أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
4009 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > الدفاع والذب عن الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-20-2017, 05:39 AM
عادل سليمان القطاوي عادل سليمان القطاوي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 80
افتراضي سبعة فروق منهجية ( مزعومة ) بين المتقدمين والمتأخرين:

سبعة فروق منهجية ( مزعومة ) بين المتقدمين والمتأخرين:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أما بعد:
هذا مقال قديم للأخ: محمد خلف سلامة .. كتبه في ملتقى ...... بتاريخ 17/11/2005م
قلت في الرد عليه من بحثي " فلسفة العلل في الحديث النبوي " باختصار هنا وتصرف:

ذكر أحد الكتاب من إخواننا - الذين فرقوا بين منهج المتقدمين والمتأخرين في النقد والتعليل – مقالا طويلا حشد في أوله نقولا عن أئمة كبار لا نختلف معه ولا معهم في صحتها وحقيقتها، وهم ظانين أنهم بذلك النقل سيغلقون عقل القارئ حتى يتقبل راضخا ما يلقوه من ابداعاتهم التي يبنونها على تلك النقول ..
وقد ذكر هذا الباحث - تبعا لغيره ممن أسس لتلك الفكرة – سبعة أمور تبين الخلاف المنهجي بين الطائفتين اللتين أسماهما: ( طائفة علماء العلل والتفصيل ، وطائفة علماء الجمل والتأصيل ).
وهذه الأمور السبعة سنذكرها -بإذن الله تعالى- مختصرة من كلامه بحيث تفي بغرضه ومقصوده، ثم نعلق على ما جاء فيها من جفاء أو مخالفة للحق والواقع.
وقبل ذلك لا يفوتني أن أنبه إلى أن هذا الباحث – كغيره من أصحاب تلك الدعوى – في أول كلامه قارن بين النقاد الحفاظ من أهل الحديث وبين الفقهاء والأصوليون الذين خالفوا منهج أهل الحديث وهذا مما نتفق عليه، لكنه حشر معهم أئمة الحديث وحفاظه من المتأخرين ممن هم من أهل الحديث الضالعين فيه من قبل ابن حجر وبعده حتى الألباني.
ولا يخفى علينا أن هذا من التلبيس وقد رددنا على مثل ذلك كثيرا، وبينا أن المقارنة الأولى صحيحة وهي التي بين المتقدمين من نقاد الحديث وحفاظه، وفي مقابلهم الفقهاء والأصوليين.
وأن المقارنة الثانية باطلة وهي التي بين المتقدمين والمتأخرين من أهل الحديث وحفاظه وكذلك حتى عصرنا، بدعوى تأثرهم بمنهج الفقهاء والأصوليون.
ونحن إذ تكلمنا على تلك الدعوى سابقا وبينا بطلانها عقلا ونقلا، [ أي في بحث فلسفة العلل ] فلن نعيد الكلام عليها، وسنكتفي هنا ببيان ما ادعاه في هذه الأمور السبعة التي تبين -على رأيه - الخلاف المنهجي بين المتقدمين والمتأخرين.
وهو هنا يعلم -كما هو ظاهر كلامه- أن المقارنة في هذه الأمور ليست بين الفقهاء والمتقدمين من نقاد الحديث وإنما بين المتقدمين والمتأخرين من نقاد الحديث وحفاظه ..

قال في الأمر الأول ما معناه:
[ لأن النقل بحروفه يطول جدا بالرد عليه فاكتفيت باختصار فكرته في أموره السبعة وما تبعها كما هي ظاهر كلامه وفحواه بلا افتئات على رأيه، وليراجعه من يريد التحقق من صحة دعواي وزعمي هذا ]
أن المتقدمين في الأصل يبحثون عن تفاصيل الرواية فإن لم يحصلوا على تفاصيلها رجعوا مجبرين يبنون على أصول متفق عليها.
بينما المتأخرين أصبحوا يحاكمون المتقدمين في تلك التفاصيل إلى الأصول التي اتفقوا عليها - وهذا على ظنه خلاف منهجي -.
قلت: كلامه في تلك المسألة مطاط عام لا يشبع جوع الباحث المتفهم فضلا عن القارئ العادي ...
فما هي تلك التفاصيل؟ وما هي حدودها؟ وكيف طريقة نقلها ومعرفتها؟
فإن أراد أي تفاصيل تخص الرواية وحدها بما يوهن نقل الخبر قلنا متسائلين:
هل قالها المتقدم بناءا على خبر نقله أم عن اجتهاد وظن ؟
ولا شك في أن أهل الحديث وحفاظه من المتأخرين بل ومحققي أهل الحديث من المعاصرين إذا ظفروا بمعلومة من تفاصيل تلك الرواية ينقلونها في نقدهم لها معتمدين على قبول الخبر الذي ذكره المعلل في تفاصيل تخص تلك الرواية.
فلو علل ناقدا من الأئمة المتقدمين خبرا يثبت عدم سماع الراوي لهذا الحديث بعينه من شيخه بدليل اعترافه أو اعتراف شيخه أو شهود معه على ذلك تيقنوا عدم سماعه، فهذا ينقل مسلما به وعليه يعل المتأخر تلك الرواية بهذا الخبر ولا يقول لعله كذا أو ممكن أن يكون قد سمعه في وقت لاحق مثلا، فلا يقول ذلك إلا بعض الفقهاء والأصوليون ومتعصبة المذاهب الجامدين على التقليد، أما أتباع المحدثين متأخرين ومعاصرين فلا يقدمون على تلك الفعلة ومن وجدها فليتحفنا بها شريطة علم من ردها بتلك المعلومة..
نعم قد يكون مثار نقدهم أن تكون تلك التفاصيل خرجت من معلل على سبيل الظن لا القطع أو قالها بالاحتمال ..
وهنا يقوم المحدث من المتأخرين بالتعامل مع تلك العلة بما تستحق من نقد سواء القبول أو الرد بما يحف هذا الحديث من قرائن ..
وقد ذكر الباحث مثالا فقال:
فلو قال عالم من علماء الطائفة الأولى - وهم أئمة العلل والتفصيل - : هذا الراوي من شيوخ مالك ضعيف، أو قال: هذا الحديث من أحاديث المدلس الفلاني متصل، قاموا عليه وعارضوه بنحو قولهم: أخالفت الأصل أو نسيته؟‍! وهو لم يخالفه ولم ينسه . اهـ
قلت: ضعف شيخ مالك لا يعني رد حديثه بدءا، فماذا عن المتابعات والشواهد؟ فهل هذا مثال؟
وقوله عن أن الناقد قد يقول " هذا الحديث من أحاديث المدلس الفلاني متصل". فلا شك في أن حكمه على اتصاله بأمر خارجي كروايات تثبت أنه لم يدلسه، وهنا يأتي دور المتأخر فيبحث وينقب ليثبت صحة قول الناقد لا كما يدعي الباحث يحاكمه إلى الأصل بدءا.
نعم قد يرد قوله إن لم يجد تلك القرائن، لأن الأصل حاكم على التفاصيل، ولا تقبل التفاصيل إلا بخبر، لا سيما إذا بني عليه قبول تدليس المدلس أو رد خبر الثقة بمجرد قول واحد لناقد من النقاد لم يدلل عليه بحجة واضحة..
فإن قيل : لعل الناقد علم ما يثبت ذلك .
فيقال: لا ينبني الحكم على حسن الظن بالعالم أو الناقد، يقول ابن مهدي: خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن: الحكم والحديث.
فكما حكم هو وغيره أن الراوي مدلس وحكم هو وغيره مثلا أن فلان اختلط فلا يصحح حديثه بمجرد أن قال ناقد من النقاد قد سمعه أو لم يدلسه ما لم يأت عليه بحجة تثبت مخالفة الأصل، والأصل لا يهدمه فرع إلا بخبر أو معاينة، أو سوق دليل بإسناد صحيح يثبت ذلك، أما مجرد الإعلال المرسل أو المبني على الشك والاحتياط فلا يرد به حديث الثقة ولا يصحح به حديث الضعيف.
وكما أن الحاكم هنا هو الدليل، فقبوله ممن جاء به موجب لقبوله، وتصحيح أو تضعيف الحديث على أثره واجب كذلك.
فبان بذلك أن كلامه هذا عام مرسل بلا تفصيل أو قيود وفيه جناية واتهام للأئمة الحفاظ الذين نقلوا علوم المتقدمين وتطبيقاتهم.
وإنما ظن أولئك الجدد أن مجرد المخالفة للمتقدم تعني الرد عليهم والتهوين من علومهم!!!
ولم يفرقوا بين نقل الناقد لخبر يبين العلة وبين ظن او احتمال قاله احتياطا لم يقم عليه دليل أو لم تحفه القرائن فجعلوا هذه الصورة من الخلاف المنهجي المزعوم.
وماذا عن رد المتقدمين بعضهم بعضا لمثل نقل هذه التفاصيل؟
هل يعتمدون الخبر كما اعتمده المتأخر أم يعتمدون الظن والاحتمال ولم تسعفه قرينة تؤيده؟
ثم قال هذا الباحث:
فصنيعهم لو تدبرتَه وجدتَه من باب تقديم العام على الخاص، أي من باب حمل الخاص على العام؛ ومعلوم أن هذا أصل باطل لا يحق ومنهج أعوج لا يستقيم. اهـ
هكذا قال.. فالعجب ممن لا يفرق بين اجتهاد مجتهد بلا بيان للحجة وبين اتفاق جماعة من النقاد على أمر؟
والعجب منه، يعرف أن العام الذي يذكره هو الدليل المتفق عليه بين جميع النقاد، والخاص الذي يذكره هو رأي واجتهاد لأفرادهم، ومع ذلك يقدم هذا الخاص على العام المتفق عليه ؟
ثم برر هذا بأنه نقص في معرفة المتأخر للتفصيل، وأن رده قائم على نظرة منطقية تسربت إلى منهجهم من الفقهاء والأصوليون !!
وهو بهذا يقدم نقد أفراد النقاد على مخالفة الأصول المتفق عليها عندهم وعند من تبعهم، وهذا أمر موجود في عمل النقاد أنفسهم لا عمل الأصوليين والمناطقة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى لا يفرق بين التفصيل الذي يأتي به الناقد خبرا وبين مجرد الشك من باب الاحتياط..
ثم نقل نقلا عن الشيخ عبد الله السعد هو في الحقيقة عليه لا له، عندما ذكر طريقة الفقهاء الذين يعنون بالأثر والاستدلال بأصول الكتاب والسنة وذكر منهم الخطيب البغدادي والبيهقي وابن عبد البر وابن القيم وهؤلاء في الحقيقة حجتنا في علمي الحديث والفقه بخلاف المتكلمين والأصوليين الذين مخالفاتهم لا تعد ولا تحصى.
وقد تخبط الباحث مرارا كيف يوصل فكرته فجعل يعيدها مرات بألفاظ شتى وهي في مجملها مركبة من التعنت وسوء الفهم للأسف، مع وصفه للعلماء والحفاظ أنهم أتوا من سوء الفهم !! هكذا قال هداه الله .
ثم ضرب مثالا بتضعيف أحد النقاد راويا ومن ثم حكم بصحة حديث له ..
فبني على أن المتأخرين ردوا تصحيحه بناءا على تضعيفه للراوي ومن ثم تساءل على لسان الناقد: " كيف قبلتم قولي بالتضعيف الذي بنيته على سبر أحاديثه وهذا مما علمت صحته فرددتموه ؟".
وبالطبع كلامه كسابقه عام مرسل بلا تفصيل ..
ولا أدري هل هم يقصدون التعمية لإقناع طلبة العلم بفكرتهم أم جهلوا فعمموا؟
وعلى كلٍ: فيقال لهذا الباحث: لم تبين لنا في أي درجة هذا الراوي من الضعف؟
هل اختلط آخرا فيقبل منه ما رواه قبل الاختلاط؟
أم وهم في جملة أحاديث وصحت له بعضها؟
أم اتهم بالغفلة وسوء الحفظ؟
أم اتهم برواية المنكرات وأكثر منها؟
أم اتهم بضياع أصوله ونسيان حديثه؟
أم اتهم تهمة تجرح عدالته ؟
أم أنه ضعيف في شيخ صحيح في غيره، أو ضعيف الرواية عن أهل بلد معين صحيح في غيرهم؟
فليس كل ضعيف سواء ..
وثانيا: هل هذا الراوي مما ينجبر حديثه أو يستشهد به وله بغيره أم تركوا حديثه بمرة؟
كل هذه التساؤلات الموجودة في علوم نقاد الحديث المتقدمين منهم والمتأخرين تمنع مثل هذا الباحث بفرض هذا التساؤل الساذج في صورته العامة بلا توضيح، ومن ثم يبني عليه جهل المتأخرين ..
وهل هذا إلا التخبط بعينه والتعمية والاستخفاف بالقراء وطلبة العلم؟
ثم يقال له: هل صحح الناقد حديث هذا الضعيف لخبر وصله أنه مما حفظه، أو روايات أخرى تثبت صدقه، أو قرائن احتفت به فجعله يحكم بصحة روايته هذه؟
ولا شك عند المتأخرين في قبول هذا التصحيح بالقرائن التي حفت بتلك الرواية وعلم منها صحة خبره وعلى هذا عمل المتقدمين والمتأخرين سواء ..
ولا يظنن ظان أن الباحث هنا ساذج في سوق المثال .. لا .. إنه يقصد ذلك ويريد عرضه كما هو ليبلبل الفكر ويؤكد على فكرة التباين المنهجي ..
فسوء النية متوفر في سوق الأمثلة كما هو متوفر في اقتطاع النصوص ليتوافق والتسليم المطلق لإعلال أفراد من الأئمة المتقدمين، كما بينا من قبل حذف سطرين من كلام ابن حجر وكذلك من كلام العلائي وابن كثير والسخاوي في موضوع العلة.

ثم قال في الأمر الثاني:
وهو الفرق بين الطائفتين في مقدار الإصابة والخطأ في قواعدهما الكبرى وأصولهما العامة:
وذكر فيه: أن بعض تلك القواعد والأصول التي إليها يستندون وعليها يجمدون تبيَّنَ أنها مرجوحة أو فيها خلل، فلا تسلم أمام النقد والتحقيق .. اهـ
ثم ضرب عشرة أمثلة غير محققة نذكر أهمها وهو:
حصر معنى النكارة في النكارة الشديدة الواقعة في المعنى؛ وبهذا لم يعد عندهم أي معنى نقدي لنكارة السند ولا للغرابة والتفرد ..
وقد أشبعنا موضوع النكارة والتفرد والغرابة في البحث بما فيه كفاية .. [ بحث فلسفة العلل، وهذا المقال مقتضب منه ]
ثم ذكر أن الحافظ ابن حجر من الواهمين المتسرعين المتعالمين وأن عنده خلل في نقد الرواة .. كذا قال هداه الله ..
ثم ذكر تصحيح الحديث الضعيف في سنده بتلقي الأمة له بالقبول وعاب المتأخرين بأنهم اخترعوا تلك القاعدة.
ومن يراجع -مثلا- كلام الأئمة والحفاظ من علماء أهل السنة على أثر مجاهد في الجلوس على العرش علم يقينا أن تلك القاعدة صحيحة وهي من قواعد أهل السنة وليست مما اخترعه الفقهاء والأصوليون فضلا عن علماء الحديث المتأخرين. ولكنه التخبط عافانا الله منه.
ومرادنا تلقي علماء أهل السنة والحديث لا تلقي الفقهاء .. فكم تلقى الفقهاء أحاديث بالقبول وهي ضعيفة لا تصح .
ثم ذكر اعتماد الذين جاءوا بعد ابن حجر – أو أكثرهم – على كتابه ( تقريب التهذيب ) اعتماداً كلياً أو شبه كلي؛ وهؤلاء من هذه الطائفة الثانية عنده قطعاً.
وهذا غير أنه كذب بيقين فظاهر كلامه أن هذا فعل البعض وإن سماه الأكثر، فلم يحاكم الجميع بفعل البعض إن صح عنهم؟
ثم قال: أنهم جعلوا الأصل في الأحاديث الضعيفة الواردة من أكثر من طريق ضعيفة : أنها تتقوى بتلك الطرق؛ وفي التوسع في هذا الأصل نظر بل خطر.
قلت تركنا النظر لك فاترك الحفاظ واجتهاداتهم، على أنه سيأتي في الأمثلة ما يبين صحة هذا المذهب عن النقاد أنفسهم، وأن التوسع من عدمه نسبي فلا ترد القضية رأسا لما علق في رأس بعض النوابغ الجدد.
ثم ذكر توثيق ابن حبان .. وقد أشبعه المعلمي اليماني والألباني بحثا وفيما ذكراه كفاية .. على أنه يجهل أن في المتقدمين كالحافظ الناقد الدارقطني ومن قبله محمد بن يحيى الذهلي من يشابه ابن حبان في توثيق المجاهيل فليراجع قبل أن ينتقد. فما أتي هو وأمثاله إلا من التسرع.
ثم ذكر آخرا التصحيح على شرط الشيخين والتشدد في الحكم على الحديث بالوضع وهما مما نوقشا بتوسع في كتب المصطلح والحق ظاهر فيهما لا يخفى على طلاب العلم فضلا عن حفاظه ..
ولكن هو يريد أن يتكثر بالأمثلة ليوهم القارئ أن الامر لا علاج له بالمرة حسب توهمه.
ولو أردنا التعقيب على الأمثلة العشرة بتوسع لنظهر تعاميه وتشدده لخرج الرد في مجلد كامل ..

ثم قال في الفرق الثالث:
الفرق بين الطائفتين في سعة الاطلاع على القواعد الفرعية والضوابط الجزئية والتفاصيل وتفاصيلها .
ثم أشار إلى سعة اطلاع المتقدمين - وهو حق بلا مرية - وذكر علمهم بالتفاصيل - وهو مسلم بيقين - ولا أدري ما وجه المقارنة ؟
غير أنه قال في آخر هذا الفرق:
" كم من سر حديثي كان خفياً جداً فأذاعوه، وكم من ستر غليظ لا تكشفه الرياح ولا تخرقه الرماح فكشفوه "!!.
وهذا ما يهمنا هنا: إذا كانت هذه الأسرار قد أذاعوها ونقلها لنا من بعدهم فما الإشكال في العمل بها؟
إن أخذ بها المتأخر فهو على الجادة وإن أهملها فقد خالفهم .. هكذا بكل بساطة .. فلتحاكم أفراد من يهملها فقط ..
ويقال: هل هذه الأسرار أو التفاصيل التي أذاعوها محل تسليم ولو كانت اجتهادا من بعض أفرادهم؟
بالقطع لا .. اللهم إذا كانت خبرا من الناقد يثبت به الخطأ والوهم في الرواية ..
وهذا هو صنيع الحافظ المتأخر .. إن رأى التفصيل خبر ملزم وافقه، وإن رأى التفصيل عن اجتهاد أفراد من الأئمة ورأى الدليل خلافه فحقه اتباع الدليل بلا مرية ..
أما إخواننا فيدعون إلى التقليد والتسليم فيما هو غير الخبر بل يرجع الى اجتهاد للناقد قد يخالفه غيره أو تثبت القرائن وهمه وصواب خلافه.

ثم قال في الفرق الرابع:
هو الفرق في مقدار الخطأ في المحفوظ أو الموقوف عليه من هذه التفاصيل المذكورة في الفرق الثالث، أو التي هي موضوع ذلك الفرق. اهـ
وهذا غير أنه ظاهر الركاكة في التعبير، لكن: لا شك عندنا أن صوابهم أكثر وخطأهم أقل .. فما الحاجة إلى شيء نسلم به ؟
ثم ذكر أمثلة :
منها أن المتأخر قد يعتمد على قول لم يصح سنده إلى الناقد .. ولا أدري ما وجه هذا الفرق في الخلاف المنهجي؟
فمن المسلم به صحة الإسناد الى الناقد .. فمتى تحقق الضعف في السند إليه رددناه .. فعلام التهويل والافتراضات؟
ولو مثل بمجموعة من هذا المثال لما عارضناه إذ يرجع ذلك إلى مهارة المحدث فالأمر نسبي ولا يصح جعله فرقا منهجيا.
وكذلك ما ذكره من أمثلة .. حتى ذكر التصحيف وجعله على عهدة المتأخرين ...
وقال في هامشه: وقع في كثير من كتب الرجال المطبوعة وبعض كتب الرجال المخطوطة كثير من التصحيفات المؤثرة في باب الجرح والتعديل؛ مثل أن تتصحف ( وثقه أحمد العجلي ) إلى ( وثقه أحمد والعجلي )، وجاز ذلك على الطائفة الثانية في الغالب؛ وذلك لأنها أبعد عن التحقيق الكامل والتدقيق الشامل إلا في أحوال نادرة.. اهـ
فأي جهل هذا الذي يذكر مثل هذه الأخطاء التي لا يسلم منها بشر ولا كتاب غير القرآن فيجعلها من المخالفة لمنهج المتقدمين؟
هل لا يعلم بقدر التصحيفات والأخطاء عند بعض المحدثين من قديم؟ ألم تر عيناه أمثلة لهذا من قبل؟ فليقرأ إذا فلسنا في فراغ.
وقد ختم تلك الأمثلة بقوله: " كثير من عبارات كتب العلل والرجال وكثير من إشاراتها وتنبيهاتها وتقييداتها لم يفهمها كثير من أهل الطائفة الثانية، ولا سيما من تأخر منهم، على الوجه الصحيح، فأخطأ هؤلاء في تلقي تلك التفاصيل عن أصولها. اهـ
تالله إن تلك لإحدى الكبر .. فهلا ذكرت صوابها أيها الألمعي الذي تقدم فهمك وفهم أمثالك على فهم الأئمة والحفاظ من المتأخرين؟
فقد مر على فكرتكم تلك عشرون عاما ونيف، وما رأيناكم قدمتم لنا شيئا نستبدل به أقوال المتأخرين وتأصيلاتهم، وما رأينا منكم إلا التخبط والتناقض والتحامل والتعسف سامحكم الله.
أكثر ما تقولونه عن تعريف لمعنى اصطلح عليه المتأخرون " هذا ليس بمطرد " وهو صحيح، لكن التنظير غير التطبيق واوسع منه، وفي القاعدة أريحية عامة لا يمنع الاستثناء منها لضرورة.

ثم قال في الفرق الخامس:
وهو الفرق بين الطائفتين في مقدار القدرة على الاستقراء الصحيح ومقدار المكنة من التفريع الصحيح على ذلك الاستقراء، ومدى التأهل للتطبيق الصحيح والاستنباط العميق والملاحظة الدقيقة.. اهـ
ومع أن هذا مسلم ولم ينازع فيه، إلا أنه قال في ثنايا شرحه لهذه النقطة ما نصه:
ومن أراد الوقوف على طرف من ذلك – من المتأهلين لفهم كلامهم ولو في الجملة – فليطالع ( العلل ) لابن أبي حاتم و ( العلل ومعرفة الرجال ) للإمام أحمد، ودفاع ابن حجر عن منهج علامة العلل الإمام البخاري فيما كتبه – أعني ابن حجر – في ( فتح الباري ) ومقدمته ( هدي الساري ) من توجيهات لتصرفات البخاري في إيراده أحاديث أعلها بعض العلماء أو ذكروا أن غيرها، مما لم يخرجه، أصح منها، أو في تركه إخراج بعض الرواة أو الأحاديث التي يظهر أنها على شرطه؛ وكذلك بقية إشارات البخاري وتنبيهاته واختياراته وسائر مسالكه في كتابه ( الصحيح ) ومن ذلك طريقته في تبويبه وترتيبه واختصارِه وتهذيبِه. اهـ
قلت سبحان الله .. أليس هذا هو الحافظ الذي ذممته واتهمته بقلة الفهم وووو قبل صفحة سابقة؟
ثم بدأ يقارن بين استقراء المتقدمين والمتأخرين ويوازن بينهما وهو تحصيل حاصل إذ إنه ليس مما ينازع فيه.

ثم قال في الفرق السادس:
الفرق السادس بين طائفة العلل والتفاصيل وطائفة الجمل والأصول العامة هو الفرق بينهما من جهة الجرأة والورع في نقد الأحاديث. اهـ
ثم ذكر تحته ثلاثة أمور أولها: أن المتأخرين أجرأ في الفتيا والحديث من المتقدمين.
وهو مما لا ننازع فيه وإن كان من الممكن التعليق بأمور واضحة ومعلومة أتركها لظهورها.
وذكر في الثاني: أن المتقدمين كانوا لا يؤولون الحديث ولا يحملونه ما لا يحتمل ولا يقدمون عليه شيئاً من القواعد المنطقية والأصول العقلية،.
وهذا يقوله لمن يفعل هذا من المتأخرين أما أن يجمع الكل فباطل بيقين.
وظاهر كلامه يريد الفقهاء الأصوليون أتباع المذاهب والمتعصبين لأئمتهم إذ يقول:
( بل كان منهم من يحفظ أو يقرأ صحيح البخاري للتبرك به فقط ! وأما العمل به فيقول : فقهاؤنا الذين قلدناهم أعلم بالحديث منا فلماذا ندرس هذا العلم أو نبني عليه، بل قد يقول: هم أعلم بالحديث ومعانيه من البخاري فليس بنا حاجة إلى علم البخاري ! )
ولا أدري كيف يحشر علماء الحديث مع أولئك المتعصبة للمذاهب ومن يقدمون قول شيوخهم على الحديث أو يجعلون القواعد المنطقية والأصول العقلية ميزانا .. فمالنا وهؤلاء ؟
وأعاد في الثالث الجرأة في الكلام على الأحاديث وعللها وهو تكرير يريد به التكثير ليجمع النقاط كالمباريات.

ثم ذكر في الفرق السابع والأخير: ( هذا الفرق راجع إلى الاجتهاد والتقليد في نقد الأحاديث ). اهـ
وفي تعليقه عليه نفى الاجتهاد من المتأخرين وذكر أنهم ليسوا إلا مقلدة !!
ثم بنى على هذا القتل والذبح البارد للاجتهاد لما يريد تقريره من كل هذا البحث قائلا عن المتقدمين:
( لا بد من ترجيح طريقتهم وتصحيح منهاجهم والسير على آثارهم والنسج – عند القدرة – على منوالهم )
والعجب أنه انتفض لهذا الفرق المزعوم وحده جاعلا منه الكفالة لهذا الذي قرره ..
والتعليق على هذا الفرق الأعوج يكون بأمور كثيرة مقاله لا يستحقها أصلا وإنما نقول:
أنت المقلد وغيرك مجتهد .. ودعواك إلى التقليد دعوة صلعاء .. وانتهاج نهج المتقدمين أصلا حاصل والسير على طريقتهم واقع غير أنكم لا تفهمون ..
وقد ابتليتم بخشابة الذهن وصداءة العقل فلم تنتفعوا من متقدم ولا متأخر للاسف ..
ثم بدأ يختم بحثه الألمعي بأمور خمسة كان أولها: أنه لا يريد بهذا كل المتأخرين !! وإنما ألجأته العبارة إلى ذلك !!
انظروا إلى اتهاماته لكبار الحفاظ من المتأخرين لتروا من يبقى بعدهم كي يعتذر له ..
وفي الثانية يقول: ( ليس معنى هذا البحث أنه لا ينتفع بعلم المتأخرين .. ) !!!!!
وكلهم يقول هذا، وهي أكذوبة ظاهرة يشهد الله على ما استقرأته من دعوتهم، فوالله هذا الادعاء كذب، وهم يحشون بحوثهم بتلك العبارة دوما حتى لا يسقطوا مرة واحدة لعلمهم بما يترتب عليها.
وأقسم أخرى أن كتبهم وبحوثهم تتهم الحفاظ المتأخرين صراحة وأنهم ابتدعوا واختلقوا وخالفوا منهج المتقدمين وحق ألا يؤخذ منهم ما يخالفه جملة وتفصيلا، وهجر ونبذ ما قرروه في كتب المصطلح .. وقد نقلنا ما يؤيد هذا من كتب الدكتور المليباري والعوني وهذا الباحث وغيره ممن رددنا عليه عند نقده بعض الأحاديث التي ذكرناها في هذا البحث.
والعجب أنه قال في الثالثة ( ليس معنى الثناء على منهج المتقدمين في الجملة أنهم معصومون أو أنهم لا يختلفون، بل هو ثناء إجمالي وتزكية عامة، إنه ثناء على منهجهم وأصوله، وليس تصحيحاً لكل حُكم قالوه، وهذا مما لا يخفى ولكني نبهت عليه احتياطاً ) !!!!
فبالله عليكم: إذ أقر بهذا آخرا .. فما هي قيمة بحثه هذا ؟
ألا يدري أننا نقول لهم ذلك وهو دليلنا على جواز استدراك المتأخر على المتقدم؟
والأعجب منه قوله في الرابعة: ( إنَّ جَعْل العلم في أصول عامة وضوابط جامعة ليس بدعة ولا خطأً، بل هو شيء مطلوب ونافع، ولكن الخطأ والانحراف عن سَنن السلف في هذا الباب إنما يكون بالاستغناء بتلك الأصول والضوابط عن تفاصيل المسائل الداخلة فيها واستثناءاتها )
فلماذا الشنشنة إذا والتباكي على الاصطلاح وادعائكم تخريب الحفاظ المتأخرين له ؟
عندكم مشكلة مع الأصوليين وعلماء الكلام ومتعصبة المذاهب فانتقدوهم بالاسم أما أن تجمعوا الحفاظ الكبار الذين تنقلون فضل وعلم المتقدم منهم فتلك خديعة للدين وللناس أجمعين ..
ثم قال في الخامسة: ( ليس من هذا الباب أعني ذم الاستناد الكلي إلى القواعد والأصول الأخذ بضوابط المحدثين الاستقرائية المنضبطة كقولهم ( لا يصح في هذا الباب حديث ) ، أو : ( لا يصح فيه إلا حديثان ) ، وقولهم ( كل من اسمه فلان فهو ضعيف ) ، وقولهم ( كل ما رواه زيد عن عمرو فهو مسموع له منه ) ؛ فهذه ونحوها أصول استقرائية منضبطة وليست أصولاً تقريبية إجمالية ) اهـ
وهذا من أعجب العجب .. فأين كلامك على التفاصيل التي قدمتها على القواعد والأصول؟
الرجل يهدم ما بناه بجرة قلم .. ويكتب ولا يدري كيف يكتب، المهم أنه يريد إعلان الحرب على الحفاظ المتأخرين، والمعاصرين تبعا ولا سيما الألباني ويحقر من شأنهم..
والناظر لهذه الأمور السبعة التي بنى عليها بحثه تجده هدمها بالنقاط الخمسة في الخاتمة، هذا إذا كانت هذه النقاط محل اقرار وتسليم فكيف وبها عيوب وثقوب تمنع الاستدلال بها على دعواه لركاكة عرضها وتردد الفهم فيها من كاتبها نفسه، والتكرار للمعنى الواحد بألفاظ كثيرة للتكثير، مع تصريحه أنه يتكلم عن الأصوليين وأهل الكلام ومتعصبة المذاهب ..
فهو لا يدري ماذا يكتب ليصل لنتيجة ترتضيها نفسه وهي رد جهود الحفاظ المتأخرين علماء الحديث وجهابذته..
التخبط الرهيب والتوسع في الثرثرة حتى بما هو مسلم ليصل لفكرته التي ينافح عنها ويفرض الدليل وليس هو في نفسه دليلا ثم ينقضه بعد أن حارب من أجله وسب وجدع وقاتل ..
فأي طريقة يريدون كي يفهموا أن فكرتهم باطلة؟
والحقيقة أن بعض الشباب الصغار مؤخرا، الذين خرجوا عن حد الأدب ولم يتزينوا بخلق الإسلام الرفيع يقعون في الأئمة وقوع الرجل في البغاة والخارجين على الشريعة ..
حتى قال هذا الباحث واصفا الحفاظ المتأخرين: إنما أتوا من الجهل وقلة العلم ..
وقال متبجحا: من أسباب قلة الحفظ عند المتأخرين: نقص البركة في العقول والأفهام، وكثرة انشغالهم بالدنيا من جهة وبالعلوم العقلية من جهة أخرى، فأعيتهم السنن أن يحفظوها ويحفظوا تفاصيل نقدها . اهـ سامحه الله.
وأحدهم بشر الامام ابن قيم الجوزية بالنار!!! لأنه صحح حديث أوس بن أوس في الصلاة على النبي يوم الجمعة وقد أعله بعض الأئمة!! [ وقد خرجناه وبينا ما فيه، وأن الدارقطني وافق ابن القيم على سماع الجعفي من ابن جابر ]
وأحد الجهال قليلي الأدب جاء ينتقد الألباني في صحيحته – وهذا حق للجميع من أهل العلم الحق– فيقول في مقدمته بعد بيان ما أتى به وما بينه من زيف في الصحيحة: ( ستعلم تحتك فرس أم .....) ؟؟؟ نعوذ بالله من الخذلان ..
وبعد ذلك هل تنتظر منهم تقديرا لجهد إمام من الأئمة أو توقيرا لعالم ؟
ففي حين ينعي على الحافظ ابن حجر ويتهمه بما ذكرنا يذكر المزي بالحافظ المتبحر الدقيق وكأن المزي من جيل شعبة وسفيان ..
وهل أبقوا من المتأخرين أحدا إلا واتهموه في عقله ودينه باختراع وابتداع أصول حديثية خربت الحديث ومن ثم الشريعة !!؟
ومع أننا لا ننكر فضل وعلم الحافظ المزي، لكن انكار حفظ ابن حجر من البشاعة بمكان موحش..
ومن قرأ رحلاته ومحفوظاته ومطالعاته لقضى منها العجب .. ويكفي أن يقرأ طالب العلم ترجمة الحافظ ابن حجر لتلميذه السخاوي في الجواهر والدرر، ومن أعجب ما قرأته فيه: أنه في رحلته الأولى إلى الشام وفي مدة مائة يوم فقط حفظ وقرأ وحصل من المجلدات ما يعجز عنه جماعة من الحفاظ في عصره .. حتى عمل أطراف لمختارة الضياء، في تلك المدة مع الاشتغال والقراءة على الأئمة والسماع منهم.
يقول السخاوي في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر (1/161):
" هذا وهو قد علَّق رضي اللَّه عنه في غضون هذه المدة بخطه مِنَ الأجزاء الحديثية، والفوائد النثرية، والتتمات التي يُلحقها في تصانيفه ونحوها ثمان مجلدات فأكثر ".
فالفرق بيننا وبينهم أننا لا نغمط المتأخر حقه من العلم والفهم، كما أننا نعلم فضل المتقدم وقوة حفظهم وقرائحهم مع الديانة والعمل ..
لكن هؤلاء يتخبطون خبط عشواء .. فلا نجا منهم متأخر ولا سلم منهم معاصر ..
ولليوم عجزوا أن يؤيدوا دعوتهم بعلم حقيقي أو يقدموا بحوثا تنفع السنة وأهلها اللهم إلا هذه الرسائل والبحوث التي شغبوا بها على علماء الأمة ..
وفي حين ينعون اصطلاحات المتأخرين فإذا بهم يخرجون في بحوثهم تلك بمصطلحات فارغة المضمون والمعنى كهذا العنوان الذي نناقشه (طائفة العلل والتفاصيل وطائفة الجمل والأصول ) ففرق الأمة إلى طوائف سامحه الله.
ومن قبله ما قاله الدكتور المليباري وابتكره من مصطلحات مثل ( الواقع الحديثي ) و ( الواقع العملي ) ..
والشريف العوني الذي اخترع اصطلاح ( تطوير المصطلح ) ليهدم به جهود عشرة قرون من كتب الاصطلاح..
انتهى باختصار.
ورفعت منه الاستدلالات والنقول لطوله ..
فانتظروه بإذن الله قريبا في فلسفة العلل في الحديث النبوي.
والحمد لله أولا وآخرا .. وأستغفر الله وأتوب إليه
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.