أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
38928 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-28-2009, 10:57 AM
هشام حسين تندي هشام حسين تندي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 93
افتراضي النهوض من الفترة

النهوض من الفترة

مما هو معلوم عند أهل السنة والحديث أن الإيمان يزيد وينقص، وعليه فإن الطائع والعابد والطالب للعلم والداعي إلى الله تعالى يعتريه ضعف ونقص وفتور فيما يطلبه ويسير فيه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" فالطالب الجاد لابد أن تعرض له فترة، فيشتاق في تلك الفترة إلى حاله وقت الطلب والاجتهاد" المدارج 3/131.
فالعامل إذا أصابه ذلك فإنه يذم إذا استرسل معه ، ولذا الواجب عليه أن ينتبه ولا يتمادى فيه وينهض من هذه الفترة بأسرع وقت حتى لا يطول عليه الأمر فيألفه ويصير عادة يصعب – بعد – ويشق عليه النهوض لما أصابه من الرين وقسوة القلب، فيقبل بحاله ويرضى بالدون من ترك العمل لله والسير حثيثا وقدما إليه.
وإذا بلغ المرء هذه المرحلة فقد تمت خسراته وخذله ربه إلا إذا تداركته رحمته.
قال ابن القيم رحمه الله:" فإن قلت : كل مجد في طلب شيء لا بد أن يعرض له وقفة وفتور ثم ينهض إلى طلبه قلت : لا بد من ذلك ولكن صاحب الوقفة له حالان : إما أن يقف ليجم نفسه ويعدها للسير فهذا وقفته سير ولا تضره الوقفة فإن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة وإما أن يقف لداع دعاه من ورائه وجاذب جذبه من خلفه فإن أجابه أخره ولا بد، فإن تداركه الله برحمته وأطلعه على سبق الركب له وعلى تأخره : نهض نهضة الغضبان الآسف على الانقطاع ووثب واشتد سعيا ليلحق الركب وإن استمر مع داعي التأخر وأصغى إليه لم يرض برده إلى حالته الأولى من الغفلة وإجابة داعي الهوى حتى يرده إلى أسوأ منها وأنزل دركا وهو بمنزلة النكسة الشديدة عقيب الإبلال من المرض فإنها أخطر منه وأصعب.
وبالجملة : فإن تدارك الله سبحانه وتعالى هذا العبد بجذبة منه من يد عدوه وتخليصه وإلا فهو في تأخر إلى الممات راجع القهقرى ناكص على عقبيه أو مول ظهره ولا قوة إلا بالله والمعصوم من عصمه الله" المدارج 1/267-268.
وقال كذلك رحمه الله:" فتخلل الفترات للسالكين أمر لازم لا بد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: إن لهذه القلوب إقبالا وإدبارا فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل وإن أدبرت فألزموها الفرائض.
وفي هذه الفترات والغيوم والحجب التي تعرض للسالكين من الحكم ما لا يعلم تفصيله إلا الله وبها يتبين الصادق من الكاذب.
فالكاذب ينقلب على عقبيه ويعود إلى رسوم طبيعته وهواه والصادق ينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله ويلقي نفسه بالباب طريحا ذليلا مسكينا مستكينا كالإناء الفارغ الذي لا شيء فيه البتة ينتظر أن يضع فيه مالك الإناء وصانعه ما يصلح له لا بسبب من العبد وإن كان هذا الافتقار من أعظم الأسباب لكن ليس هو منك بل هو الذي من عليك به وجردك منك وأخلاك عنك وهو الذي يحول بين المرء وقلبه.
فإذا رأيته قد أقامك في هذا المقام فاعلم أنه يريد أن يرحمك ويملأ إناءك فإن وضعت القلب في غير هذا الموضع فاعلم أنه قلب مضيع فسل ربه ومن هو بين أصابعه أن يرده عليك ويجمع شملك به.
ولقد أحسن القائل:
إذا ما وضعت القلب في غير موضع ***بغير إناء فهو قلب مضيع" المدارج 3/131-132.
واعلم أن النفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة تقبل بالدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار، فشتان بين من تحوم نفسه حول العرش، ومن تحوم حول الحش.
فحري بالعبد ألا تقف إرادته دون الأعمال العليات ودون رؤية رب الأرض والسموات في الجنات.
فعليك أخي الحبيب أختي الكريمة بالنهوض من الفتور والحذر من الاسترواح إليه، وأول ما ينبغي في ذلك " الحمية من أسبابه وهو أن يلهو عن الفضول من كل شيء ويحرص على ترك ما لا يعنيه ولا يتكلم إلا فيما يرجو فيه زيادة إيمانه وحاله مع الله ولا يصحب إلا من يعينه على ذلك فإن بلي بمن لا يعينه فليدرأه عنه ما استطاع ويدفعه دفع الصائل" المدارج 2/107.
ومن أعظم ما يعين على هذا النهوض بعد الدعاء والافتقار إلى الله وشهود مشهد التوفيق: التحلي بعلو الهمة.
فالهمة أصل أصيل من أساسيات الاستشراف والتشوق للأعمال الحميدة، والهمة ما هم به من أمر ليفعل، ومحلها القلب.
قال الجرجاني رحمه الله:" الهم : هو عقد القلب على فعل شيء قبل أن يفعل من خير أو شر. والهمة: توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق لحصول الكمال له، أو لغيره" التعريفات 320.
وعلو الهمة :" استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور" رسائل الإصلاح لمحمد الخضر رحمه الله 2/86.
فالنهوض إلى فعل الخيرات والسعي إلى القيام لفعل الصالحات بقدر نصيب العبد من علو همته، فهي لا تزال تضرب صاحبها بسياط اللوم والتأنيب حتى ترفعه إلى معالي الأمور وأشرفها.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" فمن علت همته، وخشعت نفسه، اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل" الفوائد 211.
وقال كذلك –رحمه الله- :  و سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يقول: في بعض الآثار الإلهية، يقول الله تعالى : "إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، و إنما أنظر إلى همته "
قال : و العامة تقول :قيمة كل امرئ ما يحسن، و الخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب "المدارج" (3/3).
قال ابن القيم –رحمه الله- عقب هذا الكلام:"يريد أن قيمة المرء همته و مطلبه" نفسه.
إذن فقيمة المرء تكمن في همته و مطلبه، فإذا كان صاحب همة عالية، فذاك دليل على كمال عقله.
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "من علامة كمال العقل: علو الهمة، و الراضي بالدون دنيء.
و لم أر في عيوب الناس عيْبــاً***كنقص القادرين على التمام "اهـ.
"صيد الخاطر" (20)
و قال كذلك تعليقاً على هذا البيت (في موضع آخر) (وهو لأبي الطيب المتنبي) :"ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه، فلو كان يتصور للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، و لو كانت النبوة تحصل بالإجتهاد، رأيت المقصر في تحصيله في حضيض....و السيرة الجميلة عند الحكماء: خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم و العمل ..
.فكن رجلاً رجلهُ في الثرى***و هامة همته في الثريــــا.
و لو أمكنك عبور كل أحد من العلماء و الزهاد فافعل، فإنهم كانوا رجــالاً و أنت رجل، و ما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة و خساستها" اهـ (صيد الخاطر"(159-161).
و قال ابن القيم –رحمه الله- : "إذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البَطالة، و رَدِفَــهُ قمرُ العزيمة، أشرقت أرْضُ القلب بنور ربها " اهـ "الفوائد (445) –فوائد الفوائد-".
"فينبغي لنا جميعاً أن لا نقنع من الأعمال بصورها حتى نطالب قلوبنا بين يدي الله تعالى بحقائقها، و مع ذلك فلتكن لنا همة عُلوية، تترامى إلى أوطان القُرْب و نفحات المحبوبية و الحب، فالسعيد من حظي من ذلك بنصيب" اهـ. "التذكرة و الاعتبار و الانتصار للأبرار" لعماد الدين بن إبراهيم الواسطي –رحمه الله- (25) بتصرف يسير.
و من أنفع الأمور المعينة على علو الهمة: النظر في سير السلف الصالح –رضي الله عنهم-.
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "فالله الله عليكم بملاحظة سير السلف، و مطالعة تصانيفهم، و أخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهــم.
(إلى أن قال) : و ليكثر من المطالعة : فإنه يرى من علوم القوم، و علو هممهم ما يشحذ خاطره، و يحرك عزيمته للجد" اهـ من "صيد الخاطر" (440) بتصــرف.
وهذا هو المقصود من قول سفيان بن عيينة رحمه الله عندما قال :" عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة" 1.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:".. فتارة يكون المعلوم محبوبا يلتذ بعلمه وذكره كما يلتذ المؤمنون بمعرفة الله وذكره بل ويلتذون بذكر الأنبياء والصالحين ولهذا يقال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة بما يحصل في النفوس من الحركة إلى محبة الخير والرغبة فيه والفرح به والسرور واللذة، والأمور الكلية تحب النفس معرفتها لما فيها من الإحاطة التي توصلها إلى معرفة المعينات" الصفدية 269.
وقال الغزالي رحمه الله:" ومن نظر إلى الأحوال الغالبة على أهل الزمان وإعراضهم عن الله وإقبالهم على الدنيا واعتيادهم المعاصي استعظم أمر نفسه بأدنى رغبة في الخير يصادفها في قلبه وذلك هو الهلاك.
ويكفي في تغيير الطبع مجرد سماع الخير والشر فضلا عن مشاهدته
وبهذه الدقيقة يعرف سر قوله صلى الله عليه وسلم:عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة 2.
وإنما الرحمة دخول الجنة ولقاء الله وليس ينزل عند الذكر عين ذلك ولكن سببه وهو انبعاث الرغبة من القلب وحركة الحرص على الاقتداء بهم والاستنكاف عما هو ملابس له من القصور والتقصير.
ومبدأ الرحمة فعل الخير ومبدأ فعل الخير الرغبة ومبدأ الرغبة ذكر أحوال الصالحين فهذا معنى نزول الرحمة" الإحياء 2/231.
.................................................
1 – أخرجه أحمد في الزهد 394 ومن طريقه في "ذم الكلام" رقم 964 وابن المقرئ في " المعجم" رقم 153 وأبو نعيم في " الحلية " 7/285 وابن عبد البر في " التمهيد" 16/39-40.
2 - حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ليس له أصل في الحديث المرفوع وإنما هو من قول سفيان بن عيينة كما مر، انظر تخريج أحاديث الإحياء 2/210، وكشف الخفاء 2/ 763 في آخرين.

أبو أويس الإدريسي.

منتدى منزلة المراة في الاسلام
__________________
ابوحمزة تندي هشام البيضاوي المغربي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-28-2009, 01:29 PM
محمد أبو الحسن محمد أبو الحسن غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 310
افتراضي

أحسن الله اليك
__________________
كلمات قرآنية كان يكررها الشيخ العلامة الألباني رحمه الله كثيرا على طلابه
{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}
اللهم ألف بين قلوبنا و اجمعنا على الحق
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-28-2009, 04:04 PM
هشام حسين تندي هشام حسين تندي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 93
افتراضي

امين واياك اخي
__________________
ابوحمزة تندي هشام البيضاوي المغربي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-28-2009, 04:25 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
Arrow

جوزيت خيرا اخي هشام على الفائدة الطيبة
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-28-2009, 04:42 PM
ياسين نزال
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بوركتم أخي هشام على هذا المقال الطيب والنافع ؛ ولكني أستسمحكم بالتنبيه على ضرورة الحذر عند النقل من كتاب الإحياء -كما هو معلوم لديكم- حتى لا يختلط الحق بخلافه: فقد نقلتم قول الغزالي( وإنما الرحمة دخول الجنة ولقاء الله وليس ينزل عند الذكر عين ذلك ولكن سببه وهو انبعاث الرغبة من القلب وحركة الحرص على الاقتداء بهم والاستنكاف عما هو ملابس له من القصور والتقصير.
ومبدأ الرحمة فعل الخير ومبدأ فعل الخير الرغبة ومبدأ الرغبة ذكر أحوال الصالحين فهذا معنى نزول الرحمة).
فيه من التأويل الذي يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة في معنى نزول الرحمة؛ فيا حبذا لو بينتم ذلكم مأجورين.
بالإضافة إلى الأثر الذي نقلتموه فقد بينتم -أنتم- درجته فجزاكم الله خيرا وزادكم حرصا وعلما .
أخوكم ياسين.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.