أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
112414 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2014, 10:40 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي سلسلة مقال الخطيب ( 44 ) : {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَاد}


{ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ }

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فيقول الله – تعالى – حكاية عن المؤمن من آل فرعون: { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }[غافر : 32 - 33] .

إن هذه الآية الكريمة ، دالة على كمال نصحه لقومه ، وشفقته عليهم ، ورحمته بهم ، وعلمه بربه وبأحكامه الشرعية وبأحكام الجزاء والمعاد . فخوفهم من يوم القيامة وسماه لهم باسم يدل على أمور مهولة ستقع فيه وهي كثرة التنادي فيه ، والتنادي هو : رفع الصوت وظهوره .

وتسمية يوم القيامة بيوم التناد يدل على أهمية تلك النداءات وخطورتها وكثرتها وتنوع أغراضها وأسبابها ؛ وهذا يدعو المسلم العاقل إلى تتبعها ومعرفة حقيقتها ليحذر ذلك اليوم .

وسنبين هنا أهم تلك النداءات وأعظمها ؛ حتى نقف على حقيقة يوم التناد .

أولا / النداء للبعث والحساب ، وهو النداء العظيم المهول الذي يدعى فيه الناس للفصل بينهم وللجزاء على أعمالهم ، كما قال – تعالى - : {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق : 41 - 42] ، وهذا النداء لا يتخلف عنه أحد ولا يستطيع {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} [الكهف:47] . وحالهم كما قال – تعالى - : {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}[طه : 108].

قال الشنقيطي – رحمه الله - ( في الأضواء ): " {يَوْمَئِذٍ} أي: يوم إذ نسفت الجبال {يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ} . والداعي: هو الملك الذي يدعوهم إلى الحضور للحساب . . . فيسمعون الصوت ويتبعونه . ومعنى { لا عِوَجَ لَهُ }: أي: لا يحيدون عنه، ولا يميلون يميناً ولا شمالاً ".

ثانياً / نداء الله – سبحانه وتعالى – للخلائق . فالله – تعالى – ينادي عباده يوم القيامة بنداءين عظيمين متضمنين لسؤالين جليلين :

الأول : قوله – تعالى - : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ }[القصص : 62].

والثاني : قوله – تعالى - : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ } [القصص : 65 - 66].

فهما سؤالان : سؤال عن التوحيد الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وسؤال عن الطاعة والمتابعة التي دلت عليها شهادة أن محمداً رسول الله .

ولهذا قال ابن كثير – رحمه الله - : " النداء الأول عن سؤال التوحيد، وهذا فيه إثبات النبوات: ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالكم معهم؟ وهذا كما يُسأل العبد في قبره: مَنْ ربك؟ ومَنْ نبيك؟ وما دينك ؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله. وأما الكافر فيقول: هاه .. هاه. لا أدري؛ ولهذا لا جواب له يوم القيامة غير السكوت؛ لأن مَنْ كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ولهذا قال – تعالى -: { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ } .

ثالثاً / نداءات فيها إخبار أو أمر بالعذاب والعقوبة .

منها : قوله – تعالى - : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْأِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } " قال الكلبي - ومثله قتادة - : يقول كل إنسان من أهل النار لنفسه مقتك يا نفس ؛ فتقول الملائكة لهم وهم في النار : لمقت الله إياكم إذ أنتم في الدنيا وقد بعث إليكم الرسل فلم تؤمنوا أشد من مقتكم أنفسكم اليوم .
وقال الحسن - وبمعناه عن مجاهد - : يعطون كتابهم فإذا نظروا إلى سيئاتهم مقتوا أنفسهم فينادون { لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْأِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } . ( ينظر : الجامع لأحكام القرآن : 15/ 296 – 297 ) .

ومنها : قَول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ، يَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " ( متفق عليه ) .

رابعاً / النداءات الباطلة التي لا منفعة فيها ، بل ملؤها الحسرة والندامة وخيبة أصحابها .

منها : نداء المشركين لمعبوداتهم الباطلة واستغاثتهم بهم ، كما قال – تعالى - : {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً} [الكهف:52] .

ومنها : نداء المنافقين للمؤمنين عند اقتسام الأنوار ، كما قال – تعالى - : { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [الحديد : 13 - 15] .

ومنها : طلب أهل النار الماء والطعام ، فيطلبونه في النار {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: 29]. فإذا يئسوا طلبوه من خارج النار ، كما قال – تعالى - : { وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا }[الأعراف : 50 - 51] .

ومنها : نداؤهم وطلبهم الخروج من النار، فقالوا : {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون : 108]، فإذا يئسوا تمنوا الموت { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } [الزخرف:77 - 78].

ومنها : نداء الخلود بعد ذبح الموت بين الجنة والنار وبه تنتهي مشاهد الآخرة ليكون كل عبد في مستقره الأبدي ، فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ، يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرونَ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ وَكلُّهُمْ قَدْ رَأَوْهُ ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآه فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ، فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّار خُلُودٌ، فَلاَ مَوْتَ " ( متفق عليه ) .

خامساً / نداءات السعداء ، فإن من بين التنادي الحاصل في الآخرة ما يقع لأهل الجنة وهم في النعيم ، كما قال – تعالى - : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[الأعراف : 42 - 43] .

فكيف يؤمل العبد أن يكون من أهل هذا النداء ، وهو لا يعمل الصالحات .

ثم يخبرون بعاقبتهم الحميدة أهل النار الذين اختلفوا معهم في الدنيا وجرت بينهم الخصومة والعداوة { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ } نداء ملئه الفرح والسرور بحسن العاقبة { أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً } مستبشرين بذلك فرحين به .

ثم تزف له البشارة في مستقرهم الأبدي ليتم لهم نعيمهم ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً " (صحيح الجامع : 8164 ) .




رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.