.

ذلكم أنَّها كلامُ اللهِ -العظيم القيُّوم- لخلقهِ المحتاجين إليه، المُتَضَرِّعين بين يديه: {أَلا يعلم من خلق وهو اللَّطيف الخبير} [الملك:14].

ولقد جاءَت فاتحةُ الكتاب المُباركةُ إعلاناً واضحاً -لا لَبْسَ فيه- لحقيقةِ هذا القرآن الكريم وغايتِه، والسبب الذي مِن أجلهِ خلق اللهُ الخلقَ، وأرسل الرسل، وأنزل الكُتُب . . .

ولقد كان لُبُّ الفاتحةِ الكريمةِ ولُبابُها طلبَ الهداية إلى الصراط المستقيم مِن اللهِ العليِّ العظيم: {اهدنا الصِّراطَ المستقيم} [الفاتحة:6]؛ فما قبلها تمجيدٌ وثناء بين يَدَيْها، وما بعدها وَصْفٌ وبيانٌ لها وإليها. . .

ولقد وصف اللهُ -تعالى- عبادتَه بكونها صراطاً مستقيماً: {إنَّ اللهَ ربي وربُّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيم} [آل عمران:51].

ووصف الاعتصام بهِ -جلَّ وعلا- صراطاً مستقيماً: {ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم} [آل عمران: 101] . . .

ووصف دعوةَ الإسلام -كلَّها- صراطاً مستقيماً: {وإنّضك لتدعُوهم إلى صراطٍ مستقيم} [المؤمنون:73]؛ وجعل -سبحانه- هذه الدعوةَ –هكذا- واجبةَ الاتباع، وإلى الصراط المستقيم نفسهِ {وأَنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه ولا تتبعوا السُّبل فتفرَّق بكم عن سبيله ذلكم وصَّاكم به لعلَّكم تتَّقون} [الأنعام: 153] . . .

هذا هو (الصراط المستقيم) عُلُوًّا، وكمالاً، وتماماً . . .

هذا هو (الصراط المستقيم) هدايةً، وشمولاً، وعِظماً . . .

هذا هو (الصراط المستقيم) سداداً، وإرشاداً، وامتثالاً . . .

. . . فَمَن ضَعُفَ عنه، أو وجد نفسَه دونه، أو استدرك حالَه وقد أضحى بعيداً عنه:

فَلْيَرجِع . . .

وَلْيتُب . . .

وَلْيُغَيِّرْ . . .

وَلْيُصْلِحْ . . .

ولئن كان مُقَصِّراً في الفعلِ والعَمَل، فلا يُقَصِّر في الدعاءِ، والتضرُّع إلى اللهِ، والابتهال إلى جلال مولاه: أن يصرفَ عنه السُّوء، وأن يردَّه إلى الحقِّ المُبين . . .

أمَّا أن يُقصِّرَ في الفعل والعمل، وأن يتقاصَرَ عن الدعاء والتضرُّع، وأن يَقْصُرَ (الحقَّ) على نفسه وذاته وهو غارقٌ في النقيض، ومُغرِقٌ في المُضادِّ:

فهي الطَّامةُ المُرْجِفةُ بالويل والثُّبور على أذنابها، وأربابها، وأهليها . . . ولو بعد حين!

فكُلُّ هذا السُّمُوِّ في حَدِّ (الصِّراط المستقيم)، ومعناه، ودلالتهِ: يَنْأَى بكُلِّ ذي نَصَفَةٍ -بل كُلِّ ذي لُبٍّ- أن يَجُرَّ هذا المعنى الجليل لواقع نفسِه الذليل؛ لَبْساً للحقِّ بالباطل، وتضليلاً للعامَّة والدهماء بالاندِساس وراءَ هذا الاسم المُشرِق الوضَّاء . . .

إنَّ (الصِّراط المستقيم) مناقضٌ تمامَ المناقضة للكذبِ والافتراء، والتهويش والتحريش . . .

إنَّ (الصِّراط المستقيم) مُغايرٌ ظهراً لِبَطْنٍ للأنانيَّةِ المُرَّة، والذاتيَّةِ القبيحةِ، والشخصيَّةِ الفجَّةِ . . .

إنَّ (الصِّراط المستقيم) مُبطلٌ مِن الجُذور لكلِّ التحالُفات السخيفة، والمقاصد غير الشريفة . . .

إنَّ (الصِّراط المستقيم) حقٌّ ويقينٌ، وضِدَّه باطلٌ مُستبين . . .

فَلْيَتَّق اللهَ (أقوامٌ!) انتسبوا - بلا حقٍّ- إليه، وهم لا (يتجمّعون) –حقيقةً- عليه...

وصدق الله -القائلُ-: {أفمن يمشي مكبَّاً على وجهه أهدى أمَّن يمشي سوياً على صراطٍ مستقيم} [الملك: 22] . . .

وصدق نبيُّه محمدٌ –صلى الله عليه وسلم- القائل- تنبيهاً على باطلٍ أُلْبِسَ لبوسَ الحقِّ-: « . . . ويسمُّونها بغير اسمها».

والله المستعان . .



[«مجلة الأصالة» عدد (53) 15/رجب/1427هـ]



فضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي
__________________
ابوحمزة تندي هشام البيضاوي المغربي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.