أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
22703 151323

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-15-2014, 01:33 PM
مسعودالجزائري مسعودالجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 254
افتراضي { ألا في الفتنة سقطوا } ثم سقطوا رد على الشيخ لزهر

{ ألا في الفتنة سقطوا }


ثم سقطوا


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإن طالب الحق ربما يقول إن عنوان هذا المقال هو نفسه عنوان لمقال للشيخ لزهر سنيقرة، فأقول رويدك يا طالب الحق، فإن الكلمات الأُوَل هي قطعة من آية في سورة التوبة برقم 49، وأما الكلمة الأخيرة فهي عند لزهر أُسقِطوا بضم الهمزة وكسر القاف كما ضبطها، وأما هنا فهي سقطوا، ولا يخفى على اللبيب ما تتضمنه الكلمتان من فوارق.
فالكلمة عند لزهر تعني أن الذين سقطوا في الفتنة لم يُرحموا، ولم يُؤخذ بأيديهم إلى الحق، بل نُبذوا وأُبعدوا،وأسقطوا، وهذا ليس من شيم أهل السنة، ففي الزهد لأبي داود (ص: 211، 212): «عن أبي قلابة قال: مر على أبي الدرداء برجل يقاد في حد أصابه، قال: فنال القوم منه. فقال: لا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم. قال: أرأيتم لو رأيتموه في قليب أكنتم مستخرجيه؟ قالوا: نعم قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله على الذي عافاكم. فقيل: له أتبغضه؟ فقال: إني لا أبغضه، ولكن أبغض عمله، فإذا تركه كان أخي ».
وأما هنا فسقطوا تعني الذين سقطوا في الفتنة، أي الإثم، ثم بعنادهم واستكبارهم سقطت منزلتهم ومكانتهم في الدنيا، وأما في الآخرة فنخشى عليهم أعمالهم. فكان سقوطهم بأيديهم، لا بأيدي أهل السنة، فأهل السنة أعلم الناس بالحق، وأرحمهم بالخلق.
وهذا المقال سأناقش فيه بإذن الله تعالى ما قاله لزهر سنيقرة في مقالته ( ألا في الفتنة سقطوا، ثم اسقطوا ).
وقبل أن ألج في الموضوع، لابأس أن أستهله ببعض الفوائد التي نبه عليها أهل العلم استنباطا من الآية السابقة الذكر.
قال الله تعالى: {ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ } [سورة التوبة: 49]
يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28/ 166، 167، 168): « قال الله تعالى: {ألا في الفتنة سقطوا } يقول نفس إعراضه عن الجهاد الواجب ونكوله عنه وضعف إيمانه ومرض قلبه الذي زين له ترك الجهاد : فتنة عظيمة قد سقط فيها فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته ؟! والله يقول : {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } . فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة : فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده وتركه ما أمر الله به من الجهاد.
فتدبر هذا ؛ فإن هذا مقام خطر ؛ فإن الناس هنا ثلاثة أقسام : قسم يأمرون وينهون ويقاتلون ؛ طلبا لإزالة الفتنة التي زعموا ويكون فعلهم ذلك أعظم فتنة ؛ كالمقتتلين في الفتنة الواقعة بين الأمة .
وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ؛ لئلا يفتنوا وهم قد سقطوا في الفتنة وهذه الفتنة المذكورة في " سورة براءة " دخل فيها الافتتان بالصور الجميلة ؛ فإنها سبب نزول الآية .
وهذه حال كثير من المتدينين ؛ يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ؛ لئلا يفتنوا بجنس الشهوات ؛ وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منه.
وإنما الواجب عليهم القيام بالواجب وترك المحظور . وهما متلازمان ؛ وإنما تركوا ذلك لكون نفوسهم لا تطاوعهم إلا على فعلهما جميعا أو تركهما جميعا : مثل كثير ممن يحب الرئاسة أو المال وشهوات الغي ؛ فإنه إذا فعل ما وجب عليه من أمر ونهي وجهاد وإمارة ونحو ذلك فلا بد أن يفعل شيئا من المحظورات . فالواجب عليه أن ينظر أغلب الأمرين . فإن كان المأمور أعظم أجرا من ترك ذلك المحظور لم يترك ذلك لما يخاف أن يقترن به ما هو دونه في المفسدة ؛ وإن كان ترك المحظور أعظم أجرا لم يفوت ذلك برجاء ثواب بفعل واجب يكون دون ذلك ؛ فذلك يكون بما يجتمع له من الأمرين من الحسنات والسيئات ؛ فهذا هذا. وتفصيل ذلك يطول ».
فالناس إذًا ثلاثة أقسام، قسم يشارك في الفتنة بدعوى إزالة الفتنة كحال من يشارك في الفتن الواقعة في الأمة، وفعلهم هذا أعظم الفتنة، وقسم يترك إعلاء كلمة الله تعالى بدعوى خوف الوقوع في الفتنة وهو قد وقع في الفتنة. وقسم ينظر إلى أغلب الأمرين.
فالشيخ لزهر أتى بهذه الآية التي نزلت في المنافقين فأسقطها على إخوانه من أهل السنة، فما هو الجامع بينهما ؟
لعل الجامع عنده هو الوقوع في الإثم، فما هو الإثم الذي وقع فيه من يخالفك يا لزهر سنيقرة ؟
هل مخالفتهم للشيخ ربيع بن هادي حين أمرَهم بالكلام في بعض الناس هو الإثم ؟
أم طعنهم في الشيخ ربيع بن هادي بعد أن فرّق صفوف أهل السنة هو الإثم ؟
أم أخذهم بالأدلة وبما كان عليه سلف الأمة هو الإثم ؟
إذا رجعنا إلى الآيات نجد أن المنافقين اعتذروا عن المشاركة في الجهاد بالسنان، وقد ذكر الله لنا علامات لهم، منها عدم الإيمان بالله واليوم الآخر، ومنها الشك والريب، ومنها التخذيل لأهل الإيمان، ومنها السعي في تفريق صفوف المؤمنين، ومنها الحزن إذا أصاب المؤمنون الخير والعافية، والفرح إذا أُصيب المؤمنون بالمصائب.
أما إخوانك الذين تطعن فيهم يا لزهر فقد عرَّضوا أنفسهم للخطر من أجل السنة وإقامتها، فبدءا بالشيخ عدنان عرعور الذي فتح بيته للشيخ الألباني داعيا ومعلما، إلى الشيخ المغراوي الذي قام في وجه البدع والشرك محذرا ومبينا، إلى الشيخ أبي الحسن الذي انتقد منهج الشيخ ربيع في زمن العلماء، وكتب في ذلك كتابا سماه السراج، وأما الشيخ يحيى الحجوري الذي جمع بين الجهاد بالسنان والجهاد باللسان في وجه من يخالف السنة، ويتربص بأهلها الدوائر، وهكذا طلبة الشيخ الألباني مشايخ الشام، الذين قاموا بنشر السنة تعليما وتأليفا، وقاموا في وجه المخالفين للسنة معرِّضين أنفسهم لشتى المخاطر، ولا أنسى الشيخ عبد المالك رمضاني ولا الشيخ العيد شريفي الذي ناظر الخوارج في عقر دارهم، كل هذا من أجل السنة نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله تعالى.
أما أنت يا لزهر فليتك تذكر لنا ما قدمته للسنة وأهلها في زمن الغربة والمصائب .
وأما أن يرتكب من سبق ذكرهم الإثم، فلسنا ممن يبرئهم من ذلك، ولكن كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فيزاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 170، 171): «والمقصود: أن الله سبحانه حَكَم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يُبرئ أولياءَه من ارتكاب الإثم بالقتالِ في الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبرُ وأعظمُ مِن مجردِ القتالِ في الشهر الحرام، فهم أحقُّ بالذمِّ والعيبِ والعُقوبَةِ، لاسيما وأولياؤه كانوا متأوِّلين في قتالهم ذلك، أو مقصِّرين نوعَ تقصير يغفِره الله لهم في جنب ما فعلوه مِن التوحيد والطاعات، والهِجرة مع رسوله، وإيثارِ ما عند الله، فهم كما قيل:
وإذَا الحَبِيبُ أَتى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ ... جَاءَتْ مَحَاسِنُه بِأَلْفِ شَفِيع
فكيف يُقاس ببغيضٍ عدوٍ جاء بكُلِّ قبيح، ولم يأت بشفيع واحد مِن المحاسن ».
ثم يا لزهر سنيقر هلاّ نظرت إلى تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع من سقط في الفتنة قطعا، حَكَم بذلك رب العالمين، فاقتديت به.
هل هجرهم عليه السلام، أو سبهم، أو شتمهم، أو بدأ بنشر سيئاتهم بين الناس أو، أو،.. مما تفعلونه اليوم بل وتحاربون من لا يفعل فعلكم ؟
إن ما تفعلونه من الفتن جعلت بعض علماء العصر ومحدثيهم يتمنى لو تعاملونه معاملة النبي عليه السلام للمنافقين.
بعد هذا أقول وبالله التوفيق والسداد:
يقول لزهر سنيقرة: «ما من فتنة تمر بها الدعوة السلفية قي أي قطر من الأقطار إلا وتتردد مثل هذه العبارات التي ظاهرها فيه الرحمة، وباطنه من قبله العذاب، كقولهم: « كفوا عن إسقاط المشايخ والدعاة » يقصدون الكف عن إسقاط من يظنونهم على الجادة والصواب، وإن صدر منهم ما صدر ما دام أنهم كانوا في يوم من الأيام على شيء من الهدى والرشاد ».
قلت: أولا: لاشك أنك تعني بقولك المشايخ والدعاة، من هو على السنة، ذابا عنها، ثم وقع فيما تظنه أنت وأتباعك من البدع، بدليل أنك ذكرت أبا الحسن والمغراوي وغيرهم كأمثلة على ذلك.
ثانيا: أتعرف من قال هذا يا لزهر، لقد قاله سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عندما سئل عمن جرحه الشيخ ربيع، فقال: «والله يا أخي! القضية هذه -أحيانًا- تكون هوًى، تجريح الناس، سبُّهم يكون -أحيانًا- يصحبه هوى، والمصالح الشخصية، وأنا ما أحبُّ الدُّخول في هذه الأشياء.
أقول: طلاب العلم يُرجى لهم الخير، وإذا شعرنا بشيءٍ من الخطأ؛ ناقشناه إن تمكنا، أو سألنا من نثق به عن هذا الخطأ،أما التَّجريح في الناس، وذم الناس، وتقسيم الناس -هذا ما يصلح، هذا ما يصلح-؛ فكثيرٌ منها بهوى، وسباب المسلم فسوق، واحترام أعراض المسلمين واجب »([1]).
وقال هذا أيضا الشيخ صالح الفوزان جوابا على السؤال التالي: « السائل: سمعنا من فضيلتكم أن باب الجرح والتعديل مغلق في هذا العصر.
الشيخ: وأنتم فاتحينوا ها الحين؟!!! وين الجرح والتعديل؟ وين الذي يستطيع يعرف هذا الباب ، هذو لا ما عندهم إلا الكلام في الناس وتجريح الناس، وفلان كذا وفلان كذا، هذه غيبة، هذه الغيبة ما تجوز ولا هي بالجرح والتعديل، الجرح والتعديل من علم الإسناد إسناد الحديث. أما تجلس وتقول فلان فيه كذا وفلان فيه كذا، وتمدح وتذم هذا ما هو بجرح وتعديل هذا جرح فقط، ما فيه تعديل، جرح وغيبة ونميمة، نعم ».([2])
وقالت اللجنة الدائمة في نصيحة لها: « وقد ساءنا ما نسمع من بعض الدعاة المنتسبين لأهل السنة والجماعة من الشدة والقسوة على إخوانهم واشتغالهم بأعراض إخوانهم الدعاة وجمع عيوبهم ونشرها على الملأ، واعتبار ذلك من العبادات التي تقرب بها إلى الله ».
أليس في كلامك هذا طعن في اللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء، وغيرهم من العلماء الذين نصحوا بترك الكلام في الدعاة والمشايخ الذين من أهل السنة.
وأما قولك: « وإن صدر منهم ما صدر ما دام أنهم كانوا في يوم من الأيام على شيء من الهدى والرشاد ». فهذا الكلام لم يقله أحد، لا من العلماء ولا من غيرهم من أهل السنة، بل الطباع تنفر من مثل هذا الكلام، كيف يقال هذا وقد قال الله تعالى:{{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين}}{ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ} [سورة الزمر:65]
فإن قلت: أنا لا أقصد الشرك مع أن ظاهر اللفظ يتناوله، قلت فماذا إذاً ؟
ولو أُقارن بين ما وقعت فيه من الأخطاء وما وقع فيه من تكلمت فيهم لكنت أنت أولى بالحكم منهم، وسيأتي البيان.
قال لزهر: «وإن الرفعة بيد الله لو كانوا يفقهون،..، وإن المرء كما يرفعه عمله يسقطه انحرافه وجنفه ».
قلت: نعم، الرفعة بيد الله، أخرج أبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 166) عن سعيد بن المسيب قال: «يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله، الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم، فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه، فبدت للناس عورته».
الذي يقول من يطعن فيّ فليس بسلفي، أليس هذا يريد أن يرفع نفسه؟ والذي يقول أولئك سقطوا أليس يقول بلسان حاله أنا مرفوع.
ثم إن من يقرأ كلامك السابق يظن أن من يُهان، ويقِل أنصاره يعتبر ممن سقط عند الله، فإن كان الأمر كذلك فهذه مصيبة عظيمة تدل على جهل بأصول الإسلام.
فها هو يوسف عليه الصلاة والسلام اتُّهم حتى سجن مدة من الزمن، ثم رفعه الله تعالى ومكّنه، فالداعية إلى الله على بصيرة إذا امتحن في زمن من الأزمان لا يعني أبدا أنه قد سقط. بل من وقع في ذنب لا يقال فيه شيء حتى يُعرف بما ختم له. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « إذا رأيتم أخاكم قارفا ذنبا فلا تكونوا أعوانا للشيطان عليه تقولون اللهم أخزه اللهم العنه، ولكن سلوا الله العافية فإنا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كنا لا نقول في أحد شيئا حتى نعلم على ما يموت عليه، فإن ختم له بخير علمنا أنه قد أصاب خيرا وإن ختم له بشر خفنا عليه عمله ». أخرجه البيهقي في الشعب (5/ 291).
ومن له مسكة عقل ليلاحظ أن كل من عرفوا من طريق الشيخ ربيع، وأثنى عليهم ثم جرحهم أو جرحهم غيره ممن هو معه، لا يكاد يشعر بأحد منهم أو يسمع له ركزا، والأدلة كثيرة، منها مثلا الشيخ فالح الحربي فما إن جرح حتى ذهب أثره، وهكذا الآن مثلا أسامة العتيبي وأحمد بازمول، فقد بدأ أثرهم يختفي بسرعة، وأما من عُرف بسبب علمه ودعوته إلى السنة فلله الحمد والمنة لم يختف أثره، بل كل يوم يزداد أتباعه ولو لم أجد مثالا على ذلك إلا الشيخ علي بن حسن وفقه الله لكل خير لكفى فكيف والأمثلة كثيرة.
قال لزهر: « والعلماء الربانيون لا يزالون قديما وحديثا يتكلمون في المخالفين صدعا بالحق ».
قلت: ملك يا لزهر عطوت في الحمض.
من هؤلاء المخالفين ؟ هل هم من أهل السنة أم من أهل الباطل والهوى؟
إن كانوا من أهل السنة فاذكر لنا الأمثلة على ذلك وقس بعد ذلك على ما نعايشه نحن اليوم، ولا يقولن سريع النظر بلا تروي لا زال العلماء يردّون خطأ من أخطأ، فأقول نعم لا أخالفك في الخطأ، ولكن في الكلام في المخطئ من أهل السنة تبديعا وتضليلا.
وإن كانوا من أهل الأهواء فلا يخالفك فيه أحد من أهل السنة، بل كل السلفيين يشجعونك على ذلك إذا كان بالعلم والحكمة، فليتك تُخرج للأمة الإسلامية كتابا في الرد على الحزبيين أو العلمانيين، أو الإباضيين ؟
قال لزهر: « فهم لا ينتصرون إلا للحق وبالحق ».
قلت: نعم أولئك العلماء الربانيون، أما الذي انتشر في الآونة الأخيرة فهو انتصار للباطل وليس للحق، فالذي يقول: لا يحمل المجمل على المفصل في أقوال العلماء، ويجرح من بينه وبينه أمور شخصية، ويغض الطرف عمن هو معه هذا ليس من العلماء الربانيين.
والذي يجرح البعض ويخرجهم بالبدعة الواحدة ويؤصل لها، ثم يقف إذا تعلق الأمر بمن هو معه، ولو باع كتب أهل البدع، بل ولو أثنى على أهل الأهواء كالطاهر بن عاشور، ودافع عنه في مسجده، بل ويحضِّر درس التفسير من كتبه هذا ليس من العلماء الربانيين.
والذي يجرح بسبب التعاون مع جمعية إحياء التراث، ثم ينادي بأعلى صوته لا بأس أن يتعاون أهل السنة مع الإباضية الذين يقعون في الخليفة الراشد علي، بل ويخالفون أهل السنة في العقيدة والفقه، هذا ليس من العلماء الربانيين.
قال لزهر: « وقد تكلم بعض الأفاضل في عبد الرحمن عبد الخالق بعد نصحه ودعوته،..، ولم يبخل عنه بهذا شيوخه من مثل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى..فهل يقال إن هؤلاء أسقطوا هذا المفتون الساقط، أم على نفسها جنت براقش ؟ »
قلت: لقد خالف الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في جرح عبد الرحمن عبد الخالق، بل وقال سأنصح الشيخ ربيعا.
قال الشيخ ابن باز في خطابه لأهل الكويت: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأبناء الكرام من الدعاة إلى الله –سبحانه- في دولة الكويت، وفّقهم الله لما فيه رضاه، وزادهم من العلم والإيمان، آمين..
وجميع ما ذكرتم فيه كان معلومًا، ولاسيّما ما ذكرتم عن كتاب الشيخ : ربيع بن هادي مدخلي، وما ذكره حول فضيلة الشيخ: عبد الرحمن عبد الخالق،..
وأما الشيخ ربيع فسأكتُب إليه وأنصحه إنْ شاء الله ».
فهل الشيخ ابن باز لا يرى إسقاط من يظن فيه الخير ولو صدر منه ما صدر ؟!
وكذلك الشيخ ابن عثيمين لم يُعلم عنه أنه قام بجرح عبد الرحمن عبد الخالق، فهل هو كذلك مثل الشيخ ابن باز رحم الله الجميع أم ماذا ؟
قال لزهر: « ثم تلت هذه الفتنة فتنة الثلاثي المنتكس ( المأربي، المغراوي، الحويني ) وإن شئت أضفت إليهم ( القوصي )، وأظنه أحقر من أن يصنف .. »
قلت: أما كلمة المنتكس، فمعناها أنه كان يقول بشيء ثم بعد ذلك غيّر رأيه وانتهج مسلكا آخر، فهلاّ أتيت بأمثلة على ذلك إن كنت من الصادقين ؟!
بل إن المأربي كان مخالفا للشيخ ربيع في حياة العلماء، وما كتاب السراج الوهاج إلا دليلا على ذلك، وهذا باعتراف الشيخ ربيع نفسه فأين الانتكاسة ؟
وكذلك غيرهم ممن ذكرت، وأما القوصي فلو كان في منهجك الرحمة والرفق حقا لدعوت له بالهداية، ولحمدت الله على العافية، فعنأبي سليمان الداراني قال: «إنما الغضب على أهل المعاصي لجراءتهم عليها فإذا تذكرت ما يصيرون إليه من عقوبة الآخرة دخلت القلوب الرحمة لهم » كما في الشعبللبيهقي (5/ 294).
وما حال القوصي اليوم إلا بسبب ما رآه من حالكم وتخبطكم فكنتم فتنة له، وأرجو من الله تعالى أن يختم له بالحسنى، فقد يعمل الرجل بعمل أهل النار، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، والعكس أيضا، فكن ممن يتعظ بغيره.
وأما ما ذكرته بعد ذالكم الكلام فما هو إلا اجترار لكلام غيرك، وقد كنتَ أنت ممن يخالف في ذلك، وما توزيعك لرسالة رفقا إلا دليلا على ذلك.
قال لزهر: « ومنهم من وقف مع الحق لا تأخذه لومة لائم كالشيخ النجمي رحمه الله ».
قلت: الشيخ النجمي قد تكلم فيك وجرحك كما هو معلوم، ولم نسمع منك رجوعا إلى الحق، ولا التوبة مما انتقده عليك فهلاّ أخذ أتباعك بجرحه.
قال لزهر: « ثم جاء الدور على من كان يشار إليه بالبنان عندنا !..حتى صار يعقد له اللواء، ويتم له الولاء !
..وما هو إلا وقت يسير حتى بدأت تظهر الغرائب والعجائب في أقواله وأحواله مما يستنكره الخاص والعام ..».
قلت: إن من يقرأ الكلام السابق ليظن أن لزهر ومَن معه من المشايخ هم من كان لهم التأثير في ترك الذي يشار إليه بالبنان.
وهذا كلام مخالف للحقائق، فإن الشيخ المشار إليه لم يستطع لزهر وإخوانه المشايخ ! أن يتكلموا مع ذالكم الشيخ إلا بعد أن أظهر مخالفة الشيخ ربيع في مسألة أبي الحسن، وبعد إلحاح وإلحاح من طرف أتباع الشيخ المدخلي قمتم بالنصح.
ومع ذلك فقد بقي بعضكم لا يتكلم في الشيخ المشار إليه، وإذا تكلم فمن وراء السرداب، وإذا نُشر عنه الكلام يُنكر، ويغضب ممن نشره، ولا بأس أن أذكر واحدا منهم ألا وهو عبد المجيد جمعة الذي يدرس في الاختلاط !
وفي هذه الفترة كنتَ أنتَ ومن معك من المغضوب عليهم لأنكم لم تنصروا هذا الحق، بل انتُقدت في مسائل كثيرة كبيع كتب المبتدعة، وتدريسك لكتابٍ في العقيدة ألفه سعود الشريم أوغيره ممن هو من المجروحين، ويقرر كلاما في الحاكمية يخالف ما قرره كبار أهل العلم، ولا ترى الاختلاف إذا اختلف كلام الشيخ ربيع مع غيره في الرجال.
وما ذكرتَه عن الشيخ المشار إليه بالبنان فقد حدث معك الآن بسبب تزكية الشيخ ربيع لك، فاللواء معقود، والولاء موجود، والفتاوى التي لا زمام لها ولا خطام ظهرت، وكما تدين تدان.
فلا اختلاف في المعنى بين إيّاك نعبد بالتشديد وبين إياك نعبد بالتخفيف، والشيخ ربيع ألحقته بالصحابة فالطاعن فيه كالطاعن في الصحابة، وعدد الركعات في صلاة التراويح مسألة غير خلافية، ولا هي مسألة فقهية أيضا، وهكذا تكفيرك للبرلمان الجزائري، وتكفيرك للمسيرة النسوية التي خرجت في المغرب، وتبرّؤك من هدي مالك وأحمد والشافعي وابن باز، فلست على طريقهم ومنهجهم، وطعنك في أئمة الحرمين وأنهم يخالفون كثيرا من السنن، مع أن أئمة الحرمين لا يخالفون كبار العلماء، وقولك بالتعاون مع الإباضية، والمودة اتجاههم، بل ولباسهم من صميم لباس الإسلام، مع أنهم ما وضعوا القلنسوة إلا في زمن الاستعمار حتى يخالفوا أهل السنة في تلك المنطقة، إلى غيرها من البوائق.

مساوئ لو قسمن على الغواني لما أمهرن إلا بالطلاق

والذي أقوله تب إلى الله تعالى علنا، وأصلح ما أفسدته وإلا فسيسقطك انحرافك وجنفك.
قال لزهر: « ومن أقبح ما بلغني عنه..في مجلس من مجالس النساء في بيته..فتبِعتها بعض أخواتها الطيبات تجبر خاطرها..».
قلت: أولا: من المعروف في علوم الحديث أن بلاغات الإمام مالك، إمام دار الهجرة، لا تقبل، فكيف ببلاغات من لا يحشر حتى مع طلبة الإمام مالك !
ثانيا: هذه المرأة لا تعرف، فهي مجهولة، فهل أصبح من منهجكم الأخذ بقول المجهولات فضلا عن المجاهيل !
ثالثا: هذه المجهولة فعلت ما هو من الفسق، فعلى الكلام الذي نَقلتَه عنها أنها تحضر لك ولغيرك، وتسمع أن الدراسة في الاختلاط محرمة، ومع ذلك ذهبت وحضرت فهي على أصولك فاسقة، فمجهولة وفاسقة قولها مقبول في الجديد من مذهبكم !
رابعا: لقد حدثني الشيخ المشار إليه، وقال لي: هذا كذب عليّ، ولم أقل لها تلك العبارة. ومع ذلك يؤخذ بقول الفاسق في المذهب الجديد بل الفاسقة.
خامسا: على فرض الصحة، وتوفر الشروط وانتفاء الموانع، فهذه معصية، ووصفتَها بأنها من أقبح ما بلغك، فالمعصية في المذهب الجديد أقبح من البدعة، وتُخرِج من السلفية !
قال لزهر: « ثم جاء من بعده رجل من الإمارات كنا نحسبه عاقلا،..، ورغم ذلك أعرضنا عنه ابتداء.. ».
قلت: هذا الرجل لما جاء كانت له اليد الطولى شئت أم أبيت في النصرة للشيخ ربيع ضد الشيخ أبي الحسن، وقد استطاع أن يُحاكم العيد العدونة الذي كان يُخيفك أنتَ والمشايخ الذين معك لما يَعرفه عنكم من الحقائق.
لقد سار الشيخ المشار إليه شرقا وغربا، في حين كنتم أنتم لا تكادون تخرجون من الجزائر العاصمة إلا قليلا، بل وإلى مناطق معلومة.
وأما قولك في الهامش: « وما أوقف شرّه بعد الله عز وجل إلا تلكم الردود النيرات من فضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة ..»
قلت: هذا كله من الكذب، بل لولا كلام الشيخ عبيد الجابري لما استطاع جمعة ولا غيره التأثير فيه، بل ما زدتم أنتم في وقوفكم اتجاهه إلا الخسران في الوسط الجزائري.
ولو كان لجمعة ذالكم التأثير لأثّر من قبل، فالخلاف بين جمعة وبين الشيخ المشار إليه قديم، كان قبل ذهابه إلى إمارات الدرهم والبر !
قال لزهر: «..صاحب كتاب مدارك النظر، الذي لو أعاد فيه النظر لعلم أنه قد صار في منهجه نظر..»
قلت: ما الذي خالف فيه كتابه يا لزهر. إن ممن قدّم لكتابه الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى، والشيخ الألباني رحمه الله تعالى، وقرأه الكثير ومنهم الشيخ صالح العبود، وكل هؤلاء الذين ذكرتُهم وأغلب من ذَكرهم يخالفون الشيخ ربيعا، ولا ينصحون به في خلافه مع أهل السنة، فهل كلهم خالفوا مدارك النظر، ولا بد لهم من إعادة النظر.
أليست هذه جرأة ما بعدها جرأة !
قال لزهر: « بل ما عُرف الرجل إلا به ».
قلت: إن كان في غير الجزائر فنعم، وإن كان في الجزائر فهذا من الكذب الذي له قرون، فكل من كان له اهتمام بالدعوة عرف الرجل، وقد ذكرتَ فيما بعد أن الشباب كانوا ينكتون عليه، بل لقد كنتُ أسمع من بعضهم تلقيبه بلقب مليكة، نظرا لدعوته إلى عدم الخروج على الحكام. فهلا أنصفت الرجل! وأنتَ يا ترى أين كانت رحالك ؟!
قال لزهر: « بل كان يُسأل عن بعض أهل العلم من هيئة كبار العلماء فيتكلم فيه بجرأة عظيمة، كنت يومها قد عرضت جرأته على الشيخ ربيع - حفظه الله وسلمه- فاستنكر ذلك، وقال: أما أنا فلا أقول ذلك. »
قلت: لقد بيّن لزهر في الهامش اسم العالم، وهو الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى، ونسي أو تناسى أن السبب في جرأة الشيخ المشار إليه هو ما قاله الشيخ ربيع عن الشيخ بكر، فمما قال: « وحق لمن تُنسب إليه (أي الخطاب الذهبي) أن يخجل منها، لأنها تذب عن باطل، وعن ضال كبير » (7/7).
وقال وهو يتكلم عن الشيخ بكر « 7/11): « لكن مع الأسف لم يفاجأ أهل السنة إلا به إلا وهو في الضفة الأخرى، ضفة أنصار البدع وحماتها والذابين عن زعمائها، ومناهجهم وأفكارهم ».
وكل من قرأ رسالة الشيخ ربيع ( الحد الفاصل بين الحق والباطل ) لا يتوقف في تبديع الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، وليس فقط الجرأة عليه.
ولو كانت هذه الجرأة لا تُعجب الشيخ ربيعا حقا وصدقا لنصحه بتركها، ولكنه لم يفعل، ولما لم يعجب الشيخ ربيع موقف (صاحب مدارك النظر) من الشيخ أبي الحسن نصحه. فمثل هذا اللف والدوران يا لزهر لا ينفع اليوم.
قال لزهر في الهامش (3): « وكان حينها الشيخ بكر..قد قال في الشيخ ربيع قولة شديدة،..وهذا من أقوى الأدلة على أن الشيخ ربيعا..لا ينتصر لنفسه، قوام بالقسط ».
قلت: لقد اختلف قول الشيخ ربيع في الشيخ بكر، فمرة قال عنه قطبي، كما ذكر ذلك من سمع الشيخ ربيعا، وقد أنكر ذلك الشيخ ربيع، ومن علم أحوال الشيخ ربيع وتصرفاته في مثل هذه القضايا لا يستغرب مثل هذا التعارض، فقد قال عن الشيخ ابن باز: طعن في السلفية طعنة شديدة، والشريط موجود، ومع ذلك أنكره، وقال عن ليبيا وما يحدث في ذلك قولا كبيرا، وكلامه مسموع ثم أنكر ذلك ووصفه بالفبركة.
ثم إن كتاب الحد الفاصل للشيخ ربيع يلزم منه تبديع الرجل، وإلا كان متناقضا، ولأن ذالكم الكلام يؤول إلى التبديع فقد حكم الشيخ عبيد الجابري بذلك، فقال عن الشيخ بكر: قطبي. فهلا نصحت يا لزهر الشيخ عبيدا بترك ذلك !
ثم ما سِر هذا الدفاع عن الشيخ بكر، مع أنه ألّف غير الخطاب الذهبي كتبا تسيء إلى الشيخ ربيع، ومنها تصنيف الناس بين الظن واليقين، ولا جديد في أحكام الصلاة !
إن قلتَ السر أنه من كبار العلماء ، قلت: فلماذا لا تدافع عن الشيخ ابن جبرين، وعن الشيخ عبد الكريم الخضير، وعن غيرهم، وإن كان هناك سببا آخر فهلا ذكرته حتى تُعرف القاعدة ويقاس عليه غيره !
وأما قولك: لا ينتصر لنفسه، أي الشيخ ربيع، فكيف توجِّه هذا النص، يقول الشيخ ربيع (1/ 482): « والله ما يسعى في الكلام فيّ - ولا الطعن فيما نحن فيه - إلا لتكون النتيجة إسقاط المنهج، فالذي يكره هذا المنهج يتكلم في علمائه » !.
وهناك نصوص أخرى ذكرتها في الأجوبة الألبانية الطبعة الثانية.
إن لم يكن هذا من الانتصار للنفس، فليس هناك انتصار لها أبدا !
قال لزهر: « ثم ما لبث (أي صاحب كتاب مدارك النظر) بعد ذلك يهدم ما بناه مدعيا التفريق بين المنهج والعقيدة بدعة عصرية ..».
قلت: كلمة مدعيا، وذِكر هذا الكلام على سبيل الذم يدل على عدم الموافقة، ألا تعلم يا لزهر أن هذا التقرير هو أخف من كلام الشيخ ربيع في هذه المسألة.
يقول الشيخ ربيع عن من يفرق بينهما كما في اللباب (67، 68): « ولا يفرق بينهما إلا أهل الأهواء والضلال،..، فالتفريق بين العقيدة والمنهج ضلال مبين والعياذ بالله ».
وهناك نصوص أخرى ذكرتها في الأجوبة الطبعة الثانية يسر الله طبعها.
فماذا تقول بعد هذا يا لزهر ؟!
قال لزهر: « وهو يعلم يقينا مراد سائله عن المنهج، وما يتعلق بمسائل الدعوة، وهدي أئمة السلف فيها..ابن عثيمين لا يعرف المنهج ».
قلت: إذًا كان هناك عُرفٌ عام لهذه الكلمة، وأن المراد بالمنهج ما يتعلق بالدعوة، فلننظر إلى أقوال الشيخ ابن عثيمين فيها: لقد قال عن السلفيين هم مثل الجماعات الأخرى، وينبغي عليهم الرجوع إلى الحق، وأثنى على جماعة التبليغ، واستشهد بقول القائل:
أقلوا اللوم لا أبا لأبيكم أو سدوا المكان الذي سدوا
وقال: أنا لا أجرح، وخذ الحق ولو من الشيطان، ولم يمانع من استقدام الشيخ عرعور لدورةٍ علمية، ولم يجرح عبد الرحمن عبد الخالق، وقال: لا ينبغي أن نوالي ونعادي من أجل سيد قطب إذا ترك العبد ما أخطأ فيه، وأجاز الإنتخابات، بل قال عن انتخابات الكويت: إنها واجبة ..يجب أن نعين من نرى فيه خيرا. إلى غيرها من مسائل الدعوة التي وقع الخلاف فيها، ورأي الشيخ ربيع معروف فيها.
فالشيخ الذي أشرت إليه بدلا من أن يُعدد كل تلك المخالفات، قال كلمة واحدة رآها تحمل العذر من جهة للشيخ ابن عثيمين، وتحمي الشباب من جهة أخرى منها، إنه لا يعرف المنهج، وكما عرَّفته تقول إنه لا يعرف مسائل الدعوة التي أُثيرت في تلك الفترة. فإن كنتَ تخالف في ذلك وترى أن الشيخ ابن عثيمين مصيب فيما قال فقلها صراحة، وانتظر النتائج، وإن كنت تراه قد أخطأ فيها فليس لك من عذر تقدمه إلا ما ذكره الشيخ المشار إليه من كونه لا يعرف حقيقة أولئك.
ثم إن الشيخ أحمد بازمول قد قال بنحو ما قال الشيخ المشار إليه، فهل هكذا يكون تعامل العلماء الربانيين مع المخالفين للحق ؟!
قال لزهر في الهامش رقم (4): « فقد سافر هو وصاحبه إلى « جمعية إحياء التراث الكويتية » سنة 1990م بدعوة منها..».
قلت: أولا: يعني ذهب ليتعاون معها، وهذه فتوى للشيخ العباد، وكذلك فإن الجمعية أثنى عليها الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، كما ترى صورة الوثيقة في كتاب الإبانة عن خيانة الصيانة.
ثانيا: إن جمعية التراث تنتهج في الجملة الكتاب والسنة على منهج السلف، وأما أنت فقد أجزت التعاون مع الإباضية التي ترفض منهج السلف، وكثيرا من السنن، بل ولم تكتف بتجويز ذلك، حتى أشدت به وجعلته أنموذجا يقتدي به الأحفاد بما قام به الأجداد ضد العدو الفرنسي.
ثالثا: لقد عِيب عليك من قبل، ولا أظنك قد تبت منه: نزولك عند القطبيين في المملكة، بل وتعاونك مع دار الوطن هناك.
رابعا: لماذا استعملت التاريخ الميلادي، وقد أقمت خطبة تدعو فيها إلى استعمال التاريخ الهجري ؟!
قال لزهر في الهامش (5): « وحتى في المسائل العلمية كان يزهد في الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فكان يقول عنه: « حنبلي » ».
قلت: إن كنت تريد أن انتساب العالم إلى مذهب من المذاهب هو تزهيد فيه، فأقول لك هذا قول لم تُسبق إليه، بل هو قول من لم يشم رائحة العلم، فأغلب العلماء ينتسبون إلى المذاهب، إما مالكيا أو شافعيا، أو حنبليا، فهذا ابن رجب، إذا ذكر اسمه يذكر معه مذهبه فيقال الحنبلي، وكذا ابن قدامة، وغيرهم.
وأما الشيخ ابن عثيمين فقد نسب نفسه هو إلى المذهب الحنبلي، بل يقول في الشرح الممتع إن كنت قد قرأته، قال أصحابنا، وكذلك نسبه الشيخ الألباني لذلك فلِما الغضب والتلون؟! بل إن الشيخ الفوزان ينسب شيخ الإسلام إلى المذهب الحنبلي.
وأما إن كان عندك الانتساب إلى مذهب من المذاهب هو من البدع، ومنقصة وعيب، فأقول لك حينها أبشر بما يسر أتباعك.
قال لزهر: « ومما آل إليه أمر صاحب مدارك النظر ..أنه صار يصف الرد على المخالفين بـ « منهج الإقصاء »، و « غلو في التجريح »..».
قلت: لقد تأدب معكم فوصفكم بالغلو في التجريح، وكان الأولى وصفكم بمنهج خذ ما تحب واترك ما تكره، أو منهج الهجرة والتبديع، أو منهج إما معي وإما علي، أو كما قال الشيخ صالح الفوزان: الغيبة والنميمة.
فمما تقدم يظهر الإنتقاء في الجرح، والحكم على بعض الأمور بالجهل، وإلا فلو كنتم وراء العلم تمشون وغلوتم لربما عذرتم، ولكن الهوى الذي صاحب تلك المواقف هي التي تركت أمركم يسير إلى زوال.
فعلم الجرح والتعديل علم عظيم اتصف به القلة من العلماء، أما كل شخص يأتي يقول: يا أرض اشتدي ما أحد عليك قدي، فهذا مرفوض، وصاحبه سيُسقط نفسه بنفسه.
قال لزهر: « حتى أصبح التميع هو الذي يميز دعوته بعد تغيره ».
قلت: أما التميع فهي ميزة المكتبة التي تبيع فيها الكتب، وأما التغير فمما سبق نعرف من الذي تغير، ومن الذي بقي على المنهج السلفي، ولماذا هذا البغض لكلمة الإجتماع والألفة، حالكم أصبح كحال الشيطان يبغض الإجتماع على الحق، ويحب الفرقة.
لقد أصبح عندكم التميع هو دعوة الناس والأخذ بأيديهم إلى الحق، والصبر على المخطيء من أهل السنة.
لعل السبب الذي يمنعكم من وضع أيديكم في أيدي العلماء وطلاب العلم هو ضعفكم في باب العلم، والفقر الذي أنتم فيه، لأنه برجوع أولئك إلى الواجهة يخفى أثركم، ويزول الارتحال إليكم.
على كلٍّ ما هذا إلا امتحان، فأهل المنهج السوي الذين على الكتاب والسنة على منهج السلف امتُحنوا بالصبر على هذا والدعوة إليه، وأما أنتم فامتحُنتم بما امتحَنتم به غيركم ألا وهو حبّ الرجال، فلقد امتُحن الإخوان بحسن البنا، وامتُحن التكفيريون بسيد قطب، وامتُحنتم أنتم بربيع بن هادي، والسعيد من وعظ بغيره.
قال لزهر: « بل إلى جرِّ المشايخ إلى المحاكم ».
قلت: هلا ذكرت قبل الجر ماذا حدث !
لقد خيّر الشيخ ابراهيم الرحيلي محمدا المدخلي، بين الكتابة والرد بعلم، وبين المناظرة، وإلا فالمحاكم، فلماذا كَتمت ذلك ؟
الحمد لله الكل مدوّن، وإن الصبح لناظره قريب.
وقد زال أثر أسامة العتيبي وأحمد بازمول، لخوضهم في الظلم، ومن غير المحاكم.
قال لزهر: « ولزوم غرز العلماء ».
قلت: نعم، هكذا نصح الشيخ العباد بترك ما وقع فيه الشيخ ربيع، وأثنى على رسالته رفقا سماحة المفتي، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ صالح السحيمي، وغيرهم.
أما إن كنت تحصر العلم فقط في الشيخ ربيع، فقلها صراحة كما قالها غيرك فسقط.
فإن من أرضى الناس بسخط الله قلب الله قلوب عباده سخطا عليه.
قال لزهر: « وما كتبت هذه الشهادات إلا إحقاقا للحق..».
قلت: قد تبين ما فيها، وعند الله تجتمع الخصوم، وقد قال جل وعلا: {{وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُون}}{ﯛ ﯜ ﯝ } [سورة الزخرف:19]
قال لزهر: «بل المقصود رد شبهة، ودفع فرية يروج لها كثير من المتعصبة بقصد أو بجهل»
قلت: قد تبين مَن المقصود من هذا الكلام، إنه الشيخ العباد الذي دافع عن مشايخ الشام، وعن الشيخ أبي الحسن، والمغراوي، وكذلك ما قاله الشيخ سماحة المفتي، والشيخ صالح الفوزان وغيرهم، فهنيئا لك بالطعن في علماء الأمة وصالحيهم.
هذا آخر ما تم التعليق عليه، وهو غيض من فيض، أسأل الله تعالى التوفيق والسداد فيما أفعل وأذر وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

كتبه مسعود مسعودي الجزائري.


([1]) www.alhalaby.com/emad/4.emad.mp3//:http

([2]) من درس شرح المنتقى من أخبار سيد المرسلين بتاريخ 1من ذي القعدة 1434هـ الموافق لـ 7 سبتمبر 2013م.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-16-2014, 03:40 AM
أبوصفية أبوصفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 127
افتراضي

إلزام محكم ...
سبحان الله إذا كان لا يحسن السباحة فلما......
فاليجلس على الشاطئء

بوركت أخي مسعود وجزاك الله خيرا
__________________
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-20-2014, 12:25 AM
مسعودالجزائري مسعودالجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 254
افتراضي

وفيكم بارك الله أخي أباصفية.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رد على لزهر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.