أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
97374 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-23-2021, 09:51 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي [ تفريغ ] اللقاءات المفتوحة عبر موقع الفيسبوك - للشيخ علي الحلبي -رحمه الله-

بسم الله الرحمن الرحيم


اللِّقاءات المفتوحة عبر موقع (الفِيسبوك)
(عام 1441 هـ) (*)



لفضيلة الشَّيخ العلَّامة عليِّ بنِ حسنٍ الحلبيِّ
-رحمهُ الله ورفعَ درجتَه-





اللِّقـــاءُ الأوَّل
(9 شعبان 1441هـ)



[كلمة افتتاحيَّة اللِّقاء الأوَّل]:
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه، وصحبِه، ومَن والاه واتَّبع هُداه، أمَّا بعد:
فأرحِّب بالإخوة -جميعًا- مِن كلِّ مكان في هذه الدُّنيا الفسِيحة -من جِهة-، والضَّيِّقة -من جِهةٍ أخرى-سائلًا ربِّي -سبحانه وتعالى- أن يُوفِّق الجميع إلى كلِّ خير في الدِّين والدُّنيا، وأن يدفع عنَّا وعنكم -جميعًا- البلاءَ والوباءَ وكلَّ داء، وأن يَلطُف بالأمَّة الإسلاميَّة، وأن يردَّنا إلى دِينِنا ردًّا صريحًا وصحيحًا -يا ذا الجلالِ والإكرام-.

.....الحقيقة أنَّني أقول: بأنَّ هذا المجلس -لعلَّه- أوَّل مجلس لي -بثًّا مباشرًا- على (الفيسبوك)، فأنا ليس عندي (فيسبوك)، ولم أدخل الفيسبوك، وإلى الآن حريص ومتخوِّف -الحقيقة- الفيسبوك -لأنَّه-كما قيل لي-بأنَّه إضاعة للوقت، وإضاعة كبيرة للوقت-، فأحببتُ أن أشارك إخواني، وذلك -بعد فضل الله-عزَّ وجلَّ-، وحث عدد من الإخوة الكرام لي -وخاصَّة الأخ الفاضل أبا عبد الله رائد رمَّاحة -جزاه الله خيرًا-الذي استضافني على صفحتِه -هذه-.

وهذا اللقاء المفتوح -الحقيقة- ندور فيه في فلكِ ما نحن بِصَددِه -في هذه الأيام- من موضوع (الكورونا) وما أصاب العالَم -كلَّه- من وبائِها وشرِّها وضررِها، لعل -في ذلك- تمحيصًا وخيرًا لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-....

[الأسئلة]
1. السُّؤال:
هل تصحُّ الصَّدقة بِنِيَّة الشِّفاء؟
الجواب:
نعم؛ حَسَّن بعضُ أهل العِلمِ قولَ النَّبي -صلَّى الله عليهِ وآلِه وسلَّم-: «داوُوا مرضاكُم بِالصَّدقةِ»، فإِذِ الأمرُ كذلك: فنحن مع هذا الحَديثِ الصَّريحِ والذي -كما قلتُ، وأكرِّرُ- يُصحِّحه بعضُ أهلِ العِلمِ؛ فهذا -إن شاء اللهُ-بهذه النِّيَّةِ- فيه خيرٌ كبير، والصَّدَقات كلمة كبيرة، وبخاصَّة في هذه الأيَّام العَسِرة التي أصاب أثرُها كثيرًا مِن النَّاس، واللهُ المستعان.


2. السُّؤال:
هل في التَّكنِّي بـ(أبي الطَّيِّب) مِن حَرج؟
الجواب:
لا أرى فيها حرجًا، وهنالك مِن أهل العِلمِ مَن تكَنَّوا بهذه الكُنية، فإذا عند الأخِ السَّائل مَلحظٌ مُعيَّن حتى نُناقشَه.
الإمامُ أبو الطَّيِّبِ العظيم آبادي، والشَّاعر الكبير أبو الطَّيِّبِ المُتنبي، وكثيرون تكنَّوا بهذه الكُنية، لا مانع.
أمَّا: «إن اللهَ (طَيِّبٌ) لا يَقْبَلُ الا طيِّبًا» فطِيبُ اللهِ -عزَّ وجلَّ- صفةٌ تليق بِجَلالِه وكَمالِهِ وجَمالِه، ليس كَطِيبِ المَخلوقين، وهذا مِن بابِ الإخبارِ عن ربِّ العالَمين بهذا المعنى وبهذا الوصف، واللهُ -تعالى- أعلى وأعلمُ.
[تعليق على من يقول: نحبُّك في الله]:
وأنا أقول: أحبَّكم الله! ونسأل الله -سبحانهُ وتعالى- أن يجعلَ هذه المحبَّة -كلَّها- في الله، ولله، وفي سبيلِ الله، وابتِغاءَ مرضاة الله، فهذا هو الباقي -أيُّها الإخوة-.
كلُّ مَحبَّة لم تَقُم على أمرِ الله وشرعِ الله؛ فلا فائدةَ منها ولو استمرَّت؛ فاستمرارُها محدود، وقيامُها غير ثابت، ولا مُستقرّ.
نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يوفِّق الجميعَ إلى كلِّ خيرٍ في الدِّين والدُّنيا.
[تعليق من بعض الإخوة على السُّؤال (2)]
يقول أخ: كلمة.. لعل فيها تزكية؟
الشَّيخ-رحمه الله-: لعله يقصِد التَّكنِّي بـ(أبي الطَّيِّب)؟ لا أرى فيها شيئًا، و-كما قلتُ لكم-: الأمر يسيرٌ -إن شاء الله-تعالى-.

3. السُّؤال:
ماذا تقرأ في الأحداثِ الحاليَّة -مثل: توجُّه العالَمِ المُستقْبَلِيّ-؟
الجواب:
نحن لنا الحاضر، واللهُ يَتولَّانا فيما نَستقبِل مِن أيَّام.
حاضرُنا: أن نَلتزِمَ بتعليماتِ أولياءِ الأمور وأن لا نتجاوزَها، وأن يكونَ ذلك -كلُّه- مَوصولًا بِحُسنِ التَّوكُّل على الله -سُبحانهُ وتَعالى-.

4. السُّؤال:
ما هو أحسنُ كتابٍ في موضوع (الطَّاعون)؟
الجواب:
أحسنُ كتابٍ في موضوعِ الطَّاعون: هو كتابُ الحافظِ ابن حجرٍ -وهو مطبوعٌ-في مجلدٍ- اسمُه: "بَذلُ الماعُون"، هذا كتابٌ طيِّبٌ مُبارَك -إن شاء اللهُ-تعالى-. هذه واحدة.
لكن نُنبِّه على شيءٍ -و أنا تكلَّمتُ عنه-في أكثرَ مِن موضعٍ في التَّغريدات-: أنَّ كلَّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا، هذا أرجحُ الأقوال.
و أنا أحترم الرَّأي الذي يُخالف رأيي؛ لكن -عند التَّأمل- نرى هذا الأمر.

5. السُّؤال:
أُثيرت مسألة صلاة الجُمُعة في البُيوت؛ فما هو القَول الرَّاجح؟ ومنهم من يَعزو ذلك للشَّيخ ناصر الدِّين الألباني.
الجواب:
أنا أقول -وقبل قليل كنت أتكلَّم مع بعض الأخوة-: حديثُ ابن عبَّاس في الأمر بالصَّلاة في الرِّحال في "صحيح البُخاريِّ" قال: فعَلَهُ مَن هو خيرٌ منِّي -أي: رسول اللهِ-عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، وقال: «صَلُّوا في الرِّحال» وفي يومِ جُمعةٍ، في صَلاةِ الجُمُعة.
لو كان هنالك جُمعةٌ في البُيوت؛ لأمرهم أن يَستبدلوا صلاة الجُمُعة في المسجِدِ في البُيوت.
وأمَّا نِسبة ذلك للشَّيخِ الألبانيِّ: فهي بعيدة جِدًّا -جِدًّا-، ومَن نَسَبَها إلى الشَّيخِ الألبانيِّ؛ إنما خرَّج ذلك على مسألةٍ بعيدة عن منهجيَّة الشَّيخ الألبانيِّ.
الشَّيخُ الألبانيُّ يقول: (لا يُشترَط لها مسجِد، ولا يُشترَط لها مِصر جامِع)؛ لكن: لا يُفهم مِن كلامِه أنَّه: يَجُوزُ ذلك في البُيوت، هذه مسألةٌ غيرُ تلك المسألة، واستِنباط الثَّانية مِن الأولى بعيد -وبعيدٌ جِدًّا-.

6. السَّائل:
ما دَورُ السَّلفيِّين وطلبةِ العِلم في هذه الظُّروف، وخاصَّة مع توفُّر مصادرِ التَّواصل الاجتماعيِّ؟
الجواب:
أنا أقول: دَورُهم كبيرٌ، وأهمُّ ما يقومون به أمران:
الأمرُ الأوَّل: تعظيم الصِّلةِ بالله -سُبحانهُ وتَعالى-، وربط النَّاس بالمَولَى -عزَّ وجلَّ-.
والأمرُ الثَّاني: بيان ما يجبُ عليهم مِن الأخذ بالأسبابِ، وطاعةِ أولياءِ الأمور في هذه القضايا المُهمَّة التي تَرجع إلى المصلحةِ العامَّة للفَردِ والمجتمع.
وهذانِ أمران -للأسفِ- قليلٌ مِن الدُّعاة مَن يَشتغلُ بهما ويَتنبَّهُ لهما -أو يُنبِّهُ عليهما-، وهذا واجبٌ مفقودٌ عند الكثيرين، يجبُ على أهل السُّنَّةِ وطلبةِ العِلم ودُعاة منهجِ السَّلف استحضارُه.

7. السُّؤال:
مَن كانت عندها أيَّام عديدة عليها قضاء صيامِها -بسبب حيض، أو نِفاس-، ولا تَعلَم عددَها، ماذا تصنَع؟
الجواب:
تُقدِّر تقديرًا الأيَّامَ حتى تَقضِيَها، ثم ما شكَّت فيه يكون صيامُها نافلةً، ونسأل الله أن يتقبَّل.

8. السُّؤال:
حِرمانُنا مِن الصَّلاة في المساجد: هل يَجوزُ الجَزمُ أنَّها عُقوبةٌ مِن الله؟
الجواب:
لا يجوزُ! ولا يجوزُ أن نقولَ: (الكُورونا جُند مِن جُنودِ الله)، ولا يجوزُ أن نقولَ: كذا.. وكذا..! أخشى أن يكونَ هذا -كلُّه- مِن باب التَّألِّي على الله.
يا إخواني! نحن نقولُ: للهِ الحكمةُ البالغة، وهذا -كلُّه- بِحُكْمِهِ وحِكمتِه ï´؟أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُï´¾.
أمَّا أن نُفَصِّلَ الأمورَ، ونتجاوزَ الغيبَ؛ فهذا ليس لنا! بارك الله فيكم.

9. السُّؤال:
سمعنا عن بعضِ النَّاس يقولون: (نُسبِّح أو نُكبِّر؛ بِنِيَّة رفعِ البلاء)؛ ما حُكم هذا؟
الجواب:
الحقيقه؛ لا شَّك -ولا رَيبَ-: أن ذِكرَ الله والصَّلاةَ على النَّبيِّ ï·؛ مِن أعظم ما يُدفَع به البلاء؛ لكن: أن يكونَ ذلك على تطبيق السُّنَّة النَّبويَّة، وبِمقدار المنهجِ النَّبويِّ، وكما طبَّقَه السَّلفُ.
أمَّا تجاوُزُ ذلك -باجتهاداتٍ شخصيَّةِ -تَرَكَها مَن هُم خَيرٌ مِنَّا-؛ نقول: (لو كان خيرًا؛ لسَبَقونا إليه).

10. السُّؤال:
هل نُصلِّي العشاءَ بعد الأذان مُباشرةً، أم نؤخِّرُها؟
الجواب:
مَن استطاع أن يُؤخِّرَها؛ فتأخيرُها أفضلُ -الآن- بعدم وجود صلوات الجَماعة في المساجد، والرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- يقول: «لولا أن أشُقَّ على أمَّتي؛ لأمَرْتُهُم بِتأخيرِ العِشاءِ إلى نصفِ اللَّيلِ».
أمَّا مَن لا يستطيعُ، أو مَن أراد أن يُصلِّيَها مباشرةً؛ نقول له: لا بأسَ.
لا شكَّ أن أذان العشاء مع دُخول الوقت مباشرة بل قد يكون قبل ذلك بِقليل.

11. السُّؤال:
إذا صحَّت الجماعةُ مَنعًا، والجمعة مِن باب أولى؟!
الجواب:
لعل قصدَه أنَّ الجماعات -الآن- في المساجد ممنوعة؛ فالجمعة من باب أولى؟
هذا حُكم واقعي. نحن نتكلَّم مع بعض الإخوة الأفاضل الذين ناقشونا بالأدلَّة والحُجج -بعضها حُجج عقليَّة، وبعضُها حُجج نقليَّة-، سبق الجواب عنها. والله أعلم.

12. السُّؤال:
هنالك أحد طُلاب العلم يجمعُ النَّاس للصَّلاة في مسجدِه -في ظلِّ إغلاقِ المساجد-في هذه الأيَّام-؛ فهل هذا الأخ يَأثم على فِعلتِه؟
الجواب:
لا نريد أن ندخلَ في باب: (يأثم، ولا يأثم)؛ هذا عِلمُه عند الله.
لكن؛ نقول: لا شكَّ أنَّ هذا مُخالِف للأوامِر الشَّرعيَّة -مِن جِهة- في موضوع الوباء -وما أشبه-، و:«ولا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ» والاحتِياط في هذا الباب، ومُخالِف لحُكمِ أولياء الأمور الحازِم -والحاسِم- في هذا الباب.

13. السُّؤال:
ما حُكم مَن يقول: (إنَّ اللهَ -تعالى- طردَنا من المساجد)؟
الجواب:
هذا تألٍّ على الله، لا ندري! للهِ الحِكمةُ البالغة، ولا نتقوَّل على الله، ولا نجزِم بما لا يعلمه إلا الله --سبحانهُ وتعالى-.
ولكن -بالمقابِل-: الأصلُ أن تزدادَ صِلتُنا بالله، وأن نزدادَ تعظيمًا لأمرِ الله، والتزامًا بحُكمِه -سبحانهُ وتعالى-.

14. السُّؤال:
حُكم مَن تُوفِّي بهذا المرضِ: هل يُعتبر شهيدًا -لأنَّني وجدتُ مَن يَعتبر مَن توفِّي بهذا المرضِ شَهيدًا-؟ وفي نفس الوقت: هل أنتَ تَعتبرُ هذا المرضَ طاعونًا، أم وباءً؟
الجواب:
أنا أشرتُ -وقُلتُ-: بأنَّ كلَّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا، وبخاصَّة أنَّ الطَّاعونَ فيه قضايا شرعيَّة خاصَّة به؛ مثلًا: الرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- يقولُ: «المدينةُ لا يَدخُلُها الطَّاعون»؛ لكن -بالمُقابل-: دخلها أوبئةٌ، هذا أقوى دليلٍ على التَّفريق بين الأمرَين.
أمَّا: هل يُعتبر شهيدًا؟
نرجو رَجاءً؛ ولكن: لا نُنزِله في الحَديث الواردِ في الطَّاعون، ولا نَجزمُ بهذا الأمرِ -لا في الطَّاعون ولا في غيرِهِ-ممَّا يُقاس عليه وليس كذلك-.

15. السُّؤال:
ما حُكمُ أكلِ التِّمساح؟
الجواب:
هذا سؤال غريبٌ جدًّا!! هل التَّماسيح قد ملأت السَّهلَ والجبلَ -حتى نقول: حُكم أكل التِّمساح!-؟!!
ومع ذلك: المسألةُ فيها خلاف بين أهلِ العلم؛ بعض أهل العلم يُجيز، وبعضهم لا يُجيز.
والله -تعالى- أعلم.

16. السُّؤال:
هل تصحُّ صلاة الجُمُعة بالبثِّ المُباشِر؟
الجواب:
يعني: أن تُصلي خلف الإذاعة بالبثِّ المُباشِر؟!
لا تَصحُّ، ولا تجوزُ -بأيِّ حالٍ مِن الأحوال-، وإن أفتى بذلك بعضُ أهلِ العِلمِ، فهذا غيرُ صحيح ، ولا دليلَ عليه -مُطلقًا-.

17. السُّؤال:
أرجو إفادتي حول كتابِ "الاحتجاجِ بِخبرِ الآحادِ في مسائل الاعتقاد" للكاتبِ (فلانٍ الفُلانيِّ)!
الجواب:
لا يهمُّنا!
إخواني الكرام! أنا أَذْكرُ مسألةً واحدة في هذا الباب؛ وهي أن مسائلَ خبرِ الآحاد والتَّفريق بينها وبين المُتواتر: لا يوجدُ دليلٌ يُفرِّق بين الأمرَين، وكلُّ مَن ذكر دليلًا؛ فدليلُه: إمَّا ظَنيُّ الدّلالة، وإمَّا ظَنيُّ الثُبوت، فيَرجِع هذا الحُكم على قائلِه بالنَّقض.
ومَن تأمَّل هذه الجزئيَّةَ -فقط-؛ يَعرف وَهاءَ القَول بِبُطلانِ القَول بِنفيِ حُجيَّةِ الآحاد في مسائلِ الاعتقاد -مِن غير تطويلٍ في ذلك الأمر-.

18. السُّؤال:
هل يجوزُ أخذ الإيجارات مِن أصحاب المحلَّات المُغلَقة مع انتفاء المَنفعة؟
الجواب:
يا إخواني! هذه القضيَّة -الآن-: أنا أعرف أنها مطروحةٌ جِدًّا، وكذلك المدارس الخاصَّة، هذه الأمور ننتظرُ فيها قليلًا حتى نرى ماذا تتبلوَر الصُّورةُ مِن النَّاحية الحكوميَّة -مِن جهة-، ومِن ناحية تفاهُم النَّاس أصحاب المحلَّات والعُمَّال والموظَّفين -مِن جهة أخرى-.
فالقضيَّة تحتاج إلى شيءٍ مِن التَّأنِّي، ولا نستعجل، وأنا أرى أنَّ التَّفاهم في هذا الباب هو سيِّدُ الأحكام.

19. السُّؤال:
هل يلزمُ الأذان في البُيوت لأجلِ الصَّلواتِ الخمس في حالتِنا -اليوم-؟
الجواب:
لا يَلزمُ -مِن باب اللُّزوم؛ بمعنى الوجوب-؛ ولكن: مِن بابِ الاستِحباب؛ لا مانع مِن ذلك -إن شاء اللهُ-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

20. السُّؤال:
هل هنالك فرقٌ بين الزَّكاة والصَّدقةِ مِن حيث الإشهارُ والإظهار؟
الجواب:
الأصلُ في هذا -كلِّه- الإسرار (حتى تُنفق يَمينُه ما لا تعلم شمالُه).
لكن: إذا وُجدت مصلحةٌ في الإظهارِ-سواءً في الصَّدقة، أو في الزَّكاة-لِحضِّ النَّاس على ذلك-؛ فهذا خيرٌ كبير، وعُموم النَّصِّ القرآنيِّ يدلُّ عليه، والله -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

21. السُّؤال:
في مسألة قضاء الصِّيام: هل يجوز استبدال الصِّيام بإخراجِ مبلغٍ مِن المال؟
الجواب:
هذا لا يجوز؛ لكن نحنُ نُفصِّل؛ نقول: المرأة الحائض والنُّفساء تقضي، والمرأة المُرضِع والحامِل تَفدي -بمعنى: أنَّها تُخرج إطعامًا لمسكين عن كلِّ يوم-.
أمَّا: مال يُدفع مقابل هذا؛ فلا يجوز.
إطعام مسكين عن كلِّ يوم من الأيَّام التي فاتت الحاملَ والمُرضِع، أمَّا الحائض والنُّفَساء؛ فلا بُدَّ من القضاء.
مع التَّنبيه إلى أنَّ المسألة الأولى فيها خلاف؛ لكن: هذا الذي نُرجِّحُه.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.


22. السُّؤال:
بعضُ النَّاس يُشكِّكون بِصحَّة قرار وُلاةِ الأمر بمنعِ الجُمُعة والجَماعة، فيقولون بأنَّ تركَ الجُمُعة والجَماعة لم يَحدُث في تاريخ المسلمين، وهو موجود بالطَّواعين؟
الجواب:
هذا غير صحيح! والذي يقول هذا الكلامَ لم يقرأ التَّاريخَ، ولم يَعرف ماذا جرى في كتبِ التَّاريخ وأحوال المسلمين! فلذلك: هذا تجاوُزٌ غيرُ عِلميٍّ، ولا هو صحيح!
ولو لم يكن كذلك؛ كذلك لكلِّ بلدٍ، ولكل زمان حيثيَّتُه وظَرفُه -وما أشبه-. هذا أوَّلًا.
والأمرُ الثَّاني: أنَّ الرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- أخبرنا أنه ستَظهرُ الأمراض التي لم تكنْ فيمَن قبلَنا؛ فهذه إشارة إلى تجدُّد الأحوال والعوارض، فلا يُقاس كلُّ شيء على كلِّ شيء بِمجرد أي مُشابهة!
القضيَّة أشدُّ مِن ذلك وأدقُّ، واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

23. السُّؤال:
هل يُشرع دعاءُ النَّازلة لِجميع الصَّلوات -في هذه الأيَّام- لصلاةِ المُنفرد في بيتِه؟
الجواب:
نقول: يُشرع، لا مانع؛ لكن؛ مرَّةً: يأتى بالقنوتِ في الخمس صَلوات، مرَّةً: في بعض ودون بعض، مرةً: يترك، مرَّةً: يفعل؛ هكذا هديُ النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم-.
لكن أنبِّه -ههنا- إلى شيء -وقد كتبتُ في ذلك تغريدة-: أنَّ القنوتَ يكون بما يُناسب النَّازلةَ وليس بما في دعاء: «اللَّهم! اهدِني فيمَن هَدَيت» فهذا -أرجحُ الأقوال- أنَّه في دُعاء قنوت الوتر -وليس في دعاء النَّوازل-.
وفي "الصَّحيح" عندما دعا النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- على رِعْل وذَكْوان؛ لم يَقرأ «اللَّهم! اهدِني فيمَن هَدَيت»؛ وإنَّما دعا؛ قال: «اللهمَّ! عليكَ بِرِعلٍ وذَكْوان» -وهكذا-.

24. السُّؤال:
هل رأى الرَّسولُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- ربَّه في ليلةِ الإسراء؟
الجواب:
قصدُه: (في ليلة المِعراج) -لأنَّ (الإسراءَ): مِن مكَّة إلى الأقصى، ثم (المِعراج): مِن الأقصى إلى السَّماء-.
أرجحُ الأقوال: أنَّه لم يَرَ ربَّه، فقد سُئل النَّبيُّ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- هل رأيتَ ربَّك؟ قال: «نُورٌ أنَّى أراهُ»، وفي رواية قال: «رأيتُ نُورًا»، وفي حديثٍ ثالث: قال -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: «حِجابُه النُّورُ».

25. السُّؤال:
هل الكيُّ بالنَّار للعلاج -وذلك بعد أن جرَّب مُعظمَ الأدوية-؟
الجواب:
يجوز؛ كما يُقال: «آخِرُ الدَّواء الكَيُّ»؛ لكن: مع كونِه مفضولًا -وليس فاضلًا-، والرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- يقول: «ما مِن داءٍ إلا وله دَواء».

26. السُّؤال:
ما حُكم ما نراهُ من صلاةِ الجماعة مُتباعِدين ووجود مسافة بين المُصلِّي والآخَر وترك التَّراصّ؛ هل تصحُّ أم تبطُل؟
الجواب:
رأيتُ -قبل قليل مِن هذا اللِّقاء- كلامًا للشَّيخ ابن عثيمين في مسألة قريبة من هذه -الحقيقة-: أنَّه لم يُبطِل الصَّلاة؛ لكنْ أشار إلى ما يُفهَم منه أن القولَ بالبُطلان غير بعيد.
فحينئذٍ؛ نقول: الصَّلاة في البيوت بِهَيئة الصَّلاة بالأسرة الواحدة خيرٌ من الصَّلاة في الجماعة وقد اختلفت هيئةُ الصَّلاة -كما يُعبِّر الفقهاء-.
والله -تعالى- أعلم.

27. السُّؤال:
هل غُلِّقت مساجد في التَّاريخ، أم هذه المرَّة فقط؟
الجواب:
أنا أجبتُ؛ وقلتُ: حصَل إغلاق للمساجد، ولم تَقُم جُمَع ولا جماعات، وليس هنالك فرقٌ -عندي- بين أن تُغلَق المساجِد بأمر السُّلطان، أو أن تُغلَق المساجد من حيث الواقع؛ فالنتيجةُ واحدة.

28. السُّؤال:
هل يجوزُ الدُّعاء بِتسليط هذا المرض على الكُفار وعلى الطُّغاةِ والْمَلاحِدة؟
الجواب:
ندعُو لهم بالهداية، فإذا أردْنا ذلك -ولا بُدَّ- نقول: (اللهمَّ! اهدِهم، فإن لم يكونوا أهلًا للهداية؛ فسلِّط عليهم هذا المرَضَ، أو ذاك المرض) -حتى ندعَ الأمرَ لربِّ العالَمين-سبحانهُ وتعالى-.
والرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- ماذا قال؟
قال: (لعلَّ اللهَ أن يُخرِج من أصلابِهم مَن يوحِّدون الله) -أو كما قال-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-.

29. السُّؤال:
هل يصحُّ حديثُ قراءة سورة الكهفِ يوم الجُمُعة؟ يعني: تصحيح لفظة: (يوم الجُمُعة)؟
الجواب:
هذا الحَديث وقع الاختلافُ فيه بين المُعاصِرين -أكثر ممَّا هو بين السَّابقين مِن أهل العِلمِ-، وأنا لا أزال على القَول بِصِحَّتِه -مع احترامي لرأي مَن ذهب إلى تَضعيفِه-.
والله -تعالَى- أعلى وأعلَمُ.

30. السُّؤال:
ما رأيكم في كتاب "البصائرِ والذَّخائر" لأبي حيَّان التَّوحيديِّ؟
الجواب:
(أبو حيَّان التَّوحيديُّ) فيلسوفٌ شهير، وكُتُبهُ أدبيَّةٌ وفلسَفِيَّة، لا أنصح أن يدخلَ بها أيُّ طالبِ علمٍ، هذه مُمكن أن تُقرأ في نافلةِ الوقت، أمَّا طالبُ العلم عنده مِن الأوقات ما يَستغلُّها في البحثِ العِلميِّ، وفي طلبة العِلم ما هو أكثر مِن ذلك و أنفع -إن شاء اللهُ-تعالى-.

31. السُّؤال:
إفطار المرضِع أو الحامِل: تِفدي أولى مِن القضاء -اختيارًا، أو ترتيبًا-؟
الجواب:
لا تَقضي؛ وإنَّما تِفدي، هذا هو القولُ الأرجح.
وقد أشرتُ إلى أن هنالك أقوالًا أخرى في المسألة؛ لكن: هذا الذي ينشرحُ له صدري، وقد أشار العلماء أنَّه شيءٌ يكاد يكون مُتَّفقًا عليه بين الصَّحابةِ الكرام -رضي اللهُ عنهم-.

32. السُّؤال:
هل يجوزُ عدم تراصِّ الصُّفوف في الصَّلاة بسبب هذا الوباء؟
الجواب:
أجبنا -قبل قليل-، وممكن للأخ السَّائل أن يُراجع التَّسجيل -إن شاء الله-تعالى-وفيه فائدة-.
ولكنْ؛ نُكرِّر الجواب -على وجهِ السُّرعة-؛ فنقول: الأصلُ أن هذا لا يجوز، بل ذهب بعضُ أهل العلم إلى بُطلان الصَّلاة.
فالصَّلاةُ في البيوت بِهَيئة الصَّلاة الشَّرعيَّة خيرٌ من الصَّلاة بعدمِ رصِّ الصُّفوف -كما نرى بين الْمُصلِّي وأخيه متر-أو أكثر مِن مِتر-.

33. السُّؤال:
هل يجوز تعجيل الزَّكاة في هذه الظُّروف لأكثر من سَنة؟
الجواب:
نعم؛ يجوز؛ فقد صحَّ أنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أذِن لعمِّه العبَّاس بِتعجيلِ سنَتَين زكاة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

34. السُّؤال:
مدَّة التَّقصير في الصَّلاة للمُسافر؟
الجواب:
مادام مُسافرًا -لم يَستقرَّ ولم تَتنزَّل عليه ظُروفُ الإقامة الشَّرعيَّة والعُرفيَّة والرَّسميَّة-؛ فهو لا يَزال يَقصُرُ في صلاتِه، فإذا ثبتت عليه تلك الظُّروف؛ فحينئذ: لا يَدخل في السَّفر ويُعامَل معاملةَ المُقيم.

35. السُّؤال:
هل يُعتبَر من مات في هذا الوباء شهيدًا؟
الجواب:
أجبنا -قبل قليل-، وقلنا: الوارِد في ذلك: (الطَّاعون)، والطَّاعون وباء -وليس كلُّ وباء طاعونًا-، ولكن نرجو اللهَ: أنَّ مَن مات في هذا الوباء أن يكونَ شهيدًا؛ لكن: لا نُنزِّلُ عليه الحديث الوارِد في الطَّاعون -وقد أجبتُ-قبل قليل-عن هذا السُّؤال-.

36. السُّؤال:
هل يسوغُ قول القائل: (سنَنتصِرُ على كورونا)!؟ وما توجيهُكم -سلَّمكم الله-؟
الجواب:
الحقيقة: هذا تعبيرٌ لا أراه سليمًا، ولا أراه صحيحًا!
لو قال القائلُ: إن شاء اللهُ؛ أن يَشفيَنا اللهُ مِن هذا الدَّاء، وأن يَنتهيَ هذا الوباء.
أمَّا أنَّنا سننتصِرُ!! كأنَّ في هذا فصْلًا بين الإنسان وبين صِلَتِه بربِّ العالَمين -سُبحانهُ وتَعالى-! وجاعلًا النُصرةَ مُتعلِّقةً به!!
وكما قلنا؛ الكورونا: هو داءٌ لا يتحرَّك إلا بِأمر الله -كسائرِ الأمراضِ المُعديَّة-، وهذا هو الفَهم الصَّحيح لِحديثِ: «لا عَدوَى، ولا طِيَرة» «لا عَدوَى»؛ أي: في ذاتها؛ وإنَّما هي بأمرِ ربِّها لها -سُبحانهُ وتَعالى-، وهذا -كلُّه- داخلٌ في الإرادة الكونيَّة لله -سُبحانهُ وتَعالى-.
فنحن أن نقول راجِينَ مِن الله -سُبحانهُ وتَعالى- أن يُذهبَ عنَّا هذا البلاء، والرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- كان مِن دعائه: «اللَّهمَّ! إنِّي أعوذُ بكَ مِن البَرَصِ والجُنونِ والجُذامِ وسَيِّئِ الأسْقام»، فلو قال الإنسانُ بِمثلِ هذا الدُّعاءِ على الكورونا؛ لا مانِعَ -إن شاء اللهُ-؛ بل هذا هو المَشروع.

37. السُّؤال:
حكم إسقاطِ الدَّين، واعتِباره زكاةً عن الغارِم؟
الجواب:
لا مانع، بِشرطِ إخبارِه بِذلك، واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَم.

38. السُّؤال:
ما حُكم الدُّخان؟
الجواب:
الدُّخان والتَّدخينُ -كلاهُما- من الْمُحرَّمات، والإصرار عليهما أخشى أن يكونَ مِن الكبائر؛ كما قال الصَّحابيُّ الجليل عبدُ الله بنُ عبَّاس -رضي الله عنهما-: «لا كبيرةَ مع الاستغفار، ولا صغيرةَ مع الإصرار».

39. السُّؤال:
هل ترى تقديمَ الزَّكاة؟
الجواب:
نعم؛ وقد أجبنا -قبل قليل- عن هذا السُّؤال، وأتَينا بالدَّليل عليه.

40. السُّؤال:
الذين قالوا بِجواز الجُمُعة في البُيوت أنَّه ليس فيه دليلُ المنع؛ فما هو دليلُ المنع؟
الجواب:
دليل المنعِ: أنَّها عبادةٌ لها حقيقتُها ولها ظهورُها، الجُمُعة مِن علاماتِ الإسلام، وذكرنا حديثَ ابنِ عبَّاس -في "البُخاريِّ"-وغيره-: كيف أنَّه أَمَر بالصَّلاةِ في الرِّحال يوم جُمعة، لو كان هنالك جوازُ الصَّلاة في البُيوت لقال: (صلُّوا في بيوتِكم جمعةً) -لم يقل (صَلُّوا في بيوتِكم ظُهرًا)-.
إضافة إلى أنَّني أقول: على كثرة ما بَحثتُ؛ لم أجد مِن أهلِ العِلمِ مَن قال بذلك؛ إلا قولًا للظَّاهريَّة، وخالفوا فيه كثيرًا من أهل العِلمِ، حتى القَول عند الظَّاهريَّة ليس بواضحٍ الوُضوحَ البيِّن!
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

41. السُّؤال:
ما هو السَّبيل للتَّوفيق في طلبِ العِلم؟
الجواب:
أهمُّ شيء -يا إخواني- حُسنُ الصِّلةِ باللهِ، ودُعاءُ الله -عزَّ وجلَّ-، والتَّضرُّع إليه في التَّوفيق إلى ذلك، ثم نقولُ كما قال النَّبيُّ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: «أحبُّ الأعمالِ إلى الله أدومُها -وإن قَلَّ-».
وأختمُ بِهذَين البَيتينِ الجَميلَين مِن الشِّعر، وهما بيتان جَميلان-أحبُّهُما، وأحِبُّ ذِكرَهُما، وتَكرارَهُما-:


ألَا لا يُنالُ العِلْمُ إلا بِسِتَّةٍ ... سَأُنْبِيكَ عن مَجموعِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وحِرصٌ واصْطِبارٌ وبُلغَةٌ ... وإرشادُ أسْتاذٍ وطُولُ زَمانِ



انتهى اللِّقاءُ الأوَّل



________________________
(*) هذه اللقاءات كانت عبر موقع (الفيسبوك) -مباشرة- على صفحة الأخ الكريم (رائد رماحة) -وفقه الله-، ابتدأتْ من التَّاسع من شعبان عام (1441هـ)، وهي -كما قال فضيلتُه-رحمهُ الله- أوَّل لقاءات مباشرة له على موقع (الفيسبوك)، وكانت آخرها -قضاءً وقدرًا-، والحمدُ لله على كلِّ حال.
وأنبِّه على أنَّ اللِّقاءات لم تفرَّغ كاملة -لما يتخلَّلها من تنبيهات حول انقطاع البثِّ،وتقطُّع الصُّوت، وتبادل السَّلام والتحيَّة، والتَّرحيب والدُّعاء..-وما أشبه-، أمَّا التَّعليقات العامَّة الهامَّة والمفيدة، والإفادات الزائدة، فأرجو أن لا يفوت منها شيء، وربما وضعتُ بعضها بين [ ].
وأسأل اللهَ -جلَّ في عُلاه- أن يتقبَّل مِن شيخِنا -ومنا-، ويكتبَ له الأجر مُضاعفًا، وينفع بهذه الفتاوى -وغيرها مما ورَّثه الشَّيخ من عِلم-في كتب، ومحاضرات، ودروس، ولقاءات ووو-؛ إنه -سبحانه- سميعٌ مجيب.
ولا أنسى شُكر من وفَّر لي هذه اللِّقاءات مرئيَّة مرتَّبةً كاملة -غير مقطَّعة-، وشُكر مَن تعاون معي في التَّفريغ والضَّبط والمراجعة؛ فجزاهم الله خيرًا وتقبَّل منهم وجعله في موازين حسناتِهم.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-24-2021, 04:51 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللقاء الثَّاني
(10 شعبان 1441هـ)



1. السُّؤال:
ما حُكم الْمُنتحِر؟
الجواب:
لاشكَّ أنَّ الْمُنتحِرَ قد ارتكب كبيرةً مِن أعظم الكبائر؛ ولكنْ: لا نَحكُم بِكُفرِه، ويجوز الصَّلاةُ عليه من عامَّة المسلمين، أمَّا خاصَّة أهل العِلمِ والقدوة فلا يُصلُّون عليه؛ مِن باب الزَّجر لمَن يُفكِّر تفكيرَه -مِن الأحياء-، أمَّا غير ذلك؛ فلا.

2. السُّؤال:
هل ضعَّف الشَّيخُ الألبانيُّ -رحمهُ الله- زيادةَ: «ومَغفِرتُه» في ردِّ السَّلام؟
الجواب:
ابتداءً: تَراجَع الشَّيخُ الألبانيُّ -رحمهُ الله-شيخُنا وأستاذُنا- عن تحسينِها لذاتِها؛ لأنَّه كان مُتوهِّمًا أن السَّند حَسَنٌ لذاتِه؛ لكنَّه -بعد ذلك- تراجع، ثم بَيَّن المقصود، وحسَّن الحديثَ بِشاهِد عن ابنِ عُمر، وبِعموم النَّصِّ القُرآني الكريم.

3. السُّؤال:
هل يجوزُ القولُ بأنَّ هذا الوباءَ عقوبةٌ لكلِّ النَّاس؟
الجواب:
هذا مِن باب التَّألِّي على الله!
لا يجوزُ أن نجزِم بما لا يَعلم حِكمتَه إلا ربُّ العالَمين -سبحانهُ وتعالى-.

4. السُّؤال:
هل الشَّيخ الألبانيُّ يحفظ الأسانيد؟
الجواب:
حِفظُ الأسانيد وسيلةٌ وليس غاية، الغايةُ الكبرى: تَمييزُ الحديثِ -صحيحِه وضعيفِه-، والفِقه الْمَبني على هذه الأحاديثِ الصَّحيحة.

5. السُّؤال:
هل تجبُ الصَّلاةُ جماعةً في البيتِ مع الأهل؟
الجواب:
لا تجبُ، لا يوجَد عندنا دليلٌ على الوُجوب؛ وإنَّما الأمرُ مَبنيٌّ على الاستحباب، وعلى ما هو أفضلُ -إن شاء الله-تعالى-.

6. السُّؤال:
ما حُكم مَن يُخالف قانونَ الحَجرِ الصِّحي؟
الجواب:
الحقيقة: أنَّ حُكمَه مِن طرَفَين:
الطَّرف الأوَّل: مخالفة وليِّ الأمر.
والطَّرف الثَّاني: ما يتعلَّق بالآثار التي قد تترتَّب على هذه المخالفة.
وأنتم تَرون -اليومَ- أنَّ أكثرَ الإصابات -في هذا المرض- نتيجة الْمُخالطة! وهذا يجعلنا نقول بأنَّ مَن تعمَّد الخروجَ -بغيرِ حاجةٍ وضرورة- نخشى عليه الإثمَ الكبير في ذلك إذا أصاب أحدًا من النَّاس هذا الوباءُ بِسبِبه.

7. السُّؤال:
يقول: كلمة لِمن يُخرجُ زكاةَ مالِه طعامًا -وللعِلم أنَّهم يُخرجون زكاة الفِطر مالًا-؟
الجواب:
نحنُ لا نزالُ مُبكِّرين على شهر رمضان..نسأل اللهَ أن يأتيَ هذا الشَّهرُ الكريم ونحن قد انتهت الأمَّةُ -والعالَمُ-كلُّه- مِن هذا الوباء..؛ لكن: لا بأس من الجواب على هذا السُّؤال؛ بأن نقول: الأصلُ الإطعام؛ لأنَّ الحديث قال: «طُهرةٌ للصَّائم، وطُعْمة للمساكين».
لكن القولُ بإخراجِها مالًا: هو قولٌ لعلماءِ الأحناف، ونحنُ -وإن خالَفناه-؛ لكنَّنا نحترمُ هذا القول؛ ولكن نُركِّز على اتِّباع السُّنَّة السَّنيَّة الظَّاهرة -في هذا الأمر- والبيِّنة.
والله -تعالى- أعلى وأعلمُ.

8. السُّؤال:
ما أهمُّ كُتب الحديثِ الضَّعيف؟
الجواب:
أهمُّ كُتبِ الحديثِ الضَّعيف -في هذا العَصر-: هو كتاب «سِلسلة الأحاديث الضَّعيفة» للشَّيخ الألباني -رحمهُ الله-.
لِماذا؟
لأنَّه حوى أكثرَ ما في كُتبِ الأحاديث الضَّعيفة الْمُتناثرة، وجمعها في كتابٍ واحد -بَيْن دفَّتَين-، وطُبع الكتابُ في مجلَّدات كثيرة، وفيه النَّفعُ -إن شاء اللهُ-عزَّ وجلَّ-.

9. السُّؤال:
هنالك قريةٌ مات فيها -الأسبوع الماضي- ثلاثةُ أشخاص، فأهلُ القرية يَسألون: كيف نُصلِّي الجنازة؟
الجواب:
ابتداءً: صلاةُ الجنازة فرضُ كِفاية، لو قام بها أيُّ أحد -حتى لو شخص واحِد- فهذا يكفي.
ولا شكَّ -ولا ريبَ- أنَّ هؤلاء الموتى -نسأل اللهَ لنا ولكم ولهم الرَّحمة- هم مُكفَّنون؛ وبالتَّالي: حَمْلُهُم بالنَّعش -أو ما أشبه-، ثم الصَّلاة عليهم مِن شخصٍ -أو أكثر-بمن يقومُ بواجبِهم وحقِّهم-؛ فهذا -إن شاء اللهُ- يُجزِئ.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

10. السُّؤال:
هل التَّبسُّم في الصَّلاة يُبطلها؟
الجواب:
لا يوجد دليلٌ على أنَّ التَّبسمَ في الصَّلاة يُبطِلُها؛ لأنَّ التَّبسُّم لا يخرجُ الصَّلاة عن هيئتِها، أمَّا الضَّحكُ -وبالذَّات ما يكون فيه قَهقهة-كما يقول العُلماء-: فهذا لا شكَّ أنَّه مُبطلٌ للصَّلاة.

11. السُّؤال:
هل ثبتَ أنَّه أُغلِقت المساجدُ في زمنِ السَّلف بسببِ الأوبئة؟
الجواب:
نحن ذكرنا -أمس-: أنَّ الأوبئةَ تختلف -مِن حيث الزَّمان والمكان-، والرَّسولُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- أخبرنا أنه ستأتي -في آخر الزَّمان- أوبئةٌ وأمراض لم تكن فيمَن كان قبْلَكم؛ فلا نَقيس زمانَنا على زمانِ السَّلف -وهم أتقى مِنَّا، وأكثر توكُّلًا على الله مِنَّا، ومعرفةً بالدِّين مِنَّا-، والأمرُ مَنوطٌ بأولي العِلم مِن الحُكَّام والعُلماء؛ هم الذين يُقدِّرون هذه الأمور.
أمَّا النَّظرة إلى السَّلف في مثلِ هذا الأمر -فقط-؛ فهي نظرةٌ -كما قلتُ- ليست دقيقة في هذا الباب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.


12. السُّؤال:
[طلب نصيحة حول كتاب في العقيدة].
الجواب:
أنا أنصحُ بـ: كِتابَينِ جَميلَيْن جلِيلَيْن في العقيدة للشَّيخ محمَّد بن صالحٍ العُثيمين -رحمهُ الله-:
الكتابُ الأوَّل: هو (شرح «العقيدة الواسطيَّة»).
والكتابُ الثَّاني: (شرح «كتاب التَّوحيد»).
لأنَّهما في أهمِّ بابَيْن مِن أبوابِ العقيدة -وهما توحيدُ الألوهيَّة، وتوحيد الأسماء والصِّفات-.

13. السُّؤال:
ما حُكم الصَّلاة بالسِّروالِ الأبيض؟
الجواب:
(السِّروال): كلمة خطأ -لغةً-، والصَّواب أن نقول: (سَراويل)، (سَراوِيل) مُفرَد -وليست جَمعًا-، والجمعُ: (سَراويلات).
إذا كان هذا السَّراويل لا يَصفُ العورةَ، ولا يَشِفُّ عنها، وكان فضفاضًا؛ لا بأس -إن شاء اللهُ- بالصَّلاة في ذلك.

14. السُّؤال:
هل الإفتاء بصلاةِ الجمعة في البيوت مِن الاختلاف المعتَبَر؟
الجواب:
لا يوجدُ اختلافٌ في هذه المسألة بين أهل العلم القُدماء -بتاتًا-.
واليوم ذكرنا -في بعض اللِّقاءات-: حديثَ ابنِ عبَّاس -الْمَرويِّ في «صحيح البخاريِّ» و«مسلم»-، وكيف أنَّه نادى يوم جُمعة: «صَلُّوا في رِحالِكم»؛ يوم جمعة.. في صلاة الجمعة.
فكيف صَلَّوا؟ هل صَلَّوا جُمُعةً؟ أم صَلَّوا يومَ الجمعةِ ظُهرًا في بيوتهم؟
لا يُعرفُ بين أهل العِلم خلافٌ في هذه المسألة.
لكن: نحن -مِن باب التَّلطُّف والتَّرفُّق- نَعْذُر المخالِفين، ونسأل اللهَ التَّوفيق لنا ولكم ولهم -أجمعين-.

15. السُّؤال:
ماذا نقول لِمَن يقول: إن وزارةَ الصِّحَّة رفعت توصياتِها لهيئة العلماء لعدمِ الصِّيام هذه السَّنة؟
الجواب:
هذا كلام -إلى الآن- سابقٌ لأوانِه، والنَّاس ليسوا سَواء، وحتى البلاد ليست سَواء، والأمرُ في وقتِه -إن شاء الله- نتكلَّم فيه.
وما أظنُّ هذا إلا إشاعة مِن الإشاعات -التي تنتشر في دنيا النَّاس-هذه الأيَّام-.

16. السُّؤال:
هل قصر الصَّلاة للمُسافر واجب؟
الجواب:
ما دام أنَّه مُسافرٌ: فقَصْرُ الصَّلاةِ له واجِب؛ إلا إذا صلَّى وراء إمام مُقيم؛ فيُتِمُّ بِتمامِه.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

17. السُّؤال:
هل يوجد دليلٌ على قضاءِ صلاة الوتر؟
الجواب:
نعم؛ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: (مَن نام عن وتْرِه؛ فَلْيُصَلِّ إذا استيقظ)، لكن: هنالك حديثٌ آخر أن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: (كان إذا نام عن حِزْبِه باللَّيلِ؛ صلَّى مِن النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعة)، الشَّيخ ابنُ عُثيمين -رحمه اللهُ- قال: (إذا كان مُعتادًا على القيام كُلِّه؛ فحينئذٍ: يُصلِّي ثِنتَي عشرةَ ركعة، أمَّا إذا كان -فقط- يُصلِّي ركعة، أو ثلاث ركعات؛ فيُصَلِّيها كما ورد، وكما هي -وِترًا-يعني-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

18. السُّؤال:
هل الغُسل لصلاة الجُمُعة، أو لليوم؟
الجواب:
لا شكَّ أنَّ الغُسلَ لِصلاة الجُمُعة، النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: «مَن أتى الجُمُعةَ؛ فلْيَغْتَسِل»، فإذا لا يوجد ذهابٌ لِصلاة الجُمُعة في المساجد؛ فحينئذٍ: لا يجبُ الغُسل.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

19. السُّؤال:
هل يجوز إخراجُ الزَّكاة للمرضى المصابين بهذا الوباء؟
الجواب:
إذا كانوا فقراء: يجوز.
أمَّا مجرَّد أنهم مرضَى ومُصابون؛ فهذا غير صحيح؛ قد يكون مريضًا ومُصابًا وهو غني -ليس بِفَقير-.
فالعبرة بِكَونه فقيرًا، فإذا كان هذا الفقير مُصابًا؛ فيجوز إخراج الزَّكاةِ له -إن شاء اللهُ-.

20. السُّؤال:
هل على مَن انتهتْ حيضتُها بعد العصرِ أن تُصلِّي الظُّهر؟
الجواب:
نعم؛ هذا هو المنقول عن ابنِ عبَّاس -رضي اللهُ عنه-، طالَما أن المجالَ مفسوحٌ ومَفتوحٌ لِصلاتَين يَشتركُ وقتُهُما؛ فيجبُ عليها أن تَجمع جَمعَ تأخير، وتُصلِّي الظُّهرَ والعصر معًا -إن شاء اللهُ-.

21. السُّؤال:
ماذا صحَّ في ليلةِ النِّصف من شَعبان؟
الجواب:
ابتداءً: بعضُ أهلُ العلم يقول: لا يَصِحُّ فيها شيء.
لكن الصَّواب: أن هنالك حديثًا حَسَنًا، وهو قول النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «إذا كانت ليلةُ النِّصف مِن شَعبان، فإنَّ اللهَ يغفرُ لِخَلقِه جميعًا؛ إلا لِمُشْرِكٍ، أو مُشاحِن» -أو كما قال النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
أما رواية: «فقوموا ليلَه، وصوموا نهارَه»؛ فلا تصحُّ ولا تثبُت عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلم-.

22. السُّؤال:
ما قولُكم في (عِلم الْمَقاصد) -مَقاصِد الشَّريعة-كعِلمٍ مُستقلٍّ، وقد كثر الكلامُ فيه بين مُفرِّطٍ ومُفْرِط؟
الجواب:
نعم؛ الآفةُ ليست في (عِلم الْمَقاصد)، الشَّريعة كلُّها مَقاصد، وكلُّها أحكام.
لكن: البلاء فيمَن (أفرَط فيه) أو (فرَّط فيه)، فيمَن (أفرَطَ فيه)؛ بحيثُ يَرُدُّ النُّصوص لأجل قاعدة مَبنيَّة -أصلًا- على النُّصوص -وهذه مصيبة!-، وبين إنسانٍ آخر (فرَّطَ فيه)؛ فلم يَعتَبِرْه، وأخذَ النُّصوصَ جامدةً مِن غيرِ اعتبارٍ للمقاصِدِ وحقائقِ الأمور واختلاف الظُّروف والأحوال؛ فهذا خطأ، وذاك خطأ.
لذلك: لا يَدخلُ في باب المقاصد إلا مَن كان شبعانَ ريَّان -كما قال الإمام الشَّاطبيُّ-في كتابه «الموافقات»-.

23. السُّؤال:
هل يجوزُ أن نقولَ: (مشيئة كَونيَّة) و(مشيئة شرعيَّة) -فإنَّ بعضَ أهل العلم يقولون: المشيئة شرعيَّة -فقط-، والإرادة كونيَّة-؟
الجواب:
أنا أعتقد: أنَّ الخلاف لفظيٌّ -وليس خلافًا حقيقيًّا-، طالما أنَّ هذا التَّقسيمَ موجود ومُثبَت -باعتبارِه كونًا، أو شَرعًا-؛ فهذا هو الأصل
أمَّا أن تُسمِّي ذلك (مشيئةً) أو (إرادةً)؛ فالأمر سهلٌ -إن شاء الله-، ومَن اتَّبع النَّصَّ؛ كان أَوْلَى وأَوْلى.
والله -تعالى- أعلَى وأعلمُ.

24. السُّؤال:
حول حديث اطِّلاع اللهِ على خَلقِه ليلةَ النِّصف مِن شعبان؟
الجواب:
قُلنا: إنَّه (حديثٌ حَسَن).

25. السُّؤال:
طلب نصيحة في تربيةِ الأبناء.
الجواب:
الدُّعاءُ لهم، والصَّبرُ عليهم، وحُسنُ التَّوجيه، والقُدوة.
هذه أهمُّ أركان تربيةِ الأبناء...[انقطاع].

26. السُّؤال:
هل تجوزُ صلاةُ الغائبِ لأهلِ الميِّت لِمن مات في هذا الوباء؛ لأنَّه لا يُصلَّى عليه؟
الجواب:
لماذا لا يُصَلَّى عليه؟! الأصلُ: أنَّه يُصَلَّى عليه.
فإذا حصلَ ولم يُصلَّ عليه؛ فحينئذٍ: تجوزُ صلاةُ الغائب.
أمَّا الأصلُ؛ أنَّه يُصلَّى عليه، و-الحمدُ لله- عندنا في الأردن مات بِضعةُ أشخاص؛ فالجهاتُ المسؤولة أَذِنت بالصَّلاة عليه، و-الحمدُ لله- لا إشكال في ذلك -إن شاء الله-.

27. السُّؤال:
يَسألُ عن حديثِ: «لا عَدْوَى»؟
الجواب:
..تكلَّمنا فيه، وقلنا: إنَّ الرَّاجحَ «لا عَدْوَى»؛ أي: بِنَفْسِها..
ونضرب المثلَ على ذلك بشيءٍ واقعيٍّ: الآن الأطباء يُصنِّفون (الإنفلونزا) -وهو مرض شعبيٌّ مُشتهِر- يُصنِّفونها بأنها مرضٌ مُعدٍ، ومع ذلك ممكن يَدخل عشرةُ أشخاص على مريض الإنفلونزا؛ فلا يُعدَى أحدٌ منهم، وقد يُعدَى بعضٌ وينجو بعضٌ، وقد يُعدَوْن جميعًا.
لو كان هذا المرضُ مُعْدِيًا بِنفسِه؛ لانْعَدَوْا جميعًا؛ فهذا دليل أنَّها «لا عَدْوَى» -أي: في ذاتها-.

28. السُّؤال:
هل التَّكليف بما لا يُستطاع مَبحوثٌ عند أهلِ السُّنَّة؟
الجواب:
نعم؛ مبحوثٌ -لا شكَّ، ولا رَيب-، وتكلَّم فيه أهلُ العلم، والله -تعالى- يقولُ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.

29. السُّؤال:
هل هنالك اختلافٌ في كونِ النَّافلة بعد صلاة الجُمُعةِ موجودة؟
الجواب:
إذا تَقصد النَّفل المطلق؛ فالنَّفلُ الْمُطلَق مفتوح؛ يعني: لا إشكالَ فيه.
أمَّا إذا تَقصد الرَّاتبة: فقد ورد فيه عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- صلاة ركعتَين، ووَرَد صلاة أربعة، والصَّواب: أنَّ ذلك مَبنيٌّ على التَّخيير.

30. السُّؤال:
ما حُكم الصِّيام بعد النِّصف مِن شعبان؟
الجواب:
هنالك حديثٌ يُضعِّفه بعضُ أهلِ العلم، ويُصحِّحُه آخَرون: أنَّ النَّبيَّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- قال: «إذا انْتَصَفَ شَعبانُ؛ فلا تصومُوا»، قال الذين صحَّحوه قالوا: هذا الحديثُ يُحمَل على مَن لم يكنْ يصومُ قبل النِّصف أن لا يصومَ بعد النِّصف.
والعلماءُ لهم في ذلك وجوهٌ مُتعدِّدة.

31. السُّؤال:
ما الرَّاجح في اسمِ الله الأعظم؟
الجواب:
أنَّه لفظُ الجلالة (الله)؛ لأنَّه يدلُّ على الألوهيَّة لله -عزَّ وجلَّ-، ولا يجوز أن يَتَسمَّى به -على أيِّ وجهٍ آخر- غيرُه -سُبحانهُ وتَعالى-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَم.

32. السُّؤال:
هل يُعتبر الْمُغتَرِب عن بلدِه لِطلبِ الرِّزقِ مُسافرًا، فيَقْصُر -ولو طال مُقامُه-؟
الجواب:
لا؛ هو مُقيم؛ وبالتَّالي: قد ثبت عليه معنى الإقامة -أو صورة الْمُقيم- عُرفًا، وشرعًا، وبالصُّورة الرسمية -كذلك-، وهو قد استأجر بيتًا، واتخذ أثاثًا وطعامًا، بِخلاف المسافر الذي يذهب أسبوعًا أو أسبوعين -أو أكثر، أو أقل- وهو غير مُتهيِّئ لحال الإقامة؛ هذه الصُّورة غير تلك.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

33. السُّؤال:
إنسانٌ صلَّى وعليه نجاسة ولا يدري بها، فلمَّا انتهى رآها؛ ما حُكم الصَّلاة؟
الجواب:
الصَّلاة صحيحة، ولا شيءَ على ذلك.

34. السُّؤال:
ما حُكمُ البيع وقت النِّداء -في هذه الأيام-؟
الجواب:
ما دام لا توجَد صلاة جُمُعة في المساجد، أو في البلاد التي لا توجد فيها صلاة جُمُعة؛ فيجوز فيها البيع والشِّراء؛ لأنَّه لا توجد جُمُعة.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

35. السُّؤال:
رجل في فلسطين -حرَّرها الله- دخل اليهود على أرضِه -وهو فيها-، وأرادوا أخذ الأرضِ عنوةً... مات مِن اليهود -هؤلاء الذين قتلوه-؛ هل يُعتبر شهيدًا؟
الجواب:
نرجو اللهَ له الشَّهادة.. نرجو اللهَ له الشَّهادة.
الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: «مَن مات دُون مالِه؛ فهو شهيد...دُون عِرضِه؛ فهو شهيد... دُون أَرضِهِ؛ فهو شهيد» نرجو اللهَ له الشَّهادة.

36. السُّؤال:
كلمة حولَ عِلم الْمُناسَبات في القرآنِ الكريم؟
الجواب:
(عِلمُ الْمُناسَبات) هو علمٌ دقيق، وهو مُتعلِّق بالمناسَبة الْمُتَّصلة بين السُّورة والسُّورة، أو بين آخر آياتٍ مِن السُّورة السَّابقة لأوَّل آياتٍ مِن السُّورة اللَّاحقة، أو الآيات بعضها مع بعض.
وأحسنُ مَن ألَّف فيه الإمام بُرهان الدِّين البِقاعي، في كتابه «نَظْم الدُرَر».
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

37. السُّؤال:
بالنِّسبة للمدرِّسين في المدارِس الخاصَّة، هل يحقُّ للمدرَسة عدم إعطائهم الرَّاتب؟
الجواب:
نحن لا نَستعجل، إلى الآن لم تَظهَر الأمور، والأصلُ -في هذا- التَّفاهُم بين الجِهَتَين، فكما أنَّ المدرِّس قد تعطَّل؛ كذلك المدرَسَة قد تعَطَّلت، والتَّفاهُم -إن شاء الله- يحلُّ الإشكال.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

38. السُّؤال:
هل إشغال النَّفس بالبحثِ عن أحاديث السَّاعة وربطها بالرُّؤى مِن التَّذاكُر في الدِّين؟
الجواب:
لا؛ هذا ليس مِن التَّذاكُر في الدِّين -أو الْمُذاكرة في الدِّين-.
الْمُذاكرة في الدِّين بالعلم الذي ينفعُك في الحال، ويُصلحُك في المستقبَل والمآل.
أمَّا أحاديث أشراطِ السَّاعة وربط ذلك بالرُّؤى، وتنزيلها على الواقع -بمجرَّد الشَّبَه-؛ فهذا غير صحيح.
واللهُ -تعالى- أعلَمُ.

39. السُّؤال:
في قيام اللَّيل: هل يكفي قراءةُ القرآن، أم يَلزم الصَّلاة؟
الجواب:
كلمة (قيام اللَّيل) لا تكون إلا بِصلاة، لكن: هذا لا يَنفي أن يكون القائمُ باللَّيل يقرأ القرآن مأجورًا ومُثابًا.
لكن: كلمةُ (قيام اللَّيل) -كما قُلنا- هذا مَعناها.
واللهُ -تعالى- أعلَمُ.

40. السُّؤال:
ما رأيك بما قال أحمد نوفل في حديث فرضيَّة الصَّلاة في ليلةِ الإسراء والمعراج؟
الجواب:
أنا تكلمتُ، وكتبتُ أربعة مقالات، وتكلَّمت في تسجيلين مُصوَّرَين في الرَّد عليه، وبيَّنتُ أن نَهْجَه هذا نهجٌ مُنحرِف -بعيد عن الصَّواب، وبعيد عن الحقِّ-، وأنَّه خالَف -في ذلك- الأوَّلين والآخِرين- مِن علماء الاختِصاص في الحديث -فضلًا عن العقيدة، فضلًا عن التَّفسير-الذي هو مُختصٌّ فيه-وللأسف الشَّديد-.
ونسأل الله الهدايةَ لنا ولكم ولهم -أجمعين-.

41. السُّؤال:
بعضُ السَّلفيين يجتمعون لِطلبِ العلم في بيتِ أحدِهم؛ هل يجوزُ ذلك؟
الجواب:
إذا قصدتَ في الواقع الحالي؛ أنا أقول: لا ينبغي ذلك؛ لأنَّ الخُلطةَ سببٌ مِن أسباب انتشار هذا الوباء.
فالأصلُ: الالتزام كلٌّ في بيتِه، وعدم الاجتماع والتَّجمهُر -سواء في الخارج، أو في الدَّاخل-ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.

42. السُّؤال:
هل وقفتُم على نَقلٍ مِن يومِ (طاعون عَمواس) إلى ما قبل أيَّامِنا هذه: أنْ أمرَ الحاكمُ العام أو أمير بلدة بإغلاقِ المساجد؟
الجواب:
إخواني: في التَّاريخ حَصل هذا -لا شكَّ، ولا رَيب-، وهذا موجود، ومَوجود بِعِدَّة نُقُول.
لكن أنا أشرتُ -قبل قليل- إلى نقطة: أن تعميمَ الأحكام بالوباء -على كلِّ الزَّمان، وعلى كلِّ مكان، وعلى كلِّ الأحوال-؛ غلط!
لأن الرَّسولَ -عليه الصَّلاة والسلام- أخبرنا أنَّ في آخِر الزَّمان ستكونُ أَوْبئةٌ وأمراض لم تُعرَف فيمَن قَبْلنا، فكيف نَقِيس مَن قبلَنا على مَن هم علينا في واقعٍ جديد، وفي حالٍ جديد ليس له شاهِد مِن قبلُ!؟
نحن مع أوامرِ أولياءِ الأمور سواء من جِهة الحُكَّام، أو جِهة العلماء، فكيف إذا اجتمعا؟!

43. السُّؤال:
هل يجوز التَّعامُل مع البنوك مِن ناحيةِ التِّجارة -شِيكات، وماشابه-؟
الجواب:
كلُّ ذلك يجب أن يكونَ في أقصى ضرورة وفي أقصى حاجة، والحاجاتُ تُنَزَّل مَنزلةَ الضَّرورات... لا نتكلَّم عن الرِّبا الصَّريح، الرِّبا الصَّريح شيءٌ آخر؛ نتكلَّم عن موضوعِ الشِّيكات والتَّعامُل التِّجاري الذي يقع في مثل ذلك.

44. السُّؤال:
هل كلُّ الصَّحابة عُدولٌ وثِقات؟
الجواب:
كيف لا!؟ لكنَّهم مُتفاوِتُون في العَدالة والثِّقة، أمَّا أن نقولَ: (لا)؛ فهذا غير صحيح، كيف يرضى اللهُ عنهم، ويَرضَون -هُمْ- عن ربِّ العالَمين -سُبحانهُ وتَعالى-بِنَصِّ القرآن- ثُم لا يكونون ثقاةٍ أو عُدولًا؟ إلا مَن ورد نصٌّ خاصٌّ فيه بِخلاف الثِّقة أو العدالة، وهم مَحدُودون ومَعلومون.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

45. السُّؤال:
هل الدُّعاء يوم الأربعاء بين الظُّهر والعَصر مُستجاب؟
الجواب:
نعم؛ هنالك حديثٌ يُصحِّحُه بعضُ أهلِ العِلمِ -ومنهم شيخُنا الشَّيخُ الألبانيُّ-رحمهُ اللهُ-، وبعضُ العُلماء الآخرين -أو عُلماء آخَرون قليلون- يُضعِّفُونه، والمسألة مُحتمِلة -إن شاء اللهُ-تعالى-.

46. السُّؤال:
يسألُ عن قَلْبِ اليدَين في الدُّعاء؟
الجواب:
وَرَد في السُّنَّة قَلْبُ اليدَين في الدُّعاء؛ لكنْ: عند ذِكر دَفعِ البلاء..فيِّ أيِّ دعاء -في دُعاءِ قُنوتِ النَّوازل، وما أشبهه- ليس في الدُّعاء العام-.
الدُّعاء العامُّ بِرفْعِ المسألةِ؛ هو دُعاء (إنَّ الله لَيَسْتحيِي أن يَرُدَّ يَدَيْ عبدِه صِفْرًا إذا رفَعَهُما إليه) -أو كما قال النَّبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم-.

47. السُّؤال:
هل يجوزُ صلاةُ الجمعة والخُطبة والتَّجميع في البيوت؟
الجواب:
قُلنا أنَّ هذا لا يجوز، ولم يَقُل به عالِمٌ مِن أهل العِلم، ومَن نَسَبَ إلى بعضِ العلماء هذا القولَ؛ إنَّما نَسَبَه اسْتِنْباطًا أو تخريجًا، ولا يَثبُت -مُطلَقًا-.

48. السُّؤال:
كيفيَّة غَسل المتوفَّى بمرض الكورونا، حيث العُدول عن الغَسل إلى التَّيمُّم: لكن: كان التَّيمُّم مِن فوق كفنٍ بلاستيكيٍّ خاص -خوفًا مِن انتقالِ العَدوى-كما رأى ذلك في فيديو-؟
الجواب:
الأصلُ: الغَسْل، ويكونُ الغاسِلُ متحصِّنًا باللِّباس الواقي، وحتى لو رُشَّ عليه الماءُ رشًّا بِالصَّبِّ -مثلًا- دون أن يُفرَك -وما أشبه-، فإذا تَعذَّر ذلك -أنا سأفرِض أنَّه تعذَّر ذلك-؛ فحينئذٍ نقول: يجوزُ التَّيمُّم حتى لو كان بِحائِل -لأنَّ المشكلة ستَرجع كما هي-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

49. السُّؤال:
ما حُكم الحلِف بِصِفة الرَّحمة؛ كَقَولِ: (ورحمةِ أبي)؟
الجواب:
أمَّا الرَّحمة التي هي مِن رحمةِ الخَلْق بعضِهم بِبعض؛ فهذا لا يجوز؛ لأنَّ هذه صِفات مَخلوقة بين العِباد، والرَّسولُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- : «مَن حلفَ بِغير الله؛ فقد كَفر».
أمَّا الحلِف بِصِفات الله وأسمائه -برحمةِ الله، وعَفوِ الله-وهكذا-؛ فهذا أمرٌ مُستحَبٌّ ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾.

50. السُّؤال:
هل على الدُّكَّان الصَّغيرة زكاة، عِلمًا أنَّها مِن الدَّين؟
الجواب:
إذا كانت هذه الدُّكَّان الصَّغيرة فيها مال وصل النِّصاب، وحال عليه الحَول، وليس عليها دُيون؛ فتجبُ عليها الزَّكاة -كأيِّ مالٍ آخر-.
أمَّا إذا كانت الدُّيون أكثر أو تُساوي؛ فلا تجبُ عليها الزَّكاة.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

51. السُّؤال:
هل تعجيلُ الزَّكاة -في أيَّامنا-هذه- مُستحبٌّ -لمن اعتاد على إخراجِها في رمضان-؟
الجواب:
نعم؛ وبخاصَّة أن فيه تفريجًا للكُربات، ودفعًا للأزمات، والنَّبي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- قد أذِن لِعَمِّه العبَّاس بتعجيلِ زكاةِ سنتَين.

52. السُّؤال:
ما رأيُكم في شِعر الغَزَل الذي يتكلَّم عن فِراق المحبوب والشَّوق له، ونَشر هذا الشِّعر؟
الجواب:
إذا نُشِر هذا الشِّعر بين مَن يَفهمون في الشِّعر، ويُدرِكون أبعادَه وحقائقَه ومقاصدَ الشُّعراء منه؛ لا بأس.
لكن: نَشْرُه على العامَّة والدَّهماء الذين لن يَفقَهوا مقاصِد الشِّعر -فضلًا عن مَدارِك الشُّعراء-؛ فلا يَنبغي ذلك! (خاطِبوا النَّاس على قدرِ عُقولِهم).

53. السُّؤال:
ما رأيُكم في المبالَغة في أخذِ الشَّارب؟
الجواب:
ليست المشكلة في المبالَغة في أخذِ الشَّارب؛ المشكلة في حلْقِ الشَّارب.
حَلْقُ الشَّارب؛ لا يجوز، أمَّا سواء بالغْتَ في أخذِه أم لم تُبالِغ ما دام هذا غير محلوق؛ فهذا جائزٌ -إن شاء الله-.
والحلْقُ لا يكون إلى بِالموسَى -وهو ما نُسمِّيه-في لُغتِنا-بـ(الْمُوس)-.

54. السُّؤال:
البعضُ يرمِي الشَّيخَ الألبانيَّ بالإرجاء، فلما أتَينا لهم بِثناء ابن باز والعثيمين، قالوا: هُما...! [السُّؤال غير مكتمل]
الجواب:
على جميع الأحوال: موضوع الطَّعن في شيخِنا الألباني بالإرجاء يَدلُّ على جهلِ هذا الطَّاعن -كائنًا مَن كان- بِشيخِنا وإمامتِه وعِلمِه ومكانتِه.
والشَّيخ ابنُ عثيمين -رحمهُ الله-.. قال كلمةً ذهبيَّة -في أجوبتِه على (أسئلة قطر)-قديمًا-قبل أكثر مِن خمس وعشرين سَنة-، قال: (المتكلِّم في الألباني بالإرجاء -والطَّاعن فيه بالإرجاء-: إما أنَّه لا يَعرفُ الألباني، أو لا يَعرفُ الإرجاء)!
وأنا أقول -جمعًا بين الأمرَين-: الطَّاعن في الشَّيخ الألباني -في ذلك- لا يَعرفُ الألباني، ولا يَعرفُ الإرجاء!!

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-25-2021, 04:40 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّالث
(11 شعبان 1441)



1. السُّؤال:
حول موضوع رواتب وأجور العُمَّال الذين اقتضتْ ظُروف الحَجر الصِّحِّي والظُّروف العسِرة -هذه-التي نمر بها- أن لا تَعْملَ أماكنُ عملِهم -وبالتَّالي هم جالِسون في بيوتهم-؛ فهل يجبُ على أصحابِ العَمل وأرباب العمل أن يدفعوا لهم أجورَهم؟
الجواب:
الحقيقة: أنَّ هذه قضيَّة دقيقة -نوعًا-ما-، ولا نريد أن نتعجَّل الجواب؛ لأنَّه لا بُد أن تقوم الحكوماتُ والجهات المختصَّة المسؤولة بترتيب هذه الظُّروف وضَبطِها؛ لأن القضيَّة -في الحقيقة- ستكون أوسع من ذلك، ليست مجرَّد -فقط- عامِل وصاحِب عمل، أخشى أن تكون الأمور أكثر مِن ذلك.
مثلًا؛ المدارس الخاصَّة: المدارس الخاصَّة تأخذ مِن آباءِ وأولياء أمور الطُّلاب، وبالمقابل تدفعُ للموظَّفين -مِن المدرِّسين وغيرهم-، هل يجب على أولياء الأمور أن يَدفعوا للمدارس الخاصَّة؟ وهل يجب على المدارسِ الخاصَّة أن تدفعَ للأساتذة أو المدرِّسين والمعلِّمين؟
القضية مُتداخِلة -نوعًا-ما-، ومعقَّدة، والبلاء عام -أصاب الجميع-؛ ولذلك: التَّمهُّل في هذا الباب، وعدم التعجُّل بالفتيا به أولى -وأَوْلى-.

2. السُّؤال:
طلب نصيحة حول التفرُّق والهجر بين السَّلفيِّين؟
الجواب:
الحقيقة؛ الهَجر والتَّفرُّق بين السَّلفيِّين: هذا فعلٌ غير مشروع، وغير مقبول -في دِين، ولا في دنيا، ولا في أخلاق، ولا في سُلوك-، وهو يُخالف منهجَ السَّلف الصَّالح -رضي الله عنهم- الذي قد يتشبَّه البعضُ ببعضِ ما ورد عنهم -رضي اللهُ عنهم- في أمور؛ لكن: القضيَّة ليست بهذه السُّهولة!
السَّلف الصَّالح عندما كانوا يَهجُرون في بعض الأمور؛ أولًا: كانت ظروفهم خيرًا مِن الظُّروف التي نعيشها الآن.
ثانيًا: كان دينُهم وتديُّنهم والتزامُهم أشدَّ وأقوى ممَّا نحن عليه.
ثالثًا: في الغالب؛ يكون ذلك مَبنيًّا على مصلحةٍ راجِحة؛ اليوم أكثر التَّفرُّق والهجر يترتَّب عليه مفسدة راجحة!
نقطة أخرى -وليست الأخيرة-ولا أريد أن أطوِّل-: أنَّ أكثرَ الهجر -أيضًا- كان على قضايا عِلميَّة منهجيَّة كُبرى، ذات تأصيلٍ وأصول، وليست مسائل اجتهاديَّة قد يكون المهجور على صوابٍ أكثر مِن الهاجِر في ذلك.
وï´؟لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌï´¾، واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.

3. السُّؤال:
ما رأيكَ في تفسير «التَّسهيل» لابنِ جُزيٍّ الكلبيِّ؟
الجواب:
الحقيقة؛ تفسيرٌ جيِّد ومُفيد ونافع؛لكن: عليه بعض مُؤاخذات في باب تأويل الصِّفات -مُخالِفًا في ذلك منهج السَّلف-.
فمَن تيقّظ لهذه الجزئيَّة -التي هي شيءٌ مهم-في الحقيقة- يستفيد -إن شاء اللهُ-.
وخيرٌ منه: تفسير الشَّيخ الإمام ابنِ كثير -رحمهُ الله-، والبَغَوي -رحمهُ الله-.
و هنالك تفسيرٌ يَخفى على الكثيرين، وهو -يكاد- يُنافس التَّفسيرَين -المذكورين-آنفًا-، وهو: (تفسير الإمام السَّمعاني)،مطبوع -أظن- في خمسة أو ستَّة مجلدات،كتاب مُهمٌّ -ومُهمٌ جدًّا-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

4. السُّؤال:
ما حكم التَّكبير في السَّماعات، والذِّكر -وما أشبه-؟
الجواب:
الحقيقة.. إذا لم يكن هنالك أمرٌ مُلزِم من الجهات المسؤولة: الأصلُ عدم ذلك؛ لأنَّ الأصلَ في الذِّكر والتَّكبير: هو السِّرُّ.
النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- عندما رأى الصَّحابة يَجهَرون،قال: «إنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا،إنكم تَدْعون إلهًا أقربَ إلى أحدِكم مِن عنق راحلتِه، اربَعُوا على أنفسكم»؛ فهذا هو الأصلُ في الذِّكر..إلا ما ورد النَّص فيه -كالأذان، والتَّلبية، وبعض الأشياء في ذلك-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

5. السُّؤال:
ما حُكم قول: (صَلُّوا في الرِّحال)؟
الجواب:
الحقيقة..كلمة (صلُّوا في الرِّحال) يقولُها المؤذِّن: إمَّا بعد انتهاء الأذان، أو بَدلًا مِن (حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح)،وبعضُ أهل العِلمِ يقول: بعد ذلك؛ فالأمر فيه سَعة -إن شاء اللهُ-.

6. السُّؤال:
هل الكمامة تُغني عن وضعِ اليد على الفم عند التَّثاؤب؟
الجواب:
أصلًا: لا يوجَد دليلٌ على وضع اليد على الفمِ عند التَّثاؤُب؛ لأنَّ الرَّسولَ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- قال: «فلْيَكْظِمْ ما استَطاع» المقصود: كظمُ وكَبت التَّثاؤب -ليس بِوضعِ اليُمنى أو اليُسرى، أو ظاهِر اليد أو باطِن اليد -كما يتساءل بعضُ النَّاس- في ذلك.
هذا هو الجواب -واللهُ أعلم-.
لذلك: إذا كانت الكمامة تستطيع كَبتَ وكتمَ وكظمَ التَّثاؤب؛ تُغني؛ لكن: أنا أظنُّها ليست كذلك. (*)

7. السُّؤال:
في ظلِّ إغلاق المساجد؛ هل مَن وجَدَ ساحةَ مسجدٍ مفتوحةً: له أن يُصلِّي فيها مع الجماعة، أم يُعتَبَر ذلك مخالفة؟
الجواب:
يا إخواني! يا جماعة الخير -كما يقولون-! أصلًا إغلاق المساجد؛ حِرصًا على أن لا يوجدَ اجتماعٌ للنَّاس؛ لأنَّ هذا الوباء، وهذا الفيروس يَنتقل بالاجتماع.
وكُلُّكم يَعرف أحوال العُرس -الذي جرى في بعض محافظات الأردن-، وكيف أثّر هذا العُرسُ تأثيرًا كبيرًا على عدد مِن الحاضِرين -وعدد كبير جدًّا-،و-الحمد لله-الآن- مِن فضل الله؛ الأمور تحت السَّيطرة -كما يُخبر المسؤولون الصِّحِّيُّون في ذلك-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

8. السُّؤال:
هل يصحُّ أن نقول: الْمُباح فِعلُه وتركُه سواء؟
الجواب:
نعم؛ الْمُباح غير الْمُستحبِّ، الْمُباح: إذا فَعلتَه أو تركتَه؛ فهو سَواء -ما لم يترتَّب ضرر-.
يعني: شُربُ الماء والأكل مُباح، تركتَه أو فعلتَه.
لكن؛ بالمقابل: مَن تركَ الطَّعام حتى وقع عليه ضررٌ؛ هذا لا يجوز.. وهكذا.

9. السُّؤال:
هل الذي يموت بسبب الطَّاعون يكون بمنزلةِ -ودرجة- الذين قُتِلوا في الجهاد الشَّرعي؟
الجواب:
...هذا مِن باب الرَّجاء، أمَّا الجَزم؛ فالنَّصُّ وارِدٌ في الطَّاعون -وليس في أيِّ وباء-.
وكلُّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا.
الطَّاعون لا يدخلُ المدينةَ النَّبويَّة؛ بينما الوباءُ يدخُلها، والأوبئة تَدخلها.
هذا تفريقٌ مُهمٌّ أرجو التَّنبُّهَ إليه.

10. السُّؤال:
هنالك مَن يزعُم أنَّ هنالك فَرقًا بين إغلاق المساجد وبين الإغلاق الذي كان في الزَّمن الماضي -أيَّام الأوبئة والطَّواعين-؟
الجواب:
نقول: لا فَرْق، بالعكس؛قد يكون هذا أهمَّ وأَوْلى؛ لأنَّ فيه احتياطًا في أمرٍ راجِح.
أمَّا أن نَقِيسَ الأقيسةَ على الوباء السَّابق؛ ذَكَرْنا -أيضًا- في مجلسٍ قريب-أمسِ، أو أوَّل أمس-: ...أخبرنا النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّه ستوجَد أوبئةٌ لا توجد فيمَن كان قبلكم؛ فكيف نُعامِل الأوبئةَ بِدرجةٍ واحدة وهي مُتفاوتة!؟

11. السُّؤال:
هل في رفعِ الأذان منفعةٌ للنَّاس -مُسلمين، وكفارًا-،وإسماعهم الأذان؟
الجواب:
لا شكَّ -ولا رَيب-؛ الله -سُبحانهُ وتَعالى- لمَّا يَشرع مثلَ هذه الأحكام -في كتابِه، أو على سُنَّة نبيِّه-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؛ ففيها مِن الحِكَم، وفيها مِن الأحكام ما إذا أدركنا بعضَه قد يَفوتُنا بعضٌ آخر.
فلا شكَّ أنَّ في ذلك عِبَرًا -ولا أقول: عبرة واحدة-.

12. السُّؤال:
ما هو أفضلُ كتابٍ عن حياةِ الشَّيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-تعالى-؟
الجواب:
الحقيقة: هنالك عدَّة كتبٍ في ذلك في هذا الموضوع، وهنالك رسائل ماجستير ودكتوراه.
وأنا ألَّفتُ رسالتَين في هذا الموضوع، رسالة بعنوان: «مع محدِّث العصر»، ورسالة بعنوان: «مع شيخِنا ناصر السُّنَّة والدِّين في شهور حياتِه الأخيرة»، وأظنُّ أنَّ فيهما -أعني: هاتَين الرِّسالتَين- ما ليس في غيرِهما، وأرجو الله أن ينفع بهما.
وأمَّا -الحقيقة- أوَّل كتاب -وهو كتاب كبير-في مجلَّدين-أُلِّف في حياة شيخِنا الشَّيخ الألباني-رحمه الله-: هو كتاب الأخ الشَّيخ الفاضل محمَّد بن إبراهيم الشَّيباني الذي عنوانُه: «حياة الألبانيِّ، [وآثارُه]»... هذا كتاب كبير، وفيه فوائد -إن شاء الله-، وإن كان ألِّف قديمًا -قبل أكثر من عشرين سَنة-أو زيادة-حتى-؛ لكن فيه خير، وفيه بركة -إن شاء الله-.

13. السُّؤال:
ما حُكم مَن لم يكن عنده عادة صوم الاثنين والخميس، وبسببِ هذا الحظرِ بدأ الصَّوم، فهل له أن يُكمل الصِّيام إلى آخر شعبان؟
الجواب:
أمَّا النِّصف الأوَّل: فلا بأس في ذلك.
أمَّا النِّصف الثَّاني: فأنا أقول: من باب الأفضليَّة ألَّا يفعل؛ لأنَّه هنالك حديثًا -يُصحِّحه بعضُ أهل العلم، ويَستنبطون منه- أنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- قال: «إذا انتصفَ شعبانُ؛ فلا تَصوموا» ولو مِن ناحية الأولويَّة والأفضليَّة -كما قلنا-، وليس من ناحية التَّحريم، و«خيرُ الهَدي هديُ محمَّد ï·؛».

14. السُّؤال:
عن ابن سِينا؟
الجواب:
ابن سينا شخصيَّة عربيَّة مشهورة، وهو طبيب؛ لكن -للأسف-: كان عنده مِن العقائد الفاسدةِ الشَّيءُ الكثير، فمَن أثنى عليه في طِبِّه؛ لا مانع في ذلك -كما نُثني على أيِّ طبيب-بِغضِّ النَّظر عن دينِه ومذهبِه-ممَّا فعل مِن نفعٍ للبشريَّة-.
أمَّا إشهارُه والثَّناءُ عليه مِن النَّاحية الاعتِقاديَّة؛ فلا -لأنَّ كثيرًا من أهلِ العلم تكلَّموا فيه كلامًا شديدًا وغليظًا -أعني: ابن سِينا-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
ما هو القولُ الفَصل في التَّفريق بين النَّبي والرَّسول؟
الجواب:
ابتداءً: لا يوجد قولٌ فصْل؛ لأنَّ المسألة خلافيَّة كبيرة بين أهل العلم، والحقيقة؛ لا يترتَّب عليها كبيرُ عمل.
نحن مأمورون بِتعظيم الأنبياءِ والرُّسل -جميعًا-، والإيمانِ بالأنبياءِ والرُّسل -جميعًا-، وإيمانُنا بهم على وجهَين:
الوجه الأوَّل: الإيمان الإجمالي بكلِّ نبيٍّ أو رسول أرسلَه الله -سبحانه في عُلاه-.
والنَّوع الثَّاني: الإيمان بمَن ذكرهم اللهُ -تعالى- أو رسولُه ï·؛ مِن أسماء مُعيَّنة في هؤلاء الرُّسُل.
فالإيمان مُجمَل ومفصَّل.

16. السُّؤال:
هل يصحُّ أن يُقال: إنَّ الإمام مسلمًا ليس له الشَّيء الكثير في باب العِلل، بخلافِ الدَّارقُطني؟
الجواب:
الحقيقة؛ مُقارنة الدَّارقُطني بمُسلِم -أو العكس-: مقارنة غير دقيقة، لأنَّ الإمام مُسلمًا -رحمهُ الله- كان له شروطٌ دقيقة وعميقة في أصلِ الرِّواية وصحَّة الرِّواية، فكيف يُقاس عليه كتاب الدَّارقُطني الذي ليس له هذا الشَّرط -ولا يَلزَمُه-أصلًا-، فضلًا أنَّ الإمام مسلِمًا له كتاب اسمُه: «التَّمييز» لم تُطبَع منه إلا قطعة صغيرة تدلُّ على ألمعيَّة كُبرى، فضلًا عن (مُقدِّمته) البديعة التي تكلَّم فيها على فنونٍ في علم الحديث وقواعد مُهمَّة -ومهمَّة جدًّا-في هذا الباب-.
فالقياس ليس بِدَقيق، ولا بِصَحيح -لا مِن حيث الواقع، ولا مِن حيث العلم-.

17. السُّؤال:
هل يُعد هذا الوباءُ طاعونًا -وقد فرَّق ابنُ حجر بين الطَّاعون والوباء-؟
الجواب:
نقول: لا؛ ليس بِطاعون.
هذا وباء، وذَكرنا -مِرارًا-: أنَّ كل طاعونٍ وباء، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا.

18. السُّؤال:
مَن هم الْمُرجِئة؟
الجواب:
الْمُرجِئة فِرقةٌ ضالَّة مُضِلَّة تقول أنَّ الإيمانَ فقط في القلب، وليس للأعمال صِلةٌ بهذا الإيمان -فالفاسِق والطَّائع؛ كلاهُما سواء!-؛ هذا هو الاعتقاد الفاسِد في أصلِ بابِ الإرجاء.
لذلك: نُقِل عن ابن المبارَك والإمام أحمد والبربهاري وغيرهم -من أئمة السُّنة- قال: «مَن قال: (إنَّ الإيمانَ يزيد وينقص)؛ فقد خرج مِن الإرجاء -كلِّه-»، وفي رواية: «مَن قال: (الإيمان يَزيد وينقص)؛ فقد برئَ من الإرجاء».
واليوم صارت كلمةُ الإرجاء تُهمة معلَّبة ومُغلَّفة وجاهزة يُطعن بها أهلُ السُّنَّة -أو بعضُ أهل السُّنَّة- لمجرَّد المخالَفة في مسائل -قد تكون سياسيَّة، وقد تكون حزبيَّة، وقد تكون عِلميَّة-توضع في غير موضعها-.
وأنا كتبتُ -في هذا الباب- كتاباتٍ كثيرة، أسأل اللهَ أن يَنفعَني وإيَّاكم، وأن يَنفع بي وبكم.

19. السُّؤال:
ما نصيحتُكم لطالب العلم الذي يريدُ التخصُّص في الفِقه الحنبلي؟
الجواب:
نصيحتي له: أن لا يُغادرَ كتاب «الشَّرح الْمُمتِع» للشَّيخ ابن عثيمين -رحمهُ الله-؛ فهو كتابٌ في الفِقه الحنبلي مع التَّرجيح بحسبِ الدَّليل، مِن إمامٍ عالِم جليل كبير، نشأ حَنبليًّا، وشَرَحَ كُتبَ الحنابلة -مُعظِّمًا للدَّليل، مُرجِّحًا للدَّليل-.

20. السُّؤال:
هل يُطاع ولاة الأمر في البلاد الغربيَّة الكافرة فيما يكون المصلحة العامَّة -مثل: الحجر الصحِّي ومنع التجمُّعات-؟
الجواب:
نقول: يجب؛ يعني: أنت -الآن- في أمريكا أو في أوروبا -مثلًا- وهنالك قوانين تُنظِّم السَّير والطُّرقات -الإشارات الضوئيَّة: أحمر، أصفر، وأخضر-وما أشبه-، هل يجوز أن تخالفها؟
الجواب: لا يجوز، ليس من ناحية طاعة وليِّ الأمر الطَّاعة الشَّرعيَّة؛ ولكن الطَّاعة المرتبطة بالمصلحة العامَّة -من جهة-مصلحة المجتمع-، والمصلحة الخاصَّة المتعلِّقة بك وما قد يترتَّب عليك مِن مشاكل ومِن بلاء يُصيبُك في هذا الباب إذا خالفتَه؛ فكيف الأمرُ في موضوع الحَجر الصِّحِّي -وما أشبه-!؟

21. السُّؤال:
عن تفسير الشَّيخ وهب الزُّحَيلي -رحمهُ الله-؟
الجواب:
تفسير جيِّد -بالجملة-؛ لكن: فيه ضَعف من جِهة الحديث، وفيه -كذلك- ضَعف مِن جهةِ العقيدة وعدم التَّركيز عليها، وعدم الالتزام بِمنهج السَّلف فيها -بشكل عامٍّ-؛ وإلا: له لَفتات طيِّبة، ويُنتفَع به.
وكنتُ قبل قليل سُئلت عن نحو هذا السُّؤال؛ قلتُ: أنصحُ الجميعَ بثلاثة تفاسير مُهمَّة:
تفسير ابن كثير.
تفسير السَّمعاني.
تفسير البَغوي.

22. السُّؤال:
في ظلِّ هذا الوباء: هنالك مَن لم يَحضر جنازةَ قريب أو صديق -للوَضع، أو لعدم سماع، أو لانعدام النقل-؛ هل له أن يُصلِّي على قبرِه -بعد مدَّة-؟
الجواب:
نقول: نعم، الصَّلاة على القبر -بعد مدَّة-لسببٍ، أو آخر-كما حصل مع النَّبي-عليه الصَّلاة والسَّلام-والسَّوداء التي كانت تقمُّ المسجد-؛ لا بأس في ذلك؛ لكن بِشَرط: أن لا تكون المدَّة طويلة، وبعض أهل العلم قال: (لمدَّة شهر) -الإمام أحمد نُقل عنه أنَّه قال: (لمدَّة شهر)-.
لكن: طالما أنَّ المانع -الآن- هذا الوباء والحَجر الصِّحِّي -وما أشبه-، فـ-إن شاء الله- يَزولُ -سريعًا-، ومَن فعل ذلك؛يُجزِئه -إن شاء الله-؛ بل أقول: قد طبَّق السُّنَّة.
مع التَّنبيه إلى: أنَّ صلاة الجنازة -مِن حيث الوجوب والحكم الشَّرعي: هي فرض كفاية، فإذا قام به البعض؛ سقَط عن الباقين.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

23. السُّؤال:
هل يجوزُ القنوتُ في الصَّلوات الخمس باعتبارِ هذا الوباء من النَّوازل؟
الجواب:
ابتداءً: مسألةُ القُنوت في الصَّلوات الخمس اختلف العلماءُ فيها: هل يُقنَت في الجماعة، أم في الانفراد؟
والرَّاجح: أنَّه يجوز في الجماعة وفي الانفراد -طالما أنَّنا-الآن-في ظروف استثنائيَّة-.
وهذا -أيضًا- مِن دلائل التَّفريق بين الطَّاعون والأوبئة؛ لأنَّ بعض العلماء قالوا: الطَّاعون -بِاعتبارِه شهادة- لا يُدعى بِرَفعِه؛ لكن: الأوبئة الأخرى يُدعى بِرفعِها.
والله -تعالى- أعلى وأعلمُ.

24. السُّؤال:
عن خطبة الجمعة، وأداء الجمعة في البيوت؟
الجواب:
تكلمنا في هذا كثيرًا، وكتبتُ عدَّة تغريدات.
هذا ليس له أصلٌ في السُّنَّة، أنتَ مَعذورٌ؛ فتُصلِّي ظُهرًا؛ كما هو المنقول عن ابن عبَّاس، وعن ابن مسعود، وعن غيرهما من الصَّحابة -رضي الله-تعالى-عنهم-أجمعين-.

25. السُّؤال:
بعض النَّاس يدعو: (اللَّهم! اجبُرنا جَبرًا يَتعجَّب منه أهلُ السَّماء والأرض)؛ هل يُشرع مثل هذا الدُّعاء؟
الجواب:
حتى لو كانت ألفاظُه غير مُخالِفة -بغضِّ النَّظر عن هذا اللَّفظ-؛ أخشى أن يكون هذا مِن الاعتداء في الدُّعاء.
لماذا (يَعْجَبُ) و: (لا يَعْجَب)!
لماذا لا تقول: «اللهمَّ! إنَّك عفوٌّ تحبُّ العفوَ؛ فاعفُ عنَّا»؟
لماذا لا تقول: «اللهمَّ! إنَّا نسألكَ العفوَ والعافية»؟
لماذا نحن نبتعدُ عن الأذكار والأدعية المحمديَّة، ونأتي إلى أشياء نخترعها، ثم نسأل عنها؟!
«خيرُ الهَدي هديُ محمَّد -صلى الله عليه وسلم-؛».
لذلك؛ دائمًا وأبدًا -أيها الإخوة-جميعًا-: ننظر إلى الأمور مِن ناحية منهج السَّلف الصَّالح كيف كانوا يَتقرَّبون إلى الله، وكيف كانوا يتَّبعون سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

26. السُّؤال:
ما رأيُكم في كُتب (ماهِر الفَحْل) و(الميليباري)؟
الجواب:
الحقيقة: كُتب الميليباري في باب التَّفريق بين منهج المتقدِّمين والمتأخِّرين كتب غير جيِّدة، وخلاف ما عليه أئمَّة العلم -عبر القُرون-.
وأمَّا كتب الشيخ ماهر الفحل؛ ففيها نفع -إن شاء الله-، رأيتُ له بعض الكتابات -قديمًا- فيها التَّركيز على مثل هذا الأمر؛ لكن -في السَّنوات الأخيرة-ولله الحمد- ظهر في مُؤلَّفاته وتحقيقاته المنهجُ العلمي المتوارَث المنضبِط، ونرجو اللهَ له التَّوفيق والزِّيادة مِن هذا الفضل الذي أكرمه اللهُ به في الثَّبات على المنهج العلمي المتوارث بين أهل العلم -كابرًا عن كابر-رحمهم الله-تعالى-أجمعين-.

27. السُّؤال:
في مثل هذا الوباء: كيف يُصلَّى على الجنائز؟
الجواب:
يَقصد؛ بِسبب الحَجر الصِّحِّي، ومنع التَّجوُّل -وما أشبه-.
أنا أقول: هذا بابٌ مَبنيٌّ على الحُكم الشَّرعي.
الحُكم الشَّرعيُّ يقول: أنَّ صلاةَ الجنازة فرض كفاية، فإذا صلَّى واحد أو اثنان عليها؛ فهذا يُجزِئ.
فلا نُعطي الأمور -أيها الإخوة الأحبَّة- أكثر مِن حجمها.

28. السُّؤال:
عن (تفسير الشَّيخ السّعدي)؟
الجواب:
(تفسير الشَّيخ السّعدي) مُفيد جدًّا، ونافع جدًّا -خاصَّة لِلمبتدِئين، والمتوسِّطين-، وهو قريبُ التَّناوُل، وقريبُ الأخذ في الفائدة منه -إن شاء اللهُ-تعالى-.

29. السُّؤال:
ما هي كُتب الفتوى التي اعتمد أصحابها على قاعدة (مُراعاة الخِلاف) -في الغالب-؟
الجواب:
موضوع (مُراعاة الخِلاف) له أُصولُه؛ كما قال الشَّاعر:
وليسَ كلُّ خلافٍ جاءَ مُعتبرًا ... إلا خِلافٌ له حظٌّ مِنَ النَّظَرِ
الفقيه هو الذي يُراعي الخِلاف؛ لكن: أيُّ خِلاف؟ الخلافُ المعتبَر، ومراعاتُه للخِلاف لا تَمنعُه مِن أن يقول: (هذا خطأ) و(هذا صواب)، لا تَمنعه مِن أن يقول: (لا أدري) -في بعض الأمور-، لا يمنعُه ذلك من أن يتوقَّف -في بعض الأمور-، أو -حتى- أن يَتوسَّع في بعض الأمور.
فالقولُ بمراعاةِ الخلاف إذا خلا مِن الضَّوابط؛ فإنَّ له مفاسد كثيرة -وكثيرة جدًّا-.

30. السُّؤال:
مَن هم الحنابلة الجُدُد؟
الجواب:
(الحنابلة الجُدُد): مصطلح خرجَ -قريبًا- مِن أناسٍ لم يتعلَّموا المذهب الحنبليَّ مِن علمائه وأئمَّته؛ وإنَّما أخذوه في بعض الجامعات عن بعضِ الشُّيوخ -ممَّن خالفو الإمامَ أحمد في الأصول، ووافقوه في (بعضِ) الفُروع-ولا أقول: في الفروع-، وانتسَبوا إليه نسبةً لا أرى مِن ورائِها إلا الْمُناوأة لعلماءِ الحنابلةِ القائمين بمنهجِ السَّلف والثَّابتين على منهج السَّلف في باب الاعتقاد -عُمومًا-، وفي باب تعظيم الدَّليل دون التَّعصُّب للمذهب -خُصوصًا-.

31. السُّؤال:
هل مَن قال: (إن تارِك الصلاة يُقتل حدًّا) دخلت عليه شُبهة الإرجاء؟
الجواب:
يا إخواني! مسألة تارك الصَّلاة: مسألةٌ خِلافيَّة (كُبرى)..هي مِن مسائل الفِقه وليست من مسائل الاعتقاد؛ إلا مَن قال بأنَّ تارك الصَّلاة والْمُصلِّي سيَّان ما داما مؤمنين في القلوب! هذا هو الإرجاء.
أمَّا حُكم تارك الصَّلاة: كافر أو غير كافر..حُكم تارك الصَّلاة: يُقتَل رِدَّة أو يُقتَل حَدًّا..؛ هذه -كلُّها- من مسائل الفِقه، وليست من مسائل الاعتقاد.

32. السُّؤال:
ما حُكم إغلاقِ المساجد ومنعِ الصَّلاة فيها [جماعةً]؟
الجواب:
هذا حُكم قد اتَّفق عليه ولاةُ الأمور -مِن المسؤولين، ومن العلماء-، وما كان كذلك -مِن باب الحرص على الأمَّة في هذا الوباء الذي ينتشر انتشارًا شديدًا-وشديدًا جدًّا-، وقد أخذنا العبرةَ من البلاد التي لم تُراعي هذا الحالَ، ولم تَحتطْ هذه الاحتياطات، وكيف أنَّ الأموات فيها بالألوف، وانتشار الوباء فيها بمئات الألوف-؛ فحينئذٍ نقول: مَن رأى العبرةَ بِغيرِه؛ فلْيَعتَبِر، و«السَّعيد مَن وُعظ بِغَيرِه» -كما قال الصَّحابيُّ الجليل عبدُ الله بنُ مسعود-.
وهذا الإغلاق لِلمساجد والمنع للجماعات هو شيء مُؤقَّت -إن شاء الله-بسبب الوباء ومُحاصرة الوباء-.
و-إن شاء الله-تعالى- ترجع الأمورُ إلى أفضل ممَّا كانت عليه، وترجع المساجد إلى أهلِها، وأهلُ المساجِد إلى مساجدِهم، ونَرجع لنرى الحرَمَيْن الشَّريفَيْن -بِألَقِهِما، وعَظمَتِهِما، ومَكانتهِما في قلب كلِّ مسلمٍ رَضيَ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دِينًا.
يا إخواني! باب الضَّرورات بابٌ دقيق، وبابٌ مُهمٌّ؛ فلا يجوز لنا أن نتجاوزَه دون علم، ودون معرفة.

33. السُّؤال:
ما نصيحتُكم لنا في هذه الظُّروف؟
الجواب:
أوَّل نصيحة، وأعظم نصيحة: أن تبقَوا في بيوتِكم ولا تخرُجوا؛ إلا لِسببٍ ذي ضرورة أو حاجة.
الأمر الثَّاني: أن تستغلُّوا أوقاتَكم -هذه-في هذه البيوت-؛ بإصلاح أنفسِكم، وتعليمِها، ورعاية الأسرة.
الأمر الثَّالث: أن يكون منكم العناية الصِّحيَّة، والأخذ بالأسباب والاحتياطات.
الأمر الرَّابع: الدُّعاء الدُّعاء، والتَّضرُّع لربِّ الأرض والسَّماء -سبحانه وتعالى-.
هذا -كلُّه-إن شاء الله- ممَّا يجبُ علينا -جميعًا- أن نَتنبَّه إليه، وأن نجتمعَ عليه؛ تعاوُنًا على البِرِّ والتقوى، وتواصيًا بالحق والصَّبر.

34. السُّؤال:
ما هي أهمُّ كتب أصول الفِقه؟
الجواب:
أهمُّ كتابَين في أصول الفِقه: كتاب «البحر المحيط» للزَّركشي، وكتاب «قواطع الأدلَّة» لأبي المظفَّر السَّمعاني، وهما كتابان كبيران؛ لكنَّهما عظيمان وجليلان.
ومما هو أصغر مِن ذلك: كتاب الشَّيخ محمَّد الأمين الشَّنقيطي «المذكَّرة»، وهو -أيضًا- فيه نفعٌ كبير -إن شاء الله-تعالى-.

35. السُّؤال:
ما رأيُكم في كتبِ الشَّيخ محمَّد علي فركوس؟
الجواب:
الشَّيخ محمَّد علي فركوس مِن أهل العلم، ومِن أهل السُّنَّة -ولا نُزكِّيه على الله-، ونَفَع اللهُ -تعالى- به كثيرًا، وإن كان لنا عليه ملاحظة: أن يَرجِعَ عَهْدَه الأوَّل الذي يَنشغلُ فيه بِالعلمِ، ويَشغَل فيه طُلابَه وأبناءَه بِالعلم دون الدُّخول في باب الهجر، والتَّبديع، والتَّفريق الذي عانى منه المسلمون -عُمومًا-، والسَّلفيُّون -خُصوصًا- ما عانَوا.
وإنِّي على يقين: لو أنَّ أخانا الفاضل الكبير الشَّيخ فركوس تَبِع هذه النَّصيحةَ مِن أخيه؛ فإنَّه -إن شاء الله- يَنفع اللهُ به نفعًا عظيمًا، وسيرى غِبَّ هذا الصَّنيع منه أثرًا إيجابيًّا مبارَكًا في دعوته، وفي منهجه، وفي بلادِه؛ بل في بلاد المسلمين -إن شاء الله-تعالى-.

36. السُّؤال:
ما حُكم الشَّرع في القول: (مَثواه الأخير)؟
الجواب:
المثوى الأخير ليس هو القبر، المثوى الأخير: إمَّا جنَّة وإما نار -نسأل الله لنا ولكم الجنَّة، ونعوذُ به-سبحانهُ-من النَّار-.
لكن؛ أنبِّه على كلمة (مَثواه): فقد انتشر -عبر وسائل التَّواصل الاجتماعي- أنَّ كلمة (مَثْوى) المقصود فيها كذا وكذا -غير كلمة (مأوى)-؛ هذا -كلُّه- استعمالات لُغَوِيَّة، وكلمة (الْمَثوى) معنى لُغَوي ليس له تَعلُّق بالنَّار -فقط-كما قال ذلك الْمُدَّعي-!
وأنا كنتُ قد كتبتُ تغريدة في هذا الموضوع.



______________
(*) في بداية اللِّقاء الرَّابع تفصيل وبيان لهذه المسألة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-26-2021, 04:14 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللقاء الرَّابع
(12 شعبان 1441)






[توضيح من الشَّيخ -رحمه الله- على مسألة التَّثاؤب التي وردت في اللقاء الثَّالث -سؤال (6)-:]
قال الشَّيخ -رحمه الله-:
أحببتُ أنْ أقرأَ -على إخواني الأفاضِلِ- مسألةً كُنَّا قد تكلَّمنا فيها -أمسِ-؛ وهي متعلِّقةٌ بمسألةِ (التَّثاؤُب).
ومسألةُ (التَّثاؤب) ورَد السُّؤالُ فيها -أمسِ- علَى موضوعِ اليَدِ، ووضْعِ اليدِ والكَظْمِ، وأيُّها الأفضلُ؟
فأذكُرُ ما استفدتُّه -قديمًا-، وأشرتُ إليه -أمسِ-، وذكَّرني به بعضُ الإخوةِ -اليومَ-:
فقد روَى الإمامُ البُخاريُّ ومُسلمٌ في «صحيحَيْهما»: عن أبي هريرةَ -رضي الله-تعالى-عنه-، عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، ويَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، فَحَمِدَ اللهَ؛ فَحَقٌّ على كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَن يُشمِّتَهُ، وأَمَّا التَّثَاؤُبُ؛ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فإذا قَالَ: هَا؛ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ»، وعند مُسلمٍ: عن أبي سَعيدٍ الخدْرِيِّ قالَ: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ»، وفي لفظٍ -عند مُسلمٍ-أيضًا-: قال: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ في الصَّلاةِ؛ فَلْيَكْظِم مَا اسْتَطَاعَ».
قال الإمامُ ابنُ عَلَّان -رحمه الله- في «دليل الفالحين شرح رياض الصَّالحين»: «قولُه: «مَا اسْتَطَاعَ»؛ أي: قَدْرَ استطاعتِه، وذلك بإطباقِ فَمِهِ، فإن لم يندفعْ بذلك؛ فبوَضْعِ اليَدِ عَليهِ».
فوَضْعُ اليَدِ وارِدٌ؛ لكنَّه ليسَ هو الأصلَ، وليسَ هو شيئًا مفروضًا، فَضلًا عن أَنْ يُقالَ: اليَد اليُمنَى، أو اليَد اليُسرى، أو يُقال: ظاهِر اليَدِ، أو باطِن اليَدِ؛ هذا -كُلُّه- غيرُ وارِدٍ في النُّصوصِ.
هذا ما أحببتُ أن أبيِّنَه في هذا الباب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

1. السُّؤال:
ما هو قولُكم في الشَّيخِ الحازِميِّ؟
الجواب:
الشَّيخ الحازميُّ أنا لا أعرفُه -شخصيًّا-؛ ولكنْ: رأيتُ له بعضَ الشُّروحِ، وهو في بابِ اللُّغة العربيَّة قويٌّ -جِدًّا-؛ لكنَّه -للأسف الشَّديد- دخَل أبوابًا لا تَصْلُحُ ولا تُصْلِحُ؛ وهي: أبواب الغُلُوّ في التَّكفيرِ -وما إليه-.
ولذلك -مِن بابِ الأمانةِ والدِّيانةِ-: أنا أنصَح بعدَمِ الاستفادةِ منه، وما كان عِنده مِن خَيْرٍ في اللُّغةِ؛ فأهلُ العِلمِ في اللُّغةِ -ولله الحمدُ- كثيرونَ.
نقولُ هذا، ونحنُ نعلَمُ أنَّ مِنَ الناسِ مَنْ هو مُتعاطِفٌ معه؛ ولكن: الحقُّ -عندنا- أَغْلَى، وأَمَلُنا باللهِ أنْ يرجِعَ إلى الحقِّ، وأن يكونَ مع أهلِ الحقِّ -في ذلك-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

2. السُّؤال:
هل ممكن تعليق على قضيَّة منتشرة في (الفيسبوك)، وهي: حديث في أقلَّ مِن ثلاثين ثانيةً، يقوم بها الإخوةُ، ويقومون بدعوة الآخرين؟
الجواب:
المقصود بالثّلاثين ثانية: أن يكونَ -هنالك- حديثٌ قصيرٌ، حديثٌ مختصَرٌ -والعلماءُ ألَّفوا في الأحاديثِ القِصارِ-؛ فلا مانع؛ إذا الأحاديثُ الطَّويلةُ قد تصعُب على بعض النَّاسِ، أو أوقاتُهم قد لا تُسعِفهم؛ فلا مانعَ من ذلك.
..إذا كان السُّؤال كما فهمتُه؛ فهذا هو الجوابُ.

3. السُّؤال:
هل المأمومُ أو المنفرِدُ يؤمِّنُ في الصَّلاةِ السِّرِّيَّةِ؟
الجواب:
كيف يؤمِّنُ في الصَّلاةِ السِّرِّيَّةِ؟!
...«إذا كَبَّرَ؛ فكَبِّرُوا، وإذا قَرَأَ؛ فأَنصِتُوا».
طالما أنَّه صلاة سرِّيَّة؛ لا يسمع (الفاتحةَ)، فضلًا عن التَّأمينِ -وراءها-.
إلَّا إذا قصد الأخ السَّائل التّأمين في القنوتِ، نعم؛ التَّأمين في القنوت: إذا جهَر الإمامُ أو المنفردُ في القنوتِ -قنوت النَّوازل-؛ فإنَّ التَّأمينَ تابِعٌ للقُنوتِ؛ فلا إشكالَ في ذلك -إن شاء الله-.

4. السُّؤال:
اليومَ شاهدنا (فيديو) لرَجُلٍ ينتسبُ للتَّفسيرِ، يرُدُّ (حديثَ الافتراقِ) -بعَقلِه-، وأنَّه مخالفٌ لصريحِ القرآنِ، ويقول: إنَّه ظَنِّيٌّ -وليس بقَطْعيٍّ-، ويخالفُ قَطْعيَّاتِ القُرآنِ... إلخ!
الجواب:
هذا كلامٌ تافِهٌ، كلامٌ ليس بعِلْمِيٍّ، وليس بمنهجيٍّ، وهذا -الَّذي أشار إليه الأخُ السَّائلُ- سمعنا له -منذُ سنَواتٍ- هذا المنهجَ؛ لكن -الآن- زمان (وسائل التَّواصل الاجتماعيّ) -للأسف الشَّديد!- كما أقولُ -دائمًا-: جعلتْ للأخرسِ لسانَينِ، وللمشلولِ ثلاثةَ أرجُلٍ! -وللأسَفِ!-، لولا (وسائل التّواصل الاجتماعيّ)؛ ما عُرِفَ هذا القائلُ بهذه الانحرافاتِ، ولَبَقِيَتْ مكتومةً ومكبوتةً -في صَدرِه وقَلبِه-؛ لكنْ: شاء اللهُ -سبحانه- لَه أن يَعرفَ النَّاسُ حقيقةَ ما هو عليه من هذا الضَّلالِ العَريضِ -نسأل اللهَ-تعالى- العافيةَ-.
وليس الأمرُ واقفًا عند هذا الحديثِ، هذا الحديثُ في خارج «الصَّحيحين»، هنالك أحاديثُ كثيرةٌ وعقائديَّة -وهي في «الصَّحيحين»-اللَّذَيْن هما أصحُّ كتبٍ بعد كتابِ الله-عزَّ وجلَّ- ويرُدُّها! وأنا رأيتُ بعضَ (فيديوهاته) يردُّها ارتجالًا! يعني: يَرِد السُّؤال و يَرُدُّه في التَّوِّ -في نفس اللَّحظةِ-! هل هذا هو العلم؟! هل العِلم ارتجاليٌّ؟! العِلمُ ليس ارتجاليًّا، العِلمُ أمانةٌ ودِيانةٌ، العِلمُ ليس تحكيمًا للعُقولِ، عَقْلي غيرُ عقلكَ غيرُ عَقلِ الثَّالثِ، العُقولُ تتفاوتُ، والعِلمُ حاكمٌ ليس بمحكومٍ، فهذا كلامٌ فارغٌ!
أمَّا قولُه: ظَنِّيّ وقَطْعيّ؛ فنحنُ نقول له: ماضابط الظَّنِّيّ والقَطْعيّ عندَكَ؟ وكيف تُميِّزهما؟ وأنا علَى يقين أنَّه لن يستطيعَ أن يأتيَ بضابطٍ، وهذه حجَّةٌ لا يُستطاعُ رَدُّها.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

5. السُّؤال:
صيام يوم الخميس يكون خمسة عشر مِن شعبان؛ هل يجوزُ صيامُه؟
الجواب:
لا بأس -إن شاء الله-، ما دام قبلَ النِّصفِ، وأشرنا -أمس- حتَّى بعد النِّصفِ.
بعضُ العلماءِ يشدِّدون، وعلماءُ آخرون يقولون: هذا من باب كراهةِ التّنزيهِ.
والله -تعالى- أعلم.

6. السُّؤال:
مَن كان جُنُبًا فتيمَّمَ لمرضٍ مُزْمِنٍ به؛ هل يتوضَّأ للصَّلاةِ، أم يبقَى يستعمل التَّيمُّم؟
الجواب:
بحَسَبِ القُدرةِ؛ إذا كان قادِرًا علَى الوُضوءِ أو الاغتِسالِ؛ فيجبُ عليه أَنْ يتوضَّأَ وأن يغتسلَ، فإذا لا يستطيعُ -حتَّى مع وُجودِ الماءِ- وقد يترتَّبُ عليه مَرَضٌ -في ذلك-؛ فحينئذٍ -كما قُلنا- يجوزُ له التَّيمُّم.

7. السُّؤال:
ما الفَرقُ بين منهجِ المُحَدِّثين قديمًا وحديثًا؟
الجواب:
نحنُ ذكرنا أنَّ منهجَ المُحدِّثين مُتوارَثٌ؛ لكنْ: تختلفُ طرائقُ العُلماءِ واجتهاداتُهم، وقَدْ يدَّخِرُ اللهُ للمتأخِّرِ ما ليس للمُتقدِّمِ، معَ أنَّ ضابطَ التَّأخُّر والتَّقدُّمِ ضابطٌ غيرُ موجودٍ -أصلًا-، وهو لا يُستطاعُ تحديدُه بمدَّةٍ زمنيَّةٍ، أو حتَّى بطريقةٍ منهجيَّةٍ، العِبرةُ في علمِ الحديثِ بالدَّليلِ.
مُخالفة المتقدِّمِ تحتاجُ إلى التَّأنِّي، وتحتاجُ إلى طُولِ النَّفَسِ، وتحتاج إلَى عدَمِ الاستعجالِ، هذا لا شكَّ -ولا رَيْبَ-؛ لأنَّ المتقدِّمين كانوا أَوسعَ حِفْظًا ودِرايةً -وما أَشبهَ ذلكَ-.
لكنْ -بالمقابلِ-: لا نَهْدُرُ -أو لا نُهدِرُ- جُهودَ المتأخِّرين -مِن أهل العِلمِ-، وهم حُفَّاظٌ، وصلَنا العِلمُ -كلُّه- عن طريقِهم -رحمهم الله- بالتَّوارُثِ -جِيلًا فجِيلًا-، والنَّبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقولُ: «يَحْمِلُ هذا العِلْمَ مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ»؛ فهؤلاء عُدول الأُمَّةِ.
بينما -اليوم- نرَى بعضَ النَّاس -للأسفِ الشَّديدِ!- ينقُضونَ المتأخِّرينَ؛ يقول: هؤلاء عُلَماء وأئمَّة؛ لكنْ: منهجُهم مُخالِف!
هل تعتبرون منهجَهم؟ منهجُهم غيرُ معتبَر!
هذا -الحقيقة- يُذكِّرُنا بتلك القصَّة الَّتي كان شيخُنا الشَّيخُ الألبانيُّ -رحمه الله- يقصُّها علينا، عندما قالَ: (كَفَرَ الشَّيخُ -رضي الله عنه-)!!
وهكذا.. هو يقول: هؤلاء علماء؛ لكنَّنا لا نعتبرُهم، ولا نقيمُ لهم وزنًا!! نسأل الله العافيةَ.
قد يأتون بعباراتٍ جذَّابةٍ؛ لكنَّها -في نهايةِ الأَمْرِ- تنقُضُ أقوالَ العُلماءِ المتأخِّرينَ -جُملةً- فيما خالفوا فيه المتقدِّمين.

8. السُّؤال:
ما حكمُ القنوتِ في البَيتِ -بعد صلاة الفريضةِ- لأجلِ نازلةِ الوَباءِ؟
الجواب:
لا مانعَ مِن ذلك.
بعضُ العلماءِ منَعَ؛ لكنْ: أكثرُ المانِعين كان كلامُهم عن الطَّاعونِ، والطَّاعونُ له خصوصيَّة، أمَّا مثلُ هذا الوَباء -نسألُ اللهَ العافية-الَّذي لا يُعرف له شَبيهٌ في تاريخ الإنسانيَّة-؛ فهذا أمرٌ آخَرُ.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

9. السُّؤال:
ماذا تقولُ في الشَّيخ أبي سعيد الجزائريِّ؟ هل تنصَحني بالاستفادةِ منه؟
الجواب:
الشيخ أبو سعيدٍ رجلٌ من أهل العِلمِ والفَضلِ -ولا نزكِّيه على الله-، وأنصَح بالاستفادةِ منه، والانتفاعِ بمجالسِه ودروسِه، واللهُ الموفِّق لنا ولكم وله -أجمعين-.

10. السُّؤال:
تضعيف بعض المفسِّرين المعاصرين لأحاديثَ في «الصحيحين»؟
الجواب:
تكلَّمنا في ذلك وكتبْنا، والهادي هو اللهُ.

11. السُّؤال:
قولُ: (بلى)، أو: الاستغفار -ومثله- عند تلاوة بعض آيات القرآن الكريم؛ هل هو سُنَّةٌ في حقِّ الإمامِ والمأمومِ؟
الجواب:
نعم؛ لكنَّ القَدْر المُتَّفَق عليه أنَّ ذلك في صلاةِ القيامِ، أو في صلاةِ النَّوافلِ.
أمَّا في الفَريضةِ؛ فالأصلُ الوُقوفُ عند النَّصِّ.
أمَّا التَّوسُّعُ في الاستغفارِ والاستعاذةِ ودُعاءِ ربِّ العالمينَ؛ هذا في صَلاةِ القِيامِ، في صَلاةِ اللَّيلِ -وما أَشْبهَ ذلك-.

12. السُّؤال:
كلمة -لبعضِ الإخوةِ- في قَسوةِ المعاملةِ مع مَن يُخالفُه -بفِكرةٍ من الأُمور العاديَّةِ-.
الجواب:
هذا ليس من أخلاقِ طُلَّابِ العِلمِ، وليس مِن مسالكِ العُلماءِ الَّذين نتشبَّهُ بهم، ونترقَّبُ تحرُّكاتِهم وسَكَناتِهم -رحمهم الله -تعالى-.
يجبُ أن تتَّسعَ قُلوبُنا للمُخالِف -إذا كانت مخالفتُه في قضيَّةٍ اجتهاديَّة مُعتبَرةٍ-، وعلينا بحُسْنِ الـخُلُقِ في هذا -كُلِّه-، أمَّا العُنفُ والغِلظةُ؛ هذا ليس من الأخلاقِ النَّبويَّةِ، وليست من أخلاقِ وَرَثةِ الأنبياءِ -الَّذين هم العُلماءُ-.
وأنا أُذكِّرُ السَّائلَ -والمسؤول عنه- بقولِ النَّبيِّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

13. السُّؤال:
ما حكم بيع وشِراء (البَراويزِ) لتزيينِ البيتِ؟
الجواب:
إذا لم تكنْ باهظةَ الثَّمَنِ -فـ«إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الـجَمَالَ»-؛ لا مانعَ، والجمالُ قضيَّةٌ نسبيَّةٌ، و(البَراويز) أمرٌ من المباحاتِ؛ مَن فعلَه -دون إسرافٍ وتبذيرٍ-؛ لا بأسَ -في ذلك-.
أمَّا بعضُ النَّاس قد يشتري (البَراويز) بالأموال الكثيرة؛ هذا لا يجوزُ.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

14. السُّؤال:
هل يكون الاغتسالُ واجبًا ونحن -في ظروفِنا- لا نُصلِّي الجمعة؟
الجواب:
أشرنا -في مجلس أمس- أنَّ اغتسال الجمعةِ لمن أتى الجمعةَ؛ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «مَنْ أَتَى الجمعةَ فَلْيَغْتَسِلْ».
فأمَّا مَن لم يأتِ الجمعةَ -كالنِّساء أو المرضى أو المعذورين-؛ فهذا لا يدخل في هذا البابِ.
واللهُ -تعالى- أعلَمُ.

15.السُّؤال:
قال الرَّسول -ﷺ-: «مَن قَامَ بِمِئةِ آيةٍ؛ كُتِبَ مِنَ القانِتِينَ»؛ هل المقصود في ليلةٍ؟
الجواب:
نقول: نعم؛ المقصود في ليلةٍ، والقنوتُ هو طُول القِيامِ -كما صحَّ عن النَّبيِّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، أمَّا هل يقسمُ المئة آية على عشرةِ أيَّام -مثلًا- أو على مئةِ يومٍ؛ ليس هذا هو المقصود.

16.السُّؤال:
«خَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»؛ ما المقصود بهذا الحديث؟
الجواب:
الحديثُ واضحُ الدّلالةِ على أنه حضٌّ على التَّوبةِ، وليس حضًّا على الخطأ؛ لأنَّ الخطأَ شيء جِبِلِّيٌّ في الإنسان، «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ» -نفس الحديث في جملته الأولى- «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ»؛ لكن: فرقٌ بين الَّذي يُخطئ ويُصِرُّ على أخطائه، وبين المخطئ الَّذي يرجع إلى الله، و يتراجَع عن ذنبِه، ويتوب إلى بارئِه -سُبحانهُ وتَعالى-.

17. السُّؤال:
هل مِن كتابٍ -كرَدٍّ عِلميٍّ- في الدِّفاع عن «الصَّحيحين»؟
الجواب:
يوجد كتاباتٌ كثيرة -وكثيرة جِدًّا- في الدِّفاع عن «الصَّحيحين»، وطُبع كتابٌ -قريبًا- لعلَّه في ألفيْ صفحةٍ- في ثلاث مجلَّداتٍ- بعنوان «الكتابات المعاصرة حول (الصَّحيحين)» -أو بهذا المعنى-، وهو كتابٌ جميلٌ -جِدًّا-.
وهنالك كتاب «مكانة الصَّحيحين» للشيخ مُلّا خاطِر -أيضًا- فيه منفعةٌ كبيرةٌ -إن شاء اللهُ-.

18. السُّؤال:
كيف ننتفع بهذا الحَجْرِ المنزليِّ؟
الجواب:
الـحَجْر المنزليُّ طالما أنَّه شيءٌ واقعٌ -ولا بُدَّ- ذكرنا -أمس- أنَّ الانتفاع به يكون باستغلال الأوقاتِ، وبالحرص على الأسرةِ، وبالتزامِ الأذكارِ والدُّعاءِ.
وكلُّ ما يقرّبك إلى الله، وينفعك في دينك ودُنياك وعاقبةِ أمرِكَ: هو -إن شاء الله- شيءٌ حسَنٌ -جدًّا-.

19. السُّؤال:
ما أفضل طريقة للتدرُّج بالفقهِ: على مذهبٍ معيَّنٍ، أم فِقه الدَّليل؟
الجواب:
من الأخطاء الشَّائعة الَّتي تُؤخَذُ علَى الدَّعوةِ السَّلفيَّةِ -وليست كذلك-: أنَّهم يُحرِّمون -أو يمنَعون- التَّمَذْهُبَ؛ هذا غير صحيحٍ.
ولكنْ: نحن نُحرِّمُ التَّعصُّبَ المذهبيَّ، واتِّخاذَ المذهبِ دِينًا؛ بحيث يكونُ الدِّفاعُ عن المذهبِ أكثرَ من الدِّفاعِ عن الدليلِ!
أمَّا إذا تَمَذْهَبْتَ -على أيِّ مذهبٍ- على يَدَيْ أهلِ العِلمِ المعظِّمين للأدلَّةِ؛ حينئذٍ نقولُ: لا بأس في ذلك؛ بل أنت مأجورٌ.
لا فرقَ بين أنْ تقرأَ الفِقهَ على طريقةِ الإمام الشَّافعيِّ أو النَّوَوِيِّ أو أبي شُجاعٍ أو الـخِرَقِيِّ أو ابن قُدامةَ، وبين أن تقرأَ الفِقهَ على طريقة الشَّوكانيِّ أو ابنِ القَيِّمِ، أو مذهب الإمامِ البُخاريِّ -مذهب أهل الحديثِ- أو غير ذلك.
العِبرةُ بتعظيم الدَّليلِ، حيث يأخذُك الدَّليلُ؛ تذهَب، لا أن تُحرِّف الدَّليلَ، وأنْ تَرُدَّه، أو أنْ تُؤَوِّلَهُ -أو تُعطِّلَه- مِن أجلِ موافقةِ المذهبِ -كما يحدُثُ -للأسف الشديدِ!-.

20. السُّؤال:
ما حكم من يقولُ: أخرجَنا اللهُ مِن بُيوتِه عن المساجِد؛ لأنه غاضبٌ علينا؟
الجواب:
أخشَى أن يكونَ هذا من التَّألِّي على اللهِ.
نُحسِّنُ الظَّنَّ برَبِّ العالمين، ونقول: اللهُ له حِكمٌ بالغةٌ؛ لكنْ: أنْ نَضَعَ -أو أن نُعيِّنَ- حكمةً في أمرٍ غَيْبِيٍّ -لا نعلَمُه-؛ هذا ممَّا لا ينبغي -ولا يجوزُ- بأيِّ حالٍ من الأحوالِ-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

21. السُّؤال:
هل حُبُّ السَّلفِ وأهلِ العقيدةِ الصَّحيحةِ فيه أجرٌ؟
الجواب:
نقول: بَلَى؛ النَّبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقولُ: «يُحْشَرُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»، والصَّحابة كانوا يقولون: أنا أُحبُّ رسولَ اللهِ، وأحبُّ أبا بَكْرٍ، وأُحِبُّ عُمَرَ، ونحنُ نحبُّهم.
أهلُ الحديثِ هُمُ أَهْلُ النَّبيِّ وإِنْ ... لَمْ يَصْحَبُوا نَفْسَهُ أَنفَاسَهُ صَحِبُوا
نحن نرجو اللهَ أن يحشُرَنا مع أهلِ الحديثِ، وأئمَّةِ العلمِ، والفقهاءِ؛ الَّذين عظَّموا هذا العِلمَ -لوَجهِ الله -تبارك وتعالى-، سائلين اللهَ أن نكونَ على طريقِهم.

22. السُّؤال:
ما وَجه الجمعِ بين حديث السَّمع والطَّاعة للحاكم الظَّالم، وحديث: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ؛ فَهو شَهيدٌ» -إذا كان آخِذُ المالِ حاكمًا ظالمًا-؟
الجواب:
الحاكمُ الظَّالمُ إذا أخَذَ مالَكَ؛ فلْتَصْبِرْ -كما في «صحيح مسلم»-، و إذا وُجِدَتْ أساليبُ رسميَّة -أو طُرُق قانونيَّة- تستردُّ بها حقَّكَ؛ لا مانعَ؛ لكنْ: لا يصلحُ لكَ إلَّا الصَّبر -«وإنْ أَخَذَ مَالَكَ، وَجَلَدَ ظَهْرَكَ» -بنصِّ الحديثِ الَّذي رواه الإمامُ مسلمٌ في «صحيحه»-.

23.السُّؤال:
ما الرَّاجح -عندكم- في آخِر وَقتِ العِشاءِ؟
الجواب:
آخِرُ وَقتِ العِشاءِ: منتصَفُ اللَّيلِ.
ومُنتصفُ اللَّيلِ: هو منتصَفُ المسافةِ الزَّمَانِيَّةِ بين المغربِ والفَجرِ؛ قد يكون في الثَّانية عشر، قد يكون قبل، قد يكون بعد؛ فليس -كما هو شائع في أذهان النَّاسِ- أنَّ منتصفَ اللَّيلِ: هو السَّاعة الثانية عشرة! هذا غير صحيحٍ.
لكنْ؛ بعض العُلماء يقولُ: إذا اضُطرَّ الإنسان: إلى ثُلث اللَّيل الآخِر؛ لكن: هذا وقتُ الضَّرورة -والاضطرارِ-، أمَّا الوَقتُ الأَصْليُّ -الَّذي يجب أن يحرص عليه كلُّ مسلمٍ-: هو منتصف اللَّيلِ -لا زيادة-، والرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي؛ لَأَمَرْتُهُم بتأخِيرِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيلِ» -بنصِّ الحديثِ-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

24. السُّؤال:
ما حكم الصَّلاة بالكمامةِ؟
الجواب:
الآن معظم الصَّلَواتِ في البيوتِ؛ وبالتَّالي: ما فائدة الكمامةِ في الصَّلاةِ؟!
لو وُجدت بعض المساجِد -إلى الآن- تُقام فيها الجماعةُ، وخشي الإنسانُ على نفسه؛ فنحن نقول: لا بأس للضَّرورةِ، أو للحاجةِ، والحاجاتُ تُنزَّلُ منزلةَ الضَّروراتِ.

25. السُّؤال:
هل يجوز إعطاء الزَّكاة لموظَّفي الشَّركة؟
الجواب:
إذا كانوا فقراءَ؛ يجوز إعطاؤهم الزَّكاةَ، بشرط أن يُقالَ لهم: هذا زكاة؛ حتَّى لا يُظنَّ أنَّ ذلك هِبة أو مِنحة أو مُساعدة أو عِيديَّة، هذا -كلّه- من الأمورِ المستحبَّة؛ بينما الزَّكاةُ أمرٌ واجِبٌ؛ لذلك: يجب التَّفريقُ بين الأمرينِ.

26. السُّؤال:
هنالك مَن يتَّهمُكَ بالقَوْلِ بـ(وحدة الأديانِ).
الجواب:
نعوذ بالله من الضَّلال وأهل الضَّلالِ!
هذه فِرية مضَى عليها سنواتٌ -ولا تزال تتكرَّرُ-!
والَّذين يُكرِّرونها كالتَّاجِر المفْلِسِ؛ ينظرون إلى الدَّفاترِ القديمةِ -وللأسف الشَّديدِ!-.
يا إخواننا! يا أحبَّاءَنا!
نحنُ لا نُجيزُ التَّقارُبَ بين الفِرَقِ والأحزابِ والجماعاتِ الإسلاميَّة؛ فهل الَّذي لا يُجيز هذا: يُجيزُ التَّوحيدَ بين الأديانِ؟! والتَّساويَ بين الكفر والإيمان؟!
هذا كلامٌ لا يُعقَل -ولا يُقبَلُ-بأيِّ حالٍ من الأحوالِ-!
لكن: الظُّلم ظُلُماتٌ، واللهُ -تعالى- يقولُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، واللهُ -عزَّ وجلَّ- يقول: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.
واللهُ الهادي إلى سَواء السَّبيلِ.

27. السُّؤال:
هل ورد عن الرَّسول -ﷺ- أنَّه صلَّى أربعَ رَكَعاتٍ قَبلَ الظّهرِ وأربعَ رَكَعاتٍ بعدَها؟
الجواب:
نعم؛ ورد هذا وصحَّ عن النَّبيِّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-.
لكنَّ الَّذي يجب أن ننبِّهَ إليه: أنَّها اثنتان اثنتان، وليست أربعًا متتالية؛ الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: «صَلَاةُ اللَّيْلِ والنَّهارِ مَثْنَى مَثْنَى».

28. السُّؤال:
مَن جَلَسَ بَعدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمسُ في بيتِه؛ هل هو مثل المسجِد -له حَجَّةٌ تامَّة-؟
الجواب:
نرجو اللهَ -الأملُ باللهِ كبيرٌ-؛ لأنَّ الَّذي مُنِعَ عن المسجِد -وهو حريصٌ عليه- يكتب الله -تعالى- له الأجر؛ كما في حديث النّبيّ -صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم-: «إنَّ العَبْدَ إذا مَرِضَ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كانَ يَعْمَلُ وَهوَ صَحيحٌ مُقِيمٌ».

29.السُّؤال:
في ظلِّ هذا الحظْر -والصَّلاة في البيتِ- كيف يكونُ -الآن- الدُّعاء بين الأذان والإقامة؟
الجواب:
أنتَ تصلِّي في بيتكَ، وتُقيمُ الصَّلاة؛ بين الأذانِ -الَّذي تسمعُه في المساجدِ، أو الَّذي أنتَ تُؤذِّنُه- وبين الإقامةِ الَّتي تُقيمُها: ادعُ اللهَ بما شئتَ -لا إشكال-؛ ليس لازمًا- فقط- الإقامة -إقامة المسجدِ-.

30. السُّؤال:
ما هو منهج أهل السنَّة والجماعة في الإنكار علَى وُلاة الأمُورِ؟ وهل مِن كتابٍ تنصَحوننا به؟
الجواب:
نعم؛ هنالك كتاب «معاملة الحكَّام في ضوء الكتاب والسُّنَّة» للشَّيخ عبد السَّلام بن برجس آل عبد الكريم -رحمه الله -تعالى-؛ مِن أجملِ الكُتُبِ الَّتي جَمَعَتْ أجملَ النُّصوص في هذا البابِ.

31. السُّؤال:
هل يجوزُ لي إذا سافرتُ ثلاثةَ فراسخ أنْ أقصُر-وإن كان في عُرفِنا أكثر من ستين كيلومتر ليس سَفرًا-؟
الجواب:
العُرْفُ هو الَّذي يحدِّد السَّفَرَ، بغَضِّ النّظَرِ عن العددِ -سواء ثلاثة فراسخ، ستين كيلومتر، ثمانين كيلومتر، أقلّ، أكثر- ما تعارف النَّاس عليه -في البيئة الَّتي أنت فيها، في الزَّمان الَّذي أنت فيه، في الظَّرْفِ الّذي أنت فيه- هو الَّذي يَحكمُكَ أنَّكَ مسافِرٌ أو غيرُ مُسافِرٍ.

32. السُّؤال:
هل يجوزُ للدَّاعي أن يَرُدَّ علَى سؤالٍ من فَتاةٍ -على الخاصِّ-؟
الجواب:
إذا أَمِنَ على نَفْسِه الفِتنةَ، وبالضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ؛ لا بأسَ، وإذا خَشِيَ على نفسِه؛ فإيَّاه وإيَّاها.

33. السُّؤال:
هل يجوزُ إمامةُ الصَّبيِّ في المنزلِ علَى والدِه -وهو عمره ثمانيةُ أعوامٍ-؟
الجواب:
ليست العِبرةُ في عُمرِه؛ العِبرةُ في إتقانِه الصَّلاةَ والقِراءةَ، ومعرفةِ أحكام الطَّهارةِ، فإذا عرف ذلك؛ يجوزُ، لا مانِع.

34.السُّؤال:
هل تغطية الرَّأس في الصَّلاةِ -وخارجَها- سُنَّةٌ أم عادةٌ؟
الجواب:
نقول: بَلْ سُنَّةٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- واظَبَ على ذلك، ولَمْ يُنقَلْ عنه -قَطُّ- أنَّه صلَّى بغير غِطاءِ رَأْسٍ؛ إلَّا في حديثٍ ضعيفٍ: أنَّه صلَّى بغيرِ عِمامةٍ، وقد وضَع عِمامتَه سُترةً بين يَديهِ، وفي الحجِّ -حيثُ لا يلبس الرَّجلُ إلَّا الإزارَ والرِّداءَ- فإذا صلَّى؛ فهو معذورٌ، أمَّا غيرُ ذلك؛ فالأمرُ ما قلتُه لكم.

35. السُّؤال:
إذا صلَّى الإمام جالسًا؟
الجواب:
إذا صلَّى الإمام جالسًا؛ اختلَفَ العُلماءُ: هل يُصلِّي المأمومون جالسينَ؟ أم يصلُّون قائمين؟ والمسألةُ محتملةٌ.
في الحقيقة: أنا قرأتُ الأدلَّة في هذا البابِ؛ الأدلَّةُ متقاربةٌ، وليس عندي ترجيحٌ، وإن كان ترجيحُ شيخِنا الشَّيخ الألبانيِّ -رحمه الله- أنَّه يُصلِّي بصَلاةِ إمامِه؛ إذا صلَّى قائمًا؛ يصلِّي قائمًا، وإذا صلَّى جالسًا؛ يُصلُّون جُلوسًا.

36. السُّؤال:
ما حكم مَن يَسُبُّ ويلعَنُ (فيروس كورونا)؟
الجواب:
هذا ليس من أخلاقِ المسلمِ؛ المسلمُ يتَّخِذُ الأسبابَ -و«ما مِن دَاءٍ إلَّا وَلَهُ دَواءٌ»-، ويقومُ بما أوجبَه الله عليه، أمَّا السُّبُّ؛ فالمسلمُ ليس بالسَّبَّابِ ولا باللَّعَّانِ، حتَّى في (الفيروس)، ولَمَّا لَعَنَ ذلك الرَّجُلُ الْجَمَل؛ قال الرَّسولُ -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «لا نمشي بصحبةٍ فيها ملعون» -أو كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلَّم-.

37. السُّؤال:
كيف نجمع بين حديث: «مَنْ أَنظَرَ مُعْسِرًا؛ لَه في كُلِّ يَوْمٍ صَدَقة»، وحديث: «إنَّ السَّلَف يَجري [مَجْرَى] شَطْرِ الصَّدَقةِ»؟
الجواب:
لا تعارُضَ بينهما؛ بل: هذا في مورِدٍ، وهذا في مَورِدٍ، وكلاهما -إن شاء الله- له أجْرُ الصَّدقةِ، وله ثوابٌ كالقَرْضِ؛ فهذا أمرٌ زائدٌ على ذلكَ، ليس مُعارِضًا له.

38. السُّؤال:
هل صحَّ عن الشَّيخِ الألبانيِّ -رحمه الله- كان يقولُ: أقربُ المذاهبِ إلَى السُّنَّةِ هي الشَّافعيَّة؟
الجواب:
لا يفيدُك هذا السُّؤال إلَّا مِن ناحيةٍ تاريخيَّةٍ؛ لأنَّ القُربَ -بشكل عامٍّ- شيءٌ، والتَّفصيل في المسائل شيءٌ آخَر.
ومع ذلك: الَّذي كان يقوله الشَّيخُ الألبانيُّ -كما في مقدِّمة «إرواء الغليل»- هو: مذهب الإمام أحمد.

39. السُّؤال:
ما أفضل شرح لكتاب «الإحكام» لابنِ حَزْمٍ؟
الجواب:
لا يوجد له شُروح.
الكتابُ كبيرٌ بدون أن يُشرَحَ؛ فكيف إذا شُرِحَ؟! ولا أعلَم له شَرحًا -في حدود علمي-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

40. السُّؤال:
زيادة الثِّقةِ: هل تُقبَلُ مطلقًا؟ أم يُنظَر في القرائنِ؟
الجواب:
الحقيقة أنَّ النَّاظر في زيادة الثِّقةِ في كُتب الحديث الصَّحيحة يراها أصلًا؛ فالأصل قَبولُ زيادة الثِّقة؛ لكن: قد يتخلَّف هذا الأصلُ لِقَرائنَ؛ نتكلَّم عن الزِّيادة الَّتي يزيدها الثِّقةُ؛ الأَصْلُ قَبولُها، أمَّا أن نقولَ: الأصلُ التَّوقُّفُ؛ هذا غيرُ صحيحٍ، الأَصلُ القَبولُ، وقد نتوقَّفُ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

41. السُّؤال:
هل أجرُ صلاة الجماعةِ مع أهل البيتِ كأجرها مع الجماعةِ في المسجدِ؟
الجواب:
نرجو اللهَ؛ لأنَّ الَّذين مُنِعوا عن جماعة المسجدِ مَعذورون.
والله -تعالى- يتقبَّل مِنَّا ومنكم.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-27-2021, 05:11 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الخامِس
(13 شعبان 1441)


كلمة من الشَّيخ -رحمه الله- لمن يتكلَّم بالكلام السيئ في حقِّه:
..لا يهمُّنا هذا! الكلام السيئ هو لنا ليس علينا.
من عنده علينا ملاحظة عِلميَّة؛ فعلى الرأس والعَين، نَقبَلُها، ونتقبَّلها، وندرُسها، فما كان صوابًا أخذناه، وما كان غير ذلك ردَدنا.
ويا أيُّها النَّاصح! لا تنصح بشرط القَبول! قد تكون أنت المخطئ، أنتَ أدِّ الذي عليك، واسأل الله الذي لك.

1. السُّؤال:
امرأة ولدتْ في رمضان، ثم الرَّضاعة حولَين؟
الجواب:
يعني: كأنَّها تقول لا تستطيع أن تقضي.
نقول: أحكامُ الرَّضاع والحَمل شيء، وأحكام النِّفاس والحَيض شيءٌ آخر.
وبعض النِّسوة يُشكِل عليها أنَّها تكون نُفَساء ومُرضعًا، فتقول: (أنا أُعامَل معاملة الْمُرضِع)، نقول: لا؛ اجتماع النِّفاس والرّضاع يكون الحُكم فيه للنِّفاس، فإذا انقضى النِّفاس يكون الحُكم للرَّضاع، على حسب ما أجبنا: أنَّ النُّفساء والحائض تَقْضِيان، والحامل والْمُرضع تَفْدِيان.
مع الإشارة إلى: أنَّ المسألةَ خلافيَّة بين أهل العلم، وهذا هو الذي أرجِّحه وأَميلُ إليه من كلامِهم واختِلافِهم -رحمهم اللهُ-تعالى-.

2. السُّؤال:
ما صفة تحريك الأُصبع في الصَّلاة؟
الجواب:
تحريك الأُصبع تكون بِمدِّه مدًّا مُستقيمًا، وبالحركة الخفيفة باتِّجاه القِبْلة، ليس خَفضًا ولا رفعًا؛إنما حركة خفيفة باتِّجاه القِبلة، دون أن يكون خَفضًا ورفعًا،مع مَدِّ الأُصبع دون ثَنْيِه، نَعم.
واللهُ أعلم.

3. السُّؤال:
متى يكون طالب العلم مُتأهِّلًا للتَّصدُّر؟
الجواب:
عندما يُزكِّيه أشياخُه،ويرضى عنه مُعَلِّموه.
أمَّا أن يَقنع بنفسِه في نفسِه، أو أن يُقنِع نفسَه بِنَفسِه؛ فأكثر أحوال الجَهلة في كلِّ زمان -وبخاصَّة في هذا الزمان-: هم يُقنِعون أنفسَهم أنهم صاروا شيئًا!-وأكثرهم ليسوا بشيء-إلا ما رحم الله-سُبحانهُ وتَعالى-.

4. السُّؤال:
ما ضوابط الْمَصلحة الْمُرسَلة؟
الجواب:
ضوابط الْمَصلحة الْمُرسَلة -ابتداءً-: أن لا تكونَ في العبادات؛ وإنما هي في الوسائل.
الْمَصلحة الْمُرسَلة: مُتعلقة بأمر ٍ وُجد المُقتضي -أي: السَّبب- له في عصرِ النُبوَّة ثم لم يُفْعَل؛ فهذا يكون العمل به بدعةً،إذا وُجِد الْمُقتَضي له ثم لم يُفْعَل.
أمَّا إذا لم يوجد الْمُقتضي له -أو: السَّبب له-، ووُجد الْمُقتضي له -بعد ذلك-؛ فَفِعْلُهُ مَصلحةٌ مُرسَلة.

5. السُّؤال:
عن حديث ليلةِ النِّصف من شعبان، وأنَّ اللهَ -تعالى- يَغفر لكلِّ خلْقِه؛ إلا مُشركًا أو مُشاحِنًا؟
الجواب:
هذا الحديثُ اختلف فيه أهلُ العلم، وأنا أَمِيل إلى أنَّه (حديثٌ حَسَن)، والأمل بالله كبير وعظيم.

6. السُّؤال:
ما حُكم الخِضاب باللَّون الأسود، وبخاصَّة أنَّ هذا نُقل عن عددٍ من الصَّحابة -رضي اللهُ عنهم-؟
الجواب:
الصَّحيح: أنَّ النُّصوص في تحريم الخِضاب بالسَّواد واضحة وكثيرة،وألَّف فيها بعضُ أهل العِلمِ وأفتَوا.
لكنَّ البحث -هنا-؛ أن نقول: بعض أهل العِلمِ يقول: السَّواد ليس لونًا؛ وإنَّما هو نوع. هذه واحدة.
الأمر الثَّاني: مَن قال: (إنَّه لَون) يُفرِّق بين اللَّون القاتِم واللَّون الأَسْوَد،فيقول: الْمَنهيُّ عنه هو الأَسْوَد وليس اللَّون القاتم -إذا لم يكن أَسْوَد-،والكَتَم -وقد كان يَخضب به النَّبي ﷺ- هو قاتِم؛ ولكنَّه ليس بِأَسْود.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

7. السُّؤال:
ما الفرق بين خِلاف الأَوْلى والْمَكروه؟
الجواب:
الحقيقة هُم دَرجات؛ لكن الْمَكروه قد يكونُ أكثر بِدرجة مِن خِلاف الأَولى؛ لأنَّ الأَولى هو مَقبول لكن تَرْكُه أَوْلى،أو: هو خلاف الأَولى؛ لكن: الْمَكروه فيه أمرٌ زائد.

8. السُّؤال:
هل يجوز أن نقول: (الكورونا جُند من جنود الله)؟
الجواب:
الحقيقة؛ مثل هذه الكلمات التي تَحمل معانيَ غيبيَّة: ينبغي أن نجتَنِبَها، وينبغي أن نتجَنَّبها؛ وإنَّما نَكِل الأمر للمولى -سبحانه وتعالى-حِكمةٌ بالِغة-.
أمَّا: هل هو جُند من جنود الله؟ هل هو عقاب؟ هل هو ابتلاء؟ هل هو كذا؟
هذا -كلُّه- في علم الْمَوْلى -سبحانه وتَعالى-، ولا نستطيع أن نجزمَ بشيءٍ من ذلك؛ لكن: رجاؤُنا بالله رجاء حسَنٌ -إن شاء الله-.

9. السُّؤال:
لماذا لا يتمُّ تنقيح التَّاريخ الإسلاميِّ كما نُقِّح التَّاريخ الحديثي -أو الرِّوايات الحديثيَّة-؟
الجواب:
الحقيقة؛ يوجد محاولات كثيرة في ذلك.
لكن: التَّاريخ أوسع مِن أن يكون مجرد روايات.؛ يعني: الأحاديث النبويَّة قد تصل إلى ثمانية آلاف حديث أو عشرة آلاف حديث صحيح؛ فمَقدور عليها ضبطُها خلال الفترة النَّبويَّة التي عاشها الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وتناقَلَها أهلُ العلم -من بعدِه-.
لكن: التَّاريخ يَستوعِب دهرًا طويلًا وقرونًا مُتفاوتة؛ فالأمر فيه أعْسَر -وأصعب-.
لكن: أهلُ العلم -ولله الحمد- مُستمِرُّون في مثل ذلك.
و..[انقطاع].. في «تاريخِه» له لَفتتات كثيرة في نقد بعض أحداث التَّاريخ.
وكذلك: الإمام الذَّهبي -وهو أجَلُّ-؛ أيضًا: له نَقَدات كثيرة في «سِيَر أعلام النُّبَلاء»، وفي «تاريخ الإسلام» -وفي غيره من الكتب-في هذا الباب-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
ماذا تقول في الشَّيخ أبي عبد الباري العيد شَريفي الجزائري؟
الجواب:
رجل من أهل العلم والفضل وأهل السُّنَّة، ندعو الله له بالتَّوفيق، وأن يَنفعَه، وأن ينفع اللهُ به.

11. السُّؤال:
يَطلب مثالًا على الْمَصلحة الْمُرسَلة.
الجواب:
مثلًا: الأذان الثَّاني الذي أَمَر به سيِّدُنا عثمان -رضي اللهُ عنه-: لم يكن الأذانُ الثَّاني موجودًا في عصر الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؛لكن: عثمان -لمَّا تفرَّقت النَّاس، وتباعدت المنازل- أمَرَ الْمُنادي أنَّ ينادي في منطقة اسمُها (الزَّوراء) في السُّوق -مِن باب الإعلام والإشعار-؛ فهو -إذن- لم يكن المُقتضي -أي: السَّبب- موجودًا في عصر النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-،ووُجِد في عصر عُثمان.
وهذا يُقال فيه: (العلَّة تَدور مع الْمَعلول -وجودًا وعدمًا-).
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

12. السُّؤال:
هل ابن تيميَّة مُتَمَذْهِب، أم يتَّبِع الدَّليل؟
الجواب:
ذكرت -أمس- أنَّه في المنهج العلمي الصَّحيح: لا فرق بين التَّمذهُب الصَّحيح واتِّباع الدَّليل.
الذي نَنْعاهُ: هو التَّعصُّب الْمَذْهَبي.
أمَّا: مَن تتلمذ..أو تعلَّم على مَذهبٍ -أو تَمذهب بِمذهب- مع التَّرجيح بالدَّليل بِحسب الحُجَّة الأقوى والدَّليل الأقوى؛لا نُمانِع مِن ذلك -أبدًا-.
وابن تيميَّة نشأ حنبليًّا،وله اختيارات كثيرة تُوافِق المذهبَ الحنبلي، كما أنَّ له اختيارات -أيضًا- تُخالف المذهبَ الحنبلي،وله اختياراتٌ خَرجت -أو تخرج- عن المذاهبِ الأربعة؛ مثل: عددٍ مِن مسائل الطَّلاق لا يقول بها الأئمَّة الأربعة -كُلُّهم-أو المذاهب الأربعة-.
الآن: كلُّ مَحاكم الإسلام -في العالم الإسلامي- تقول بأقوال شيخ الإسلام ابن تيميَّة التي ليست موجودة في المذاهب الأربعة.

13. السُّؤال:
هل مَن فرَّ من أرض الوباء كَمَن فرَّ مِن الزَّحف؟
الجواب:
قد يكون التَّشبيهُ فيه شيء مِن الشِّدَّة!
لكن نحن نقول: لا يجوز؛ لأنَّ ذلك سيكون سببًا في انتشارِ الوباء،وسببًا في العَدوى،وسَببًا في مُخالفة وليِّ الأمر -مِن عالِم وحاكم-، وهذا -كلُّه- لا يجوز.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

14. السُّؤال:
ما حُكم حَلق الخَدَّيْن؟
الجواب:
حُكم حَلق الخَدَّيْن كَحُكمِ حَلقِ الحاجِبَين؛ كل ذلك لا يجوز.
الأصل: الإعفاء،والشَّعرُ النَّابت على الخُدود هو تابع لِلِّحْية؛ وبالتَّالي: لا يجوز أخذه.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

15. السُّؤال:
ما الفَرق بين الحاجة والضَّرورة؟
الجواب:
الفَرق بينهما دقيقٌ -نوعًا ما-؛ لأنَّ الحاجةَ أقل من الضَّرورة.
لكن كثير من أهل العِلمِ يقولون: قد تُنزَّل الحاجات منزلةَ الضَّرورات؛ حينئذٍ نقول كما قال الله -تعالى-: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾.

16. السُّؤال:
ما المقصود بالميليبارية؟
الجواب:
نحن لا نحبُّ هذه النِّسَب الحادثة -وبهذه الطَّريقة-.
الدكتور حمزة الميليباري كتب كُتبًا ادَّعى فيها الفَرق المنهجيَّ بين العُلماء الْمُتقدِّمين والعُلماء المتأخِّرين في الحديث،وهو مُخطئ -في ذلك-، ورَدَّ عليه الكثيرون،وأنا كتبت ردًّا عليه -أو على بعض طُروحاته- في كتابي «طليعة التَّبيين» -وهو مُتاح وموجود على الإنترنت-.
وبالتَّالي: لُقِّب مَن هم يتَّبعونه بـ(الميليبارية)، أنا ضِد هذا الأسلوب،وضد هذه النِّسبة.
لكن أنا أقول: أخطأ الدكتور حمزة الميليباري -وفقه الله-جدًّا- في هذا التَّفريق الحادث الذي ظنَّه فَرْقًا منهجيًا،وهو -في الحقيقة-: مِن باب اختلاف الاجتِهاد العِلميِّ النَّقدي، كما أن المتقدِّمين اختلفوا فيما بينهم؛ فإنَّ المتأخِّرين اختلفوا مع الْمُتقدِّمين.
وكلُّ ما يقال -تَمشِيةً لهذا التَّفريق-الحقيقة-: هو أوهام!
وفي كتابي -المشار إليه- رُدود أوسع -في ذلك-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

17. السُّؤال:
مَن انحرف منهجُه في علوم السُّنَّة النَّبويَّة؛ فهل سيُسَلَّم له في علوم أخرى -كعلوم القرآن-مثلًا-؟
الجواب:
العلوم مُتداخلة،لا يوجد شيء اسمُه علوم القرآن مختلف عن علوم الحديث.
نعم؛ قد يكون -هنالك- تخصُّص في علوم القرآن وليس -هنالك- تخصُّص في علوم الحديث أو في علوم اللغة؛ لكن: العلوم -كلُّها- خادمة للدِّين،لِلكتاب والسُّنَّة.
والكتاب والسُّنَّة: ما هُما؟ (قال الله)، (قال الرَّسول)..
العِلْمُ قال اللهُ قال رَسُولُهُ ... قال الصَّحابةُ ليس بالتَّمويهِ
ما العِلمُ نَصْبَك للخِلافِ سَفاهةً ... بين الرَّسولِ وبين رأيِ فقِيهِ
هذه نقطة مُهمَّة -ومهمَّة جدًّا-.

18. السُّؤال:
كم نصاب الزَّكاة؟
الجواب:
نصاب الزَّكاة: هو ما يُساوي (85) غرامًا مِن الذَّهب -(85) غرام فما فوق-،تُحْسَب القيمة، ثم يُخرَج من القيمةِ الإجماليَّة مقدار (اثنين ونصف بالمئة).

19. السُّؤال:
هل تراجع الشَّيخ الألبانيّ عن تصحيح زيادة «مَغفرتُه»؟
الجواب:
.. لا؛ لم يَتراجع،الشَّيخ لا يزال يُثَبِّتها؛ لكنَّه تراجع عن تصحيح السَّند في بعض طُرُق الحديث.
أمَّا تصحيحُه بالجملة والشَّواهد: فصَحَّحه بأثرٍ عن ابن عمر،وبِعُموم النَّص القُرآني،وهي مِن النُّصوص النَّادرة -القليلة- التي يُصحِّح بها شيخُنا -رحمه الله-بالشَّواهد القُرآنيَّة-أو بالنُّصوص القرآنيَّة-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

20. السُّؤال:
هل يمكن أن نُطبِّق قواعد المحدِّثين على كلِّ مَرويات السِّيرة النَّبويَّة؟
الجواب:
نقول: هذا هو الأصل.
السِّيرة ما هي إلا أن تكون سُنَّة،والسُّنَّة -في تعريفها-: كلُّ ما ورد عن الرَّسول ﷺ مِن قولٍ، أو فِعل، أو تقرير، أو صِفة، أو ترك، وهل السِّيرة إلا ذلك؟
لكن: التَّفريق بين الأحداث والغَزوات والمعارك ونُصوص العبادات والمعاملات؛ هذا تفريقٌ لا أصل له؛ بل كثير من الغَزوات والمعارك استنبط منها أهلُ العِلمِ أحكامًا فقهيَّة.
والنَّاظر في كتاب «زاد المعاد» -للإمام ابن القيِّم- يرى ذلك جليًّا وواضحًا -جدًّا-.

21. السُّؤال:
هل يجبُ دفع أجرة المحلِّ والبيت في هذه الأوضاع؟
الجواب:
... لا نتعجَّل، ننتظر الأمورَ حتى تهدأ، ولا بُد أن يكون -هنالك- تفاهُمات -إمَّا رسميَّة، وإمَّا بين النَّاس-؛ فهذا البلاء عَمَّ صاحبَ البيت، وعمَّ الْمُستأجِر؛ فالكلُّ مُصاب، والصُّلح: هو سيِّد الأحكام -في هذا الباب-.
لكن -كما قلتُ-: لا نتعجَّل، وننتظر -إن شاء الله-تعالى-.

22. السُّؤال:
ماذا تقول في الشَّيخ ربيع المدخلي؟
الجواب:
الشَّيخ ربيع المدخلي رجلٌ مِن أهل العلم ومِن أهل السُّنة -نسأل الله أن يُحسِن خواتيمَنا وإيَّاه-؛ لكنَّه -في السَّنوات الأخيرة- نزع مَنزع الغُلُوِّ في التَّبديع -وهو ما لا نَرضاه له، وما لا نُحبُّه له-.
ونرجو أن يَعودَ -كما كان- في باب نَصر السُّنَّة، ونَصر أهلِ السُّنَّة؛ حتى تأتلِف كلمةُ أهلِ السُّنَّة التي افترقت -وهو أحدُ أسبابِ ذلك-غَفر الله لنا وله-.
ونحن ندعو له بِحُسن الخاتمة والتَّوفيق والتَّسديد، ولئن كان يَطعن فينا -بِطريقةٍ ما-؛ ونحن لا نطعن فيه؛ بل ندعو له، واللهُ يهدينا وإيَّاكم وإيَّاه.

23. السُّؤال:
حُكم حَلق الشَّارب والرَّأس؟
الجواب:
أمَّا حَلق الشَّارب: فلا يجوز؛ لأنَّ السُّنَّة قَصُّه وتقصيرُه -حتى لو كان تقصيرًا شديدًا-؛ أمَّا الحَلق بِالموسى: فلا.
أمَّا حَلق الرَّأس: فيجوز؛ لكن: لا يُتَّخذُ ذلك عادةً؛ فاتِّخاذُه عادةً يُشبه الخوارج الذين كان سِيماهُم التَّحليق.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

24. السُّؤال:
نريد كلمةً حول المذهبيَّة والحنابلة الجُدُد؟
الجواب:
..الحنابلة الجُدُد: هم مُتعصِّبة مُتمذهِبون، خالفوا المذهب الحنبليَّ عقيدة، وتَعصَّبوا له فُروعًا، وهذا خلاف ما عليه أئمَّة الحنابلةُ -عبر التَّاريخ- إلا نفرًا قليلًا ليسوا أهلَ اتِّباع ولا أهل دعوة، اتَّخذوا أولئك، وتركوا الأغلبيَّة الغالِبةَ مِن علماء الحنابلة والأحياءُ منهم فيهم خيرٌ وبركة -ولله الحمد-.

25. السُّؤال:
ما هو أفضل شرح لكتاب «الرسالة»؟
الجواب:
إذا قصدت كتاب «الرِّسالة» للإمام الشَّافعي: فأحسَنُ شرحٍ له شرحٌ مُعاصِر -هنالك شُروح مُعاصرة طُبعت-، أمَّا شُروح قديمة: فلا يوجد.
والشُّروح المعاصِرة: كلُّها طيِّبة -الحقيقة-وإن كان بعضُها لا يُغني عن بعض-.
أمَّا إذا قصدتَ «الرِّسالة» -رسالة ابنِ أبي زَيد القَيرواني-: فهنالك شُروح كثيرة؛ أظن شرح الشَّيخ ابن حنفيَّة الجزائري،بلغني أنَّه شَرَحَه شَرْحًا حَسنًا،واطَّلعت على بعضِ أجزائه؛ فهو في خير -إن شاء اللهُ-تعالى-.
وشُروح (الرِّسالة المالكيَّة) كثيرة -وكثيرة جدًّا-.

26. السُّؤال:
هل يُعتبَر مِن البدع: امتحان طلبة العلم ببعضِ الدُّعاة الْمُتكلَّم فيهم؟
الجواب:
هنالك فَرق بين أن يكون مُتكلَّمًا فيه في مسألة اجتهاديَّة أو مسألة راجِح ومرجوح، وبين أن يكون مُتكلَّمًا فيه بأصلِ المنهج -أن يكون المنهج مُنحرِفًا-، فإذا كان الانحراف في أصلِ المنهج؛ فلا شكَّ أن الامتحان بمثلِه يجوز، وبخاصَّة مَن يَنصره، ويُناصرُه، ويدعو إلى منهجه -هذا لا يجوز-؛ وبالتَّالي: يُمتحَن بذلك، وهذا معروف -عبر التَّاريخ العِلمي الإسلامي-.
أمَّا في مسائل اجتهاديَّة -أو: تَقبَل الرَّأي والرَّأي الآخَر-حتى مع التَّخطِئة-: فهذا -لا شكَّ- مِن البدع والمحدَثات، وللأسف الشَّديد؛ نراه كثيرًا بين أهل السُّنَّة -للأسف!-من سَنوات كثيرة- ممَّا أدَّى إلى فُرقتِهم -في أمور لا توجِب الفُرقة-، وقد يكون الْمُمْتَحِن هو المَغلوط -أكثر مِن الْمُمْتحَن أو أكثر من المتكلَّم فيه أو الْمُمْتحَن به-.
والله الهادي إلى سواءِ السَّبيل.

27. السُّؤال:
ما صحَّة حديث أنَّ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- وضع السِّواك على شارِب الرَّجل وخفَّف منه [يعني: في موضِع طرف الشَّارب]؟
الجواب:
هذا حديثٌ صحيح، لا إشكال ولا ريب؛ وبالتَّالي: يجوز إبقاء الشَّارب كثيفًا مع أخذ ما زاد عن الشّفة، ويجوز الأخذ منه -والنَّقص منه-ولو لدرجة كبيرة- دون أن يكونَ حَلْقًا.
لذلك الرَّسول قال: «مَن لم يأخذْ مِن شارِبِه»، والأخذُ مِن الشَّارب قد يكون كثيرًا وقد يكون قليلًا، المهم أن لا يأخذَ شاربَه بالحَلق -كما في النَّصِّ الآخَر-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

28. السُّؤال:
رجل مات بالكورونا في فرنسا، فدفنوه هناك: فهل يجوز نبش قبرِه؛ ليُرَد إلى أهله -بعد زوال الكورونا-؟
الجواب:
هذا أمرٌ يُستشار فيه الأطباء، ويُستشار فيه أهلُ العلم في البلد -الموجودون هنالك-، أمَّا التوسُّع في هذا الباب ونَبش القبور؛ هذا -بحدِّ ذاته- مما لا يجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

29. السُّؤال:
عن حُكم بيع التَّقسيط؟ وهل الشَّيخ الألبانيُّ -رحمهُ الله- يَرى مَنعَه؟
الجواب:
الحقيقه -مِن باب الأمانة العلميَّة-: بيع التَّقسيط: جماهيرُ أهل العِلمِ على تجويزِه؛ إلا قِلّة من العُلماء المعتَبَرين ذهبوا إلى المنع، وانتصر للقول بالمنع الشَّيخُ الألبانيّ.
فالمسألة فيها خلاف -وإن كان قليلًا-؛ لكنَّه -مِن حيث النَّظر في الأدِلّة- مُعتَبَر.
ولا نشدِّد في هذه الأمور.
مَن انشرح صدرُه لِهذا القول: له ذلك، ومَن انشرح صدرُه لِلقول الآخَر: فَلَه ذلك؛ لكن: «دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك».

30. السُّؤال:
هل مُصطلح (الصَّعافقة) و(الْمُتصعفقة) مُصطلح شرعي؟
الجواب:
واللهِ؛ ليس بِشَرعيّ! وهذا -للأسف الشَّديد- ممَّا نزغَ الشَّيطانُ فيه بين بعضِ طُلاب العلم مِن أهل السُّنَّة،فصار البعضُ يَطعن في الآخَر بهذه الألقاب -التي شتَّتت شَملَ أهل السُّنَّة ودعاة منهج السَّلف-! وهي -واللهِ، وتاللهِ، وبِالله-: كلُّها أشياء تَقبَل النَّظرَ والاجتهاد؛ لكنَّها تُضخَّم وتُفخَّم وتُعطى على غيرِ وجهِها!
واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.
توجيه لمن يسأل عن مشايخ غير معروفين -(شيوخ الغفلة)-:
بعض الإخوة يسألون عن أسماء أناس ليسوا مِن أهل العلم وإنَّما اشتهروا في زمان..كما يُقال: (فلان شيخ الغفلة)؛ فهؤلاء -إخواني-: أنا لا أتكلَّم فيهم، ولن أَذكُرَهم، ولن أجيب على الأسئلة الواردة.
لكن أقول لكم: اهتمُّوا بِمَن هو أكبر منهم، وبمن هم أعظم منهم، ممَّن عُرف تاريخهم وعُرف منهجهم وعُرف عِلمُهم، وعُرف سُنَّتُهم، وعُرِفت سَلامةُ منهجِهم.
أمَّا أن تنشغلَ بزيدٍ وعمرٍو، وفلان وعِلَّان ليكونوا هم المحرِّكين لك -بعيدًا عن الكبار، أو مَن أثنى عليهم الكبار-؛ ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾!
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

31. السُّؤال:
ما حكم الصَّلاة بين الصُّوفي والقُبوري؟
الجواب:
ابتداءً: نحن لا نُكفِّر الصُّوفيَّة، ولا نُكفِّر القُبوريَّة،والصُّوفيَّة ليسوا سواءً -كما قال الشَّيخ محمَّد الأمين الشَّنقيطي-رحمه الله-وغيرُه مِن أهل العِلمِ-.
أمَّا: مَن كان صاحبَ بِدَع، وهذه البدع -أيضًا- قد تكون بِدَعًا مُغلَّظة،أو قد تكون بِدَعًا خفيفة،أو صاحب بِدَع كُفريَّة -كالاستغاثة بأهل القبور وطلبِ الْمَدَد منهم-وما أشبه-؛ فهؤلاء وإن كنَّا لا نُكفِّرهم بِأعيانهم؛لكن نقول: الأَولى والأفضل -والذي ينبغي-: عدمُ الصَّلاة وراءهم.
وقد نَصَّ الشَّيخ جمال الدِّين القاسمي -ولا بُدَّ أنه ناقلٌ ذلك عن علماء آخَرين-قبله-: على أن الصَّلاةَ في المسجد الذي تَقِلُّ فيه البِدَع أَوْلى من الصَّلاة في المسجدِ الذي فيه بِدَع، فكيف في مسجد إمامُه مُبتَدِع؟! فالأمر أدهى وأَمَرّ.

33. السُّؤال:
هل مسألة الموسيقا من المسائل الخلافية؟
الجواب:
لا؛ بل: كلمةُ جماهير أهل العِلمِ على أنَّ الموسيقى (حرام)، ولا تجوز؛ لكن: الإمام ابن حزم -رحمه الله- ذهب إلى الجواز.
والعجيب: أن الذين اتَّكؤُوا على قولِ ابنِ حزم في إباحة الموسيقا: طيلة أحكامِهم ومسائِلِهم يُخالِفون ابنَ حزم، ويُناقِضون ابنَ حزم،ولا يَعتبِرون ابنَ حزم؛ إلا في هذه: اعتَبَروه!
وأهل العِلمِ ردُّوا على ابنِ حزم كثيرًا،وتتبَّعوه في كلِّ كلامِه وفي كلِّ حُجَجِه، ونسألُ اللهَ أن يَرحمَه، وأن يَرحم أئمَّتَنا، وعلماءَنا -جميعًا- بمَنِّ الله -تعالى- وكَرمِه.

34. السُّؤال:
هل رفع الأعمال خاصٌّ بِليلة النِّصف مِن شعبان، أم عامٌّ بشهر شعبان؟
الجواب:
الظَّاهر: أنه عامٌّ فيمَن صام أكثر شعبان.
أمَّا ليلة النِّصف من شعبان ليس لها علاقة بِرَفع الأعمال؛ علاقتها بمغفرة الله لعبادِه إلا مُشركًا أو مُشاحنًا، رفع الأعمال شيء، وهذا شيء آخر.
وإلا؛ رفع الأعمال: هنالك رفعٌ أسبوعي -كلُّ اثنين وخميس تُرفع الأعمال-؛ فهذا في شعبان يَدخُل هذان اليومان، إضافة إلى عُموم الشَّهر،قال: (فإنِّي أحبُّ أن يُرفع عملي إليه في هذا الشَّهر) -أو كما ورد في سُنَّة الرَّسول-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-.

35. السُّؤال:
هل يوجَد مختصَرات لكتاب «إعلام الموقِّعين»؟
الجواب:
أنا -الآن- لا أتذكَّر، في ذهني شيء؛ لكن: لستُ على ذُكر له، و-إن شاء الله- لعلَّنا نُجيب عنه في لقاءٍ قادم.



انتهى اللِّقاء الخامِس
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-28-2021, 04:24 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّادس
(14 شعبان 1441)




[تنبيه حول ليلة النِّصف من شَعبان، وما صحَّ فيها مِن حديث، وما لم يَصِح]
أبتدئ هذا اللِّقاء بالتَّنبيه على أشياء متعلِّقة بالنِّصف من شعبان -ليلة النِّصف من شعبان-واليوم عندنا-في الأردن-ليلة الرَّابع عشر مِن شعبان-وهي: ليلة الخامس عشر-.
ابتداء: لم يَصحَّ ولم يَثبت إلا حديثٌ واحد: «يَطَّلع اللهُ إلى خلقِه ليلة النِّصف من شعبان، فيَغفر لهم جميعًا؛ إلا مُشرِكًا أو مُشاحِنًا» هذا الحديث الوحيد الذي هو حديثٌ حسَنٌ ثابت، وبعضُ أهل العلم يُضعِّفه -مِن باب الأمانة العلميَّة-؛ لكن نحن نَميل إلى قولِ مَن حسَّنه من العلماء. هذا أوَّلًا.
ثانيًا: كلمة (مُشاحِن) بعضُ أهل العلم فسَّرها بأهل البدع؛ (الْمُشاحِن): هو المبتدِع.
وبعضهم قال: (الْمُشاحِن): هو صاحب الخصومة على غير حق؛ يعني: مَن لم تكن خصومتُه لله- وفي الله؛ وإنَّما للأهواء ولِلدُّنيا ولبعض الأمور-وما أشبه-؛ هذا -الله أعلم- أنَّه غير داخل في نصِّ الحديث..
وفي هذا تنبيه إلى قضيَّة صِلة الرَّحم -وأهميَّتها-، نعم؛ الظُّروف الحالية قد تكون صعبة -نوعًا ما-؛ لكن كما لا يخفى أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- قال: «بُلُّوا أرحامَكُم ولو بالسَّلام»، فلا أقلَّ مِن الاتِّصال والسُّؤال والاستفسار -وما أشبه-، إلى أن ييسر الله -سبحانه وتعالى- الأمور، وعسى أن يكون قريبًا.
النُّقطة الثَّالثة: هي قضيَّة ما ورد في بعض الرِّوايات -وأخذَ بها بعض المذاهب-مِن باب الأمانة العِلميَّة-لكن هذه الرِّوايات لا تصحُّ ولا تَثبت-: ما نُسب إلى النَّبي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّه قال -في ليلة النِّصف من شعبان-: «قوموا ليلَها، وصومُوا نهارَها» وهذا الحديث لا يَصح -عند جماهير المحدِّثين-رحمهم اللهُ-تعالى-.

وقرأتُ بعضَ الفتاوى في تجويز ذلك -بناءً على ما ذُكر في بعض الكتب الفِقهيَّة المذهبيَّة-.
لكن: الغريب أنَّ هذا الاستِحسان ناقضَهُ شيءٌ آخر! حيث يقولون في نفس الفتاوى -المنتشرة في عالَم التَّواصُل الاجتماعي-مِن بعيد-ليس اليوم-فقط-؛ يقولون: لا تُصلَّى هذه الصَّلاة جماعةً -ولا في المسجد، ولا في غير المسجد-.

أنا أقول: هذا جيِّد؛ لكن: ما الذي منع هذا وأباح ذلك؟! وكلُّه لا دليل عليه -(لا دليل)؛ أعني: صحيح-.
وهذا مِن باب التَّناقُض العلميِّ في مسألة واحدة: استحسان شيء ومخالفة شيء آخر -والباب واحد والْمَورِد واحد-!

هذا ما أحببت أن أبتدئ به -في هذه الأمسية المباركة-....


1. السُّؤال:
هل يُشرع التَّأمين بعد الفاتحة في الصَّلاة السِّريَّة للإمام والمأموم والمنفرد؟
الجواب:
إذا قصدتَ القُنوت؛ فـ(نعم)، أمَّا غير ذلك؛ فـ(لا)؛ لأنَّه لا يوجد بهذا المعنى.

2. السُّؤال:
ما رأيكم بأحكام الشَّيخ سَعد الْحُمَيِّد؟
الجواب:
الشَّيخ سَعد الْحُمَيِّد رجلٌ مِن أهل الحديث، ومُتخصِّص، ومنهجُه طيِّب في هذا الباب، ونسأل الله أن يُبارك فيه، وأن يحفظَه، وأن ينفع به، وأن يُمتِّع به -بِمِنَّة الله-تعالى-وتوفيقه-.
ولا نريد أن نخلط بين الشَّيخ سَعد الْحُمَيِّد وبين الشَّيخ عبد الله السَّعد.
عبد الله السَّعد منهجُه الحديثي يختلف -نوعًا ما- عن منهج الشَّيخ سَعد الحميِّد -حفظهُ اللهُ، ورعاه-.

3. السُّؤال:
كلمة حول الذين يتمسَّحون ببعض العلماء السَّلفيِّين، وفي نفس الوقت يعظِّمون أهلَ البدع؟
الجواب:
هذا لا يجوز، هذا جمعٌ بين النَّقيضَين.
مَن عظَّم أئمَّة السُّنَّة؛ فإنَّه يجب عليه أن يُنابذَ أهلَ البدع.
لكن: هذا الجواب عام؛ لأنَّ ممكن السَّائل يكون في ذهنِه شيء غير مُوافِق ما أراه، ولو ذَكَر الأسماءَ؛ لكان الجواب أوضح -إن شاء الله-تعالى-.

4. السُّؤال:
ما رأيك في كتاب «الجامِع الوجيز»..؟
الجواب:
لا أعرفُ هذا الكتاب، لم يَمرَّ بي، ولا أعرفه، والله -تعالى- أعلى وأعلم.

5. السُّؤال:
أمرتْ بعضُ وزارات الشُّؤون الإسلاميَّة ببثِّ القرآن في المساجد؟
الجواب:
طالما أنَّه أمرٌ من جهةٍ مسؤولة؛ هي التي عليها الغُنم والغُرم في ذلك، وما على الأئمَّة والمؤذِّنين إلا الموافقة.
أمَّا أن يخالِفوا الوزارة فيما تأمر به؛ هذا يُسبِّب مشاكل وفِتنًا -نحن في غنى عنها-دائمًا-وبخاصَّة في هذه الظُّروف-.

6. السُّؤال:
إذا دُعيتُ إلى وليمة زواج لأحدِ أقاربي،وهذه الوليمة فيها موسيقا؟
الجواب:
الموسيقا في وقت الغداء لا توجد -في الغالب-، فأنت كُلْ طعامَك وانصرِف، ولا تُشاركهم في الموسيقا، وهي -باتِّفاق المذاهب الأربعة-: لا يجوز.

7. السُّؤال:
هل يَتساهل النَّاقِد في الحُكم على مَرويَّات السِّيرة كما يحكم على مرويَّات الحديث؟
الجواب:
السِّيرة والسُّنَّة سواء؛ لكن: بعض العلماء يتساهل في السِّيرة في موضوع الغزوات والمعارك -وما أشبه ذلك-.
وأنا أقول -الحقيقة- أنَّهم سواء -على الأرجح-، ويجب تطبيق قواعد نقدِ السُّنَّة وأصول دراستِها على المغازي -وما أشبه ذلك من السِّيرة-.

8. السُّؤال:
هل تُقرأ الفاتحة وراء الإمام في الصَّلاة الجهرية؟
الجواب:
هذه -الحقيقة- مسألة -دائمًا أنا أقول-: مِن أشدِّ المسائل الخلافيَّة بين أهل العِلمِ.
والذي ينشرح له صدري: ما رجَّحه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، وما رجَّحه شيخُنا الإمام الألباني -رحم الله الجميع-: مِن أنَّه يقرأ فيما أسرَّ به الإمام، ويُنصِت فيما جَهَر فيه الإمام.
هذا هو القول الوسط -والله-تعالى-أعلم- الذي تَلتقي عليه الأدلَّة.

9. السُّؤال:
ما رأيكم في كتاب «السِّيرة النبويَّة» للصَّلَّابي؟
الجواب:
الصَّلَّابي يجمع جَمعًا جيِّدًا -في الغالب-؛ لكن ليس عنده تحقيق، ولا نَقدٌ دَقيق، فكُتُبه -بشكل عامٍّ- فيها مثل هذا الجمع،قد يُيسِّر هذا على طلاب العلم؛ لكن -للأسف-كما قلت، وأؤكد- ليس فيها التَّحقيق العلمي المطلوب.

10. السُّؤال:
ما الرَّاجح في مسألة فناء النَّار، وقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-؟
الجواب:
الحقيقة؛ هذه مسألة العُلماء فيها مُختلفون -حتى مِن أتباع شيخ الإسلام ابن تيميَّة-ونحن مِن أتباعه، ودُعاة منهجه-القائم على الكتاب والسُّنَّة، وتعظيم منهج السَّلف-.
فالعُلماء مُختلفون في ذلك: بعض العُلماء يُثبت وبعض العُلماء ينفي، وحُسن ظنِّنا بالإمام ابن تيميَّة -رحمه الله- أقرب إلى أن نُثبت القول في النَّفي -بأنَّه لا يقول بِفناء النَّار-، مع التَّذكير بما أشرتُ إليه مِن موضوع خلاف أهل العِلمِ في ذلك.

11. السُّؤال:
ما رأيك في الشَّيخ مُصطفى العَدَوي؟
الجواب:
الشَّيخ مُصطفى العَدَوي رجل من أهل العِلمِ، ومن أهل السُّنَّة، ومن دعاة منهج السَّلف، وهو رجل فاضِل، نَعرفُه من سنوات كثيرة -ولا نُزكيه على الله-.
لكن -الحقيقة- في السَّنوات الأخيرة -بل أبعد قليلًا-: رأيتُ له مُخالفات في موضوع الحديث، وباب التَّحسين -خاصَّة-، وبعض باب التَّصحيح،يَميل إلى التَّعليل والتَّضعيف -أكثر مِن مَيلِه إلى التَّحسين والتَّثبيت-، ونرجو اللهَ له التَّوفيق والسَّداد،وهو -سبحانه- الهادي إلى سُبُل الرَّشاد.

12. السُّؤال:
دعاء «اللهمَّ إنِّي عبدُك» إذا قالتهُ النِّساء؟
الجواب:
نفس الشَّيء؛ تقول: «اللهمَّ إنِّي عبدُك»؛ لأنَّ المذكَّر يَستوعب المؤنث.. {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} لا تشمل الأنثى، تشمل -فقط- الذَّكَر؟ لا؛ الخِطاب واحد، والدُّعاء واحد -كذلك-إن شاء اللهُ-تعالى-.

13. السُّؤال:
إذا صلَّى الرَّجل بأهلِ بيته وأخطأ في القراءة؛ هل يَرُدُّونه؟
الجواب:
نعم؛ يَرُدُّونه، لا مانع من ذلك -من ابنةٍ، أو زوجةٍ، أو أخت، أو أمٍّ-، لا مانع، إذا رَدَّته في ذلك؛ لا بأس.

14. السُّؤال:
ماذا تعرِفون عن الشَّيخ زين الدِّين ابن حنفيَّة؟
الجواب:
رجلٌ مِن أهل العلم في الجزائر، وهو مِن أهل السُّنَّة، وله جهود في الفِقه كبيرة وكثيرة، أسأل الله أن يحفظَه وأن يبارك فيه.

15. السُّؤال:
ما حكم الوصيَّة الواجبة؟
الجواب:
الوصيَّة الواجبة مسألة اجتهاديَّة، و لا نستطيع أن يكونَ لنا رأيٌ يُنافي المحاكمَ الشَّرعيَّة في مسألة اجتهاديَّة -وهم أصحابُ الرَّأي النَّافذ فيها، والْحُكم القائم فيها-، وأغلب بلاد المسلمين -اليوم- تقوم بتنفيذِ حُكم الوصيَّة الواجبة.

16. السُّؤال:
ما حُكم صلاة الجمعة في البيوت؟
الجواب:
البيوتُ ليست مكانًا لصلاةِ الجمعة، هذا هو المنقول عن ابن عبَّاس -في حديث «الصحيحين»-في اليوم الماطِر- لما قال مُناديه: «صَلُّوا في رِحالِكم» -أو: «في بيوتكم»-، وهو المنقول عن ابن مسعود -رضي اللهُ عنه- عندما قال: بأنَّ (مَن فاتته الجمعة؛ يُصلِّيها أربعًا)، لو كان جائزًا؛ لقال: يُصلِّيها اثنتين -أعني: صلاة الجمعة لِمَن فاتَته الجمعة بِعُذر؛ يُصلِّيها في بيته اثنتين، وهذا لم يَقل، ولم يَكن-.
وأنا -في حدودِ عِلمي- لا أعلم مَن أجاز صلاة الجمعة في البيوت، لا أعلم -في ذلك- قولًا؛ إلا مِن باب التَّخريج أنَّ عالِمًا من العلماء أجاز كذا؛ إذن: يجوز كذا؛ هذا غير صحيح، ولا يجوز.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَم.

17. السُّؤال:
هل الدَّاعي إلى الله الذي عقيدتُه ومنهجه سَلِيمان ولكنَّه حَلِيق؛ يُسمَع له؟
الجواب:
نعم؛ يُسمَعُ له، ما دام صاحبَ منهج وعقيدة؛ يُسمَع له، ويُنصح، ويُدعى له -في ظهر الغيب-: أن يوفِّقه الله لمزيد مِن الخير والتَّوفيق.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَم.

18. السُّؤال:
ما قولُكم في كتاب «الأسماء والصِّفات» للشَّيخ الرّضواني؟
الجواب:
الشَّيخ الرّضواني في باب العقيدة -عمومًا-، وفي باب الأسماء والصِّفات -خُصوصًا-: مُجِيد لهذا الموضوع؛ ولكن.. [انقطاع] .. في نقد كلامِه، وفي نقدِ ما يتعلَّق بِاجتهادِه.
لكن -الحقيقة-: الشَّيخ الرّضواني -غفر الله لنا وله- نزعَ -في السَّنوات الأخيرة- إلى موضوع الغُلو في التَّبديع، ولم يَكدْ يترك أحدًا من تبديعِه، وهذا خللٌ نرجو اللهَ له أن يُنجِّيه منه، وأن يرجع إلى ضبطِ هذا الأمر الدَّقيق -والدَّقيق جدًّا-، وعدم التَّوسُّع فيه -وبخاصَّة في أهل السُّنَّة-.
نحن نراه -الآن- كثيرًا يتكلَّم في انتقاد أهل السُّنَّة.. نعم؛ يَنتقد الأحزاب -وما أشبه-؛ لكن -كأفراد-: لا يَنتقد -أكثر ما ينتقد-؛ إلا أهل السُّنَّة ودُعاة منهج السَّلف.

19. السُّؤال:
رجوع الإمام من الرُّكن إلى [واجب] هل يُبطل الصَّلاة؟
الجواب:
لا يُبطِلها، لا دليل على الإبطال؛ لكن نقول: أتَى بخطأ، الصَّواب: أن لا يَفعل؛ لكن: لا تَبطُل صلاتُه، ولا دليل على البُطلان.

20. السُّؤال:
كلمة لِمَن يتسلَّط على تضعيف أحاديث في «الصَّحيحين»؟
الجواب:
«الصَّحيحان» أصحُّ الكتب بعد كتاب الله، والعلماءُ انتَقَدوا فيها حُروفًا -كما قال الإمامُ ابنُ الصَّلاح-.
أن يأتيَنا -اليوم-بعد اثني عشر قرنًا- مَن يَنتقدُها -أو مَن ينتقدُ منها-، وبِأسلوبٍ بعيد عن أهل الحديث، ومنهجيَّة أهل الحديث، وموثوقيَّة علماء الحديث؛ فهذا يُقال له: (ليس هذا بِعُشِّك؛ فادرُجي)!
نعم؛ هذا ليس تخصُّصَه، وليس شأنَه، والنَّقدُ العقلي نقدٌ يُقابَل بِمِثله، ما رفضَه عقلُك؛ قد يَقبَله عقلُ غيرِك، ومِن هنا تتفاوتُ العقول والْمَدارك.
ربنا يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} بِسبب ماذا؟ بسببِ العقول، وتفاوُت العقول.
أمَّا أن نجعل العقلَ هو الحاكِم، ثم نُسمِّي ذلك أنَّه مُعارَضة للقرآن!!
المعارَضة في عقلِك -وعقلِه-! وليست المعارَضة في السُّنَّة الصَّحيحة، ولا في كتاب الله -عزَّ وجلَّ-.
السُّنَّة الصَّحيحة مُفصِّلة لما أُجْمِل في القرآن، ومُبيِّنة لما أُبهِم في القرآن، ومُخصِّصة لما عُمِّم في القرآن، وفيها الزِّيادة على القرآن الكريم، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «أَلا إنِّي أوتيتُ القُرآنَ ومِثلَه مَعَه»، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.
ثم: اللهُ -سُبحانه وتعالى- في القرآن يقول: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} فَهُما تنزيلان: الكتاب تنزيلٌ، [والسُّنَّة] تنزيل -كما أشار إلى ذلك الإمامُ البغوي في تفسيره-.

21. السُّؤال:
حدِّثنا -شيخَنا- عن أحكام الوباء؟
الجواب:
..أهمُّ شيء: أن نَستسلمَ لِحكمة الله -تعالى- في الوباء. هذا أهمُّ شيء.
الأمر الثَّاني: الوباء أنواع:
الطَّاعون وباء؛ لكن: كلُّ طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا؛ لأنِّي رأيتُ من يَخلط في هذا الأمر! نعم؛ بعض العلماء قالوا ذلك؛ لكن الأدلَّة تَنقُض هذا القولَ وتَرُدُّه.
نقطةٌ أخرى: الالتزام بفتاوى أهل العلم، وما أوجبتْه أحكام أولياء الأمور.
الأمر الرابع: في حالة الحَجر الصِّحِّي -وما أشبه ذلك-الحقيقة-: يجب أن يكونَ -هنالك- التزام بها؛ لأنها مَبنيَّة على المصلحة الأرجح -ولا أقول-فقط-الرَّاجحة-.
بينما نرى الكثيرين -اليوم- ماذا يَفعلون؟
نرى الكثيرين -اليوم-: يتجاوزون، ولا يَقبَلون -كأنَّهم مُستوعِبون لأمور الِّدين والدُّنيا-!
هذا غير صحيح.
العلماء -فيما يُفتون به-: هُم أعرف وأدرى -في هذه النَّازلة.. في هذه الجائحة-.
وكذلك أولياء الأمور: لا يهمُّهم حَبس النَّاس في بُيوتهم وعدم خروجهم من مِنازلهم؛ الجواب: لا؛ لكن: يهمُّهم حَصر الوباء -هذا-، وحَصْرُه هو بابٌ من أبواب إنهائه -لأنَّ هذا الوباء ينتشر كثيرًا-وكثيرًا جدًّا-.
نقطة أخيرة: أن لا نتألَّى على الله -في موضوع هذه الأوبئة-؛ أن نقول: (هذا عقوبة لنا -نحن المسلمين-)، أو أن يُقال: (هذا جُنديٌّ مِن جنود الله)، أو أن يُقال: (عاقبَنا الله في إغلاق المساجد، وأبعَدَنا الله عن المساجد).. هذا -كلُّه- لا ينبغي-الحقيقة-يا إخواننا-!
ولكن؛ ماذا نقول؟ نقول: اسْتَسْلِم لِحِكمة المولى، أمَّا الدُّخول في التَّفاصيل؛ فهذا بابٌ مِن أبواب التَّألِّي على الله، أخشى أن يكون ذلك كذلك، واللهُ المستعان، وعليه التُّكلان.

22. السُّؤال:
هل تَنصح بالشَّيخ محمَّد سعيد رَسلان؟
الجواب:
الشَّيخ محمَّد سعيد رَسلان رجلٌ من أهلِ العلم، ومِن أهل السُّنَّة، وله جُهود طيِّبة، وعِلمُه حسَن -ما شاء الله-؛ لكن: ما ذكرناه -قبل قليل- يدخُل فيه مثلُه -غفر الله لنا ولكم وله- في دُخوله في باب التَّبديع والتَّضليل -بدون ضوابط-، مع أنَّه ألَّف في ضوابط التَّبديع -له كتاب في هذا المعنى-؛ لكن -كواقع-للأسف الشَّديد- خالَف ما قرَّره في كتابِه، ودخل في تبديعِ كثيرٍ من أهلِ السُّنَّة.
نحن لا نُعارِضُه في تبديعِه الحزبيِّين، والحرَكيِّين، والضَّالين المضلِّين؛ نحن نُعارضُه -غفر اللهُ لنا ولكم وله- في باب تبديع أهل السُّنَّة.
لماذا لا يكون -هنالك- مُناصحة ومُصابَرة، وفي أمور -كما قلتُ- هي -أكثر ما تكون- اجتهاديَّة!
ونحن على ما قاله سيِّدُنا عمر -رضي الله-تعالى-عنه-: «لا يجزئ مَن عَصى الله فيك بأحسن مِن أن تُطيعَ اللهَ فيه».
نحن نعلم أنَّ مِمَّن ذكرناهم مِن أهل السُّنَّة مَن يُبدِّعنا! لكن: نحن لا ننتقِمُ لأنفسنا، ونحن نَشهد بالعدل -وإن كان مُخالِفونا ظَلَمونا-، واللهُ فوق الجميع، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}.

23. السُّؤال:
ما ضابط الاستدلال بالأحاديثِ على المسائل اللُّغويَّة؟
الجواب:
هذا بابٌ تكلَّم فيه العلماء، وأفردوه بالتَّأليف.
الأصلُ الْحُجِّيَّة؛ إلا ما ثبت أنَّه اختلاف رِوايات، أو اختلاف ألفاظ، أو رواية بالمعنى؛ فَمِثل هذا قد يُستثنى ولا يَدخل في هذا الباب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

24. السُّؤال:
يقول: أنا مُقيم ثلاث سنوات خارج بلدي، وأنا لا أزال أقصُر؟
الجواب:
هذا لا يجوز.
هذه السَّنوات الثَّلاث -كيفما كان الأمر-: أنت -الآن- في صورة الإقامة، حتى لو لم يَكن لك إقامة رسميَّة، طالما أنت -الآن- مُتَّخذ أسباب الإقامة؛ فهذه إقامة عُرفيَّة، يجب أن يكون منك الصَّلاة تامَّة -بكافَّة الأحكام في ذلك-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

25. السُّؤال:
هل يُرجَع إلى الدُّكتور ربيع المدخلي في نقدِ الْمُخالِف؟
الجواب:
نعم؛ يُرجع؛ لكن: الْمُخالِف الذي ليس مِن أهل السُّنَّة.
أمَّا الْمُخالِف مِن أهل السُّنَّة: فلا يُرجع له في ذلك؛ لأنَّه دَخل في باب الغُلُو، ونسأل اللهَ أن يَردَّه إلى جادَّة الحقِّ والصَّواب في ذلك، ويَرجع إلى ما كان عليه -أوَّل ما عرفناه-.. عرفْناه يَنصر السُّنَّة، ويَرُد البدعة، ويَرُد على المبتدعة.
أما مِن عشر سنوات -وللأسف الشَّديد-: دخل في باب التَّبديع لأهل السُّنَّة، حتى مِن أقرب النَّاس إليه -الذين كان يُعظِّم شأنَهم ويَمدحهم ويُثني عليه-ولم يتغيَّروا؛ لكنَّهم خالفوه في بعض الأمور-.

26. السُّؤال:
كيف يتصرَّف من نسي سجودًا وتذكَّر بعد السَّلام؟
الجواب:
الأصل: أن يأتي بركعةٍ كاملة؛ لأنَّ السُّجود جزءٌ من الرُّكن، ولا يتمُّ الرُّكن إلا بِسَجدتَين؛ فالأصل أن يُعيد ركعة كاملة، ثم يَسجد للسَّهو.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

27. السُّؤال:
ما منهج أهل السُّنَّة والجماعة في الإنكار على ولاة الأمور؟
الجواب:
الإنكار عليهم بِالسِّرِّ -دون العَلَن-.
بل أنا أقول: لو أنَّ واحدًا من عامَّة النَّاس -مثلًا: الأخ السَّائل-هذا- تكلَّم بكلمة وأنكرتُ عليه في العَلَن؛ واللهِ؛ ليجدَنَّ -في نفسِه- عليَّ!
ونحن مِن عامَّة المسلمين -لسنا حُكامًا، ولسنا أُمراء، ولسنا..ولسنا-، فكيف الحاكم -الذي له هَيلَمانُه، وله سُلطانه، وله قِيمتُه-؟
لكن: المنقول عن السَّلف الصَّالح -رضي اللهُ عنهم-في هذا الباب-: الْمُناصَحة بالسِّرّ.
وأنا أنصحُ بِكتاب الشَّيخ الدُّكتور عبدِ السَّلام بَرجَس -رحمةُ الله عليه- بِعنوان: «مُعاملة الْحُكَّام في ضوءِ الكتاب والسُّنَّة».

28. السُّؤال:
ما الضَّابط في التَّكفير بتبديل الشَّرع بالنِّسبة لِلْحُكَّام؟
الجواب:
هذه مسألة يَنبغي أن تكون مِن المسائل الْمُنتهِية بين طلاب العِلم وأهل العِلم؛ لأنَّه -في الغالب- لم يترتَّب عليها إلا الويل والثُّبور وعظائم الأمور والْمُخالَفات تِلو الْمُخالفات!
ومع ذلك؛ الذي يُنبِّه عليه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة والإمام ابن القيِّم -وغيرُهم-: أنَّ التَّبديل إذا كان فيه نسبةُ الْمُبَدَّلِ للهِ أو لِلدِّين؛ هذا هو التَّبديل الْمُكفِّر.
أمَّا تبديل قوانين بقوانين: هذا مِن الكبائر، ومِن الكُفر الأصغر؛ لكن لا نقول إنَّه خُروج عن الملَّة.
وهنالك كلمة للإمام ابن القيِّم -رحمهُ الله-في آخر كتابِه «الرُّوح»- بعنوان: (الْحُكم ثلاثةُ أنواع) لا بأس أن أذكرَها بدقيقةٍ واحدة.
يقول: الْحُكم ثلاثةُ أنواع:
الْحُكم الْمُنزَّل: وهو حُكم الله ورسوله؛ فهذا لا يَقبَلُ خطأً ولا نَقصًا.
والْحُكْم الثَّاني: هو الحكم الْمُؤوَّل؛ وهو حُكم الأئمَّة المجتهدِين؛ فمِنهُ: الخَطأ، ومنهُ: الصَّواب، وهو دائرٌ بين الأجر والأجْرَين.
ثم قال -وهنا الشَّاهد-: الْحُكم الْمُبدَّل، وهو الْحُكم بِغير ما أنزل الله؛ فمنه: الظُّلم، ومنه: الفِسقُ، ومنه: الْكُفر.
ولن تجدوا -أيها الإخوة الأعزاء- أجوَد من هذا الكلام، وأتقَنَ -وأجْمَعَ- مِن هذا الكلام -مهما ذهبتم وجئتم-!
قضيَّة التكفير للْحُكَّام دخلها بابُ العَواطف، دخلتْها باب الحماسات، دخلها مخالَفة جماهير أهلِ العلم -في هذا الباب-، واللهُ المستعان.

29. السُّؤال:
ما أحسنُ كتابٍ يتكلَّم في موضوع المذهبيَّة؟
الجواب:
هنالك رسالة دكتوراه كتَبها بعضُ الأفاضل -في السُّعوديَّة-في ثلاث مجلَّدات- بعنوان: «التمذهُب»، وهنالك كتاب أصغر -في مُجَيليد- بعنوان «بدعة التَّعصُّب المذهبي»، خُلاصة الكتاب: أنَّنا لا نحارِب المذهبية؛ ولكن نُحارب التَّعصب المذهبي.
أما مَن التزم مذهبًا، وبَنى على التزامِه المذهبَ التَّرجيحَ بالدَّليل -ليس الانتصار للمذهب-؛ فلا مانع مِن ذلك -إن شاء الله-، والله الهادي إلى سواءِ السَّبيل.

30. السُّؤال:
ما قولُكم في الشَّيخ أبي الحسن المأرِبي؟
الجواب:
الشَّيخ أبو الحسن المأرِبي رجل مِن أهل العلم ومن أهل السُّنَّة، وهو قائم بِجهود طيِّبة ومُباركة -في بلادِه-في اليمن-، وهو -كغَيرِه- بَشَر -كمِثلِ المسؤول، والسَّائل- كلُّنا بَشَر، إذا أصبْنا؛ نسأل اللهَ أن يأجرَنا، وإذا أخطأنا؛ نسأل الله أن يعفو عنا.
وانتُقد الشَّيخ أبو الحسن في بعضِ الأمر، وتراجَعَ عن بعض الأمر، وهذا مِن حُسن خُلقِه وطِيب منهجِه -ولا نزكِّيه على الله-.

31. السُّؤال:
من هو الشَّيخ محمَّد موسى آل نَصر؟
الجواب:
الشَّيخ الدُّكتور الْمُقرِئ محمَّد موسى آل نَصر أبو أنس -رحمة الله عليه- من إخوانِنا الذين عرفناهم منذ نحو أربعين سَنة -وزيادة-، ولا نَعرف عنه إلا خيرًا، رافقناه في الأسفار -برًّا وبحرًا وجوًّا-، وترافَقْنا في كثير من المؤتَمرات والنَّدوات -في الدَّاخل، والخارج-مرَّات ومرَّات-، ولا نَعلم عنه إلا خيرًا -في نفسِه، وفي عِلمِه، وفي جُهده وجِهاده-، ونسأل الله أن يرحمَه، وأن يغفر له، وأن يجمعنا وإيَّاكم وإيَّاه في جنَّة الله، واللهُ الهادي إلى سواءِ السَّبيل.





انتهى اللِّقاء السَّادس
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-29-2021, 04:18 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء السَّابع

(15 شعبان 1441)



[افتتاحيَّة اللِّقاء]
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ لله، وأفضل الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم على نبيِّ الله، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه واتَّبع هداه إلى يوم نلقاه.
أمَّا بعد:
فنحمد الله -عزَّ وجلَّ- على ما وفَّق -ويوفِّق- في مثل هذه اللِّقاءات العِلميَّة التي أرجو أن تكونَ مبارَكة، نتواصى فيها بالحقِّ والصَّبر، ونتعاون على البرِّ والتَّقوى، ويَنصح بعضُنا بعضًا، ويُذكِّر الأخ أخاه -بحبٍّ ورحمةٍ وشفقة-.
أمَّا الآخرون الذين يخالِفون هذا النَّهج -ويُعارِضون هذا المنهج-؛ فلا نقول إلا: هداهُم الله.
الأصلُ أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «لا يؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه».
أمَّا أولئك المعزولون الذين عزَلوا أنفسَهم، وتعصَّبوا وتحزَّبوا -ولو كان تحزُّبهم بغير حزب-فالتَّحزُّب وصفٌ أكثر من أن يكون اسمًا ورسمًا-.
[كلمة حول طاعون عَمواس]
أريد أن أتكلَّم عن (طاعون عَمواس) -فقد بلغني أن البعض يُشكِّك فيه-.
(طاعون عَمواس) حصل في السَّنة الثامنة عشرة للهجرة، في موقع في بلاد الشَّام اسمُه (عَمواس)، ومات -أثناء هذا الطَّاعون- عددٌ من الصَّحابة، وكان أثرُه كبيرًا -وكبيرًا جدًّا-، وكان القتلى فيه -جرَّاء الطَّاعون- كثيرين -وكثيرين جدًّا-.
نعم؛ قد تكون الأرقام التي ذُكرت -في بعض الكتب- مشكوكًا فيها، أمَّا وقوعُه، ووقوع القتلى فيه بالعددِ الكبير؛ فهذا -الحقيقة- تشكيك غير صحيح، وغير علمي.
والإمام الذَّهبي -رحمهُ الله-وهو مُؤرِّخ الإسلام- ذكر في كتابه «تاريخ الإسلام»، وحتى في «السِّيَر» -وفي غير ذلك من الكتب- ما تقرُّ به قلوب أهل الإيمان في هذا الباب.
والله الهادي إلى سواء السَّبيل.

1. السُّؤال:
حول موضوع المذهبيَّة، والأخذ بالدَّليل.
الجواب:
..لا تعارُض بين التَّمذهُب بمذهبٍ مُعيَّن والأخذ بالدَّليل إذا كان ذلك التَّمذهب مَبنيًّا على تعظيم بالدَّليل والأخذ بالدَّليل.
أمَّا أن نتعصَّبَ للمذهبِ بحيث نغُضُّ من قَدْر الأدلَّة، أو لا نَلتفت لِلمخالف، أو لا نَعرف المسائل؛ فهذا لا يجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

2. السُّؤال:
هل لِلَيلةِ النِّصفِ مِن شعبان دُعاءٌ خاصّ؟
الجواب:
لا يوجد لها دُعاء خاصّ، ولا قِيام؛ وإنَّما ليلة النِّصف فيها -فقط- المغفرةُ مِن ربِّ العالمين لعبادِه، إلَّا لمُشركٍ أو مُشاحِنٍ -كما ورد في الحديث-، وقد أشرنا إلى أنَّ الحديثَ اختلف فيه أهلُ العلم؛ لكنْ: أنا أميلُ إلى قولِ مَن حسَّنَهُ.

3. السُّؤال:
ما حُكم شراء سيَّارة عن طريق (بنك إسلاميّ)؟
الجواب:
نحن نتمنَّى أن يكون هنالك (بنك إسلاميٌّ) بمعنى الكلمة، وتكون هنالك أدوات تعامُل مُوافِقة للشَّرع وغير مخالفة له؛ لكنْ: هذا -للأسف!- إلى الآن- غير موجود -مع احترامِنا للهيئات الشَّرعيَّة لهذه (البنوك) -وما أشبه ذلك-، الواقع غير ذلك -وللأسف الشَّديد!- ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾.

4. السُّؤال:
هل لكم شرح على «صحيح الكَلِم الطَّيِّب»؟
الجواب:
نعم؛ كتبتُ شرحًا قبل (25) سَنة -أو زيادة-، والشَّرح كان في (600) صفحة؛ لكنْ: أرسلتُه للنَّاشر -نسأل الله أن يرحمَه، وأن يغفر له-، ويبدو أنه ضاع منه، وليس عندي صورةٌ عنه، ولا نسخةٌ مُسوَّدة -حتَّى-، ونسأل اللهَ أنْ يُعوِّض، لعلَّ ورثتَه يَجدونه -ولو بعدَ حِينٍ-.
والله الموفِّق لنا ولكم -أجمعين-.

5. السُّؤال:
نريد كلمةً على مَن يقول: إنَّ الشَّيخ مشهورًا يحقِّق الكتب مع مجموعةٍ، ولا يذكرهم...إلخ.
الجواب:
هذه شبهات كثيرة تُطرَحُ!
أخونا الشَّيخ مشهور رجل عالِمٌ، ورجل -ما شاء الله- يُحافظ على وقته مُحافظة طيبة -جِدًّا- جزاه الله خيرًا-، ويبذل الغالي والنفيس.
نعم؛ كلُّ عالم عنده مشاريع كبيرة؛ لا بدَّ أن يكون عنده من يُعينه في صفِّ الكتاب، وفي مراجعتِه، وفي فَهرستِه، أمَّا القضايا العِلميَّة المباشِرة؛ فلا يقوم بها إلَّا العالِم، قد يساعده -أيضًا- آخرون في قضايا العَزْو -وما أشبه-، هذه -كلُّها -الآن- اصبحت سهلةً، ولا تدلُّ على عِلميَّة ولا ألمعيَّة -في الموضوع-، فالَّذين يقولون هذا الكلام للغضِّ من قِيمة -وقَدْرِ- أخينا الشيخ مشهور؛ لم يُصيبوا في ذلك.

6. السُّؤال:
نريد ما يتعلَّق بحديث قراءة سورة الكهف.
الجواب:
حديث قراءة سورة الكهف: اختلف فيه أهل العلم المتأخِّرون، وأمَّا المتقدِّمونَ -أو الجيل الأوَّل-من أهل العلم-؛ فكلُّهم على قولٍ واحدٍ.
وممَّا ينبغي النَّظر إليه: أنَّ الكُلَّ متفق على تصحيح قراءة سورة الكهف؛ لكنْ: ليس فيها تحديد يوم الجمعة، شيخُنا الشيخ الألباني يميل إلى التحديد، والذين يُخالفونه يقولون: (هذا فيه شذوذ).
قضية الشُّذوذ -ردًّا-، وزيادة الثِّقة -قَبولًا-: هذه مسألة قد تختلف فيها الأنظار؛ لذلك: نرَى من أهل العلم من المتقدِّمين مَن يصحَّح هذه الزِّيادة، وآخَرون قد يُضعِّفونها.
فهذا هو الجواب، والله -تعالى- أعلم بالصَّواب.

7. السُّؤال:
ما حكم مَن يتبرَّع بمبلغ ماليٍّ يريد به وجهَ الله؛ ولكنَّه يَفرح أن هذا سيُخصَم من الضَّريبة -أو ما أشبه ذلك-؟
الجواب:
لا بأس -إن شاء الله-؛ لأنَّ الأصل هو رضا الله والصَّدقة بما أكرمك الله -تعالى- به.
أمَّا ما يَرِد على ذلك -مِن فرَح في أمور دنيويَّة-؛ فلا تعارُضَ؛ النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «نِعمَ المالُ الصَّالحُ للعَبْدِ الصَّالحِ».
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

8. السُّؤال:
ما حُكم القبض من الرَّفع بعد الركوع؟
الجواب:
مسألة خلافيَّة، حتَّى إنَّ الإمام أحمد وسَّع القول في ذلك -كما في رواية ابنِه صالحٍ-، فيُجوِّز الوجهين، وأنا أقول: لو كان عنده سُنَّة واضحة -وبيِّنة- في ذلك؛ لقالَ بترجيح هذا القول علَى ذلك القولِ -وبكلِّ صراحةٍ-.
وأنا لي رأيٌ -قد يكون خاصًّا-نوعًا ما-: أنا لا أميل إلى أنَّ القَبض سُنَّة، ولا أميل إلى قول مَن قال: أنَّ القبض بدعة؛ ولكني أقول -وأعوذ بالله من شرِّ نفسي، وسيِّئات عملي-: القبض بعد الركوع مُخالَفة للسُّنَّةِ، وكلُّ بدعةٍ مُخالَفةٌ للسُّنَّة، وليست كلُّ مخالَفةٍ للسُّنَّةِ بِدعةً -أرجو أن يُفهَم هذا الكلام-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

9. السُّؤال:
هل يجوز الصَّلاة بالكِمامة؟
الجواب:
يجوز؛ إذا وُجد السَّبب لذلك.
أمَّا بغير سبب: فالأصل عدم ذلك، ونهى رسولُ الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن سَتر الفمِ في الصلاة.

10. السُّؤال:
هل من السُّنَّة تأخير المضمضة والاستنشاق بعد غسل الوجه أو اليدين؟
الجواب:
لا؛ ولكن ورد عن النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بعد وضوئه أنَّه أخذ كفًّا من ماء ووضعَهُ أسفل لِحيتِه.
هذا هو المنقول في هذا الباب.

11. السُّؤال:
هل يجوز إخراج زكاة الفِطر قبل رمضان؟
الجواب:
لا يجوز؛ ولكن الزَّكاة المطلقة العامَّة: يجوز إخراجُها قبل وقتها.
وأقول هذا؛ لأنَّ الكثيرين يَجعلون زكاتَهم في رمضان، فلو أنَّه بَكَّر في ذلك -حتى لو سَنَة زيادة-، ما فيه إشكال في ذلك.

12. السُّؤال:
هل لله مكان؟ وهل مكانه وجوديٌّ، أم عَدَميٌّ؟
الجواب:
نحن نقول: والله -عزَّ وجلَّ- كما وصف نفسه: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾، وحديث الجارية واضح، وحديث -أيضًا-: «الرَّاحمون يرحمُهم الرَّحمن، ارحَمُوا مَن في الأرضِ يَرحَمْكم مَن في السَّماء»، وهذا -كلُّه- ليس له علاقة بالمخلوق؛ لأنَّه ما ثَمَّ إلا خالق ومخلوق؛ فينتهي الخلقُ عند العرش، واللهُ فوق العرش؛ كما ورد -بالسَّند الصَّحيح عن ابن مسعود-، والنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «إنَّ الله كَتَب كتابًا فهُو عنده فوق العرش: (إنَّ رحمتي سَبَقَتْ غضبي)».
و كما أنَّنا قَبِلْنا أنَّ الله سميعٌ بصير كما يليقُ بِجلاله وكماله؛ نَقْبَل أنَّ الله -سُبحانهُ وتَعالى- في السَّماء كما يَليق بجلاله وكماله.
ويجب أن نفهم: أنَّ السَّماء -هنا- بِمعنى العُلوِّ حيث لا مكان، وإذا قيل: (مكان عَدَمي)؛ لا مانع مِن هذا التَّعبير مع الفهم الصَّحيح.
أمَّا الدُّخول؛ أنَّ هذا تَجسيد وتَشبيه ومكان لله.. لفظ (المكان) لم يَرِد في الكتاب والسُّنَّة، فمَن أثبتَه؛ يَجب أن يوضِّح مُرادَه، ومَن نفاه؛ يَجب أن يُوضِّح مُرادَه.
فالله عز وجل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾: هذا النَّصُّ القرآني نَضَعه أصلًا وأساسًا في كلِّ صفةٍ من صفات الباري -جلَّ وعلا-.
ثم كيف تكون السَّماء سببًا للتَّشبيه والتَّجسيم -كما يقولون- والله -عزَّ وجلَّ- يقول: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ السَّموات: هي التي الأولى والثَّانية والثَّالثة..، أمَّا السَّماء بمعنى العُلو المطلَق؛ فالنَّصُّ فيها واضح.
واللهُ الهادي إلى سواء السبيل.
[طلب زيارة للمغرب]
ألا تفكِّرون في زيارة المغرب؟
الجواب:
نعم؛ بلى -واللهِ- نُفكِّر، وبلاد المغرب العربي كلُّها حبيبة إلى قلوبنا، عزيزةٌ على نفوسِنا.


13. السُّؤال:
عن تضعيف حديث: «إذا انتصَفَ شَعبانُ؛ فلا تصوموا»؟
الجواب:
هذا الحديث اختلف فيه أهلُ الحديث: بعضُهم يُثبِّته وبعضُهم يَردُّه، والعبرة في التَّرجيح بحسب المرجِّح.
أنا أميلُ إلى ترجيح القَبول، قد يَميل غيري إلى ردِّ هذا القَبول وتضعيف الحديث.
أمَّا مَن ليس أهلًا للتَّرجيح؛ فنقول له: قلِّد مَن تَثِق بِعِلمِه ودينه أكثر؛ فهذا مِن باب الأخذ بقول أهل الثِّقة.

14. السُّؤال:
هل يُمكن أن تَشرح لنا ما هو (مَنهج الموازنات)؟
الجواب:
(مَنهج الموازَنات) -إِخواني-: النَّظر لهُ يجب أن يكونَ مِن جهتين:
الجهة الأولى: جهة الرَّدِّ والتَّعقُّب والنَّقد، هذه؛ الأصلُ فيها عدم ذِكر محاسن المردود عليه؛ لأنَّ ذِكر المحاسن -في هذا السِّياق- تُضعِف الردَّ، وسيأتي النَّاس لِيُمسكوا بهذه المحاسن ليَرُدُّوا تلك التَّعقُّبات، وهذا منهج العُلماء في ذلك، أو -حتى أكون دقيقًا-: منهج أكثر العُلماء في ذلك.
النُّقطة الثَّانية: (منهج الموازنات)؛ يعني المقارنة بين الحسنات والسيِّئات في باب الترجمة: أمرٌ معروف، ولا يزال أهلُ العِلمِ يُترجِمون، ويَذْكرون ما في الرَّاوي مِن جرحٍ وتعديلٍ، من نقدٍ ومدحٍ وإطراء -وما أشبه ذلك-.
والله المستعان.

15. السُّؤال:
مَن نَذَر للهِ حاجةً في وقت شدَّة؛ هل هناك مدَّة لِفِعلها؟
الجواب:
الأصلُ -في ذلك-: أن يكون بحسب نيَّتِه، يفعل بحسب النيَّة وفي أول وقتٍ يتيسَّر له به العمل؛ لأَّن الله يقول: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾، حتى لو كان الإنسان قال: (نذر عليَّ بعد عشر سنوات)؛ لا مانع..
أمَّا إذا لم يُحدِّد؛ فالأصلُ الفَورِيَّة.

16. السُّؤال:
هنالك من يُجوِّز الاختلاط بالاستدلال في الاختلاط الواقع في الحج؟
الجواب:
هذا غير صحيح، استدلال غير صحيح، هنالك فرقٌ بين ما هو مَقدور عليه، وبين ما هو غير مقدور عليه، وما هو فوق القدرة؛ فلا تستوي الأمور.
بأي صورة يَقيس ولا يوجد جامعٌ مُشترَك بينها!؟

17. السُّؤال:
هل مسح النَّاصية بعد الوضوء سُنَّة؟
الجواب:
أنا لا أعلم في ذلك سُنَّة ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.
المشهور -كما قلت- وضع الماءِ بعد الوضوء؛ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يَضعُ الماء أسفل اللِّحية.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

18. السُّؤال:
هل يجوز الصَّلاة في البيت بِدُون أذان؟
الجواب:
يجوز؛ لكن: الأفضل أن تُؤذِّنَ.

19. السُّؤال:
عن أحاديث مُضاعفة الصَّلاة في المسجد الحرام والمسجد النَّبوي: هل هي في النَّوافل -فقط-، أم هي في الفرائض -فقط-، أو تَشمل النَّوافل؟
الجواب:
اختلف العُلماء في ذلك -من قديم-، والشَّيخ ابن باز يُرجِّح أنها شاملة للجميع، والشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يُخالِفُه، ويقول: هي -فقط- في الفرائض.
ومَيْلي -الحقيقة- إلى قول الشَّيخ ابن عثيمين؛ لأنَّ لفظ الصَّلاة إذا أُطلق في النُّصوص يُراد به لفظ الفريضة، إلَّا إذا خُصّص و بُيِّن في نصٍّ أو نصٍّ آخر.

20. السُّؤال:
هل هنالك مِن السَّلف من مَنَع صيام السَّبت؟
الجواب:
نعم؛ ذَكَر ذلك الإمامُ الطَّحاوي في «شَرح معاني الآثار»، وزاد عليه الإمام العَيْني في كتابه «نُخَب الأفكار في شرح معاني الآثار».

21. السُّؤال:
هل نِسبة كتاب «الرُّوح» لابن القيِّم نِسبة صحيحة؟
الجواب:
نعم؛ نسبة صحيحة -مئة في المئة-، وبعض أهل العِلمِ الذين شكّكوا بسبب ما في الكتاب من روايات وآراء اجتهاديَّة مُعيَّنة.
ونحن نقول -في هذا الباب-: بأن هذه الآراء بَرِئَتْ ذمةُ الإمام ابن القيِّم -رحمه الله-؛ لأنهُ ذَكَرَ الأسانيد، وذَكَرَ الطُّرق، وذكر الحـُجج؛ فَالكتاب هو كتاب مَوسوعي.
واللهُ الهادي إلى سواء السبيل.

22. السُّؤال:
عن تحقيقات (دار عالم الفوائِد) لكتب ابن تَيمية وابن القيِّم؟
الجواب:
هي جيّدة -بالجُمْلة-، يوجَد ملاحظات -كَأيِّ عمَلٍ-؛ لكن: هي أحسن الموجود -الآن-؛ لأنهم اجتهدوا في تَتبُّع المخطوطات والنُسخ، وأَتقنوا هذا العمل -جزاهم الله -تعالى-خيرًا-، و إن كان التَّعليق يحتاج إلى شيء بالزِّيادة؛ لكنْ: هذا -إن شاء اللهُ- نشكرهم عليه -أيضًا-.

23. السُّؤال:
هل الشُّروع في المندوب يُصيِّرهُ واجبًا؟
الجواب:
إذا كان صلاةً؛ نعم: ابتدأْتَ بِصلاة سُنَّة لا يجوز أن تترُكها بدون سبب.
لكن -مثلًا-: الصِّيام؛ الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: «الصائمُ الْمُتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاء صام وإن شاء أفطر».
فليس الأمر بهذه الصُّورة في ذلك.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

24. السُّؤال:
هل يجوز قراءةُ القرآن لوليِّ الميِّت عن الميت؟ وهل يَصِلُ إليه الثواب؟
الجواب:
المسألة فيها خلاف بين أهل العِلمِ؛ لكن الذي ينشرح له صدري: أنَّ وُصول الثَّواب من الفَرع إلى الأصل، أمَّا غير ذلك: فالدُّعاء العام.
أمَّا مجرَّد وصول الثَّواب المباشر بالأعمال؛ فهو من الفرع إلى الأصل؛ لأنَّ الله -تعالى- يقول: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾.

25. السُّؤال:
هل يَجوز جَمْع أكثر مِن نِيَّة في العمل الواحد وما هو الضابط؟
الجواب:
مسألة خِلافية بين أهل العِلمِ، لا أَميلُ إلى هذا القوْل -في الحقيقة-مع احترامي للقول الآخر الذي يُجيزُ الجمع-.
كُلُّ عمل لهُ نِيّة؛ «إِنما الأعمالُ بالنيات»، لِكل عمل نِيَّتُه.
والمسألة فيها تفصيل أكثر.
مثلًا: بعض النَّاس يأتي ويَقول: أنا دخلتُ المسجد وأُريد أَن أُصلي السُّنَّة وتحيَّة المسجِد؟
نَقول له: لو صليتَ السُّنَّة؛ تُجزئُك عن تحيَّة المسجد؛ لأن تحيَّة المسجد ليست مُرادةً بذاتها.
ولذلك: العُلماء يعتبرون تحيَّة المسجد مِن باب شُغل الْمَحلِّ؛ يعني: أن تُصلي قبل أن تَجلس.

26. السُّؤال:
ما رأيك في رسالة ابن رجب الحنبلي في الرَّدِّ على مَن اتَّبع غير المذاهب الأربعة؟
الجواب:
ابنُ رجبٍ الحنبليُّ عالِم وإمام وجليل، ومِن مدرسة ابن تيميَّة وابن القيم؛ لكن: له آراء قد يُوافَق ويُخالَف فيها، فهذه الرِّسالة البعض يُشكِّك فيها؛ وأنا لا أشكِّك فيها، أنا أَقْبَلُها؛ لكن: لا أَقبَل منها، أو: ما ذكَره منها.
نعم؛ إذا كان -هنالك- مَن يتَّبع غير المذاهب الأربعة بالهوى وبالتَّرخُّص وباتِّباع الرُّخص؛ هذا لا يجوز.
أما مَن فعل ذلك -بحسب الأدلَّة-؛ فحينئذ: فالأمر ليس بهذه الصُّورة التي عظَّمها -رحمه الله-لا بالإطلاق، ولا بالتَّخصيص-.
ولكن نحن نقول: هذا هو التَّفصيل: مَن خرج عن المذاهب الأربعة بِحُجَّة -كمنهج أهل الحديث، واختيارات ابن تيميَّة-مثلًا-وما أشبه-؛ هو أهلٌ إذا كان أهلًا -وهو أهلٌ-لا شكَّ ولا ريب-.
أمَّا إذا كان يتتبَّع الرُّخَص -كما قلنا-؛ فهذا لا يجوز.

27. السُّؤال:
لو توضِّحون لنا القَدْر المشترك في الأسماء والصِّفات وسبب الخلاف في ذلك.
الجواب:
الآن: هنالك كلمة ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (سميع، بصير): يصفُ الله نفسَه بِـ(السَّميع) و(البصير)، والمخلوقات -أيضًا- فيهم مَن هو سميع وبصير، فاشترك اللَّفظ واختلفت الحقيقة، وهذا يُسمِّيه بعضُ أهل العلم: (الْمُتواطِئ) - يعني: الْمُتَّفِق في اللفظ، والْمُختلف في المعنى-.
بل نحن نقول: حتى بين الخلائق -أنفسِهم- قد يشتركون في الاسم، ويختلفون في الحقيقة والمعنى؛ فكيف بين الخالِق والمخلوق؟ مِن باب أولى.

28. السُّؤال:
مَن التزم مذهبيًّا معيَّنًا -بحذافيرِه-: هل هو ناجٍ أمام الله؟
الجواب:
إذا كان مقلِّدًا ليس عنده القدرة على التَّمييز؛ فلا بأس، هذا الذي يُكلِّفُه الله به.
أمَّا إذا عنده قدرة على التَّمييز، وقدَّم المذهب على الدليل؛ فلا...

29. السُّؤال:
سئلتَ عن بعض مشايخ غلاة التَّجريح فأثنيتَ عليهم وانتقدتهم في الغُلو؛ فأيُّ إنصاف لهم -شتَّتوا الدَّعوة، وفرَّقوا بين الإخوة، وشوَّهوا السَّلفيَّة-؟
الجواب:
نعم؛ هذا صحيح؛ لكن: ما وقعوا فيه مِن ظلم لا يُجيز لنا أن نعاملهم بمثله!
نحن أثنينا عليهم في اعتقادِهم، أثنينا عليهم في تعظيمِهم للسُّنَّة، أثنينا عليهم فيما معهم من حقٍّ أو علم تَميَّزوا به؛ كمن عنده علم لغة عربيَّة، أو علم حديث؛ لكنَّه شذَّ في موضوع الغُلو في التَّبديع؛ فمثل هذا هو الذي نُنكره، وهو الذي نُحذِّر منه، وهو الذي نَنتقدُه.
ومع ذلك -كما ذكرتُ-أمسِ- كما قال سيدُنا عمر -رضي الله-تعالى-عن عُمر-: «لا يُجزئ مَن عصى اللهَ فيك بأحسنَ مِن أن تطيعَ الله فيه».
أنا أعلم أنَّ كثيرًا منهم تحت مطرقة التَّهديد والوعيد والإرهاب الْفِكري! يُبدِّعونني ويبدِّعون مَن هو خيرٌ منهم، ومع ذلك نحن نقولُ: لا نُعاملكم كما عاملتمونا به! نحن نرجو الله لكم الهداية والتَّوفيق، ولا تزالون إخوانًا لنا -وإن بغَيْتُم علينا-.

30. السُّؤال:
نريد نبذة حول (المجمَل والمفصَّل)؟
الجواب:
كلمة (المجمَل والمفصَّل): كلمة معروفة في كتب الفقهاء، وفي كتب الأصوليِّين، والمقصود فيها: أن -هنالك- كلامًا قد يكون فيه إجمالٌ ثم يأتي كلام آخر قد يكون فيه تفصيل.
لذلك: ابن القيم -رحمه الله- يقول: الكلمة الواحدة قد يقولُها اثنان: تكون مِن أحدهما توحيدًا مَحضًا، وتكون مِن الآخَر شِركًا خالِصًا، والعبرة بِمنهجِ القائِلِ وطريقتِه.
إذن: طريقة القائل ومنهجُه هي التي تبيِّن أنه أراد بهذا الإجمال الحقَّ، وأراد بهذا الإجمال الباطل.
أمَّا قول مَن قال بأنَّ: المجمَل والمفصَّل فقط في القرآن والسُّنَّة؛ فهذا قولٌ بَعِيدٌ -بَعِيد، بَعِيد-.
بل أنا أقول: إذا كان القرآن والسُّنَّة -وهما مواضع الكمال والعِصمة- احتاجوا إلى التَّفصيل للإجمال؛ فكيف مَن دونهم مِن عامَّة الخلق الذين قد لا يكون عند الواحد منهم قدرة على الإفصاح أو البيان -وما أشبه ذلك-؟
هذه نُقطة أُوْلى كُبرى.
النُّقطة الثَّانية -أو الثَّالثة-؛ أنا أقول: لكن: قَبول التَّفصيل ليقضيَ على الإجمال مُرتبط بالتَّنبيه على ما قد تَحمِله هذه الكلمة مِن خطأ، نحن لا نَسكُت على خطأ؛ لكن: نُحسِّن الظَّنَّ ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
[كلمة من الشَّيخ -رحمهُ الله- عن سلامة قلبه تجاه المسلمين]
والله؛ ليس في قلبي حقدٌ على مسلم -حتى مَن آذاني ومَن طعن بي ومَن أساء إليَّ-.
لكنِّي: أفرِّق بين مَن فعل ذلك تعمُّدًا ونكايةً، وبين مَن فعل ذلك اجتهادًا وتديُّنًا يظنُّ أنه الحق.
فمَن فعل ذلك اجتِهادًا وتديُّنًا يظنُّ أنه الحق: فأُشهِد اللهَ أني عفوتُ عنه.
وما أنا أخطأتُ فيه بِحقِّه؛ فأسأل اللهَ أن يَغفر لي.
أمَّا مَن فعل ذلك تَعمُّدًا وتقليدًا وعَصبيَّة ونكايةٍ؛ فإني أطالب بِحقِّي بين يدي ربِّي.




انتهى اللِّقـاء السَّابع
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-30-2021, 05:29 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء الثَّامن
(16 شعبان 1441 هـ)




[كلمة افتتاحيَّة]
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه، وصحبِه، ومَن والاه، واتَّبع هُداه إلى يومِ نَلقاه؛ أمَّا بعد:
فحيَّاكم الله -جميعًا-أيُّها الإخوةُ-في كلِّ مكان-.
أيُّها الإخوة الأفاضل الذين يجمعُنا بكم حبُّ اللهِ ورسولِه، والحرصُ على العلمِ والتَّعلُّم والتَّعليم، والذي هو -في النِّهاية-إن شاء اللهُ- بابٌ مِن أعظم أبواب رِضا الله -سبحانهُ وتعالى-.
ونحن عندما افتتحْنا هذه اللِّقاءات: نرجو ربَّنا -سبحانه في عُلاه- أنَّنا لا نُريد إلا وجهَه، ونُجاهد أنفسَنا على ذلك، و اللهُ لطيفٌ بِعباده.
ولا نُريد مِن وراء ذلك -بعد هذا- إلا المزيدَ من الأُلفة والمحبة والائتِلاف والاتِّفاق؛ لأنَّ العقيدةَ الصَّحيحةَ هي التي تجمعُنا، والمنهجَ الحقَّ -الْمَبنيَّ على الكتابِ والسُّنَّة- هو الذي يُؤلِّف بين قُلوبنا.
وفي الوقت نفسِه -أيُّها الإخوة الأحبَّة-: يجب أن نستحضرَ -دائمًا- كلامَ شيخ الإسلام ابنِ تيميَّة الذي يجبُ أن يكونَ أمامَ أعيُننا -كلِّنا-؛ وهو قولُه: «أهلُ السُّنَّة أعرفُ النَّاس بالحقِّ، وأرحمُهم بالخَلْق».
فيا أخا الإسلام! إذا لم تَكنْ مِن أَعرفِ النَّاس بالحقِّ؛ فاحرِص أن تكونَ مِن أَرحمِهم بالخَلْق.
أمَّا أن تَفقِد هذَيْن الأمرَين، وأن تتطاوَل على الآخَرين بِغُرور، أو استِكبارٍ، أو جهلٍ، أو تَعالُم، أو تعصُّب -أو غير هذا وذاك-؛ فهذا ما لا نَرضاه لك، ولا نَقبَله منك، ونحن -في هذا-إن شاء الله- أحرصُ عليكَ مِنك، وأرحمُ بكَ مِنك.
والنَّبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام يقول: «والذي نَفسِي بِيدِه؛ لا يُؤمنُ أحدُكم حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِه»....

1. السُّؤال:
هل صحيح أنَّ الشَّيخ شُعيبًا الأرناؤوط تاب مِن التَّمشعُر؟
الجواب:
أقول: نعم؛ هذا ظنُّنا به أنَّه تاب من التَّمشعُرِ، وفي كتاب «الرِّحلة الكويتيَّة» -الذي كتبه بعضُ طلبة العلم- يَنقل قراءاتٍ لهذا الأخِ على الشَّيخ شُعيب في العقيدة السَّلفيَّة وفي كتب شيخ الإسلام ابن تيميَّة.
وأنا سمعتُه -قبل وفاته -لعله-بِشُهور قليلة-، وقد زرتُه مع بعض الإخوة الأفاضل -ومنهم: الأخ الدُّكتور وليد العلي-نسأل الله أن يرحمَه-، فتمَّ السُّؤال عن ذلك؛ فأجاب الشَّيخ بالجواب الواضح البيِّن في هذا البابِ.

2. السُّؤال:
هل تُقضَى تكبيراتُ الجنازة؟
الجواب:
هنالك حديث أورده سيِّد سابق في «فقه السُّنَّة» -نقلًا عن كتاب «المغني» لابن قُدامةَ-، ومن اللَّطائف: أنِّي سألتُ شيخَنا عن هذا الحديث، فقال لي: (هذا مِن أحاديث الفقهاء) -يعني: الأحاديث الَّتي لا أصلَ لها-.
ومعنى الحديث -لبُعد عهدي به-: أنَّه مَن فاتته تكبيراتُ صلاة الجنازة؛ يَكفيه ما قام به -أو ما كبَّره-.
لكن الصَّواب: أنَّ صلاة الجنازة -كغيرِها من الصلوات-؛ «ما أدْرَكْتُم؛ فصَلُّوا، وما فاتَكُم؛ فأتمُّوا»؛ هذا الحديثُ يستوعب كلَّ أنواع الصَّلواتِ -من غيرِ تفريقٍ بين صلاةٍ وصلاةٍ-.

3. السُّؤال:
هل المقصود بـ«الْمُشاحِن»: الهاجِر؟
الجواب:
كلمة «مُشاحِن» لها أكثر من معنًى، وذكرنا هذا في بعض (التَّغريدات).
«الْمُشاحِن» تأتي بمعنى الهاجِر، تأتي بمعنى الْمُخاصِم، تأتي بمعنى الْمُبتدِع؛ لكنْ: فرق بين مَن يخاصم لدينٍ وعقيدةٍ، وبين مَن يخاصم لِهوًى أو دُنيا.
هذا هو الجوابُ، واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

4. السُّؤال:
ما ردُّكم على مَن يقول: إن (زائدةَ بنَ قدامة) انفرد برواية التَّحريك، وخالَف الجبال؟
الجواب:
رَجعنا إلى موضوع زيادة الثِّقة والشُّذوذ والفَرق بينهما، والصَّواب: أنَّ موضوع زيادة الثِّقة يجب أن يلاحَظ فيه المعنى -أيضًا- ليس -فقط- اللَّفظ.
..وأنا أقرأ في «فتح الباري» -مرَّةً-هكذا-بِقدرِ المولى-سُبحانه وتعالى وتوفيقه-: رأيتُ الحافظ ابنَ حجرٍ يَنقل عن شيخِه الحافظ العراقيِّ يقول: بأنَّ تفرُّد مثل (زائدة بن قدامة) مقبول؛ لأنه جَبل من جبالِ الحفظ -أو بهذا المعنَى-.
فكيف إذا لاحظنا أنَّه لم يخالِف وإنَّما زاد زيادةً متعلِّقة بالمعنَى، فالرُّواةُ قالوا: أشارَ، هو وضَّح نوع الإشارة فقال: حرَّكَ، فكلُّ إشارةٍ تحريك، وليس كل تحريكٍ إشارة؛ حينئذ: يؤخَذ اللَّفظ الخاصُّ ليكونَ هو القاضي على اللَّفظ العامّ.
ولو أنَّنا أردنا أن نحكمَ بالشُّذوذ على كلِّ لفظٍ زائدٍ -أو يُظنُّ في ظاهرِه أنَّه مخالِف-؛ لَحَكمنا على أحاديث كثيرة صحيحة -بل مَرويَّة في «الصَّحيحين» في هذا الباب-.
ولنضرب المثل -على ذلك- بحديث: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ» الذي رواه البخاري في مواضع عدَّة -لعلَّه سِت، أو سَبع مواضع-؛ فحينئذ: لم يُلاحِظ أهل العلم موضوع اللَّفظ -فقط-؛ بل لاحظوا موضوع المعنى.
فما دام المعنى في إطار الضَّوابط اللُّغويَّة؛ فلا إشكال في ذلك -إن شاء الله-تعالى-.

5. السُّؤال:
لماذا قام الشَّيخ شعيب الأرناؤوط عند تحقيقه لِـ«مسند الإمام أحمد» بحذفِ (حدَّثني عبدُ الله: حدَّثني أبي)؟
الجواب:
لأنَّ هذه لازِمة واضِحة وبيِّنة، وحتى يُفرِّق مُباشرةً بين أحاديث «المسنَد» وأحاديث زيادات عبدِ الله على مُسنَد أبيه، لا بُد مِن هذا حتى يفرِّق..وهذا -في الغالب- يكون مِن الرُّواة -أصلًا- وليس مِن أصل «المسنَد»؛ وإنما هو مِن رُواة «المسنَد» عن الإمام أحمد -رحم اللهُ الجميع-.

6. السُّؤال:
حديث «لا ضَرَرَ، ولا ضِرَار»: هل يدخل فيه مَن يكسرُ الحَجرَ الصِّحِّيَّ -بمعنَى: ينقل العَدوى لِنفسِه ولغيره-؟
الجواب:
نعم -لا شكَّ ولا ريب-؛ مع مُلاحظة التَّعمُّد، قد يكون -هنالك- إنسان جاهل، أو غير واعٍ للأمور، أو غير عارِف؛ هذه قضيَّة أخرى.
أنا أتكلَّم عمَّن يعرف أنَّه مُصاب ثم يخرج، ثم ينتج -من وراء ذلك- هذا الباب مِن العَدوى -أو نقل المرض-وما أشبه ذلك-.
ونحن أشرنا -في أكثر من لقاء، وفي أكثر من (تغريدة)-: إلى أنَّ العَدْوى لا تَنتقل بذاتِها «لا عَدْوى» -أي: بذاتِها-، وأنَّ الصَّواب أنَّ العَدوى تَنتقل بأمر ربِّها، هذا مما يجبُ أن يُعلم في ذلك.

7. السُّؤال:
ما أفضل كتاب لدراسة المنهجِ السَّلفي؟
الجواب:
الكتب في هذا الباب كثيرة -وكثيرة جدًّا-.
لكنْ: مَن قرأ كتاب «إعلام الموقِّعين» للإمام ابن القيِّم؛ فإنَّه يَعرف قيمةَ العقيدة وقيمةَ المنهج وقيمةَ الاستدلال وقيمةَ الحديث الصَّحيح -وما أشبه-.
لكنْ: هنالك كتاب لأحد إخوانِنا الأفاضل من الكويت اسمُه: الشَّيخ عيسى مال الله، كتاب اسمُه: «المختصر الحثيث» -فيما أظنُّ-، كتاب نافع -جدًّا-، ومُفيد -جدًّا-؛ فجزى الله -تعالى- كاتبَه خيرًا.

8. السُّؤال:
هل يصحُّ حديث «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي» -لأنَّنا سمعنا أنَّ بعض العلماء يقول: إنَّه (ضعيف)-؟
الجواب:
هو (ضعيفٌ) مِن أذكارِ الوُضوءِ، أمَّا أنَّه من الذِّكر العامِّ؛ فالحديثُ (حسَنٌ).
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

9. السُّؤال:
مَن هم أبرز علماء شبه القارَّة الهنديَّة؟ وهل عقيدتُهم صحيحة؟ وهل هنالك كتاب يتكلَّم عن علماء شِبه القارَّة الهنديَّة؟
الجواب:
نعم كتب أخونا الدُّكتور عبد الرَّحمن بن عبد الجبار الفريوائي -حفظه الله ورعاه- كتابَين -في هذا الباب-: كتاب «أبرز جُهود أهل الحديثِ في علوم السُّنَّة»، و«أبرز جُهود أهل الحديث في علومِ القُرآن».
ولا شكَّ -ولا ريب- أن مِن أبرز هؤلاء العلماء: شاه إسماعيل الشَّهيد، ولي الله الدِّهلوي، صدِّيق حسن خان، العَظيم آبادي، أبو العُلا المباركفوري، عبيد الرَّحمن المباركفوري.. هؤلاء -كلُّهم- من أهل الحديث.
غالِب علماء شبه القارَّة الهنديَّة مُنقسِمون إلى ثلاثة أقسام:
أهل الحديث: وهُم الذي جَمعوا العقيدة الصَّحيحة والمنهج الصَّحيح.
والدِّيوبَنديَّة: وهم الْمُتعصِّبة والْمُقلِّدة للمذهب الحنفيِّ.
والبرِيلْوِيَّة: وهم الْمُخرِّفون الْمُبتدِعون -والعياذُ بالله-تعالى-، حتى الدِّيُوبَنْديَّة تتكلَّم وتَطعن في البرِيلْوِيَّة.
ومِن الدِّيوبَندِيَّة من هو -مِن باب الأمانة العلميَّة- صحيح العقيدة؛ لكن: مُشكلتُه تكون في باب التَّعصُّب المذهبيِّ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
مَن هو الشَّيخ عبدُ الباري فَتح الله الهنديّ؟
الجواب:
الشَّيخ عبدُ الباري من العلماء الأفاضل، وهو -الآن- مُدرِّس في جامعة الإمام محمَّد بنِ سعود -في الرِّياض-، وقضى وقتًا طويلًا من عُمُرِه في دولةِ الإمارات -مُعلِّمًا ومُرشِدًا-، وانتفع به كثيرٌ من الطلبة -جزاه الله خيرًا-، وله كتب نافِعةٌ، وهو محقِّق كتاب النَّوويِّ: «الإرشاد في علوم الحديث»، وله بعض المؤلَّفات الأخرى، وأسأل الله أن يُبارِك فيه، وفي أعمالِه.

11.السُّؤال:
ما قولُكَ في الذين يقولون: إنَّ الشيخ أبا إسحاق الحوينيَّ ليس من تلاميذ الشيخ الألبانيِّ، ويَطعنون به؛ لأنَّه ضعَّف أحدَ الأحاديث التي صحَّحها الشَّيخ الألبانيُّ؟
الجواب:
..مسألة التَّصحيح والتَّضعيف مسألة اجتهاديَّة، والشَّيخ الحويني رجلٌ ذو علم وسُنَّة، ومن أهل الحديث المتقدِّمين في هذا الزَّمان -ما شاء الله-، فله الحق أن يخالِفَ؛ لأنه ذو أهليَّة في هذا البابِ.
أمَّا أنَّه ليس تلميذًا من تلاميذ الشَّيخ الألبانيّ؛ فالجواب: لا؛ هو مِن أهمِّ تلاميذ الشَّيخ الألباني الذين تتلمذوا على كتبه -قبل رؤية الشَّيخ، وبعد رؤية الشَّيخ-، وتكاد كتب الشَّيخ الألبانيِّ بين عينَيه وبين يدَيه.
أمَّا التَّلمَذة المباشِرة: فأنا أذكر تمامًا سنة (1987) لَمَّا جاء الأردن، ومكث شهرًا كاملًا، وفتح شيخُنا له المجال الكبير والطيِّب في الأسئلة وفي اللِّقاءات، ولعلّه سجّل أكثرَ من خمسين ساعة -أو نحو ذلك- في هذه اللِّقاءات المبارَكة -في تلك الأيام-.
وبعد ذلك بثلاث سنوات -سنة (1990)- حَجَّ معنا -في أوَّل حجَّة للعبد الضعيف، وكانت آخر حجَّة لشَيخنا الشَّيخ الألباني-رحمه الله-، وكان هو الذي يتولَّى تقديمَ الأسئلة لشَيخنا الشَّيخ الألبانيِّ -رحمه الله-، وإضافة إلى هذا: كان يَضع بين هذه الأسئلة -جزاه الله خيرًا، وزاده الله حرصًا- ما قد ادَّخره من أسئلةٍ -أيضًا- كان يُوجِّهها لشيخنا -في تلك الحجَّة-التي أسأل الله أن يتقبَّلَها منَّا ومنه ومنكم ومن جميع المسلمين؛ إنَّ ربي سميع الدُّعاء-.
أمَّا الذي يتكلَّمون بغير علمٍ -أيُّها الأخوة-، ولا يُقيمون لِلعلم الصَّحيح وزنًا، ولا يَعتبرون إلا أنفسَهم، ولا يَرَون إلا ذواتَهم، حتى لو كان ذلك -كما يُقال- لنا؛ فكيف إذا كان علينا؟! إذا كان هذا الغلوُّ لنا؛ لا نَقبله؛ فمِن بابِ أَوْلَى ألَّا نَقبَل الغُلوَّ الَّذي علينا، والغلوُّ كلُّه شَرٌّ -مِن محبٍّ أو مِن مبغضٍ.
والله المستعان.

12. السُّؤال:
ما رأيكم في الشَّيخ عَمرو عبد المنعِم سَليم ومنهجِه في تخريج الأحاديث ومؤلَّفاتِه؟
الجواب:
الشَّيخ عمرو عبد المنعِم سَليم -في فترة من الفترات- كان يَميل -جزاه الله خيرًا- إلى موضوع دَعوى التَّفريق بين منهج المتقدِّمين ومنهج المتأخِّرين في النَّقد الحديثيِّ، هذه الدَّعوى التي وجدتْ لها أتباعًا وأنصارًا، وهي دَعوى باطلةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ، ونقضُها بنصوص كثيرة -وكثيرة جدًّا-.
وأنا كتبتُ كتابًا بعنوان «طليعة التَّببين في الرَّدِّ على الْمُفرِّقين بين منهج المحدِّثين المتقدِّمين والمتأخِّرين» -وهو مُتاح على شبكة (الإنترنت)- في نقض هذه الدَّعوى، وفي الرَّدِّ على أهمِّ الْمَفاصِل التي يَدَّعيها أصحابُها.
لكن الشَّيخ عمرو -جزاه الله خيرًا-في السَّنوات الأخيرة- رجع إلى جادَّة الحُكم العِلميِّ الذي تَوارثه أهل العلم مَنهجيًّا، دون دعوى التَّفريق -هذه-؛ ولكنْ: هذا لا يعني أنَّه لا يُخطئُ، كما لا يعني أنَّني لا أخطئ..والألباني أنَّه لا يُخطئ..؛ هذه قضية، وقضيَّة المنهج والثَّبات عليه قضيَّة أخرى؛ لأنَّ فُروع المنهج تَقبَلُ الاجتهاد؛ لكنَّ الذي لا يَقبَلُ الاجتِهاد: أصول المنهج التي يُعتبر الشَّيخ عمرو عبد المنعِم سَليم -كما قلنا-في السَّنوات الأخيرة- مِن رُوَّادِه -إن شاء الله-، ومِن الرَّادِّين على المفرِّقين -في هذا البابِ.
والله المستعان.

13. السُّؤال:
هل يجوز الصَّلاة في المساجد -عِلمًا أنَّ ولاة الأمور يَمنعون الصَّلاة-حاليًّا-بسبب (الكورونا)-، ونحن في مسجد في قرية؟
الجواب:
القضيَّة -يا إخواني- ليستْ أنَّها في قرية أو في غير قرية، القضيَّة أنَّ الحرص -الآن- في موضوع البُعد عن الاجتماعات؛ وبالتَّالي: تقليل هذا الاجتماعات؛ بل حتَّى نفيها -إلَّا ما كان ضرورةً-.
فالاجتماع سواء كان في قرية، أو في مدينة، أو في مسجد -أو في غير ذلك-..؛ لِماذا أُمر النَّاس بأن يبقوا في بيوتهم، وأن يظلُّوا في منازلهم؟
حتَّى لا تقعَ مثلُ هذه الاجتماعات التي قد تُساعد -بل تُساعد- على نشر هذا المرضِ والوباء.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

14. السُّؤال:
أنا أعيش في تركيا، وهنالك دُعاة العقل (العَقلانيُّون) يُؤوِّلون النُّصوص، ويُقدِّمون العقل، ما هو منهج السَّلف الصَّالح -في هذه المسألة-؟
الجواب:
منهج السَّلف الصَّالح؛ كما يقول الله -تبارك وتعالى-: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
منهجُ السَّلف الصَّالح؛ ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّٰهِ وَالرَّسُولِ﴾.
منهجُ السَّلف الصَّالح؛ كما قال عُمَر -عندما قبَّل الحَجَر الأسود-: «واللهِ؛ إنِّي أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُكَ؛ مَا قَبَّلْتُكَ».
منهجُ السَّلف الصَّالح؛ ما قاله عليٌّ -رضي الله عنه-: «لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ؛ لَكَانَ المسْحُ عَلَى بَاطِنِ الخُفِّ أَوْلَى مِنَ المسْحِ عَلَى ظَاهِرِهِ».
..(إذا صحَّ الأثَرُ؛ بطَلَ النَّظَر)، و: «إذا جاءَ نَهْرُ اللهِ؛ بطَلَ نَهْرُ مَعْقِل)..هكذا يكون أهلُ العلم.
أمَّا هؤلاء المدَّعون للعقلِ ودُعاة (العَقلانيَّة)؛ فهم أوَّل مَن يُخالفون عقولَهم هُم أنفسُهم! لأنَّ العقولَ تتفاوَت؛ بينما النَّصُّ حاكِم، والنَّصُّ جامِعٌ للهُدى، فما دام النَّصُّ ثابتًا؛ الأصلُ أن يَقبَلَه عقلكَ، وبخاصَّة في الأمور الغيبة -التي ليس لك مجالٌ في إدراكِها-.
هنالك أمور دنيويَّة معقولة، ومُدرَكة؛ لا نستوعب كيف آليَّتها! ومع ذلك: نَقبل، ونُؤمن بها، ونَتعامل معها؛ مِن باب أولى أن يكون ذلك كذلك في أمور الغَيب التي لا يعلم دقائقَها وخفاياها إلَّا ربُّ العالمين -سبحانه وتعالى-.

15. السُّؤال:
هل كتاب «نَيْل الأوطار» بنفس مكانة -ومُستوى- كتاب «الْمُغنِي» أو «الْمَجموع»؟
الجواب:
لا؛ كتاب «الْمُغنِي» أو «الْمَجموع» -من حيث الأصلُ- هما أجلُّ من كتاب «نيل الأوطار»؛ لأنَّهما آصَلُ، وبالعلماءِ أقوَى؛ لكن: مِيزة «نَيل الأوطار» أنَّه يَنظُر إلى الأدلَّةِ التي يأتي بها صاحبُ «الْمُغني» وصاحب«المجموع»، أو -حتَّى- ابن حَزْم، أو ابن عبد البرِّ -من المالكيَّةِ-، أو ابن الهُمام -من الحنفيَّةِ-، ويُناقِش -تعظيمًا للدَّليل-، وهذا لا يعني أنَّ العلماء الآخرين ليسوا علماء دليل؛ لا؛ لكن: المطَّلِع على كلامهم -جميعًا-، ويناقشهم -من غير تعصُّب مَذهبي -أو مَذهبيَّة-حتى-؛ يكون أقرب إلى الصَّواب.
ومع ذلك: الشَّوكاني بَشر يُخطئ ويُصيب.. الألباني بَشر يُخطئ ويُصيب.. ابنُ قُدامة بَشر يُخطئ وُيصيب؛ «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ».

16. السُّؤال:
ما رأيكم في تطبيق (الدُّرَر السَّنِيَّة) في الحديث والأخلاق وفقه النِّساء، لِعَلِوي السقَّاف؟
الجواب:
لا شكَّ أنَّه نافع ومُفيد، ولا يَخلو مِن هفَوات -أو أخطاء-، هذا كسائرِ عمل البشَر، أمَّا -بِشكل عامٍّ-؛ فهو نافع -جدًّا-جزاه الله خيرًا-.

17. السُّؤال:
هل يجوز الدُّعاء أن يُرفع الوباء عن الكفَّار؟
الجواب:
لا تقلْ هذا -سَلبًا ولا إيجابًا-!
قُل: (اللَّهمَّ! ادفعْ هذا الوباء عن العالَم)؛ لأنَّ كلمة (العالَم) تشمل الكفَّار والمسلمين، والأوبئة أمرُها خطيرٌ، الوباء لا يُفرِّق بين مُسلِّم وكافر؛ لذلك نحن نقولُ ونَكِل الأمر إلى ربِّ العالمين وحكمتِه البالغة التي إذا أدركنا شيئًا منها؛ لا نَستطيع أن نُدرك أكثرَها وأهمَّها.
والله المستعان.

18. السُّؤال:
ما الراجح عندكم في الصَّلاة الإبراهيميَّة في التَّشهُّد الأوَّل مع ذكر الدَّليل؟
الجواب:
الرَّاجح -عندي-: أنَّ التشهُّد الأوَّل -وبعض النَّاس يقول: (الأوسط)؛ هو غير صحيح كلمة (الأوسط)؛ التَّشهُّد (الأوَّل)-.. التَّشهُّد الأوَّل؛ أنَّها سُنَّةٌ وليست واجبةً في التَّشهد الأوَّل، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يقولُها -أحيانًا- وكان يتركُها -أحيانًا-.
وهذا موجودٌ في كتب، حتى في كتاب «صفة الصَّلاة» -لشَيخِنا-، وإن كان الشَّيخ يَميل إلى الوجوب؛ ولكن: مَيْلي إلى أنَّه مُستحبٌّ، وليس بواجب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

19. السُّؤال:
ما حكم البيع والشِّراء عند وقت الجمعةِ في أوقات الحَظر؟
الجواب:
..يجوز؛ لأنَّه ليس -هنالك- جمعة حتَّى تذهب إليها وتذَر البَيع -كما هو نصُّ الآية الكريمة-.

20. السُّؤال:
أيُّهما أفضل صوم الاثنين والخميس، أم صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر؟
الجواب:
ليس -هنالك- مُفاضَلة؛ لأن هذا فاضل وهذا فاضل، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- حضَّ على هذا وحضَّ على هذا، فمَن استطاع أن يجمع بين الخيرين؛ فليفعلْ؛ وإلَّا فلْيقدِّم الأوفقَ له: هل الأوفق له أن يصوم يومًا ثم يوم آخر بعده بيومين -كالاثنين والخميس-، أو الأوفق أن يصوم ثلاثة أيَّام مُتتالية -وهي الأيَّام البيض-؟
ما يفعله مِن حيث الأوفق لنفسه: هو يكون الأفضل له.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

21. السُّؤال:
أين يكون استعمالُ السِّواك في الوُضوءِ؟
الجواب:
يكون استعمال السِّواك في الوُضوءِ عند الْمَوضع الذي أنت تتمضمضُ فيه، أو بعدَ انتهاء الوضوء، الأمرُ واسعٌ -إن شاء الله-.

22. السُّؤال:
ممكن أن يكون الحديثُ صحيحًا سندًا، وضعيفًا متنًا؟
الجواب:
ممكن؛ لكن: مَن يحكُم بهذا؟
يحكم بهذا علماء الحديثِ وصيارفتُه ونُقَّادُه وكُبراؤُه والمطمئنُّون به والعارِفون له؛ لأنَّ من شروطِ الحديث الصَّحيح ألَّا يكون فيه شُذوذ ولا علَّة، هذا مِن ضِمن الشُّروط، وهذا الشَّرط مُستوعبٌ للمتن والسَّند.
لكن: لا نقول سَندُه صحيحٌ ومتنُه ضعيف -يعني: إذا أردنا التَّدقيق-؛ ولكن ماذا نقولُ؟
نقول: كلُّ علَّةٍ في المتنِ لا بدَّ أن يكونَ لها سببٌ في السَّنَدِ، حتَّى الثِّقة قد يخطئ؛ لكنْ: كيف نتجرَّأ على تخطئة الثِّقة بمجرَّد التَّوهُّم أو التَّفكير أو الحُكم العقلي؟!
كما قُلنا: الحكم العقلي المتَّفق عليه بين العُقلاء لا يختلف فيه اثنان؛ فهو -حينئذ- علَّة ويُردّ بها الحديث -إذا كان ظاهرُ سندِه الصحَّة-.
أمَّا أن آتي أنا، أو تأتي أنت، أو الثَّالث، أو الرَّابع.. ليقول: هذا حديث غير مقبول عقلًا!؟
يا أخي! لم يَقبله عقلُك؛ لكنَّ عقلي قَبِلَه، وعقل الثَّاني قَبِله، عَقل الأمَّة -عبر اثني عشر قرنًا- قد قَبِلَه، فمَن أنت حتى تأتيَنا بهذا النَّقد العقلي التَّافه في نقد حديثِ رسولِ الله -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-بغير علمٍ، ولا بيِّنة، ولا بصيرة، ولا هدًى، ولا كتاب منير-؟!!



انتهى اللِّقـاء الثَّامن
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-31-2021, 04:07 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء التَّاسع

(17 شعبان 1441هـ)


1. السُّؤال:
هل من كلمةٍ للتَّأليف بين المشايخ السَّلفيِّين المختلِفين في الجزائر، مع التَّعريف بقدر المشايخ الجزائريِّين القُدامى، ودعوتهم لعقد اجتماعات لفائدة العلم والدعوة إلى الله، والعمل الذي يمس المجتمع، ويؤتي آثارَه في الواقع؟
الجواب:
..هذه المشكلة ليست مُشكلةَ الجزائر -فقط-؛ ولكن: تكاد تكونُ مشكلةً أصابت أكثرَ بلدان العالم الإسلامي -وأكاد أقول: جميعَها-، حتى -واللهِ- تأتيني اتَّصالات من نيجيريا، ومن كينيا، ومن السّنغال، فضلًا عن السُّودان، وحتى أميركا، وكندا، وأندونيسيا، وماليزيا! فالقضيَّة خطيرة -وخطيرة جدًّا-!
وأنا أقول: أسبابُ هذه الفتنة أكثرُها مَبنيَّة على ضِيق الأُفق، وعدم السَّعة الشَّرعيَّة التي تُفرِّق بين ما يَجوز الاختِلاف فيه وما لا يجوز.
وإلا: أنا أسأل هذه الأخ -الذي سأل السُّؤال-، وأسأل الإخوة الآخَرين -الذين يَستمعون إلينا ويُشاهدوننا-في هذه اللَّحظة-:
هل هنالك خِلاف على منهجيَّة ومرجعيَّة الكتاب والسُّنة بمنهج سلفِ الأمَّة بين هؤلاء الإخوة الْمُختلِفين؟
الجواب: لا!
السُّؤال الثَّاني: هل هنالك خِلاف على أهميَّة التَّوحيد والعقيدة؟
الجواب: لا!
السُّؤال الثَّالث: هل هنالك خِلاف واختِلاف على أهميَّة اتِّباع السُّنَّة والدَّعوة إليها، والتَّحذير من البِدع والشِّركيَّات والمحدَثات؟
الجواب: لا!
السُّؤال الذي يليه: هل هنالك اختِلاف على حُب أئمَّة العلم الكبار الذين انتفعنا بعُلومِهم؛ مثل: الأئمَّة الأربعة، ومَن سار على ما هُم عليه -مِن تعظيم للدَّليل-، مُرورًا بشيخِ الإسلام ابن تيميَّة وابن القيِّم، ثم أئمَّتنا المعاصِرين -رحمهمُ اللهُ-الشَّيخ الألباني، وابن باز، وابن عُثيمين-؟
يا إخواني! نحن لسنا حزبًا، ولا نَرضى أن نَكونَ حزبًا، ولا يُمكن أن نَقبَل أن نَكونَ حزبًا -سواء أكان هذا التَّحزُّب تحزُّبًا حقيقيًّا مُمَنهجًا، أو تحزُّبًا فِكريًّا-.
دعوتُنا: دعوةُ الأُلفة والائتِلاف والمحبَّة -بالعِلم والبيِّنة والْحُجَّة-.
مَن أخطأ قُل له: (أنتَ أخطأتَ)!
مَن انحرف؛ قُل له: (أنتَ انحرفتَ)!
لكن: لا تجعل هذه القضايا مِفصليَّة تُبدِّع فيها مَن خالَفك.
ائتوني بأيِّ مسألة -من المسائل التي افترق فيها هؤلاء الإخوة-؛ ستَرَون أنَّ لها سَلفًا مِن العلماء السَّابقين؛ الحقيقة: ليس فِعلُنا -فيها- كَفِعلِهم، وليس عَملُنا -فيها- كَعَمَلِهم!
ولكن: الأمرُ خرج عن حَدِّه؛ بحيث كانت عند هؤلاء النَّاس -اليوم-سواء في الجزائر، أو في غير الجزائر-، كانت المسائل الصَّغيرة -التي هي في فروع الاختلاف المقبول والسَّائغ- سببًا في الفتنة والتَّفريق، وإطلاق عبارات التَّشتُّت و..: الفِرقة الْمَأرِبيَّة والفِرقة المغراويَّة والفِرقة الحلبيَّة والفرقة المدخليَّة والفرقة الفالِحيَّة والفِرقة الهادَويَّة والصَّعافِقة والْمُصَعْفِقة.......-!!
ما هذا!!؟
هل هذا مِن الدِّين!؟
هل هذا مِن السُّنَّة؟!
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «اقرؤوا القرآنَ ما ائتَلَفتْ عليه قُلوبُكم، فإذا اختلفتُم؛ فقوموا عنه»؛ فما بالُكم إذا اختلفتُم تزدادون اختِلافًا؟!!
ارجِعوا إلى ما كنتم عليه من الائتِلاف على الكتاب والسُّنَّة والدَّعوة إليهما، والعمل بهما، والتَّعليم لهما.
أمَّا: هذا التَّشتُّت البعيد والغريب -بمثلِ هذه الصُّورة-؛ فهذا -في الحقيقة- لا يَليق ولا يجوز.

2. السُّؤال:
هل كان شيخُ الإسلام ابن تيميَّة وابن القيِّم حنابِلة -أي: مُتمَذهِبة-، أم لا؟
الجواب:
...ليست مُشكلتُنا في التَّمذهُب.
التَّمذهُب ليس أمرًا مُنكرًا، ولا مرفوضًا بعكس ما يُشاع عنَّا، ويُشاع علينا؛ بل -أكاد أقول- يُكذَب علينا!
نحنن نَقبَل التَّمذهُب؛ لكن: لا نَقبَل أن يُتَّخذ المذهبُ دِينًا، أو أن يُتعصَّب له بمقابِل الدَّليل؛ وإنَّما يكون الدَّليل هو المقبول -بِحسب ما ينشرح له صدرُك، وبحسب ما يَطمئنُّ إليه قلبُك-.
أمَّا لأنَّك -مثلًا- مالِكيٌّ؛ تريد كلَّ الأدلَّة أن تكونَ مالكيَّة، وكلَّ الأقوال أن تكونَ مالِكيَّة -وكذا الشَّافعيَّة، أو الحنفيَّة، أو الحنابلة-! هذا لا يجوز، وهذا لا ينبغي.
عظِّموا الدَّليل، وحينئذٍ: خُذوا أيَّ مذهب، وتفقَّهوا بأيِّ مذهب.
ليست مُشكلتُنا مع المذاهِب؛ مشكلتُنا: مع متعصِّبة المذاهب الذين يَدخلون على النَّاس -باسم: المذهب الشَّافعي، أو الحنفي، أو المالِكي، أو-حتى-الحنبلي -اليوم؛ بِتْنا نرى ذلك-، ثم إذا بهم: يُشكِّكونهم في العقيدة! يُشكِّكونهم في أصول الاستدلال في الكتاب والسُّنَّة! وهكذا.

3. السُّؤال:
كيف نجمع بين هذين الحديثَين؛ قال رسول اللهِ ﷺ: «مَن صَنع إليكُم مَعروفًا؛ فَكافِئوهُ»، وقول النَّبي ﷺ: «مَن شَفعَ لأخيهِ شفاعةً فأهدَى له عليها [هديَّةً] فَقَبِلها؛ فقد أتى بابًا عظيمًا مِن أبواب الرِّبا»؟
الجواب:
الحديث الأوَّل: هو الحديثُ الأصلُ، والحديث العام: «مَن صَنع إليكُم مَعروفًا؛ فَكافِئوهُ».
لكن: إذا كنتَ -أنت- مُوظَّفًا -في جهة مسؤولة-، ومِن واجبك أن تقوم بواجبك الذي تقوم به؛ فلا يجوز -حينئذٍ- أن تأخذ هدايا وعطايا على هذا الذي أنتَ تَقوم به -ولو مِن خلال معرفتِك ونشاطك- طالما أن هذا أمر يجب عليك فِعلُه، وأنت موظَّف مِن أجل أن تقوم بِمُهمَّة التَّسهيل للمواطنين في ذلك.

4. السُّؤال:
ما رأيك في كتاب«مئة من عُظماء المسلمين غيَّروا مَجرى التَّاريخ» لجهاد التّرباني؟
الجواب:
الحقيقة؛ الكتاب أنا اطَّلعتُ عليه، لم أقرأه كلَّه؛ لكن: فيه بعض مبالغات.. فكرة طيِّبة؛ لكن يَبدو أنه أدخلها في طريقة السَّرد والحوار والسِّيناريو -كما يقولون-؛ فـ..مَن تحرَّى البُعد عن الْمُبالغة -هذه-؛ أرجو أنه لا بأس بذلك.

5. السُّؤال:
ما حكم دفن موتى المسلمين في بلاد الكفار -في مَقابر غير المسلمين-في هذه الظُّروف-؟
الجواب:
نقول -دائمًا-: القاعدة: (الضَّرورات تُبيح المحظورات)، والقاعدة: (الضَّرورة تُقَدَّر بِقَدرها)، والقاعدة: (إذا ضاق الأمرُ اتَّسع)؛ لكن: هذا لا يعني أن تكون هذه القبور بين قبور الكفار؛ يَكونون في جانب من المقبرة، يُرتِّبون الأمر -في طرف المقبرة.. في آخرها.. في أوَّلها..- بِطريقةٍ بِحيث لا يختلط هؤلاء بأولئك، ولا يَستويان: قبرٌ -إن شاء اللهُ- روضة من رياض الجنَّة مع قبر يكون حفرةً مِن حُفر جهنم -والعياذُ بالله-تبارك وتعالى-.
[حول الفتنة القائمة بين السَّلفيِّين-تعليقًا على السُّؤال (1)-]
قال الشَّيخ -رحمه الله-:
يقول الأخ: بعض الخلاف القائم بين السَّلفيِّين بعضُه من أجل المشيَخة والمنصب -وما أشبه-؟
الحقيقة: أنا لا أريد الدُّخول في باب النِّيَّات، ولا أريد الدُّخول في باب الخَبايا وطوايا النُّفوس.
يكفي أن أتكلَّم بالأمور العامَّة الظَّاهرة التي يَعرفها القليلُ والكثير.
أمَّا دخول في أنَّ هذا يَفعل ذلك لأنَّه كذا وكذا؟ أنا أجتَنِب ذلك، وأُنزِّه إخواني عن الدُّخول فيه -أيضًا-.
قد يكون موجودًا؟ قد يكون موجودًا.
وقد تكونُ له أهميَّة كبرى؟
قد تكون له أهميَّة كبرى.
لكن: لا ندخل في النُّفوس، ولا نُزكِّي أنفسَنا، ولا نتَّهِم غيرَنا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.


6. السُّؤال:
إذا أراد المسلم أن يَستاك: هل يُمسك السِّواك بيده اليمنى -لأن ذلك تنظيف وعمل مَبرور-، أم يُمسكُه باليد اليسرى -لأنَّ ذلك إزالة قَذر وإزالة وسخ في الأسنان-؟
الجواب:
أوَّلًا: لا يوجد نصٌّ في الأحاديث عن هذا أو ذاك؛ لكن: بعض أهل العِلمِ اجتهد؛ قال: إذا استعملتَ السِّواك للتَّطيِيب، وللصَّلاة -ليس للتَّنظيف-، إذا استعملتَه للتَّطييب؛ فبالْيُمني.
أمَّا: إذا استعملتَه للتَّنظيف -بعد الطَّعام-مثلًا-، أو بعد شرابِ شيءٍ مُعيَّن يُبقي أشياء أو طَعمًا في الفم؛ فحينئذٍ: اليسرى.
وأرى أنَّ الأمر فيه سَعة -إن شاء اللهُ-.

7. السُّؤال:
بعض مَن يقول (أنا سلفي) تجدُه يتَّهمنا بالتَّمييع و(الكوكتيل المنهجي!)* إذا لم نوافقهم في تبديع العالِم الفُلاني، أو العالِم العلَّاني -ممن يقلِّدونه-، ويقولون: هذا عدم حِفظ لمكانته العلميَّة وجهاده، وإن ردَدْنا خطأَه بالأدب؛ فيقولون: أنتم مبتدِعة ومَميِّعة..إلى آخر الكلام.
الجواب:
قصَّة معروفة -للأسف!- ومتكرِّرة!
«كلُّ بَني آدمَ خَطَّاء، وخَيرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابون».
العلماء خالَفوا الإمامَ أبا حاتم، خالَفوا الإمامَ ابنَ المديني، خالَفوا الإمامَ أحمدَ بنَ حنبل، خالَفوا أئمَّة العلم الأوَّلين الكِبار.
ولذلك؛ أنا قلت -هذه- لبعض المشايخ -في بيتِه-قبل عشر سنوات-بالتَّمام والكمال-، قلتُ له: هذا كتاب «تهذيب التَّهذيب» بين أيدينا، وهذا كتاب «ميزان الاعتدال» بين أيدينا، تجد فيه: الرُّواة الْمُوَثَّقين، والرُّواة المضعَّفين، والرُّواة المختَلَف فيهم، أعطِني عالِمَين طعَن بعضُهما ببعض بِسبب اختِلافِهما في عالِم: أنَّه مبتدِع أو سُنِّي؟
نتكلَّم فيمَن اختُلف فيه، أمَّا من اتَّفق العلماء على بِدعته، أو كانت بِدعته ظاهرة؛ فهذا غير داخلٍ في البحث -أصلًا-.
نتكلم -كما قلتُ وأقول-دائمًا- على المسائل التي تَقبَل الاجتهاد.
والعجيب: أن هؤلاء قد يَقْبَلون قولَ فُلان ولا يَقبَلون قولَ عِلان!
وعندي مثل في ذلك: لَمَّا كتب سماحةُ أستاذِنا الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد رسالتَه المبارَكة والنَّافعة: «رفقًا -أهلَ السُّنَّة- بِأهل السُّنَّة»، وأتبَعها برسالة أخرى -أيضًا- بديعة وماتِعة سمَّاها: «مرَّة أخرى: رِفقًا -أهلَ السُّنَّة- بِأهل السُّنَّة».
العجب: كانوا يقولون: (مَن يوزِّع هذه الرِّسالة مُبتدِع)، فلما نقول لهم: (ومُؤلِّفها؟) قالوا: (مؤلِّفها غير مُبتدِع)!!
وهذا أمرٌ لا يَقبَله عَقل، ولا نَقل،ولا شرعٌ، ولا عُرْف، ولا رُجولة، ولا خُلُق، ولا سُلوك..! فأيُّ تفكيرٍ يفكِّر هؤلاء الذين باعوا عقولَهم للتَّقليد وللتَّعصُّب!
ومع ذلك: واللهِ وتاللهِ وبالله؛لا نريد لهم إلا الهداية، ولا نحبُّ لهم إلا الخير بقدرِ ما يحبُّون لنا من الشَّر..[انقطاع]

8. السُّؤال:
هل الفرح بهلاكِ هذه الأعداد من الأنفُس الكافرة: مِن الإيمان؟ وهل فيه تفصيلٌ بين الكافر الْمُحارِب وغيره؟
الجواب:
لا شكَّ ولا ريب؛ التَّفصيلُ قائم.
الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- دعا للكفَّار بالهداية، وبنفس الوقت دعا لبعض الكفَّار بالدَّمار؛ قال: «اللهمَّ! اهْدِ دَوْسًا وائْتِ بهم»، وقال: «اللهمَّ! عَليك بِرِعْل وذَكْوان» -وإن كان هذَان حديثَين.. كلُّ حديث على حِدَة-.
فأمَّا الْمُحارِبون للإسلام والمسلمين: فهؤلاء نَدعوا عليهم.
وأمَّا مَن ليسوا كذلك -مِمَّن أوجب اللهُ علينا القسطَ نحوَهم-: فهؤلاء نقول: نسأل اللهَ أن يهديَهم وأن ينجِّيَهم؛ لأنَّ الوباء في بعض الصُّوَر -بل في أكثر الصُّوَر- لا يُفرِّق بين مسلم وغير مسلم.

9. السُّؤال:
لماذا كان الإمام النَّووي يُكثر من الأخذ عن القاضي عِياض في شرح «صحيح مُسلم»؟
الجواب:
قصده في شرح «صحيح مُسلم للإمام النَّووي.
لأنَّ القاضي عِياض صاحب شرحٍ على «صحيح مسلم» قبل الإمام النَّووي، والإمام النَّووي لَمَّا تصدَّى لهذا الكتاب كان عنده أشياء يَسيرة؛ مِن أهمها -من الكتب-: كتاب القاضي عياض «إكمال الْمُعْلم».
إذن؛ السَّبب في ذلك: أنَّ كتاب القاضي عياض في شرح «صحيح مسلم» هو السَّابق لكلام الإمام النَّووي -رحم الله الجميع-.

10. السُّؤال:
على مَن نعتمد في الحكم على الرُّواة: الذَّهبي، أم ابن حجر
الجواب:
الحقيقة: أن الوصول الى أحكام هذَيْن العالِمَين ليس عَسِرًا -وليس صعبًا-، فمَن كانت عنده مَلَكة البحث؛ فلْيَنظر في قولَيْهما، ولْيَنظر في حُجَّتَيهما؛ لأنَّه لن يستطيع الدُّخول في باب «تهذيب الكمال» لِلمزِّي، أو غيرها مِن المطوَّلات -كابن عدي-مثلًا-، أو «الضُّعفاء» للعقيلي، أو «الكمال» للمقدسي-أو ما أشبه-، هذه مطولات، وفيها نُقُول كثيرة في اختلاف العُلماء.
لكن: ابن حجر -مثلًا- في «التَّقريب» يُعطيك الخُلاصة -خُلاصة اجتِهاده-، النَّووي في «الكاشف» يُعطيك خلاصة اجتِهاده، لا مانع -في البداية- أن تتدرَّب على هذَيْن الكِتابَين، ثم إذا توسَّعْتَ وتَوسَّعَت مَدارِكُك؛ تَنتقل إلى المطوَّلات، وتنظر: الرَّاجح والأرجح، والمقبول وغير المقبول.

11. السُّؤال:
أخي يريد أن يُخرج زكاة ماله، وأنا محتاج زراعة أسنان -ضروري-؛ لأني خلعتُ الفكَّ السُّفلي -كاملًا-؛ فهل يجوز؟
الجواب:
العبرةُ ليست في أنَّك تُريد إصلاح أسنانِك، أو تُريد مراجعة طبيب أو..أو..إلى آخره؛ العبرة: أنَّك فقير أو غير فقير.
إذا كنت فقيرًا: يجوز -حتى لو لم تحتَج إلى زراعة الأسنان-.
فإذا كنتَ غير فقير: فلا يجوز.
إذن: العبرة بماذا؟
العبرة: في حدِّ الفَقر، وحَيِّز الفقر؛ ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ إلى آخر الآية الكريمة.

12. السُّؤال:
سمعت موعظةً قصيرة لبعض أهل العِلمِ يقول: إنَّ كورونا؛ بمعنى أنَّه جُند من جنود الله؛ حيث قال: إنَّ الله هو الذي أنزله، وهو الذي يرفعه -كما تعلم-... ؟
الجواب:
فرق بين أن يقول: (إن الله خَلقه) أو: (أنزله)، وبين أن يقول: (هو جُند مِن جُنود الله)، فرق بين الصُّورَتَين كثيرة -وكثيرة جدًا-.
(أنَّ الله خَلَقه)؛ ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾؛ لكن: أن يُقال أنَّه (جُند من جنود الله)؛ يعني.. أن يتألَّى على حِكمة الله، وعلى مُراد الله، وعلى عِلم الله..؛ فهذا الذي لا يجوز -بِغضِّ النَّظر مَن القائل-؛ فهذا نوعٌ مِن التَّألِّي.
بعض النَّاس -أيضًا- يأتون بعبارات؛ يقول: (حرَمَنا الله من المساجد)-مثلًا-!
هذه -أيضًا- عبارة لا تليق!
الإنسان المسلم يُحسِّن ظنَّه بالله؛ هذا هو المطلوب، وهذا هو الذي يجب أن يكون.

13. السُّؤال:
ماذا تنصحُنا بقراءه كتاب في الأسماء والصِّفات؟
الجواب:
عليك في شرح «العقيدة الواسطيَّة» للشَّيخ ابن عثيمين؛ فهو من أجملِ الكُتب في باب الأسماء والصِّفات، وفيه مَزيَّة -لا تكاد توجد في غيره- وهي: الرَّبط بين المنهج العقائدي والمنهج الْمَسلَكي؛ بحيث إذا أتى بالصِّفة من صفات الله -بعد أن يُبيِّن أدلَّتَها وحُجَجَها من الكتاب والسُّنَّة- يقول: (ومِن الآثارِ الْمَسلكيَّة على العبد لهذا الاسم من أسماء الله -أو لهذه الصفة مِن صفات الله-: كذا.. وكذا.. وكذا..)؛ هذا -في الحقيقة- مِن أجمل ما تميَّز به هذا الكتاب -مِن كتب سماحة الشَّيخ أستاذِنا محمَّد بن صالح العُثيمين -رحمه الله-تعالى-.

14. السُّؤال:
هل ابنُ مَعين ردَّ أحاديث الْبُخاريِّ -كما زعم أحمد نوفل-؟
الجواب:
أحمد نوفل -غفر الله لنا وله- يتكلَّم في غير فَنِّه، وفي غير تخصُّصِه! ويبدو أنَّ هذه المعلومة لقَّنها إيَّاه بعضُ مَن حوله مِن المتعصِّبة له!
نحن لا نتكلَّم عن أهل الحديث، وعن نقدِهم الحديثيِّ، إذا انتقد عالمٌ عالِمًا -ضمن أصول المنهج النَّقدي الحديثيِّ-: هذا مقبول -إذا كان ذا أهليَّة لهذا النَّقد-ضمن أصول المنهج الحديثي-.
أمَّا.. الدَّكتور أحمد نوفل -غفر الله له-: فمنهجُه غيرُ منهج أهل الحديث، وغير منهج علماء الحديث، وليس له أهليَّة ذلك؛ إنَّما يأتي إلى الأمور من ناحية عقليَّة، لا يَقبَلُها!
يادكتور! أنت: لا تَقبلها؛ نحن: نَقْبَلُها!
بينما: لو كان الأمر من القضايا المتَّفق عليها بين العقلاء؛ لما خلَت الأمَّة -عبر اثني عشر قرنًا-أو نحوٍ من ذلك- ممَّن يَنتقد هذا الانتقاد؛ لكن هذا الخلل في التَّفكير، والخلل في الإدراك العقلي لهذه النُّصوص التي يُضربُ فيها الكتاب بالسُّنَّة، والسُّنَّة بالكتاب -وحاشا وكلا-!
وأنا أذكِّر الدُّكتور نوفل وكلَّ من يدافع عنه وكلَّ من يحامي عنه بالباطِل -أمَّا مَن حامَى عنه بالحقِّ يريد إيصالَه إلى الحق، وإرجاعَه إلى الحق؛ فحيَّهلا به!-؛ أنا أقول:
قال عليٌّ -رضي اللهُ عنه-فيما رواه ابنُ ماجة في «السُّنن»-: «إذا حُدِّثتم عن رسولِ الله ﷺ؛ فظُنُّوا به الذي هو أَهْناهُ وأَهْداهُ وأَتْقاه».
أمَّا هذا الظنُّ السَّيِّئ والتَّشكيك والاستِهزاء والسُّخرية؛ فهذا ممَّا لا أصل له في دين الله، ولا أصل له في منهج العلماء.
حتى مَن انتَقد؛ انتَقَد مُعظِّمًا، انتَقَد مُحترِمًا مُحترَمًا.
أمَّا أن يَنتقد بالسُّخرية والاستهزاء والعبارات البعيدة عن الأخلاق الإسلاميَّة؛ فهذا ليس من الهدى في شيء.

15. السُّؤال:
ما رأيكم في كتاب »«زاد المسير في علم التَّفسير» لابن الجوزي؟
الجواب:
كتاب جيِّد؛ لكن: قد يؤاخَذ عليه في بعض مسائل الأسماء والصِّفات.
وابن الجَوزي -رحمه الله- عالِم حنبليٌّ، حتى نعَى عليه الإمام الذَّهبيُّ قال: (يا ليتَه ما خالفَ إمامَه في ذلك).
وإن كنتُ رأيت إشارةً في بعض كتبِ شيخ الإسلام ابن تيميَّة -وأظنُّه: «درء تعارُض العقل والنَّقل»- يُشير إلى رجوع ابنِ الجَوزي لمنهج أهل الحديثِ ولِعقيدة أهل الحديث -التي نسألُ الله-تعالى-أن يُحيينا عليها، وأن يُميتنا عليها-.

16. السُّؤال:
أيُّهما أكثر: الأحاديث المتواتِرة، أم الآحاد؟
الجواب:
قبل أن نُجيب عن هذا السُّؤال؛ نقول: ماذا وراء هذا السُّؤال؟
إذا كان وراءَه بحثٌ استِقرائيٌّ إحصائي؛ فالأمر سهل، فلا شكَّ ولا ريب: أنَّ المتواتر قليل، وألَّف العُلماء كُتبًا في الحديث المتواتر -كتبًا قليلة وصغيرة-.
لكن: أخشى أن يكون وراء الأكمةِ ما وراءها -كما يقولون-! لأنَّ مِن النَّاس مَن يقول: (المتواتر: يؤخَذ به في العقيدة، والآحاد: لا يؤخذ به في العقيدة)! فهذا تفريق باطِل.
الحديث إذا صحَّ؛ فهو حُجَّة في العقيدة والأحكام والأخلاق والسُّلوك والفقه و..و..و..إلى آخره؛ فلا يقال: (لا يُقبل إلا المتواتر)، والدَّليل على ذلك بكلمة -أو كُلَيمة-: ما الحدُّ الفاصل بين التَّواتر والآحاد -بحسب عدد الرُّواة-؟ وأيُّ رقم ستذكُره -أخي الكريم-: أطالبك بالدَّليل عليه! ولن تجد -ولن ترى- إلا الرَّأي والرَّأي الآخر، الرَّأي والرَّأي الْمُناقِض! وكلُّ هذا لا دليل عليه.
والصَّواب -في هذا- أن نقول: إذا صحَّ الحديث؛ فهو حجَّة.
والحديث الذي يُقسِّمه أهلُ العلم؛ يقولون: الآحادُ ظنِّي، الظَّنُّ نوعان: ظنٌّ راجِح، وظنٌّ مرجوح، والظَّن الرَّاجح -من حيث الحقيقة الْعِلميَّة- مُلحَق باليقين؛ لأنَّ اليقين -نفسَه- درجات: عَين اليقين، وحَق اليقين، وعِلم اليقين-، ليس اليقين -كلُّه- درجةً واحدة ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ وهكذا الباب في هذا الأمر الذي ورد عنه السُّؤال..


انتهى اللِّقـاء التَّاسِع




________________
* قال الشَّيخ -رحمه الله-: هذه جديدة عليَّ -(الكوكتيل المنهجي!)-!
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-01-2021, 04:42 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقـاء العاشِر
(18 شعبان 1441هـ)




1. السُّؤال:
عن حذيفة بن اليمان قال: «تكون فتنةٌ تَعرُج عقولُ الرِّجالِ حتَّى لا تكاد ترَى رجلًا عاقِلًا»؛ هل له حُكم الرَّفع؟
الجواب:
يقول العلماء: التَّأويلُ فرعُ التَّصحيحِ؛ أيْ: ما فائدة أن تشرَحَ حديثًا أو أن تبنيَ عليه حكمًا، وهو -ابتداءً-: لا يصحُّ.
فهذا لا يصحُّ مرفوعًا ولا موقوفًا، لا عن حذيفةَ ولا عن النبيِّ ﷺ، وهو من مفاريدِ نُعيم بن حمَّاد في كتابِه «الفِتَن». ولو صحَّ الأثرُ؛ ليس فيه حكم الرَّفْع؛ لاحتمالِ الاجتهادِ، والفِتَن -دائمًا- تذهبُ بعقولِ الرِّجالِ -هكذا الفِتَن-؛ لذلك ورد عن الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- في الحديث الصَّحيح -عندما ذكَر بعض الفتن- ذكَر الناس فيها؛ قال: «عقولُهم هَبَاءٌ»؛ يعني: لا وزنَ لها، ولا حقيقةَ لوجودِها.

2. السُّؤال:
هل هناك دليل على استحبابِ بدء الطَّعام باللَّبن؟ وهنالك مَن يقول: (نبدأ بطعام أهل الجنَّة)؛ فما صحَّة هذا الكلام؟
الجواب:
هذا كلام غير صحيح، لا دليل على أن اللَّبن ..[انقطاع!]..
..ورد فيهما فضل الاستِغناء بهما عن غيرِهما والكفاية؛ لكن أنهما طعام أهل الجنَّة؛ فهذا ما لم يصح، أو لم يثبت عن النَّبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

3. السُّؤال:
هل مَن يموت في حوادث السَّيارات داخل في قول النَّبي ﷺ: «من صُرعَ عن دابَّته؛ فهو شهيد»؟
الجواب:
موضوع حوادث السَّيارات -الحقيقة- مختلف؛ لأنه قد يكون هو الْمُتسبِّب، قد يكون هو ليس الْمُتسبِّب -يعني: أن غيره تسبب بالحادث؛ فيموت-أو ما أشبه-.
فمن لم يكن متسبِّبًا -وإنَّما السَّبب مِن غيره ومات-؛ نرجو الله أن يدخلَ في هذا المعنى، نرجو الله رجاءً، ولا نستطيع الجزم بذلك.

4. السُّؤال:
ما أخبار شرحِكم الْمُوسَّع على «المنظومة البيقونيَّة»؟
الجواب:
الحقيقة: هذا كان من المشاريع القديمة التي صَرفتُ النَّظر عنها، مع أنني كتبت قسمًا -لا أقول طويلًا-؛ لأنني -بعد ذلك- حقَّقت «الباعث الحثيث»، وحققت «طراز البيقونيَّة»، و«النُّكت على نُزهة النَّظر».. عدَّة كتب في علوم الحديث تُغني عن هذا الشَّرح الكبير للبيقونيَّة.
والشَّرح الصَّغير، وهو -بالمناسبة-لمن لا يعلم-: هو أوَّل كتابٍ نُشر لي سنة (1982)، أوَّل كتاب نُشر لي هو كتاب «شرح المنظومة البيقونيَّة».

5. السُّؤال:
لو تكرمتم ما حكم تنبيه النَّاس بالقيام بالتَّدابير الوقائيَّة -من الفايروس الذي انتشر-؛ وذلك من خلال مكبرات الصَّوت الموجودة بالمسجد بعد كل أذان -مع العلم أن الأمر جاء من المسؤولين في البلد-؟
الجواب:
مادام الأمر جاء من المسؤولين في البلد -أخي الكريم-؛ فحينئذٍ: لا نستطيع إلا أن نقول: ليس بيدنا شيء في ذلك..
المسؤولون هم المسؤولون، ما معنى مسؤول؟ هو مسؤول عند الله -عزَّ وجلَّ- نتيجة هذا الأمر، وبخاصَّة أن المساجد -الآن- لا تُقام فيها الصَّلوات -في أكثر البلدان-بسبب النَّهي عن الاجتماع الذي قد يُسبِّب العدوى وانتقال الأمراض-.
فحتى هذا النَّظر مقبول؛ لأن النَّاس تَنتظر الأذان -لتعرف الأوقات-، بعد انتهاء الأذان -مثلًا- بوقت مُناسب؛ حتى يُعلم أن هذا الكلام ليس له علاقة بالأذان؛ لا بأس -بأسلوب خفيف، وكلام لطيف- أن يُضاف ذلك إلى السَّماعة، أو أن يُذكر ذلك في السَّماعات.

6. السُّؤال:
هل ممكن أن يكون الحديثُ صحيحًا سندًا، وضعيفًا مَتنًا؟
الجواب:
الحقيقة؛ هذا لا يكون صحيحًا سندًا.
كلُّ ضعف في المتن مَرَدُّه إلى السَّند؛ لأن السَّند رُواة، حتى الرَّاوي الثِّقة قد يُخطئ؛ لكن فرق بين أن ندَّعي عليه الخطأ، وبين أن نَرميَه بالخطأ، وبين أن يكون -فعلًا- مُخطئًا.
هذا يحتاج إلى علم وإلى معرفة قويَّة في العلم الشَّرعي، لا أن تُلقى جزافًا وارتجالًا؛ لمجرَّد أي وارِدٍ من شُبهة أو إشكالٍ عقليٍّ على هذا الحديث أو ذاك -كما نراه-اليوم-من بعض الذين تصدَّروا العلم-وهم ليسوا أهلًا للتَّصدُّر!

7. السؤال:
نريد كلمة حول التَّفسير المقارَن؟
الجواب:
(التَّفسير المقارَن) من حيث المنهجية قريب من معنى (الفِقه المقارَن) مِن حيث المنهجية -ذاتُها-؛ بمعنى: أن صاحب التَّفسير المقارن يَنقل أقوال مفسِّرين ويناقشُها -بمعنى: أنَّه يَنقلها ويُناقشها-، ثم يُرجِّح حسب الأدلَّة - القُرآن بالقرآن، القرآن بالسُّنَّة، ثم أقوال السَّلف الصَّالح، ثم المعقول-، لا أن يقدَّم المعقول على المأثور -كما [..انقطاع..] فلان وعلان-ممَّن فهموا التَّفسير فهمًا عكسيًّا، وفهموا نصوص القرآن والسُّنَّة فهمًا عكسيًّا-للأسف الشَّديد-!
هذا خلاصة ما يُذكر فيما يُسمى (التَّفسير المقارَن).
مع أنَّني -من باب الأمانة العلميَّة-: [..انقطاع..] مصطلح (التَّفسير المقارَن) مصطلحًا شائعًا بين علماء التَّفسير، وليس مصطلحًا رائجًا بينهم، يجب أن نتَّبع طرائق أهل العِلمِ من المفسِّرين في مثل هذا -حتى في مثل هذه الاصطلاحات-.
والله -تعالى- أعلم.

8. السؤال:
رجل حَلَف يَمينَ طَلاق، وعنده أربع نساء، ولم يحدِّد أي زوجة على مَن يقع؟
الجواب:
ابتداء: يجب أن نعلم: هل اليمين -ابتداءً- نافِذ؟ يعني: قاله مُدرِكًا ما يقوله، أم أنه قاله بِغير وعي؟ هذه مسألة.
فلنفرض أنه قاله واعيًا -حلف هذا اليمين-، نسأله: هل حدَّدتَ؟ السُّؤال يَقول: (لم يُحدِّد)؛ لكن: أحيانًا قد يُظن أن التَّحديد المقصود به اللَّفظ [..انقطاع..] حتى النِّيَّة، هل حدَّدت بالنِّيَّة؟ فإذا حدَّد بالنيَّة حتى بالنِّيَّة، نقول له: وقع الطلاق على هذه المرأة التي أنت [..انقطاع..].
فإذا لم يُحدِّد واحدة منهنَّ -والعياذ بالله- يَطلُقْن -جميعًا-؛ هذا ما نصَّ عليه الفقهاء -مِن باب الاحتياط في الفروجِ-.
الآن: هل هي طلقة أولى.. طلقة ثانية.. طلقة ثالثة..؛ هذا بحسب الوقائع، وبحسب الأحوال.
والله -تعالى- أعلى واعلم.

9. السُّؤال:
بماذا تتحقَّق المأموميَّة بين الإمام والمأموم؟.. لا بُد من إدراك آخر رُكوع؟
الجواب:
[...تقطُّع في التَّسجيل...] لم يُدرك معه إلا الهيئة؛ فإنه أدرك الركعة، المهم أن يطمئنَّ راكعًا، أدرك الرَّكعة.
السُّؤال -فيما يبدو- أنَّه يُقصد به الرَّكعة الأخيرة.
نقول: هنالك فرق بين إدراك الرَّكعة من الصَّلاة، وإدراك فضل صلاة الجماعة، فمن أدرك الإمامَ ولو في التَّشهُّد الأخير، ولو قبل السَّلام؛ نرجو أن يكون قد أدرك فضلَ الجماعة، خاصَّة إذا كان حريصًا لم يكن مُتساهلًا ومتهاونًا؛ لأن بعض النَّاس قد تتهاون!

10. السُّؤال:
ما أفضل طبعة لـ«صحيح الْبُخاري» و«صحيح مسلم»؟
الجواب:
طبعاتُ «الصَّحيحَين» كثيرةٌ؛ لكنْ: أجودُها هي الطَّبعات الحديثة التي قامت عليها (دارُ التَّأصيل) بإشراف فضيلة الأستاذ الشَّيخ الأخ الكبير أبي أسامة عبدِ الرَّحمن بن عبد الله بن عَقيل -حفظه الله ورعاه-، فقد بذَل جهدَه ومالَه ووقتَه للقيام بهذه الجهود المباركة؛ خدمةً لكتب الحديثِ، وقد وفَّقه الله في ذلك توفيقًا -نظنُّه-إن شاء الله- عظيمًا-وعظيمًا جدًّا-؛ فجزاه اللهُ -تعالى- خيرًا.

11. السُّؤال:
هل سبق وأن عُلِّقت التَّراوايح في المساجد؟
الجواب:
..إذا عُلِّقت صلوات الفرائض في المساجدِ؛ فمن بابِ أَوْلَى أن تكون -هنالك- تعليق لصلاة التَّراويح؛ صلاة التَّروايح سُنَّة -ليست فرضًا-.
وفي الأوبئة وفي الحروب وو...إلخ.. -أحيانًا-: كانت المساجد تغلَق، وهذا مذكور في كتب التَّاريخ، مذكور في مواضعَ لا أريد أن أقولَ: كثيرة؛ ولكن أقول: ليست قليلة.
وإضافة إلى شيء آخر -وقد ذكرناه في مجلس سابق-: أنَّ الأمر -في هذا البابِ- يتعلَّق بالأوبئة وأنواعها وأصنافها، فقد أخبرنا النبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّ في الزمن الآخِر ستكون أوبئة أو أمراض لا تُعرَف فيمَن كان قبلكم.
فحينئذ: القضيَّة لا يجوز أن نقايسَ فيها الأمور مقايسةً دون الرُّجوع إلى أهل التَّخصُّص والمسؤولية وأولياء الأمور -وما أشبه ذلك-.

12. السُّؤال:
هنالك من يطعن بالشَّيخ الألبانيِّ في الحديث؛ مُعتمدًا على قول ابن عُثيمين -فيه-: (دائمًا ما يتساهل بالتَّصحيح والتَّضعيف)؟
الجواب: [انقطاع كثير في الجواب]
هذان عالمان من أئمَّتِنا وعلمائنا وكبرائنا [..انقطاع..].
الشَّيخ ابن عثيمين -أستطيع أن أقول- إمام، وهو فقيه هذا العصر؛ لكنَّه في الحديث هو وغيره، ولا أَزيد -مع كلِّ الاحترام والتَّقدير والتَّبجيل-.
وما قلناه في الشَّيخ ابن عثيمين في الحديث نقولُه في [الشَّيخ الألباني] في الفقه.
الشَّيخ الألبانيُّ ألمعيَّتُه الكبرى في الحديث، وإن كان في الفِقه هو وغيره..
وهذا لا يعني أنَّه كما يطعن بعض النَّاس طعنًا آخَر؛ فيقولون: (الشَّيخ الألباني مُحدِّث وليس بِفقيه)! هذا غير صحيح.
الشَّيخ الألباني مُحدِّث وفَقيه [..انقطاع..] أبو الوفاء ابن عقيل طَعْنَ بعضِ النَّابتة بالإمامِ أحمد أنَّه (محدِّث ليس بِفقيه)! وهذه دندنة معروفة يُطعن فيها أهل الحديث -دائمًا وأبدًا-!
فهذا كلام غير صحيح، وغير مقبول!
الشَّيخ الألبانيُّ يجري على أصول وقواعد وضوابط؛ لكنَّه [في النهاية] بَشر قد يُخطئ، قد يُستدرَك عليه، قد يَستدرِك على نفسه قد يتراجَع قد يفوتُه هكذا البشَر ليس مِن الشَّيخ الألبانيِّ! مِن قبل الشَّيخ الألبانيِّ، ومَن هم أعظم مِن الشَّيخ الألبانيِّ[..انقطاع..]؛ ولكن نقول: الشَّيخ الألبانيُّ مُنضبِط ومُعتدِل؛ لكنَّه يُخطئ ويُصيب -كسائر البَشر-.
هذه نقطة مهمَّة جدًّا [مع احترامي الشَّديد] للشَّيخ أبي عبد الله محمَّد بن صالح الْعُثيمين -رحمهُ اللهُ-تعالى-.

13. السُّؤال:
ما حكم صلاة المأموم خلف إمام [..انقطاع..] ناسيًا ؟
الجواب:
صلاة المأمومين صحيحة، وحينئذٍ: هذا مما تنفكُّ فيه صلاة المأموم عن صلاة الإمام.
بعض النَّاس يقول: واللهِ؛ أنا انتبهتُ، فأريد أن أنبِّه النَّاس!
نقول له: لا تُنبِّه النَّاس، أنتَ تُعيدُ صلاتَك.. لأن الآخَرين أتَوا بالصَّلاة كاملة، وأنتَ ناسٍ «رُفع عن أمَّتي الخطأ والنِّسيان»، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾.
هذا طبعًا فيه رفعُ الإثم، وليس فيه رفعُ الْفِعل، فالفعلُ يجبُ عليه أن يَرجعَ ويُعيده.

14. السُّؤال:
ما قولُكم في جماعة التَّبليغ، والخروج الذي يقومون به؟
الجواب:
الحقيقة للإنصاف: جماعة التَّبليغ لها جهد جبَّار وعظيم -جدًّا-؛ لكنَّ هذا الجهد الجبَّار والعظيم -جدًّا- يَنقصه أمران مهمَّان:
الأمر الأوَّل: العِلم؛ أن يتعلَّموا، ويتفقَّهوا في الدِّين، ولا يكون -فقط- عندهم ما يُسمَّى بـ(علم الفضائل) دون (علم المسائل)، وأنا أقول: لم يأتِ علمُ الفضائل إلا مِن أجل عِلم المسائل!
فهذه غريبة عجيبة!
والأمر الثَّاني: الاهتمام في الاعتِقاد -العقيدة والتَّوحيد-؛ لأنَّنا نرى بينهم مَن هُم خليط -في هذا الباب-.
فجُهودهم الجبَّارة إذا أرادوا أن يُكلِّلوها بالنَّجاح -أكثر وأكثر-، وبالتَّأثير -أكبر و أكبر-:
فليتعلَّموا العلمَ الشَّرعيَّ النَّقيَّ الصَّحيح، القائم على منهج السَّلف الصَّالح -في الفهم والمنهج والدَّليل والبرهان-.
الأمر الثَّاني: العقيدة والتَّوحيد؛ العقيدة والتَّوحيد هما أساس الدِّين، ورأس مال المسلمين.

15. السُّؤال:
ماذا تقول في... أبو عرفة الذي يَطعن في العلماء -في ابن باز والعُثيمين-؟
الجواب:
يكفي طعنُه بهذين الإمامين -وهو يَطعن بِشَيخ الإسلام ابن تيميَّة-أيضًا-، وبقائمة طويلة مِن أهل العلم!-.. يكفي أنه يَطعن بهؤلاء الأئمَّة حتى يُسقط نفسَه! نعم؛ «مَنْ عادَى لي وَلِيًّا؛ فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ».
فلْيتَّقِ الله -هو وكلُّ مَن يشدُّ على يده، أو...، أو يَراه أهلًا للعِلم أو التَّعلُّم أو التَّعليم-.
مَن يَطعن في أئمَّة العلم الرَّبَّانيِّين المشهود لهم؛ هذا ليس ثِقة، وليس أهلًا للعلم.
ونحن ننصح الرَّجل أن يُراجع نفسَه، وأن يتَّقي الله ربَّه.
نعم؛ هؤلاء العُلماء بَشَر، ليست مشكلتنا في كونهم بشرًا؛ البشر كلُّهم -من عالم وغير عالم- يُخطِئون ويُصيبون -كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: «ما منَّا إلَّا رادٌّ ومَردودٌ عليه؛ إلَّا النبيّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-».
فالقضيَّة في الطَّعن وليس في النقد العلميّ، ثم النَّقد العِلميُّ يحتاج مَن هو أهل له، والرَّجل ليس أهلًا لذلك!
الرَّجل أوتي لسانًا، وأوتي كلامًا؛ لكنْ: لم يُؤتَ العلم النَّقيَّ الذي يُعرِّفُه قَدْرَ نفسِه بجنب هؤلاء العلماء والأئمَّة.

16. السُّؤال:
هل يجوز طرد بعض القَرابة مِن دخول البيت -في مثل هذه الأيَّام-؟
الجواب:
لماذا تَطرد؟! نحن لا نقول بالطرد!
لو أنَّك استقبلتَهم دون الاختلاط، مع المباعدة، ودون المس -يعني؛ أن يَمسَّ بعضَكم بعضًا،والتَّقبيل والمعانقة- أولى مِن أن تَطردَهم.
ولو أنَّك خفَّفت الوقت -في الجلوس معهم-؛ قلت: واللهِ؛ أنا عندي ظرف معين -أو كذا-؛ فهذا -حينئذٍ- جمعٌ بين الخيرين.
أمَّا أن تَطردهم: قد لا يَفهمون الطَّرد على الوجه الصَّحيح؛ فيُسيئون فَهمَك وفهمَ ما أنت فيه.

17. السُّؤال:
هل صلاة الجنائز مع انتشار فايروس كورونا نجتمع، ونضع القدم بالقدم، والكتف بالكتف، ونُصلِّي على الجنائز؟ أم يكون بين الشَّخص والشَّخص الآخَر مسافة؟
الجواب:
ابتداء: نقول: الأصلُ عدم الإكثار من النَّاس -في هذه الأيام- والاجتماعات.
فهنالك؛ لو أن أحدًا قام بِشيء قليل، لو أن الجنازة أقيمت بعدد قليل من النَّاس -أربعة أشخاص، أو خمسة أشخاص-، وكانوا بِهيئتِهم المعتادة؛ إن شاء الله هذا لا يؤثر؛ لكن: إذا طال الأمر، أو كثر الناس؛ هنا التَّأثير فنحن لا نُشدِّد على أنفسِنا، ولا نتوسَّع في الأمور، و(دين الله [بين الغالي فيه] والجافي عنه).

18. السُّؤال:
رجل مُقيم في بريطانيا، ويعمل سائق باص عُمومي، ويحين نوبة عملِه [..انقطاع..] قبل صلاة المغرب، ولا ينتهي من نوبتِه إلا بعد صلاةِ العشاء، فكيف يُصلي -علمًا أنَّه لا يُسمح له بترك خطِّ الباص أثناء عمله-؟
الجواب:
إذا [..انقطاع..] صلاة المغرب -فقط- والعشاء؛ فحينئذٍ: عليه أن يَجمع.
لكن؛ مع ذلك: الحريص يُحاول أن يُصليَ كلَّ صلاةٍ في وقتِها، ولو اضطرَّه ذلك إلى أن يبحث عن عملٍ آخر، والضَّرورة تُقدَّر بقدرها.
أمَّا أن تكون أوقات الصَّلوات -بسبب عملِه- أربعة أوقات -ليست خمسة أوقات-؛ فهذا: لا يجوز.
الجمع بين الصَّلاتين إنما هو للضَّرورة ..[..تقطُّع..] ..

19. السُّؤال:
نريد منكم كلمةً حول مخاوف النَّاس على أرزاقهم وأعمالهم في ظل توقُّف الحياة -هذه الأيَّام-، وبخاصَّة مَن يعتمد على نظام اليوميَّة -وقد يطول الحال-.
الجواب:
النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: «إنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وأَجَلَهَا»، ويقول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: «إنَّ الرِّزقَ لَيَطْلُبُ العَبْدَ أَكْثَرَ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ»، فكُنْ على يقينٍ -أيُّها المسلم- أنَّ رزقك المكتوبَ لك لا بُدَّ أن تأخذَه وأن تنالَه وأن ينالَك، حتَّى لو كنت تقول: أنا لا أشتغل -وكنت أشتغل وأعمل-، لو أنَّ العمل موجودٌ والوضع كما هو، ولم يَكتب الله لك رزقًا -ذلك اليوم-؛ لما نِلتَ هذا الرزق؛ لأنَّ الله هو الرزَّاق، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾.

20. السُّؤال:
ابني البالغ من العمر أحد عشر عامًا يقودُ الصَّلاة [يعني: يؤمُّه في الصَّلاة] -لأنه يحفظ نصفَ القرآن-، واليوم في صلاة الفجر كنت أقف بجانبه، وشممت شيئًا [بإخراج الرِّيح]، وبعد الصَّلاة سألتُه [يعني: سأل ولدَه] ونفَى، فلم أقم بإعادة الصَّلاة، وكنا اثنين -فقط- في الصَّف، هل أكرِّر الصلاة؟
الجواب:
لا؛ لا تُكرِّر الصَّلاة، وإذا كان -هنالك- مِن خلل فعليه -لا عليك-، فكيف إذا أنت قد سألتَه ونفَى، وهو يبدو أنَّه ذو ذهن ذكي -ما شاء الله؛ وإلّا لما نفى، وهو يعرف -نفسَه- يؤم الصَّلاة، ولا بُد أن يَعرف -ولو أحكام الصَّلاة، وفقه الصَّلاة بشكل عامّ-.

21. السُّؤال:
بعضُ إخواننا يَذكرون جواز بثِّ القرآن الكريم على المآذن من باب إغاظة العلمانيِّين الذين فرحوا بتعطيل بعض الشَّعائر الدِّينيَّة -كالعمرة وصلاة الجُمُعة والجماعة-؛ فهل تخريجهم هذا صحيح؟
الجواب:
هذا غير صحيح؛ لأنَّ هؤلاء يَغتاظون بالأذان! فيَكفيهم أن يَغتاظوا بالأذان المشروع حتى نأتي لهم بشيء غير مشروع -ولو ازداد غيظهم في ذلك-.
نحن نحرص على الاتِّباع؛ كما قال الإمام الشَّافعي -رحمه الله-فيما نقله عنه الحافظ ابنُ الحجر-في «فتح الباري»- قال: «إنَّما نتّبع السُّنَّة فعلًا وتركًا»؛ فنفعل ما فعله الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، ونترك ما تركه الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-.

22. السُّؤال:
حكم تصوير الفقراء والمحتاجين عند إعطائهم للصَّدقات؛ قصد تشجيع الأغنياء على العطاء والإنفاق؟
الجواب:
أنا أقول: لا مانع من ذلك؛ بِشَرطَين:
الشَّرط الأوَّل: أن لا يُنشَر مثل هذا على الملأ؛ لأنَّ من النَّاس مَن قد يكون من الأُسَر العفيفة، النَّاس تظنُّها ذات شأن -من حيث المال- وهو لا يكون كذلك؛ لماذا نوسِّع الخَرق على الرَّاقع؟
والشَّرط الثَّاني: أن يكون الْمُصوِّر قد رتَّب الأمر -بطريقة أو بأخرى-: أن لا تُرى الوجوه؛ نحن لا يهمُّنا مَن أعطينا، يهمُّنا أنَّنا أعطَينا، وأن الأمر حصل فيه مثل هذا العطاء -ولله الحمد- الذي يُشجِّع الأغنياء على أن أموالهم مأمونة -وما أشبه ذلك-.
يستطيع الذي أكرمه الله بتوزيع المال أن يجعل النَّاس -إذا جاءته- يأتونه بطريقة لا تظهَر وجوهُهم في التَّصاوير، حينئذٍ: نجمع بين المصلحة ودرء المفسدة.




انتهى اللِّقـاء العاشِر
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.