أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
69869 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-27-2019, 02:10 AM
عبد المنعم البيضاوي عبد المنعم البيضاوي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 12
Arrow أثر الحكم على الرواة المختلف فيهم في تصحيح وتضعيف الأحاديث النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم



أثر الحكم على الرواة المختلف فيهم في تصحيح وتضعيف الأحاديث النبوية
يعد علم الجرح والتعديل من أدق وأعظم مباحث علوم الحديث؛ نظرا لقيامه على قواعد دقيقة تمحص حال الرواة من حيث القبول والرد، إذ من أهم شروط الحكم على الحديث بالصحة عدالة الراوي؛ يقول ابن حجر في تعريف العدل : " والمراد بالعدل : من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة "(1)(2). فغير العدل لا يعتبر حديثه صحيحا أو حسنا، بل يعتبر ضمن الضعيف المردود.

مراتب الرواة من حيث العدالة والضبط
والرواة من حيث العدالة أقسام شتى ومراتب عدة: وقد عدهم ابن حجر رحمه الله في " تقريب التهذيب "اثنتي عشرة مرتبة فقال : " فأما مراتب: فأولها : الصحابة، فأصرح بذلك لشرفهم.
الثانية: من أكد مدحه - إما بأفعل : كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظا: كثقة ثقة ، أو معنى كثقة حافظ.
الثالثة : من أفرد بصفة، كثقة ، أو متقن، أو تبث ، أو عدل.
الرابعة : من قصر عن درجة الثالثة قليلا، وإليه الإشارة : بصدوق، أو لا بأس به ، أو : ليس به بأس.
الخامسة : من قصر عن [ درجة ] الرابعة قليلا، وإليه الإشارة: بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو : له أوهام، أو: يخطيء، أو: تغير بآخره، ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع، والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره.
السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
السابعة : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ : مستور أو : مجهول الحال.
الثامنة : من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف ، ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف.
التاسعة : من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ : مجهول.
العاشرة : من لم يوثق البتة ، وضعف مع ذلك بقادح ، وإليه الإشارة : بمتروك، أو : متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو : ساقط.
الحادية عشرة : من اتهم بالكذب.
الثانية عشرة : من أطلق عليه اسم الكذب ، والوضع." (3)

ثم قد يتفق أهل الجرح والتعديل على توثيق راوي أو تضعيفه، وقد يختلفون في الحكم على راوي من الرواة الحديث؛ بين معدل له ومجرح إياه. ولهذا الحكم أثر خطير خاصة إذا كان هذا الراوي هو مدار الحديث ، بحيث يترتب على تجريحه ضعف الحديث، بينما ينتج عن تعديله وتوثيقه الحكم بصحة الحديث أو حسنه.

مثال على الراوي المختلف فيه
وأضرب مثال على ذلك ما رواه الإمام أحمد (22/ 284) وابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 304 ) وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع " (4)
اختلف أهل العلم في الحكم على عمرو بن شعيب هذا اختلافا شديدا؛ وقد فصل القول فيه ابن حجر، ورد على المضعفين له، وقوى أمره وهذا جزء من اختلاف أهل الجرح والتعديل فيه :
"قال صدقة بن الفضل : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : إذا روى عنه الثقات فهو ثقة يحتج به. وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد حديثه عندنا واهي ...
وقال البخاري : رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ، وإسحاق بن راهويه وأبا عبيدة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين . وقال البخاري : من الناس بعدهم ؟ ..."(5)
ثم رد ردودا علمية ، توجه أقوال المجرحين له وتؤكد أقوال المعدلين له ، والذي أدين الله به وأعتقد صحته ، والراجح في حقه أنه " صدوق" أي حسن الحديث ؛ كما قال ابن حجر في " التقريب " (ص738) ووافقه الذهبي في " السير " (6) (7) ولذلك صحح الحديث الترمذي والحاكم والذهبي ووافقهم الشيخ الألباني رحمة الله عليهم.
وفي المقابل هناك من أهل العلم من ضعف الحديث ومن بينهم العقيلي في " تاريخه " ومن بين أهم الأسباب في تضعيفهم للحديث ؛ الحكم بضعف عمرو بن شعيب والطعن في روايته عن أبيه.

آثار الاختلاف في الحكم على الراوي
هذا الاختلاف في الحكم على الراوي يؤدي لا محالة إلى اختلاف أهل العلم في الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف، ومن آثار ذلك الاختلاف ؛ الاختلاف في إثبات الأحكام الشرعية المتعلقة بالحديث، لأنها تقوم على القرآن الكريم والسنة النبوية ، فإثبات الحديث له آثار كبيرة على وجود أحكام شرعية أو إلغائها ، وما في ذلك من توابع؛ مثل الجزاء والثواب والعقاب على التفريط فيها مثلا، وأثره على الأسرة المسلمة وكيفية تعامل بعضها مع بعض، ورصانة تكوين العقل المسلم بها، بما يخدم الضروريات الخمس في الإسلام ، وإقامة استخلاف الإنسان في الأرض، فإن الإسلام عقد متراص يأخذ بعضه برقاب بعض، وأي خلل في أحد أجزائه إلا ويؤثر على الباقي.

أسباب الاختلاف في الحكم على رواة الحديث
والمتأمل في أسباب هذا الاختلاف ، يعلم أنها أسباب فرضتها طبيعة المادة العلمية لعلم الحديث؛ يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه الماتع " رفع الملام عن الأئمة الإعلام " في ذكر الأسباب التي يعذر العلماء فيها بمخالفة نصوص القرآن والسنة بفتواهم واجتهاداتهم.
" السبب الثالث : اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره، مع قطع النظر عن طريق آخر .وسواء كان الصواب معه، أو مع غيره ، أو معهما عند من يقول كل مجتهد مصيب. ولذلك أسباب : منها : أن يكون المحدث بالحديث يعتقده أحدهما ضعيفا ، ويعتقده الآخر ثقة ، ومعرفة الرجال أمر واسع. وقد يكون المصيب من يعتقد ضعفه لاطلاعه على سبب جارح.
وقد يكون الصواب مع الآخر، لمعرفته أن ذلك السبب غير جارح، أما لأن جنسه غير جارح ، أو لأنه كان له فيه عذر يمنع الجرح. وهذا باب واسع.وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف ، مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم " (8)
فهذه جملة من الأسباب التي يختلف بسببها أهل العلم في الحكم على الرواة ؛ ولكن الذي ينبغي أن نعتقده أنهم لا يتحاكمون إلى الهوى والرأي، بل حكمهم موضوعي لأنهم ثقات ربانيون شهدت لهم الأمة الإسلامية بذلك؛ من أمثال جبل الحفظ البخاري وعلى بن المديني وأبي زرعة وابن أبي حاتم وغيرهم من المحدثين رحمة الله عليهم.

الحكم البشري نسبي وعصمة الأمة عن الخطأ
ولكن الحكم البشري مهما كان دقيقا يبقى نسبي يحتمل الصواب والخطأ ؛ إلا أن الله عز وجل عصم الأمة الإسلامية بمجموعها عن الاجتماع على ضلالة أو خطأ . فلابد أن يظهر الحق ولو على لسان واحد منهم .

قواعد لتفادي الخطأ في الحكم على الرواة

ولتفادي الوقوع في الخطأ في الحكم على الرواة قر رالعلماء عدة قواعد ضابطة لهذا الأمر ، منها ما ذكره ابن الصلاح رحمه الله حيث قال :
" وأما الجرح : فأنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب ، لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح ، فيطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر ، فلابد من بيان سببه لينظر فيما هو جرح أم لا ، وهذا أمر ظاهر مقرر في الفقه وأصوله " (6)
قلت : والراجح عدم توقف جرح الراوي على معرفة سببه ؛ خاصة إذا كان المجرح من علماء الجرح والتعديل ؛ إذ ليس شرطا لدى أهل هذا الفن ذكر أسباب أحكامهم في كل راوي ، وهذا ما ساروا عليه. ثم قال رحمه الله في الفصل في الرواة المختلف فيهم : " إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل ، فالجرح مقدم لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل ، فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل التعديل أولى . والصحيح الذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه ، والله اعلم " (10)
وقد وافقه ابن حجر في تقديم الجرح على التعديل ولكنه اشترط أن يكون مفسرا إذا وجد التعديل فإن خلا عن التعديل قبل الجرح مجملا قال في " النزهة " (ص 122) :
" ( و الجرح مقدم على التعديل ) وأطلق ذلك جماعة ولكن محله ( إن صدر ) مبينا ( من عارف بأسبابه ) ، لأنه إن كان غير مفسر ، لم يقدح فيمن ثبتت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضا.
( فإن خلا ) المجروح ( عن التعديل قبل ) الجرح فيه ( مجملا ) غير مبين السبب إذا صدر من عارف ( على المختار ) لأنه إذا لم يكن فيه تعديل، فهو في حيز المجهول ، وإعمال قول المجرح أولى من إهماله، ومال ابن الصلاح في مثل هذا إلى التوقف فيه.
قلت : وهذا تفصيل جيد، وتقديم الجرح على التعديل يكون إذا استوت كفتا التعديل والجرح، فالمصير إليه أولى، وعند اجتماع جرح وتعديل في الراوي ورجحت كفتة تعديله أو تجريحه فالواجب الأخذ بالراجح وترك المرجوح ، ومن المرجحات كذلك كثرة عدد المعدلين أو المجرحين المعتبرين مع سلامة قولهم مما يبطله.

ضوابط مهمة في الحكم على الرواة
والذي استفدته من تجربتي المتواضعة في دراسة السنة النبوية تخريجا وتحقيقا ؛ أنه عند اختلاف أهل العلم في الراوي ينبغي على الباحث مرعاة الضوابط الآتية :
أولا: جمع كلام أهل العلم في الراوي المختلف فيه تعديلا وتجريحا قبل الحكم عليه ؛ لأن هذا أدعى إلى إصابة الحق.
ثانيا : الموازنة بين أقوالهم على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل ، وخصوصا الراجح منها ، وتحري الصواب .
ومن أهم الكتب التي توازن بينهم الكتاب الماتع " تهذيب التهذيب " لابن حجر رحمه الله ، و " الكاشف " و " تاريخ الإسلام " كلاهما للذهبي ، و" تاريخ بعداد " للخطيب البغدادي، و " تقريب التهذيب " لابن حجر.
ثالثا : التفريق بين صفات أهل الجرح والتعديل ؛ فمنهم المتشدد في الجرج كابن معين والدارقطني في بعض الأحيان ويعقوب الفسوي ، والمتساهل في التعديل كابن حبان والعجلي ، فإنهما يوثقان المجاهيل ، والمعتدل كالبخاري وعلي بن المديني وابن عدي وابن أبي حاتم والذهبي وابن حجر والخطيب.
رابعا : النظر في القرائن والمرجحات مثل كون تلاميذ الراوي من الثقات المشهورين خاصة إذا لم يوثقه غير ابن حبان ، وكونه من رجال الصحيحين أو أحدهما المحتج بهم في أصل الصحيح ويلحق بهم ما أخرجوا لهم في الشواهد والمتابعات، وتلميذ الراوي أعرف بحاله من غيره ، والمشاهد مقدم على السامع ، وكلام الأقران يطوى ولا يروى...
خامسا : المقارنة بين مرويات الراوي وكلام أهل العلم فيه ، هل هي صحيحة أم لا ؟ ، وهل يأتي بالغرائب والمخالفات أم يضبط الحديث ويوافق الثقات ؟
سادسا : خلاصة حكم ابن حجر في " التقريب " غالبا ما توافق الصواب، اللهم إذا خالفه من أهل الجرح والتعديل بأدلة راجحة فالمصير إليها أولى.

والحاصل أيها الأفاضل أن علم الرجال بحر واسع لا ساحل له ، وخصوصا الرواة المختلف فيهم ، وإعمال قواعد الحديث وخصوصا التي استقر العمل عليها ، وتحري الإنصاف من الأسماء والأقوال ، والبحث الموضوعي العلمي ، والرجوع للراسخين من المحدثين قديما وحديثا ، وطول الدربة والممارسة لهذا العلم الشريف تحقيقا وضبطا وتخريجا ، وقد وجدت كثيرا من الفوائد لا يمكن الوصول إليها إلا بالتجربة المباشرة ؛ وكلها أصول تعصم المحدث والباحث من الخطأ في الحكم على حملة أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والحمد لله رب العالمين
والله أعلم .
كتبه أبو آدم عبد المنعم البيضاوي
بتاريخ 4 ذو الحجة 1437ه
الموافق ل 6 شتنبر 2016 م
ونقح ودون بتاريخ الأحد 19 شوال 1440ه
الموافق ل 23 يونيو 2019 م
مجاط - المملكة المغربية.

الهوامش:
(1) انظر ابن حجر " نزهة النظر " تحقيق عبد الكريم الفضيل ، دار الرشاد المحمدية ، المغرب ، الطبعة الأولى : 1418ه 1998م ( ص 38- 39 )
(2) المروءة : هي أن يفعل المرء كل ما يجمل ويزين ويترك كل ما يدنس ويشين ، انظر " الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية " دار العاصمة ، المملكة العربية السعودية 1245ه - 1328ه ( ص 25 )/
(3) ابن حجر " تقريب التهذيب " تحقيق أبو الأشبال شاغف الباكستاني رحمه الله ؛ تحقيقه لهذا الكتاب جيد جزاه الله خيرا ، رغم وجود بعض الأخطاء في ترقيم الإحالة على الرواة وهي قليلة جدا ولله الحمد، دار العاصمة ، السعودية النشرة الثانية 1423ه (ص80-81).
(4) محمد ناصر الدين الألباني " الإرواء " المكتب الإسلامي - بيروت ، الطبعة الثانية : 1405 ه - 1985 م (1/266) وله كذلك رحمه الله " صحيح أبي داود " مؤسسة غراس الطبعة الأولى : 1423ه -2002 م .
(5) ابن حجر " تهذيب التهذيب " مطبعة دار المعارف ، الهند ، الطبعة الأولى .1326 - (8/ 48-55).
(6) الذهبي في " سير أعلام النبلاء " دار الحديث ، القاهرة ، 1428ه -2006م (5/ 481-485).
(7) ومن بين الرواة المختلف فيهم : سعيد بن سالم القداح ، وشرحبيل بن سعد المدني ، وإسماعيل بن زكريا بن مرة الخلقاني وغيرهم ، وقد ألف الحافظ المنذري كتاب " الترغيب والترهيب " وختم كتابه بباب ذكر الرواة المختلف فيهم .
(8) انظر غير مأمور" رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لابن تيمية ، المكتب الثقافي السعودي بالمغرب ، 1417 ه (ص19-20)
(9)راجع " مقدمة ابن الصلاح " مؤسسة الكتب الثقافية ، لبنان ، الطبعة الثانية : 1420ه 1999م (ص72-73)
(10) نفس المصدر السابق.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.