أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
32414 58911

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 04-22-2021, 03:43 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء الحادي والثَّلاثون
(10 رمضان 1441 هـ)





1. السُّؤال:
بعض الإخوة حذَّرني من فضيلة الشَّيخ العلامة العقدي إبراهيم بن عامر الرُّحيلي -حفظهُ اللهُ-؛ فماذا أقول له؟ والشَّيخ إبراهيم معروف أنَّه من كبار علماء المسجد النبوي، وقد زكاه الشَّيخ العباد البدر والشَّيخ السحيمي والشَّيخ الفقيهي وغيرهم من أهل العِلمِ فما قولكم؟
الجواب:
قَوْلي: إيَّاك أن تسمع لهذا التَّحذير، أو أن تستجيب له!
هذا التَّحذير لايصدر إلا من قُطَّاع الطُّرق الذين لا يتَّقون الله في أنفسهم، ولا يتَّقون الله في غيرهم!!
ومع ذلك: نحن نرجو لهم الهداية، ونرجو لهم الخير في الدِّين والدُّنيا، وأن يَنْكَفُّوا عمَّا هم فيه من هذا الأسلوب السيئ القبيح الذي لا يرضى عنه الله ولا يرضى عنه عباد الله.
لذلك نحن نقول: الشَّيخ إبراهيم الرُّحيلي من علمائنا الكبار المتخصِّصين في عقيدة السَّلف والرَّادّين على أهل الأهواء والبدع.
ووالله، وتالله، وبالله؛ لو سألتَ هذا الذي حذَّرك: (لماذا حذَّرتني من الشَّيخ إبراهيم؟ وماذا عنده؟)! سترى عنده -وعندهم- جوابًا فرْدًا!! ماذا سيقول؟ سيقول: (واللهِ؛ أنا لا أدري! المهم أن العُلماء حذَّروا منه)!!
أيُّ علماء هؤلاء الذين حذَّروا منه، وعُلماء أكبر منهم -وأجلّ- قد زَّكوه!؟ ﴿تِلْكَ إِذَنْ قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾.
وأنا آسَف وأعتذر مِن إخواني؛ أنَّنا في هذه اللَّيالي المباركة نسمع مثل هذه الأسئلة، ونرى مثل هذه النَّفسيَّات، ونشعر بمثل هذه المشاعر التي يَقولها مثل هؤلاء النَّاس -وللأسف الشَّديد-!
لكن: كلمة الحق يجب أن تُقال -سواء مِن هؤلاء، أو عنهم-؛ حتى ينكشف ما هم فيه من خلافٍ لهذا الحق.

2. السُّؤال:
ما هو أفضل كتاب يتعلم فيه طالب العلم علم التخريج؟
الجواب:
علم التَّخريج نوعان: علم التَّخريج النَّظري، وعلم التَّخريج العمليّ.
أمَّا علم التَّخريج النَّظري؛ فأنا -بنفسي- سمعتُ الشَّيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله- يُحدِّثني -شخصيًّا- في إحدى السَّنوات -ممكن قبل عشرين، أو خمس وعشرين سنة- يقول: (أفضل كتاب في التَّخريج -على صِغر حجمه- كتاب للدُّكتور عبد الغني التَّميمي الأردني)، وهو بلديُّنا -هنا-، وبلغني أنه مريض، وأسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يمنَّ عليه بالشِّفاء والعافية.
فالأستاذ الدُّكتور عبد الغني التَّميمي له رسالتان صغيرتان -جدًّا- رسالة بعنوان: «علم تخريج الحديث»، ورسالة بعنوان «عِلم دراسة الأسانيد»، حتى الشَّيخ بكر لما قال لي؛ قال: (مع أن هذا الكتاب صغير؛ لكنه أحسن أنواع الكتب والرَّسائل في باب تعليم التَّخريج)، هذا القسم الأول؛ وهو التَّخريج النظري.
أمَّا علم التَّخريج التَّطبيقيّ؛ فمِن أحسن الكُتب في ذلك: كتب شيخِنا الشَّيخ الألبانيّ -رحمه الله-: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» و«سلسلة الأحاديث الضَّعيفة» و«إرواء الغليل» و«صحيح سنن أبي داود» -الموسَّع-.
وكذلك: عليك بكتاب «البدر المنير» للإمام ابن الملقِّن، وأيضًا: مؤلَّفات فضيلة الأخ الشَّيخ أبي إسحاق الحويني الأثري -حفظهُ اللهُ ورعاه-؛ فهي -أيضًا- نموذج لطيف وجميل في طريقة التَّخريج بالأسلوب الحسن الطيِّب.
فمن قرأ علوم الحديث ومصطلحه، وقرأ كيفيَّة دراسة كتب التَّخريج النظرية، ثمَّ درَس هذه الكتب؛ حينئذٍ: يجب -أو بالأَحْرَى- تكون قضايا وأصول علم التَّخريج -نظريًّا وتطبيقيًّا- سهلة وميسَّرة على الدَّارس.

3. السُّؤال:
هل الصَّلاة من دون رغبة باطلة؟
الجواب:
عجيب هذا السُّؤال! واللهِ، هذا عجيب! أنا لأوَّل مرة يمرُّ بي مثل هذا السُّؤال!
الصَّلاة من غير رغبة!! كيف؟!!
الرَّسول ﷺ يقول: «جُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاة»؛ فكيف تصلِّي من دون رغبة؟!!
كيف يكون لك ذلك؟!!
نعم؛ سؤالك حسَن؛ لكنّ الفعلَ هذا ليس بحسَن، ولا ينبغي!
يجب أن تُقبل على الصَّلاة بحُبٍّ ورغبةٍ.
نعم؛ قد لا يكون عندك الخشوع الكافي -أو الكامل-؛ لا حول ولا قوَّة إلا بالله.
لكنْ: أقبِلْ عليها، ولْيَكُنْ حُبُّكَ -كُلُّهُ- لها -وفيها-، وإيَّاكَ أنْ يتكرَّرَ على لسانِكَ ذِكْر الرَّغبة وعدم الرَّغبة!
﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.. ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ -كما قال الله -تبارك وتعالى-.
وهذا أخشى أن يكونَ من وسوسة الشَّيطان؛ أن يُوسوسَ لكَ الشيطان أنَّك تُصلِّي بغيرِ رغبةٍ؛ هذا لا يجوزُ.

4. السُّؤال:
ما حُكم تسديد دَين الفقير بمال الزَّكاة؟
الجواب:
يجوز؛ لكن: بِشرط أن تُخبرَه بذلك؛ تقول له: أنا عندي زكاة سأنفقها في سَدِّ دَينِك، يجوز، ما فيه أي مانع -إن شاء اللهُ-.

5. السُّؤال:
هل تجوز الصَّلاة جماعةً مع ترك مسافاتٍ بين الْمُصلِّين؟
الجواب:
أوقفني بعض الإخوة وانتشر النَّقل -كثيرًا- في وسائل التواصل الاجتماعي -أمس، أو أول أمس- في كلام شيخ الإسلام عن ترك التَّراصِّ في الصُّفوفِ من أجلِ عُذرٍ معيَّن.
أنا أقول: لا مانع؛ لكن: ترك التَّراصِّ يعني أن يكون بينك وبين مَن بجانبك قدر أصبع أو أصبعين.. قدر خمسة أصابع.. قدر شِبر، لا يكون قدر مِتْر.
لذلك: الشَّيخ العباد -حفظه الله ورعاه- أفتى أنَّ الصَّلاة بِقَدر شِبْر أقرب إلى أن تكون صلاة مُنفرِدين وليست صلاة جماعة.
فلذلك؛ أنا أقول: كلام شيخ الإسلام كلام دقيق؛ ترك التراصّ لم يقل: وجعل فراغات؛ لكن أنا أقول أيضًا -وأعوذ بالله من شرِّ نفسي وسيِّئات عملي- أنَّ هؤلاء الذي يقولون للنَّاس: ترك متر بين كل إنسان وآخر -أو أكثر من متر-أحيانًا- مِن أجل التَّوقي؛ أنا أقول: التَّوقِّي -في الحقيقة- ليس -فقط- في هذا.
التَّوَقي يكون بأن تُصلّي على سجَّادة -خاصَّة للصَّلاة-، تأتي بها معك في بيتك.
التَّوَقِّي بأن تلبس الكمامة والقفَّازات.
التَّوَقِّي بأن تأتي بمصحفك إذا أردتَّ أن تقرأ في المصحف، ولا تمسك مصحف المساجد.
التَّوَقِّي أن يكونَ في المسجد في مواضع كثيرة -وكثيرة جدًّا- الأدوات الْمُعَقِّمة.
هذا -كلُّه- حسَن مع بعضه البعض؛ حينئذ: موضوع المباعدة لا يكون له كبير الأثر الذي يَظنُّه مَن يظنُّه حتَّى -معذرةً- الأطبَّاء؛ لأنَّهم يَخافون مِن نقل الْعَدْوى نتيجة السُّجود أو المحاكّة -أو ما أشبه-، وهذا يضعُف كثيرًا -وكثيرًا جدًّا- في هذه الشُّروط أو هذه التَّحفُّظات التي أشرتُ إليها.

6. السُّؤال:
أرسل لي أحد الإخوة مَبلغًا من المال للمساهمة في مبادرة لتوزيع طُرود على المحتاجين، ثمّ أخبرني أنها زكاة ماله؛ فهل يجوز أن أخرجَها طعامًا؟
الجواب:
زكاة المال تُخرَج مالًا، لا تكون طُرودًا، ولا تكون طعامًا، الطُّرود والطَّعام تكون من حُرِّ المال -سواء صدقات أو هِبَات- وكلُّه خير، وكلُّه أجر، وكلُّه مثوبة، هذا -كلُّه- في الحقيقة- مِن أبواب الخير، ومِن أبواب الأجر والثواب.
لكن: الزَّكاة مُقنَّنة؛ المال يُخرَج مالًا، وزكاةُ الْمَزروعات -كذلك- تُخرَج من الْمَزروعات، وزكاة الغَنَم تُخرَج غَنَمًا، وهكذا.

7. السُّؤال:
ما حكم صِيام من نام من السُّحور إلى المغرب؟
الجواب:
فرق بين أن يكون غلَبه النَّوْمُ، وبين أن يكون تَعَمَّد النَّومَ مِن غير اتِّخاذ الأسباب للاستيقاظ.
مِن ناحية الصِّيام: لا نستطيع أن نُبطِل الصِّيام؛ لكنْ: نقول: لا شكَّ أنه خَدَشَ صومَه، فَضلًا عمَّا هو أعظَمُ وأشدُّ إثمًا؛ وهو الصَّلَوات الَّتي تعمَّد -نحن نتكلَّم عن الْمُتعمِّد-الآن-.. الصَّلَوات الَّتي تعمَّد تركَها وعدَمَ الاستيقاظ من أجلِها؛ هذه طامَّة كبرى! وهذا إثم أعظَم!
هنالك صلاة الظُّهر وصلاة العصر؛ أين هو منها؟!
والرَّسول -عليه الصَّلاة والسلام- ماذا يقول؟ «مَنْ تَرَكَ صلاةَ العَصْرِ؛ فَقَدْ حَبِطَ عمَلُهُ»، وفي رواية أخرى: «مَنْ تَرَكَ صلاةَ العَصْرِ؛ فَكَأَنَّما وُتِرَ أَهْلَهُ ومالَهُ»؛ يعني: كالَّذي فَقَدَ أهلَه ومالَه، فإيَّاكَ أن تُضيِّع أجرَك وثوابَك، وأن تُوقع نفسَك بالإثمِ من أجل هذا النَّوم، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.

7. السُّؤال:
بعض الأئمَّة في المساجد يدعو عند دعاء القنوت: «وقِنَا شَرَّ ما قَدَّرْتَ وقَضَيْتَ»؛ فهل ورد هذا اللَّفظ؟ وهل هو صحيح؟
الجواب:
هذا اللَّفظُ ليس بصحيحٍ -فيما أعلم، وفيما أحفظ-؛ وإنَّما الصَّحيح: «وقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ»، أمَّا «قَدَّرْتَ» -فيما أذكُر، وفيما أعلم-؛ ليس بصحيح.
والحديثُ من حديث الحسَنِ بن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في «السُّنَن» ؛ قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، قال: «قُل: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ... وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ». هذا هو.

8. السُّؤال:
نريد منك نصيحة عن اختيار الصُّحبة الصَّالحة، وما صفاتهم؟
الجواب:
الصُّحبة الصَّالحة هي الَّتي تريد لكَ ولا تُريدُ منكَ.
الصُّحبة الصَّالحة هي الَّتي تذكِّرُكَ بالله.
الصُّحبة الصَّالحة هي الَّتي تأخذُ بيدِكَ لِمَا فيه خيرُكَ -في الدِّين والدُّنيا-.
الصُّحبة الصَّالحة هي الَّتي لا تُؤذيكَ.
الصُّحبة الصَّالحة هي الَّتي ترجو لكَ وتُحبُّ لكَ ما تحبُّ لنفسِها.
الصُّحبة الصَّالحة صفاتُها الخيِّرة كثيرةٌ؛ لكنْ: يَكفي منها أن يكونَ لنا ما ذَكَرْنا مِن هذه الصِّفات، ومن هذه المعاني.
ويكفي -أيضًا- أن نتذكَّر قول النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
إذا وجدتَّ صحبةً فيها هذا المعنَى؛ تكفِكَ، وتُغْنِكَ، ولا تحتاجُ إلَى غيرِ ذلك؛ لأنَّه لا أحدَ يُحِبُّ لنفسِه النَّقصَ، ولا أحدَ يحبُّ لنفسِه الخَلَل، فمَن أحبَّ لكَ ما يُحِبُّ لنفسِه؛ فهو خيرٌ كثيرٌ.

9. السُّؤال:
هل حديث: «إنَّ للهِ مئةَ رَحْمةٍ» يدلُّ على الحصر، أم أنه مثل حديث التِّسعة والتِّسعين اسمًا؟
الجواب:
نقول: (حديث التِّسعة والتِّسعين اسمًا) -أيُّها الإخوة في الله- جاءت نصوصٌ أخرى جعلتنا نقولُ بأنَّه ليس دليلًا على الـحَصْرِ.
لكنْ: «إنَّ للهِ مئةَ رَحْمةٍ» يتكلَّم عن قضيَّة غَيبيَّة، وليس عندنا دليل أنَّ الأمر زائد عن ذلك.
والعُلماء يقولون: (العَدَدُ لا مفهومَ له)؛ يعني: أنَّ ذِكْر عدد معيَّن لا يَنفي ما سواه عند وُرودِه؛ فحينئذٍ: العدد يكون لا مفهومَ له.
لكن: عندما يَرِدُ عددٌ ولا يرِدُ ما يُخالِفُه أو ما يزيدُ عليه أو ما ينقُصُ منه؛ فالأصل: أنَّ هذا العدد على ما هو عليه، ويجب أن نؤمنَ به كما ورد.

10. السُّؤال:
هل الوصال بالصِّيام إلى السَّحَر مُستحبٌّ أم مباح؟
الجواب:
نقول: بل هو -فقط- مباح؛ لأنَّ الرسول -عليه الصَّلاة والسلام- أَذِنَ لِمَنْ أراد الوِصالَ أن يُواصِلَ إلَى السَّحَرِ، أمَّا أكثر من ذلك؛ فلا يجوزُ، وهو خاصٌّ بالرَّسولِ -عليه الصَّلاة والسلام- لَمَّا كان يُواصِل ويَنهاهم عن الوِصالِ؛ فسألوه، قالوا: يا رسول الله، فإنَّكَ تُواصِلُ؟ قال: «أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني» -صلواتُ الله وسلامه عليه-.

11. السُّؤال:
كيف كان الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله- في رمضان؟
الجواب:
الشَّيخ الألبانيُّ كان في رمضانَ مثلُه مثلُ أيِّ إنسان مؤمن صالِح -و لا نُزكِّيه على الله-، يحرِصُ على أن يكون يومُ صَومِهِ يومًا مُبارَكًا بالخيراتِ والطَّاعاتِ، والشَّيخ الألبانيُّ -إضافة إلى هذا الصَّلاح العامّ- هو رجل عِلمٍ وعَمَلٍ ودعوةٍ وتقوًى -ولا نُزكِّيه على الله-، بالإضافة إلى ما يقوم به من مُؤلَّفات ومن فَتاوى وإجابة على الأسئلة، فضلًا عن حرصِه على القيامِ، وهو لآخر وقتِه في عُمره وهو يُصلِّي السُّنَنَ كلَّها مِن قيام، هذا يعني -إن شاء اللهُ- مِن عاجل بُشرَى المؤمنِ، و نسأل اللهَ أن يرحمَه وأن يغفرَ له وأن يجمعَنا وإيَّاكم وإيَّاه في جنَّة اللهِ.

12. السُّؤال:
ما الفَرْق بين الزَّيغ والزَّلَل؟
الجواب:
الزَّيْغُ: هو انحرافٌ، الزَّلل: الخطأ، قد أزِلُّ أو تَزِلُّ؛ لكن: نَرْبَأُ بأنفسِنا أن نَزِيغَ أو تَزِيغَ، هذا هو المعنى، وإن كان قد يكون في اللُّغة المعنَى مُتقاربًا؛ لكن: نتكلَّم عن الاصطلاحِ العُرْفيّ بين أهل العلمِ؛ فالزَّلَل أمرٌ قد يُقال بأنَّه -أيضًا- كالزَّيْغِ؛ لكنْ: لا يُستعمَل استعمالَ الزَّيْغ، الزَّيْغُ فيه معنَى التعمُّد ومعنى المخالَفة الصَّريحة للحقِّ ومنهج الحقِّ والكتاب والسُّنَّةِ والصَّواب، أمَّا الزَّلَل؛ فقد يكون نتيجةَ خَلَلٍ في الاجتهادِ، خطأ في القَوْلِ أو الفِعْلِ.




انتهى اللِّقـاء الحادي والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 04-23-2021, 03:49 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء الثَّاني والثَّلاثون (*)
(11 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
إذا وجد لشيخِ الإسلام ابن تيميَّة ترجيحان مُتعارِضان أحدُهما في «المجموع» [مجموع الفتاوى]، والآخَر في كتاب «الاختِيارات الفقهيَّة»؛ فأيُّهما يُقدَّم؟
الجواب:
ابتداءً: العلماء قد يكون عندهم أكثر مِن قول في بعضِ المسائل -يَرجع إلى قول، أو يَرجع عن قول-؛ هذا شيءٌ مَعروف وشيءٌ مشهور -وللهِ الحمد-؛ فحينئذٍ نقول: قد لا يكون هذا من باب التَّعارض الفقهي؛ وإنَّما من باب الرُّجوع عن قَول إلى قول.
لكن: إذا لم يتبيَّن لنا ذلك؛ قد يكون -هنالك- قرائن.
في الغالب: ما اختاره شيخُ الإسلام ابن تيميَّة في كتاب «الاختيارات» أرجح مِن غيره؛ لأنَّ «الاختِيارات» كأنَّها نقاوة فِقه شيخ الإسلام وعِلمه -رحمه الله-تعالى-، وكيف.. إذا عَرَفنا أنه طُبع -قريبًا- عدَّة رسائل ماجستير ودكتوراه في اختِيارات ابن تيميَّة -رحمهُ الله-لعلها وصلت إلى اثني عشر مجلدًا-، في دراسات موسَّعة لـ«الاختِيارات» التي طُبعت في مجلَّد صغير.

2. السُّؤال:
إذا سمحت الدَّولة بافتتاح المساجد ولكن يُشترَط أن الصَّلاة عن بُعد: ماذا نفعل؟ وما هي أفضل: الصَّلاة عن بُعد، أو إغلاق المساجد؟
الجواب:
اليوم أحد الإخوة لفت النَّظر إلى شيء وقفتُ عنده -بِصراحة-.
نحن -ابتداءً- في هذا الظَّرف مع المباعدة؛ لكن المباعدة التي تكون يعني نحو شِبر -مثلًا-.
أمَّا: متر؟ ما الدَّاعي لها؟!
إذا وُجد لكلِّ واحد سجادة صلاة ووضع الكمامة ولبس القفاز ومعه مصحفه؛ فماذا يَلزم من مسافة المتر -أو الأكثر-أحيانًا-؟!
لكن: إذا هذا صار فرضًا: إمَّا أن تُفتح المساجد بهذه الشُّروط، أو تُغلَق بِغير هذه الشُّروط؛ نقول: لا؛ تُفتَح، ونحن مضطرُّون نأتي المساجد بهذه الشُّروط، فرق بين حالة الاختِيار وحالة الاضطِرار.

3. السُّؤال:
إذا نسي تبييت النِّيَّة: ماذا يترتَّب على ذلك؟
الجواب:
موضوع تبييت النِّيَّة شَرحناه -كثيرًا-، وقلنا: كلُّ مَن لا يُريدُ الفِطْرَ غدًا؛ فهو صائم.
فإنسان قال: (واللهِ؛ أنا اليوم مريض أريد أن أفطر غدًا) هذا لو صام غدًا؛ صيامُه باطِل.
لكنْ: إذا أنَّه لم يفعلْ ذلك وكان عازِمًا على الصِّيام مِن أوَّل يوم -ولله الحمد- هو في إيمان، وفي معرفة، وفي عزمٍ على الصِّيام، فتَجَدُّد النِّيَّة تِلقائي -كما يُقال- إلا لِمَن قطع النِّيَّة بسبب سفرٍ -مثلًا- يُريده، أو مرض طرأ عليه -وما أشبه ذلك-.

4. السُّؤال:
مَن لم يتسحَّر هل عليه شيء؟
الجواب:
ليس عليه شيء، ولا نستطيع أن نوجبَ السحور، وإن كانت أدلَّة الوجوب أقوى؛ لكن: لم نعلم من العلماء المتقدمين في القرون الأولى مَن قال بذلك؛ فنحن مع الاستحباب والتَّوكيد عليه.
لكن: لا شكَّ أنَّ مَن لم يتسحَّر قد فوَّت على نفسه أجرًا كبيرًا.
والله الموفق.

5. السُّؤال:
أنا مُصاب بالوسواس ومُبتلى بِسَلسِ البول: هل يَسيرُ سَلَس البول يُعفَى عنه إذا أصاب الملابسَ التي يريد الصَّلاة فيها؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
يا صاحب الوسواس: بعد أن تقضيَ حاجتك -وتَستنجي-؛ انضَحْ في موضِع ملابسك الدَّاخليَّة، ولا عليك ما وراء ذلك، وإيَّاك والوسوسة! وصلِّ وتوضَّأ لكل فريضة إذا دخل وقتُها.
أما أن تكونَ غارقًا في الوسوسة، وأن تكون مُخادِعًا نفسَك في هذه الوسوسة، وغارقًا في أوهامك؛ فلا!
احذر.. احذر..!
الوسوسةُ سُمٌّ قاتل، وبلاء عظيم.. اقطع الوسوسة!
جاء رجلٌ إلى الإمام أحمد قال: يا إمام! إنَّ بي وَسواسًا؟
ماذا قال له الإمام؟
قال: (اُلْهُ عنه)! يعني: تناساهُ، ولا تلتفتْ له -في قليل، أو كثير-.

6. السُّؤال:
هل يُشرع القنوت في صلاة التَّراويح مِن أول ليلة؟ ومتى يتم رفع اليدين لدعاء القنوت؟
الجواب:
القنوت مِن أول ليلة من رمضان، ورفع اليدين في القنوت كلِّه -مِن ألِفِه إلى يائه-، هذان أمران.
الأمر الثَّالث: أن نقول بأنَّ المنقول عن السَّلف أنَّهم بعد النِّصف مِن رمضان كانوا يَدْعُون للمسلمين، ويَدعون على الكافرين.
لكن هذا الدُّعاء الزَّائد على القنوت المأثور: لا يجوز أن يكون سببًا في تطويل الزَّائد أكثر مِن المزيد عليه؛ فليَكن مثله.
لكن الذي نراه -اليوم-كما نبهتُ في بعض الفتاوى- أكثر مِن ذلك بِكثير!

7. السُّؤال:
ما حكمُ استعمال العطورات -بِجميع أنواعها-؛ كالبَخور والعود والعطورات الجديدة البخاخة؟
الجواب:
إذا قصدتَّ في غير الصِّيام؛ فالأمر واسع، وإذا قصدتَّ في الصِّيام؛ فنقول: استعمالُها -كلِّها- جائزٌ، ولا ينقُض الصِّيام إلَّا البَخُور إذا وجَّهتَه إلى نفسِكَ.
فالبَخورُ بكثافتِه له جرم، وأفتى بذلك الشّيخ محمَّد بن إبراهيم -وغيرُه من أهل العلم-؛ بخلاف ما لو كان البَخورُ في مكان بعيدٍ وفقط يغيّر رائحة الجوّ.. غير ما يَحدث في مجالس إخواننا في السُّعوديَّة والكويت والخليج يَضع البَخورَ على أنفِه ويَستنشقه بطريقة..؛ لا شكَّ أن هذا مُفطِّر.
وفي الحقيقة: لَمّا كنا نَذهب إلى السعودية والكويت -وهُم أهل كرم وأهل جُود- كانوا عندما يُقدِّمون لي هذا الْبَخور بهذه الطَّريقة، واللهِ؛ أكاد أختنق! لكن -طبعًا- هُم لا يُريدون إلا الإكرام ولا يريدون إلَّا ما وُفِّقوا إليه من الجود -جزاهم الله خيرًا-، وإكرام الضَّيف؛ لكن النَّاس تَتَبَعُ العادات؛ لم نعتَد على هذا في بلادِنا وفي بيوتِنا.

8. السُّؤال:
هل ثبت مِن فضل للشَّخص الذي يموت في هذا الشّهر، وأن ذلك يدلُّ على صلاح الميت؟
الجواب:
لا أستحضر دليلًا على ذلك؛ لكن -بشكل عام- الموت في الأيَّام الفاضلة والأيَّام الطَّيِّبة خاصَّة إذا كان على عمل صالح وختم اللهُ له بعمل صالح؛ فهذا من المبشِّرات، ونرجو اللهَ له الخيرات.
أمَّا أنَّه يوجد دليل خاصٌّ؛ فأنا في حدود ما أتذكر -هذه السَّاعة- لا يوجد دليل خاص على ذلك.

9. السُّؤال:
إذا نام شخص قبل الإفطار ولم يَستيقظ إلا في صباح اليوم الثَّاني: فهل عليه أن يواصِل صومَه، أو يُفطر؟
الجواب:
كيف يُفطر وقد دخل عليه يومٌ آخَر!؟
هنالك قضيَّة أخرى؛ وهي قضية النِّيَّة: هل هو عنده نيَّة مُبيَّتة مُستمرة، أم أنّه عنده شيء يَقطع النِّيَّة؟
مُجرَّد نومِه؛ هذا -إن شاء الله- لا بأس به إذا كان عزمُه مُتجدِّدًا للصِّيام في شهر الصِّيام.
أمَّا: نام قبل المغرب واستيقظ بعد الفجر؛ نقول له: أفطِر ...! قد دخل يومٌ آخَر، والصِّيام تجدِّد، والواجب تأكَّد..؛ فهذا غير مستقيم.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
في خلع الأسنان ربما أدَّى إلى ابتلاع شيء من دمِ نفسِه؛ ما حُكمه؟
الجواب:
حكمُه: لا شيءَ عليه؛ إلَّا إذا تعمَّد، ولا أظنُّ أن عاقلًا يتعمَّد أن يبتلع الدَّمَ، أو يبتلع -حتى- المضمضمة، لا يمكن هذا التَّعمُّد بالنِّسبة لمسلم عاقلٍ فاهِمٍ؛ هذا غير موجود.
لكن سأفرض صورة -ولو خياليَّة-نوعًا-ما-: لو فعَل ذلك؛ فإنه يُفطِر: إذا تَعمَّد.

11. السُّؤال:
ما حُكمُ تَذوُّق المرأة عند الطَّبخ للطَّعام بِطرفِ لِسانها؛ لمعرفة ما يَنقصه من المكوِّنات والملح والبهارات -وما أشبه-؟
الجواب:
ورد في البخاري -وهذا يبدو اختيار الإمام البخاري-: أنَّه لا بأس أن تَذوّق المرأة الطَّعام عن عدد من السَّلف؛ فلا بأس في ذلك.
لكن الذَّوق في طرف اللِّسان، لا يُبتلع -بداهة-بِطبيعة الحال-.
لكنْ نقول -فقط- في طرف اللِّسان، وسُبحان الخلَّاق العظيم! طرف اللِّسان هو الذي فيه حواسُّ الذَّوقِ، وكلّ جزء من اللِّسان فيه: شيء للحموضة.. شيء للحلاوة.. شيء للمرارة.. سُبحان الخلَّاق العظيم! وهذا صُنع الله -سُبحانه في علاه-.

12. السُّؤال:
ما حُكم مَن أصابها الحيض -وهي صائمة- قبل الإفطار -بِفترة بسيطة-؟
الجواب:
حتى نَضبط السُّؤال نقول: (قبل الغروب).
لو قبل الغروب بدقيقةٍ واحدة جاءها الحيض؛ فسد صومُها.
لو بِساعة.. ساعتين.. ثلاث ساعات..؛ فَسَد صومُها، ويجب أن تُعيد هذا اليوم.
وليست آثمة؛ لأنَّ حيضها ليس بيدِها.
فتُعيد هذا اليوم، و-إن شاء الله- يتقبَّله الله -عزَّ وجلَّ-.

13. السُّؤال:
هل للمسافر في رمضان أن يُفطر في بيتِه [قبل السَّفر]، أم لا بُدَّ مِن قطع مسافة؟
الجواب:
هنالك حديث في «سُنن التِّرمذي»: أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أفطَرَ في بيتِه قبلَ السَّفَرِ.
ولشيخِنا الشَّيخ الألبانيّ -رحمه الله- رسالة صغيرة بِعنوان: «تصحيح حديث إفطار الصَّائم قبل سفره».
فهذه -أيضًا- من باب رُخَص، وكما قال النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-..: «إنَّ اللهَ يحبُّ أنْ تؤتَى رُخَصُهُ كما يحبُّ أنْ تؤتَى عزائمُهُ» وفي لفظ آخر: «إنَّ اللهَ يحبُّ أنْ تؤتَى رُخَصُهُ كما يكرَهُ أنْ تؤتَى معصِيتُه».

14. السُّؤال:
بالنِّسبة لتأخيرِ السحور: كما تعلَم أنَّ أذان الفجر في هذا الزَّمان -في أغلب، أو بعض الدُّول- يكون قبل ثبوت الوقت الشّرعي، وقد قرأنا في كتاب «تبصير الأنام بفضائل الصِّيام»: أنَّ -هنالك- آثارًا عن الصَّحابة أنَّهم كانوا يتسحَّرون حتى يتضح الفجر وينتشر في الطرق والأزقة، وأنت تعلم ذلك ...إلخ؛ لأنَّ بعض النَّاس يأكل ويشرب بعد أذان الفجر؛ لأنَّه يعتقد أن وقتَ الفجر لم يَخرج بعد؟
الجواب:
إخواني الكرام هذه الأثار نحن نعرفها -كما ذكر السَّائل مِن باب حُسن الظَّنِّ-جزاه الله خيرًا-.
النَّص القرآني واضح: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
وأمَّا آثار الصَّحابة فتُحمَل على هذا، ولا تُحمَل على مُناقضتِه أو المزيدِ عليه، وبخاصَّة أن الصَّحابة -رضي الله-تعالى-عنهم- يَذكُرون ما يعيشُه كلّ واحد منهم؛ فقد يجتهد واحد منهم فيَظنُّ أنَّ الفجر هكذا -هذه صفتُه-.
لكن الصَّواب الذي يجب أن يكون هو المهيمن: هو النَّص القرآنيّ ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
أمَّا أكثر من ذلك: قرب دخول الشَّمس، وانتشار الفجر في الطُّرقات؛ هذا غير صحيح.
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- أخبرنا أن الفجر فجران: الفجر الصَّادق، والفجر الكاذب.
الفجر الصَّادق: هو الذي يَنتشر في الأفق، فمَعَ أوَّل ظهورِه في الأفق يَقف الإنسان؛ لأنَّ هذا هو الخيط الأبيض الذي يتميَّز عن الخيط الأسود.

15. السُّؤال:
امرأة كبر سنُّها وتغيَّر عقلُها فماتت عليها وعليه صيام رمضانَين، وكانت لا تَعلم رمضان من غيره -بسبب التغيُّر-: فهل يُطعِم عنها ابنُها، أو يصوم عنها؟
الجواب:
لا يصوم عنها.
يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: «لا يَصومنَّ أحدٌ عن أحدٍ، ولا يُصلِّين أحدٌ عن أحد».
قد يقول قائل: وحديث: «مَن مات وعليه صوم صام عنه وليُّه»؟
أرجحُ الأقوال: أنَّ هذا صوم النَّذر وليس صوم رمضان.
أمَّا المرأة العجوز أو الشّيخ الفاني؛ فَنَقول كما قال الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ عن كل يوم يطعَمُ مسكينٌ في ذلك.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.




انتهى اللِّقـاء الثَّاني والثَّلاثون





___________
(*) اللِّقاء في جُزأين، الأوَّل قصير به تقطُّع كثير، والثاني هو الذي به الأسئلة والأجوبة.
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 04-24-2021, 09:05 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء الثَّالث والثَّلاثون

( رمضان 1441 هـ)



[تنبيه حول اختصار الأجوبة]
قال الشَّيخ -رحمه الله-:
وقع في قلبي شيء -أمس، أو أول أمس- أحببتُ أن أذكرَه لكم:
ظُروف البث المباشر، وكثرة الإخوة: تفرِض نوعيَّة معيَّنة من الأجوبة، قد تكون الأجوبة مختصرة ومركَّزة.
ولا أريد -في الحقيقة- أن أطوِّل في الجواب، ونَقْل الخلاف، والرَّد، والرَّد على الرَّد، والتَّرجيح في المسائل؛ وإنَّما أذكر خلاصات؛ لأن المقام لا يتَّسع أكثر من ذلك.
والإخوة الموجودون معنا مُنوَّعون: منهم طالب العلم: تكفيه الإشارة، ويستطيع أن يَرجع، وأن يُراجع، ويهمُّه معرفة -معذرةً- الرَّأي الشَّخصي.
والنَّوع الآخر مَن هو ليس بطالبِ علم: من عامَّة المسلمين، يكفيه هذه الإشارة وهذه الكلمات الوجيزة.
أحببتُ أن أذكر ذلك بين يدي الجواب.


1. السُّؤال:
امرأة ولدَتْ بعمليَّة قيصريّة ولم ينزل دم من رحمها؛ فهل تُعدّ نفاسًا وتُفطر في رمضان؟
الجواب:
أمّا أنّها تُفطِر؛ فتُفطِر؛ لأنّها امرأة مريضة، وشقّ البطن لا شكَّ أنَّه مُتعِبٌ ومؤلِمٌ، وتحتاجُ أدوية معيَّنة -وما أشبه-.
وسأفرِض أنَّها ليست كذلك: ما شاء الله؛ امرأة قويَّة، تتحمَّل هذا الأمرَ -وهو شقّ البطنِ وإخراج الولَد-؛ هل تُفطِر؟
إذا كانت لا تريد أن تُفطِر؛ لا مانع، وإذا كانت تقوى على الصِّيام؛ لا مانع؛ لكنْ: هل تدخل في النِّفاس؟
ما دام أنه لا يوجد دم النِّفاس؛ فلا تدخُل في أحكام النِّفاس؛ لأنَّ النِّفاس سُمِّي نفاسًا؛ لِما يتعلَّق بالولادة التي يعقُبها دم، أمَا والحال -ههنا- صورة استثنائيّة -طبعًا؛ لم تكن هذه الصُّورة في أيَّام العرب الأوائل، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-فيما أعلم-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

2. السُّؤال:
ما مقدار فدية الصَّوم لمن لا يستطيع الصَّوم بتاتًا؟
الجواب:
قول الله -عزَّ وجلَّ-: ï´؟وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍï´¾؛ فالفِديةُ عن كلٍّ يوم طعامُ مسكينٍ واحدٍ.
الآنَ: اختلف العلماءُ: هل يُجزئ أن تُطعِمَ مسكينًا واحدًا بعَدَد الأيّام التي أفطرتَها؟ أم لا بُدَّك من إطعامِ عدّة مساكين بعدد الأيّام التي أفطرتَها؟
أرى أن الأمر واسع، وإن كان الأفضل هو تعدُّد الأشخاص؛ لكن: لا أقول أنَّ غير ذلك لا يجوزُ.
هذا، والله -تعالى- أعلى وأعلم.

3. السُّؤال:
دعاء القُنوت قبل الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟
الجواب:
دعاء قُنوت الوِتر قبل الرُّكوع، ودعاء النَّوازِل بعد الرُّكوع؛ لأنَّ الرَّسولَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- في غير دُعاء الوِتر كما قال أنسٌ: «ما كان رسولُ اللهِ يَقْنُتُ إلَّا إذا دَعا لِقَومٍ أو دَعا علَى قَومٍ»، وفي «الصحيح»: أنَّ الرسولَ -عليه الصلاة والسلام- دعا على رعل وذَكْوان شهرًا ثمَّ ترَكَ.

3. السُّؤال:
هل الحِجامة في نهار رمضان مُفطِّرة؟ وهل يجوز أخذ الأجرة عليها؟
الجواب:
هنا مسألتان إذن:
ابتداءً: هل يجوز أخذ الأجرة عليها؟ نعم؛ الرَّسولُ -عليه الصَّلاة والسَّلام- احتجمَ وأعطَى أُجرةَ الحجَّامِ لَهُ، والحجَّام كانت كُنيتُه أبا طَيْبةَ، أبو طَيْبَةَ الحجَّام هو الَّذي حَجَمَ الرَّسولُ -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
قد يقول قائل -أو يسأل سائل-: فكيفَ نعمَل بحديث: «كَسْبُ الحجَّامِ خَبيثٌ»؟
قال العلماء: هنا الخبثُ المقصودُ به خُبْثُ المِهنةِ؛ يعني: فيها دماء وفيها ما أشبه ممَّا تتأذَّى منه النّفسُ الطّبيعيّة؛ فالخبثُ -هنا- ليس هو الخبث الَّذي فيه تحليل أو تحريم -وجودًا وعَدَمًا-.
قوله: هل الحِجامة في نهار رمضان مُفطِّرة؟
المسألة خلافيَّة، أنا أميل إلى أنَّها ليست مُفطِّرة، وحديث: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ» أرجح الأقوال أنه منسوخ، صحَّ عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه رَخَّصَ بالحِجامةِ للصَّائم -غير حديث: «احتجمَ وهو صائمٌ»-؛ ففي هذا إشارات إلى أنَّه كان مأذونًا به ثم تُرِك.
مع التَّنبيه إلى شيء في النقطة الثالثة؛ وهي: أنَّ الحجامة -قديمًا- كانت بالقَرْن وبشَفْط الدَّمِ، فمظنَّة ابتلاعِ الدَّم نتيجة الشَّفط كبيرة؛ من هنا: جاء الخبثُ من جهة، وجاء الأمر بالفِطْر من جهةٍ أخرى.

4. السُّؤال:
ما حُكم إخراج زكاة الفِطْر تَمْرًا -وهو ليس من قُوتِ البَلَدِ-؟
الجواب:
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقولُ: «بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُه»، وهو موجودٌ بالنصِّ، هذا السُّؤال ممكن أن يُطرَح فيما إذا لم تكن المادَّة موجودةً في النصّ، أمَّا التَّمر والأقط والقمح والشَّعير -وما أشبه-؛ هذه موجودةٌ بالنصِّ، ووجودُها في النَّص -ابتداءً- أصلٌ في جوازِها.
الآن: ما هو الأفضل؟ الأفضل أن يكون المنصوصُ عليه من قوت البلَدِ؛ فهذا نِعْمَ الفِعْل، ونِعْمَ الأمر.

5. السُّؤال:
هل يجوزُ أن تُطوَّل المدَّةُ بين ركعات التَّراويح؛ مثلًا: لساعات؟
الجواب:
ما دمتَ تُصلّي في بيتِك؛ فالأمرُ أمرُكَ، والرَّأيُ رأيُكَ، وأنت تفعَل ما هو الأوفقُ لكَ، تستريح؛ حتَّى تعيد نشاطكَ، وتقبل على اللهِ -عز وجل- بالصَّلاةِ -أكثر وأكثر-؛ هذا أمر يعود إليك.
لكن: لماذا مثل هذا الأمر لا يُقبَل في المساجد -لو كانت المساجد مفتوحة-مثلًا-؟ لأنَّ هذا فيه مشقَّة على النَّاسِ؛ انتظار أنْ يكون بعد الجزء الأوَّل -مثلًا- ساعة وساعتين؛ هذا فيه مشقَّة على النَّاسِ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

6. السُّؤال:
مع دخول شهر رمضان وإغلاق المساجد بسبب انتشار وباء (كورونا) -في العالم-: فهل يصحُّ الاعتكاف في البيوت؟
الجواب:
وأنت مُعتكِف في بيتك في هذا الحجر -شئت، أم أبيت-!
أمر الاعتكاف في البيوت غير وارد -ههنا- أصلًا؛ لأنَّ النَّص في القرآن: ï´؟وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِï´¾.
لكنْ: مكثُك في البيت بالنيَّة الحسنة -إن شاء الله- والإقبال على الله بالعبادة والذِّكر والصَّلاة؛ نرجو أن يكون ذلك أمرًا فيه أجرُك وثوابك -إن شاء الله-تعالى-، ويكون خيرًا من اللَّهو والسَّهر بغير فائدة ولا نيَّة طيِّبة.
أمَّا أن نقول: اعتكاف وفي البيت لا يجتمعان.
الاعتكاف؛ في المساجد.

7. السُّؤال:
هل يقاس على الأكل أن يكون الرَّجل مُجامعًا أهله وأذَّن المؤذن لصلاة الفجر: هل يأتي شهوته، أو يمسِك قياسًا على الأكل؟
الجواب:
لا بُدَّ أن يُمسِك، لا بُدَّ من الإمساك والنَّزع مباشرةً؛ فهذا أمرٌ بجانب الطَّعام أمرٌ أسهَل؛ وبالتَّالي: فالأصل: مباشرةً الإمساك إذا تيقَّنت الفجر، أو غلب على ظنِّك الفجر.

8. السُّؤال:
هل ثبت دعاء: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ-»؟
الجواب:
نعم؛ ثبت، وأمَّا تضعيف بعض الإخوة الأفاضل؛ فليس بصحيح.
وأما حديث: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ»؛ هذا لا يثبُت عن النَّبيِّ -صلَّى الله-تعالى-عليه وآله وسلَّم-، ونحن -دائمًا- نقول: خيرُ الهديِ هديُ محمَّد ï·؛.

9. السُّؤال:
أيهما أفضل: صلاة التَّراويح في البيت، أو في المسجد جماعة؟
الجواب:
أما في الوضع الاعتيادي -في غير الظَّرف الذي نعيشه ظرف (الكورونا) والصَّلاة في البيوت-: فالصَّلاة في المسجد أفضل، وهي التي فعلها الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- مع الصَّحابة ثلاثة أيَّام، ثمّ خرج إليهم، وقال: «أَمَا إِنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»، ثم أحياها سيِّدنا عمر -رضيَ الله عنه-.
لكن؛ في الظَّرف الحالي: الصَّلاة تكون في البيوت، ولا تكون في المساجد، ولا تكون جماعةً، إلا جماعة البيت الواحد الذين هم في الأصل يَجلسون معًا، ويأكلون معًا، ويشربون معًا.
أمَّا بعض النَّاس يُجمِّع -مثلًا- رجال العمارة، أو الشُّقق في العمارة الواحدة؛ هذا غير مشروع؛ بسبب الظَّرف الذي نعيشه -وهو ظرف الوباء وانتشار الوباء-وما أشبه-، ونحن على أمل -بإذن الله- أن يكون الوباء في أيَّامه الأخيرة وفي انحساره النِّهائي؛ إن شاء الله وقدَّر -سُبحانه وتعالى-.

10. السُّؤال:
هل يجوز أن تُصلَّى التَّراويح جهرًا؟
الجواب:
الأصل أن تصلِّى جهرًا.
فهل السَّائل أراد أن تُصلَّى سرًّا؛ فكتب جهرًا، أم أنّه قصدَ ما كتبه؟
لا شكَّ ولا ريب أنَّ صلاة التَّراويح صلاة جهريَّة -كسائر صلاة الليل-؛ فكيف إذا كان ذلك هو السُّنَّة المنقولة عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-؟

11. السُّؤال:
كيف تتحقَّق التَّقوى من خلال الصِّيام؟
الجواب:
رب العالمين في آخر آيات الصِّيام قال: ï´؟لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوَنï´¾؛ أي: أنه يُرجَى لِمَن قامَ بالصِّيام أن ينالَ التَّقوى، والتقوَى -كما قال الإمامُ طَلْق بن حبيب -من التَّابعين الأجلَّاء-: «التَّقْوَى: عَمَلٌ بِطَاعَةِ اللهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ؛ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ، وَاجْتِنَابٌ لِمَعْصِيَةِ اللهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ؛ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ».
فالتَّقوى ليست مجرَّد عمَل قلبِيٍّ، نعم؛ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «التَّقْوَى هَهُنَا» -وأشار إلى صدره-؛ لكن: في حديث آخر: يقول النبيُّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-: «إنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ؛ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ؛ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ»؛ فالقلبُ هو المحرِّك الأساس للأعمال والأقوال وبواطِن القلوب؛ هذه هي وظيفة القلب، وهذا هو اعتباره، وهذه هي مكانته.
أمَّا: كيف نحقق ذلك؟
بالصِّيام الذي علَّمناه إيَّاه النبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وبالأحكام الرَّمضانية التي علَّمنا إيَّاها رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-، مع الدُّعاء والتَّضرُّع إلى الله -عزَّ وجلَّ- فيما أنت بصدده؛ ذِكْرًا وإقبالًا وإخباتًا وعملًا صالحًا وعلمًا نافعًا -إن شاء الله-.

12. السُّؤال:
مقدار الفدية للمرأة المرضِع؟
الجواب:
المرأة المرضِع ملحَقة بقوله -تعالى-: ï´؟وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌï´¾؛ وبالتَّالي: إطعام؛ يعني: وجبة واحدة عن كلٍّ يوم، والوجبة من أوسط ما تُطعم أهلك؛ يعني: لا هو غالي الطَّعام، ولا هو رخيصُه؛ وإنَّما بحسب طعامك المعتاد في بيتك وأسرتك.

13. السُّؤال:
إذا صلَّيتُ في القيام اثنتين وأسلّم، ثم أربع مُتواصلات ثم اثنتين، وأُوتِر بثلاث.
الجواب:
الأصل في قيام الليل: ركعتين ركعتين، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- صلَّاها كاملةً إلَّا في التَّشهُّد قبل الأخير، ثم التَّشهُّد الأخير، والأصل: خيرُ الهديِ هديُ محمَّد -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-.

14. السُّؤال:
ما الحكم إذا أفطرت المرأة قبل الولادة بيوم أو يومين بسبب خروج بعض الدَّم؟
الجواب:
خروج الدَّم قبل الولادة بيوم أو يومين: في الغالب يكون دم عِرْق، ودم النِّفاس يكون بعد الولادة، ولا يمكن أن يكون دم حيض.
لكن: إذا أفطرت بسبب مرض أو وجع أو ألم شيء، وإذا أفطرت بسبب الدَّم شيء آخر.
الإفطار لمجرد وجود دم العِرْق هذا غير مشروع؛ لأنَّ إذا كان الدَّم يسبب لها ألمًا؛ فتُفطر بسبب الألم؛ فهذا جائز.
أمَّا: هل هو هذا الدَّم دم نفاس؟ الجواب: لا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
هل يجوز صلاة التَّراويح بالهيئات الواردة في صفة قيام النَّبي ï·؛ أربعًا أربعًا؟
الجواب:
حديث السيِّدة عائشة المشهور: أن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- «كان يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ»؛ الحديث لا أريد أن أقول: نصٌّ ظاهرٌ؛ ولكن: أريد أن أقول: الحديث واضحٌ -بالعبارة الأقل أُصوليًّا- في أنَّه أربع متواصلة.
لكنْ: سائر الفقهاء والشُّرَّاح يقول: تُصلى اثنتين اثنتين، وليست أربعًا أربعًا؛ بل ذهب بعض الفقهاء والشُّرَّاح إلى أنها لو صُلَّيت أربعًا متتالية؛ أنها باطلة!
أنا أقول: على الأقل؛ الأحوط: أن تصلَّى هذه الصَّلاة كما هو الأحوط، وكما ذكر أهل العلم، والأفضل أن نكون في رِكاب العلماء -رحمهم الله-تعالى-.

16. السُّؤال:
ما حكم تحرُّك خطوة لِقَلْبِ صفحة المصحف -لمن يقرأ في المصحف في التَّراويح-؟
الجواب:
ابتداء؛ قلنا: هذا الفعل نُجَوِّزُه في البيوت -الآن-للظَّرف الطارئ-.
أمَّا: في المساجد؛ فلا. هذه واحدة.
الثانية: قد تضطر إلى ذلك مرَّةً؛ بسبب -مثلًا- مُفاجأتك فيما أنت بِصددِه من القراءة في المصحف، أو تقليب الصفحة -وما أشبه-.
لكن في اليوم الآخَر أو في الصَّلاة الأخرى: عليك أن تحتاط لنفسك أن لا يكونَ منك إكثار للحركة -سواء حركة اليد، أو حركة القدم-أو ما أشبه-بطريقة أو بأخرى-؛ حتى تُطبِّق قولَ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «اسْكُنُوا في الصَّلاة»؛ فالأصل في الصَّلاة السُّكون -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.

17. السُّؤال:
إذا استيقظ شخص بعد طلوع الفجر من النَّوم من أول أيَّام رمضان، فأكَلَ وهو لا يعلم بأنَّ هذا اليوم رمضان، فَأُخبِر بعدها؛ فهل له أن يصوم أو يُفطر؟
الجواب:
اختلف العلماء.
أنا أميل إلى قول: أنَّه يمسِك مباشرةً فورَ علمِه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعَها؛ لأنَّ شَرطَي التَّكليف: العلم والقدرة، هذا عنده قدرة وليس عنده عِلم إلا عِلم الحال الذي وقع له في أثناء النَّهار؛ فيُمسِك ولا يُكلَّف بالإعادة؛ كما حصل مع النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- في قصَّة عاشوراء وفَرْض الصِّيام،وقد شَرَحْنا ذلك في كتاب «صِفة صَوم النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-» وسُقْتُ الأدلَّة على هذا التَّرجيح -قديمًا-.

18. السُّؤال:
نريد توضيح لِصِفةِ رفع اليدَين في الدعاء؟
الجواب:
يقصد الدُّعاء عامَّة.
رفع اليدين وَرَد على ثلاث صفات؛ كما قال ابن عبَّاس -رضي الله عنه-في «سنن أبي داود»-: «المسألةُ: أن ترفعَ يدَيْك حَذوَ مَنكِبَيْك»، وكذلك ورد -في روايات أخرى-: «حَذو الأُذُنَين» -يعني: بجانِب الأُذنَين-، قال ابنُ عبَّاس: «المسألةُ: أن ترفعَ يدَيْك حَذوَ مَنكِبَيْك، والتَّضرُّع: أن ترفع يدَيْك جميعًا» والتَّضرُّع: هو شدَّة الابتهال إلى الله -عزَّ وجلَّ-، إنسان -مِن عظمة الدُّعاء وشدَّة الدُّعاء- يَرفع يديه كثيرًا، أمَّا هو في وضع طبيعي مِن الدُّعاء: يكون رفعه حذوَ المنكبين أو حذو الأُذُنين.

19. السُّؤال:
إمام صلَّى -في القيام- ثلاث ركعات بدل ركعتين فماذا عليه؟
الجواب:
عليه أن يسجد للسَّهو.
إذا تعمَّد ذلك تبطُل صلاتُه.
أمَّا إذا كان ذلك سهوًا؛ فلا يكون منه إضافة ركعة أخرى -كما يقول بعض الفقهاء-، ما دامت الأولى سهوًا يَقف عندها، أمَّا أن يضمَّ إليها ركعة أخرى بالتَّعمُّد؛ فلا يجوز.
والسَّهوُ يُجبَر بِسجدتَين.




انتهى اللِّقـاء الثَّالث والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04-26-2021, 02:08 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الرَّابع والثَّلاثون

(13 رمضان 1441)




1. السُّؤال:
مَن زال عنه عذر الإفطار في نهار رمضان؛ هل يَمضي في إفطاره، أم يُمسك إلى الغروب؛ تعظيمًا لِحُرمة رمضان؟
الجواب:
تعظيم حُرمة رمضان باتِّباع الشَّرع الحكيم، واتِّباعُ الشَّرع الحكيم -في هذا الباب-: أن الشَّرع أذِن لك بالإفطار، فلماذا تصوم؟ أو: لماذا تُمسك عن الطعام؟! هذا لا دليل عليه.
نعم؛ قال به بعضُ أهل العلم.. بعض الفقهاء؛ لكن الصَّواب: أنه لا دليل عليه.
وما دمتَ مُفطرًا إفطارًا صحيحًا مشروعًا؛ فلا عليكَ وراءَ ذلك.

2. السُّؤال:
متى يجوزُ صوم يوم الشَّكِّ؟
الجواب:
الأصل أنَّه لا يجوز؛ لحديث عمَّار بن ياسر -رضي الله-تعالى-عنهما- قال: «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ؛ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ»؛ إلَّا لمن يجهَل، قد نقول له: لا يأثم؛ لأنَّه يجهَل الحكم الشرعيَّ في ذلك.

3. السُّؤال:
ما حُكم استعمال السِّواك المعطَّر بالنَّكهات؟
الجواب:
أنا أسأل سؤالًا: لو أن إنسانًا استعمل السِّواك المعطَّر بالنَّكهات في غير صوم رمضان؛ هل يَبتلع هذه النَّكهات أم يتسوَّك، ثم يلفِظُها؟
لا شكَّ أنه يتسوَّك ثم يَلفِظُها.
هذا في يوم إفطاره؛ فكيف في يوم صومِه؟!
ويستوي في ذلك -أيُّها الإخوة في الله- ما كان قبل الزَّوال وما كان بعد الزَّوال، فإنَّ بعض العلماء يقولون بأنَّ ما كان قبل الزَّوال: يجوز، وبعد الزَّوال: لا يجوز.
وهذا تفريقٌ لا دليل عليه.
هُم يقولون: لأنَّ فمَ الصَّائم يتغيَّر.
نقول: فَمُ الصَّائم يتغيَّر؛ نتيجة تغيُّر المعدة، أبخرة المعدة تخرج إلى الفم، وليس للفمِ علاقة مباشرة في هذا الموضوع.

4. السُّؤال:
ما هو وقت الامتناع عن السَّحور [يعني: عن الطعام]؟
الجواب:
هو عند طلوع الفجر، وأجبنا عن ذلك -مرارًا-، حديث: «إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، والنَّص القرآني: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.

5. السُّؤال:
هل الفدية [يعني: فدية الإطعام للمسلم الذي لا يستطيع أن يصومَ في رمضان]: هل هي على الْفَور، أم على التَّراخي؟ ومتى تُخرَج؟
الجواب:
الصَّحيح أنها.. كثير من الفقهاء يقولون: تُؤخَّر إلى آخر رمضان.
لكن بعض العلماء -فيما أذكر؛ الحنفية- يقولون: لا مانع لو عُجِّلت.
وأنا أقول: لا أوجِب أن تُخرَج في آخِر رمضان؛ ولكن نقول: (أَفْضَل)، ولو أخرجت في أوَّل الشَّهر؛ لا بأس ولا مانع -إن شاء الله-.

6. السُّؤال:
هل ليلة القدر تكون سبعًا وعشرين؟
الجواب:
نعم ممكن أن تكون، وليست هي -بالضَّرورة- ليلة سبع وعشرين.
وأمَّا ما ورد في بعض الأحاديث عن بعض الصَّحابة الكرام أنه كان يحلِف أنها ليلة السَّابع والعشرين؛ فهذا -في الحقيقة- بحسب ما ارتآه وظهر له في ذلك العام، ليس أنَّها تخرج في كلِّ عام في ليلة سبع وعشرين.
والذي يَنشرح له صدري -والمسألة فيها أقوال كثيرة؛ كما أشار الحافظ ابن حجر، والحافظ عبدُ الرَّحيم بن الحسين العراقي، وغيرهما من العلماء والفقهاء-، الذي ينشرح له صدري: هو أنَّها في أيٍّ مِن أيام العشر الأواخر -سواء: أكانت شفعًا، أو وِترًا-، ولا أقول: في أوتار العشر الأواخر؛ لأنَّ حساب الأوتار أحيانًا: يكون من أوَّل العشر، وأحيانًا: يكون مِن آخر العشر -كما ورد في بعض الرِّوايات-؛ بحسب كمال الشَّهر، أو نُقصان الشَّهر.
وعليه: أنَّها ليلة مُتنقِّلة في العشر الأواخر هو أرجح الأقوال عندي.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
هل يجوز أن تُصلَّى صلاة القيام بالقراءة من الهاتف الجوَّال؟
الجواب:
في الظَّرف الحالي -ظروف الكورونا، وصلاة المسلمين في بيوتهم-: أرجو أن لا بأس.
أمَّا أن يكون ذلك في المساجد؛ فلا.
لا يُقاس صلاة البيت -الإنسان بأهله وولده- كصلاة الإمام الذي يُفترض أن يكون أقرأ القوم مع بقيَّة المسلمين في مساجدهم؛ هذا قياس مع الفارق.

8. السُّؤال:
قطرة العين تَصل إلى الْحَلْق؟
الجواب:
لا تُفَطِّر حتى لو وَصَلَت.
هي تَصِلُ الْحلقَ كَأَثَر، ولا تصل الحلق فضلًا عن أن توجدَ رِيًّا، وأن تردَّ عَطَشًا..تَشعر بِشعور..-أحيانًا وليس دائمًا-.. أنا -كل يوم- أتقطَّر، ولا أشعر بأيِّ أثر.
فالأمر ليس على هذا الحال.
والله أعلم.

9. السُّؤال:
حديث: «رمضان: أوَّلُه رحمة، وأوسطُه مغفرة، وآخره عِتقٌ من النار» هل هو حديث صحيح؟
الجواب:
بل هو حديثٌ ضعيفٌ؛ بل مُنكَر، وقد صحَّ عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنه قال: «إنَّ للهِ عُتَقاءَ مِن النَّارِ في كُلِّ لَيْلةٍ»؛ بينما هذا الحديث يقولُ: «وآخرُه عِتقٌ من النار»؛ فهو حديث ضعيف يُخالِف الحديثَ الصَّحيح.

10. السُّؤال:
بالنِّسبة لصلاة إحدى عشرة ركعة للتَّراويح: سمعتُ منكم -قبل الآن- أن مفهوم العدد ضعيف بالشَّرع؛ ألَا يمكن أن نُطبِّق هذا الكلام على الإحدى عشرة ركعة؟
الجواب:
أنا أقول: كيف نَفهَم أن مفهوم العدد ضعيف؟
نفهمُه إذا جاءت أحاديث أخرى تُبيِّن -أو قرائن أخرى تبيِّن- أن العددَ غير مقصود لذاته.
يعني -مثلًا-: ﴿إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ واضح أن المقصود ليس السَّبعين؛ المقصود التَّكثير، فلو استغفر لهم إحدى وسبعين مرَّة؛ هل يغفر الله لهم؟ -مثلًا-.
أو: (صفات المنافق: أربع)، يوجد صفات أكثر من الأربع؛ لكن: هذا عرفناه في الأدلَّة الأخرى.
فالآن السيِّدة عائشة تقول: «ما زاد رسولُ اللهِ في رمضانَ -ولا غيرِه- على إحدَى عشرةَ ركعةً»، والسيِّدة عائشة -كما يقول الحافظ ابنُ حجر- هي أعلم النَّاس بصلاةِ رسول الله وقيامه في رمضان وفي غيره، في سفره وحضَرِه؛ فهنا غير وارد هذا الكلام.
والله -تعالى- أعلم.

11. السُّؤال:
هل تكفي نيَّة صيام رمضان شهرًا، أم لكل يوم نيَّة؟
الجواب:
أجبنا كثيرًا عن هذا السؤال، وقلنا: بأنَّ عزم المسلم على الصِّيام وعدم نيَّتِه الفِطْر: هي تجديدٌ لِنِيَّة الصِّيام؛ تجديد تلقائي.
إذا أنت لم تَنوِ إفطار غد -لِسَفر يَطرأ عليك، أو مرض يقع فيك-؛ فأنت -بِصفتك مسلمًا طائعًا لله مستقيمًا على أمر الله-؛ فحينئذ: أنت تُجدِّد صومك، وتجدِّد نيَّة صومك.
فلا إشكال في ذلك.

12. السُّؤال:
ما أفضل وقت لصلاة التَّراويح؟
الجواب:
أفضل وقت هو الوقت التي تجدُ فيه خشوعك وخضوعَك وإقبالَك على ربِّ العالمين -سبحانه وتَعالى- في هذه الصَّلاة -سواء في أوَّل الليل، أو في آخره، أو في أي ظرف أنتَ تراه-.

13. السُّؤال:
ما حكم صلاة التَّراويح فوق المنازل بجانب المسجد، ويكون الإمام في المسجد يؤمُّهم، والمأمومون فوق أسطح المنازل بأمرٍ مِن إمام المسجد؟
الجواب:
أنا -في الحقيقة- غير متصوِّر هذه الصُّورة!
لكن: سأفرض أن الكهرباء قد انقطعت، وليس في المأمومين -هؤلاء- مَن هُو مُتفقِّه في الدِّين؛ ماذا سيحدث معهم؟
سَيسلِّم مَن يُسلِّم، ويَنتظر مَن ينتظر، وتَصير فوضى!
وهذا غير صحيح، ولا ينبغي.
ونخشى غدًا..وقد حصل في هذه الأيام -بسبب (الكورونا) والحجر المنزلي-: أن بعض المتفقِّهة أفتى بالائتمام بالإذاعة -أو التِّلفاز-! وبعضُهم تحفَّظَ؛ فقال: (إذا كانت بثًّا مباشرًا)! يعني: إذا كانت تسجيلًا؛ لا يجوز، وإذا كانت بثًّا مباشرًا؛ يجوز!
طيب؛ لم يُفصِّل: بثّ مباشر مِن السعودية ونحن في الأردن، مِن تونس ونحن في مصر؟ أم بثّ مباشر من البلد نفسِه؟!!
صلاة الجماعة صلاةٌ تعبديَّة بِهيئة الصَّلاة الشَّرعيَّة المعتبرة، ليس هذه صفتُها.

14. السُّؤال:
نرجو أن تُرينا صفة التَّسبيح باليد؟
الجواب:
انتشر (فيديو) -في الأيام الأخيرة-وسُئلت عنه كثيرًا-: عن صفة التَّسبيح باليد.
والذي ينشرح له صدري: أن المسألة فيها سَعة.
بعض العُلماء يقول: هكذا -رؤوس الأصابع-.
وبعض العُلماء يقول: هكذا -بِثَنْي الأصابع-كلِّها-.
وبعضهم يقول: هكذا -على عُقَد الأصابع -وهو الذي رأيتُ شيخَنا الشَّيخ الألبانيَّ يَفعله-.
فحينئذٍ: الأمر فيه سَعة، ولا يوجد دليل صحيح صريح يُثبِّت صورة من الصُّوَر..
«كان يعقد التَّسبيح بيمينِه» يعني: مُحتملة؛ العقد هكذا، والعقد هكذا، وهذا هو الأقرب لنفسي.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
صفة تحريك الأصبع في التَّشهُّد؟
الجواب:
الأصبع في التَّشهُّد يكون باتِّجاه القبلة، وحركة خفيفة -ليس خفضًا ورفعًا؛ هذا خطأ-؛ وإنَّما هي حركة خفيفة، مع جعل النَّظر متجهًا إليها.
وأمَّا اليد: فإما أن تكون هكذا، وإمَّا أن تكون هكذا.
هذا الوارِد في معظَم ومجموع الأحاديث.

16. السُّؤال:
هل الجماعة تتحقَّق باثنين، أم بثلاث؟
الجواب:
هنالك قاعدة لُغَويَّة -بعضُهم رواها عن النَّبيِّ-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-حديثًا؛ ولا تصحُّ-: (اثنان فما فوقهما: جماعة)، فالاثنان جماعة، ولا بأس في ذلك.
لكن: كلما كثرت الجماعة؛ كان ذلك أحسن.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

17. السُّؤال:
زكاة عروض التِّجارة: بحسب رأس مال السِّلَع، أو ثمن البيع -مع العلم أن الأثمنة متغيِّرة-؟
الجواب:
قضيَّة أن الأثمنة متغيِّرة: تُقدِّرها تقديرًا بالجملة.
أمَّا: تُزكّي على ماذا؟
تُزكي على ثمن البيع، تُزكِّي على الثَّمن الكُلِّي؛ رأس المال والرِّبح الذي عليه.

18. السُّؤال:
هل دُمى الأطفال في البيت تمنع دخول الملائكة؟
الجواب:
لا أرى ذلك، ما دامت الدُّمية ليس فيها ما يَحرُم بِذاته؛ كأن: تكون -مثلًا- الدُّمية عارية والأطفال يتعلَّمون منها هذا الخلق الدَّنيء، أو أن تكون -مثلًا- خنزيرًا، أو أن تكون دُمية لمن هو -مثلًا- يَشرب الخمر أو يَحمل صليبًا.. هذه مُحرَّمات لِذاتِها.
لكن: إذا كان الأمر مُتعلقًا بِدُميةٍ ليس فيها مثل هذه المحرَّمات؛ فلا بأس -إن شاء اللهُ-.

19. السُّؤال:
إذا كان المصحف مُجزأً إلى ثلاثين جُزءًا: هل يجوز القراءة من جُزء منه بدون وضوء؟
الجواب:
القراءة غير، والمس للمصحف غير -ولو كان جزءًا، ولو كان صفحةً-؛ هذا قول جمهور العُلماء.
أمَّا الجواز؛ كيف يكون؟ الجواز يكون بالقراءة مِن دون مسٍّ، أو: الْمَسِّ بِقُفَّاز، أو: الْمَسِّ بِحائلٍ، أو: القراءة مِن الجوَّال -مثلًا-..؛ هذا -كلُّه- يجوز؛ لا مانع منه -إن شاء اللهُ-.

20. السُّؤال:
أنت تقول: مَن صلَّى جماعة -هذه الأيام- والمصلُّون متفرِّقون: هذه حُكم صلاة فرادى؛ فهل تصحُّ صلاتهم والمأموم لم يقرأ الفاتحة واكتفى بقراءة الإمام؛ كيف نُوفِّق بين هذا الكلام وحديث النَّبي ﷺ: «لا صلاةَ لِمَن لم يقرأ بأم الكتاب»؟
الجواب:
هذه الفتوى كانت في أوَّل ظهور (الكورونا) ومنع الصَّلاة في المساجد، وكانت فتوى تبعًا لفتوى بعض أهلِ العلم.
الآن يبدو -والله أعلم- أنَّ الصَّلاة ستكون هكذا مُتاحةً في أكثر المساجد، وبفتوى العلماء؛ فالصُّورة تختلف.
ومع ذلك؛ نحن نقول: (المعسورُ لا يُسقِطُ الميسور)، طالما أنَّ الأمر أصبح صورةً أخرى -غير الصُّورة الأولى التي أشرنا إليها-؛ وحينئذ: يَسقط السُّؤال، وينتهي بانتهاء الصُّورة السابقة بالصُّورة الجديدة.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

21. السُّؤال:
أثناء الصَّلاة في البيت الأولاد يَلعبون ويمرُّون أمامنا وحولنا؛ هل في ذلك بأس؟
الجواب:
نقول: نعم، الأصلُ أن تُعلِّمهم؛ تُعلِّم مَن هو في طَور التَّعليم وطَور الاستجابة، أمَّا: طفل سنتين أو ثلاث سنوات؛ هذا لا يَفقَه -ابتداءً-؛ لكن: طفل أربع سنوات -أو نحو ذلك.. حول ذلك-.. طفل ترى فيه ملامح الذَّكاء؛ فيجب أن تُعلِّمه، وأن تُبعدَه -مثلًا-، أو أن تمنعَه، أو أن تُصلِّي في مكان لا تسمحْ فيه للأطفال بالقدوم.
أمَّا: هل يقطعون الصَّلاة؟
لا يَقطعون الصَّلاة؛ فالعبرة -إذَن- بالتَّربية والتعليم لهؤلاء الأطفال.

22. السُّؤال:
هل يوجد دليل على أن تُفطِر على وتر من التَّمر؟
الجواب:
لا يوجد دليل؛ لكن المسألة فيها تفصيل، والتَّفصيل اجتِهادي.
أقول: نحن في بلاد الشَّام و-مثلًا- في بلاد مصر، أو في غيرها مِن البلاد -غير دول الخليج-، وبعض دول المغرب؛ إذا أفطرنا: نُفطِر على حبَّة أو حبتين أو ثلاث حبات من التَّمر، في أكثر الأحوال لا تَزيد عن خمس حبَّات، وأنا بنفسي -وأعوذ بالله من شرِّ نفسي، وسيِّئات عملي- أُفطِر على حبَّة واحدة -فقط-!
لكن في دول الخليج -ما شاء الله- هُم بلاد التَّمر، والعراق بلاد التَّمر، والكويت بلاد التَّمر، دول الخليج -بِشكل عام- وما حولها؛ فهم يُفطِرون على التَّمر بأعدادٍ -ما شاء الله-.. هل ننتظر ممَّن يُفطِر على عشرات الحبَّات أن يَعُدَّ الوتر منها؟!
الجواب: لا؛ هذا غير مقبول، وغير معقول -أصلًا-.
لكن: مَن لم يكن ذلك كذلك في بلاد أخرى؛ يُفطِر على حبَّات قليلة يستطيع أن يَعُدَّ الوِترَ منها؛ فهذا من باب عُموم السُّنَّة و«إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ».
لكن: هل عندنا نَقْلٌ أنَّ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- تَحرَّى ذلك؟
ليس عندنا نقلٌ في هذا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

23. السُّؤال:
حكم إخراج زكاة الْفِطر في أوَّل رمضان إذا أمر بذلك ولي الأمر؟
الجواب:
إذا أمر بذلك وليُّ الأمر أمرَ إلزامٍ يترتَّب عليه مفسدة؛ فنحن نقول: لا مانع من ذلك.
أمَّا إذا كان الأمر -فقط- للتَّوجيه والإذن والإباحة؛ فالأصل تنفيذ قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وحُكمِه الذي يُفهَم من خلال اسم هذه الصَّدقة ومُسمَّاها (صدقة الفطر)، فَبَعْد الْفِطر يكون الفعل.
لا مانع -كما شرحنا-أكثر من مرَّة- من يومٍ أو يُومين قبل -للضَّرورة-، والضَّرورة تُقدَّر بقدرها.
أمَّا غير ذلك؛ فلا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

24. السُّؤال:
هل هنالك فتوى بِخُصوص مسحة (كورونا) إن كانت تُفطِّر أم لا؟
تقول ممرضة -تعمل في قسم مرضى (الكورونا)-: أخبرها الأطباء في المستشفى وجوب شُرب ماء كل عشر دقائق للحفاظ على رطوبة الحلق؛ لمنع بقاء الفايروس في الحلق ثم انتقاله إلى الرِّئة؟

الجواب:
شُرب الماء يُفطِّر؛ لكن: هل هذا الكلام عِلمي؟ هل هذا الكلام صحيح؟
قيل هذا؛ لكن: لا أعلم عليه دليلًا.
والأمَّة -الحمد لله-في أكثرها- تصومُ، ولا تُفطِر، ولا تَشرب كلَّ عشر دقائق هذا الماء المزعوم، ومع ذلك -الحمد لله- نحن في نَجاة.
إذن السؤال الأول: مسحة (الكورونا) لا تُفَطِّر.
والسُّؤال الثَّاني: في موضوع شرب الماء؛ يحتاج إلى تدقيق، ويحتاج إلى تحقُّق، وليس عندي دليل على أنَّه حقٌّ في ذلك.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

25. السُّؤال:
أنت ترحمت على ابن عربي قبل أيَّام مع أن الإجماع قائم على تكفيره.
الجواب:
هذا إجماعٌ غير صحيح!
نحن نَنتقِد ونقولُ بِكُفر الآراء المنقولة عن ابنِ عربي؛ لكن نَقول -كما قال الذَّهبيُّ-: لعلَّه في آخر عُمره تَراجع عنه..لعلَّه..لعلَّه.. وهو كلام الشَّوكاني في بعض تعليقاتِه على «البدر الطَّالع».
وهذا الذي يدَّعي الإجماع؛ يتَّقي الله -سُبحانهُ وتَعالى- في هذا الإجماع.
والعبرة ليست بأن نتسرَّع في التَّكفير، ونتسرَّع بالحكم بالعاطفة.
الْعِبرة في وضع العلم مَوضعه وفي إعطائه حقَّه.
ونحن ننتقد ما عليه ابنُ عربي، وحقَّقتُ رسالة -قبل بضع وثلاثين سَنة-، جزء في ترجمة ابن عَربي لتقي الدِّين الفاسي، نَقَل فيها أكثر من عِشرين -أو ثلاثين- قولًا للأئمَّة، ولعلَّه قبل أن يَخلق اللهُ هذا الْمُعتَرِض -أو ذاك-غفر الله لنا ولكم وله-.




انتهى اللِّقاء الرَّابع والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 04-28-2021, 12:26 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الخامس والثَّلاثون
(15 رمضان 1441 هـ)



1. السُّؤال:
الضَّمان الاجتماعي -يعني: في الأردن- أصبح إجباريًّا من حيث التَّسجيل فيه -حتى نفتح محلَّاتِنا-؛ ماذا تنصحنا؟
الجواب:
ما دام إجباريًّا: كما نصحنا النَّاس -قبل أزمة (الكورونا) وأحوالها-؛ ننصحُهم، وننصحُ أمثالَهم بعد أزمة (الكورونا).
يعني: إذا كان هذا أمرًا مجبورًا عليه صاحبُ المحل؛ فنقول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾؛ لأنَّه إذا لا يُسجِّل في الضَّمان الاجتِماعي؛ لن يفتح مَحلَّه، وقد يترتَّب عليه أشياء لا يستطيعُها.

2. السُّؤال:
رواية: «ذهب الظَّمأ، وابتلتِ الْعُروق» ما ترجيحُكم لها -صحَّةً وضعفًا-؟
الجواب:
شيخُنا يُصحِّحها، وأنا أميل إلى قولِ شيخِنا -رحمهُ الله-، وأَعلَم أنَّ بعض الإخوان -مِن طلبة العلم- يُضعِّفها؛ لكن: أميلُ إلى قولِ شيخِنا -رحمهُ الله-تعالى-.

3. السُّؤال:
دعاءُ القنوت: مِن بداية الشَّهر، أو بعد انتصاف الشَّهر؟
الجواب:
يقصد: دعاء القنوت في رمضان؛ دُعاء قنوت الوتر، ولا يقصد دعاء قنوت النَّوازل -بداهةً-فضلًا عن تخصيص الدُّعاء بالفجر، وهو من المحدَثات-.
الصَّواب: أن الدُّعاء من أوَّل الشَّهر بالدُّعاء المأثور: «اللهمَّ! اهدِني فيمَن هدَيت»، وبعد النِّصف من شهر رمضان -يعني: مثل هذه اللَّيلة فما فوق، أو اللَّيلة القادمة-، يدعو للمسلمين، ويدعو على الكافِرين.
وأنا أنبِّه -دائمًا-: أن هذا الدُّعاء للمسلمين، والدُّعاء على الكافرين؛ هذا ينبغي أن يكونَ بقدره، وعدم التزيُّد فيه كثيرًا؛ بحيث يكون الزَّائد أقل من المزيد عليه، أو -على الأكثر- يساوِيه.
أمَّا في المساجد نرى أن أكثر الزِّيادات على القنوت تكون أضعافًا مضاعفة!
فلذلك: هذا يجب التنبُّه له، والتَّنبيه عليه.

4. السُّؤال:
متى يبدأ موعد دعاء القنوت؟
الجواب:
دعاء القنوت من أوَّل الشَّهر، والزِّيادة عليه -أقصد: الزِّيادة على المأثور-: بعد النِّصف من رمضان.

5. السُّؤال:
أفطرتُ بعض الأيَّام لما كان عمري ستَّة عشر عامًا -تقريبًا-، وأنا -الآن- عمري ستَّة وعشرون؛ فماذا عليَّ؟
الجواب:
إذا قصدتَ أنَّك أفطرتَ منذ عمر ستَّة عشر إلى ست وعشرين: شيء، وإذا قصدتَ أنَّك أفطرتَ لَمَّا كان عمرك ستَّة عشر فقط: فهذا شيءٌ آخر.
الصُّورة الأولى أصعب من الثَّانية.
الصُّورة الثَّانية: تستطيع أن تُقدِّر الأيَّام.
لكن: الصُّورة الأولى؛ ماذا تستطيع أن تفعل؟
فأنا أقول: إذا كان المقصود أنَّك أفطرتَ من السادسة عشرة إلى السَّادسة والعشرين -يعني: نحو عشر سنوات-؛ فتُكثِر من النَّوافل، مع الاستغفار والنَّدم على ما فرطتَّ في جنب الله -سُبحانه في عُلاه-.
هذا جواب سؤالك.
أمَّا إذا كان فقط أيَّامًا قليلة وأنت في سنِّ السَّادسة عشرة: فتُقدِّر هذه الأيَّام -أسبوع.. عشرة أيَّام-؛ فتقضيها.

6. السُّؤال:
استِعمال معجون الأسنان الْمُنَكَّه -بنكهةٍ ما-: هل يُفطِّر؟
الجواب:
لا يُفطِّر، وأجبنا على هذا السُّؤال -مرارًا-، لا يُفطِّر، حتى ما كان ذا نكهة حتى ما كان قبل الزَّوال أو بعد الزَّوال؛ لأن بعض الفقهاء يقول: يجوز قبل الزَّوال، ولا يجوز بعد الزَّوال!
نحن نقول: هذا ليس عليه دليل.
لكن -بالمقابل- نقول: لا تُبالِغ، الرَّسول -عليه أفضلُ الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم- يقول: «بالِغ في الاستنشاق»؛ إلا أن تكونَ صائمًا، فتستعملُه بقدر الحاجة ولا تتوسَّع.

7. السُّؤال:
كيف تكون النِّيَّة في الصِّيام؟
الجواب:
النِّيَّة في الصِّيام لكلِّ قادر، مُقيم، صحيح، غير مريض، ولا مُسافر: تتجدَّد؛ إلا إذا قطَعها بإرادةِ الْفِطر في اليوم الثَّاني.
فنِيَّة الصِّيام المتجدِّدة في قلب المسلم الطَّائع لله، القادِر، المقيم -غير المسافِر-، الصَّحيح -غير المريض-: متجدِّدة.
لا يوجَد مسلم مُتديِّن يقول: (أنا سأفطر في رمضان)! أو: (أنا أنتظر اليوم الثَّاني حتى أفطِر، أو حتى أجدِّد الصِّيام)!
إذا نويتَ الْفِطر؛ أفطرتَ، أمَّا إذا لم تَنوِ الفطرَ؛ فنيَّتُك متجدِّدة بالصِّيام -إن شاء الله-تعالى-.

8. السُّؤال:
هل تُدفَع زكاة الْفِطر عن الجنين؟
الجواب:
يقول بذلك بعضُ الفقهاء، ولا يَصحُّ هذا بالدَّليل، ولا يَثبت؛ وبخاصَّة أن الحديث -أعني: حديث زكاة الفطر- قال: «عن الصَّغير والكبير»، ففي الْعُرف والشَّرع: لا يُقال أن مَن في الجنين هو صغير..
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

9. السُّؤال:
أحيانًا: تُرضِع الأمُّ طفلَها من ثديِها ومن القنينة، ولا يَشقُّ عليها الصِّيام: فهل لها الأخذُ بالرُّخصة؟ وإن أخذتْ: هل تُطعِم؟
الجواب:
نعم؛ لها الأخذُ بالرُّخصة، وتُطعِم، والأثر في ذلك عن ابن عبَّاس، قال ابنُ قدامة -في كتاب «المغني»-: (لا يُعرَف له مخالِف من الصَّحابة).
وشيخُنا الشَّيخ الألباني -رحمهُ الله- يقول: بأنَّ تقسيم الفقهاء حول الحامِل والْمُرضِع اللَّتين تخافان على الجنين أو الرَّضيع أو لا تخافان؛ هذا تقسيم فِقهي ليس عليه دليل؛ وإنَّما الدَّليل على: (حامِل)، و(مُرضِع)، الآن؛ تخاف على نفسِها..على جنينِها: هذه قضيَّة أخرى لا دليل عليها.

10. السُّؤال:
ما حُكم القائل: (اللهمَّ! أعتِق رقابَنا من النَّار)، ولا يقول: (اللهمَّ! أجِرْنا من النَّار)؟
الجواب:
القضيَّة تحتمل الاجتهاد، بعض العلماء يُجيزُ ذلك.
وأنا وقفتُ على أثر، والحقيقة -من باب الأمانة العلميَّة-: وقفتُ عليه بدلالة شيخِنا الشَّيخ الألباني لمَّا كنتُ أعمل مع شيخِنا -رحمهُ الله- في مكتبتِه، كنتُ -أحيانًا-في وقت الفراغ-هكذا- أراجع بعضَ الكتب، فأرى ملاحظات أستفيد منها وأُدوِّنها، فعلى الغلاف الدَّاخلي لكتاب «حلية الأولياء» رأيتُ تنبيهًا لشيخِنا على هذه الكلمة، فلما راجعتُ؛ وجدتُ أنَّ بعض السَّلف كان يَنهى عن أن يدعوَ الدَّاعي: (اللهمَّ! أعتِقنا من النَّار)، والتَّعليل في ذلك: أن مَن يدعو بالْعِتق هو الأسير، أو الممسوك، أو مَن هو محكوم عليه بشيء؛ فتقول: أعتِقه!
أمَّا أن تقول: (اللهمَّ! أجِرني من النَّار)؛ هذا دُعاء.
أو: (اللهمَّ! إني أعوذ بك من النَّار)؛ هذا دُعاء عام، ليس فيه أنَّك محكوم عليك بالنَّار، لا.
فالقضيَّة مُحتملة، وخير الهدي هدي محمَّد -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
قد يقول قائل: هنالك أحاديث -مثلًا-: «إن لله عتقاء من النَّار»، وبعض الأحاديث كذلك؟
هذه الأحاديث مُرتبِطة بِعلمِ الله -ليس بعِلمنا-، ونحن مطالَبون بأن نسأل الله الفردَوس من الجنَّة «إذا سألتم الله؛ فاسألوه الفردوسَ من الجنَّة» -كما قال النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

11. السُّؤال:
نُصلِّي -هذه الأيَّام- في البيوت -طاعةً لوليِّ الأمر-، والمسجد قريب؛ فهل نأثم إذا ذهبنا للمسجد للصَّلاة؟
الجواب:
يا إخواني! القضيَّة ليس قضيَّة (تأثَم) أو (لا تَأثَم)! القضيَّة متعلِّقة بِوباء جارِف، وجائِحة عظيمة، شديدة، كبيرة.
فأولياء الأمور رأوا أن تجمُّع النَّاس يُعين على نشرِ هذا الوباء -وهذه الجائحة، وهذا (الفايروس)-؛ فمِن هنا جاء إغلاق المسجد.
الآن: أنت إذا أردتَ أن تذهب إلى المسجد -مع بعضٍ من إخوانك-؛ رجعْنا من حيث بدأنا! والقضيَّة -حينئذٍ- خرجت عن كونِها -فقط- طاعة لوليِّ الأمر أو لا! صار فيها تعريض للنَّفس إلى التَّهلكة.
قضية معقولة المعنى، ليست قضيَّة المنع قضيَّة اختبار وامتحان وتشديد على النَّاس؛ الجواب: لا؛ ليس الأمر كذلك -في أيِّ حالٍ من الأحوال-.
وأنا كنتُ أظنُّ السُّؤال:
فهل نأثم إذا لم نذهب إلى المسجد؟
والصَّواب؛ نقول: لا تأثم إذا لم تذهب إلى المسجد؛ لأنَّك معذورة.
وأمَّا ذهابُك إلى المسجد هو الذي نَخشى عليه من الإثم، والعلَّة ذكرنا ما هي.

12. السُّؤال:
نظرًا لضيق المكان في البيت: هل يجوز أن نصطفَّ أنا -يعني: الإمام- وأبنائي في صفٍّ واحد؟
الجواب:
يجوز؛ لا مانع؛ طالما أنَّك تقول هذا بحسب ظرف المكان في بيتِك والسَّعة؛ فلا بأس -إن شاء الله-، والعلماء يقولون: (إذا ضاق الأمرُ اتَّسع).

13. السُّؤال:
أنا كنتُ مريضًا، وبعد العلاج فقدتُ الغدَّة اللُّعابيَّة -يعني: لا يوجد عندي لُعاب-، والطَّبيب قال لي: (لا تَصُم)، وأنا أرى في نفسي أنِّي أستطيع الصَّوم؛ ولكن: أخاف من العواقب على صحَّتي؟
الجواب:
أنا رأيي أن تستشير طبيبًا آخر، وأن يكون هذا الطَّبيب صاحب دِين وتقوى؛ لتجمع بين العلم بالطِّب والتديُّن ومعرفة العبادات وأحكامها.
فإذا قال لك: (لا تصُم)؛ فلا تصوم، وإذا قال لك: صُم؛ هذا لا يؤثِّر على ذاك؛ وإنَّما الدكتور -مثلًا- فقط من باب الاحتياط، ووضعُك -الآن- أحسن، وأنت تستطيع الصِّيام؛ فحينئذٍ؛ نقولى لك: صُم.

14. السُّؤال:
ما حُكم إلقاء النَّصيحة للجماعة أو الحاضِرين فاصِلًا بين صلاة العشاء والتَّراويح؟
الجواب:
اتِّخاذُ ذلك أسلوبًا دائمًا: لا يجوز.
لكن: لو أنَّه نوَّع في المكان، ونوَّع في الْفِعل -يعني: يترك-أحيانًا-، ويفعل-أحيانًا-؛ فلا بأس.
أمَّا: أن يتخذ ذلك أسلوبًا دائمًا، وطريقةً دائمة بين صلاة العشاء والتَّراويح؛ فلا؛ «خير الهدي هديُ محمَّد -عليه الصَّلاة والسَّلام-».
لكن: مرَّة: قبل العشاء..مرة: بعد العشاء.. مرَّة: بعد التَّراويح.. مرَّة: في منتصف التَّراويح.. مرَّة: يفعل.. مرَّة: لا يفعل..؛ نقول له: هذا الأفضل، وتُنبِّه النَّاس على ذلك، وتبيِّن لهم أن هذا من باب استِغلال الظَّرف، ولكن نستغلُّه ليس على نمطٍ واحد، ولا على وتيرة واحدة.

15. السُّؤال:
المرأة الحامل التي لا تقدِر على الصِّيام في رمضان: ماذا تفعل بعد أن تلِد؟ ما المشروع: هل تقضي ما فاتها، أم ماذا تفعل؟
الجواب:
الحامِل إذا أفطرت من رمضان: تَفدي ولا تَقضي، وكذلك الْمُرضِع.
الحامل والْمُرضِع: تَفدِيان ولا تَقضِيان.
والحائض والنُّفَساء: تَقضِيان ولا تَفدِيان.
هذا هو الجواب الصَّواب.
مع التَّنبيه: إلى أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ونحن ذكرنا ما تنشرح له نُفوسُنا.

16. السُّؤال:
هل الأذان والإقامة واجبان على مَن يصلِّي منفرِدًا؟
الجواب:
لنطوِّر السُّؤال:
أو: مَن يُصلِّي جماعة في بيتِه مع أهلِه وولده؟
نقول: ليست واجبة؛ إنَّما هي سُنَّة مستحبَّة، والأفضل فِعلها.
لكن: هل هذا واجب؟
ليس بواجِب، ولا دليل على الوجوب.

17. السُّؤال:
مَن سها في سجود السَّهو بِزيادة التَّحيَّات والصَّلاة على النَّبي ﷺ، وتذكَّر قبل أن يُسلِّم من سجود السَّهو؟
الجواب:
لا يسجد، فقط هذا السُّهو واحد، ولا يسجد للسَّهو عن السَّهو -فيكون منه سَهوان-؛ لا؛ سهوٌ واحد -ولو سَها فيه-.
وبعض العلماء يتظرَّف؛ فيقول: (المصغَّر لا يُصغَّر) والسَّهو ليس عليه سَهو.

18. السُّؤال:
ما الرَّاجح والصَّحيح برفع اليدين بكلِّ تكبيرات الجنازة والعيدين؟
الجواب:
الحقيقة؛ هنالك فَرْق بين رفع اليدَين في تكبيرات الجنازة ورفع اليدين في تكبيرات العيدين؛ لأنَّ رفعَ اليدين في تكبيرات الجنازة منقول عن ابنِ عُمر، وابنُ عمر معروف بالاتِّباع، فمَن فَعل ذلك مُقتدِيًا بِابنِ عمر -ظانًّا أن ابن عُمر لا يَفعل إلا عن تَسنُّن-؛ مأجور.
لكن: في تكبيرات العيدين لم يصحَّ عن ابن عُمر ذلك؛ فهنا تختلف الصُّورة.
في تكبيرات العيدين: لا يصحُّ ذلك عن ابنِ عمر -حتى تقول: أن أتَّبع ابنَ عمر-فضلًا عن النَّبي-عليه الصَّلاة والسَّلام-.
في تكبيرات الجنازة: لم يَرِد عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ وإنَّما ورد عن ابنِ عمر -رضي الله-تعالى-عنهما-.

19. السُّؤال:
ما حُكم مباشرة الزَّوجة مع الإنزال؟
الجواب:
ما دام لم يَقع جِماع؛ فلا شكَّ أن هذا لا يُبطِل الصِّيام؛ لكن -بالمقابِل-: هذا يخدش الصِّيام، ولا يُقال: فعَلَه الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ لأنَّ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- «كان أملكَكم لإرْبِه» -يعني: لشهوتِه-؛ فالوضع النَّبوي يختلف عن الوضع العادي في سائر النَّاس؛ لأنَّ هذه تكاد تكون خاصَّة بالرَّسول -عليه أفضلُ الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم-.
مع التَّنبيه إلى نقطة أخرى: أنَّه قد صحَّ في السُّنَّة النَّبويَّة المطهَّرة أن أحد الصَّحابة جاء إلى الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-وهو مع صحابة آخرين- قال: يا رسول الله! أُقبِّل وأنا صائم؟ فقال: «نعم»، ثم جاء آخَر -في نفس الوقت-، قال: يا رسول الله! أُقبِّل وأنا صائم؟ قال: «لا»، فتعجَّب الصَّحابة -قال للأوَّل: «نعم»، وقال للثَّاني: «لا»-، فقالوا -استشكل عليهم السُّؤال-: يا رسول الله! قال للأوَّل: «نعم»، والثَّاني: «لا»؟ قال: «قلتُ له: (نعم)؛ لأنَّه شيخٌ، والشَّيخ يملك نفسَه».
إذَن: الْقُبلَة -فضلًا عما هو أكثر من ذلك- إذا كانت ممَّن يملك نفسَه؛ فجائزة.
أمَّا إذا كانت ممَّن لا يملك نفسَه؛ فلا تجوز.




انتهى اللِّقاء الخامس والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 04-28-2021, 03:45 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّادس والثَّلاثون
(16 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
دعاء الاستِخارة: هل هو قبل السَّلام أم بعد السَّلام مِن الصَّلاة؟
الجواب:
لا شكَّ أنَّه بعد السَّلام من الصَّلاة: (فَلْيُصلِّ ركعتَين من غير الفريضة (ثُمَّ) ليَدعُ)؛ يعني: بعد السَّلام.
لكن: أنا أحبُّ أن أُنبِّه إلى شيء لَم يَرِد في السُّؤال -وهو شيءٌ حيوي، ومهمٌّ-جدًّا جدًّا جدًّا-؛ وهو أن نقول: أنتَ استخرتَ: كيف تنتظر نتيجة الاستخارة؟
الجواب: أنَّ نتيجة الاستخارة هي في تيسير العمل، أو تعسيره؛ يعني: أن ييسر الله لكَ العمل، أو أن توجَد عوائق لهذا العمل.
حتى مع التَّعسير؛ لا مانع أن تُحاول ثانية وثالثة، فإذا مشتِ الأمورُ؛ فلا شكَّ أن هذه هي خِيرة الله -عزَّ وجلَّ-.
أمَّا بعض النَّاس يقول: والله؛ أنا انشرح صدري لكذا وكذا!
وهل -هنالك- أحد أقدَمَ على شيء إلا وصدرُه مُنشرِحٌ منه أو مُنقبِض منه؟ هذه طبيعة البشر.
وبعض الناس ماذا يقول؟ يقول: أنا أريد أن أستخير وأنتظر رؤيا مناميَّة!
هذا -أيضًا- ليس من الشَّرع في شيء؛ فالذي تُفكِّر فيه في النَّهار قد تراه في الليل.
وبعض النِّساء -خاصَّة في موضوع الخطبة والزَّواج-وما أشبه-، تقول: أنا سأستخير لابنتي! أو: الوالِد يقول: أنا سأستخير لابنتي -الوالد أو الوالدة-، أو يقول: لابني -مثلًا-!
هذا غير صحيح.
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «إذا همَّ أحدُكم بالأمر؛ فَلْيُصلِّ ركعتَين مِن غير الفريضة، ثُمَّ ليَقُل..» فذكر الحديث.
هذه فوائد أحببتُ أن أبتدئ بها.

2. السُّؤال:
هل الأجور المترتِّبة على الصَّلاة في المساجد نتحصَّل عليها هذه الأيَّام في صلاتِنا في بيوتِنا -بسبب الوباء-؟ يعني: وأن المساجد مغلَقة بسبب (الكورونا).
الجواب:
أنا أقول: نعم؛ نرجو الله ذلك.
النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «إنَّ العبدَ إذا مرضَ أو سافر؛ كُتبَ له مثلُ ما كان يعملُ وهو صحيحٌ مُقيم»؛ إذَن: كُتب له الأجرُ كاملًا.
لكن؛ هل يَستويان مثلًا: إنسان -مثلًا- في أوقات المساجد لم يكنْ يُصلِّي في المساجد، والآن يقول: أنا أصلي في البيت ولي أجر المساجد؟
هذا غير صحيح؛ لكن: هو يدعو اللهَ؛ عسى أن يتقبَّله اللهُ -عزَّ وجلَّ-.

3. السُّؤال:
هل فضلُ حديث: «مَن جلس بعد صلاة الفجر في مُصلَّاهُ» يتحصَّل عليه مَن صلَّى في بيته؟
الجواب:
أيضًا؛ نفس الجواب السَّابق؛ مَن كان حريصًا على ذلك -في وقت المساجد وصلاةِ الفجر والحرص على هذه الصَّلاة في وقتها في بيت الله-، ومنعه من ذلك هذا الظَّرف؛ فنقول: إن شاء الله، ونرجو اللهَ أن يكتب اللهُ له أجرَه، وأتَينا بالحديث الدَّال على ذلك.

4. السُّؤال:
هل تجهر المرأة بالتَّأمين إذا صلَّت مع محارمِها؟
الجواب:
نقول: نعم؛ لا بأس..لا مانع، ما دام الْمُصلُّون معها -أو التي هي تصلِّي معهم- من محارِمها؛ فلا دليل يجعلها تُخالِف الصَّلاة، وقد علَّق الإمامُ البخاري -في «صحيحه»-: عن أمِّ الدرداء أنَّها كانت تصلِّي صلاةَ الرَّجل، وكانت فقيهة.
والحديث عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «إنَّما النِّساءُ شَقائقُ الرِّجال».

5. السُّؤال:
كيف نقوم التراويح في المنزل؟
الجواب:
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «صلاة اللَّيل والنَّهار مَثنى مَثنى»؛ تُصلِّي اثنتين وتُسلِّم، تُصلِّي اثنتين وتُسلِّم، إلى أن تبقى واحدة؛ فحينئذٍ: تُصلِّي الواحدة وتختم صلاتك.
وفي حديث عائشة -رضي الله عنها-في «الصَّحيحين»: «ما زادَ رسولُ اللهِ ﷺ في شهرِ رَمضانَ -ولا غيرِه- على إحدى عَشرةَ ركعةً».

6. السُّؤال:
لرجلٍ شاة وأراد بيعَها، وقد ولدتْ منذ أسبوع: فهل له بيعُها دون ولدها؟ فإن كان لا بأس؛ فكيف بتفريقِها عن ولدِها؟
الجواب:
إذا وجد ما يُعوِّضها عن أمِّها بأخرى -مثلًا- ولدتْ مثلها -بحيث تَرضعُ منها، وتَعتني بها-؛ فلا مانع.
أمَّا: إذا كان ذلك سببًا للتَّأثير على المولودة؛ فنحن نقول: هذا ليس مما ينبغي، وليس مما يجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
سؤال عن زكاة الفطر: إذا بقيت الأمور كما هي: كيف نُؤدِّيها -كنَّا ندفعُها لِلِّجانٍ في المساجد وهم يشترون طعامًا-؟
الجواب:
الحمد لله؛ البديلُ موجود، كثير مِن الإخوة الطَّيِّبين والحريصين -ولله الحمد-دون مساجد- يُشكِّلون لِجانًا في الأحياء، ويَشترون الطَّعام والأرز -وما أشبه-، ويُوزِّعونه -إن شاء الله- في الوقت المناسب.
لكن: هذا قد يحتاج منك سؤالًا للإخوة الحريصين في منطقتِك -وفي مكانك-، و-إن شاء الله- تجد.
وإذا لم تَجد؛ فَكُنْ أنتَ البديل المناسِب؛ ما المانع؟ بالعكس؛ ضعْ يدَك في يدِ أخيك؛ وتوكَّلوا على الله.

8. السُّؤال:
ماذا نفعل إذا انتهى رمضان وما أعطيناها لأحد؟ [يقصد: زكاة الفطر]
الجواب:
لا يجوز!
الآن: ظروف النَّاس صعبة -جدًّا جدًّا جدًّا-معظم النَّاس-؛ فأعطِها لِمَن تراهُ فقيرًا مسكينًا، لِعُمَّال الْمُياوَمة الذين لا يجدُ الواحدُ منهم -الآن- ما يأكل!
أمَّا أن تقول: بعد رمضان! لا؛ هذا أصبحت صدقة عاديَّة! خَرَجتْ عن كونِها زكاة فِطر -أو صدقة فِطر-.

9. السُّؤال:
هل للمعتكِف في الحرم أن يَخرج للأكل أو الشُّرب؟ وهل يجوز له الصُّعود إلى سطح المسجد لسماعِ الدُّروس؟
الجواب:
الكلام فيما لو كان الْوَضع هو الوضع الْمُعتاد في المساجد وفتح المساجد -وما أشبه ذاك-.
فأنا أقول: الأصل أن معنى الاعتكاف: هو الْحَبْس؛ يعني: أن تَحبس نفسَك في هذا المكان، أو ذاك المكان.
أمَّا أن تقول: (أنا معتكف) ثم تخرج للأكل والشُّرب -وما أشبه-؛ هذا لا يجوز؛ إلا للضَّرورة -نعم-؛ ممكن يتعاون بعضُ الإخوة؛ مثلًا: يأتيه ولدُه أو يأتيه أخوه أو صاحبُه فيجلب لهم طعامًا -ولو شيء يسير-وهكذا-.
أمَّا أن لا يكونَ الاعتِكاف على وجهِه؛ فهذا لم يَعُد اعتِكافًا.
قال: وهل يجوز له الصُّعود إلى سطح المسجد لسماعِ الدُّروس؟
سطحُ المسجد تابِعٌ للمسجد؛ لا مانع -إن شاء الله-، لا مانع.

10. السُّؤال:
إذا تيقَّن شخصٌ من دخول الشَّهر بِرؤية الهلال ولم يستطع إبلاغ المحكمة؛ فهل يجب عليه الصَّوم؟
الجواب:
لا؛ عبادةُ الصَّوم -في افتتاح الشَّهر وخِتامه- عبادةٌ جَماعيَّة، الرَّسول الكريم ﷺ يقول: «الصَّوم يومَ تَصومُون، والْفِطر يومَ تُفطِرون»، وفي لفظ: «الصَّومُ يومَ يَصومُ النَّاسُ، والْفِطرُ يوم يُفطِرُ النَّاس»؛ فحينئذٍ: تصوم مع المسلمين إذا صاموا، وتُفطر مع المسلمين إذا أفطرُوا.
بعض الفقهاء يقول: يصومُ سِرًّا، أو يُفطِر سرًّا.
أنا لا أرى هذا القول.
القول الصَّحيح؛ ما أشرتُ إليه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

11. السُّؤال:
كيف الجمعُ بين حديثَين: حديث: «أفطَرَ الْحَاجِمُ والمحجومُ»، وحديث: «احتَجَم رسولُ اللهِ ﷺ وهو صائِمٌ»؟
الجواب:
مسألة الحجامةِ لِلصَّائم مسألة خلافيَّة قديمة وعريقة وطويلة.
لكن الذي ينشرح له صدري: أن الحجامةَ لا تُفطِّر، وأن حديث: «أفطَرَ الْحَاجِمُ والمحجومُ» -على الرَّاجِح- منسوخ.
إضافة إلى شيءٍ مهمٍّ -جدًّا-: هو معرفة كيفيَّة الحجامة في زمن الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
كانت الحجامة بِالْقَرْن والشَّفط -هكذا-؛ فَشفْطُ الدَّمِ بالفمِ مظِنَّة ابتِلاع الدَّم، وهذا مِن الْمُفطِّرات -خاصَّة أنَّه يحتاج إلى قوَّة-؛ يعني: المضمضة والاستِنشاق -وهما أمران خفيفان- الرَّسول يقول: «بالِغ في الاستِنشاق إلا أن تكون صائمًا»؛ فكيف الشَّفْط بقوَّة من أجلِ استِخراج الدَّم؟ فالمظنَّة أقوى.
وهذا بالنِّسبة لِلحاجم.
والْمَحجوم؟ المحجوم يَضعُف؛ لذلك: نحن لا ننصح بالحجامةِ للصَّائم؛ لكن: لو حصل؛ هل نُبطِلها، ونقول: «أفطَرَ الْحَاجِمُ والمحجومُ»؟ لا؛ لدليل الحديث الآخَر -الذي ورد في السُّؤال-: «احتَجَم رسولُ اللهِ ﷺ وهو صائِمٌ».
وعندنا حديث آخَر: «أن النَّبي ﷺ رخَّص في الحجامة للصَّائم»، والتَّرخيص لا يكون إلا بَعد المنع -أو بعد النَّهي-؛ فهذا يلتقي -تمامًا- حديث «أفطَرَ الْحَاجِمُ والمحجومُ» أنَّ هذا كان في البداية، ثم جاء حديث التَّرخيص في النِّهاية.
والمسألة ستبقى مسألة خلافيَّة عِلميَّة بين أهل العلم.

12. السُّؤال:
مريض مرضًا مُزمِنًا؛ وبالتَّالي هو يُفطر -بناء على توجيه الطَّبيب-: هل يجوز أن يُخرج إطعام ثلاثين مسكينًا لعائلة مرَّة واحدة بقدر ثلاثين يوم، في يوم واحد؟
الجواب:
هكذا: لا.
عائلة عشرة أنفار: تُطعمُها ثلاثة أيَّام.
أمَّا: يوم واحد؟ قد يأكلونها، أو يَدعُون إليها أناسًا.
أنت تُطعمُهم، تأتي بوجبة تكفي عشرة أشخاص -وهو عدد العائلة-، أو عائلة خمسة أنفار، تُطعمهم ستَّة أيَّام.
حتى هذا القول: بعض العلماء لا يُجيزُه؛ لكن: أنا أذهب إلى قول مَن أجازه.
والله -تعالى- أعلم.

13. السُّؤال:
حديث: «افعلوا الخيرَ دهرَكم، وتعرَّضوا لِنَفَحاتِ رحمةِ الله؛ فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ مِن رَحمتِه، يُصيبُ بها مَن يشاءُ مِن عبادِه، وسَلُوا اللهَ أن يَستُر عوراتِكم، وأن يُؤمِنَ رَوعاتِكم»، قال هذا الحديث في ضعَّفه الشَّيخ في «الضعيفة»، وصحَّحه في «الصَّحيحة»؛ فما الرَّاجح؟
الجواب:
الذي في ذِهني وذاكرتي: أنَّ الرَّاجح هو التَّصحيح، هذا، والله أعلم.
قد يحتاج إلى مزيد من المراجعة؛ لكن هذا الذي في ذِهني، وأنا -دائمًا- أستدلُّ بهذا الحديث، وأُورِدُه في دروسي ومجالسي.

14. السُّؤال:
هل شيخُ الإسلام ابن تيميَّة يَذهب إلى جوازِ إخراج زكاة الْفِطر نقدًا؟
الجواب:
ليس بهذه الصُّورة.
هو يُجيزُها نقدًا في حالة مُعيَّنة؛ في حالة الاضطرار؛ وهذا جوابٌ مقبول؛ أن يكون في حالة الاضطرار: مقبول.
لكن -الآن- نرى الفتاوى -هكذا- تَخرُج بدون الاضطرار، حتى بدون الحاجة!
والعلماء يقولون: الحاجات تُنزَّل منزلة الضَّرورات.
ففتوى شيخ الإسلام تختلفُ عن رأيِ الحنفيَّة في تجويزِها مطلقًا، ونحن مع قولِ الجمهور، والنَّص واضح معلَّل؛ لما قال: «زكاة الْفِطر: طُهرة للصَّائم، وطُعمة للمساكين».
ممكن تُعطيه نقدًا؛ فيذهب يخالِف الشَّرع فيه -يُدخِّن، أو يلعب قمارًا-، والله؛ نحن نعرف بعض الفقراء والمساكين يشرب الخمر، وبعضُهم يلعب القمار! وأمَّا التَّدخين؛ فحدِّث بكلِّ حرج -للأسفِ الشَّديد!-.

15. السُّؤال:
هل يمكن إطعام نفس الفقير كلَّ يوم لمدَّة شهر رمضان؟
الجواب:
نعم؛ أجبنا عن مثلِ هذا السُّؤال.
لكن: أنا أُضيف -الآن-: الأفضل: التَّعدُّد؛ بمعنى: أن تُطعِم ثلاثين مسكينًا.
لكن: لو لم تَفعل؛ فأرجو أن لا بأس في ذلك -إن شاء الله-.

16. السُّؤال:
هل بلعُ الطعام المتبقِّي بين الأسنان مُفطِّر للصَّائم؟
الجواب:
ما لا يمكن التحرُّز منه: غير مُفطِّر.
أمَّا إذا أمكنك التَّحرُّز منه: فالأصلُ أن تلفظَه، وأن تتمضمض -بحيث لا يبقى أثر لبقايا الطَّعام-لا في قليل، ولا في كثير-.
أمَّا إذا بقي شيءٌ ليس بِوُسعِك، ولا بيدك، وهو خارج عن طَوقِك وطَوعِك؛ فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-تعالى-.

17. السُّؤال:
رجل أتى أهلَه، وأذَّن المؤذِّن: هل يُمسك، أو يُكمِل -يعني: الإتيان-؛ قياسًا على الأكل؟
الجواب:
بئس القياسُ هو!
هذا غير صحيح!
لا يُقاس الأكل -الذي هو من ضروريَّات الحياة- على الجماع الذي هو ليس ضروريًّا -على الأقل- كالطَّعام والشَّراب!
غير صحيح.
الأصل: أن ينزِع.
حتى الطَّعام كما ورد في بعض الأحاديث: «إذا أذَّن المؤذِّنُ وفي يدِ أحدِكُم إناءٌ؛ فلا يَضَعْهُ حتى يَقضِيَ حاجتَهُ» أي: شهوة الطَّعام المتعلِّقة بكأس الماء، المتعلِّقة باللُّقمة، لا أن يكون أمامه -ما شاء الله- أنواع متعدِّدة من الطَّعام والشَّراب، يقول: أنا أريد أن أقضي حاجتي منها! هذا غير صحيح، وهذا لا يجوز -بأيِّ حال من الأحوال-، والأمرُ كما ذكرتُه وأشرتُ إليه.

18. السُّؤال:
هل تُشرَع صلاة الرَّجل بأهله صلاةَ القيام والوتر؟
الجواب:
نعم؛ لا مانع، ما دامت المساجد مغلَقة؛ فحينئذٍ: يصلِّي في أهله وولدِه وزوجِه، أولاده في الخلف، والنِّساء يكنَّ في صفٍّ ثالث.
أول شيء: الإمام، ثم صف الرِّجال ومعهم الأولاد في نفس الصَّف، أمَّا حديث: (أن يكون للأولاد صف مُستقل) -في «سُنن أبي داود»-؛ فلا يصح، ثم النِّساء في الطرف الأخير.

19. السُّؤال:
متى يُقال دعاء: «ذهب الظَّمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجرُ إن شاء الله» قبل الإفطار، أو بعده؟
الجواب:
مُحتمل، فالأمر واسع، مَن دعا به بين يدي الإفطار: لا بأس، ومَن دعا فيه بعد الإفطار --أو بُعيدَه-: لا بأس -إن شاء الله-تعالى-.

20. السُّؤال:
بعد لقاء بعضِنا البعض في الجزائر- يقول الواحد منَّا: (صحَّ فطورُكم)؛ هل هذا جائز؟
الجواب:
لا مانع؛ هذه مِن الأمور الدُّنيويَّة؛ كما نقول -نحن-في بلادِنا- لمن يحلِق شعرَه أو يقصُّه نقول له: نعيمًا! هذه من الألفاظ التي لا يُقصَد بها التَّعبُّد -أصلًا-، أو التَّقرُّب إلى الله -أصلًا- في ذلك.




انتهى اللِّقاء السَّادس والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 04-29-2021, 03:39 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّابع والثَّلاثون
(17 رمضان 1441 هـ)





1. السُّؤال:
عند القنوت وبعد الفراغ منه: هل يُعاد وضع اليدين على الصَّدر، ثم الرُّكوع؟ أو مباشرة أركع؟
الجواب:
نقول: مباشرة؛ تَقبِض إذا كان -هنالك- قراءة، أمَّا هنا لا يوجد قراءة.
فأنت -مباشرة- بعد أن تُنهيَ القنوت؛ تُكبِّر وتَركع.

2. السُّؤال:
كيف نصلِّي راتبة العشاء والإمام يقوم مباشرةً لصلاة التَّراويح؟
الجواب:
هذا السُّؤال في الظُّروف العاديَّة -في ظروف فتح المساجد-، ونحن في ظروف مختلِفة -نوعًا-ما-، نحن في ظروف -الآن- الحجر المنزلي، وزمن (الكورونا) -نسأل الله أن يَلطُف-؛ فحينئذٍ: الأمر فيه سَعة.
أما إذا كان الأمر كما لو كان الوضع عاديًّا؛ فنحن نقول: بأنَّك تُتابِع الإمام، وأحيانًا قد يَجعلون وقت راحة بين الأربع ركعات والأربعة التَّالية؛ فممكن أن تُصلِّي ركعتَي السُّنَّة في هذا الوقت.

3. السُّؤال:
هل دعاء القنوت -يقصد: الوتر- دائمًا، أم أحيانًا -سواء في رمضان، أو في غير رمضان-؟
الجواب:
نقول: دائمًا، لو تُرك أحيانًا؛ لا بأس.
لكن: هو مُستمر؛كما في حديث الحسن بن عليٍّ -رضي الله عنهما- قال: «علَّمني رسولُ الله ﷺ كلمات أقولهنَّ في الوتر»، والأصل في الوتر أنَّه في كلِّ ليلة.
لو فُعل أحيانًا؛ لا بأس في ذلك -إن شاء الله-.
ونحن نبَّهنا: حتى في رمضان: القنوت يكون من أوَّل الشَّهر؛ لكن بالدُّعاء المأثور: «اللَّهم! اهدِني فيمَن هدَيت، وعافِني فيمَن عافَيت، وتوَّلني فيمَن تولَّيت» إلى آخِر الدُّعاء.
وبعد النِّصف يُستحبُّ الزِّيادة بالدُّعاء للمسلمين والدُّعاء على الكافرين، وهذا منقول عن بعضِ السَّلف -رضي الله عنهم- في رمضان.
لكن: أنبِّه إلى شيء؛ وهو: أن الزَّائد لا ينبغي أن يكون أكثر مِن الْمَزِيد عليه؛ يعني: تَزيد دعوات يسيرة؛ لا أن يكون الزَّائد أكثر من المزيد عليه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

4. السُّؤال:
الإفطار بعد الأذان بعشر دقائق، ثم أصلِّي ركعتين قبل المغرب، ثم الفريضة، ثم الرَّاتبة: هل هذه المدة تَكفي لعدم خروج وقت المغرب؟
الجواب:
هذا يختلف باختِلاف إفطارِك.
إذا كان الإفطار على شربة ماء أو على حبَّات تمر؛ لا يخرج.
لكن: إذا كان الإفطار على مائدة طويلة عريضة؛ نخشى أن يخرج وقتُ العشاء -حينئذٍ-!
فالقضيَّة يجب أن ترتبط بضبط الوقت والصَّلاة أهم.
افطَر على تمرة، ثم صلِّ، ثم افعَل ما تشاء إلى أن يؤذّن وقت العشاء.

5. السُّؤال:
صاحب شركة لديه عُمَّال غير مسلمين: فهل يجوز له أن يَمنعهم من الأكل والشُّرب أمام غيرهم من العمال المسلمين في نفس الشَّركة خلال نهار رمضان؟
الجواب:
ولماذا لا يَجعل لهم مكانًا خاصًّا؟
نحن لا نقول لهم: صوموا! ولا نقول لهم: لا تأكلوا!
لكن: على الأقل أن يكون ذلك في قسمٍ خاص، وبعيدًا عن المسلمين الصَّائمين، هذا أقل ما ينبغي، ولا نريد أن نُلزِمهم بالصِّيام أو بعدم الأكل -أو ما أشبه..-.

6. السُّؤال:
كثير من النَّاس في رمضان أصبح همُّهم الوحيد هو الطَّعام والنَّوم -يعني: جَلب الطَّعام-، فأصبح رمضان -عندهم- شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في اللَّيل وينام في النَّهار؛ فما توجيهُكم لهؤلاء؟
الجواب:
هؤلاء: لا نستطيع أن نقول صيامُهم باطل؛ لكن: لا شكَّ أن صيامَهم مخدوش!
لا نستطيع إبطال صَوم مَن هذا حالُه؛ لكن: أين الصَّلاة!؟ وأين الحرص على أوقات الصَّلا؟! هذا أوَّلًا.
ثانيًا: أين مجاهدة النَّفس في الصِّيام؟
ثالثًا: هذا -لا شكَّ- خَدشٌ لِلصِّيام، ونقص مِن أجر الصَّائم!
فالأصلُ أن ينتَبِه الإنسان المسلم على هذه الأمور، وأن يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه.

7. السُّؤال:
هل يجوز أن تُصلي الأم بأبنائِها الذُّكور الصِّغار؟
الجواب:
لا بأس -إن شاء الله-، وبخاصَّة أن هذا -مع التَّعليم والتَّنبيه- شيء جيِّد -إن شاء الله-.
أمَّا أن تؤمَّ البالِغين، أو الكبار، أو زوجها؛ فلا ﴿الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾.

8. السُّؤال:
الشَّخص المصاب بالزَّهايمر: هل يَفدي، أم لا شيء عليه؟
الجواب:
يَفدي عنه وليُّه؛ هو لا يميِّز؛ المصاب بالزَّهايمر فاقد الذَّاكرة ولا يعرف الأمور؛ لكن: عنده عقل، وعند إدراك، وقد يكون بدنُه ضعيفًا عن الصَّوم -أصلًا-؛ فهو داخل في عموم قولِه -تعالى-: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
هذا يختلف -نوعًا-ما- عن المجنون أو فاقد العقل، هذه صُورة، وهذه صورة؛ أرجو عدم الخلط بينهما.

9. السُّؤال:
أسلَمَ رجلٌ بعد مُضي أيام من شهر رمضان: فهل يُطالَب بصَوم الأيَّام السَّابقة؟
الجواب:
لا يُطالَب؛ «الإسلام يجبُّ ما قَبلَه» -كما ورد عن النَّبي ﷺ-.
لكن: لو يُعلَّم -فيما بعد-، ويُبيَّن له فضل التَّطوُّع؛ يكون حسَنًا.
أمَّا: هل هذا واجبٌ عليه؟
الجواب: ليس بواجب.


10. السُّؤال:
هل يأثم المسلمون جميعًا إذا لم يتراء أحدٌ منهم الهلال دخولًا أو خروجًا؟
الجواب:
(ما لا يتمُّ الواجب إلا به؛ فهو واجب).
إذا كان هذا الأمرُ سبيلًا لا يتمُّ به واجب دخول الشَّهر أو الخروج منه وإثبات العيد؛ فلا شكَّ أنَّهم يأثمون.
لكن: هذا أمر فرض كفائي، إذا قام به البعض؛ سقط عن الباقين.

11. السُّؤال:
من أتى بأذكار الصَّباح ثم نام: هل هذا جائز؟
الجواب:
أذكار الصَّباح لو نام قبلها؛ جائز.
لكن: لا شكَّ أن من أتى بها ثم نام؛ فهذا أمر مشروع.
لكن: لا يكون ذلك إلا بعد الصَّلاة المفروضة -حتى يكون السُّؤال والجواب واضحَين-.

12. السُّؤال:
دعاء القنوت: قبل الرُّكوع أم بعده؟
الجواب:
إذا قصدتَ دعاء قنوت الوتر: قبل الرُّكوع.
وإذا قصدتَ دعاء النَّوازل: بعد الرُّكوع.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

13. السُّؤال:
كيف يصوم المسلمون في بلاد الكفَّار التي ليس بها رؤية شرعيَّة؟
الجواب:
يصومون على أقرب بلد إسلامي لهم، أو -حتى- غير إسلامي -أي: بلد فيه مسلمون، تَثبُت برؤيتِهم الرُّؤية الشَّرعيَّة-؛ فَيَقِيسون ذلك على أنفسِهم، ويُلحِقون أنفسَهم بهم.

14. السُّؤال:
ما حُكم تتبُّع الأئمَّة الذين في أصواتِهم جمال؟
الجواب:
مُجرَّد تتبُّع جَمال الأصوات؛ لا يجوز.
لكن: إذا كان جَمال الأصوات معه الاطمئنان والخشوع؛ فهذا جائز؛ حينئذٍ: يكون المقصد شرعيًّا.
أمَّا: أنا أذهب إلى مسجد إمامُه فقط جميل الصَّوت؛ ولكن: ليس في صلاتِه اطمئنان، ولا في صلاتِه أداء للأركان على وجهِها؛ فهذا لا يجوز؛ فالاطمئنان شرطٌ من شروط صحَّة الصَّلاة.

15. السُّؤال:
إذا صلَّى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة: فهل يوافِق الإمامَ، أم ينصرف إذا أتمَّ إحدى عشرة ركعة؟
الجواب:
الذي أفعلُه أنا: عدم الزِّيادة، مع أنَّني لا أنكر الزِّيادة، مَن زاد: لا أنكر عليه؛ لكنْ في نفسي: لا أَزيد، ولا أفعل، وأقول: خيرُ الهدي هديُ محمَّد -صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم-.
حتى في الحرَم: لما كنَّا نُصلِّي -أحيانًا- نسأل الله أن يُذهب البلاء، وأن يُعيننا على الصَّلاة والعمرة والحج-يا ربَّ العالمين-في بلدِك الحرام-.. أنا أؤخِّر الصَّلاة إلى أن يَختِم، أو: أقطَع من نصف الصَّلاة لأصلِّي إحدى عشرة ركعة، هذا أفعلُه من باب «خيرُ الهدي هديُ محمَّد ﷺ»، وهو الذي أفتى به الشَّيخ ابن باز.
لكن: هل أُنكر على الآخَرين؟
أنا نبَّهتُ وقلت: الزِّيادة مُخالِفة للسُّنَّة وليست بدعة..
(كلُّ بدعة مُخالَفة للسُّنَّة، وليس كلُّ مُخالَفة للسُّنَّة بدعة)؛ هذا ضبط العبارة..
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

16. السُّؤال:
هل الشَّيخ فركوس من العلماء الكبار؟
الجواب:
قضيَّة (كِبار) (غير كِبار)؛ نحن لا نُصنِّف! العالِم عِلمُه يَشهد له، وعِلمه يكون جواز سفرِه -إن جاز التَّعبير- للأمَّة.
الشَّيخ فركوس رجلٌ من أهل العلم، ومِن أهل الفضل -ولا نُزكِّيه على الله-، ونحن -دائمًا- نُوصي به، وإن كان -في السَّنوات الأخيرة- دخل موضوع الجرح والتَّجريح والتَّبديع -وهو-واللهِ-ممَّا لا نحبُّه له-.
نُحبُّ له أن ينشغل بالعلم والتَّعلُّم والتَّعليم، الذي هو ذو أثر كبير -وكبير جدًّا- فيه.
ولم يمنعني ما بلغني عنه أن أستمرَّ في تزكِيتِه، وإن كان العكس غير صحيح -للأسف، وللأسف الشَّديد!-.
مع أن الشَّيخ فركوس في فترة طويلة -مِن حياته الأولى- كان ضد موضوع التَّجريح، وكان لا يُجيب -حتى- عن الأسئلة التي فيها تَجريح، فلا أدري ما الذي جرى!؟
وأسأل الله العظيم -جلَّ في عُلاه، وعظُم في عالي سَماه-: أن يُرجِعَه إلى ما كان، وخيرًا مما كان.
الجرحُ والتَّجريح لم يأتِ إلى الأمَّة بِخير.
ولْينظر إخوانُنا -في الجزائر- ماذا فعل الجرح والتَّجريح في المسلمين -هناك-، وفي أهل السُّنَّة -هناك-، وفي نظرة الجهات الرسميَّة لأهل السُّنَّة -هناك-.
يكفيكم -يا إخواني-!
اتقوا الله!
ارجعوا إلى ما أنتم عليه، وانبذوا هذه الأفكار!
أنا لا أتكلَّم عن تجريحِكم المبتدِعة والضُّلَّال والحزبيِّين..؛ أتكلَّم عن تجريحِ بعضِكم بعضًا! إخوانُ الأمس: أعداءُ اليوم!! هذا لا يجوز!
اتَّقوا اللهَ، وأصلِحوا ذاتَ بينِكم؛ بالحقِّ إلى الحق.
وأكثر ما يجري فيه التَّبديع -اليوم-للأسف!- قيل وقال -ومِن غير تثبُّت-!
مع احترامي الشَّديد للشَّيخ فركوس، وأنا أعتبر أنَّه -هو- وبعض الأفاضل؛ كالشَّيخ عبد المالك، والشَّيخ أبو عبد الباري، والشَّيخ أبو سعيد -وغيرهم من المشايخ- أنَّهم أهل فضل، وأهل عِلم، وأهل سُنَّة؛ لكن: لماذا كل واحد في جِهة؟ وكل واحد في اتِّجاه؟ وهذا يطعن في هذا؟ وهذا يطعن في ذاك؟
الجزائر كانت أُنموذجًا؛ لماذا لم تحافِظوا على هذا الأنموذج؟
لماذا لا تَرجِعون إلى سابِق عَهدِكم -بالألفة والمحبَّة-؟
لا مانع، مَن يخطئ؛ ناصِحُوه، وذكِّروه.
لكن: إيَّاكم وهذا التَّجريح والتَّبديع والتَّشقيق الذي أنتم -في كثيرٍ من الأحوال- تُمارِسونه اليوم، وقد نجَّاكم الله -تعالى- عنه في الأمس!
واللهُ الهادي إلى سواءِ السَّبيل.

17. السُّؤال:
مريض الْفُصام أو الذُّهان: هل يُحاسَب على أعمالِه وأفكاره؟
الجواب:
كأنَّه يقصد: مريض الاكتِئاب أو الوسواس القهري -أو ما أشبه-.
أيُّها الإخوة: أنا لا أُنكِر المرض -حتى النَّفسي-؛ لكن: أنا أعلم -من خلال التَّجربة- أن كثيرًا مِن الأطباء النَّفسانيِّين -للأسف- كثير منهم -ولا أقول: جميعًا- قد يوهِمون المريض -حتى لو من غير قصد-؛ فيزداد مرضُه -للأسف!-.
الإمام أحمد سُئل عن الرَّجل يأتيه الوسواس، فقال: (اُلْهُ عنه)!
فأنت -يا مَن معك مرض الْفُصام-أو الذُّهان-، وهذه الأمراض-: أقبِل على الله، وعليك بالدُّعاء، عليك بقراءةِ القرآن، عليك بالصُّحبة الطَّيِّبة التي تُذكِّرك، والبعد عن الأوهام والوساوس.
واللهِ؛ إذا جاهدتَ نفسك على ذلك؛ سترى الخيرَ الكبير، والفضلَ العظيم النَّاتج عن مثل هذا الإعراض.
واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.

18. السُّؤال:
هل ممكن أن تُفصِّل لنا في قضيَّة الإيمان والأعمال: هل هي شرطُ وجوب، أم شرط صحَّة؟ وما المقصود بقول الشَّيخ الألباني في قضيَّة الأعمال؟
الجواب:
يا أخي! هذه المسألة مسألة كبيرة، لا يَصلُح فيها جواب سؤال في مسافة ثلاث دقائق -أو أقل-، وبنفس الوقت: لا يَصلح فيها حتى محاضرة، ولا كتاب!
واللهِ -أيُّها الإخوة الأحبَّة-: كتبتُ في هذه المسألة آلاف الصَّفحات، وكتبتُ عشرات المقالات، وناقشتُ عشرات الأشخاص؛ لكن -للأسف الشَّديد! للأسف الشَّديد!- كثيرٌ من ذلك على مذهب: (أنتَ تَئِق، وأنا مَئِق؛ فكيف نتَّفِق؟!) -للأسف!-.
هنالك أناس يحبُّون المخالَفة، تقول لهم: (يَمين)؛ يقولون لك: (شِمال)!!
هذا أوَّلًا.
الأمرُ الثَّاني: أن المسألة لو بنَيناها على الأدلَّة؛ ننتهي.
لذلك: لما سُئل سماحة الشَّيخ ابن عثيمين: العمل شرط صحَّة، أم شرط كمال؟
قال: دعوكم مِن هذه الأمور! عليكم بالأدلَّة الشَّرعيَّة.
قالوا: هل يَكفر تارك جِنس العمل دون آحاد العمل؟
قال: دعوكم مِن هذه الأمور! الكافِر من كفَّره اللهُ ورسولُه.
وهذا الذي أنا عليه، بعد سنوات من الجدال والنِّقاش؛ رأيت أن قول الشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وربط النَّاس بالأدلَّة هو الأصلُ الأصيل.
فكثير من الناس لو سألتَهم: ما معنى (شرط صحَّة)، أو (شرط كمال)؟
واللهِ؛ لن يعرف!
ولو قلتَ له: ما الفرق بين (الشَّرط) و(الرُّكن)؟
واللهِ؛ لن يعرف!
لو قلتَ له: ما الفرق بين (الشَّرط اللُّغوي) و(الشَّرط الاصطِلاحي)؟
واللهِ؛ لن يعرف!
لو قلتَ له: هل الكمال -هنا- كمال واجِب، أم كمال مُستحب، أم الكمال بحسبِه -وجوبًا أو استِحبابًا-؟
واللهِ؛ لن يعرف!
لو قلتَ له: قول وعمل: هل العمل عمل الجوارح، أم عمل القلب والجوارح، أم عمل اللِّسان؟ مع أن كلمة (عمل اللِّسان) لي عليها ملاحظات كثيرة -جدًّا-كما قال الإمام أحمد وغيرُه-.
لا يَعرِفون!
نحن نقول: الإيمان: قول وعمل واعتِقاد، يزيد بالطَّاعة، ويَنقص بالمعصية.
قال الإمام عبد الله بن المبارك والبربهاري -وغيرهم-: «مَن قال: (إنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقص) فقد خرج من الإرجاء -كلِّه-أوَّلِه وآخره-»، وفي لفظ قال: «فقد برِئَ من الإرجاء».




انتهى اللِّقاء السَّابع والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 04-30-2021, 03:48 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّامِن والثَّلاثون
(18 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
هل يمكن تغيير الحكم على الحديث من الصِّحَّة إلى الضَّعف -أو العكس- على حديث ما؛ باكتِشاف مخطوطات جديدة؟
الجواب:
لماذا تقول: (مخطوطات جديدة)؟ لماذا تقول: على كتاب لم تقف عليه من الكتب المطبوعة؟
في كثير من الأحيان لا يستطيع الإنسان أن يجِدَ -أو أن يَجِدَّ- في الكتب المطبوعة، وفي البحث فيها؛ فكيف بالمخطوطات؟!
لكن: هذا وذاك هو معرفة نِسبيَّة، أو جهل نِسبيّ، لا يمكن أن يَخفى على عُموم الأمَّة؛ وإنَّما يخفى على بعض العلماء في زمان من الأزمنة.
حتى لو لم يكن الأمر محتاجًا إلى مخطوطة جديدة أو كتاب لم تَقف عليه من قبل؛ فإنَّ النهج العلميَّ المعتَبَر أن يقفَ العالِم في حديثٍ كان يُصحِّحه فَيَظهَر له ما يضعِّفه، أو يضعِّفه فيَظهَر له ما يُصحِّحه، ليس في ذلك أيُّ نكير، وليس فيه أيُّ إشكال.

2. السُّؤال:
هل صلاة الجمعة لا تجوز إلا في المسجد؟ وما الدَّليل على ذلك؟
الجواب:
نقول: الجواب: لا؛ الجمعة: الأصل فيها في المسجد، هذا هو الأصل، والأحاديث كثيرة -جدًّا- في ذلك.
لكن السُّؤال: هل لا تجوز إلا في المسجد؟
نقول: بلى؛ تجوز في غير المسجد، في بعض القرى لا يوجد مساجد، في بعض الأماكن لا يوجد مساجد؛ فيجوز -حينئذٍ- التَّجميع فيها.
لكن -انتبِه!-: هذه مسألة، ومسألة جواز التَّجميع في البيوت مسألةٌ أخرى؛ فلا نَخلِط بينهما.
لأنَّ الذين يُصلُّون في المسجد: الأصل أن يُصلُّوا في مسجدٍ واحد -وهو المسجد الجامع-؛ حتى لا تتكرَّر الجمعة؛ لكن: تجويز الجمعة في مسجد ثانٍ -أو ثالث أو عاشر-؛ كل هذا للضَّرورة.
كذلك: في الأماكن الأخرى التي ليس فيها مساجد، إذا جمَّع النَّاس في خلاء من الأرض، أو في مكان فسيح، أو -حتى- لو تجمَّعوا في بيت من البيوت؛ لا مانع.
لكن: أن تكون الجمعة في كلِّ بيت من البيوت -كما أفتى به بعضُ الأفاضل في هذا الزَّمان، وفي فتنة البلاء وجائحة (الكورونا)-؟!
هذا ليس هو صفة الجمعة، وليس هو حق الجمعة على المسلمين.

3. السُّؤال:
يقول: أنا أصلي التراويح منفردًا لِعُذر؛ لأن البلد الذي أسكن فيه فيه نصارى؟
الجواب:
لا إشكال ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، ما دمتَ لا تجدُ من تصلي معه التراويح جماعةً؛ فيجوز أن تُصليه منفردًا؛ هذا جائز، ولا إشكال فيه.

4. السُّؤال:
هل تتوفَّر كتبَك إلكترونيًّا؛ حتى نستطيع قراءتَها؟
الجواب:
أنا -في الحقيقة- لا أحبُّ مثل هذه الأسئلة؛ لكن لا بدَّ من الجواب.
في موقعي الشَّخصي على الإنترنت كتب كثيرة -جدًّا-ولله الحمد- إلكترونيَّة، و(بي دي إف)، وتستطيع أن تستفيد منها -إن شاء الله-، وأسأل الله أن يبارك لي ولك -يا أخي الكريم-.

5. السُّؤال:
ما رأيك فيمَن يخطُب بأهله في هذا الوقت؟
الجواب:
إذا قصدتَ أنَّه يخطُب الجمعة؛ فقد أجبنا عن هذا الأمر، وقُلنا: لا جمعة في البيوت؛ وإنَّما يُصلَّى بديلُ الجمعة في البيوت ظهرًا أربع ركعات -كما هو المنقول عن الصَّحابة الكرام-رضي اللهُ-تعالى-عنهم وأرضاهم-.

6. السُّؤال:
ما رأيُكم بتحقيقات الشَّيخ حسين أسد -المحقِّق لـ«سنن الدَّارِمي» وغيره من كتب الحديث-؟
الجواب:
الحقيقة: أشهر تحقيقات الأستاذ الفاضِل حسين سَليم أسد هو تحقيقه لـ«مسند أبي يَعلَى»؛ ولكن: أستطيع أن أقول: تحقيقُه وسط -أو دون الوسط-، مع احترامِنا الشَّديد له ولجهدِه وجهادِه واجتِهاده، وهو -في الحقيقة- مجتهِد في هذا الأمر؛ لكن الأمر متعلِّق بماذا؟
الأمر متعلِّق بالعلم ومقدار تطبيق العلم النَّظري على الحديث النَّبوي التَّفصيلي تخريجًا وحُكمًا على الأسانيد.
وأنا رأيتُ -قديمًا- تعليقًا كتبَه بعضُ الإخوة -في مجلَّد كامل- انتِقادًا لتعليقات الأستاذ حسين أسد في تخريجه لـ«مسند أبي يَعلَى»؛ لكن الأخ توفَّاه الله، وأنا أعلم أن الكتاب موجود عند ورثتِه، ولعل الله يُحدِث بعد ذلك أمرًا.

7. السُّؤال:
هل يجوز للمسلم أن يفتح مطعمًا في رمضان نهارًا لغير المسلمين لشراء الطَّعام في بلدٍ غير مسلم؟ أيضًا: هل يمكن للطَّاهي المسلم العمل في هذا المطعم خلال شهر رمضان لتقديم وجبات الغداء لغير المسلمين؟
الجواب:
أنا أقول: لا يوجَد دليل يمنع من ذلك؛ لكن: الأصلُ في المسلم أن يجتنبَ هذا؛ حتى تظهر الشَّخصيَّة المسلمة باختِصاصها وتفرُّدها وعُلوِّ مرتبتِها في البلد غير المسلم؛ حتى يتساءل النَّاس: لماذا هذا المطعم مغلَق؟
يكتب شيئًا..ورقة على باب المحل: أنني أنا مُغلِق المكان بسبب فريضة الصِّيام، وأنا مسلم..وكذا..؛ يعني: يُعرِّف النَّاس، ويدعوهم -ولو بطريق غير مباشرة-.
أمَّا: أن يفتح مطعمًا، أو أن يُطعم النَّاس من غير المسلمين؛ هذا ليس مما ينبغي، وليس مما يُستحسَن.
وأكرِّر: لا أستطيع أن أحرِّم ذلك؛ لكنِّي ذكرتُ الأمر مِن الناحية الأدبيَّة-أو التربويَّة-إن جاز التَّعبير-.

8. السُّؤال:
هل يُسنُّ دعاء القنوت في جميع ليالي رمضان؟ وهل يُقتَصر عليه؟
الجواب:
نعم؛ دعاء القنوت مِن أوَّل يوم في رمضان إلى آخر يوم في رمضان.
لكن؛ أنبِّه تنبيهَين:
التَّنبيه الأوَّل: أن دعاء القنوت يكون بحسب المأثور والوارِد؛ الذي هو دعاء الحسن بن علي -رضي اللهُ عنه- قال: علَّمني رسولُ ﷺ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوتر، قال: «قُل: اللهمَّ! اهدِني فيمَن هدَيت..» إلى آخر الحديث.
أمَّا بعد النِّصف من رمضان: فقد ورد عن السَّلف أنَّهم كانوا يَزيدون على المأثور الدُّعاءَ على المسلمين، والدُّعاءَ على الكافرين.
مع التَّنبيه -أيضًا-: أنَّ الزَّائد لا يجوز أن يكون أكثر أو أطوَل من الْمَزيد عليه.
هذه نقطة مهمَّة؛ لأنَّ واقع كثير من الأئمَّة أنَّهم يزيدون أضعافًا مُضاعفة! وهذا غير مشروع.

9. السُّؤال:
ما حُكم استخدام خاتم التَّسبيح؛ لا سيَّما إذا كان لِضبط عدد الأوراد المقيَّدة؟
الجواب:
يا أخي: أكثر عدد وردت به السُّنَّة عدد مئة، وتستطيع على عُقد أصابعِك أن تضبط المئة -بكل سهولة-.
فلماذا ندخل في متاهة المسبحة وعقد التَّسبيح، ولا ندري في المستقبل ماذا يحدُث! وبخاصَّة أن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول عن الأصابع: «فإنهنَّ مَسؤولاتٌ مُستَنطَقات» -قضيَّة غيبيَّة-؛ فكيف نقيس عليها غيرَها؟! وكيف نُضيِّع على أنفسِنا أجرًا وثوابًا عند الله -عزَّ وجلَّ-؟!
فعددُ المئة عددٌ مقدور عليه.
أمَّا: بعض النَّاس يقول: أنا أريد أن أعد ألفًا..خمسة آلاف..!
هذا -كلُّه- غير وارِد؛ ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
إذا أردتَ أن تزيد على المئة؛ فَزِد؛ لكن: دون حدٍّ، ودون عدٍّ.
هذه هي السُّنَّة، وهذا هو الاتِّباع.

10. السُّؤال:
هل إخراج فِدية الصيام لِمَن أفطر تكون بعد انقضاء الشَّهر، أم يجوز إخراجِها في أوَّله؟
الجواب:
المسألة خِلافيَّة، وبعض العلماء لا يُجيزُ إخراجَها في أوَّل الشَّهر؛ إنَّما يوجِب إخراجَها في آخِر الشَّهر.
أنا أقول -بعد أن نظرتُ في الأقوال-: أنَّه يجوز إخراجُها في أوَّل الشَّهر، والأفضل في آخرِه.
هذا أظنُّه قولًا وسطًا في هذا الموضوع.

11. السُّؤال:
هل يقال: إنَّ من السُّنَّة ختم القرآن في صلاةِ التراويح؟
الجواب:
لا نستطيع أن نأتي على ذلك بدليل.
لكن: ختم القرآن -بشكل عام- في رمضان؛ مِن السُّنَّة.
الرَّسول -عليه الصلاة والسلام- كان يُذاكر القرآن مع جبريل كل سَنَة في رمضان، وذاكَرَه في السَّنَة التي توفِّي فيها مرَّتين.
أمَّا: في التَّراويح؛ فلا.
لكن: لو قيل: هل هنالك مانع؟
نقول: لا مانع؛ أنت تقرأ القرآن -سواء قرأتَه متفرِّقًا، أو قرأتَه متتاليًا-؛ لا مانع من ذلك.

12. السُّؤال:
الذي لم يُبيِّت النيَّة: هل يُتم الصِّيام مع القضاء، أو يُفطِر؟
الجواب:
موضوع تبييت النيَّة ذكرناها غير مرَّة.
الجواب؛ نقول:
هذا الذي يسأل؛ نسأله: هل أن بيَّتَّ نيَّة الإفطار؟ هنا الشَّاهد.
أو: نيَّة أنَّك لا تريد الصِّيام؛ لعذر طارئ -مثلًا-من مرض أو سفر، أو غير ذلك-؟
إذا بيَّتَّ نيَّةَ الإفطار؛ فأنت -حينئذٍ-إذا صمتَ في اليوم التَّالي- تُفطِر.
لكن: أنت لم تُبيِّت، نسيتَ استِحضار النيَّة؛ لكنْ عزمُك موجود وقائم، ولم يَطرأ عليك نيَّةُ الْفِطر، أو العزم على الفطر؛ فأنت على الأصل: أنت صائم.
أنا سأفرِض الصُّورة الأولى -حتى أجيب على الأخ السَّائل سؤالَه-:
لو أنك نويتَ عدم الصِّيام -الْفِطر-، تقول: أنا أريد أن أسافر غدًا، أو: أنا مريض -واللهِ- لا أريد أن أصوم -حتى آخُذ العلاج، أو أذهب إلى الطبيب-، وفي الصَّباح: وجدتَ نفسكَ نشيطًا وسليمًا، أو: لم تُسافر.
هنا السُّؤال؛ قال: هل يُتم الصِّيام مع القضاء، أو يُفطر؟
نقول: لا يُتمُّ الصِّيام مع القضاء، وهو مُفطِر.
الآن: هل هو معذور، أو غير معذور؟
هو أدرى بنفسِه؛ لكن: ما دام أن ابتداء تركِه النيَّة -نيَّة الصِّيام-، وابتداء نيَّتِه الفطر كانت عن عُذر يظنُّه شرعيًّا -من مرض أو سفر-، ثم زال هذا الطارئ؛ فهو -حينئذٍ- معذور شرعًا، يكفيه القضاء بعد رمضان، وهذا اليوم يستطيع أن يُفطرَه -بكل سهولة- لأنَّه معذور -أصلًا-.

13. السُّؤال:
هل الفدية تكون مالًا أفضل؟
الجواب:
لا؛ «خيرُ الهدي هديُ محمَّد ﷺ»، في القرآن الكريم: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ طعام، فكيف نجعلُها مالًا؟! نصُّ القرآن أنَّه طعام.
فحيث ورد النَّصُّ؛ لا يجوز أن نَخرج عنه، أو أن نُغادرَه، أو أن نُخالفه.

14. السُّؤال:
هل يصح أن يُقال: الوصال بالصِّيام إلى السَّحر سُنَّة مهجورة؟
الجواب:
أقول: لا؛ لأنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أذِن لهم بالمواصَلة إلى السَّحر على سبيل الجواز، ليس على سبيل السُّنِّيَّة والاستِحباب.
يعني: من أراد أن يواصِل؛ فليواصِل إلى السَّحر.
هذا دليل أنَّه جائز، ليس فيه دليل أنَّه مُستحب، أو أنَّه سُنَّة -نحرص على تطبيقها-.

15. السُّؤال:
هل أم زوجة الأب أجنبيَّة، أم من المحارِم؟
الجواب:
يعني: زوجة أبي؛ أمُّها: لا شكَّ مِن المحارم؛ الأمُّ: أمٌّ -ولو عَلَت-.
زوجة أبيك: محرَّمة عليه، وأمُّها: مثلُها.

16. السُّؤال:
ماذا تردُّون على مَن يصِف العلامة المحدِّث الألباني -رحمه الله، وطيَّب ثراه-: بأنَّه ظاهريٌّ في الفقه؟ وما مقصدُهم من هذه الافتراءات؟
الجواب:
أبدأ بالجواب الثَّاني، ثم أنتقل للأوَّل:
أمَّا: ما مقصدهم من هذه الافتراءات؟
أكثر هذه الافتراءات يَفتريها على الشَّيخ الألباني -وأمثالِه من العلماء المتحرِّرين من التَّعصُّب-: هم الحزبيُّون والمتعصِّبة المذهبيُّون.
الحزبيُّون والمتعصِّبة المذهبيُّون هم أكثر مَن يَفتري على هذه الثُّلَّة مِن أهل العلم بهذه الافتراءات.
أمَّا مقصدُهم؛ فواضح: التَّنفير عنه، وإبعادُ النَّاس منه، وهم يرَون أن هذا المنهج السَّليم، هذا المنهج الصحيح المنضبِط بدأ ينتشر ويجد رواجًا، فهذا يؤرِّقهم ويُقلقهم.
أمَّا: ماذا نردُّ على ذلك؟
نقول لهم: (أثبِت العرشَ، ثم انقُش)!
الشَّيخ الألباني إذا وافقَ ابنَ حزمٍ في مسألة؛ فقد خالفَه في عشر مسائل..في مئة مسألة.
الشَّيخ الألباني ينظُر إلى الدَّليل، لا ينظر إلى الأقاويل.
إذا وافقَ ابنَ حزم في مسألة؛ فقد وافق أبا حنيفة في عشرات المسائل، ووافق الشَّافعي في عشرات المسائل، ووافق أحمد في عشرات المسائل.
أنا لا أذم ابنَ حزم، ولا أذم مذهبَه.
ابن حزم إمام جليل، من أعظم أجلَّاء علماء السُّنَّة؛ لكن: هو بشر يُخطئ ويُصيب، وقد نهى عن التَّقليد، ونحن -أيضًا- ننهى عن التَّقليد.
أمَّا أن أذمَّ ابن حزم؛ فلا أذمُّه، نعم؛ عنده أخطاء..؛ هكذا سائر أهل العلم.
أحيانًا: يُركِّز على ظاهر النَّص دون النَّظر إلى عِلَّته ومقاصِده؛ هذا مما يُنتقَد عليه.
لكن: هو إمام عظيم بنى منهجَه -كلَّه- على الكتاب والسُّنة.
أكرِّر -ثانيًا وثالثًا ورابعًا-: بأن ابن حزم ومنهجَه؛ هم -في النِّهاية- اجتهادات بشريَّة كسائر المذاهب وكسائر أهل العلم، يُخطئون ويُصيبون؛ ولكنَّهم مأجورَين أجرَين على الصَّواب، وأجرًا واحدًا على الخطأ.

17. السُّؤال:
إذا كان الشَّهر تسعةً وعشرين يومًا؛ فستكون ليلة عشرين من العشر اللَّيالي الأخيرة؛ لكننا لا نعرف أنَّ الشَّهر سيكون تسعةً وعشرين أو ثلاثين؛ فكيف نخرج من هذه المشكلة؟
الجواب:
ليست مشكلة -يا أخي-.
لذلك: الذي يرجِّحه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-: أن ليلة القدر ليلة متنقِّلة في العشر الأواخِر كلِّها، ليس -فقط- في أوتار العشر الأواخر، والعلَّة في ذلك هذا السُّؤال: أنَّه قد يكون الشَّهر ثلاثين، وقد يكون الشَّهر تسعًا وعشرين، كيف المخرج؟
المخرج: بتحرِّي ليلة القدر في العشر الأواخر كلِّها.

18. السُّؤال:
ما هو الأفضل: كثرة قراءة القرآن، أم قراءتُه مع التَّفسير؟ وما المقصود من مدارسة القرآن للنَّبي ﷺ مع جبريل -عليه السَّلام-؟
الجواب:
ربُّنا يقول: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.
فتدبُّر القرآن: هو المقصد الأعظم من التِّلاوة والتَّرتيل ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا﴾، المقصد الأعظم هو هذا؛ فلا تكونُ قراءتُنا -أو تلاوتُنا- على حساب الفهم.
وبالتَّالي: فالفهم لِصفحة خيرٌ من القراءة بدون فهم صفحتَين أو ثلاث صفحات.
يستطيع أي مسلم -اليوم- أن يجد مصحفًا على هامشه غريبُ الكلمات -أو غريب القرآن-؛ فيجمع بين الخيرَين، ولن يأخذ ذلك -منه- ثوانيَ معدودة.
نسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يُفقِّهنا وإيَّاكم، وأن يرزقَنا -جميعًا- العلم النَّافع والعمل الصَّالح؛ إن ربي سميع الدُّعاء.



انتهى اللِّقاء الثَّامِن والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 05-01-2021, 04:01 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء التَّاسِع والثَّلاثون
(19 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
هل مثل الفاصوليا واللُّوبيا -ونحوها- تصلح زكاةً للفطر؟ وما ضابط الطَّعام الذي يصلح أن يكون زكاةً للفطر؟
الجواب:
هذا يختلف باختلاف -حقيقة- الأعراف والظُّروف والأحوال.
العلماء ذكروا ضابطَين لزكاة الفطر:
الضَّابط الأوَّل: أن تكون قوتًا؛ يعني: أن يتقوَّت بها الإنسان ويكتفيَ بها في طعامِه وفي غَدائه -بحيث تُشبِعه-.
والأمر الثَّاني: أن تكون قابلةً للادِّخار.
فإذا وجد هذان الشَّرطان؛ فحينئذٍ يكون هذا مما يجوز.
وأنا سافرتُ إلى أمريكا وأوروبا كثيرًا، خاصَّة في وجبة الفطور -ولا أدري التَّقليد في ذلك-: الفاصوليا عندهم وجبة أساسيَّة؛ فهذا لا نعرفه في بلاد العرب -أو -على الأقل-في أكثر بلاد العرب والمسلمين-.
هذا يشير إلى قضيَّة اختلاف الأعراف وأثرها في هذا الحكم.

2. السُّؤال:
ما هي الطَّريقة الصَّحيحة لرفع الأيدي أثناء الدُّعاء داخل الصَّلاة وخارجها، مع الدَّليل على ذلك؟
الجواب:
أمَّا داخل الصَّلاة: فلا يوجد إلا دعاء القنوت، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «كان لا يَقنُت إلا إذا دعا لقومٍ، أو دعا على قومٍ» هذا أصحُّ الأحاديث وأقوى الرِّوايات -طبعًا؛ غير قنوت الوتر-.
وقنوت الوتر وقنوت النَّوازِل: رفع اليدين فيهما واحد؛ وهو حَذو الْمَنكِبَين، هكذا كانت سُنَّة رسول الله ﷺ العمليَّة، أو حذو الأذنين -هكذا-.
أما بعض النَّاس: يفعل هكذا؛ هذا لا أصل له في السُّنَّة.
أما خارج الصَّلاة: فنفسُ الجواب؛ لكن: قد يصل الأمر بالإنسان إلى التضرُّع والابتهال؛ فيجوز أن يرفع يديه أكثر، إذا وصل الأمرُ به إلى مزيد مِن الخشوع والخضوع والتَّضرع والابتهال -كما ورد عن ابن عباس في «سنن أبي داود»-.

3. السُّؤال:
ما حُكم من يصلِّي ولا يصوم رمضان لسنوات عديدة: كيف يقضي صومَه؟
الجواب:
إذا استطاع ضبطَ السَّنوات وقَدِر على قضائِها؛ فهذا هو الأصل.
أمَّا إذا لم يستطِع؛ فليكثِر من النَّوافل.
يقول النبي ﷺ: «إن أوَّل ما يحاسب العبدُ عليه: صلاتُه، فإذا كانت تامَّة؛ كانت تامَّة، وإلا قال الله -تعالى-: انظروا ما لِعبدي مِن تطوُّع أكْمِلوا به نقصَ فريضتِه، ثم يُؤتى بِسائر الفرائض على مثلِ ذلك» أو كما قال النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلم-.

4. السُّؤال:
ما رأيكم في كتاب «حِلية الأولياء»؟
الجواب:
كتاب «حِلية الأولياء» للإمام أبي نُعيم الأصبهاني خِزانة عِلْم، وخِزانة آثار وأقوال، فيها من الأخبار والأقوال والآثار عن علماء الإسلام -وبخاصَّة أئمَّة السَّلف الصَّالح- الشَّيء الكثير الكثير.
لكن: فيه لَمحة ونَفحة صوفيَّة، وهذه اللَّمحة والنَّفحة الصوفيَّة هي -إن جاز التَّعبير-بين قوسَين- هي (صوفيَّة أهل الحديث)؛ بعنى: القرب من الله، والتَّقوى، والإخلاص، والذِّكر، والتَّعبُّد، والتزهُّد؛ هذا هو تصوُّف أهل الحديث، بِغضِّ النَّظر عن المصطلح؛ نحن نتكلَّم عن السُّلوك والأخلاق.
لأن هذا الباب أُطلق عليه في بعض الأزمان.. حتى في زمن أبي نُعيم؛ لذلك: ما مِن ترجمة إلا وهو يقول: (والتَّصوُّف كذا وكذا)، ثم يذكر سطرًا أو سطرَين -أو أقل من ذلك- في مدح التَّصوُّف، أي تصوُّف؟ هذا التَّصوُّف، تصوُّف أهل الحديث، وتصوُّف علماء الإسلام الأوَّلين، الذي هو -في حقيقة أمره وفي مآل أمرِه-: الأخلاق والسُّلوك والتَّربية والتَّزكية.
مصطلح (التَّصوُّف) ليس من شأننا أن نجعله فتنةً -أو محنة-؛ العبرة بالحقائق والمسميَّات.
لذلك: ابن تيميَّة كثيرًا -في «فتاويه»-ما- يَذكر التَّصوُّف والمتصوِّفة، ثم ينتقد منهم مَن هو مُنحرِف، ويأتي -بالمقابل- بالثَّناء على مَن ليس كذلك.
وأنا -إن شاء الله-في الأيَّام القريبة- لي (فيديو) هيَّأتُ أمرَه في موضوع (التَّصوُّف)، فيه بعض النُّقول (النَّادرة) التي تَخفَى على الكثيرين -ممَّن يدافِعون عن التَّصوُّف، أو يَنتقدون التَّصوُّف-، ونحن -دائمًا- مع الحق إلى الحقِّ بالحقِّ -إن شاء الله-تعالى-.

5. السُّؤال:
إذا حضر الْعِشاء والْعَشاء؛ فهل هذا خاص بصلاةِ الْعِشاء فقط، أم كل الصَّلوات -صلوات الفرض-؟ وهل يَنطبق -حتى- على صلاة المغرب في حال الصِّيام؟
الجواب:
النبي ﷺ يقول: «لا صلاةَ بحضرة طعام» هذا نصٌّ عام.
لكن: المغرب، وفي رمضان -في غير الظَّرف الحالي-ظروف (الكورونا) والحجر المنزلي؛ يعني: لو كانت المساجد مفتوحة- ليس المقصود أن تأكل بمعنى أن تَشبَع، ثم تكون صلاة الجماعة قد ذهبتْ عنك!!
لا؛ المقصود: أن تُذهِب بِلُقيمات يسيرة -تمرات، أو شربة ماء- أن تُذهب شهوة الطَّعام التي إذا صليتَ؛ تُصلي بكُلِّيتك، مُتقربًا إلى ربِّ العالمين -سبحانه وتعالى-.
أما أن نجعل وقت رمضان كأيِّ وقتٍ آخر؛ فلا؛ هذا ليس هو المنقول عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-.

6. السُّؤال:
حديث ابن عبَّاس: (أن رفع الصَّوت بالذِّكر كان على عهد النَّبي ﷺ): هل هذا دليلٌ لِجواز [الجهر بـ] التَّكبير في العيد؟
الجواب:
لا؛ الجهر بالتَّكبير في العيد له أدلَّة أخرى ونصوص أخرى، وهو أمرٌ يكاد يكون متَّفق عليه.
أما حديث ابن عباس -المروي في «الصحيح»- بِرفع الذِّكر: فالإمام الشَّافعي -في كتاب «الأم»- يَنصُّ على ماذا؟ يَنصُّ على: أنَّ هذا كان في فترة وجيزة وللتَّعليم، وانتصر له الحافظُ ابنُ حجر العسقلاني -رحمهُ الله- في كتابه «فتح الباري»، وهذا هو الصَّواب.
واللهُ أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
حديث عائشة: «أن النَّبي ﷺ كان يستفتح الصلاة بالتَّكبير والقراءة بـ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾»: هل هذا دليل على أنَّه لا يجوز البدء بالبسملة جهرًا؟
الجواب:
مسألة (الجهر بالبسملة): مسألة كُبرى، والأدلة فيها متقارِبة.
والإمام ابن القيِّم -رحمهُ الله- لخَّص المسألة -بعد أن أشار إليها وإلى الخلاف فيها- بِكلماتٍ قليلة، ماذا قال؟
قال: (أحاديث الجهر بالبسملة صحيحة غير صريحة، وأحاديث الإسرارِ بالبسملة صحيحة صريحة).
والوارِد في الإسرار أكثر مِن الوارِد بالجهر.
هذا هو أضبطُ الأقوال في هذه المسألة، وهو الذي ينشرحُ له القلبُ.

8. السُّؤال:
ما حُكم الحيوان يُذبَح في (طبل الشَّيطان) -كما هو العادة في بعض البلاد السواحليَّة-؟
الجواب:
والله؛ أنا لم أفهم السُّؤال، إيش يعني (يُذبح في طبل الشَّيطان)؟ أنا لم أفهم!
ويقصد (البلاد السواحليَّة)؛ يعني: بعض البلاد الإفريقيَّة -لعلَّها نيجيريا وما جاورها-والله أعلم-...

9. السُّؤال:
الذي يقرأ عن المصحف -يعني: في صلاتِه-: يُعتبر مقصِّرًا؟
الجواب:
لا شكَّ ولا رَيب؛ يُعتبر مقصِّرًا.
بالعكس؛ أنا أقول له: اقرأ مما تَحفظ خيرٌ لك من أن تقرأ من المصحف، وبخاصَّة في الفريضة -فضلًا عن التَّراويح أو غيرها من الصَّلوات-؛ لا ينبغي ذلك، والأصلُ: الْحِرص؛ أنت إمام، وأنت مُفرَّغ، وأنت تأخذ راتبًا؛ فالأصل أن تجاهِد نفسَك على الصَّبر -وما أشبه ذلك-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
ماذا يفعل من فاتته صلاة الْوِتر؟
الجواب:
فَوتُ صلاة الوتر له صورتَان:
إمَّا أنَّه تفوتَه صلاة الوتر فقط؛ يعني: صلَّى القيام وتَرك الوترَ؛ فنام عنه.
أو: أن يفوته وِردُه اللَّيلي -أو حِزبُه اللَّيْلي- كلُّه.
إذا فاته حِزبُه اللَّيْليُّ كلُّه: يُصلي في النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعةً.
هذا هو المنقول في «صحيح مسلم» عن النَّبي ﷺ.
أمَّا إذا فاته الوتر فقط: فالرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «مَن نام عن وِترِه؛ فَلْيُصَلِّه إذا استيقظ».
كنتُ أقول هذا اجتهادًا مِن عندي بحسب الأدلَّة، فأخبرني مَن أثِق به مِن طُلاب الشَّيخ ابن عثيمين، أنَّ هذا اختيار الشَّيخ -رحمهُ الله-تعالى-، ونِعِمَّا هو مِن إمامٍ جليل، وفقيهٍ عظيم في هذا الزَّمان! بل أكاد أقول: هو فقيه العصر والأوان -رحمهُ اللهُ-تعالى-

11. السُّؤال:
هل أكلُ الثُّوم والبصل منهيٌّ عنه في جماعة البيت كما في المسجد؟
الجواب:
لا؛ لأنَّك أنت جالس في بيتِك -سواء صليتَ أو لم تُصلّ-، والعذر هنا موجودٌ.
جماعة بيتِك: أنت تقترب منهم، وتبتعد عنهم، وتُجالسُهم، وتأكل معهم، ويشمُّونك وتشمُّهم -معذرة-.
لكن: هذا في المسجد مُختلف، وفي المسجد؛ فيه نصٌّ؛ لأنَّك ستُصلِّي بِجنب أناس لا يعرفونك ولا تعرفهم، ولا هم مضطرُّون أن يَقبَلوا هذه الرائحة الكريهة؛ لكن: في البيت اعتادوا عليك، واعتدتَ عليهم؛ فالصورة مختلفة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

12. السُّؤال:
ماذا عن شرحِكم على «ألفيَّة» السُّيوطي: هل قارب الطَّبع؟
الجواب:
واللهِ -للأسف-؛ لا.
شرحي على «ألفيَّة» السُّيوطي استغرق حوالي مئة مجلس، وإذا طُبع قد يكون في ثلاث مجلَّدات، أو أربع مجلَّدات.
وأنا أقول -ولله الحمد- فيه فوائد أرجو أن يكون فيها خير ونفع.
وتكفَّل بعضُ أبنائنا -جزاهُ اللهُ خيرًا- بِتفريغِها، وأخبرني -منذ أيَّام قلائل- أنه فرَّغ نِصفَها.
وهذه مناسَبة -مُناسِبةٌ- أن أذكِّره بِالمضي قدُمًا فيما هو بِصَددِه، وله من الأجر -في ذلك- شيءٌ كثير -إن شاء ربُّ العالمين-سُبحانه وتعالى-.

13. السُّؤال:
هل يجوز إخراج الفدية عن الوالِد؟
الجواب:
نعم؛ يجوز، الرَّسول الكريم ﷺ يقول: «أنت ومالُك لأبيك».
لكن: لا بدَّ أن تُخبرَه؛ حتى لا يَظلَّ متأثِّمًا، أو أن يُقدِّم شيئًا وأنت تقدِّم الشَّيء مُكرِّرًا له.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

14. السُّؤال:
ما صحَّة زيادة: «بِيَمينِه» في حديث عقد التَّسبيح: «كان النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يَعقِد التَّسبيح بِيَمينِه»؟
الجواب:
بعض العلماء يحكُم عليها بالشُّذوذ، وعلماء آخَرون يَرونها صحيحةً، وأنا أميل إلى القول بأنَّها صحيحة، ولا أرى قول مَن حكمَ عليها بالشُّذوذ صحيحًا، لا أراه صحيحًا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
لو تكرمتم بِبيان صِفة التَّسبيح باليد، وكذا صفة تحريك الأصبع في التشهُّد؟
الجواب:
أظن أنَّنا أجبنا عن هذا السُّؤال.
أما صفة التَّسبيح باليد: فلا توجد صفة يقينيَّة في ذلك؛ وإنما هي اختلاف بين أهل العلم.
بعضُهم يجعلُ التَّسبيحَ على رؤوس الأصابع.
وبعضُهم يجعلُ التَّسبيحَ بِثَني الأصابع.
وبعضُهم يجعلُ التَّسبيحَ على عُقد الأصابع، وهو ما رأيتُ شيخَنا الشَّيخ الألباني يفعلُه -مرارًا وتَكرارًا-.
أمَّا: أيُّها الصَّواب، أو: أيُّها الأصوب -على الأقل-؟
لا يوجد -عندنا- دليل قاطِع في المسألة؛ إنَّما هي بين راجح ومرجوح، والله -تعالى- أعلم.
أمَّا حركة الأصبع: فحركة الأصبع يكون الأصبع ممدودًا إلى جهة الْقِبْلة، والحركة خفيفة -هكذا-.
أما ما يفعله النَّاس من رفعٍ وخفض: هذا مُخالفٌ للسُّنَّة.
بعض النَّاس يضع يده -هكذا على رُكبته -هكذا- بَسْطًا، ثم يُحرِّك؛ هذا غير صحيح.
لا بُد أن تفعل هكذا، أو هكذا: أن تُحلِّق بين الوسطى والإبهام، أو أن تضمَّ يدَك -كلَّها-، وتُشير بنَظَرِك إلى ذلك.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

16. السُّؤال:
كيف يبدأ من أراد التَّخصُّص في عِلم الحديث؟
الجواب:
هنالك محاضرة كنتُ ألقيتُها في جُدَّة -لعلَّه- قبل ثلاثين سَنة؛ بعنوان (مدخل إلى علم الحديث)، وأظنُّها موجودة على (الإنترنت)، ولعلَّ البعض قد فرَّغها، وبيَّنتُ فيها أن عِلم الحديث -كما قال ابن القيِّم- عِلم (رواية) و(دِراية) و(رِعاية.
علم الرِّواية: ما يتعلَّق بعُلوم الحديث الاصطِلاحيَّة، والرُّواة، والجرح والتَّعديل.
وعِلم الدِّراية: ما يتعلَّق بِشُروح الأحاديث، ودراسة مُتونها، وفِقهِها.
وعِلم الرِّعاية: ما يتعلَّق بالجانب السُّلوكي والتَّربوي، وجانب التَّزكية من دراسة عِلم الحديث.
ولي رسالة صغيرة اسمُها: «عودة إلى السُّنَّة»، أيضًا طبعتُها قبل أكثر مِن ثلاثين سَنة -ممكن خمس وثلاثين سَنة-، وضعتُ فيها مراحل تعليميَّة في بعض عُلوم الحديث والتَّدرُّج فيها؛ فمُراجعتُها تَحسُن -إن شاء الله-تعالى-.

17. السُّؤال:
ماذا تنصحني بعد كتاب «الوجيز»؟
الجواب:
«الوجيز» للشَّيخ عبد العظيم بَدوي -أخينا الكريم والكبير-جزاهُ الله خيرًا-.
أنصحك بعدَه: بقراءة كتاب شرح «عُمدة الأحكام»: «تيسير العلَّام» للشَّيخ البسَّام.
وبعده: أنصحك بِقراءة كتاب «الموسوعة الميسَّرة» لأخينا الكبير الكريم الشَّيخ حسين العوايشة، حفظ الله الجميع.
هذا ما أنصحك في هذا التَّدرُّج -إن شاء الله-.

18. السُّؤال:
كم مقدار الفدية في رمضان؟
الجواب:
مقدار الفدية في رمضان بِنصِّ القرآن الكريم: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ وفي قراءة: ﴿طَعَامُ مَسَاكِين﴾.
إذا كان عن يوم واحد: مسكين واحد.
إذا كان عن أكثر من يوم: عن كلِّ يوم مسكينًا.
وجاءت القراءة السَّبعيَّة لتُبيِّن هذا وذاك.

19. السُّؤال:
ما رأيُك بالاستماع للشَّيخ سالم الطَّويل؟
الجواب:
الشَّيخ سالم الطَّويل -حفظهُ الله-: أخونا وصديقُنا وحبيبُنا، وهو مِن أوائل طُلاب وتلاميذ الشَّيخ ابن عُثيمين، زُرناه في الكويت فأكرمَنا، وزارَنا في الأردن وقصَّرنا معه، وهو مِن أهل السُّنَّة المتميِّزين، وقد وفَّقه اللهُ لِلرَّد على كثير من المخالِفين للحق وللسُّنَّة ولأهل السُّنَّة -من الحركيِّين والحزبيِّين والعقلانيِّين-.
أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم؛ أن يزيدَه من فضله، وأن يُوفِّقه إلى كلِّ خير في دينِه ودنياه، في نفسِه وأهلِه وولدِه؛ إنَّ ربي سميع الدُّعاء.




انتهى اللِّقاء التَّاسِع والثَّلاثون
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 05-02-2021, 03:39 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الأربعون
(20 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
هل يوجَد شرح مطبوع لـ(نونيَّة القحطاني)؟
الجواب:
يوجد شروح -هكذا- سريعة لبعضِ المعاصِرين من أهل العلم والفضل من علماء أهل السُّنَّة.
لكن: شرح بمعنى أنَّه شرح مُستوعِب وعميق؛ للأسف: لا يوجد -في حدود عِلمي-.

2. السُّؤال:
نصيحة بخصوص التقيُّد بأوقات العمل؟
الجواب:
التقيُّد بأوقات العمل؛ هذا إذا وُجد عمل..
إلى الآن: أكثر النَّاس لا يوجَد عندها عمل -للأسف الشَّديد-، حتى الدَّوائر الحكوميَّة والرَّسميَّة إلى الآن متوقِّفة.
لكن أنا سأجيب على ذلك فيما هو موجود مِن الأعمال، وفيما لو رجعت الأعمال إلى حالِها الأوَّل، وأرجو أن لا يكونَ ذلك بعيدًا.
الأصل: أنَّك مفرَّغ لهذا العمل، ومدفوع لك الأجر -أجر التَّفريغ والتَّفرُّغ لهذا العمل-؛ فلا يجوز -والحالة هذه- أن تقول: (أنا وقتي بيدي، ووقتي مِلكي)! هذا غير صحيح؛ وقتُك ليس ملكك..وقتُك مِلك مَن فرَّغك وأعطاك الرَّاتب؛ وبالتَّالي: يجب التقيُّد بأوقات العمل، والقيام بما أُوكِل إليك من هذا العمل.

3. السُّؤال:
ما كيفيَّة صلاة التَّراويح: هل لها صورة واحدة؟ وهل السُّنة أن تُصلَّى اثنتين اثنتَين، أم التنوُّع؟
الجواب:
الأصل فيها كما قال النَّبي ﷺ: «صلاةُ الليل والنَّهار: مَثنى مَثنى»، وثمَّة صوَر منقولة عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- لما صلَّى بِتِسع ركعات متسلسلة إلا في التشهُّد قبل الرَّكعة الأخيرة والرَّكعة الأخيرة، التشهُّد الأوَّل ثم التشهُّد الثَّاني.

4. السُّؤال:
هل السَّائل الذي يخرج قبل النِّفاس -وهو الطَّلق-ببعض الأيَّام- له حُكم دم النِّفاس من جهة الْفِطر -أي: يمنع الصِّيام-؟
الجواب:
لا؛ النِّفاس: هو دمُ ما بعد الولادة.
وما قبله: قد يكون عِرقًا، وقد يكون نزيفًا، وقد يكون شيءٌ من الكدرة أو الصُّفرة -أو ما أشبه ذلك- بالنِّسبة للنِّساء الحوامل اللاتي هنَّ في طَوْر الولادة.
لكن السُّؤال عن الصِّيام: أظنُّ أن المرأة في أيَّامها الأخيرة صعبٌ عليها -ابتداءً- أن تصوم؛ لكن: إذا صامت؛ فمثل هذه السَّوائل لا تؤثِّر فيها -إن شاء الله-.

5. السُّؤال:
ما الرَّاجح -عندكم- في الحجامة للصَّائم؟
الجواب:
الرَّاجح عندي في الحجامة للصَّائم: عدم التَّفطير؛ لكن -مع ذلك-: لا أنصح بها؛ لأنها تُضعِف الإنسان، والصَّائم يحتاج إلى قوَّة ونشاط وعزم وعافية لإتمام صومِه بالصُّورة الْفُضلى.
وإلا: حديث: «أفطرَ الحاجِمُ والمحجوم على الأرجح أنَّه حديث مَنسوخ..هو حديث صحيح؛ لكنَّه منسوخ، وناسِخُه رواية: «أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- احتجم وهو صائم» وإنْ كانت هذه مُحتملة؛ لكن: ثمَّة رواية أخرى تقضي على الخلاف -إن شاء الله-؛ وهي: أن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أذِن للصَّائم بالحجامة.

6. السُّؤال:
ما حُكم الإفطار على القرص -قبل الأذان-؟
الجواب:
الأصل أن لا يكون ذلك.
أرجو أن يَلتزم النَّاس -أجمعون- والإخوة -كلُّهم- بالأذان؛ لأنَّ الصَّوم عبادة جماعيَّة، ونِسبة الخطأ موجودة، وخاصَّة في وجود -الآن- كثرة البنايات والعمائر -وما أشبه ذلك-؛ فالأمر يحتاج -الحقيقة- نوع من الاحتياط في هذا الأمر.

7. السُّؤال:
صلَّيت التراويح أربع ركعات: هل أجزأَتْ؟
الجواب:
يقصد: أربع ركعات ثم ركعة وِتر..«اجعلوا آخرَ صلاتِكم باللَّيل وِترًا».
نقول له: تُجزئ -إن شاء الله-، الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- أوتَر بركعة واحدة، وأوتر بثلاث ركعات؛ لكن: لم تأتِ بما هو أكمل، وقد كان أكثر هديِ النَّبي ﷺ إحدى عشرةَ ركعة -كما في «الصَّحيحين»-.

8. السُّؤال:
دعاء الإفطار: «اللهمَّ أسألك برحمتك التي وسعتْ كلَّ شيء أن تغفرَ لي»: هل يثبُت؟
الجواب:
لا يَثبُت، وكذلك لا يَثبُت: «اللهمَّ لك صُمتُ، وعلى رِزقك أفطرتُ»، والثَّابت: «ذهبَ الظَّمأُ، وابتلَّت الْعُروقُ، وثَبَتَ الأجرُ -إن شاء الله-».

9. السُّؤال:
بالنِّسبة لدعاء القنوت: هل تُشرع الزِّيادة على ما ورد مِن فِعل النَّبي ﷺ؟
الجواب:
المنقول عن السَّلف التَّفصيل:
من بداية الشَّهر: الالتِزام بالمأثور.
بعد النِّصف من رمضان: الزِّيادة على الدُّعاء المأثور -بعد النِّصف- بالدُّعاء للمسلمين، والدُّعاء على الكافرين.
ونبَّهتُ -أكثر من مرَّة- أن هذه الزِّيادة تكون يسيرة، لا أن تكون الزِّيادة أكثر من الْمَزِيد عليه -كما يفعل كثيرٌ من الأئمَّة-.

10. السُّؤال:
ما حُكم طلب المسلم الدُّعاء من أخيه المسلم؟
الجواب:
إذا لم يُتَّخذ لك عادةً، وإذا لم يكن فيه اعتِقاد زائد وإنَّما من باب عُموم قولِ ربِّ العالمين: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾؛ فلا بأس.
أمَّا بعض النَّاس يعتقد أن هذا إنسان صاحب كرامات -مثلًا-، أو دعاء مستجاب! لا؛ هذا ما ينبغي.
وأورد الإمام ابنُ رجب الحنبليُّ -في بعض رسائلِه-: أن رجلًا جاء إلى آخر قال له: ادعُ لي! فقال له: (أأنبياءُ نحن!؟) -مستنكِرًا عليه هذا الطَّلب-!

11. السُّؤال:
رجل عمره ثلاث وخمسون سَنة، ولم يَصُم رمضان قط؛ ولكنَّه يُصلِّي: كيف يقضي ما فاته؟
الجواب:
يُكثر من الاستغفار والنَّوافل.
لو أنَّنا طالبناه بالقضاء بدِقَّة لهذه السَّنوات الخمس والأربعين -أو الأربعين-على الأقل-: قد يكون ذلك مانعًا له من التَّوبة، أو -على الأقل- حُسن التَّوبة.
لكن: نشجِّعه على الاستغفار والنَّدم، ونُشجِّعه على الإكثار من النَّوافل -إن شاء الله-.

12. السُّؤال:
امرأة طهرتْ من الحيض وصامت، وقبل المغرب -بساعة- نزلت عليها قطرات من الدَّم الفاتح: فما عليها؟
الجواب:
ليس عليها شيء، فقط: تتقي هذا الدَّم بشيء، وتتوضَّأ لكلِّ فريضة إذا استمر نُزول هذا الدم القاني.

13. السُّؤال:
ماذا تقول في الذي ينتسب إلى السُّنَّة وأهل السُّنَّة، ثم يُدلِّس عليك ويَكذب على لسانك؟
الجواب:
هذا ليس من أخلاق أهل السُّنَّة، ولا من أخلاق الإسلام وأهله.
لكن: لا نتسرَّع في الحكم على الآخَرين: قد يكون أراد شيئًا فأخطأ.. قد نُقِل لك شيء ليس بصحيح.. قد.. وقد..
فإذا استفذت ذلك -كلَّه-؛ فحينئذٍ: ادعُ اللهَ له بالهداية، وانصحه، وذكِّره بالله -عزَّ وجلَّ-.

14. السُّؤال:
مرض (الزَّهايمر) هل هو نوعان؟ وهل يُعتبر من المرض المزمِن؟
الجواب:
السَّائل يقصد ما وراء هذا السُّؤال: في موضوع أنَّه لا يستطيع الصِّيام؛ وبالتَّالي: هل إذا أفطر: يُفدَى عنه، أم لا يُفدَى؟ هذا سؤاله -والله أعلم-.
أمَّا: هل هو نوعان؟ فأنا لا أدري!
أمَّا: هل هو مُزمِن؟ نعم؛ لأنَّه -في العادة- لا يُصيب إلا الكبير في السِّن، الفاني؛ وبالتَّالي: فهذا يجب عليه الفدية؛ عليه، أو على أوليائه -من أبناء-وما أشبه ذلك-.
هذه نُقطة.
النُّقطة الثَّانية: أنَّه يفترِق عن المجنون.
لا يَرِد عليها أنَّنا نُفتي بأنَّ المجنون لا يجب عليه الفدية، هذه صورة، وهذه صورة؛ فلا نخلط بين الصُّورتَين.

15. السُّؤال:
امرأة وَلدتْ بعد رمضان، وتُرضع ابنَها بالقارورة: هل تَقضي، أم تُكفِّر؟
الجواب:
إذن: هي نُفساء، والنُّفساء تَقضي.
لو أنَّها تُرضع من ثديها؛ نقول: بأنَّها تَفدي.
أمَّا ترضِع بالقارورة: فهذه ليست كذلك، ولا تَدخل في معنى الْمُرضِع -على الحقيقة-.

16. السُّؤال:
هل طالب العلم الذي لا يخالِط النَّاس بِحُجَّة طلب العلم: هل فِعلُه صحيح؟
الجواب:
ليس بصحيح.
الرَّسول الكريم -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «بلِّغوا عنِّي ولو آية» -المقصود: بِعِلم-.
فإلى متى تخزِن هذا العلم، وتطلب العلم، وأنت لا تختلِط بالنَّاس، لا تُزكِّي عِلمَك!
نحن بحاجة إلى أن نُزكِّي ما رزقَنا الله مِن علم -ولو كان قليلًا-؛ حتى يُبارِك الله -تعالى- لنا في هذا العلم، وفيما رزقنا إيَّاه، ووهَبنا إيَّاه -سبحانه في عُلاه-.
أمَّا أن نعتزِل النَّاس، تقول: نريد أن نطلب العلم!
يا أخي؛ قد يفاجئك الموت! فماذا استفدتَ من هذا -كلِّه-؟!
الأصل: أن تُبادر إلى الاختِلاط -المضبِط- في النَّاس؛ أمرًا بمعروف، ونهيًا عن منكر، وتعليمًا، وفي هذا -إن شاء الله- أجر وثواب.

17. السُّؤال:
هل ورد عن الشَّيخ الألباني أنَّه قال: أن ليلة القدر تكون لشخص يومًا ما، ولآخَر: يوم آخَر؟
الجواب:
والله؛ أنا بلغني هذا الأمر من بعض الإخوة -الذين أظنُّ أنَّهم ثِقات-إن شاء الله-؛ لكن: أنا لم يظهر لي وجهُ الدَّليل على ذلك، مع احترامنا الكبير لشَيخنا الجليل -رحمهُ الله-تعالى-، وهو الذي تعلَّمنا منه أنَّنا لا نتعصَّب له، ولا نتحزَّب لقولِه -بالرغم أنَّنا متَّهمون بذلك-للأسف الشَّديد!-.
والله؛ نُخالِف شيخَنا، ولا نزالُ نُخالِفه -بالعلم والحلم واحترام النَّفس ومعرفة مقدارِها-؛ لكن هل هؤلاء الذين يطعَنون فينا وفي شيخِنا: هل هم يتَّقون اللهَ في هذا الطَّعن؟
يقولون: أنتم متعصِّبون، وأنتم تُقلِّدون الشَّيخ!
واللهِ؛ لا نُقلِّده! واللهِ؛ كنَّا قد خالفْنا الشَّيخ في وجهِه -وهو حي-؛ لكن -كما قلتُ-: بمعرفة مقادير النَّفس، وبمعرفة أقدار العلماء، ليس الأمر كما يُصوِّر هؤلاء النَّاس!

18. السُّؤال:
ما حُكم القرض والدَّولة تتولَّى سداد الفائدة؟ [يعني: سداد الرِّبا]
الجواب:
أنا سُئلت هذا السُّؤال في بعض البلاد العربيَّة المسلمة، وأفتيتُ بالجواز.
فإذا وُجِد مثلُ هذا في أيِّ بلدٍ آخر؛ فكما يُقال -عندنا- في المثل المحلِّي: (من العبِّ لِلْجَيب)؛ يعني: من هذا الجيب إلى هذا الجيب، والدَّولة هي التي تملك الأموال، وتَملك المصارف والبنوك، والبنك المركزي.
فإذا حصل لك ذلك، وكانت الدَّولة هي التي تضع القرضَ؛ ولكن تقول: (أنا أسدُّه): فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-.

19. السُّؤال:
صلاة أربع ركعات في التراويح: هل تكون بتشهُّد أوَّل؟
الجواب:
أنا أجبتُ عن هذا السُّؤال؛ قلت: أكثر الفقهاء يقولون: صلاة الأربع؛ يعني: اثنتين اثنتين؛ وبالتَّالي: لا تُصلَّى أربعًا.
بل: بعض الفقهاء أفتى بالْبُطْلان، قال: الصَّلاة باطِلة إذا صُلِّيَت أربع ركعات -على أيِّ صِفة-.
ظاهر الحديث: هذا؛ لكن: لا نتجرَّأ أن نُخالف العلماء فيما هم عليه، وفي مسألة فيها شيء من الاحتمال.

20. السُّؤال:
هل مَن صلَّى الفجر، وجدَّد الوضوء، وصلَّى ركعتَين: ليس عليه شيء؟
الجواب:
ليس عليه شيء.
يقصد الأخُ السَّائل الإشارةَ إلى حديث: «لا صلاةَ بعد الفجر إلا ركعتَين»؛ المقصود بذلك: النَّفل الْمُطلق، أمَّا صلاة ذات سَبب؛ فليست داخِلة في هذا الباب.

21. السُّؤال:
ما قولكم في ترك بعض النَّاس المصافحة والمعانَقة في زمن (الكورونا)؟
الجواب:
أنا مع هذا الرَّأي، وهذا من باب الاحتِياط، وأخذ آراء الأطبَّاء والمختصِّين، والمصافَحة ليست واجبة، والمعانَقة ليست واجبة.
لكن: الحرص، وإغلاق منافذ انتشار الوباء أمرٌ مطلوب، وأمر واجب.
فما المانع: أن ألقاك أسلِّم عليك دون أن أصافحك، ودون أن أعانقك؟
لا يوجد إشكال ما دمنا مُلتزِمين بالتَّوجيهات الطبيَّة والصِّحيَّة، وأوامر المباعَدة الجسديَّة التي تحثُّنا الأجهزة المعنيَّة في الدَّولة على ذلك.

22. السُّؤال:
هل الرَّسول ﷺ رأى اللهَ في المنام حقيقة؟
الجواب:
أمَّا أن نقول: (رأى اللهَ في المنام)؛ فـ(نَعم).
أمَّا أن نقول: (حقيقةً)؛ فـ(لا).
لأنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «لن ترى نفسٌ ربَّها حتى تموت»؛ وهذا نصٌّ عامٌّ، يُفيد ما كان في المنام، أو في الحقيقة.
أمَّا رؤية النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ربَّه في المنام هي رؤيا مناميَّة؛ وبالتَّالي: هي ليست رؤية حقيقيَّة.
قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «رأيتُ ربِّي في أحسنِ صُورة».
أمَّا: ما هي أحسنُ صُورة؟ اللهُ أعلم؛ لأنَّها -كما قُلنا- رؤيا مناميَّة؛ وبالتَّالي: هي رؤية غير حقيقيَّة.

23. السُّؤال:
امرأة نذرت صيام شهرَين متتابعَين، فصامت، وكان آخر يومَين صيامِها يَصادف رمضان: فما الحكم في ذلك؟
الجواب:
تصوم رمضان، وتُفطر يوم العيد، وتُكمل اليومَين الباقيَين ثاني يوم من شوَّال مباشرةً.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

24. السُّؤال:
ما حُكم صلاة الجمعة في الخلاء؟
الجواب:
يقصد (في الخلاء)؛ أي: في خلاء من الأرض -في صحراء، أو في بُستان بعيد-أو ما أشبه-.
يجوز، لا مانع من ذلك، ونحن -أكثر من مرَّة- صلَّينا مع شيخِنا الشَّيخ الألباني -رحمه الله- وقد كنَّا نذهب للنُّزهة، أو لزيارة بعض الإخوان، وعندهم بُستان، ولا يوجَد مسجد قريب؛ فنُصلِّي في ذلك المكان.

25. السُّؤال:
إمام نسيَ وهو واقف أن يَجهَر، وأحد المأمومين قال: سبحان الله! فذَكَر وهو واقف: ماذا عليه؟
الجواب:
ليس عليه شيء، يركع، ويتمِّم صلاتَه.
الآن: هل يسجد للسَّهو، أم لا؟
بعض العلماء يقول: السَّهو في الأقوال غير السَّهو في الأفعال.
لكن: لو سجد للسَّهو؛ فهذا أفضل؛ لأنَّه -كيفما كان- فقد وقع منه هذا السَّهو.



انتهى اللِّقاء الأربعون

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.