أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
88606 103720

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-14-2014, 07:06 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb سلسلة مقال الخطيب (37) : ( الخمر ) : { رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوه



( الخمر ) : { رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فقال – تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } [ المائدة : 90 – 92 ].

في هذه الآيات خطاب لأهل الإيمان ؛ لأنهم عقلاء البشر الذين يميزون بين الحسن والقبيح بما اشتملت عليه قلوبهم من الإيمان ، وفي هذه الآيات بيان أسباب فلاح العباد في الدارين وبلوغهم مصالحهم الدينية والدنيوية ، وفيها بيان ما يقبح فعله ويشين تعاطيه من الخمر وما ذكر معه مما يزينه الشيطان ويدعو إليه ويثمر النتائج القبيحة من العداوة والبغضاء وقلة ذكر الله والصلاة أو انعدام ذلك . وغيرها من المعاني الجليلة .

ونخص بالذكر الخمرة اللعينة لكون تعاطيها صار ظاهرة متفشية في كثير من الأوساط حتى إنها لتشرب في البيوت وتوضع في الثلاجات عند بعضهم ، ومن قبحها أنه يمكن لهم من الشرب عند ضفاف الأنهار وما قاربها ، وغير ذلك مما هو معروف عجل الله بزواله .

ومما يدلك على قبح شرب الخمر النظر في السبب الذي أوجب تحريمها ، فقد أخرج أحمد ومسلم في سبب نزول هذه الآية عن سعد ابن أبي وقاص – رضي الله عنه – قَالَ : " أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ ، فَقَالُوا : تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِكَ خَمْرًا ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ ، قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فِي حَشٍّ - وَالْحَشُّ الْبُسْتَانُ - فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ. قَالَ فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ ، قَالَ فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ عِنْدَهُمْ . فَقُلْتُ : الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي ، بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَأَخْبَرْتُهُ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ - يَعْنِي نَفْسَهُ - شَأْنَ الْخَمْرِ : {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}[المائدة: 90].

وفي هذه الآيات تنبيهات وإشارات وتأملات لذوي العقول النيرات :

الأولى / تصدير الآيات بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ } فيه أن الخطاب موجه للمؤمنين ؛ لأن إيمانهم يمنعهم من مقارفة هذه القاذورات – الخمر وما ذكر معها - ، ويصدقه قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ " ( متفق عليه ) .

وقال عثمان – رضي الله عنه – فيما صح عنه موقوفاً - : " فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ " ( النسائي : 5682 ) .

الثانية / قوله : { رِجْسٌ }: أي :" سخط " ، كما قاله ابن عباس – رضي الله عنهما - ( الجامع لأحكام القرآن : 6/287 ) . فالخمر والمذكورات معه من أسباب مقت الله وغضبه وسخطه ، ومن أسباب العقوبات الخاصة ؛ فإذا تفشت وظهرت ، ولم تنكر وتغير كانت من أسباب العقوبات العامة .

الثالثة / قوله : { مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } قال القرطبي – رحمه الله - : " أي بحمله عليه وتزيينه " ( الجامع لأحكام القرآن : 6/288 ) . وفي هذا زيادة تنفير من الخمر وما ذكر معها بمعرفة أنها من عمله ؛ فهو عدو ، وقال السعدي – رحمه الله - : " ومن المعلوم أن العدو يحذر منه ، وتحذر مصايده وأعماله ، خصوصا الأعمال التي يعملها ليوقع فيها عدوه ، فإنها فيها هلاكه ، فالحزم كل الحزم البعد عن عمل العدو المبين ، والحذر منها ، والخوف من الوقوع فيها " ( تيسير الكريم الرحمن : ص/ 243 ) .

الرابعة / قوله : { فَاجْتَنِبُوهُ } فيه النهي عن الخمر - وما ذكر معها – بأن تترك هي نفسها ويترك كل ما يوصل إليها من الأسباب ؛ فمن ذلك وجوب ترك المجالس التي يشرب فيها الخمر ولو لم يشربه هو ، وكذلك وجوب ترك مصاحبة أهل الخمور ؛ لأن الصاحب ساحب ، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " الرجل على دِين خليله ، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ " ( الصحيحة ) رقم ( 927 ) .

الخامسة / قوله : { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فيه أن فلاح العباد الذي هو الفوز بالمطلوب المحبوب والنجاة من المرهوب معلق باجتناب الخمر وما ذكر معها .

السادسة / قوله : { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء } قال السعدي – رحمه الله - : " فإن في الخمر من انغلاب العقل وذهاب حجاه ، ما يدعو إلى البغضاء بينه وبين إخوانه المؤمنين ، خصوصاً إذا اقترن بذلك من السباب ما هو من لوازم شارب الخمر ، فإنه ربما أوصل إلى القتل " ( تيسير الكريم الرحمن : ص/ 243 ) .

السابعة / قوله : { وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ }، قال السعدي – رحمه الله - : " فالخمر والميسر، يصدانه عن ذلك أعظم صد ، ويشتغل قلبه ، ويذهل لبه في الاشتغال بهما ، حتى يمضي عليه مدة طويلة وهو لا يدري أين هو " ( تيسير الكريم الرحمن : ص/ 243 ).

الثامنة / أن العقل السليم - عقل ذوي المروءات - إذا نظر في آثار الخمر وما ذكر معه ينزجر عن مقارفة هذه القاذورات ؛ " ولهذا عرض - تعالى - على العقول السليمة النهي عنها ، عرضاً بقوله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } لأن العاقل - إذا نظر إلى بعض تلك المفاسد - انزجر عنها وكفت نفسه ، ولم يحتج إلى وعظ كثير ولا زجر بليغ " ( تيسير الكريم الرحمن : ص/ 243 ).

واعلموا – رحمكم الله – أن شرب الخمر كبيرة من الكبائر ، وموبقة من الموبقات ، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " الخمر أم الخبائث " ( صحيح الجامع : 3344 ) .

ومن قبح إدمان شرب الخمر أن صاحبه يكون كعابد الوثن ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : " من مات و هو مدمن خمر لقي الله و هو كعابد وثن " ( صحيح الجامع : 6549 ) .

وهي بوابة الغواية من طرقها انهمك في الملذات والشهوات وانغمس في الفسق والمنكرات واجتمع فيه الشر كله ، كما جاء عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا فَسَقَتْهُ كَأْسًا قَالَ زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْسَ فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ " ( النسائي : 5666 ، وصححه موقوفاً الألباني ) .

وحد شارب الخمر أن يجلد أربعين جلدة أو ثمانين ، فإن عاد في الرابعة فالإمام مخير بين قتله أو جلده ؛ إذا رأى المصلحة في ذلك فله أن يقتله ، كما عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سكر أحدكم فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه " ( صحيح الجامع : 603 ) .

وأما عقوبته في الآخرة فكما جاء عن ابن عمرو – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من شرب الخمر و سكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن مات دخل النار فإن تاب تاب الله عليه و إن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن مات دخل النار و إن تاب تاب الله عليه و إن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن مات دخل النار و إن تاب تاب الله عليه فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة : عصارة أهل النار " ( صحيح الجامع : 6313 ) .

وجاء عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ :" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ " ( متفق عليه ) .

فاللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء .





رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:06 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.