أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
57778 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2014, 09:18 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb سلسلة مقال الخطيب (31) : عظة المتقين في بيان حال قرية الممسوخين المعذبين.


عظة المتقين في بيان حال قرية الممسوخين المعذبين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فقال الله – تعالى - : { واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف : 163 - 166] .

إن في هذه القصة عبرةً للمؤمنين وعظةً للمتقين ، كما قال – تعالى - : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ * فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } [البقرة : 65 - 66] .

فقد كان اليهود يكتمون أمر هذه القرية عن النبي – صلى الله عليه وسلم - لما فيها من السبة عليهم ، والنقيصة لهم ؛ لأنهم يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه وأولياؤه وأصفياؤه .

فقال الله - عز وجل - لنبيه – صلى الله عليه وسلم - : سلهم يا نبي الله عن القرية ، وقص عليهم نبأها أني عذبتهم بذنوبهم ؛ وذلك بارتكابهم محرماً من محرمات الشريعة ، ففي هذا بيان لبطلان دعواهم الكاذبة ، وفيه دليل وعلم من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام - .

فمن خبر هذه القرية أنها { كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ } أي كانت بقربه ، وكان أهلها { يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ } أي يصيدون الحيتان يَوْمَ السبت ، وقد نهوا عنه ؛ فتجاوزوا حدود الله ، وانتهكوا نواهيه . وقيل إن هذه القرية : هي أيلة ، قاله ابن عباس وعكرمة والسدي .

وابتلاء الله – تعالى – لهم بتسهيل الصيد عليهم يوم السبت كان بسبب فسقهم فقد كانت { تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف : 163] ، أي : تأتيهم الحيتان مقبلة ظاهرة على وجه الماء كأنها صفوف كثيرة حتى تستر وجه الماء من كثرتها ، وتكون قريبة من متناول أيديهم .{ وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ } أي يوم لا يعظمون السبت ؛ لأنه يوم آخر من أيام الأسبوع {لاَ تَأْتِيهِمْ} فتنة لهم وامتحانًا {كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} .

قال القرطبي – رحمه الله - : " وروي في قصص هذه الآية أنها كانت في زمن داود عليه السلام ، وأن إبليس أوحى إليهم فقال : إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت ، فاتخذوا الحياض ؛ فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة فتبقى فيها ، فلا يمكنها الخروج منها لقلة الماء ، فيأخذونها يوم الأحد .

وروى أشهب عن مالك قال : زعم ابن رومان أنهم كانوا يأخذ الرجل خيطا ويضع فيه وهقة [حبل في طرفه أنشوطة تقاد به الدابة] ، وألقاها في ذنب الحوت ، وفي الطرف الآخر من الخيط وتد وتركه كذلك إلى الأحد ، ثم تطرق الناس حين رأوا مَنْ صنع هذا لا يبتلى حتى كثر صيد الحوت ، ومشي به في الأسواق ، وأعلن الفسقة بصيده ؛ فقامت فرقة من بني إسرائيل ونهت ، وجاهرت بالنهي واعتزلت .

وقيل : إن الناهين قالوا : لا نساكنكم ؛ فقسموا القرية بجدار. فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد ، فقالوا : إن للناس لشأنا ؛ فعلوا على الجدار فنظروا فإذا هم قردة ؛ ففتحوا الباب ودخلوا عليهم ، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ، ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة ؛ فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي ؛ فيقول : ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم " ( 7/306 ) .


وفي هذه القصة عبر وعظات لأولي العقول النيرات :

1) فمنها : أن من أعظم أسباب ابتلاء العباد بالمعاصي والذنوب ، وتسهيلها لهم ، وتيسيرها عليهم فسقهم وفجورهم ، كما قال – تعالى - : { كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } .
قال السعدي – رحمه الله - : " ففسقهم هو الذي أوجب أن يبتليهم اللّه ، وأن تكون لهم هذه المحنة ، وإلا فلو لم يفسقوا ، لعافاهم اللّه ، ولما عرضهم للبلاء والشر " ( تيسير الكريم الرحمن :ص/306 ) . كما قال الله عن يوسف – عليه السلام - : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } [يوسف : 24] .

2) ومنها : أن الحيل المؤدية إلى ارتكاب المحرمات ممنوعة ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " قاتل الله اليهود إن الله عز وجل لما حرم عليهم الشحوم جملوه – أي : أذابوه - ثم باعوه فأكلوا ثمنه " ( رواه النسائي برقم : 4256 ، وصححه الألباني ) .

3) ومنها : أن من مقاصد الدعوة إلى الله إبراء الذمة بالقيام بالواجب ، وهو معرفة الحق والعمل به والدعوة إليه . والرحمة بالخلق لعلهم يتوبون إلى الله فينجون من العذاب . لقوله – تعالى - : { قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } . وكما قال – تعالى - : { وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }[الأنعام : 69] .

4) ومنها : أن من أعظم أسباب دفع العقوبات القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله – تعالى - : { أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ } . وأن ترك القيام بذلك يوجب العذاب والعقوبة كما جاء عن حذيفة - رضي الله عنه - ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ ، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ " ( صحيح رواه الترمذي: 2169 ) .

5) ومنها : أن الذي يوجب غضب الله وعقابه نسيان ما أُمر الناس به ، ونهوا عنه من فعل الواجبات وترك المحرمات لقوله – تعالى - : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } .

6) ومنها : أن الواجب عدم مخالطة أهل الظلم والفسق بل تجب مجانبتهم كما جاء في قصة هذه القرية ، وكما قال – تعالى - : { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ } [النساء : 140] .
وقال – تعالى - : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }[الأنعام : 68] .

وتدل هذه الآيات كما في معنى القصة المباركة أن الواجب على أهل السنة التميز عن أهل البدع وعدم مخالطتهم ولو تعين ذلك في قيام الكيانات المستقلة من الدول والأقاليم إن لم يتمكنوا من قهرهم حتى لا يعمهم السخط وتشملهم العقوبة .

7) ومنها : أن المعاصي من أسباب المسخ إلى قردة وخنازير ، كما حصل في هذه القرية ، وكما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ( أي : الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم - هو الجبل العالي - يروح عليهم بسارحة لهم – أي : الماشية - يأتيهم لحاجة فيقولون : ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله – أي : يهلكهم ليلاً - ، ويضع العلم – أي : يوقعه عليهم - ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القبامة " ( السلسلة الصحيحة برقم 91 ) .

وقال صلى الله عليه وسلم - : " ليكونن في هذه الأمة خسف و قذف و مسخ و ذلك إذا شربوا الخمور و اتخذوا القينات و ضربوا بالمعازف " ( صحيح الجامع : 5467 ) .

نعوذ بالله من الخذلان والكفران .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا .

وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين .

والحمد لله رب العالمين .



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.