أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
4257 163566

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-12-2013, 02:47 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي ما حكم المال المنذور لسدنة القبور؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم 604 - 605:
فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك، فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواء كانت البقعة شجرة أو عين ماء أو قناة جارية، أو جبلا، أو مغارة، وسواء قصدها ليصلي عندها، أو ليدعو عندها، أو ليقرأ عندها، أو ليذكر الله سبحانه عندها، أو ليتنسك عندها، بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به لا عينا ولا نوعا. وأقبح من ذلك أن ينذر لتلك البقعة دهنا لتنور به، ويقال: إنها تقبل النذر، كما يقول بعض الضالين. فإن هذا النذر نذر معصية باتفاق العلماء، ولا يجوز الوفاء به، بل عليه كفارة عند كثير من أهل العلم، منهم أحمد في المشهور عنه، وعنه رواية هي قول أبي حنيفة والشافعي وغيرهما: أنه يستغفر الله من هذا النذر، ولا شيء عليه، والمسألة معروفة.النذر لتلك البقاع ونحوها وللسدنة، نذر معصية.
وكذلك إذا نذر طعاما من الخبز أو غيره للحيتان التي في تلك العين، أو البئر. وكذلك إذا نذر مالا من النقد أو غيره للسدنة، أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة، فإن هؤلاء السدنة فيهم شبه من السدنة التي كانت لللات والعزى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله، والمجاورون هناك فيهم شبه من العاكفين الذين قال لهم إبراهيم الخليل إمام الحنفاء، صلى الله عليه وسلم: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون}، وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} والذين أتى عليهم موسى عليه السلام وقومه، كما قال تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم}.
فالنذر لأولئك السدنة والمجاورين في هذه البقاع التي لا فضل في الشريعة للمجاور بها، نذر معصية، وفيه شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورين عندها، أو لسدنة الأبداد التي بالهند، والمجاورين عندها.
ثم هذا المال المنذور، إذا صرفه في جنس تلك العبادة من المشروع، مثل أن يصرفه في عمارة المساجد، أو للصالحين من فقراء المسلمين، الذين يستعينون بالمال على عبادة الله وحده لا شريك له- كان حسنا. فمن هذه الأمكنة ما يظن أنه قبر نبي، أو رجل صالح، وليس كذلك، أو يظن أنه مقام له، وليس كذلك. فأما ما كان قبرا له أو مقاما، فهذا من النوع الثاني.اهـ
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - معلقا : وإذا صرفه في هذا هل عليه كفارة يمين؟
الجواب : لا، بلا شك حتى على القول أن نذر المعصية فيه كفارة يمين ، إذا صرفه في هذا فليس عليه شيء ؛ لأن أدنى ما نقول فيه أنه يشبه إذا نذر شيئا واختار أفضل منه ، وهذا جائز بنص الحديث ، فإن رجلا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إني نذرت إذا فتح الله عليك في مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال : صل ها هنا .
فعلى هذا إذا نذر في هذه الأشياء التي ذكرها الشيخ ثم صرفه إلى جنسها مما شرعه الله ورسوله ليس عليه كفارة بلا إشكال.اهـ

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-12-2013, 10:11 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي حكم الكسب من الأضرحة وزيارة القبور


حكم الكسب من الأضرحة وزيارة القبور
وَسُئِلَ أيضا - رَحِمَهُ اللَّهُ - :

عَنْ هَؤُلَاءِ " الزَّائِرِينَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ " كَقَبْرِ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِ فَيَأْتُونَ إلَى الضَّرِيحِ وَيُقَبِّلُونَهُ وَالْقُوَّامُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْ مَنْ جَاءَ يَأْتُونَهُ وَيَجِيئُونَ بِهِ إلَى الضَّرِيحِ فَيُعَلِّمُونَهُمْ ذَلِكَ وَيُقِرُّونَهُمْ عَلَيْهِ . فَهَلْ هَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَرَسُولُهُ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ وَأَجْرٌ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ هُوَ مِنْ الدِّينِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَ أُنَاسٌ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ الدِّينِ وَيَفْعَلُونَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُنْهَوْا عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ اسْتَحَبَّ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا كَانَ فِي الْقُوَّامِ أَوْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَوْ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ يُقِرُّ عَلَيْهِ لِأَجْلِ جُعْلٍ يَأْخُذُهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى مَنْعِ هَؤُلَاءِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَصْرِفَ عَنْ الْوِلَايَةِ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ مِنْهُمْ أَمْ لَا ؟ وَالْكَسْبُ الَّذِي يَكْسِبُهُ النَّاسُ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ هَلْ هُوَ كَسْبٌ طَيِّبٌ أَوْ خَبِيثٌ ؟ وَهَلْ يَسْتَحِقُّونَ مِثْلَ هَذَا الْكَسْبِ . أَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ إلَى جَانِبِ " مَسْجِدِ الْخَلِيلِ " السَّمَاعُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ " النَّوْبَةُ الْخَلِيلِيَّةُ " وَيُقَامُ عِنْدَ ذَلِكَ سَمَاعٌ يَجْتَمِعُونَ لَهُ - الْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ وَفِيهِ الشَّبَّابَةُ أَمْ لَا ؟ وَاَلَّذِي يُصَفِّرُ بِالشَّبَّابَةِ مُؤْذِنًا بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَفْسُقُ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ إذَا لَمْ يَنْتَهِ يَصْرِفُهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ هَذِهِ النَّوْبَةَ الْمَذْكُورَةَ إلَى مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ الرَّقْصُ فِيهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ أَمْ لَا ؟ .
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ وَلَا رَسُولَهُ وَلَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ بِتَقْبِيلِ شَيْءٍ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَلَا التَّمَسُّحِ بِهِ لَا قَبْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا قَبْرِ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا قَبْرِ غَيْرِهِمَا ؛ بَلْ وَلَا بِالتَّقْبِيلِ وَالِاسْتِلَامِ لِصَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ مِنْ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بَلْ إنَّمَا يُسْتَلَمُ الرُّكْنَانِ الْيَمَانِيَّانِ فَقَطْ ؛ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَلِمْ إلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ " وَلَمْ يُقَبِّلْ إلَّا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ . وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الشَّامِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمَانِ وَلَا يُقَبَّلَانِ . وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْيَمَانِيَّيْنِ يُسْتَلَمَانِ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى تَقْبِيلِ الْأَسْوَدِ . وَتَنَازَعُوا فِي تَقْبِيلِ الْيَمَانِيِّ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ . قِيلَ : يُقَبَّلُ . وَقِيلَ : يُسْتَلَمُ وَتُقَبَّلُ الْيَدُ . وَقِيلَ يُسْتَلَمُ وَلَا تُقَبَّلُ الْيَدُ . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ الثَّابِتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَلَمَهُ وَلَمْ يُقَبِّلْهُ وَلَمْ يُقَبِّلْ يَدَهُ لَمَّا اسْتَلَمَهُ وَلَا أَجْرَ وَلَا ثَوَابَ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ ؛ فَإِنَّ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ إمَّا وَاجِبَةٌ وَإِمَّا مُسْتَحَبَّةٌ . فَإِذَا كَانَ الِاسْتِلَامُ وَالتَّقْبِيلُ لِهَذِهِ الْأَجْسَامِ لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ وَلَا ثَوَابٌ وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ وَيُثَابُ فَهُوَ جَاهِلٌ ضَالٌّ مُخْطِئٌ كَاَلَّذِي يَعْتَقِدُ : أَنَّهُ يُؤْجَرُ وَيُثَابُ إذَا سَجَدَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : وَاَلَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُؤْجَرُ وَيُثَابُ إذَا دَعَاهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَاَلَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُؤْجَرُ وَيُثَابُ إذَا صَوَّرَ صُوَرَهُمْ - كَمَا يَفْعَلُ النَّصَارَى - وَدَعَا تِلْكَ الصُّوَرَ وَسَجَدَ لَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً بَلْ هِيَ إمَّا كُفْرٌ وَإِمَّا جَهْلٌ وَضَلَالٌ .
وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مِنْ الدِّينِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا مِنْ الدِّينِ وَفَعَلَهُ وَجَبَ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ وَلَمْ يَسْتَحِبَّ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ .
وَمَنْ أَمَرَ النَّاسَ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ رَغَّبَهُمْ فِيهِ أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْقُوَّامِ أَوْ غَيْرِ الْقُوَّامِ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَنْعُهُ مِنْهُ . وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى مَنْعِ هَؤُلَاءِ وَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ تَعْزِيرًا يَرْدَعُهُ . وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْقِيَامَةِ وَلَا يُتْرَكُ مَنْ يَأْمُرُ النَّاسَ بِمَا لَيْسَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالْكَسْبُ الَّذِي يَكْسِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ خَبِيثٌ مِنْ جِنْسِ كَسْبِ الَّذِينَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَأْخُذُونَ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا وَمِنْ جِنْسِ كَسْبِ سَدَنَةِ الْأَصْنَامِ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالشِّرْكِ وَيَأْخُذُونَ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ أَسْبَابِ الشِّرْكِ وَدَوَاعِيهِ وَأَجْزَائِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ } رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " { لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ } يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ : وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ ؛ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ : " { إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ } وَفِي الْمُسْنَدِ وَصَحِيحِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ } .
وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ . وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يُسَافِرُونَ إلَى " قَبْرِ الْخَلِيلِ " وَلَا غَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَلَا سَافَرُوا إلَى زِيَارَةِ " جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ وَهُوَ الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ وَالْوَادِي الْمُقَدَّسُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَكَلَّمَ عَلَيْهِ كَلِيمَهُ مُوسَى بَلْ وَلَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ يَزُورُونَ " جَبَلَ حِرَاءَ " الَّذِي نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَلَمْ يَكُونُوا يَزُورُونَ بِمَكَّةَ غَيْرَ الْمَشَاعِرِ - كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ - فِي الْحَجِّ . وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْصِدُ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ؛ لَا قَبْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا قَبْرِ الْخَلِيلِ وَلَا غَيْرِهِمَا .
وَلِهَذَا ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ كَمَالِكِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ " بَلْ كَانُوا إذَا أَتَوْا إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : كَانَ يَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ : السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتْ - ثُمَّ يَنْصَرِفُ . وَمَنْ اكْتَسَبَ مَالًا خَبِيثًا : مِثْلُ هَذَا الَّذِي يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْبِدَعِ وَيَأْخُذُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنَّ وُلَاةَ الْأُمُورِ يَأْخُذُونَهُ مِنْ هَذَا الَّذِي أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَصَدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ؛ وَيَصْرِفُونَهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَيُؤْخَذُ الْمَالُ الَّذِي أُنْفِقَ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فَيُنْفَقُ فِي طَاعَةِ الرَّحْمَنِ .
" وَأَمَّا السَّمَاعُ " الَّذِي يُسَمُّونَهُ : نَوْبَةَ الْخَلِيلِ فَبِدْعَةٌ بَاطِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَلَا الصَّحَابَةُ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ فَعَلُوا عِنْدَ الْخَلِيلِ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَلَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خُلَفَاؤُهُ بَلْ هَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ إحْدَاثِ النَّصَارَى ؛ فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ نَقَبُوا حُجْرَةَ الْخَلِيلِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَسْدُودَةً لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ إلَيْهَا . وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ إحْدَاثِ بَعْضِ جُهَّالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ هُنَاكَ رَقْصٌ وَلَا شَبَّابَةٌ وَلَا مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى حُضُورِ ذَلِكَ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَغَيْرِهِ قَدَحَ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-12-2013, 11:22 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي

قال الشيخ عبد المحسن العباد - حفظه الله - :
....وهذا المعنى الذي ذكره الشوكانيُّ رحمه الله من الافتتان بالقبور وتحبيس الأموال عليها وعمل النذور لها نَظَمه الشاعر المصري حافظ إبراهيم المتوفى سنة (1351هـ) فقال يَصف واقعَ المسلمين المؤلِم:
أحياؤنا لا يُرزقون بدرهم ... وبألفِ ألفٍ تُرزَقُ الأمواتُ
مَن لِي بِحَظِّ النَّائِمين بِحفرة ... قامت على أحجارها الصلواتُ
يسعى الأنام لَها ويجري حولَهَا ... بَحْرُ النذور وتُقرأالآياتُ
ويُقال هذا القطب باب المصطفى ... ووسيلةٌ تقضَى بها الحاجاتُ
وإذا تأمَّل العاقلُ ما ورد عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة في تحريم البناء على القبور واتخاذها مساجد، وإجماع أهل العلم على ذلك وما نُقل عنهم في ذلك، ولا سيما قول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها"، ثم نظر في كلام الكاتب عن العيدروس ووَصفه بأنَّه بركة عدَن وحضرموت، وتنويهه بمشهده وبناء قُبَّته، ووصفها بأنَّها مباركة، تبيَّن له الفرقُ بين الحقِّ والباطل، والهُدى والضلال، ومَن يدعو إلى الجَنَّة ومَن يدعو إلى النار!!
وإنِّي أنصَحُ الأستاذ الرفاعي والدكتور البوطي أن يتَّقوا الله في أنفسِهم وفي المسلمين، فلا يكونون عوناً لهم على الافتتان بالقبور، بل يكونون عوناً لهم على الهداية إلى الصراط المستقيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً"، رواه مسلم.اهـ من كتاب الرد على الرفاعي والبوطي في كذبهما على أهل السنة ودعوتهما إلى البدع والضلال
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.