04-02-2021, 04:33 PM
|
مشرفة
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
|
|
اللِّقـاء الحادي عشر
(19 شعبان 1441 هـ)
[كلمة افتِتاحيَّة] إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ -لَا شَرِيكَ لَهُ-.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
وَبَعْدُ:
فأكرِّر -كلَّ مرَّة- ترحيبي ودُعائي للإخوة -طلبة العلم والمشاركين معنا-جميعًا- في هذه اللِّقاءات العِلميَّة التي نتداول فيها العلمَ ومسائلَه ودلائلَه ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
والله -عزَّ وجلَّ- يقول: ﴿وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
نُحسِّن نيَّاتِنا، ونُجاهد أنفسَنا، ونَصبر ونتصبَّر ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، وما أجمل ما قاله بعض أئمة السَّلف الذين نتشبَّه بهم، ونتمثَّل نهجَهم- قال: «طلبتُ العلمَ لغير الله؛ فأبى أن يكون إلا لله».
كلُّ بداية يكون فيها خلل، ويكون فيها نقص، ويكون فيها تقصير؛ لكنَّ الاستماع لنُصوص الشَّرع الحكيم -كتابًا وسُنَّة-، والاستجابةَ لأمر الله -تعالى- وسُنَّة رسول الله ﷺ؛ أمورٌ كافية لِرَدع الإنسان عمَّا يُخالِف فيه الشَّرع، وقمْعِه عن شهواتِه وشبُهاته التي تَحرِفه هنا أو هناك أو هنالك.
هذه كُلَيمة أحببتُ أن أذكرها، وأن أذكِّر بها بين يدي اللِّقاء.
1. السُّؤال:
ما الفرق بين العُقوبة والابتلاء؟
الجواب:
العقوبة لا تكون إلا جزاءً على عمل سيِّئ.
لكن الابتلاء: قد يكون كذلك، وقد لا يكون كذلك.
فكلُّ عقوبةٍ ابتلاء، وليس كلُّ [ابتِلاء عقوبة]؛ لأنَّ الابتلاءَ قد يُصيب أهلَ الإيمان -كما أصاب بعضَ الأنبياء-؛ لكن: العقوبة لا تكون إلا على أهل الشَّرِّ والْخَلل في الدِّين.
2. السُّؤال:
هل هناك نيَّة لشرحِ كتابِك: «علم أصول البِدَع»؟
الجواب:
الحقيقة؛ لا توجد نيَّة -للأسف-.
وأنا كنتُ عقدتُ بعض الدَّورات -قديمًا- في شرح فصولٍ مِن الكتاب؛ لكن أن أشرحَه في كتابٍ آخر؛ ليس كذلك.
والكتاب -لِمَن لا يَعرف- مضى على تأليفِه ثلاثون عامًا، ونسأل الله أن يتقبَّل منَّا ومنكم، وأن يُثبِّتَنا على الإيمان، وأن يُحسِنَ خواتيمَنا -بِمَنِّه-تعالى-وكرمِه-.
3. السُّؤال:
هل يجوز قول: (آمين! يا ربَّ العالمين)؟
الجواب:
السُّؤال مُبهَم!
إذا قَصد: هل يجوز هذا القول في الصَّلاة؟ فنقول: لا يجوز؛ الأصل أن تقول: (آمين).
أمَّا في خارج الصَّلاة: فالأمر فيه سَعة؛ لأنها دعاء عامٌّ، عندما تقول: (آمين)؛ بمعنى: (اللَّهم! استَجِب)، وإذا قلت: (آمين! يا ربَّ العالمين) هو توكيدٌ للنِّداء والدُّعاء الإلهي.
أمَّا في الصَّلاة؛ فالأصل عدم التَّوسُّع في هذه الألفاظ.
4. السُّؤال:
ما رأيُكم في كتاب «الانتِصار للتَّدمريَّة» ومؤلِّفه؟
الجواب:
كتاب «الانتِصار للتَّدمريَّة»: كتاب جيِّد، وجزى الله مؤلِّفَه خيرًا، وإن كنتُ أنا -شخصيًّا- لا أعرفه، ولا يضرُّه عدمُ معرفتي؛ كتابُه حَسَن..[..انقطاع..]... والله الموفِّق على كلِّ حال.
5. السُّؤال:
ما حكم خَتم القرآن بقراءة صفحتَين كل يوم، وتكون القراءة بين عدد مِن الأشخاص؟
الجواب:
إذا كان ذلك في مجلس واحد، وللتَّعليم؛ هنالك مُرشِد يُعلِّم النَّاس، ويَسمع بعضُهم تلاوةَ بعض؛ لا بأس؛ وهذا شيء طيِّب.
أمَّا إذا كان هذا مُتعلقًا بالتَّعبُّد، وبخاصَّة يقع في قلبي أن السُّؤال على ما يَجري في بعض صفحات الإنترنت! فنقول: لا.
يعني: لو أنَّكم جعلتم ذلك مِن باب التَّذكير -يُذكِّر بعضكم بعضًا-؛ حسَن.
أمَّا أن تظنَّ أنَّك إذا قرأ صاحبُك آيتَين -أو صفحتَين-، وقرأ الآخَر صفحتين؛ أنَّك تَدخُل في الخَتم! كلٌّ يَختم على حِدة، نعم؛ السَّماع له أجرُه؛ لكن ليس كأجرِ القراءة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
6. السُّؤال:
هل من الممكن أن تدُلّني على طريق يُلهمني الله فيه الصَّبر؟
الجواب:
الله -سُبحانهُ وتَعالى- يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.
عليك بالدُّعاء، والتَّضرُّع إلى الله، والصَّبر على مقدورِه -سُبحانهُ وتَعالى-، والأخذ بالأسباب، وسوء الظنِّ بالنَّفس، وحُسن الظَّنِّ بِربِّ العالمين -خالق كل شيء-، والإكثار مِن (لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله)، والصَّلاة على النَّبي ﷺ، وكثرة الاستغفار..؛ هذه -كلُّها-إن شاء اللهُ- عوامل تُعينك على الصَّبر.
والله يُصبّرنا وإيَّاك والمسلمين -أجمعين-.
7. السُّؤال:
هل الأعمال والآداب الخاصَّة بيوم الجمعة تبقى في ظرفِنا الحالي؟ [يقصد: على اعتبار أنَّه -الآن- لا توجد مساجد -في كثير من الدُّول الإسلاميَّة- تُقام فيها الجمعة من أجل موضوع الكورونا..]
الجواب:
..هنالك أشياء مُتعلِّقة بيوم الجمعة -من حيث هو-، وهنالك أشياء متعلِّقة بصلاة الجمعة والذَّهاب إلى المسجد.
مثلًا: الاغتسال: مُتعلِّق بالجمعة التي تأتيها إلى المسجد.
الصَّلاة على النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- مُتعلِّق بيوم الجمعة.
الدُّعاء في آخِر ساعة من يوم الجمعة مُتعلِّق بيوم الجمعة.
فما كان مُتعلِّقًا بالصَّلاة غير ما كان متعلِّقًا باليوم.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
8. السُّؤال:
ما حكم الصَّبغة السَّوداء؟
الجواب:
الصَّبغة السَّوداء مسألة اختلف فيها أهل العِلمِ: بعض العُلماء يقول: مكروهة كراهة تنزيهيَّة، وبعضهم يقول: مكروهة كراهة تحريميَّة، وبعضهم يقول: جائزة؛ لأن النَّهي عن السَّواد ليس هو نهيًا عن اللَّون؛ وإنَّما نهيٌ عن النَّوع؛ هنالك نبات اسمُه (السَّواد) -وليس لونًا هو السَّواد-هذا أولًا-.
الأمر الثَّاني: أن الأَسْود شيءٌ والقاتِم شيء آخر، فالكَتَم وهو نَبتةٌ -التي كان يَخضِب بها النَّبي ﷺ- غامقة وقاتِمة؛لكنَّها ليست سوداء.
إذن: ليس كل قاتِم أَسْود؛ بينما كلُّ أسوَدٍ قاتِم.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.
9. السُّؤال:
ما سببُ عدم اشتغالِ المحدِّثين بكُتب التَّفسير -بخلاف كتب الحديث-؟
الجواب:
لا؛ بالعكس!
اشتغلَ المحدِّثون في كُتب التَّفسير: هنالك كتاب (تخريج أحاديث البيضاوي)، وهنالك كتاب (تخريج الطَّبري) للشَّيخ أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر، هنالك كتب مُتعدِّدة لأهل العِلمِ في تخريج الأحاديث؛ مثلًا: كتاب «الدُّر المنثور» كلُّه تخريج أحاديث، نعم؛ قد لا يَحكم على البعض منها؛ لكن هو -أيضًا- يُفيد في هذا الباب -جدًّا-.
كذلك: (تفسير ابن كثير) بالمأثور، الآن يوجد عدَّة طبعات لتفسير ابن كثير فيها تخريج لأحاديثِها.
فإذن: موجودٌ هذا التَّخريج لِكتب التَّفسير، وإن كان الاهتمام بِكتب الحديث أكثر.
ولو نَظرنا إلى الأحاديث الموجودة في كتب التَّفسير؛ نراها هي هي الموجودة في كتب الحديث، وقد خدمها أهلُ العِلمِ -أو خدموا أكثرها-.
10. السُّؤال:
كيف التَّدرُّج لفهم أو معرفة علم الحديث؟
الجواب:
ابتداءً: يقرأ كتابًا في علوم الحديث لمؤلِّف مُعاصِر؛ مثل: كتاب «علوم الحديث ومصطلحه» للدُّكتور صبحي الصَّالح، كتاب مُعاصر، وأسلوبُه لطيف وسهل.
ثم ينتقل -مثلًا- إلى «نزهة النَّظَر» وبعض ما عليها من حواشٍ أو شُروح؛ مثل: كتاب العبد الضَّعيف الذي هو «النُّكَت على نُزهة النَّظَر».
ثم ينتقل إلى كتاب «الباعث الحثيث» للإمام ابن كثير -رحمه اللهُ-تعالى-.
ثم -إذا توسَّع قليلًا- ينتقل إلى «تدريب الرَّاوي»، ثم إلى «فتح المغيث».
هذا في باب علوم الحديث الاصطلاحيَّة.
[هذا] مِن حيث الرِّواية.
[أمَّا] إذا أراد أن يَدخل من حيث الدِّراية: فعليه أن يبدأ -مثلًا- في «الأربعين النَّوويَّة» وشرح الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين لها، وكذلك «رياض الصَّالحين» و-أيضًا- شرح الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين لها، وهما كتابان جميلان جليلان لا يُستغنى عنهما.
ثم ينتقل -قليلًا- ليقرأ في كتاب -مثلًا-: «تيسير العَلَّام شرح عُمدة الأحكام» للشَّيخ البسَّام، كتاب نافع ومفيد، ويشرح الأحاديث التي اتَّفق عليها الشَّيخان -أو أحدهما- في كتاب «عُمدة الأحكام» وهو كتاب في أحاديث الأحكام، شرَحه علماء كثيرون؛ مِن ضمنهم: الشَّيخ البسَّام -رحمه اللهُ-فيما كَتَبه عليه من كتابة لطيفة ونافعة -إن شاء اللهُ-.
11. السُّؤال:
هل يجوز صيام السَّبت لقضاء بعض الأيَّام من رمضان؟
الجواب:
الجماهير على جواز ذلك، وبعض أهل العِلمِ يقول بالكراهة، وبعضهم يُعلِّق ذلك بالإفراد.
وشيخُنا الشَّيخ الألبانيُّ -بناءً على بعض النُّصوص وبعض الآثار عن السَّلف- نهى عن صيام السَّبت مُطلقًا إلا في الفريضة.
فمَن ضاق عليه القضاء -بحيث لا يوجد إلا أيَّام مِن ضمنها السَّبت-؛ فيجوز؛ لأنَّ الوقت ضيِّق.
أمَّا إذا كان عنده سَعة؛ فالأَوْلى -ولا أقول بالتَّحريم، أو لا أريد أن أشدِّد-، أقول: خيرٌ له أن يتجاوَزَه -مِن باب: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلى مَا لا يَرِيبُكَ»-على أقلِّ الأحوال-.
12. السُّؤال:
امرأة نذرت إن حَملتْ بولد أن تُسمي (محمدًا)؛ فهل عليها أن تفيَ بالنَّذر؟
الجواب:
نعم؛ الله -سُبحانهُ وتَعالى- امتدح الذين يُوفون بالنُّذور في كتابه الكريم: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾.
فلو أنها -مثلًا- لم تنذر؛ لَقُلنا لها: جائز أن تفعلي ما تشائين.
بعض النَّاس يرى في المنام -مثلًا- أنه يريد أن يُسمّي (محمَّدًا)؛ لا نُلزِمُه، نقول الأفضل؛ لأن اسم (محمَّد) مِن أعظم الأسماء وأجلِّها -صلَّى الله على نبيِّنا محمَّد-.
لكن: إذا نذَرت؛ فيجب أن تفيَ بِنذرِها.
13. السُّؤال:
أنا من أمَّة الدَّعوة والتَّبليغ، أريد نصائح -جزاك الله خيرًا-.
الجواب:
.. جماعة التَّبليغ مِن حيث الجهد الدَّعوي، لها جهد دعويٌّ وبَذل لا يُنكَر؛ لكنَّ النَّقص الذي فيها -ممَّا نرجو اللهَ أن يُوفِّقهم لِتركِه- مَبنيٌّ على شيئَين:
الشَّيء الأوَّل: العلم الشَّرعي والتَّفقه في الدِّين؛ لأنهم يقولون: (نحن نهتم في الفضائل، ولا نهتم في المسائل)!!
وأنا -دائمًا- أقول -وقُلتها-أمس-: وهل الفضائل وُجدت إلا مِن أجل المسائل؟!
فهذا عجيب -في الحقيقة-!
العلم الشَّرعي..، ويَنبني عليه معرفة السُّنَّة والتَّحذير من البدعة -وما أشبه-.
والنُّقطة الثَّانية: العقيدة والتَّوحيد، ويُبنَى عليها: الْبُعد عن الْمُخالَفات الشِّركية، ودعاء غير الله -عزَّ وجلَّ-، ومُبايعة رؤوس الانحراف على طرق ما أنزل الله بها من سُلطان في الشَّرع الحكيم.
فإذا سلِم لجماعة التَّبليغ هذان الأمران الجليلان العظيمان؛ سيكون جهدهم -ذاك- جهدًا جليلًا مُباركًا مُجلَّلًا بالكتاب والسُّنَّة -إن شاء اللهُ-.
أمَّا -الآن-؛ فأكثر ما بين أيديهم من الكُتب -في بلاد العرب-: «رياض الصَّالحين» و«حياة الصَّحابة»، وعند الأعاجم: كتاب «تبليغي نِصاب» -أو: «فضائل الأعمال»-..[..انقطاع..]..
فهذه النَّصيحة للأخ السَّائل، ولكلِّ أحد..[..انقطاع..]، والله يهدينا وإيَّاكم وإيَّاهم إلى سواء السَّبيل.
14. السُّؤال:
ما رأيكم بكتاب «الصَّارم البتَّار في التَّصدِّي للسَّحرةِ والأشرار»؟
الجواب:
الذي أعلمُه أن المؤلِّف -نفسَه- تَراجع عن كتابه، ولو لم يَتراجع؛ فالكتاب عليه ملاحظات -ملاحظات: من حيث القصص التي كان يُوردها، وبعض الأمور الْمَبنيَّة على التَّجارب-.
وأنا أقول: موضوع الجنِّ والسِّحر -وما أشبه- موضوع دقيق وعميق، وينبغي على الخائض فيه أن يتقيَ الله -سُبحانهُ وتَعالى-.
..[..انقطاع..] مَبنيًا على التَّجارب والطَّمع المالي أو الغرور.. بعض النَّاس يقول: أنا إذا قرأتُ آية واحدة، أو -مثلًا- رقية واحدة؛ يشفى على يدي فلان وفلان!!
يا أخي! حسِّن الظَّنَّ بالله، وتضرَّع إلى الله، وابذل نفسَك مُفتقرًا إلى الله، واعلَم أن الأمر بيد الله.
وبعض النَّاس يَنظر إذا المصروع أو الممسوس أو الملبوس فيقول له: أنت تحتاج إلى خمس جلسات! كل جلسة تَدفع كذا وكذا من الأموال!
هذا -في الحقيقة-أيضًا- لا يجوز؛ عليه أن يتَّقي الله..
لعلَّ الله يَشفيه في جلسة واحدة -يا أخي- وما أدراك!؟
نقطة ثالثة: أنَّ الكثيرين يعيشون على التَّوهُّم -في موضوع التَّلبُّس والمس-وما أشبه ذلك-، ويُعينهم على هذا التَّوهُّم كثير من الرُّقاة -للأسف الشَّديد-.
نحن نُثبت المس والسِّحر والتَّلبُّس؛ لكن نقول: بعض صُوَر الغُلو الكثيرة التي تجري وتقع؛ فيها مثل هذا..-ماذا أستطيع أن أسمِّيَه-.. التَّلبيس، أو الوسوسة، أو التَّخيُّل، أو الإيحاء الذي يُعظِّم هذه الأشياء في نُفوس هؤلاء النَّاس المرضى الضُّعفاء الذين يحتاجون مَن يُقوِّي عزائمهم، ويُثبتهم على الحقِّ -الذي هُم فيه-، ويزيد صِلَتَهم بربِّ العالمين -سُبحانهُ وتَعالى-.
15. السُّؤال:
كيف تكون مُراجعة المُطلّقة طلاقًا رجعيًّا؟
الجواب:
بشهادة اثنين، وأن تقول: (أَرجَعْتُك)؛ فهذا هو الأكمل.
هنالك صُوَر أخرى يُجيزها بعض أهل العِلمِ، يكفي فِعلُها لتحقيق الرَّجعة؛ لكن هذه هي الصُّورة الأكمل، وبخاصَّة أنَّ الكثيرين مِن عوام النَّاس -وهم يتحسَّسون من هذه الأمور-، فإذا لم يَسمعوا الرُّجوع وإشهاد ذوي عَدل مِنكم -كما هو نصُّ الآية-؛ فإنَّهم لا يتصوَّرون أن الرَّجعة قد تمَّت.
فنحن ندُل على الأكمل وجوبًا.
والله -تعالى- أعلم.
16. السُّؤال:
هل للمرأة أن تؤذِّن في بيتِها وتُقيم الصَّلاة؟
الجواب:
نعم؛ لكن: هذا من باب الاستحباب، وليس من باب الإيجاب.
17. السُّؤال:
ما المقصود بالدُّعاء عند النِّداء: بعد الأذان أم أثناء الأذان؟
الجواب:
أما أثناء الأذان: فأنت مُنشغِل بالتَّرديد وراء المؤذِّن.
لكن بعد الأذان؛ تقول: «اللَّهمَّ! ربَّ هذه الدَّعوة التَّامة»، تدعو الدُّعاء.
ثمَّ بين الأذان والإقامة تدعو؛ فإن الدُّعاء مُستجاب بين الأذان والإقامة -كما أخبر النَّبي-صلَّى الله-تعالى-عليه وآله وسلَّم-.
18. السُّؤال:
كيف يكون المسلمُ موافِقًا للخير -دائمًا- في حياتِه؟
الجواب:
باستِحضار عظمة الله، والخوفِ من الله، وتقوى الله، ودعائِه -سبحانه وتعالى-، وطلب العلم، والحرص على الحلال.
هذه -كلُّها- أعمال تعينُك على الخير، وعلى [فعل] الخير، وعلى الازديادِ في هذا الخير -الذي أكرمكَ الله به-.
19. السُّؤال:
ما حُكم تطليق زوجة تمشي بالنَّميمة؟
الجواب:
جاء رجل إلى الرَّسول الكريم -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- قال له: يا رسول اللهِ؛ إن امرأتي لا ترُدُّ يدَ لامِس -بمعنى: أنَّها مُغفَّلة، لا تَعرف مَكرَ الرِّجال-.. قال: يا رسول اللهِ؛ إنَّ امرأتي لا ترُدُّ يدَ لامِس، فقال له النَّبي ﷺ: «طلِّقها»! فقال الرَّجل: يا رسول اللهِ؛ إني أُحبُّها، قال: «أمسكها»! اللَّهم صلِّ وسلِّم وبارِك على رسولِ الهدى محمَّد -صلواتُ الله وسلامُه عليه-.
أقول للأخ السَّائل: لو قُلنا لك طلِّق هذه الزَّوجة؛ هل تقدر على ذلك؟ إذا تقدر على ذلك؛ افعَل؛ يُعوِّضك الله خيرًا منها.
وإذا لا تقدر على ذلك؛ ليس أمامك إلا الدُّعاء لها والنَّصيحة.. لعلَّها تتوب وتؤوب، وترجع إلى ربِّ العالمين -سُبحانهُ وتَعالى-.
20. السُّؤال:
هل يجوزُ أن نُصلي صلاةَ الغائب على المسلمين -عمومًا- الذين ماتوا في الغرب؛ حيث يَبعد أنَّه قد صُلِّي عليهم؟
الجواب:
نهاية السُّؤال لطيفة؛ حيث ربط ذلك بغلبة الظنِّ أنَّه بعيد أن يكون قد صُلِّي عليهم.
صلاةُ الغائب لا تكون مشروعةً إلا على مَن لم يصلَّ عليه، أو مَن غلب على الظن أنَّه لم يُصلَّ عليه.
وأنا أتصوَّر -وقد سافرتُ إلى بلاد الغرب كثيرًا-في سبيل الدَّعوة- لا أعرف بلدًا -في الأغلب الغالب- إلا وفيه مساجد -اليوم-، ومراكز إسلاميَّة، ودعاة إلى الله -عزَّ وجلَّ-؛ فيبعد جدًّا أن يموتَ مسلمٌ في بلاد الغرب -اليوم-طولًا وعرضًا- دون أن يُصلَّى عليه.
إلا إذا قصد الأخ ما يتعلَّق بالكورونا..حتى الكورونا -اليوم-..لا أعرف موضوع بلاد الغرب في موضوع الكورونا؛ لكن: الجالية المسلمة لها تأثيرها في كل مكان تكون فيه هنالك.
الإسلام له أحكامُه، وله حدودُه، وله محارِمه، والمسلم له مكانتُه عند ربِّ العالمين -سبحانه وتعالى-.
فالقضيَّة -إذن- مُتعلقة بماذا؟ متعلِّقة بغلبة الظن، أو باليقين أنَّه لم يُصلَّ عليه.
فإذا غلب على الظنِّ عند الإنسان أنه لم يُصلَّ على فلان أوفلان؛ فنقول -حينئذٍ-: تجوز صلاةُ الغائب.
أما غير ذلك؛ فلا تجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
21. السُّؤال:
لأيِّ وقت يجوز تأخير صلاة العِشاء؟
الجواب:
الرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- قال: «لولا أنْ أَشُقَّ على أمَّتي لأَمرتُهم بِتَأخيرِ صلاة العِشاءِ إلى نصفِ اللَّيل»، فمَن استطاع أن يَصبر على الصَّلاة ليؤخِّرَها إلى نصف اللَّيل -خاصَّة-الآن-في ظلِّ عدم وجود جماعات في المساجد-؛ فهذا أفضل.
ومَن لم يستطع أو لا يستطيع؛ فليُصلِّها في الوقت.
أمَّا آخر وقت: هو نصف الليل، أو منتصف الليل.
مع التَّنبيه -ههنا- إلى أن مُنتصف اللَّيل: هو منتصف المسافة الزَّمنيَّة بين المغرب والفجر.
أحيانًا: ممكن يكون بحسب طول اللَّيل وقِصَره، أحيانًا: مُمكن يكون في الثَّانية عشرة، أحيانًا: ممكن يكون في الحاديةَ عشرة والنِّصف، أحيانًا: ممكن يكون في الثَّانية عشرة والنِّصف.
فلا تقل: (الثَّانية عشرة) -فقط-؛ لا، قد يكون الثَّانية عشر أو قبلها أو بعدها.
لكن: احتَطْ لنفسك بأن تصلِّيَها -مثلًا- في الحادية عشر -لا يكون قد دخل نصف اللَّيل-في سائر أوقات السَّنة-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.
22. السُّؤال:
ما حكم استِعمال المعقِّم الذي يحتوي نسبة من الكحول، كذلك العطور التي فيها نسبة كحول؟
الجواب:
أنا أرى أن ذلك جائز -كلُّه-؛ لأنَّ الْمُعقِّمات والعُطور يُضاف إليها مواد لا تجعلها خمرًا، وتُباع على أنَّها ليست خمرًا، وتُصنَّع بمواد تُذهِب عنها أن تُصنَّف خمرًا.
نعم؛ قد يستعملها البعض؛ لكن هذا البعض هو شاذٌّ على الطَّبيعة البشريَّة!
أمَّا لا أحد يَشتري العطر لِيَشربَه خمرًا، أو يشتري الْمُعقِّم ليشربَه خمرًا؛ هذا لا يجوز؛ بعض الأنواع قد تقتله -وهو يظنُّ أنَّه يَفعل خيرًا-.
إذن: ما دام أنه أُضيفت إليه مواد، وأصبح مُتحوِّلًا مِن.. إلى..؛ فحينئذٍ نقول: يجوز استِعمال العِطر والْمُعقِّمات حتى ولو كان فيها هذه الكحول -الْمُشار إليها في السُّؤال-.
23. السُّؤال:
ما حُكم أخذ قَرض حسَن مِن أحد الذين يُقرِضون قرضًا ربويًّا؟الجواب:
إذا كنتَ مُضطرًا له وأنت على يقين أنَّه يُقرضك قرضًا حسنًا ولو كان يُقرض الآخرين.. هذا بَينَه وبينهم، بينه وبين الله..؛ أتكلَّم عن كل معاملة -بحدِّ ذاتِها-.
بالعكس: قد يكون قَرْضُه لك هذا القَرضَ الحَسن خِلاف مَسيرتِه الرِّبويَّة؛ قد يكون باعثًا له للهداية، وبخاصَّة إذا شكرتَه ودعوت له و..و..إلى آخره.
لذلك -يا أخي الكريم-: نحن نقول: العبرة بالمعاملة التي أنت تتعامل بها، أمَّا هو: ماذا فعل؟ ماذا يقصد؟ هذا بينه وبين الله -سبحانه في عُلاه-.
24. السُّؤال:
هل يجوز أخذ المال على الرُّقية؟
الجواب:
نقول: لا مانع؛ لكن: دون استِغلال،و دون اشتراط -أريد: كذا و كذا على الجلسة-أو على السَّاعة-!
بعض النَّاس يَأكلون أموال النَّاس بالباطل -بحُجَّة أنَّه يجوز أخذ المال على الرُّقية-، ويأتيهم الفقير وغير الفقير ويُعاملون النَّاس -سواءً-؛ هذا لا يجوز!
إذا -ولا بُدَّ-: مَن جاءك وَرَقَيْتَه؛ يعطيك ما [يشاء]؛ لا تَشترط، إذا أعطاك؛ لا مانع، وإذا لم يُعطك فسامِحْه واقْبَلْه، وإذا أعطاك؛ لا تقل له هذا قليل! إيَّاك! لأنَّ هذا سيكون -بهذه الصُّورةِ التي نراها-اليوم- من أكل أموال النَّاس بالباطل، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.
25. السُّؤال:
هل وقفت على نُسخة الشَّيخ مازن السّرساوي على [شرح] «صحيح مسلم»؟
الجواب:
مازن السّرساوي؛ الأخ الكريم الفاضل الدُّكتور، من طلبة علم الحديث الجيِّدين -ما شاء اللهُ-، حقَّق نسخة من شرح الإمام النَّووي على «صحيح مسلم»، حقَّقها على مخطوطات، و-الحقيقة- أنا -إلى الآن- لم أرَها؛ لكن: الرَّجل سُمعتُه العِلميَّة جيِّدة، ونرجو أن يكون عملُه جيِّدًا، وهذا هو الظَّن والأمل.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.
26. السُّؤال:
شيخَنا: لو أرشدتَنا إلى منهجيَّة عِلميَّة ثابتة في كيفيَّة تحضير الخطيب لخُطبته، وما الكتب التي تنصح بها -في هذا الباب-؟
الجواب:
..ابتداءً: أنا أنصح بقراءة الخُطبة والتَّدرُّب على الخطبة المكتوبة الجاهزة؛ هذا للخطباء الْمُبتدئين.
هناك خطب الشَّيخ صالح طه أبو إسلام -رحمه اللهُ-، وهي تكفيك -يا أيها الخطيب- سنين عددًا.
وهنالك خطب أئمَّة الحرمين -الشَّيخ صالح بن حُميد، الشَّيخ سُعود الشريم، الشَّيخ السديس وغيرهم-، أيضًا؛ خطبهم موجودة.
وهنالك كتاب: «الموعظة الحسَنة بما يُخطَب في شهور السَّنَة».. للشيخ العلامة صدّيق حسَن خان الهندي -أيضًا-، هذا ممكن أن تستفيد منه في البداية.
ومع الاعتياد: تستطيع -حينئذٍ- أن تنتقل إلى فترة التَّحضير الذَّاتي.
أمَّا -كبداية-: فهذه الكتب -الآن- تُغني.
مع التَّنبيه إلى شيء: أن بعض البلاد الإسلاميَّة تُلزم الخطيب بِخُطبة معيَّنة أو موضوع معيَّن؛ أنا أنصح الخُطباء أن يَلتزموا بما يأتيهم من أوامر لازمة الاتِّباع والتَّنفيذ من وزارات الأوقاف والمسؤولين عن ذلك؛ لأنَّ عدم التِزام أوامِرِهم قد يؤدِّي إلى فتن ومشاكل وإشكالات.
انتهى اللِّقـاء الحادي عشر
|