أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
95062 187381

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 03-24-2009, 09:28 PM
abuhakeem_76 abuhakeem_76 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 5
افتراضي

من احى سنة مهجوره له اجرشهيد
جزاكم الله على هذا الموضوع الرائع
وشكرا
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-24-2009, 10:21 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

بوركتم اخواني على مروركم الطيب
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-17-2009, 09:24 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 06-07-2009, 04:39 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-08-2009, 05:10 AM
عماد الجنابي عماد الجنابي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: العراق /بغداد
المشاركات: 74
Arrow

درج الناس على دخول المقبرة والمشي بين القبور منتعلين، وفي ذلك مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. وقلما تجد من يطبق هذا (حسب علمي ومشاهدتي) فقد سمعت بمن يطبقون ذلك ولم أرهم ، فغالب فعل الناس قائم على تعطيل هذه السنة ،وأغلب الظن أنه لجهلهم بها .


ولذلك أحببت أن أساهم بنشر هذه السنة والتحذير من المخالفة ، راجيا ممن يقرأ هذا الموضوع من الأخوة الأفاضل أن يساهم في هذا الأمر ، أولا بأن يطبقه في نفسه ، ومن ثم أن ينشره ويدعو الناس لتطبيقه عسى الله أن يكتب لنا جميعا أجر إحياء سنة من سنن النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال :
(من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس ، كان له مثل أجر من عمل بها ، لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة فعُمِلَ بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا) صحيح لغيره –صحيح ابن ماجة للإمام الألباني برقم 209.

كان عليك ان تؤصل الموضوع وتناقشه من جميع جوانبه ثم ان قولك( فغالب فعل الناس قائم على تعطيل هذه السنة ،وأغلب الظن أنه لجهلهم بها .) فيه مبالغة بعض الشيء
قولك:(وفي ذلك مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم) فيه تشديد على الناس
واحببت ان انقل لك بعض ما أصل في هذا الموضوع

عن بشير بن الخَصَاصية قال: بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور، عليه نعلان، فقال: يا صاحب السِّبْتِيِّتين ألق سِبْتِيَّتيك؛ فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما.(أبو داود و النسائي و ابن ماجة و أحمد)

اختلف أهل العلم في المسألة على أربعة أقوال

1 الإباحة مطلقا وهو مذهب الجمهور


قال ابن قدامة (المغني)
وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأساً، قال جرير بن حازم: رأيت الحسن، وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما.

قال النووي في المجموع
المشهور في مذهبنا أنه لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ونحوهما، ممن صرح بذلك من أصحابنا الخطابي، والعبدري، وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا، ومذهب أكثر العلمـاء.

2الكراهة وهو قول أحمد

قال النووي(المجموع)
قـال أحمـد بن حنبـل رحمه الله يكـره

قال ابن قدامة(المغني)
قال الإمام أحمد رحمه الله
إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من عل

قال ابن قدامة المقدسي(المغني)
وَيَخْلَعُ النِّعَالَ إذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ ، وهَذَا مُسْتَحَبٌّ ; لِمَا رَوَى بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَةِ , قَالَ : ( بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ , عَلَيْهِ نَعْلَانِ , فَقَالَ : يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ , أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك . فَنَظَرَ الرَّجُلُ , فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَعَهُمَا , فَرَمَى بِهِمَا ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

3 التفريق بين السبتية و غيرها وهو مذهب ابن حزم

قال رحمه الله في المحلى
وَ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَمْشِيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ ؛ وَ هُمَا اللَّتَانِ لاَ شَعْرَ فِيهِمَا‏ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا شَعْرٌ ‏:‏ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِشَعْرٍ‏ ، ‏ وَ الأُخْرَى بِلاَ شَعْرٍ جَازَ الْمَشْيُ فِيهِمَ


4-التحريم وهو اختيار الشوكاني

قال في نيل الأوطار
وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها




-بعض أقوال أهل العلم المعاصرين

-الشيخ بن جبرين (درس شرح اعتقاد أهل الحديث)
وهذا يقول: يا شيخ، هل يجوز دخول المقبرة بالنعال؟ وكيف نوفق بين ذلك وحديث: إن الميت يسمع قرع نعالهم ؟

ج: ورد فيه حديث بشير بن الخصاصية يقول: إنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يمشي وعليه سبتيتان نوع من النعال فقال: يا صاحب السبتيتين اخلع سبتيتيك رواه أبو داود وغيره.

استدل بهذا على أنه لا يجوز المشي بالنعال بين المقابر، ولكن يظهر أن تلك النعال لها خصوصية، النعال السبتية: نوع من النعال، وأنه ما أمره بخلعها إلا لشيء خاص، إما أن فيها نجاسة، وإما أنها صنعت من جلد ميتة، أو نحو ذلك.

فالحاصل أن هذا رأي أخذه بعض العلماء على ظاهره، فالأظهر أنه لا يدل على المنع، والدليل الحديث المشهور عن البراء في قوله -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الميت وأنه يعذب أو ينعم، وأنه يأتيه الملكان ونحو ذلك.

قال: فإذا انصرفوا عنه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان... ذكر أنه يسمع قرع نعالهم، فدل على أنهم يلبسون النعال، ويقرون على ذلك، وهذا هو المشهور، أنه لا بأس بلبس النعال والأحذية، ما عدا الأحذية التي فيها نجاسة، أو ما أشبه ذلك مما يشبه السبت

-الشيخ محمد المختار الشنقيطي(محاضرة للشيخ)
ومن هنا نص العلماء رحمهم الله على حرمة الجلوس على القبور، وحرمة الاتكاء عليها، وحرمة النوم عليها، وهذه من الحرمة التي تتعلق بالقبر، وألحقوا بذلك الامتهان: كالبول وقضاء الحاجة بين القبور، ووطئها بالنعال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انزع يا ذا السبتيتين فقد آذيت)، وأما حديث: (إنه ليسمع قرع نعالهم) فهو إخبار، وقد كانت القبور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليست محوطة ولا محسورة؛ ولذلك يسلكون الفجاج بعد دفنهم. فقوله: (إنه ليسمع قرع نعالهم) فيه إشارة إلى السماع الخالي عن حكم القرع بالنعال على القبر، وفرقٌ بين الإشارة إلى حكم السماع وبين الحكم بجواز المشي بالنعال على القبور، فنهيه عليه الصلاة والسلام كما في السنن والمسند يدل على تحريم المشي على القبور بالنعال، إلا في أحوال مستثناه، ومن ذلك: أن يكون الحر شديداً يؤذي الإنسان، أو تكون الأرض فيها ضرر من شوك ونحو ذلك؛ يضطر الإنسان معه إلى لبس حذاءٍ ونحو ذلك، فلا حرج في هذه الحالة أن يلبس حذاءه، وأما ما عدا ذلك فإنه لا يشرع أن يمتهن القبر ولا أن يطأه بنعاله، وهذه من حرمة القبور وحرمة أهلها، فلا يشرع أن يسير بينها بالنعال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انزع يا ذا السبتيتين فقد آذيت) فنص على وجوب نزع السبتية. وقال بعض العلماء بتخصيص الحكم بالنعال السبتية التي لا شعر فيها، فيختص الحكم بهذا النوع من النعال. والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بوصفها، لا أن الحكم مختص بالسبتية، لقوله: ( فقد آذيتَ )، فدل على أن العبرة بالمرور بالنعال بين القبور، لا أن الحكم متعلقٌ بنعلٍ مخصوص دون غيرهِ. وعلى هذا فإنه يحرم المشي بالنعال على القبور، ووطؤها بالنعال أشد، وإنما ينصح بحمل نعاله معه أو خلعه قبل دخول المقبرة. وأما الطرقات التي بين القبور: فإن كانت خالية من المقابر فيجوز أن يمشي بنعله فيها؛ لأن الحكم يختص بالقبور، وأما بالنسبة للتحريم فيختص في حالة ما إذا دخل بالجنازة بين القبور، أو أراد أن يقبرها بين قبرين، فإنه يشرع أن يخلع حذاءه قبل أن يدخل في هذا الموضع أو يمر عليه.


-الشيخ بن العثيمين(فتاوى الشيخ)
المشي بين القبور بالنعال خلاف السنة ، والأفضل للإنسان أن يخلع نعليه إذا مشى بين القبور إلا لحاجة ، إما أن يكون في المقبرة شوك ، أو شدة حرارة ، أو حصى يؤذي الرجل فلا بأس به ، أي يلبس الحذاء ويمشي به بين القبور

-الشيخ ياسر البرهامي(فتوى على موقع صوت السلف)

يجوز السير بالنعل بين القبور والأولى نزعها جمعاً بين الأدلة؛ لحديث: (يا صاحب السبتيتين انزع سبتيتيك) فهذا محمول على الاستحباب، وحديث (وإنه ليسمع قرع نعالهم) فهذا محمول على الجواز، وبخاصة عند وجود ما يؤذي.
كما إن الحديث ارواه كل من:
ابو داود/3230 و النسائي/2048 وابن ماجه /1568 و الامام احمد /20803 و6و7 و22003 وابن حبان/3170 والبيهقي في الكبرى/7008 وبن ابي شيبة في مصنفه/12142
والطبراني في الكبير/1230 والطيالسي في مسنده /1124 والبخاري في الادب المفرد /775و829
قال أبو حاتم : يشبه أن تكون تلك من جلد ميتة لم تدبغ فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد الميتة وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه ) دليل على إباحة دخول المقابر بالنعال
فتوى الشيخ خالد المصلح

السؤال:

فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم المشي بين القبور بالنعال ؟



الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد..

فإجابة عن سؤالك نقول:

من محاسن الشريعة أنها أمرت بصيانة القبور، وحفظها من الامتهان؛ إكراما لأهلها، فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا؛ فإن القبور دور ساكنيها، ففي صحيح مسلم (971) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر )) ، وفي جامع الترمذي (1052) عن جابر رضي الله عنه قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُجَصَّصَ القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ )) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، كل ذلك صيانة لحرمة أهل القبور، وأما المشي بالنعال بين القبور، فللعلماء في هذا قولان، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا بأس بأن يمشي الرجل بين نعليه بين القبور، واستدلوا لذلك بما في البخاري (1338) ومسلم (2870) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( العبد إذا وُضِعَ في قبره وتُولِّيَ، وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم )) فدل ذلك على جواز لبس النعال في القبور.

وذهب الإمام أحمد إلى كراهية المشي بالنعال بين القبور، واستحباب خلعها، واستدل لذلك بما جاء في المسند (20260) وأبي داود (3230) والنسائي (2048) وابن ماجة (1568) أن بشير بن الخصاصية قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على قبور المسلمين، فقال: (( لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا)) ثم مر على قبور المشركين فقال: (( لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا )) فحانت منه التفاتة، فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه فقال: (( يا صاحب السبتيتين ألقهما ))، والسبتيتان نوع من النعال، وهذا يدل على أن المشي بين القبور بالنعال مكروه.

وأجاب الجمهور عن هذا بأن الأمر بخلع النعلين لمعنى خارج عن محل الخلاف، و ذلك لكونه رأى في نعليه قذرا، أو لكون النعلين مما يكره لبسهما،؛ لكونهما من زِيِّ أهل التنعم والرفاهية.

والذي يظهر أن هذا تأويا بعيد، قال ابن القيم في تهذيب السنن (2/103): " ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر , والاتكاء عليه , والوطء عليه علم أن النهي إنما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رءوسهم "، فالأقرب من هذين القولين أن المشي بين القبور في غير الممرات المعدة للمشاة مكروه، والله أعلم.



أخوكم/ د.خالد المصلح

11/2/1429هـ

وهذا بحث كتبه الاخ الحبيب جاسم الشمري ذكرفيه
حكم المشي بين القبور بالنعال
اختلف الفقهاء في حكم المشي بين القبور بالنعال.
رجح الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى إباحة ذلك، إلا إذا كان في النعلين قذراً، فيكره حينئذٍ[1].
وهو مذهب أبي حنيفة[2]، ومالك[3]، والمشهور عند الشافعية[4]، ورواية عن أحمد[5].
وبه قال الحسن وابن سيرين والنخعي والثوري[6].
إلا أن المالكية جوَّزوا ذلك، ولو كان في النعلين قذراً[7].
حجتهم :
1. حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، يأتيه ملكان فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " قال : فأما المؤمن فيقول : آمنت أنه عبد الله ورسوله، فيقال له : أنظر إلى مقعدك في النار، قد أبدلك الله مقعدا في الجنة، فيراهما جميعا ... )[8].
وجه الدلالة :
الحديث يدل على جواز وإباحة لبس النعلين لزائر القبور، وللماشي بحضرتها، وبين ظهرانيها ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم عن الميت ( إنه ليسمع قرع نعالهم ) أي نعال المشيعين له إذا تولوا عنه بعد دفنه ، ظاهر في ذلك، إذ هو إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده وأن الناس من المسلمين سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة ، ولم ينه عنه ، فكان إقرارا منه صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان مكروها لبيَّنه[9].
2. عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( يا أبا عبد الرحمن ؛ رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا بن جريج ؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية ... فقال عبد الله بن عمر ... وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها؛ فأنا أحب أن ألبسها ... )[10].
وجه الدلالة :
إن لبس النبي صلى الله عليه وسلم للنعال السبتية، ومحبته لذلك، وإقتداء ابن عمر رضي الله عنهما به في ذلك ، يدل على جواز لبسها على كل حال ، ويدخل في ذلك العموم، لبسها في المقبرة[11].
3. ما روي عن جرير بن حازم رحمه الله تعالى أنه قال : ( رأيت الحسن وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما )[12].
وجه الدلالة :
أنه لم يكن من هدي السلف خلع نعالهم إذا مشوا بين القبور.
4. القياس :
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى : ( فلما كان دخول المساجد بالنعال غير مكروه [13]، وكانت الصلاة بها أيضاً غير مكروهة[14] ، كان المشي بها بين القبور أحرى أن لا يكون مكروها )[15].


وذهب فريق آخر من العلماء إلى منع المشي بين القبور بالنعال.
ثم اختلف هؤلاء بعد اتفاقهم على النهي ، في نوع النعل المنهي عنه ، وفي درجة النهي ؛ على أقوال :
الأول : أن النهي يشمل جميع أنواع النعل ، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو الكراهة.
وبه قال الإمام أحمد وهو المشهور من مذهبه[16]، وابن حبيب من المالكية[17]، وهو قول عند الشافعية[18] ؛ اختاره الحافظ ابن حجر[19].
الثاني : أن النهي يشمل جميع أنواع النعل، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو التحريم.
وبه قال الإمام الشوكاني[20].
الثالث : أن النهي خاص بالنعال السبتية[21]، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو الكراهة.
وبه قال الإمام النسائي[22] والقاضي أبو يعلى[23].
الرابع : أن النهي خاص بالنعال السبتية، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو التحريم.
وبه قال الإمام ابن حزم[24].
حجتهم :
1. عن بشير بن الخصاصية رضي الله عنه ؛ قال : بينا[25] أنا أماشي[26] النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي بين القبور عليه نعلان ، فقال له : يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك ، فنظر الرجل ، فلما عرف النبي صلى الله عليه وسلم ، خلعهما فرمى بهما )[27].
وجه الدلالة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ذلك الرجل بخلع نعليه ، وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين[28].
ـ فمن قال : بعموم النعل استدل بقوله ( عليه نعلان ) ، وفي لفظ آخر للحديث ( إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك )[29].
وعليه فلا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين ، لعدم الفارق بينها وبين غيرها.
ـ ومن قال بخصوص السبتيتين ؛ قال : انه عليه السلام إنما دعا ( صاحب سبتيتين ) بنص كلامه ، مع ما ورد من ( أنه يسمع قرع نعالهم ) ، الذي يدل على جواز لبس غير النعال السبتية[30].
وقال القاضي أبو يعلى : ذلك مختص بالنعال السبتية لا يتعداها إلى غيرها ، لأن الحكم معلل فلا يتعدى مورد النص[31].
ـ ومن حكم بكراهة هذا الفعل، حمل الأمر الوارد في الحديث على أدنى درجاته، وهي الندب ، فيكون خلع النعال مندوبا ، وترك المندوب المأمور به مكروه.
ـ وأما من حكم بحرمة المشي به بين القبور، فقال : الأصل في النهي التحريم، وكذا الأصل في الأمر الوجوب ، وتارك الواجب قد ارتكب محرماً.
2. ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع واحترام أموات المسلمين[32].


مناقشة الأدلة
أولا : مناقشة أدلة الإمام الطحاوي ومن وافقه.
1. حديث أنس رضي الله عنه : ( إنه ليسمع قرع نعالهم ..).
ـ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : ( وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة ، فإنه يدل على وقوع هذا منهم ، ولا نزاع في وقوعه وفعلهم إياه مع كراهيته )[33].
ـ وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: ( ولا دلالة فيه ، قال ابن الجوزي : ليس في الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر، وذلك لا يقتضى إباحة ولا تحريما )[34].
وأما قولهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وأقره فلو كان مكروها لبينه.
فأجيب عنه : بأنه يعكر عليه احتمال أن يكون المراد سماعه إياها بعد أن يجاوز المقبرة[35].
2. حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها؛ فأنا أحب أن ألبسها ).
فأجيب عنه :
بأنه ليس فيه دلالة على المدعى ، لأن ابن عمر رضي الله عنهما لم يذكر أنه يجوز لبسها بين القبور وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ويتوضأ فيها، وحتى لو ذكر ذلك لما كان فيه دلالة أيضا ، لأنه مجرد فعل وحديث بشير قول فيقدم عليه.
ثم إن حديث ابن عمر هذا فيه رد على من قال بجواز المشي بالنعال السبتية بين القبور.
وجه ذلك :
أنهم عللوا نهي النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب السبتيتين في حديث بشير، بأنها من لباس أهل الترف المنَعَّمين، لذا نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وخاصة في مثل هذا الموضع الذي يجب على العبد أن يتذكر الآخرة ..، فإذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها وهو أبعد الناس عمَّا ذُكر من العلة ، دل ذلك على بطلان تلك الدعوى ، وأن الأمر بخلعهما لأمر غير ذلك، وهو احترام أهل القبور.


3. أما أثر الحسن وابن سيرين رحمهما الله تعالى.
فأجيب عنه :
بأنه ليس بدليل شرعي يعتمد عليه في معرفة الأحكام ، وغاية ما فيه حكاية مذهبهما في جواز المشي بين القبور بالنعال.
ثم إن فعلهما يتطرقه الاحتمال، فلعلهما فعلا ذلك لعلة، من وجود شوك، أو شدة حر ونحوها من العلل التي اتفق القائلون بالمنع على جواز لبس النعل عند وجودها[36].
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : ( إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة )[37].
والعلة التي أشار إليها الإمام أحمد رحمه الله تعالى كالشوك والرمضاء ونحوهما،فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
4. وأما قياس جواز المشي بالنعال بين القبور على جواز لبسها في الصلاة ودخول المساجد بها؟
فأجيب عنه :
بأنه قياس معارض للنص ـ حديث بشير رضي الله عنه ـ وما كان كذلك فهو قياس فاسد ، لا يلتفت إليه.


5. ثانياً: مناقشة أدلة أصحاب المذهب الثاني.
1. حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه.
اعترض عليه سنداً ومتناً.
أ. أما من حيث السند :
فضعفه طائفة من العلماء ، وقالوا هو حديث مختلف فيه[38].
وأجيب عنه :
بأنه قد صححه كثير من أهل العلم ، فقد صححه الطحاوي[39] ، وقال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد )[40] ، وأقره ابن حجر[41].
وقال النووي : إسناده حسن[42].
واحتج به ابن حزم[43] ، وسكت عنه أبو داود والمنذري[44].
وقال ابن القيم : ( وأما تضعيف حديث بشير فمما لم نعلم أحدا طعن فيه، بل قد قال الإمام أحمد إسناده جيد ، وقال عبد الرحمن بن مهدي كان عبد الله بن عثمان يقول فيه حديث جيد ورجل ثقة )[45].
ب. وأما من حيث المتن : فاعترض عليه من وجهين :
الأول : بأنه معارض بحديث أنس السابق.
وأجاب عنه ابن القيم رحمه الله تعالى؛ بقوله : ( وأما معارضته بقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنه ليسمع قرع نعالهم ) ، فمعارضة فاسدة ، فإن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بالواقع؛ وهو سماع الميت قرع نعال الحي ، وهذا لا يدل على الإذن في قرع القبور، والمشي بينها بالنعال، إذ الإخبار عن وقوع الشيء، لا يدل على جوازه، ولا حكمه، فكيف يعارض النهي الصريح ؟ )[46].
الثاني : بأن النهي فيه كان لأحد أمور :
أ‌. لما فيهما من الخيلاء ؛ وذلك أن نعال السبت من لباس أهل التنعم والترفه، وأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي أهل التواضع، ولباس أهل الخشوع[47].
ونوقش هذا : بأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يلبس النعال السبتية، ويقول: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها، وهو حديث صحيح ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس في الدنيا، وأبعدهم عن مشابهة المترفين في لباسهم وأحوالهم، وفيه الأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم[48].
ب‌. وقال ابن حبان : ( يشبه أن تكون تلك[49] من جلد ميتة لم تدبغ ؟ فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد )[50].
وأجيب عنه :
بأنه تأويل بعيد لا داعي له ، ولا دليل عليه.
ت‌. وقال آخرون ومنهم الإمام الطحاوي[51] يحمل نهي الرجل المذكور، على أنه كان في نعليه قذر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى[52].
وأجيب عنه :
بأن هذه مجرد دعوى، لا دليل عليها في الحديث، لذا أغلظ ابن حزم رحمه الله تعالى في الرد على مدعي ذلك[53].
ومن ها هنا قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : ( وهذا ليس بشيء ولا ذكر في الحديث شيء من ذلك ، ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر والاتكاء عليه والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رؤوسهم ، ولهذا ينهى عن التغوط بين القبور، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجلوس على الجمر حتى تحرق الثياب خير من الجلوس على القبر ومعلوم أن هذا أخف من المشي بين القبور بالنعال، وبالجملة فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا، فإن القبر قد صار داره )[54].
وأما قول بعضهم بخصوصية السبتيتين.
فأجاب عنه ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله : ( وأغرب ابن حزم فقال يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها، وهو جمود شديد )[55].
وقال في موضع آخر : ( وليس ذكر السبتيتين للتخصيص، بل اتفق ذلك، والنهي إنما هو للمشي على القبور بالنعال )[56].
ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها[57].
وأما قول ابن حزم رحمه الله تعالى : يجوز وطأ القبور بالنعال التي ليست سبتية، لحديث إن الميت يسمع خفق نعالهم وخصص المنع بالسبتية، وجعل هذا جمعا بين الحديثين[58].
فأجيب عنه :
بأنه وهم ، لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة[59].


الترجيح :
مما تقدم من عرض الأدلة ومناقشتها، يترجح عندي كراهة المشي بين القبور بالنعال.
السبتية وغيرها في ذلك سواء، احتراماً لأهل القبور، وتوقيرا لهم.
إذ القول بمنع المشي بالنعال السبتية خاصة، فيه تعطيل لعلة الحديث وسبب وروده.
واستدلالهم بأن الميت يسمع قرع نعال المشيعين على عدم كراهة لبسه، هومن دلالة المفهوم،بينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب السبتيتين أن ينزعهما، هو من دلالة المنطوق،والمنطوق يقدم على المفهوم، والله تعالى أعلم.

[1]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 40 ـ 41.

[2]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 41 ، العيني ؛ عمدة القاري 8 / 146 ، الطحطاوي ؛ حاشيته على مراقي الفلاح 1 / 412.

[3]ينظر : الحطاب ؛ مواهب الجليل 2 / 253 ، عليش ؛ منح الجليل 1 / 529 ، الدردير ؛ الشرح الكبير 1 / 428 ، الدسوقي ؛ حاشيته على الشرح الكبير 1 / 428.

[4]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 279، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121 ، الشربيني ؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، البجيرمي ؛ الحاشية 1 / 495.

[5]ينظر : أبو عبد الله بن مفلح ؛ الفروع 2 / 236، المرداوي ؛ الإنصاف 2 / 551 ، أبو إسحاق بن مفلح ؛ النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر 1 / 212.

[6]ينظر : ابن أبي شيبة ؛ المصنف 3 / 65 ، ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، العيني ؛ عمدة القاري 8 / 146.

[7]ينظر : الدردير ؛ الشرح الكبير 1 / 428 ، الدسوقي ؛ حاشيته على الشرح الكبير 1 / 428.

[8]رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 448 ، مسلم ؛ الصحيح 4 / 2200.

[9]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137 ، ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206 ، العظيم آبادي عون المعبود 9 / 38.

[10]رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 73 ، مسلم ؛ الصحيح 2 / 844 ، أبو داود ؛ السنن 2 / 150 ، مالك ؛ الموطأ 1 / 333.

[11]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، ابن حجر ؛ فتح الباري 10 / 309.

[12]ينظر : ابن أبي شيبة ؛ المصنف 3 / 65.

[13]إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد، فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا، أو أذى، فليمسحه، وليصل فيهما ). رواه أبو داود ؛ السنن 1 / 175، ابن حبان ؛ الصحيح 5 / 560.

[14]ثبت ذلك في أحاديث كثيرة منها الحديث السابق ، ومنها ما رواه سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس ابن مالك: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ قال: نعم ). رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 151.

[15]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 43.

[16]ينظر : ابن الجوزي ؛ التحقيق في أحاديث الخلاف 2 / 19 ، الخرقي ؛ المختصر 1 / 43 ، ابن قدامة ؛ الكافي 1 / 275 ، ابن مفلح ؛ الفروع 2 / 236 ، المرداوي ؛ الإنصاف 2 / 551 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[17]ينظر : الحطاب ؛ مواهب الجليل 2 / 253.

[18]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 279، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121، الشربيني ؛ مغني المحتاج 1 / 354.

[19]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[20]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، السيل الجرار 1 / 370.

[21]السِبتيتين : بكسر السين نسبة إلى السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال لأنه سبت شعرها أي حلق وأزيل، وقيل لأنها انسبت بالدباغ أي لانت وأريد بهما النعلان المتخذان من السبت، ينظر : العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[22]حيث بوب في سننه على حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه : ( باب كراهية المشي بين القبور في النعال السبتية ) ، ثم بوب على حديث أنس رضي الله عنه : ( باب التسهيل في غير السبتية ). ينظر : النسائي ؛ السنن 4 / 96.

[23]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 39.

[24]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 136.

[25] قوله :( بينا ) أصله ( بين ) وأشبعت الفتحة، وقد تبقى بلا إشباع ويزاد فيها ( ما ) فتصير :( بينما ) ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجئة ، ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 2 / 359.

[26]قوله : ( أماشي ) أي : أمشي معه ، وهو من باب المفاعلة ، يقال : تماشيا تماشيا ، أي مشيا معا ، ينظر : العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[27]رواه أبو داود ؛ السنن 3 / 217، النسائي ؛ السنن 4 / 96 ، ابن ماجه ؛ السنن 1 / 499 ، ابن حبان ؛ الصحيح 7 / 442 ،الحاكم ؛ المستدرك 1 / 529، البيهقي ؛ السنن الكبرى 4 / 80.

[28]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136.

[29]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[30]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[31]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 39.

[32]ينظر : ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[33] ينظر :ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223.

[34]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[35]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[36]ينظر : ابن قدامة ؛ الكافي 1 / 275 ، ابن مفلح ؛ الفروع 2 / 236، المرداوي؛ الإنصاف 2 / 551 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[37]ينظر : ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[38]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، البيهقي ؛ السنن الكبرى 4 / 80 ، ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[39]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 41.

[40]ينظر : الحاكم ؛ المستدرك 1 / 529.

[41]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[42]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 280.

[43]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 136.

[44]ينظر : المباركفوري ؛ تحفة الأحوذي 4 / 131.

[45]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[46]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[47]ينظر : النووي؛ المجموع 5 / 280 ، العيني؛ عمدة القاري 8 / 146، السندي؛ حاشية سنن النسائي 4 / 96 ، الشربيني؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، الدمياطي؛ إعانة الطالبين 2 / 121، الشوكاني؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[48]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي؛ عون المعبود 9 / 38.

[49]أي النعال السبتية.

[50]ينظر : ابن حبان ؛ الصحيح 7 / 442.

[51]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 40.

[52]ينظر : البيهقي السنن الكبرى 4 / 80 ، النووي ؛ المجموع 5 / 280 ، الشربيني؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121، العظيم آبادي؛ عون المعبود 9 / 36.

[53]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[54]ينظر : ابن قيم الجوزية ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 37 ـ 38.

[55]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[56]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 10 / 309.

[57]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 37 ، المباركفوري ؛ تحفة الأحوذي 4 / 132.

[58]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[59]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 37
واخيرا هذه
مجموعة من أقوال أهل العلم في المسألة



قال الحافظ ابن حجر(فتح الباري)عن حديث (وَأَنَّهُ لِيَسْمَع خَفْق نِعَالهمْ)الحديث


وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ ، وَلَا دَلَالَة فِيهِ . قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : لَيْسَ فِي الْحَدِيث سِوَى الْحِكَايَة عَمَّنْ يَدْخُل الْمَقَابِر ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيمًا اِنْتَهَى . وَإِنَّمَا اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اِسْتَدَلَّ عَلَى الْإِبَاحَة أَخْذًا مِنْ كَوْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَأَقَرَّهُ فَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَبَيَّنَهُ ، لَكِنْ يُعَكِّر عَلَيْهِ اِحْتِمَال أَنْ يَكُون الْمُرَاد سَمَاعه إِيَّاهَا بَعْد أَنْ يُجَاوِز الْمَقْبَرَة ، وَيَدُلّ عَلَى الْكَرَاهَة حَدِيث بَشِير بْن الْخَصَاصِيَةِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْن الْقُبُور وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ سِبْتِيَّتَانِ فَقَالَ : يَا صَاحِب السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ نَعْلَيْك " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم . وَأَغْرَبَ اِبْن حَزْم فَقَالَ : يَحْرُم الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ السِّبْتِيَّة دُون غَيْرهَا ، وَهُوَ جُمُود شَدِيد . وَأَمَّا قَوْل الْخَطَّابِيّ يُشْبِه أَنْ يَكُون النَّهْي عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْخُيَلَاء فَإِنَّهُ مُتَعَقَّب بِأَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَلْبَس النِّعَال السِّبْتِيَّة وَيَقُول " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسهَا " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه . وَقَالَ الطَّحَاوِيّ : يُحْمَل نَهْي الرَّجُل الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَعْلَيْهِ قَذَر ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ مَا لَمْ يَرَ فِيهِمَا أَذًى .



قَالَ الْعَيْنِيّ (نقلا عن عون المعبود)

إِنَّمَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِالْخَلْعِ اِحْتِرَامًا لِلْمَقَابِرِ ، وَقِيلَ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيه وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّ أَمْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَلْعِ لَا لِكَوْنِ الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ مَكْرُوهًا ، وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَذَرًا فِيهِمَا يُقَذِّر الْقُبُور أَمَرَ بِالْخَلْعِ اِنْتَهَى .


قال الطحاوي(شرح معاني الآثار)
بَابُ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، قَالَ : ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ سَمِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ فِي نَعْلَيْنِ ، فَقَالَ : وَيْحَك يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ، قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : ثنا وَكِيعٌ ، عَنْ الْأَسْوَدِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَكَرِهُوا الْمَشْيَ بِالنِّعَالِ بَيْنَ الْقُبُورِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ بِخَلْعِ النَّعْلَيْنِ ، لَا لِأَنَّهُ كَرِهَ الْمَشْيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ ، لَكِنْ لِمَعْنًى آخَرَ ، مِنْ قَذَرٍ رَآهُ فِيهَا ، يُقَذِّرُ الْقُبُورَ .
وَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى وَعَلَيْهِ نَعْلَاهُ ، ثُمَّ أُمِرَ بِخَلْعِهِمَا فَخَلَعَهُمَا ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ ، وَلَكِنَّهُ لِلْقَذَرِ الَّذِي كَانَ فِيهِمَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ .
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الْمُؤْمِنِ إذَا دُفِنَ فِي قَبْرِهِ { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِكُمْ حِينَ تُوَلُّونَ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ .
مِثْلَهُ .
فَهَذَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، إذَا كَانَ مَعْنَاهُ ، عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى .
وَلَكِنَّا لَا نَحْمِلُهُ عَلَى الْمُعَارَضَةِ ، وَنَجْعَلُ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ ، فَنَجْعَلُ النَّهْيَ الَّذِي كَانَ فِي حَدِيثِ بَشِيرٍ ، لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي النَّعْلَيْنِ ، لِئَلَّا يُنَجِّسَ الْقُبُورَ ، كَمَا قَدْ نُهِيَ أَنْ يُتَغَوَّطَ عَلَيْهَا ، أَوْ يُبَالَ .
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْمَشْيِ بِالنِّعَالِ الَّتِي لَا قَذَرَ فِيهَا بَيْنَ الْقُبُورِ .
فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ ، مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ .
وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ ، مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَعْلَيْهِ ، وَمِنْ خَلْعِهِ إيَّاهُمْ فِي وَقْتِ مَا خَلَعَهُمَا لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِمَا ، وَمِنْ إبَاحَةِ النَّاسِ الصَّلَاةَ فِي النِّعَالِ .
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ : قَالَ : ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : { خَلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْلَيْهِ ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَخَلَعَ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ ؟ قَالُوا : رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا .
فَقَالَ إنَّ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا قَذَرًا ، فَخَلَعْتُهُمَا لِذَلِكَ ، فَلَا تَخْلَعُوا نِعَالَكُمْ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَزْدِيِّ ، قَالَ : { سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ ، أَنَّ { عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ .
فَقَالَ أَبُو مُوسَى : تَقَدَّمَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَإِنَّك أَقْدَمُ سِنًّا ، وَأَعْلَمُ .
فَقَالَ : تَقَدَّمَ أَنْتَ ، فَإِنَّمَا أَتَيْنَاك فِي مَنْزِلِك وَمَسْجِدِك ، فَأَنْتَ أَحَقُّ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ .
فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ : مَا أَرَدْتَ إلَى خَلْعِهِمَا أَبِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى أَنْتَ ؟ لَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْخُفَّيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ ، فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى أَوْ قَذَرٌ ، فَلْيَمْسَحْهُمَا ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ { رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : كُنْت جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ نَهَيْت النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا فِي نِعَالِهِمْ ؟ فَقَالَ : مَا فَعَلْت ، غَيْر أَنِّي وَرَبِّ هَذِهِ الْحُرْمَةِ ، رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَأَنَّ نَعْلَيْهِ عَلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : أَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ زِيَادٍ الْحَادِي ، قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ، قَالَ : { قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى حَافِيًا وَمُتَنَعِّلًا } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ حُرَيْثٍ يَقُولُ : { رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ } .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا وَهْبٌ ، وَأَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَا : ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ فِي حَدِيثِ وَهْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ ، قَالَ : { سَمِعْت رَجُلًا جَدُّهُ أَوْسُ بْنُ أَبِي أَوْسٍ ، قَالَ : كَانَ جَدِّي يُصَلِّي فَيَأْمُرُنِي أَنْ أُنَاوِلَهُ نَعْلَيْهِ ، فَيَنْتَعِلَ وَيَقُولَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا وَهْبٌ ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرَةَ ، عَنْ وَهْبٍ .
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الطَّائِفِيَّ ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ ، أَوْ أَوْسِ بْنِ أُوَيْسٍ ، قَالَ : { أَقَمْت عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ شَهْرٍ ، فَرَأَيْته يُصَلِّي وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مُقَابِلَتَانِ } .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو رَبِيعَةَ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ فَيْرُوزَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ { وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : فَرَأَيْنَاهُ يُصَلِّي ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مُقَابِلَتَانِ } .
فَلَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِالنِّعَالِ غَيْرَ مَكْرُوهٍ ، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ بِهَا أَيْضًا غَيْرَ مَكْرُوهَةٍ ، كَانَ الْمَشْيُ بِهَا بَيْنَ الْقُبُورِ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مَكْرُوهًا .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى .

قال الانصاري(شرح البهجة الوردية)
أَيْ وَلَا بَأْسَ بِمَشْيِ ( مُتَنَعِّلٍ بِمَقْبَرَةٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { الْعَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى يَسْمَعَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ } الْحَدِيثَ وَأَجَابُوا عَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ : رَآهُ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَك أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك فَخَلَعَهُمَا } بِأَنَّهُ كَرِهَهُمَا لِمَعْنًى فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ هِيَ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ ، وَهِيَ لِبَاسُ أَهْلِ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ فَنَهَى عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْخُيَلَاءِ فَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ الْمَقَابِرَ عَلَى زِيِّ التَّوَاضُعِ وَلِبَاسِ أَهْلِ الْخُشُوعِ وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ وَالنَّهْيُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِلتَّنْزِيهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ عِنْدَ الْقُبُورِ


قال البهوتي(شرح منتهى الإرادات)

( وَسُنَّ خَلْعُهُ ) (النعل)إذَا دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ .
لِحَدِيثِ { بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ ، أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا ، فَرَمَى بِهِمَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَقَالَ أَحْمَدُ : إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتِرَامًا لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ .
( إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ ) كَحَرَارَةِ الْأَرْضِ أَوْ بُرُودَتِهَا ، فَلَا يُكْرَهُ لِلْعُذْرِ ، وَلَا يُسَنُّ خَلْعُ خُفٍّ لِأَنَّهُ يَشُقُّ ، وَعَنْ أَحْمَدَ : أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّهُ وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَهُ أَوْلَى مِنْ شَرْحِهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ أَوَّلًا وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ .
__________________
عماد بن محمد بن نايف الجنابي البغدادي

أهل الحديث هم أهل النبي و إن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-08-2009, 01:54 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد الجنابي مشاهدة المشاركة
درج الناس على دخول المقبرة والمشي بين القبور منتعلين، وفي ذلك مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. وقلما تجد من يطبق هذا (حسب علمي ومشاهدتي) فقد سمعت بمن يطبقون ذلك ولم أرهم ، فغالب فعل الناس قائم على تعطيل هذه السنة ،وأغلب الظن أنه لجهلهم بها .


ولذلك أحببت أن أساهم بنشر هذه السنة والتحذير من المخالفة ، راجيا ممن يقرأ هذا الموضوع من الأخوة الأفاضل أن يساهم في هذا الأمر ، أولا بأن يطبقه في نفسه ، ومن ثم أن ينشره ويدعو الناس لتطبيقه عسى الله أن يكتب لنا جميعا أجر إحياء سنة من سنن النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال :
(من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس ، كان له مثل أجر من عمل بها ، لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة فعُمِلَ بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا) صحيح لغيره –صحيح ابن ماجة للإمام الألباني برقم 209.

كان عليك ان تؤصل الموضوع وتناقشه من جميع جوانبه ثم ان قولك( فغالب فعل الناس قائم على تعطيل هذه السنة ،وأغلب الظن أنه لجهلهم بها .) فيه مبالغة بعض الشيء
قولك:(وفي ذلك مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم) فيه تشديد على الناس
واحببت ان انقل لك بعض ما أصل في هذا الموضوع

عن بشير بن الخَصَاصية قال: بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور، عليه نعلان، فقال: يا صاحب السِّبْتِيِّتين ألق سِبْتِيَّتيك؛ فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما.(أبو داود و النسائي و ابن ماجة و أحمد)

اختلف أهل العلم في المسألة على أربعة أقوال

1 الإباحة مطلقا وهو مذهب الجمهور


قال ابن قدامة (المغني)
وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأساً، قال جرير بن حازم: رأيت الحسن، وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما.

قال النووي في المجموع
المشهور في مذهبنا أنه لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ونحوهما، ممن صرح بذلك من أصحابنا الخطابي، والعبدري، وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا، ومذهب أكثر العلمـاء.

2الكراهة وهو قول أحمد

قال النووي(المجموع)
قـال أحمـد بن حنبـل رحمه الله يكـره

قال ابن قدامة(المغني)
قال الإمام أحمد رحمه الله
إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من عل

قال ابن قدامة المقدسي(المغني)
وَيَخْلَعُ النِّعَالَ إذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ ، وهَذَا مُسْتَحَبٌّ ; لِمَا رَوَى بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَةِ , قَالَ : ( بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ , عَلَيْهِ نَعْلَانِ , فَقَالَ : يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ , أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك . فَنَظَرَ الرَّجُلُ , فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَعَهُمَا , فَرَمَى بِهِمَا ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

3 التفريق بين السبتية و غيرها وهو مذهب ابن حزم

قال رحمه الله في المحلى
وَ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَمْشِيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ ؛ وَ هُمَا اللَّتَانِ لاَ شَعْرَ فِيهِمَا‏ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا شَعْرٌ ‏:‏ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِشَعْرٍ‏ ، ‏ وَ الأُخْرَى بِلاَ شَعْرٍ جَازَ الْمَشْيُ فِيهِمَ


4-التحريم وهو اختيار الشوكاني

قال في نيل الأوطار
وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها




-بعض أقوال أهل العلم المعاصرين

-الشيخ بن جبرين (درس شرح اعتقاد أهل الحديث)
وهذا يقول: يا شيخ، هل يجوز دخول المقبرة بالنعال؟ وكيف نوفق بين ذلك وحديث: إن الميت يسمع قرع نعالهم ؟

ج: ورد فيه حديث بشير بن الخصاصية يقول: إنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يمشي وعليه سبتيتان نوع من النعال فقال: يا صاحب السبتيتين اخلع سبتيتيك رواه أبو داود وغيره.

استدل بهذا على أنه لا يجوز المشي بالنعال بين المقابر، ولكن يظهر أن تلك النعال لها خصوصية، النعال السبتية: نوع من النعال، وأنه ما أمره بخلعها إلا لشيء خاص، إما أن فيها نجاسة، وإما أنها صنعت من جلد ميتة، أو نحو ذلك.

فالحاصل أن هذا رأي أخذه بعض العلماء على ظاهره، فالأظهر أنه لا يدل على المنع، والدليل الحديث المشهور عن البراء في قوله -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الميت وأنه يعذب أو ينعم، وأنه يأتيه الملكان ونحو ذلك.

قال: فإذا انصرفوا عنه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان... ذكر أنه يسمع قرع نعالهم، فدل على أنهم يلبسون النعال، ويقرون على ذلك، وهذا هو المشهور، أنه لا بأس بلبس النعال والأحذية، ما عدا الأحذية التي فيها نجاسة، أو ما أشبه ذلك مما يشبه السبت

-الشيخ محمد المختار الشنقيطي(محاضرة للشيخ)
ومن هنا نص العلماء رحمهم الله على حرمة الجلوس على القبور، وحرمة الاتكاء عليها، وحرمة النوم عليها، وهذه من الحرمة التي تتعلق بالقبر، وألحقوا بذلك الامتهان: كالبول وقضاء الحاجة بين القبور، ووطئها بالنعال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انزع يا ذا السبتيتين فقد آذيت)، وأما حديث: (إنه ليسمع قرع نعالهم) فهو إخبار، وقد كانت القبور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليست محوطة ولا محسورة؛ ولذلك يسلكون الفجاج بعد دفنهم. فقوله: (إنه ليسمع قرع نعالهم) فيه إشارة إلى السماع الخالي عن حكم القرع بالنعال على القبر، وفرقٌ بين الإشارة إلى حكم السماع وبين الحكم بجواز المشي بالنعال على القبور، فنهيه عليه الصلاة والسلام كما في السنن والمسند يدل على تحريم المشي على القبور بالنعال، إلا في أحوال مستثناه، ومن ذلك: أن يكون الحر شديداً يؤذي الإنسان، أو تكون الأرض فيها ضرر من شوك ونحو ذلك؛ يضطر الإنسان معه إلى لبس حذاءٍ ونحو ذلك، فلا حرج في هذه الحالة أن يلبس حذاءه، وأما ما عدا ذلك فإنه لا يشرع أن يمتهن القبر ولا أن يطأه بنعاله، وهذه من حرمة القبور وحرمة أهلها، فلا يشرع أن يسير بينها بالنعال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انزع يا ذا السبتيتين فقد آذيت) فنص على وجوب نزع السبتية. وقال بعض العلماء بتخصيص الحكم بالنعال السبتية التي لا شعر فيها، فيختص الحكم بهذا النوع من النعال. والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بوصفها، لا أن الحكم مختص بالسبتية، لقوله: ( فقد آذيتَ )، فدل على أن العبرة بالمرور بالنعال بين القبور، لا أن الحكم متعلقٌ بنعلٍ مخصوص دون غيرهِ. وعلى هذا فإنه يحرم المشي بالنعال على القبور، ووطؤها بالنعال أشد، وإنما ينصح بحمل نعاله معه أو خلعه قبل دخول المقبرة. وأما الطرقات التي بين القبور: فإن كانت خالية من المقابر فيجوز أن يمشي بنعله فيها؛ لأن الحكم يختص بالقبور، وأما بالنسبة للتحريم فيختص في حالة ما إذا دخل بالجنازة بين القبور، أو أراد أن يقبرها بين قبرين، فإنه يشرع أن يخلع حذاءه قبل أن يدخل في هذا الموضع أو يمر عليه.


-الشيخ بن العثيمين(فتاوى الشيخ)
المشي بين القبور بالنعال خلاف السنة ، والأفضل للإنسان أن يخلع نعليه إذا مشى بين القبور إلا لحاجة ، إما أن يكون في المقبرة شوك ، أو شدة حرارة ، أو حصى يؤذي الرجل فلا بأس به ، أي يلبس الحذاء ويمشي به بين القبور

-الشيخ ياسر البرهامي(فتوى على موقع صوت السلف)

يجوز السير بالنعل بين القبور والأولى نزعها جمعاً بين الأدلة؛ لحديث: (يا صاحب السبتيتين انزع سبتيتيك) فهذا محمول على الاستحباب، وحديث (وإنه ليسمع قرع نعالهم) فهذا محمول على الجواز، وبخاصة عند وجود ما يؤذي.
كما إن الحديث ارواه كل من:
ابو داود/3230 و النسائي/2048 وابن ماجه /1568 و الامام احمد /20803 و6و7 و22003 وابن حبان/3170 والبيهقي في الكبرى/7008 وبن ابي شيبة في مصنفه/12142
والطبراني في الكبير/1230 والطيالسي في مسنده /1124 والبخاري في الادب المفرد /775و829
قال أبو حاتم : يشبه أن تكون تلك من جلد ميتة لم تدبغ فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد الميتة وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه ) دليل على إباحة دخول المقابر بالنعال
فتوى الشيخ خالد المصلح

السؤال:

فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم المشي بين القبور بالنعال ؟



الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد..

فإجابة عن سؤالك نقول:

من محاسن الشريعة أنها أمرت بصيانة القبور، وحفظها من الامتهان؛ إكراما لأهلها، فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا؛ فإن القبور دور ساكنيها، ففي صحيح مسلم (971) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر )) ، وفي جامع الترمذي (1052) عن جابر رضي الله عنه قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُجَصَّصَ القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ )) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، كل ذلك صيانة لحرمة أهل القبور، وأما المشي بالنعال بين القبور، فللعلماء في هذا قولان، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا بأس بأن يمشي الرجل بين نعليه بين القبور، واستدلوا لذلك بما في البخاري (1338) ومسلم (2870) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( العبد إذا وُضِعَ في قبره وتُولِّيَ، وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم )) فدل ذلك على جواز لبس النعال في القبور.

وذهب الإمام أحمد إلى كراهية المشي بالنعال بين القبور، واستحباب خلعها، واستدل لذلك بما جاء في المسند (20260) وأبي داود (3230) والنسائي (2048) وابن ماجة (1568) أن بشير بن الخصاصية قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على قبور المسلمين، فقال: (( لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا)) ثم مر على قبور المشركين فقال: (( لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا )) فحانت منه التفاتة، فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه فقال: (( يا صاحب السبتيتين ألقهما ))، والسبتيتان نوع من النعال، وهذا يدل على أن المشي بين القبور بالنعال مكروه.

وأجاب الجمهور عن هذا بأن الأمر بخلع النعلين لمعنى خارج عن محل الخلاف، و ذلك لكونه رأى في نعليه قذرا، أو لكون النعلين مما يكره لبسهما،؛ لكونهما من زِيِّ أهل التنعم والرفاهية.

والذي يظهر أن هذا تأويا بعيد، قال ابن القيم في تهذيب السنن (2/103): " ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر , والاتكاء عليه , والوطء عليه علم أن النهي إنما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رءوسهم "، فالأقرب من هذين القولين أن المشي بين القبور في غير الممرات المعدة للمشاة مكروه، والله أعلم.



أخوكم/ د.خالد المصلح

11/2/1429هـ

وهذا بحث كتبه الاخ الحبيب جاسم الشمري ذكرفيه
حكم المشي بين القبور بالنعال
اختلف الفقهاء في حكم المشي بين القبور بالنعال.
رجح الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى إباحة ذلك، إلا إذا كان في النعلين قذراً، فيكره حينئذٍ[1].
وهو مذهب أبي حنيفة[2]، ومالك[3]، والمشهور عند الشافعية[4]، ورواية عن أحمد[5].
وبه قال الحسن وابن سيرين والنخعي والثوري[6].
إلا أن المالكية جوَّزوا ذلك، ولو كان في النعلين قذراً[7].
حجتهم :
1. حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، يأتيه ملكان فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " قال : فأما المؤمن فيقول : آمنت أنه عبد الله ورسوله، فيقال له : أنظر إلى مقعدك في النار، قد أبدلك الله مقعدا في الجنة، فيراهما جميعا ... )[8].
وجه الدلالة :
الحديث يدل على جواز وإباحة لبس النعلين لزائر القبور، وللماشي بحضرتها، وبين ظهرانيها ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم عن الميت ( إنه ليسمع قرع نعالهم ) أي نعال المشيعين له إذا تولوا عنه بعد دفنه ، ظاهر في ذلك، إذ هو إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده وأن الناس من المسلمين سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة ، ولم ينه عنه ، فكان إقرارا منه صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان مكروها لبيَّنه[9].
2. عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( يا أبا عبد الرحمن ؛ رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا بن جريج ؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية ... فقال عبد الله بن عمر ... وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها؛ فأنا أحب أن ألبسها ... )[10].
وجه الدلالة :
إن لبس النبي صلى الله عليه وسلم للنعال السبتية، ومحبته لذلك، وإقتداء ابن عمر رضي الله عنهما به في ذلك ، يدل على جواز لبسها على كل حال ، ويدخل في ذلك العموم، لبسها في المقبرة[11].
3. ما روي عن جرير بن حازم رحمه الله تعالى أنه قال : ( رأيت الحسن وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما )[12].
وجه الدلالة :
أنه لم يكن من هدي السلف خلع نعالهم إذا مشوا بين القبور.
4. القياس :
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى : ( فلما كان دخول المساجد بالنعال غير مكروه [13]، وكانت الصلاة بها أيضاً غير مكروهة[14] ، كان المشي بها بين القبور أحرى أن لا يكون مكروها )[15].


وذهب فريق آخر من العلماء إلى منع المشي بين القبور بالنعال.
ثم اختلف هؤلاء بعد اتفاقهم على النهي ، في نوع النعل المنهي عنه ، وفي درجة النهي ؛ على أقوال :
الأول : أن النهي يشمل جميع أنواع النعل ، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو الكراهة.
وبه قال الإمام أحمد وهو المشهور من مذهبه[16]، وابن حبيب من المالكية[17]، وهو قول عند الشافعية[18] ؛ اختاره الحافظ ابن حجر[19].
الثاني : أن النهي يشمل جميع أنواع النعل، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو التحريم.
وبه قال الإمام الشوكاني[20].
الثالث : أن النهي خاص بالنعال السبتية[21]، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو الكراهة.
وبه قال الإمام النسائي[22] والقاضي أبو يعلى[23].
الرابع : أن النهي خاص بالنعال السبتية، وحكم لبسه والمشي به بين القبور هو التحريم.
وبه قال الإمام ابن حزم[24].
حجتهم :
1. عن بشير بن الخصاصية رضي الله عنه ؛ قال : بينا[25] أنا أماشي[26] النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي بين القبور عليه نعلان ، فقال له : يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك ، فنظر الرجل ، فلما عرف النبي صلى الله عليه وسلم ، خلعهما فرمى بهما )[27].
وجه الدلالة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ذلك الرجل بخلع نعليه ، وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين[28].
ـ فمن قال : بعموم النعل استدل بقوله ( عليه نعلان ) ، وفي لفظ آخر للحديث ( إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك )[29].
وعليه فلا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين ، لعدم الفارق بينها وبين غيرها.
ـ ومن قال بخصوص السبتيتين ؛ قال : انه عليه السلام إنما دعا ( صاحب سبتيتين ) بنص كلامه ، مع ما ورد من ( أنه يسمع قرع نعالهم ) ، الذي يدل على جواز لبس غير النعال السبتية[30].
وقال القاضي أبو يعلى : ذلك مختص بالنعال السبتية لا يتعداها إلى غيرها ، لأن الحكم معلل فلا يتعدى مورد النص[31].
ـ ومن حكم بكراهة هذا الفعل، حمل الأمر الوارد في الحديث على أدنى درجاته، وهي الندب ، فيكون خلع النعال مندوبا ، وترك المندوب المأمور به مكروه.
ـ وأما من حكم بحرمة المشي به بين القبور، فقال : الأصل في النهي التحريم، وكذا الأصل في الأمر الوجوب ، وتارك الواجب قد ارتكب محرماً.
2. ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع واحترام أموات المسلمين[32].


مناقشة الأدلة
أولا : مناقشة أدلة الإمام الطحاوي ومن وافقه.
1. حديث أنس رضي الله عنه : ( إنه ليسمع قرع نعالهم ..).
ـ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : ( وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة ، فإنه يدل على وقوع هذا منهم ، ولا نزاع في وقوعه وفعلهم إياه مع كراهيته )[33].
ـ وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: ( ولا دلالة فيه ، قال ابن الجوزي : ليس في الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر، وذلك لا يقتضى إباحة ولا تحريما )[34].
وأما قولهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وأقره فلو كان مكروها لبينه.
فأجيب عنه : بأنه يعكر عليه احتمال أن يكون المراد سماعه إياها بعد أن يجاوز المقبرة[35].
2. حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها؛ فأنا أحب أن ألبسها ).
فأجيب عنه :
بأنه ليس فيه دلالة على المدعى ، لأن ابن عمر رضي الله عنهما لم يذكر أنه يجوز لبسها بين القبور وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ويتوضأ فيها، وحتى لو ذكر ذلك لما كان فيه دلالة أيضا ، لأنه مجرد فعل وحديث بشير قول فيقدم عليه.
ثم إن حديث ابن عمر هذا فيه رد على من قال بجواز المشي بالنعال السبتية بين القبور.
وجه ذلك :
أنهم عللوا نهي النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب السبتيتين في حديث بشير، بأنها من لباس أهل الترف المنَعَّمين، لذا نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وخاصة في مثل هذا الموضع الذي يجب على العبد أن يتذكر الآخرة ..، فإذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها وهو أبعد الناس عمَّا ذُكر من العلة ، دل ذلك على بطلان تلك الدعوى ، وأن الأمر بخلعهما لأمر غير ذلك، وهو احترام أهل القبور.


3. أما أثر الحسن وابن سيرين رحمهما الله تعالى.
فأجيب عنه :
بأنه ليس بدليل شرعي يعتمد عليه في معرفة الأحكام ، وغاية ما فيه حكاية مذهبهما في جواز المشي بين القبور بالنعال.
ثم إن فعلهما يتطرقه الاحتمال، فلعلهما فعلا ذلك لعلة، من وجود شوك، أو شدة حر ونحوها من العلل التي اتفق القائلون بالمنع على جواز لبس النعل عند وجودها[36].
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : ( إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة )[37].
والعلة التي أشار إليها الإمام أحمد رحمه الله تعالى كالشوك والرمضاء ونحوهما،فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
4. وأما قياس جواز المشي بالنعال بين القبور على جواز لبسها في الصلاة ودخول المساجد بها؟
فأجيب عنه :
بأنه قياس معارض للنص ـ حديث بشير رضي الله عنه ـ وما كان كذلك فهو قياس فاسد ، لا يلتفت إليه.


5. ثانياً: مناقشة أدلة أصحاب المذهب الثاني.
1. حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه.
اعترض عليه سنداً ومتناً.
أ. أما من حيث السند :
فضعفه طائفة من العلماء ، وقالوا هو حديث مختلف فيه[38].
وأجيب عنه :
بأنه قد صححه كثير من أهل العلم ، فقد صححه الطحاوي[39] ، وقال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد )[40] ، وأقره ابن حجر[41].
وقال النووي : إسناده حسن[42].
واحتج به ابن حزم[43] ، وسكت عنه أبو داود والمنذري[44].
وقال ابن القيم : ( وأما تضعيف حديث بشير فمما لم نعلم أحدا طعن فيه، بل قد قال الإمام أحمد إسناده جيد ، وقال عبد الرحمن بن مهدي كان عبد الله بن عثمان يقول فيه حديث جيد ورجل ثقة )[45].
ب. وأما من حيث المتن : فاعترض عليه من وجهين :
الأول : بأنه معارض بحديث أنس السابق.
وأجاب عنه ابن القيم رحمه الله تعالى؛ بقوله : ( وأما معارضته بقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنه ليسمع قرع نعالهم ) ، فمعارضة فاسدة ، فإن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بالواقع؛ وهو سماع الميت قرع نعال الحي ، وهذا لا يدل على الإذن في قرع القبور، والمشي بينها بالنعال، إذ الإخبار عن وقوع الشيء، لا يدل على جوازه، ولا حكمه، فكيف يعارض النهي الصريح ؟ )[46].
الثاني : بأن النهي فيه كان لأحد أمور :
أ‌. لما فيهما من الخيلاء ؛ وذلك أن نعال السبت من لباس أهل التنعم والترفه، وأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي أهل التواضع، ولباس أهل الخشوع[47].
ونوقش هذا : بأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يلبس النعال السبتية، ويقول: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها، وهو حديث صحيح ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس في الدنيا، وأبعدهم عن مشابهة المترفين في لباسهم وأحوالهم، وفيه الأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم[48].
ب‌. وقال ابن حبان : ( يشبه أن تكون تلك[49] من جلد ميتة لم تدبغ ؟ فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد )[50].
وأجيب عنه :
بأنه تأويل بعيد لا داعي له ، ولا دليل عليه.
ت‌. وقال آخرون ومنهم الإمام الطحاوي[51] يحمل نهي الرجل المذكور، على أنه كان في نعليه قذر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى[52].
وأجيب عنه :
بأن هذه مجرد دعوى، لا دليل عليها في الحديث، لذا أغلظ ابن حزم رحمه الله تعالى في الرد على مدعي ذلك[53].
ومن ها هنا قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : ( وهذا ليس بشيء ولا ذكر في الحديث شيء من ذلك ، ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر والاتكاء عليه والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رؤوسهم ، ولهذا ينهى عن التغوط بين القبور، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجلوس على الجمر حتى تحرق الثياب خير من الجلوس على القبر ومعلوم أن هذا أخف من المشي بين القبور بالنعال، وبالجملة فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا، فإن القبر قد صار داره )[54].
وأما قول بعضهم بخصوصية السبتيتين.
فأجاب عنه ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله : ( وأغرب ابن حزم فقال يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها، وهو جمود شديد )[55].
وقال في موضع آخر : ( وليس ذكر السبتيتين للتخصيص، بل اتفق ذلك، والنهي إنما هو للمشي على القبور بالنعال )[56].
ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها[57].
وأما قول ابن حزم رحمه الله تعالى : يجوز وطأ القبور بالنعال التي ليست سبتية، لحديث إن الميت يسمع خفق نعالهم وخصص المنع بالسبتية، وجعل هذا جمعا بين الحديثين[58].
فأجيب عنه :
بأنه وهم ، لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة[59].


الترجيح :
مما تقدم من عرض الأدلة ومناقشتها، يترجح عندي كراهة المشي بين القبور بالنعال.
السبتية وغيرها في ذلك سواء، احتراماً لأهل القبور، وتوقيرا لهم.
إذ القول بمنع المشي بالنعال السبتية خاصة، فيه تعطيل لعلة الحديث وسبب وروده.
واستدلالهم بأن الميت يسمع قرع نعال المشيعين على عدم كراهة لبسه، هومن دلالة المفهوم،بينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب السبتيتين أن ينزعهما، هو من دلالة المنطوق،والمنطوق يقدم على المفهوم، والله تعالى أعلم.

[1]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 40 ـ 41.

[2]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 41 ، العيني ؛ عمدة القاري 8 / 146 ، الطحطاوي ؛ حاشيته على مراقي الفلاح 1 / 412.

[3]ينظر : الحطاب ؛ مواهب الجليل 2 / 253 ، عليش ؛ منح الجليل 1 / 529 ، الدردير ؛ الشرح الكبير 1 / 428 ، الدسوقي ؛ حاشيته على الشرح الكبير 1 / 428.

[4]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 279، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121 ، الشربيني ؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، البجيرمي ؛ الحاشية 1 / 495.

[5]ينظر : أبو عبد الله بن مفلح ؛ الفروع 2 / 236، المرداوي ؛ الإنصاف 2 / 551 ، أبو إسحاق بن مفلح ؛ النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر 1 / 212.

[6]ينظر : ابن أبي شيبة ؛ المصنف 3 / 65 ، ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، العيني ؛ عمدة القاري 8 / 146.

[7]ينظر : الدردير ؛ الشرح الكبير 1 / 428 ، الدسوقي ؛ حاشيته على الشرح الكبير 1 / 428.

[8]رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 448 ، مسلم ؛ الصحيح 4 / 2200.

[9]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137 ، ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206 ، العظيم آبادي عون المعبود 9 / 38.

[10]رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 73 ، مسلم ؛ الصحيح 2 / 844 ، أبو داود ؛ السنن 2 / 150 ، مالك ؛ الموطأ 1 / 333.

[11]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، ابن حجر ؛ فتح الباري 10 / 309.

[12]ينظر : ابن أبي شيبة ؛ المصنف 3 / 65.

[13]إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد، فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا، أو أذى، فليمسحه، وليصل فيهما ). رواه أبو داود ؛ السنن 1 / 175، ابن حبان ؛ الصحيح 5 / 560.

[14]ثبت ذلك في أحاديث كثيرة منها الحديث السابق ، ومنها ما رواه سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس ابن مالك: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ قال: نعم ). رواه البخاري ؛ الصحيح 1 / 151.

[15]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 43.

[16]ينظر : ابن الجوزي ؛ التحقيق في أحاديث الخلاف 2 / 19 ، الخرقي ؛ المختصر 1 / 43 ، ابن قدامة ؛ الكافي 1 / 275 ، ابن مفلح ؛ الفروع 2 / 236 ، المرداوي ؛ الإنصاف 2 / 551 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[17]ينظر : الحطاب ؛ مواهب الجليل 2 / 253.

[18]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 279، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121، الشربيني ؛ مغني المحتاج 1 / 354.

[19]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[20]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، السيل الجرار 1 / 370.

[21]السِبتيتين : بكسر السين نسبة إلى السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال لأنه سبت شعرها أي حلق وأزيل، وقيل لأنها انسبت بالدباغ أي لانت وأريد بهما النعلان المتخذان من السبت، ينظر : العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[22]حيث بوب في سننه على حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه : ( باب كراهية المشي بين القبور في النعال السبتية ) ، ثم بوب على حديث أنس رضي الله عنه : ( باب التسهيل في غير السبتية ). ينظر : النسائي ؛ السنن 4 / 96.

[23]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 39.

[24]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 136.

[25] قوله :( بينا ) أصله ( بين ) وأشبعت الفتحة، وقد تبقى بلا إشباع ويزاد فيها ( ما ) فتصير :( بينما ) ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجئة ، ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 2 / 359.

[26]قوله : ( أماشي ) أي : أمشي معه ، وهو من باب المفاعلة ، يقال : تماشيا تماشيا ، أي مشيا معا ، ينظر : العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[27]رواه أبو داود ؛ السنن 3 / 217، النسائي ؛ السنن 4 / 96 ، ابن ماجه ؛ السنن 1 / 499 ، ابن حبان ؛ الصحيح 7 / 442 ،الحاكم ؛ المستدرك 1 / 529، البيهقي ؛ السنن الكبرى 4 / 80.

[28]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136.

[29]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[30]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[31]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 39.

[32]ينظر : ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[33] ينظر :ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223.

[34]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[35]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[36]ينظر : ابن قدامة ؛ الكافي 1 / 275 ، ابن مفلح ؛ الفروع 2 / 236، المرداوي؛ الإنصاف 2 / 551 ، البهوتي ؛ كشاف القناع 2 / 141.

[37]ينظر : ابن قدامة ؛ المغني 2 / 223 ، ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[38]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، البيهقي ؛ السنن الكبرى 4 / 80 ، ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[39]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 41.

[40]ينظر : الحاكم ؛ المستدرك 1 / 529.

[41]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[42]ينظر : النووي ؛ المجموع 5 / 280.

[43]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 136.

[44]ينظر : المباركفوري ؛ تحفة الأحوذي 4 / 131.

[45]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[46]ينظر : ابن القيم ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 36.

[47]ينظر : النووي؛ المجموع 5 / 280 ، العيني؛ عمدة القاري 8 / 146، السندي؛ حاشية سنن النسائي 4 / 96 ، الشربيني؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، الدمياطي؛ إعانة الطالبين 2 / 121، الشوكاني؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 36.

[48]ينظر : ابن عبد البر ؛ التمهيد 21 / 78 ، الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي؛ عون المعبود 9 / 38.

[49]أي النعال السبتية.

[50]ينظر : ابن حبان ؛ الصحيح 7 / 442.

[51]ينظر : الطحاوي ؛ شرح معاني الآثار 2 / 40.

[52]ينظر : البيهقي السنن الكبرى 4 / 80 ، النووي ؛ المجموع 5 / 280 ، الشربيني؛ مغني المحتاج 1 / 354 ، الدمياطي ؛ إعانة الطالبين 2 / 121، العظيم آبادي؛ عون المعبود 9 / 36.

[53]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[54]ينظر : ابن قيم الجوزية ؛ تهذيب سنن أبي داود 9 / 37 ـ 38.

[55]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 3 / 206.

[56]ينظر : ابن حجر ؛ فتح الباري 10 / 309.

[57]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 37 ، المباركفوري ؛ تحفة الأحوذي 4 / 132.

[58]ينظر : ابن حزم ؛ المحلى 5 / 137.

[59]ينظر : الشوكاني ؛ نيل الأوطار 4 / 136 ، العظيم آبادي ؛ عون المعبود 9 / 37
واخيرا هذه
مجموعة من أقوال أهل العلم في المسألة



قال الحافظ ابن حجر(فتح الباري)عن حديث (وَأَنَّهُ لِيَسْمَع خَفْق نِعَالهمْ)الحديث


وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ ، وَلَا دَلَالَة فِيهِ . قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : لَيْسَ فِي الْحَدِيث سِوَى الْحِكَايَة عَمَّنْ يَدْخُل الْمَقَابِر ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيمًا اِنْتَهَى . وَإِنَّمَا اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اِسْتَدَلَّ عَلَى الْإِبَاحَة أَخْذًا مِنْ كَوْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَأَقَرَّهُ فَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَبَيَّنَهُ ، لَكِنْ يُعَكِّر عَلَيْهِ اِحْتِمَال أَنْ يَكُون الْمُرَاد سَمَاعه إِيَّاهَا بَعْد أَنْ يُجَاوِز الْمَقْبَرَة ، وَيَدُلّ عَلَى الْكَرَاهَة حَدِيث بَشِير بْن الْخَصَاصِيَةِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْن الْقُبُور وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ سِبْتِيَّتَانِ فَقَالَ : يَا صَاحِب السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ نَعْلَيْك " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم . وَأَغْرَبَ اِبْن حَزْم فَقَالَ : يَحْرُم الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ السِّبْتِيَّة دُون غَيْرهَا ، وَهُوَ جُمُود شَدِيد . وَأَمَّا قَوْل الْخَطَّابِيّ يُشْبِه أَنْ يَكُون النَّهْي عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْخُيَلَاء فَإِنَّهُ مُتَعَقَّب بِأَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَلْبَس النِّعَال السِّبْتِيَّة وَيَقُول " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسهَا " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه . وَقَالَ الطَّحَاوِيّ : يُحْمَل نَهْي الرَّجُل الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَعْلَيْهِ قَذَر ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ مَا لَمْ يَرَ فِيهِمَا أَذًى .



قَالَ الْعَيْنِيّ (نقلا عن عون المعبود)

إِنَّمَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِالْخَلْعِ اِحْتِرَامًا لِلْمَقَابِرِ ، وَقِيلَ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيه وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّ أَمْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَلْعِ لَا لِكَوْنِ الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ مَكْرُوهًا ، وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَذَرًا فِيهِمَا يُقَذِّر الْقُبُور أَمَرَ بِالْخَلْعِ اِنْتَهَى .


قال الطحاوي(شرح معاني الآثار)
بَابُ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، قَالَ : ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ سَمِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ فِي نَعْلَيْنِ ، فَقَالَ : وَيْحَك يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ، قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : ثنا وَكِيعٌ ، عَنْ الْأَسْوَدِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَكَرِهُوا الْمَشْيَ بِالنِّعَالِ بَيْنَ الْقُبُورِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ بِخَلْعِ النَّعْلَيْنِ ، لَا لِأَنَّهُ كَرِهَ الْمَشْيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ ، لَكِنْ لِمَعْنًى آخَرَ ، مِنْ قَذَرٍ رَآهُ فِيهَا ، يُقَذِّرُ الْقُبُورَ .
وَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى وَعَلَيْهِ نَعْلَاهُ ، ثُمَّ أُمِرَ بِخَلْعِهِمَا فَخَلَعَهُمَا ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ ، وَلَكِنَّهُ لِلْقَذَرِ الَّذِي كَانَ فِيهِمَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ .
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الْمُؤْمِنِ إذَا دُفِنَ فِي قَبْرِهِ { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِكُمْ حِينَ تُوَلُّونَ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ .
مِثْلَهُ .
فَهَذَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، إذَا كَانَ مَعْنَاهُ ، عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى .
وَلَكِنَّا لَا نَحْمِلُهُ عَلَى الْمُعَارَضَةِ ، وَنَجْعَلُ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ ، فَنَجْعَلُ النَّهْيَ الَّذِي كَانَ فِي حَدِيثِ بَشِيرٍ ، لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي النَّعْلَيْنِ ، لِئَلَّا يُنَجِّسَ الْقُبُورَ ، كَمَا قَدْ نُهِيَ أَنْ يُتَغَوَّطَ عَلَيْهَا ، أَوْ يُبَالَ .
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْمَشْيِ بِالنِّعَالِ الَّتِي لَا قَذَرَ فِيهَا بَيْنَ الْقُبُورِ .
فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ ، مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ .
وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ ، مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَعْلَيْهِ ، وَمِنْ خَلْعِهِ إيَّاهُمْ فِي وَقْتِ مَا خَلَعَهُمَا لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِمَا ، وَمِنْ إبَاحَةِ النَّاسِ الصَّلَاةَ فِي النِّعَالِ .
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ : قَالَ : ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : { خَلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْلَيْهِ ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَخَلَعَ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ ؟ قَالُوا : رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا .
فَقَالَ إنَّ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا قَذَرًا ، فَخَلَعْتُهُمَا لِذَلِكَ ، فَلَا تَخْلَعُوا نِعَالَكُمْ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَزْدِيِّ ، قَالَ : { سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ ، أَنَّ { عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ .
فَقَالَ أَبُو مُوسَى : تَقَدَّمَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَإِنَّك أَقْدَمُ سِنًّا ، وَأَعْلَمُ .
فَقَالَ : تَقَدَّمَ أَنْتَ ، فَإِنَّمَا أَتَيْنَاك فِي مَنْزِلِك وَمَسْجِدِك ، فَأَنْتَ أَحَقُّ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ .
فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ : مَا أَرَدْتَ إلَى خَلْعِهِمَا أَبِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى أَنْتَ ؟ لَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْخُفَّيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ ، فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى أَوْ قَذَرٌ ، فَلْيَمْسَحْهُمَا ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ { رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : كُنْت جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ نَهَيْت النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا فِي نِعَالِهِمْ ؟ فَقَالَ : مَا فَعَلْت ، غَيْر أَنِّي وَرَبِّ هَذِهِ الْحُرْمَةِ ، رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَأَنَّ نَعْلَيْهِ عَلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : أَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ زِيَادٍ الْحَادِي ، قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ، قَالَ : { قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صَلَّى حَافِيًا وَمُتَنَعِّلًا } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ حُرَيْثٍ يَقُولُ : { رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ } .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا وَهْبٌ ، وَأَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَا : ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ فِي حَدِيثِ وَهْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ ، قَالَ : { سَمِعْت رَجُلًا جَدُّهُ أَوْسُ بْنُ أَبِي أَوْسٍ ، قَالَ : كَانَ جَدِّي يُصَلِّي فَيَأْمُرُنِي أَنْ أُنَاوِلَهُ نَعْلَيْهِ ، فَيَنْتَعِلَ وَيَقُولَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ } .
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا وَهْبٌ ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرَةَ ، عَنْ وَهْبٍ .
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الطَّائِفِيَّ ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ ، أَوْ أَوْسِ بْنِ أُوَيْسٍ ، قَالَ : { أَقَمْت عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ شَهْرٍ ، فَرَأَيْته يُصَلِّي وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مُقَابِلَتَانِ } .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو رَبِيعَةَ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ فَيْرُوزَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ { وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : فَرَأَيْنَاهُ يُصَلِّي ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مُقَابِلَتَانِ } .
فَلَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِالنِّعَالِ غَيْرَ مَكْرُوهٍ ، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ بِهَا أَيْضًا غَيْرَ مَكْرُوهَةٍ ، كَانَ الْمَشْيُ بِهَا بَيْنَ الْقُبُورِ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مَكْرُوهًا .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى .

قال الانصاري(شرح البهجة الوردية)
أَيْ وَلَا بَأْسَ بِمَشْيِ ( مُتَنَعِّلٍ بِمَقْبَرَةٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { الْعَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى يَسْمَعَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ } الْحَدِيثَ وَأَجَابُوا عَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ : رَآهُ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَك أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك فَخَلَعَهُمَا } بِأَنَّهُ كَرِهَهُمَا لِمَعْنًى فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ هِيَ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ ، وَهِيَ لِبَاسُ أَهْلِ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ فَنَهَى عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْخُيَلَاءِ فَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ الْمَقَابِرَ عَلَى زِيِّ التَّوَاضُعِ وَلِبَاسِ أَهْلِ الْخُشُوعِ وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ وَالنَّهْيُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِلتَّنْزِيهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ عِنْدَ الْقُبُورِ


قال البهوتي(شرح منتهى الإرادات)

( وَسُنَّ خَلْعُهُ ) (النعل)إذَا دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ .
لِحَدِيثِ { بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ ، أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا ، فَرَمَى بِهِمَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَقَالَ أَحْمَدُ : إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتِرَامًا لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ .
( إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ ) كَحَرَارَةِ الْأَرْضِ أَوْ بُرُودَتِهَا ، فَلَا يُكْرَهُ لِلْعُذْرِ ، وَلَا يُسَنُّ خَلْعُ خُفٍّ لِأَنَّهُ يَشُقُّ ، وَعَنْ أَحْمَدَ : أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّهُ وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَهُ أَوْلَى مِنْ شَرْحِهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ أَوَّلًا وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ .
جوزيت خيرا اخي عماد على الاضافة القيمة
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 09-05-2009, 01:43 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-10-2009, 11:37 PM
خلف الشهيد خلف الشهيد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 8
افتراضي

بارك الله فيكم على هذا الإيضاح
أنا أعلم أنه أمر تعبدي:
لكن بالفعل هل الحكمة هو حفظ كرامة الأموات من المسلمين؟
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 10-11-2009, 07:58 PM
أبو عبد الله يربح أبو عبد الله يربح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 73
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أشكر الأخ الفاضل على موضوعه الطيب و لي سؤال في الموضوع أرجو ممن كان له علم أن ينفعنا
السؤال هل يشترط نزع الجوارب أيضا بين القبور أم يكفي نزع الحذاء فقط دون الجوارب
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.