أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
17581 169036

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-22-2009, 10:25 AM
فتحي فتحي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 30
افتراضي ضبط اللسان بين النصح والغيبة (الجزء2)

بسم الله الرحمن الرحيم


الأصل في ذكر الناس بما يكرهون:
قال شيخ الإسلام: " ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لسائر الأمة فنقول : لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت ؟ وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم"، وعليه فإنه لا بد من تبيين الأصل في ذكر الناس بما يكرهون فنقول؛ الكلام في الناس على ضربين‏:‏
الأول‏ الكلام في النوع بالعيب والنقص:
فإنه ليس من الغيبة في شيء، فكل صنف ذمه الله ورسوله وجب ذمه، وكل صنف لعنه الله ورسوله وجب لعنه، فإذا كان المقصود الأمر بالخير والترغيب فيه، والنهى عن الشر والتحذير منه، فلابد من ذكر ذلك، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه أن أحداً فعل ما ينهى عنه يقول‏:‏ "‏ما بال رجال" ولم يعين، ثم إن ذكر الأنواع المذمومة غير ذكر الأشخاص المعينة، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن أنواع كثيرة كقوله: "لعن الله الخمر وشاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها وآكل ثمنها"، و"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه"، ونحو هذا كثير، ومع ذلك ثبت عنه في الصحيح أن رجلا كان يشرب الخمر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كلما أتي به إليه جلده الحد، فأتي به إليه مرة، فلعنه رجل وقال: ما أكثر ما يؤتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله"، فنهى عن لعن هذا المعين المدمن الذي يشرب الخمر، وشهد له بأنه يحب الله ورسوله مع لعنة شارب الخمر عموما.
الثاني‏ الكلام في الشخص المعين الحي أو الميت:
فهذا يذكر ما فيه من الشر في مواضع:
منها الشكوى: كأن يشكو المظلوم من ظلمه فيذكره بما فيه ابتغاء دفع ظلمه واستيفاء حقه،كما قالت هند‏:‏ يا رسول اللّه، إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه ليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"‏، ولم يعقب على وصفها لزوجها بالشح، وقال تعالى‏: ‏{‏لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِم‏}، قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في التمهيد: "وهذه الآية نزلت في رجل تضيف قومًا فلم يضيفوه، فأبيح له أن يقول فيهم إنهم لئام لا خير فيهم، ولولا منعهم له من حق الضيافة، ما جاز له أن يقول فيهم ما فيهم، لأنها غيبة محرمة"، وكذا قال غير واحد من العلماء، وكذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"، واللي: المطل والتسويف، والواجد: الغني، فأبيح للمظلوم وصف من ظلمه بالظلم، والقول فيه بما هو عليه من سوء الفعل، ولولا مطله له لكان ذلك فيه غيبة.
ومنها النصح: ربما كان ذكر الناس بما يكرهون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم، كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبي صلى الله عليه وسلم من تنكح‏؟‏ وقالت‏:‏ إنه خطبني معاوية وأبو جهم فقال‏:‏ "‏أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء‏"، وروي‏: "‏لا يضع عصاه عن عاتقه"‏، فلقد نصحها النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تنكح واحدا منهما، معللا ذلك بما عابه عليهما من أن هذا فقير قد يعجز عن حقك، وهذا قد يؤذيك بالضرب‏، وكان هذا نصحاً لها محمودا وليس غيبة مذمومة، وإن تضمن ذكر عيب الخاطب، فإذا كان هذا في مصلحة خاصة، فكيف بالنصح فيما يتعلق به مصلحة عموم المسلمين وحقوقهم، وكيف إذا تعلق الأمر بالذب عن الدين وإعلاء كلمة الله والدفاع عن شريعته.
غيبة الفاجر:
وجاء في الأثر أن الحسن البصري قال‏:‏ أترغبون عن ذكر الفاجر‏؟‏ اذكروه بما فيه يحذره الناس‏، وفى حديث آخر‏:‏ "من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له"، فالرجل إذا أظهر المنكر كالفجور و‏الظلم، وجب الإنكار عليه بحسب القدرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان‏"‏‏، أما من كان مستترا بذنبه، فإنه يستر عليه، لكن ينصح سرا، وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلك منهجا غير منهج الله ورسوله والمؤمنين، ويوالي ويعادي على بدعته، ويخاف على الناس أن يضلوا بسببه، وجب بيان أمره ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله، وهذا كله يجب أن يكون القصد منه إصلاح حاله وكف شره عن نفسه وعن غيره، وذلك على وجه النصح وابتغاء وجه اللّه تعالى، لا لهوى الشخص مع هذا المبتدع:‏ مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية، أو تحاسد، أو تباغض، أو تنازع على الرئاسة والمنصب أو ابتغاء المكانة والجاه.
وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وإذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة‏ مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل‏:‏ الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع‏؟‏ فقال‏:‏ إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل؛‏ فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل اللّه؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه اللّه لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين".

لا محاباة لأحد على حساب الدين:
وإذا علم أن أعداء الدين كفار ومنافقون، وأن في المسلمين من هم سماعون للمنافقين، كما قال الله تعالى: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ}، أي مطيعون لهم، فإذا كان في الصحابة قوم سماعون للمنافقين فكيف بغيرهم؟!، فالفتنة بحال هؤلاء "السماعون" أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين أو من عند أنفسهم، والتي تفسد الدين، وهنا يكمن خطرهم لاشتمالهم على حق يجب حبه وموالاتهم عليه وباطل يجب بغضه ومعاداتهم عليه، بل وتبيينه والتحذير منه، والقول فيهم يتبعه القول في غيرهم من العلماء والعباد والمفكرين والدعاة ممن يغلط في الدين، مع مراعاة حقوقهم من الولاء والمحبة، فلا محاباة لأحد على حساب شرع الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مبينا ضوابط الكلام في مثل هؤلاء وأحكامه ومقاصده: "فلابد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانين أنها هدى، وأنها خير، وأنها دين، ولو لم تكن كذلك، لوجب بيان حالها، ولهذا وجب بيان حال من يغلط في الحديث والرواية، ومن يغلط في الرأي والفتيا، ومن يغلط في الزهد والعبادة، وإن كان المخطئ المجتهد مغفورًا له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيان القول والعمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة واجب، وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله‏،‏ ومن علم منه الاجتهاد السائغ، فلا يجوز أن يذكر على وجه الذم والتأثيم له، فإن الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته، والقيام بما أوجب الله من حقوقه‏:‏ من ثناء ودعاء وغير ذلك، وإن علم منه النفاق، فهذا يذكر بالنفاق‏،‏ وإن أعلن بالبدعة ولم يعلم هل كان منافقًا أو مؤمنًا مخطئًا ذكر بما يعلم منه، فلا يحل للرجل أن يقفو ما ليس له به علم، ولا يحل له أن يتكلم في هذا الباب إلا قاصدًا بذلك وجه الله تعالى وأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله‏،‏ فمن تكلم في ذلك بغير علم أو بما يعلم خلافه، كان آثمًا"‏.‏
‏فعلى جميع المسلمين من غير استثناء أن يراعوا هذه الضوابط في التحذير من المقالة ومن القائل وإن اقتضى الأمر تعيينه؛ مع القيام بحقوق الأخوة وحقوق أهل الفضل والعلم؛ دون بغي ولا عدوان وإن أخطأ في الدين لسبب من الأسباب وعلى وجه من الوجوه التي بينها شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، فإن حسن الظن بهم يوجب أن يكون غلطهم عن اجتهاد سائغ؛ من قبيل المغفور لهم خطأهم المأجورين على اجتهادهم، ويحرم ذكرهم على وجه الذم والعيب والوقيعة فيهم، ومن ثبت عليه الزيغ والضلال يذكر بما فيه بعلم وعدل لا بالظن والهوى، ولابد أن يكون القصد في كل هذا ابتغاء وجه الله تعالى، وإعلاء كلمة الله، لا كلمة الشيخ والطائفة والطريقة، وإلا كان آثما باغيا، فيه خصلة من خصال أهل الأهواء والبدع.
(يتبع)
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:59 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.