اللِّقـاء الثَّالث والعشرون
(1 رمضان 1441 هـ)
1. السُّؤال:
ما حُكم السِّباحة في نهارِ رمضان؟
الجواب:
أنا أقولُ: مَن يستطيعُ أن يضبِطَ نفسَه -وهو ماهرٌ في السِّباحةِ- بحيثُ لا يبتلِعُ الماءَ؛ فلا بأسَ في ذلك.
أمَّا إنسان لا يعرف السِّباحة ويذهب، ومظنَّة ابتلاعِ الماءِ قد تكونُ غالبةً أو كثيرةً؛ فهذا نخشَى أن يكونَ من المفطِّرات.
أمَّا العارِفُ بالسِّباحةِ والماهِر إذا ذَهَب؛ فأرجو أنَّه لا يؤثِّرُ ذلك علَى صيامِه -إن شاء الله-تعالى-.
2. السُّؤال:
قرأتُ في كتاب «الاعتصام» للشَّاطبيِّ رواياتٍ عن الإمامِ مالكٍ أنَّه كان يُنكِرُ علَى مَن يصومُ السِّتَّةَ من شوَّال؟
الجواب:
حديثُ السِّتَّة من شوَّال رواه الإمامُ مسلمٍ، وألَّف فيه عددٌ من أهل العلم -قديمًا وحديثًا-، والمالِكيَّةُ وبعضُ أهل العلمِ -من بعدُ- التمَسوا الأعذارَ للإمام مالكٍ، وله في ذلك أجرٌ -إن شاء الله-وإن كانَ أجرًا واحدًا-فهو إمامٌ جليلٌ من أئمَّة السُّنَّةِ-؛ لكنْ: هو نفَى شيئًا والعلماء الآخَرون أثبتوه، والـمُثْبِتُ مقدَّمٌ على النَّافي، والكلُّ -إن شاء الله- على خيرٍ وبركةٍ في اجتهادِهم، وللمصيبِ منهم أجران، وللمخطئِ منهم أجرٌ واحِدٌ.
3. السُّؤال:
هل تُجيزونَ الاعتكافَ في المساجد -كُلِّها-؟
الجواب:
أشرنا إلى ذلك -قريبًا-، وقلنا بأنَّ بعض العلماء لَمَّا بحَث مسألة الاعتكاف -مثل العلَّامة السّعديّ- بحثَها عند قول النَّبي ﷺ: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ؛ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ»، وفي هذا إشارةٌ منه، فضلًا عن وجود حديثٍ -بعضُ أهل العلم يصحِّحه مرفوعًا، وبعضهم يصحِّحه موقوفًا -من حديث حذيفةَ-: أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «لا اعْتِكَافَ؛ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ».
والمسألة: الجمهور على تجويز الاعتكاف في المساجدِ العامَّةِ، وبعضُ أهل العلمِ؛ كما يُروَى عن سعيد بن المسيِّب أنَّه قالَ: «لا اعْتِكَافَ؛ إلَّا في مَسجِدِ النَّبِيِّ».
فهذا يجعل الأمرَ فيه سَعةٌ لِمَن يرتاحُ للقولِ هذا أو لذاك القولِ -أكثر وأكثر-.
لكنْ: أُنبِّه إلى شيءٍ: أنَّه حتى النَّافي لمشروعيَّة الاعتكافِ إلَّا في المساجد الثَّلاثة؛ فإنَّه لا يَنفي فضلَ الإقامةِ في المسجد، والمكْث فيه -أيّ مسجد-، وأنَّ الملائكةَ تدعو لِمَن هو في المسجدِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»، فأرجو ألَّا يخلط أحدٌ هذا بهذا.
إضافة إلى نقطة ثالثة: أنَّه لم يصحَّ حديثٌ في فضلٍ خاصٍّ في الاعتكافِ؛ إلَّا أنَّ النبيَّ ﷺ فَعَلَه.
أمَّا أن يقال بأنَّ -مثلًا- مَنِ اعتكفَ؛ فله كذا وكذا من الأجرِ؛ فهذا لم يثبتْ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ-تعالى-عليه وآله وسلَّم-.
4. السُّؤال:
ما حكم من يتسحَّر عند الأذان الثَّاني علَى أساس أنَّه يؤذِّن قبل الوقت؟
الجواب:
أنا نصيحتي لِمَن يفعَل هذا: ألَّا يفعلَ، وأن يكونَ احتياطُه للصِّيامِ علَى العَكْسِ مِن احتياطِه للصَّلاةِ؛ بمعنَى: أنْ يُبكِّر في الإمساكِ عن الطَّعامِ، وأن يتأخَّرَ في أداءِ الصَّلاةِ، هذا خيرٌ له، وبخاصَّة إذا كان من عامَّة المسلمين أو من عامَّة طلَبةِ العِلمِ.
أمَّا إذا كان مِن أهلِ العلمِ المميّزين العارِفين الرَّاسخين ويتكلَّم عن عِلْمٍ وبيِّنةٍ وبَصيرةٍ؛ فمثلُه لا يَستفتي مثلي.
والله المستعانُ -وحدَه لا شَريكَ له-.
5. السُّؤال:
ما حُكم قضاء المغمَى عليه؟
الجواب:
يقصد -والله أعلم- قَضاء صِيامه.
لكنْ: هنالكَ فرقٌ في أنواعِ الإغماء.
مَن أُغميَ عليه أثناء النَّهار -ساعة..ساعتين..ثلاث ساعات..أربع ساعات- هو كالنَّائم، ويُحكَم عليه على أساس أنَّه نائم.
أمَّا إذا أُغمي عليه -مثلًا- في المساءِ، فلم يُبيِّتِ النِّيَّةَ، وأصبحَ عليه الصُّبحُ؛ فهذا يُفْطِر.
لا يُقال: هذا قد نَوَى من أوَّل الشَّهْر؛ لاحتمالِ أنَّه قد لا يستطيع الصِّيام، لو كان واعيًا ومستيقظًا ووجد في نفسِه مَرضًا؛ ففي الغالب أنَّه سيُفطر....
6. السُّؤال:
ما حكم (المكياج) للنِّساءِ في نهار رمضان؟
الجواب:
(المكياج) إذا كان خارجَ المنزِل شيءٌ وإذا كان داخلَ المنزلِ شيءٌ آخَر.
إذا كان خارجَ المنزل؛ فهذا لا يجوزُ -لا في رمضان، ولا في غير رمضان-.
إذا كان داخلَ المنزلِ؛ فهذا يجوزُ، ولا يُفَطِّرُ، والَّتي تخرُجُ به نقول لها: لا يجوزُ؛ لكنْ: فعلُكَ غيرُ مُفَطِّر.
يجب أن نفرِّقَ بين تحريمِ الفِعْل، وأَثَرِ هذا الفِعْلِ على الصِّيامِ.
7. السُّؤال:
امرأةٌ عليها قَضاءٌ، ولم تتمكَّن منه، وقد جاء رمضان التَّالي، فهل عليها شيءٌ غيرُ القَضاء؟
الجواب:
نقولُ: إذا أخَّرَتِ القضاءَ لعُذْرٍ؛ فحينئذٍ نقول: لا شيءَ عليها.
أمَّا إذا أخَّرَتِ القضاءَ لغيرِ عُذْرٍ -حتَّى دخَل رمضان آخَر-؛ فحينئذٍ: نقول كما نقَل الإمامُ ابنُ قُدامة في كتابِ «المغني» عن الصَّحابةِ: أنَّهم لا يُعرَف لهم خِلافٌ في مسألة إيجاب القضاءِ والكفَّارةِ -معًا- علَى مَنْ هو علَى هذه الحالِ.
مِن حيثُ آراءُ المذاهبِ الفقهيَّةِ: اختلف العلماء -رحمهم الله-تعالى-؛ لكنْ: هذا القولُ منقولٌ عن الصَّحابة، وأنعِمْ بهم وأكْرِمْ حُجَّةً في هذه المسألةِ!
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
8. السُّؤال:
ما حُكم الصَّوْمِ دُونَ الصَّلاةِ؟
الجواب:
الصَّوْمِ دُونَ الصَّلاةِ: هذا له حُكْمٌ، وهذا له حُكْمٌ.
لا نستطيعُ أن نُبْطِلَ صِيامَ مَن لا يُصلِّي؛ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾.
العلماء الَّذين يُكفِّرونَ تارِكَ الصَّلاة اختلَفوا في القَدْرِ الَّذي يَكفُرُ به تارِكُ الصَّلاة: فبعضهم ماذا قال؟ قال: يكفُرُ بتَرْكِ صلاةٍ واحدة، وبعضهم قال: لا يكفُر إلَّا إذا ترَك الصَّلاة بالكُلِّيَّةِ؛ على هذا القولِ: لا يُبطِلون صِيامَ تارِكِ الصَّلاة؛ لأنَّه قد لا يكونُ تاركًا للصَّلاةِ بالكُلِّيَّةِ.
وأنا أقول..سأذكر نقطتين، هذه النُّقطة الأولى: مِن ناحيةٍ تربويَّةٍ: مَن يصومُ؛ فلنَقْبَلْ صومَه، حتَّى ولو مِن بابِ الجذْبِ له، والتَّأثيرِ عليه، فهو في صيامِه يكونُ أقربَ إلى الله -عزَّ وجلَّ-، ولولا خوفُه من الله؛ لَمَا صامَ، و«كلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّهُ لِي» -كما قال النبيُّ ﷺ-فيما يرويه عن ربِّه-؛ هذه واحدةٌ.
النُّقطة الثَّانية: ذكرها سماحةُ أستاذِنا الكبير الجليل الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين -رحمه الله- قال: «البَلَد الَّذي لا يكفِّرُ علماؤه تارِكي الصَّلاة لا يجوزُ تكفيرُ تاركي الصَّلاةِ فيه»؛ هذه -أيضًا- قضيَّة تربويَّة منهجيَّة مسلكيَّة عظيمة -جدًّا- من هذا الإمام الفَحْل -رحمه الله-تعالى-.
9. السُّؤال:
هل يترُكُ طالبُ العلمِ قراءةَ الكتبِ في رمضان ويشغَل وقتَه بالقرآنِ والعبادةِ -فقط-؟
الجواب:
نقولُ: لا؛ لا تفعَل؛ وإنَّما افعَلْ ما ترَى نفسَكَ أقربَ إليه، وأكثرَ سعادةً به؛ حتَّى لا تُرْغِمَ هذه النَّفس.
نعم؛ جهادُ النَّفسِ شيءٌ، وإرغامُها شيءٌ آخَر، جهادُها علَى الطَّاعة بحلاوةِ الطَّاعةِ شيءٌ، وإرغامُها علَى الشَّيءِ دُونَ حلاوةٍ للطَّاعةِ ودُونَ ذَوْقٍ لها شيءٌ آخَر؛ فلا نخلِط بين الأمرين.
لكنْ: لا شكَّ -ولا ريب- أنَّ هذا الشَّهر له خصائص ومزايا؛ شهر رمضان شهرُ القرآنِ، وشهرُ الإحسانِ، وشهرُ الجودِ، العلمُ مطلوبٌ، والتَّعليمُ مطلوبٌ؛ لكنْ: بقَدْر، أمامَك السَّنَةُ -كلُّها- تتعلَّم فيها وتُعلِّم -ما استطعتَ إلَى ذلك سبيلًا-، هذا الشَّهر له خصوصيَّةٌ.
لكنْ: هذه الخصوصيَّة -بالمقابل- لا تمنَعُ العلمَ والتعلُّمَ والتَّعليمَ -وما أشبه ذلك- ممَّا ينفَع الله -تعالى- به.
وانظُر نفسَكَ أينَ تكونُ أمْيَل وأقربَ إلَى اللهِ؛ فأَقْبِل عليها كما تُقْبِل عليكَ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
10. السُّؤال:
مَن نسِيَ تبييتَ النِّيَّةِ هل صومُه صحيحٌ؟
الجواب:
هذا السُّؤالُ يتنزَّلُ علَى ما إذَا ألزَمْنا بتبييتِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيلةٍ.
ونحنُ قلنا بأنَّ معرفةَ المسلمِ أنَّ غدًا رمضان؛ تكفي في أن تكونَ نِيَّة -طالما هو قادِر وصحيح ومُقيم-، فما من مسلمٍ -في الغالبِ- من الطَّائعين وأهل الطَّاعة؛ إلَّا ويريدُ أن يصومَ رمضانَ.
ذكرنا -قبل قليل- صُورتَين تُستثنيان من ذلك لأنَّ فيهما عارِضًا: عارِض المرَض، وعارِض الإغماء، وهذا داخلٌ في ذلك.
مَن أُغمي عليه في اللَّيل حتى أصبحَ لم يُبيِّتِ النِّيَّة، ولا نقول: تُستدرَك عليه نيَّة أوَّل الشهر؛ لاحتمال أنَّه مريض، ولو كان مُستيقطًا على مرضِه؛ لقال: أنا سأفطِر -في الغالب-والأحكام تُبنَى على الغالب-.
كذلك الحال في الإنسان المريض الذي يقول: (أنا سأفطِر غدًا)، ثم وجد في الصَّباح نفسَه نشيطًا، يقول: (أنا أريد أن أصوم)؛ نقول له: لا يجوز؛ لأنك لم تُبيِّت النِّيَّة من الليل.
وكذلك من شكَّ -أو مَن شكَّكَ- في نِيَّتِه؛ قال: (إذا كنتُ نشيطًا سأصوم، وإذا بقيت مريضًا لا أصوم)؛ كذلك نقول: هذا لا يجوز.
11. السُّؤال:
ما حكم بخَّاخ الرَّبو؟
الجواب:
بخَّاخ الرَّبو يَدخُل إلى الرِّئتَيْن، وهو غازٌ مضغوطٌ، وأرجح الأقوالِ: أنَّه لا يُفطِّرُ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
12. السُّؤال:
هل يجوز أن نصلي التَّروايح في المنزل مع الأصدقاء؟
الجواب:
أُغلقت المساجد -في هذه الأيام- مِن باب ماذا -أيُّها الإخوة-؟ مِن باب عدم التَّجمُّع والاجتماعات؛ بسبب انتشار وباء (الكورونا).
فالآن؛ هذا الفِعل في الاجتماع: الصُّورة نفسُها والحرَج نفسُه؛ لكن عندما نقول للناس: صلّوا في بيوتِكم؛ الرّجُل يَنام في بيتِه -بين أهلِه وولَده وزوجِه، وقد يكون معَه والدُه-أو والداه-؛ هذه صورة طبيعية.
وحينئذ: القولُ -في ذلك- مُختلفٌ عمن يريد أن يصلِّي مع أصحابِه، وقد لا يكونون ساكنين عندَه، وكلٌّ يَسكُن في مكانٍ -قد يكون بعيدًا، أو قريبًا-.
هذه الصورة هي نفسُها الصُّورة التي نُهينا عنها في صلاة المساجد وأغلقت المساجد -بسببها-حرصًا على حياة النَّاس وعدم انتشار الوباء بينهم-، ويجب طاعة وليّ الأمر في هذا الباب، والله المستعان.
13. السُّؤال:
متى يبدأ الوقت الشَّرعي للسَّحور؟ وهل هو واجب؟
الجواب:
الأصل في السّحور أن يكون -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا- في آخر وقتهِ.
الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- أمرَنا بتعجيلِ الفِطْرِ وتأخيرِ السَّحور، فكلما أخَّرنا؛ كلما كان ذلك أقرَب.
ولو أنَّ أحدًا تسحَّر في الثُّلث الأخيرِ -كُلِّه-؛ لا نستطيع أن نقول له: سَحورُك باطل، أو أنك آثم؛ لكن نقول: فوَّت على نفسِه ما هو خيرٌ له عند ربِّه في باب تأخيرِ السَّحورِ.
أمَّا هل هو واجب؟
فالحقيقة الأدلَّة تُشعِرُ بالوُجوبِ، وفي حدود علمي: لم أجد من العلماء المتقدِّمين مَن ذهبَ إلى وجوبِ السَّحورِ إلَّا كلمة أشار إليها من باب الإلزام الإمام ابنُ التُّركمانيِّ الحنَفيُّ -في «الجوهر النَّقِيّ على (سُنَنِ البَيْهَقِيِّ)»-، وصِدِّيق حَسَن خان العالم الهنديّ الجليل -في شرحه لـ«صحيحِ الإمام مُسلم»: «السِّراج الوهَّاج»-.
14. السُّؤال:
قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ هذا مُطلَق قبل أو بعد رمضان؟
الجواب:
الكلام بعد رمضان، ولا نستطيع أن نقول أن يقضي ما عليه قبل أن يُفطِر ما عليه؛ هذا غير صحيح.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
15. السُّؤال:
ما حُكم مَن أفطر ظانًّا غروبَ الشمس؟
الجواب:
إمَّا أن يكونَ ظنُّه هذا راجِحًا، أو مرجوحًا.
إذا كان ظنُّه راجِحًا؛ فلا شيءَ عليه، هذا هو الرَّاجح، ورجَّحَه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-، وأشار إليه الإمام ابنُ خُزَيمةَ في كتابِه المشهورِ «الصَّحيح».
أمَّا إذا كانَ ظنًّا مرجوحًا -بمعنى: أنَّه لم يتثبَّت، ولم يتأكَّد، وهكذا؛ فعَل الأمرَ على وجهِ التَّعجُّل-؛ فهذا لا بدَّ أن يُعيدَ يومَه، أن يقضيَه، وأن يستغفرَ ربَّه علَى ما فرَّط في جَنب الله -تبارك وتعالى-.
16. السُّؤال:
هل يصحُّ إدخالُ راتبةِ العشاءِ في صلاةِ القِيامِ في البيتِ؟
الجواب:
إذا أردتَّ أنَّها تُصلَّى جماعةً؛ فلا.
أمَّا إذا أردتَّ أنَّها تُضافُ إلى العَدَدِ؛ فلا مانع؛ إحدى روايات حديث صلاة النَّبيِّ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- في الليل قال الرَّاوي: «ما زاد رسولُ الله في رمضان ولا غيرِه على ثلاث عشرة ركعة»، فمِن أقوال العلماء -الشَّارحة للحديث-: أنَّ هذا لا يتعارض مع حديث «إحدى عشرة ركعة»؛ لأنَّه ضمَّ إليها -في العدد- ركعتي راتبة العشاء، بهذا المعنى؛ لا مانع.
لكن: لا أظن الأخ السَّائل يقصِد ذلك؛ فالراتبة تُصلَّى فُرادَى، والتَّراويح والقيام تُصّلى جماعةً.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
17. السُّؤال:
هل البلغم والنُّخامة تُفطِّران؟
الجواب:
أرجح الأقوال أنَّها لا تُفطِّرُ؛ لأنَّها جزءٌ من البدن.
بعض العلماء قال: إذا خرجت من الفم وأرجعَها؛ هذا -في الغالب- لا يَحدث -ولا يصلح-، ولو حصل؛ القولُ بِالْفِطر أقرب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
18. السُّؤال:
ما حكم الإنزال بمداعبة الزَّوجة في نهار رمضان؟
الجواب:
لا نستطيع وليس عندنا دليل أنَّ ذلك مُفسدٌ للصِّيام؛ لكنّه -لا شكَّ- يَخدش الصِّيام؛ لأن الصَّائم يجب عليه أن يدعَ شرابَه وشهوتَه وطعامَه من أجل اللهِ، فهذا فعَل ما يَخدش صيامه، وإن كان ليس عندنا دليلٌ على إبطال صيامِه -أو إبطال صومِه-.
والأصل: أن يجاهد نفسَه على عدم هذا الفعل في نهار رمضان.
19. السُّؤال:
هل الإبر مُفطِّرة؟
الجواب:
أنا أقول: الإبر بأنواعها -في العضد، في الوريد، إبر خفض الحرارة، إبر (الأنسولين)، إبر (البنسلين)، حتى الإبر المغذية-: كلُّها لا تُفطِّر.
بالنِّسبة للإبر المغذِّية: اختلف أهل العلم، والاختلاف فيها أكبر.
فكثير من العلماء يقولون: تُفطِّر، وبعضُ العلماء -كالشَّيخ محمود شلتوت-شيخ الجامع الأزهر؛ أظنُّ: في الستِّينات-وغيره- يَذهبون إلى أنها لا تُفطِّر -وهو الذي ينشرحُ له صدري-؛ لأن إبر التَّغذية لا تردُّ جوعًا، ولا تَدفع عطشًا؛ وإنَّما تعين على الحياة، والإعانة على الحياة تكون بِغَسل الرأس، تكون باغتِسال البدن، تكون بِغَسل الوجه، ولا أحد يقول بأنَّ هذا من المفطّرات، ومَسامات الجسد تمتصُّ الماء، والبشرة تمتصُّ الماء -كما قلنا-؛ فهذا مثل هذا.
مع التَّحفُّظ -أخيرًا-: إلى أنَّ الإنسان الذي يكون مُحتاجًا لإبر التَّغذية: في الغالب يكونُ مرضُه شديدًا -ولو في يومِه- يكون محتاجًا إلى أن يُفطِر، هذا غالب الأمر؛ وإلا: لا نعلم إنسانًا صحيحَ البدن يقول: (أنا أريد أن آخذَ إبرة مُغذّي)-هكذا-! هذا لا أعلمُه في الناسِ لا أعلَمُه في النَّاحية الطِّبِّيَّة والصِّحيَّة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
20. السُّؤال:
ماذا يقول الشَّيخ الألباني فيمَن يصوم ولا يصلي؟
الجواب:
الشَّيخ الألباني لا يكفِّر تارك الصَّلاة، وله رسالة كاملة في هذا الموضوع؛ وبالتَّالي: قولُنا الذي ذكرناه -قبل قليل- هو -نفسُه- قولُ شيخِنا مِن باب اللازمِ.
وكما قلنا: مَن يصوم ولا يصلّي خيرٌ ممّن لا يصوم ولا يصلّي؛ بل طريقك إلى الذي يصوم ولا يُصلي -في الدَّعوة والتَّذكير والتَّرغيب والتَّرهيب- أقرب -بكثيرٍ- مِن الإنسان الذي لا يصوم ولا يصلي.
21. السُّؤال:
هل يجوز صبغ اللِّحية بالسَّواد؟
الجواب:
ابتداء: هذه المسألة اختلف فيها الصَّحابة -رضي الله عنهم- والخلاف منقول بين الصَّحابة. هذا أوَّلًا.
الأمر الثَّاني: أنَّ العلماء اختَلفوا: هل السَّواد لونٌ، أم نوع؟
هنالك مادة عُشبيَّة اسمها (السَّواد)، أو: أن المقصود هو اللَّون السَّواد. هذه الثَّانية.
الثَّالثة: أنّه ليس كلُّ قاتِم أسود، الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- وغيرُه-: كانوا يَخضبون بالكَتَم، والكَتَم قاتِمٌ؛ لكنَّه ليس بِأَسْود.
إذَن: المنهي عنه هو الأَسْود، وليس القاتِم، وكلُّ أسود قاتِم، وليس كلُّ قاتِم أسود.
والله المستعان.
22. السُّؤال:
إذا صليتُ صلاة التَّروايح في البيت من المصحف، عندما أسجد: هل يجوز أن أضعَ المصحف على الأرض؟
الجواب:
الأصلُ أن تكون هيَّأت لنفسك شيئًا تضعُ المصحف فيه -كطاولة، أو كرسي، أو-مثلًا-مَقعد صغير-؛ من باب تعظيم حرُمات الله..تعظيم شعائر الله؛ ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
فتعظيم القرآن الكريم، وتعظيم المصحف -الذي هو متضمِّن لكلام رب العالمين- أمر مهمٌّ وعظيمٌ -جدًّا-.
23. السُّؤال:
مَن عنده مشاكل في اللِّثَة فينتج عن ذلك خروج دم يسير، لا يَستطيع التَّحرُّز منه: هل يصحُّ صومُه إذا تسرَّب من ذلك شيء إلى جوفِه؟
الجواب:
ما دام أنَّه لا يستطيع التَّحرُّزَ منه؛ فـ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
24. السُّؤال:
نحن في بلاد المغرب نُصلِّي التَّروايح بعد العشاء وقبل الفجر فأيهما أصوب؟
الجواب:
إذا قصد أنّ جماعة من النَّاس يُصلُّون التَّروايح بعد العشاء وآخرين يُصلُّونها قبل الفجر؛ فنقول: الأقرب هُم مَن يُصلُّونها قبل الفجر؛ لكن: هذا لا يَنفي مشروعية الأُولَى.
وسيدنا عُمر -رضي الله عنه- ماذا قال؟ قال: «والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ».
لكنْ: إذا كان تأخيرُها سيسبِّب للنَّاس تفويتَ صلاةِ الجماعةِ؛ فنقول: صلاةُ الجماعة ولو في أوَّل اللَّيل أفضل؛ لكنْ: هذا ليس في زمن (الكورونا)، وليس في زمن إغلاق المساجد.
انتهى اللِّقـاء الثَّالث والعشرون