أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
119795 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-22-2010, 09:54 PM
الامين محمد الامين محمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: ليبيا - حرسها الله من الاحزاب والفرق الضالة
المشاركات: 403
افتراضي ما حكم العمليات الاستشهادية عند بعض مشايخ الإسكندريه ؟ دعوى للنقاش وتبيين الحق

أما بعد فهذه بعض من فتاوى مشايخ مدرسة الإسكندريه-وفقهم الله- فى حكم العمليات الإنتحارية:

الشيخ أحمد حطيبة (طبيب الأسنان) وفقه الله:

ما حكم العمليات الاستشهادية حيث أننا قرأنا لبعض العلماء أنها تُعتبر انتحار ؟
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa...&fatwa_id=5436

مختصر جواب الشيخ :تجوز وليست إنتحار

2.الشيخ ياسر البرهامى - وفقه الله-:

السؤال:ما حكم العمليات الاستشهادية؟ هل تُعد من الجهاد بالنفس، أم إلقاء بالنفس للتهلكة؟ فإن كان الجواب بالإيجاب فكيف نرد على أولئك الذين يجحدونها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من تحرير محله وبيان أنواع ما يسمى بالعمليات الاستشهادية أو الانتحارية عند من يمنعها؛ وذلك أنها تشمل عدة صور:
منها: أن ينغمس المسلم بسلاحه وسط الكفار مقاتلاً لهم؛ لإحداث نكاية بهم، وقتل أكبر عدد منهم، أو لتقوية قلوب المسلمين وإرهاب عدوهم، أو لتحقيق مصلحة من مصالح الجهاد كفتح حصن أو نحوه، وهو يغلب على ظنه أنه ُيقتـل، فهذه الصورة لا يكاد يُختلف فيها من جهة السبب في القتل أو مباشرته؛ إذ لا يُقتل بسلاح نفسه، وإنما الاختلاف فيها من جهة تحقيق المصلحة أو حصول المفسدة.
وكذا من جهة المسائل الأخرى الآتية من جهة مراعاة عقد الهدنة أو الأمان، وكذا مسألة النية والراية وغيرها، فلا يجوز نقض العهد سواء بهدنة أو أمان بالقيام بمثل هذه الأعمال في بلاد لها عهد مع المسلمين، أو في وسط كفار دخلوا بلاد المسلمين بأمان ولم يدخلوا بقوة السلاح كمحتلين أو مغتصبين، ولا يجوز كذلك في بلاد دخلها مسلم أو مسلمون بأمان؛ إذ أن جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم يرى أن عهد الأمان من الكفار لمسلم هو عهد أمان منه لهم؛ لأن المشروط عرفًا كالمشروط لفظًا.
ولا يجوز القيام بهذه العمليات بطولة وشجاعة دون نية إرادة وجه الله -تعالى-، ونصرة دينه، وإعزاز المسلمين، وإرهاب الكافرين، فلقد كان يفعل مثلها الطيارون اليابانيون مع الأمريكان، وهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر، ولكن فعلوها بطولة ووطنية، فلا يُسمَّى من فعل مثل ذلك شهيدًا، وكذلك من فعل مثل هذه العمليات تحت راية عمية؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ)(رواه مسلم).
وقال الغزالي في الإحياء (7/26): "لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل، وإذا جاز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز أيضًا له ذلك في الحسبة".
وقال القرطبي في تفسيره (5 /363): "اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم ابن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل؛ لأن مقصوده واحد منهم.
وقال ابن خويز منداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل، ولكن سينكي نكاية أو سيبلي أو يؤثر أثرًا ينتفع به المسلمون فجائز أيضًا، وكذلك يوم اليمامة لما تحصَّنت بنو حنيفة بالحديقة؛ قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحجفة، وألقوني إليهم، ففعلوا، وقاتلهم وحده، وفتح الباب.
قال القرطبي: ومن هذا ما روي أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا؟ قال: (فَلَكَ الْجَنَّةُ)، فانغمس في العدو حتى قتل".اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح (8 /185): "وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن، ومتى كان مجرد تهور فممنوع، ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين، والله أعلم".
وقال محمد بن الحسن في السير الكبير (1/163): "لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده؛ لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه؛ لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه، ولأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه، وإن كان قصده إرهاب العدو وليعلم صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه، وإذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ)(التوبة: 111) الآية".
الصورة الثانية: فهي أن يركب سفينة فيها جنود الكفار، أو يحتل فندقًا فيه مقاتلو الكفار، ويضع فيه المتفجرات ونحو ذلك، ويعلم أنه سيُقتل ضمن من يُقتل، وكذلك صورة من يلتف بحزام ناسف أو يقود سيارة ملغومة فيفجرها في معسكر الكفار أو مبانيهم.
فهاتان الصورتان وإن فرَّق بينهما البعض إلا أنهما في الحقيقة صورة واحدة، وهو أنه يقتل بسلاح نفسه فهذه محل الخلاف؛ حيث منعها بعض العلماء احتجاجًا بأحاديث النهي عن قتل النفس، ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا).
ومنهم من منعها لأجل ما يترتب عليها من مفاسد لا لأجل صفة القتل، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ الألباني -رحمه الله- وكذا الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، ومنهم من أجازها بشروط تحصيل المصلحة الأعظم والنية الصالحة وتحت الراية الإسلامية، واحتجوا بحديث الغلام في أصحاب الأخدود حيث قال للملك: (إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي...)، وفى الحديث أنه فعل ذلك فقتله، (فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ) (رواه مسلم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِصَّةَ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ وَفِيهَا أَنَّ الْغُلامَ أَمَرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لأَجْلِ مَصْلَحَةِ ظُهُورِ الدِّينِ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ أَنْ يَنْغَمِسَ الْمُسْلِمُ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ, فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَفْعَلُ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ قَتْلَهُ نَفْسَهُ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ لِغَيْرِهِ كَانَ مَا يُفْضِي إلَى قَتْلِ غَيْرِهِ لأَجْلِ مَصْلَحَةِ الدِّينِ الَّتِي لا تَحْصُلُ إلا بِذَلِكَ وَدَفْعِ ضَرَرِ الْعَدُوِّ الْمُفْسِدِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا، الَّذِي لا يَنْدَفِعُ إلا بِذَلِكَ أَوْلَى".
فقد سمى شيخ الإسلام ما فعله الغلام (قتل نفسه) وداخلاً كأصل في الوعيد الشديد الذي هو أغلظ من قتل الغير، ومع ذلك جاز للمصلحة الراجحة، وفي صحيح مسلم: وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَع أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، قَالَ سَلَمَةُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟) قَالَ قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: (كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ)

قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم (5/418) في شرحه لحديث سلمة بن الأكوع من باب غزوة ذي قرد وغيرها: "وفيه اتباع سلمة وحده للمشركين، وفيه مقتل عامر بن الأكوع في غزوة خيبر بسيف نفسه، ومنها إلقاء النفس في غمرات القتال، وقد اتفقوا على جواز التغرير بالنفس في الجهاد في المبارزة ونحوها، ومنها أن من مات في حرب الكفار بسبب القتال يكون شهيدًا سواء مات بسلاحهم أو رمته دابة أو غيرها أو عاد عليه سلاحه كما جرى لعامر".
فلما كان قصد عامر قتل (مرحب) اليهودي الكافر، ولكنه أصابه سيف نفسه؛ كان شهيدًا، ومن قام بهذه العمليات لا يقصد قتل نفسه، بل قصد قتل الكفار، وإن كان يُقتل بسلاح نفسه، ولقد أكذب النبي -صلى الله عليه وسلم- من التفت إلى صفة القتل دون قصد المقاتل، ولم يجعله قاتلاً لنفسه، بل جعله شهيدًا، فالعبرة بقصد المقاتل ونيته، وإن كانت الصورة أنه قتل نفسه؛ لأنه لم يعاجل ربه بنفسه، ولم يضجر، ولم يسخط على قضائه، بل غرضه فداء دينه وأمته بنفسه، وقد سبق النقل عن النووي في فوائد هذا الحديث أنه شهيد ولو عاد عليه سلاحه.
قالوا: ومما يدل على أنه لا فرق بين المباشرة والتسبب ما ذكره أهل العلم فيما إذا احترقت سفينة؛ هل يلقي الرجل بنفسه ليغرق أم لا؟
قال في المدونة: "قال سحنون لابن القاسم: أرأيت السفينة إذا أحرقها العدو وفيها أهل الإسلام؛ أكان مالك يكره لهم أن يطرحوا أنفسهم في البحر؟ وهل تراهم قد أعانوا على أنفسهم؟ قال: بلغني أن مالكًا سئل عنه فقال: لا أرى به بأسًا، إنما فروا من الموت إلى الموت، وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أيما رجل يفر من النار إلى أمر يعرف أن فيه قتله؛ فلا ينبغي له إذا كان، إنما يفر من موت إلى موت".
وقال ابن قدامة في المغني: "وإذا ألقى الكفار نارًا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فيها، فما غلب على ظنهم السلامة فيه من بقائهم في مركبهم أو إلقاء نفوسهم في الماء فالأولى لهم فعله، وإن استوى عندهم الأمران فقال أحمد: كيف شاء يصنع، قال الأوزاعي: هما موتتان، فاختر أيسرهما".
فهذا يدل على أن أهل العلم لم يفرقوا بين أن يموت بفعله أو فعل غيره، ولم يعولوا على هذا الوصف وجعلوه مناط الحكم، وقالوا: وغلبة الظن تقوم مقام العلم في الأحكام، فلا فرق بين صورة الانغماس التي يغلب أن يقتله الكفار، وبين صورة التفجير التي يعلم أنه يقتل فيها؛ لأن غلبة الظن تقوم مقام العلم.
وممن أفتى بجواز ذلك الشيخ/ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية حين قال في فتاويه (207/6ـ رقم 1479): "جاءنا جزائريون ينتسبون إلى الإسلام يقولون: هل يجوز للإنسان أن ينتحر مخافة أن يضربوه بالشرنقة (حقنة مخدرة ينتزعون بها الاعترافات)، ويقول: أموت أنا وأنا شهيد، مع أنهم يعذبونهم بأنواع العذاب؟
فقلنا لهم: إذا كان كما تذكرون فيجوز، ومن دليله: "آمنا برب الغلام"، وقول بعض أهل العلم: إن السفينة...إلخ، إلا أن فيه التوقف من جهة قتل الإنسان نفسه، ومفسدة ذلك أعظم من مفسدة هذا، فالقاعدة محكمة، وهو مقتول ولابد". اهـ.
ونحن نرى أن الصواب تحريم قتل النفس خوفا من التعذيب، بل يصبر ويحتسب، والله المستعان، أما في مسألة المصلحة للمسلمين ودفع المضرة عنهم؛ فهي مسألة اجتهاد سائغ لا ينكر فيه على مجتهد ولا مقلد لمجتهد ولا مفتٍ.
وأما أهل العلم الذين يمنعون من هذه العمليات لأجل مضرتها الأشد فالحقيقة أن الخلاف هنا في تحقيق المناط، أعني أنه هل هذه الأمور فيها المصلحة الراجحة أم مفاسدها أعظم؟
وهذا ينبغي إدراك الاختلاف فيه بين بلد وبلد، وحالة وأخري، وتقدير المصالح والمفاسد على ذلك لأهل العلم من أهل السنة في المحِل الذي تقع فيه هذه الأمور، مسترشدين بأهل الخبرة العسكرية والسياسية في محلتهم، وإن عدم ذلك فالأصل المنع؛ لأن المفسدة في قتل النفس متيقنة والمصلحة مظنونة.
www.salafvoice.com
موقع صوت السلف http://www.salafvoice.com/article.php?a=3160

3. الشيخ احمد النقيب حفظه الله:
مختصر جوابه( تجوز العمليات الانتحاريه فى فلسطين إذا أحدثت نكايه بالعدو)



بإنتظار مشاركاتكم خصوصا أخى الحبيب أحمد الإسكندرانى -حفظه الله- له منى كل التقدير والإحترام.
__________________
«وَكَثِيرٌ مِنْ مُجْتَهِدِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَدْ قَالُوا وَفَعَلُوا مَا هُوَ بِدْعَةٌ! - وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ بِدْعَةٌ!.
إمَّا لِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ ظَنُّوهَا صَحِيحَةً! وَإِمَّا لِآيَاتِ فَهِمُوا مِنْهَا مَا لَمْ يُرَدْ مِنْهَا! وَإِمَّا لِرَأْيٍ رَأَوْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نُصُوصٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ! وَإِذَا اتَّقَى الرَّجُلُ رَبَّهُ مَا اسْتَطَاعَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ :{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}».
ابْنُ تَيْمِيَة
"الفَتَاوَىَ 19/ 190 - 191"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-22-2010, 11:27 PM
عبد الله الأعصر عبد الله الأعصر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 49
افتراضي

ما هو حكم العمليات الانتحارية؟


الشيخ مشهور حسن سلمان






السؤال 315: ما هو حكم العمليات الانتحارية؟

الجواب: العمليات الانتحارية إن كان هكذا اسمها، وكان اسمها يناسب حقيقتها، فهي ليست بمشروعة، فالعمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية ألفاظ غير موجودة في كتب فقهائنا وعلمائنا.

والسؤال يحتاج إلى صياغة شرعية، ما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال، فإن كان الجواب في السؤال فلا داعي له أصلاً، فإن قيل ما هو حكم العمليات الانتحارية؟ فالانتحار حرام، وإن قيل ما هو الحكم في العمليات الاستشهادية؟ فالاستشهاد من الطاعات التي يحبها الله ويرضاها، فكان الجواب في السؤال، فما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال.

ولو سأل السائل: ما حكم أن يهجم الرجل على الأعداء، والموت محقق في حقه إثر هذا الهجوم فهل هذا عمل مشروع أم ممنوع؟ لكان هذا السؤال علمياً بهذه الطريقة، أما لو قيل: ما حكم أن يحمل الرجل المتفجرات وأن يكون بين الأعداء وأن يفجر نفسه بهم، لا يريد الخلاص بنفسه، وإنما يريد إلحاق الضرر بأعداء الله عز وجل؟ لكان هذا السؤال مشروعاً، فينبغي أن نصوب السؤال قبل البدء به.

ثم ما يجوز لأحد، لاسيما العوام، وطلبة العلم المبتدئين، ما يجوز لهم بأي حال من الأحوال أن يتعدوا طورهم، وألا يعرفوا قدر أنفسهم، فينبغي أن يحترموا العلماء، ولا يجوز لهم أبداً التطاول على الفقهاء إن أفتوا بأي مسألة كانت، وذلك بشروط؛ أولاً: ألا يصادموا نصاً، والثاني: أن يكون أهلاً، وأهل العلم يحترمونهم ويعرفون قدرهم، ثالثاً: أن يعملوا بفتواهم بالقواعد المتبعة عند العلماء. فعندها الكلام الذي يقولوه إن أصابوا فيه فلهم أجران، وإن أخطأوا فيه فلهم أجر، وهم أمام الله عز وجل معذورون.

أما فرد العضلات، وتطويل الألسنة على الفقهاء والعلماء فهذا صنيع غير الموفقين، وصنيع المخذولين المحرومين، فالعلماء لهم قواعد متبعة، وهم في قواعدهم محترمون، ولا يجوز أن يتعدى عليهم، فمثلاً: من القواعد المتبعة عند الحنفية وعند المالكية أن من سيطر على شيء بالقوة فيكون مالكاً له ملكاً شرعياً، فإن جاء آخر فنزعه منه وثبت أنه نزعه منه بشروط السرقة مثلاً، وهذا الذي سرق لم يأخذ ماله وإنما أخذ مال غيره، فإنه يفتون بقطع اليد، فهل يجوز لأحد اليوم أن يحط وأن يقدح ويشتم ويلعن المالكية والحنفية لأنهم يقولون أنه من استولى على شيء قهراً فإنه يملكه؟ معاذ الله، لا يفعل ذلك إلا مخذول.

فهذه المسائل تطرح وتذكر على بساط البحث مقيدة بنصوص الشرع، وبالقواعد المتبعة، أو باجتهادات العلماء السابقين، أو بأشباه المسألة ونظائرها في دين الله عز وجل، ويحاول الباحث قدر جهده أن يصل إلى حكم الله عز وجل بالاجتهاد، والأمر بين صواب وخطأ.

وهذه المسألة بهذه الحروف وبهذه العبارات غير موجودة عند علمائنا الأقدمين، ولكن الموجود عند علمائنا اجتهادات في مسائل شبيهة بهذه المسألة وقد اعتمد العلماء على نصوص شرعية.

وأقول رأيي في هذه العمليات قبل أن أذكر بعض النصوص وذكر بعض الاجتهادات والنقولات عن العلماء.

فالذي أراه صواباً في هذه المسألة، بعد استخارة الله عز وجل وطول تأمل، وقد سئلت عبر الأوراق في هذا الدرس عشرات المرات عن هذه المسألة، فالذي أراه أن هذه العمليات مشروعة بقيود وشروط، وأن مرتكبيها أمرهم إلى الله عز وجل، نحسبهم أنهم قد أخلصوا الصلة بالله وأحكموها، وأخلصوا لله قبل القدوم على هذه العمليات، فنرجو الله عز وجل أن يتقبلهم، وهذا الرأي الذي أقوله هو رأي إمام هذا العصر الشيخ محمد ناصرالدين الألباني، فإنه كان يجيز هذه العمليات بقيود وشروط يأتي التنبيه عليها.

أما أن يقوم الرجل ويهجم على غيره بموت متحقق عنده لكي يصيب مقتلاً، أو يحصل ضرراً بالأعداء، فهذا جائز بنصوص السنة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه، في قصة الغلام مع الساحر، والقصة الطويلة، وأراد الملك أن يقتل الغلام فما استطاع، فعلم الغلام الملك كيف يقتله؟ وقال له: ((إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني)) ففعل الملك ذلك، فقال الناس: آمنا برب الغلام، وكان مقصد هذا الغلام أن يسمع الناس هذا الكلام من الملك فيؤمنوا به بعد قتله، ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((إن الغلام أمر بقتل نفسه من أجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين)) (الفتاوي 28/540).

وهناك نصوص وردت عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذن وتدلل وتقوي هذا الأمر، فقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح عم أسلم بن عمران قال: ((حمل رجل بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب رضي الله عنه: ((نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار،فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله ،وكنا قد آثرناه على أهلينا والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها فنرجع إلى أهلينا وأموالنا، فنقيم فيهما، فنزل فينا قول الله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد في سبيل الله عز وجل.

فالذي قد حمل بنفسه، وقد قيل فيه إنه ألقى بنفسه إلى التهكلة، فقد رد ذلك أبو أيوب الأنصاري،وقال: إن التهلكة أن نترك الجهاد وأن ننشغل في الأموال والأولاد، فهذه هي التهلكة، وإننا إن فعلنا ذلك فإننا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، بأن نطمع أعداء الله عز وجل في أموالنا وأراضينا وأعراضنا وأنفسنا.

وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/34) وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدد، فصرخ الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وكان لظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة ،فهو حسن، ومتى كان مجرد التهور فممنوع، وقال ابن خريز منداد، وهو من علماء المالكية، كما في تفسير القرطبي (2/363) قال: (فأما أن يحمل الرجل على جملة العسكر أو على جماعة اللصوص والمارقين والخوراج فلذلك حالتان، إن غلب على ظنه أنه يقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكي نكاية ويؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل فصنع فيلاً من طين، وآنس به فرسه حتى ألفه فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيلة التي كان يتقدمها، فقيل له: إنه قاتلك، فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين.

وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة في الحديقة، قال البراء بن مالك: ضعوني في الترس وألقوني إليهم، ففعلوا وألقوه وفتح الباب ودخل المسلمون، وقتل رضي الله تعالى عنه، فهجم على العدو وحده، وكان الموت متحققاً عنده، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله.

وقال محمد بن الحسن الشيباني، كما في تفسير القرطبي أيضأً: (لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة المسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يعد جوازه، ولأن فيه منفعة للمسليمن من بعض الوجوه، وإن كان قصده إرهاب العدو، وليعلم صلابة السلمين في الدين فلا يبعد جوازه، وإذا كان في نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله، وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.

إذن في هذه النقول، وقبلها النصوص من فعل الصحابة ومما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جواز أن يحمل الرجل الواحد على العدو، وإن تحقق موته إن ترتب على ذلك منفعة معتبرة للمسلمين، وأما إن لم تتحقق المنفعة للمسلمين فهذا تهور ولا يجوز.

والجهاد قسمان؛ جهاد طلب وجهاد دفع ،وجهاد الطلب لا بد فيه من إمام ومن أمير حتى يحصل ترتيب للجهاد، أما في الدفع فلا يحتاج إلى إذن الإمام.

وإن كان الجهاد جهاد دفع وقام البعض بذلك، فكان شيخنا رحمه الله تعالى، يشترط المشورة، وألا يكون ذلك على وفق أن يركب الرجل رأسه، وإنما ينبغي أن يكون ذلك وفق خطة، وهذه الخطة لا بد فيها من مشورة وتخطيط، أما أن يقوم كل على وفق رأسه في جهاد الدفع، فلا.

ثم لا بد أن يترتب على ذلك مصالح معتبرة، وازدحام المصالح والمفاسد في المحل الواحد هذا الأمر يسبب الخلاف في كثير من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء اختلافاً معتبراً، فهذه المسألة تختلف المصالح والمفاسد فيها، باختلاف وجهات النظر، فمن غلب المفاسد فمنعها فلا يقال عنه خائن، ولا يقال عميل، فالمصالح والمفاسد أمرها شائك في هذا الأمر.

وعلى طلبة العلم أن يحفظوا هذه القاعدة التي قررها الشاطبي رحمه الله تعالى، في كتابه الموافقات (جـ5/114) وهي قاعدة مهمة ينتبه إليها الموفق، قال: ((محال الاجتهاد المعتبر هي ما تردد بين طرفين وضح في كل واحد منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر، فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي، ولا إلى طرف الإثبات))، فالعمل لم يظهر فيه نفي ولا إثبات فيظهر فيه خير وشر، ومنفعة ومضرة، فلما تزدحم فهذا الازدحام من مجال الاجتهاد المعتبر.

وهذه العمليات نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها ولا يجوز لأحد أن يحكم عليهم بخسران أو بضلال ،هذا خطأ، ولا يجوز أيضاً لأحد أن يجزم لهم الجنة، إنما نقول: المرجو من الله عز وجل أن يتقبلهم، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير باب رقم 77 قال: ((باب لا يقال فلان شهيد، فيحرم على الواحد منا أن يجزم بالشهادة لأي كان)) وقد ألف يوسف بن عبدالهادي المعروف بابن المبرد كتاباً ما زا ل محفوظاً في المكتبة الظاهرية وهذا الكتاب عنوانه "حرمة الجزم للأئمة الأربعة بأن لهم الجنة" فلا يجوز للواحد منا أن يقول عن أحد الأئمة الأربعة أنه في الجنة كأبي بكر وعمر والعشرة المبشرين بالجنة، لكن لا يلزم من هذا أن نقول إنهم هالكون معاذ الله، هم أئمة الدين وأهل الورع والتقى، والواجب علينا أن نقول: الظنون والمرجو من الله عز وجل أنهم من أهل الجنة، لكن لا يجوز أن نجزم لأحد لم يقم نص عليه بعينه أنه من أهل الجنة.

وقد قص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة فيها عبرة لمن يعتبر: ((قال رجل لآخر: إن الله عز وجل لم يقبل عملك، فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي: {قل له إن الله قد قبل عمله وأحبط عملك}، فلا يجوز لأحد أن يقول: الله يقبل من فلان، ويرد عمل فلان، لكن هل يوجد شجاعة وجود أكثر من أن يجود الرجل بنفسه؟ لا والله لا نعلم جوداً أكثر من هذا، فالمرجو من الله عز وجل أن من قام بهذا أن يتقبله الله، وبعد ذلك ومع ذلك وقبل ذلك الأمر بيد الله، والله عز وجل هو اعدل العادلين.

ثم من المسائل التي ينبغي أن ينبه عليها في هذا الباب أولاً: أن العاقل ينظر إلى مراعاة الخلاف في المسائل، فمراعاة الخلاف من منهج الموفقين، وأن نهدر الخلاف ولا ننظر إليه في المسائل، فليس هذا من دين الله عز وجل في شيء، فمثلاً: الحنفية يجوزون للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، والجماهير يحرمون ذلك، ويعتبرون من فعلت ذلك فقد زنت، فلو أن امرأة حنفية دينة صينة عفيفة زوجت نفسها بنفسها، فهل يجوز لأحد أن يقول عنها زانية؟ أم أن خلاف العلماء لا بد من اعتباره؟ فلا بد من مراعاة اختلاف العلماء، فإنه من مناهج الموفقين ،فمن أفتى بمسألة بأصل قام عنده فهذا ينبغي أن يحترم أصله، ويقال له: إما مصيب وإما مخطئ ،أما تطويل اللسان على العلماء فهذا والعياذ بالله تعالى من قلة التوفيق، وقلة الديانة، ولا يفعل ذلك إلا من طاش عقله وفق رأيه.

فالمسائل العلمية تطرح ويقال فيها صواب وخطأ، وبعد ذلك الله عز وجل أعدل العادلين، وكلام البشر مهما كانوا لا يغير حقائق الأشياء عند الله عز وجل.

ثانياً: قد يقول قائل: النصوص التي ذكرت في حديث صهيب وفي قصة أبي أيوب وفي قصة البراء وغيره، هذا كله وقع فيه القتل بيد الآخرين، وليس بيد المكلف نفسه، فاختلفت هذه المسألة عمن يقتل نفسه، فأقول: الفرق معتبر، ولذا أقول لمن خالف الذي ذكرت في مثل هذه المسألة الخلاف معتبر، وهذه المسألة تتذبذب بين أصلين، أصل الاستشهاد والإقدام وإعمال النكايا في العدو، ورفع همة المسلمين، وبين أصل الحرمة أن يقتل الرجل نفسه، ولمسألة إن تذبذبت بين أصلين، كما قال الشاطبي من مجال الاجتهاد المعتبر.


لكن هذا لا ينافي ما قررت، من جواز أن يهجم الرجل بنفسه، وأن يقتل العدو ويكون هذا القتل بيده لا بيد عدوه، وهنالك نظائر لهذه المسألة وهذه النظائر ينبغي أن يقدم لها مقدمة.

فأيهما أشد؛ أن تقتل المسلم، أو أن تقتل نفسك فلو خيرت بين أن تقتل غيرك أو تقتل نفسك، فأيهما أشد؟ بلا شك أن تقتل مسلماً أشد من أن تقتل نفسك، وقد علمنا من أحكام الفقهاء رحمهم الله تعالى، لو أن الكفار تترسوا بالمسلمين فإنه يجوز لنا أن نقتل المسلم، من أجل المصلحة المعتبرة، لقتل الكفار.

فكانت نظائر المسألة في مثل هذه العمليات تأذن بالجواز، ولا تأذن بالمنع، لأن قتل النفس أقل درجة في المحذور من قتل الغير، وقد جوز الشرع قتل الغير في حالة تترس الكفار بالمسلمين، فأن يجوز أن يقتل الرجل نفسه في مثل هذه الصورة إن أعمل نكاية معتبرة عند العدو، فهذا أمر لا حرج فيه،
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى 28/537) قال: ((فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بالمسلمين، وضيق على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن نرميهم، ونقصد الكفار، ولو لم نخوف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضاً في أحد قولي العلماء)).

وأخيراً أقول في مثل هذه المسألة: في هذه العمليات لو أردنا أن نتكلم عليها مجردة عما يجري على ساحة المسلمين اليوم لقلنا الآتي: إذا أردنا أن نتكلم عن العمليات بعبارات أهلها، فهذه العمليات العسكريون هم الذين يحددون فوائدها ومضارها، فهم أهل الاختصاص وأهل الخبرة، وهذه العمليات تسمى في علم العسكرية عمليات وخز الدبوس، فإنت إن حملت دبوساً، وضربت غيرك به، فمن المعلوم عند العقلاء أن هذا الدبوس لا يقتل، أليس كذلك؟ وإنما هذا الدبوس يثور الأعصاب ،ويجعل هذا الإنسان يتخذ قرارات سريعة غير مدروسة لهيجانه وثوران أعصابه.

ولذا من المقرر عند العسكريين أن مثل هذه العمليات ثمارها تجنى على وجه العجلة، لما يكون هناك جيش يقابل جيشاً، فحينئذ هذه العمليات ترفع من معنويات، وتخفض من معنويات، وتثور الأعداء، وتجعلهم يتخذون قرارات سريعة، تكون هذه القرارت بحسبان الفريق المقابل.

ومن المعلوم ومن البدهيات والمسلمات والمؤكدات والمقررات أن المسلمين جميعاً على وجه الأرض اليوم آثمون بسبب ما يحصل لإخوانهم في فلسطين، من هتك أعراض وقتل أنفس، فالمسلمون آثمون بالجملة، فمن قام واجتهد وغلب على ظنه أن مثل هذه العمليات تخفف من وطأة هؤلاء الأعداء أو أنها تقل من الضرر اللاحق بهم فهذه شجاعة ما بعدها شجاعة، نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها.

وما ينقل عن شيخنا رحمه الله من أنه كان يقول عن هؤلاء (فطايس) وما شابه، فهذا كذب ملفق عليه، ونتحدى أحداً يأتي بخبر عنه، كان الشيخ رحمه الله يقول: لكل سرائرهم ونواياهم إلى الله، ونرجو الله أن يتقبلهم. وكيف يقول هذا وهو بنفسه رحمه الله تعالى، في 1948م لما حصل القتال مع اليهود خرج بنفسه إلى فلسطين من سوريا يحمل السلاح، ليقاتل في سبيل الله على أرض فلسطين ولكن الشيخ له حساد، وكلام حساده يشيع وينتشر، وتضيع الحقائق ولا تظهر.

وأقول من باب الإنصاف ومن باب العدل والحق، ووضع الأشياء في أماكنها هذا الرأي هو رأي الشيخ، وهو الذي أراه تدل عليه سائر النصوص، ونظائر المسألة وأشباهها، والله أعلم.

http://www.almenhaj.net/makal.php?linkid=445
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-23-2010, 01:23 AM
عماد الليبي عماد الليبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ليبيا
المشاركات: 231
Post

ما شآء الله
بحث لطيفٌ وقيم..
ثم هل علي الحذيفي -هذا- يمني أم ماذا ؟
ومن شيوخه للمعرفة لا غير ؟
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-05-2010, 08:36 PM
عبد الله الأعصر عبد الله الأعصر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 49
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله الأعصر مشاهدة المشاركة
ما هو حكم العمليات الانتحارية؟


الشيخ مشهور حسن سلمان






السؤال 315: ما هو حكم العمليات الانتحارية؟

الجواب: العمليات الانتحارية إن كان هكذا اسمها، وكان اسمها يناسب حقيقتها، فهي ليست بمشروعة، فالعمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية ألفاظ غير موجودة في كتب فقهائنا وعلمائنا.

والسؤال يحتاج إلى صياغة شرعية، ما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال، فإن كان الجواب في السؤال فلا داعي له أصلاً، فإن قيل ما هو حكم العمليات الانتحارية؟ فالانتحار حرام، وإن قيل ما هو الحكم في العمليات الاستشهادية؟ فالاستشهاد من الطاعات التي يحبها الله ويرضاها، فكان الجواب في السؤال، فما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال.

ولو سأل السائل: ما حكم أن يهجم الرجل على الأعداء، والموت محقق في حقه إثر هذا الهجوم فهل هذا عمل مشروع أم ممنوع؟ لكان هذا السؤال علمياً بهذه الطريقة، أما لو قيل: ما حكم أن يحمل الرجل المتفجرات وأن يكون بين الأعداء وأن يفجر نفسه بهم، لا يريد الخلاص بنفسه، وإنما يريد إلحاق الضرر بأعداء الله عز وجل؟ لكان هذا السؤال مشروعاً، فينبغي أن نصوب السؤال قبل البدء به.

ثم ما يجوز لأحد، لاسيما العوام، وطلبة العلم المبتدئين، ما يجوز لهم بأي حال من الأحوال أن يتعدوا طورهم، وألا يعرفوا قدر أنفسهم، فينبغي أن يحترموا العلماء، ولا يجوز لهم أبداً التطاول على الفقهاء إن أفتوا بأي مسألة كانت، وذلك بشروط؛ أولاً: ألا يصادموا نصاً، والثاني: أن يكون أهلاً، وأهل العلم يحترمونهم ويعرفون قدرهم، ثالثاً: أن يعملوا بفتواهم بالقواعد المتبعة عند العلماء. فعندها الكلام الذي يقولوه إن أصابوا فيه فلهم أجران، وإن أخطأوا فيه فلهم أجر، وهم أمام الله عز وجل معذورون.

أما فرد العضلات، وتطويل الألسنة على الفقهاء والعلماء فهذا صنيع غير الموفقين، وصنيع المخذولين المحرومين، فالعلماء لهم قواعد متبعة، وهم في قواعدهم محترمون، ولا يجوز أن يتعدى عليهم، فمثلاً: من القواعد المتبعة عند الحنفية وعند المالكية أن من سيطر على شيء بالقوة فيكون مالكاً له ملكاً شرعياً، فإن جاء آخر فنزعه منه وثبت أنه نزعه منه بشروط السرقة مثلاً، وهذا الذي سرق لم يأخذ ماله وإنما أخذ مال غيره، فإنه يفتون بقطع اليد، فهل يجوز لأحد اليوم أن يحط وأن يقدح ويشتم ويلعن المالكية والحنفية لأنهم يقولون أنه من استولى على شيء قهراً فإنه يملكه؟ معاذ الله، لا يفعل ذلك إلا مخذول.

فهذه المسائل تطرح وتذكر على بساط البحث مقيدة بنصوص الشرع، وبالقواعد المتبعة، أو باجتهادات العلماء السابقين، أو بأشباه المسألة ونظائرها في دين الله عز وجل، ويحاول الباحث قدر جهده أن يصل إلى حكم الله عز وجل بالاجتهاد، والأمر بين صواب وخطأ.

وهذه المسألة بهذه الحروف وبهذه العبارات غير موجودة عند علمائنا الأقدمين، ولكن الموجود عند علمائنا اجتهادات في مسائل شبيهة بهذه المسألة وقد اعتمد العلماء على نصوص شرعية.

وأقول رأيي في هذه العمليات قبل أن أذكر بعض النصوص وذكر بعض الاجتهادات والنقولات عن العلماء.

فالذي أراه صواباً في هذه المسألة، بعد استخارة الله عز وجل وطول تأمل، وقد سئلت عبر الأوراق في هذا الدرس عشرات المرات عن هذه المسألة، فالذي أراه أن هذه العمليات مشروعة بقيود وشروط، وأن مرتكبيها أمرهم إلى الله عز وجل، نحسبهم أنهم قد أخلصوا الصلة بالله وأحكموها، وأخلصوا لله قبل القدوم على هذه العمليات، فنرجو الله عز وجل أن يتقبلهم، وهذا الرأي الذي أقوله هو رأي إمام هذا العصر الشيخ محمد ناصرالدين الألباني، فإنه كان يجيز هذه العمليات بقيود وشروط يأتي التنبيه عليها.

أما أن يقوم الرجل ويهجم على غيره بموت متحقق عنده لكي يصيب مقتلاً، أو يحصل ضرراً بالأعداء، فهذا جائز بنصوص السنة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه، في قصة الغلام مع الساحر، والقصة الطويلة، وأراد الملك أن يقتل الغلام فما استطاع، فعلم الغلام الملك كيف يقتله؟ وقال له: ((إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني)) ففعل الملك ذلك، فقال الناس: آمنا برب الغلام، وكان مقصد هذا الغلام أن يسمع الناس هذا الكلام من الملك فيؤمنوا به بعد قتله، ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((إن الغلام أمر بقتل نفسه من أجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين)) (الفتاوي 28/540).

وهناك نصوص وردت عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذن وتدلل وتقوي هذا الأمر، فقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح عم أسلم بن عمران قال: ((حمل رجل بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب رضي الله عنه: ((نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار،فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله ،وكنا قد آثرناه على أهلينا والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها فنرجع إلى أهلينا وأموالنا، فنقيم فيهما، فنزل فينا قول الله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد في سبيل الله عز وجل.

فالذي قد حمل بنفسه، وقد قيل فيه إنه ألقى بنفسه إلى التهكلة، فقد رد ذلك أبو أيوب الأنصاري،وقال: إن التهلكة أن نترك الجهاد وأن ننشغل في الأموال والأولاد، فهذه هي التهلكة، وإننا إن فعلنا ذلك فإننا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، بأن نطمع أعداء الله عز وجل في أموالنا وأراضينا وأعراضنا وأنفسنا.

وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/34) وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدد، فصرخ الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وكان لظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة ،فهو حسن، ومتى كان مجرد التهور فممنوع، وقال ابن خريز منداد، وهو من علماء المالكية، كما في تفسير القرطبي (2/363) قال: (فأما أن يحمل الرجل على جملة العسكر أو على جماعة اللصوص والمارقين والخوراج فلذلك حالتان، إن غلب على ظنه أنه يقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكي نكاية ويؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل فصنع فيلاً من طين، وآنس به فرسه حتى ألفه فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيلة التي كان يتقدمها، فقيل له: إنه قاتلك، فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين.

وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة في الحديقة، قال البراء بن مالك: ضعوني في الترس وألقوني إليهم، ففعلوا وألقوه وفتح الباب ودخل المسلمون، وقتل رضي الله تعالى عنه، فهجم على العدو وحده، وكان الموت متحققاً عنده، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله.

وقال محمد بن الحسن الشيباني، كما في تفسير القرطبي أيضأً: (لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة المسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يعد جوازه، ولأن فيه منفعة للمسليمن من بعض الوجوه، وإن كان قصده إرهاب العدو، وليعلم صلابة السلمين في الدين فلا يبعد جوازه، وإذا كان في نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله، وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.

إذن في هذه النقول، وقبلها النصوص من فعل الصحابة ومما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جواز أن يحمل الرجل الواحد على العدو، وإن تحقق موته إن ترتب على ذلك منفعة معتبرة للمسلمين، وأما إن لم تتحقق المنفعة للمسلمين فهذا تهور ولا يجوز.

والجهاد قسمان؛ جهاد طلب وجهاد دفع ،وجهاد الطلب لا بد فيه من إمام ومن أمير حتى يحصل ترتيب للجهاد، أما في الدفع فلا يحتاج إلى إذن الإمام.

وإن كان الجهاد جهاد دفع وقام البعض بذلك، فكان شيخنا رحمه الله تعالى، يشترط المشورة، وألا يكون ذلك على وفق أن يركب الرجل رأسه، وإنما ينبغي أن يكون ذلك وفق خطة، وهذه الخطة لا بد فيها من مشورة وتخطيط، أما أن يقوم كل على وفق رأسه في جهاد الدفع، فلا.

ثم لا بد أن يترتب على ذلك مصالح معتبرة، وازدحام المصالح والمفاسد في المحل الواحد هذا الأمر يسبب الخلاف في كثير من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء اختلافاً معتبراً، فهذه المسألة تختلف المصالح والمفاسد فيها، باختلاف وجهات النظر، فمن غلب المفاسد فمنعها فلا يقال عنه خائن، ولا يقال عميل، فالمصالح والمفاسد أمرها شائك في هذا الأمر.

وعلى طلبة العلم أن يحفظوا هذه القاعدة التي قررها الشاطبي رحمه الله تعالى، في كتابه الموافقات (جـ5/114) وهي قاعدة مهمة ينتبه إليها الموفق، قال: ((محال الاجتهاد المعتبر هي ما تردد بين طرفين وضح في كل واحد منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر، فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي، ولا إلى طرف الإثبات))، فالعمل لم يظهر فيه نفي ولا إثبات فيظهر فيه خير وشر، ومنفعة ومضرة، فلما تزدحم فهذا الازدحام من مجال الاجتهاد المعتبر.

وهذه العمليات نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها ولا يجوز لأحد أن يحكم عليهم بخسران أو بضلال ،هذا خطأ، ولا يجوز أيضاً لأحد أن يجزم لهم الجنة، إنما نقول: المرجو من الله عز وجل أن يتقبلهم، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير باب رقم 77 قال: ((باب لا يقال فلان شهيد، فيحرم على الواحد منا أن يجزم بالشهادة لأي كان)) وقد ألف يوسف بن عبدالهادي المعروف بابن المبرد كتاباً ما زا ل محفوظاً في المكتبة الظاهرية وهذا الكتاب عنوانه "حرمة الجزم للأئمة الأربعة بأن لهم الجنة" فلا يجوز للواحد منا أن يقول عن أحد الأئمة الأربعة أنه في الجنة كأبي بكر وعمر والعشرة المبشرين بالجنة، لكن لا يلزم من هذا أن نقول إنهم هالكون معاذ الله، هم أئمة الدين وأهل الورع والتقى، والواجب علينا أن نقول: الظنون والمرجو من الله عز وجل أنهم من أهل الجنة، لكن لا يجوز أن نجزم لأحد لم يقم نص عليه بعينه أنه من أهل الجنة.

وقد قص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة فيها عبرة لمن يعتبر: ((قال رجل لآخر: إن الله عز وجل لم يقبل عملك، فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي: {قل له إن الله قد قبل عمله وأحبط عملك}، فلا يجوز لأحد أن يقول: الله يقبل من فلان، ويرد عمل فلان، لكن هل يوجد شجاعة وجود أكثر من أن يجود الرجل بنفسه؟ لا والله لا نعلم جوداً أكثر من هذا، فالمرجو من الله عز وجل أن من قام بهذا أن يتقبله الله، وبعد ذلك ومع ذلك وقبل ذلك الأمر بيد الله، والله عز وجل هو اعدل العادلين.

ثم من المسائل التي ينبغي أن ينبه عليها في هذا الباب أولاً: أن العاقل ينظر إلى مراعاة الخلاف في المسائل، فمراعاة الخلاف من منهج الموفقين، وأن نهدر الخلاف ولا ننظر إليه في المسائل، فليس هذا من دين الله عز وجل في شيء، فمثلاً: الحنفية يجوزون للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، والجماهير يحرمون ذلك، ويعتبرون من فعلت ذلك فقد زنت، فلو أن امرأة حنفية دينة صينة عفيفة زوجت نفسها بنفسها، فهل يجوز لأحد أن يقول عنها زانية؟ أم أن خلاف العلماء لا بد من اعتباره؟ فلا بد من مراعاة اختلاف العلماء، فإنه من مناهج الموفقين ،فمن أفتى بمسألة بأصل قام عنده فهذا ينبغي أن يحترم أصله، ويقال له: إما مصيب وإما مخطئ ،أما تطويل اللسان على العلماء فهذا والعياذ بالله تعالى من قلة التوفيق، وقلة الديانة، ولا يفعل ذلك إلا من طاش عقله وفق رأيه.

فالمسائل العلمية تطرح ويقال فيها صواب وخطأ، وبعد ذلك الله عز وجل أعدل العادلين، وكلام البشر مهما كانوا لا يغير حقائق الأشياء عند الله عز وجل.

ثانياً: قد يقول قائل: النصوص التي ذكرت في حديث صهيب وفي قصة أبي أيوب وفي قصة البراء وغيره، هذا كله وقع فيه القتل بيد الآخرين، وليس بيد المكلف نفسه، فاختلفت هذه المسألة عمن يقتل نفسه، فأقول: الفرق معتبر، ولذا أقول لمن خالف الذي ذكرت في مثل هذه المسألة الخلاف معتبر، وهذه المسألة تتذبذب بين أصلين، أصل الاستشهاد والإقدام وإعمال النكايا في العدو، ورفع همة المسلمين، وبين أصل الحرمة أن يقتل الرجل نفسه، ولمسألة إن تذبذبت بين أصلين، كما قال الشاطبي من مجال الاجتهاد المعتبر.


لكن هذا لا ينافي ما قررت، من جواز أن يهجم الرجل بنفسه، وأن يقتل العدو ويكون هذا القتل بيده لا بيد عدوه، وهنالك نظائر لهذه المسألة وهذه النظائر ينبغي أن يقدم لها مقدمة.

فأيهما أشد؛ أن تقتل المسلم، أو أن تقتل نفسك فلو خيرت بين أن تقتل غيرك أو تقتل نفسك، فأيهما أشد؟ بلا شك أن تقتل مسلماً أشد من أن تقتل نفسك، وقد علمنا من أحكام الفقهاء رحمهم الله تعالى، لو أن الكفار تترسوا بالمسلمين فإنه يجوز لنا أن نقتل المسلم، من أجل المصلحة المعتبرة، لقتل الكفار.

فكانت نظائر المسألة في مثل هذه العمليات تأذن بالجواز، ولا تأذن بالمنع، لأن قتل النفس أقل درجة في المحذور من قتل الغير، وقد جوز الشرع قتل الغير في حالة تترس الكفار بالمسلمين، فأن يجوز أن يقتل الرجل نفسه في مثل هذه الصورة إن أعمل نكاية معتبرة عند العدو، فهذا أمر لا حرج فيه،
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى 28/537) قال: ((فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بالمسلمين، وضيق على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن نرميهم، ونقصد الكفار، ولو لم نخوف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضاً في أحد قولي العلماء)).

وأخيراً أقول في مثل هذه المسألة: في هذه العمليات لو أردنا أن نتكلم عليها مجردة عما يجري على ساحة المسلمين اليوم لقلنا الآتي: إذا أردنا أن نتكلم عن العمليات بعبارات أهلها، فهذه العمليات العسكريون هم الذين يحددون فوائدها ومضارها، فهم أهل الاختصاص وأهل الخبرة، وهذه العمليات تسمى في علم العسكرية عمليات وخز الدبوس، فإنت إن حملت دبوساً، وضربت غيرك به، فمن المعلوم عند العقلاء أن هذا الدبوس لا يقتل، أليس كذلك؟ وإنما هذا الدبوس يثور الأعصاب ،ويجعل هذا الإنسان يتخذ قرارات سريعة غير مدروسة لهيجانه وثوران أعصابه.

ولذا من المقرر عند العسكريين أن مثل هذه العمليات ثمارها تجنى على وجه العجلة، لما يكون هناك جيش يقابل جيشاً، فحينئذ هذه العمليات ترفع من معنويات، وتخفض من معنويات، وتثور الأعداء، وتجعلهم يتخذون قرارات سريعة، تكون هذه القرارت بحسبان الفريق المقابل.

ومن المعلوم ومن البدهيات والمسلمات والمؤكدات والمقررات أن المسلمين جميعاً على وجه الأرض اليوم آثمون بسبب ما يحصل لإخوانهم في فلسطين، من هتك أعراض وقتل أنفس، فالمسلمون آثمون بالجملة، فمن قام واجتهد وغلب على ظنه أن مثل هذه العمليات تخفف من وطأة هؤلاء الأعداء أو أنها تقل من الضرر اللاحق بهم فهذه شجاعة ما بعدها شجاعة، نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها.

وما ينقل عن شيخنا رحمه الله من أنه كان يقول عن هؤلاء (فطايس) وما شابه، فهذا كذب ملفق عليه، ونتحدى أحداً يأتي بخبر عنه، كان الشيخ رحمه الله يقول: لكل سرائرهم ونواياهم إلى الله، ونرجو الله أن يتقبلهم. وكيف يقول هذا وهو بنفسه رحمه الله تعالى، في 1948م لما حصل القتال مع اليهود خرج بنفسه إلى فلسطين من سوريا يحمل السلاح، ليقاتل في سبيل الله على أرض فلسطين ولكن الشيخ له حساد، وكلام حساده يشيع وينتشر، وتضيع الحقائق ولا تظهر.

وأقول من باب الإنصاف ومن باب العدل والحق، ووضع الأشياء في أماكنها هذا الرأي هو رأي الشيخ، وهو الذي أراه تدل عليه سائر النصوص، ونظائر المسألة وأشباهها، والله أعلم.

http://www.almenhaj.net/makal.php?linkid=445
ما رأيكم في هذا الكلام من الشيخ مشهور؟
وتحديدًا الملون باللون الأحمر؟؟
أرجو النقاش... بارك الله فيكم.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-06-2010, 01:53 PM
عبد الله الأعصر عبد الله الأعصر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 49
افتراضي

للرفع.....
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-06-2010, 04:56 PM
تميم تميم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 327
افتراضي

ما حكم العمليات الاستشهادية؟ وهل فاعلها يعتبر شهيد؟
السؤال: ما حكم العمليات الاستشهادية؟ وهل فاعلها يعتبر شهيد؟ وما رأيك في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))(1)؟

الجواب:
العمليات الاستشهادية مما اختلف فيه أهل العلم فمنهم من حرم ذلك؛ لأنه لا يوجد نص صحيح صريح يبيح للإنسان أن يتولى قتل نفسه ويباشر ذلك بل وجد التشديد وتعظيم أمره ومن أدلة ذلك الحديث المذكور في السؤال.
ومنهم من يبيحها إذا كان فيها نكاية للعدو ولا يوجد وسيلة لاستخراج لحقوق المسلمين أو إيقاف العدو عند حده .
وهؤلاء يقولون إذا جاز في الشرع أن يتسبب الإنسان لقتل نفسه كمن يقتحم الصفوف بمفرده وكما جاء في قصة الغلام الذي دل على كيفية قتله(2) فإذا كان في مثله إرهاب للعدو وإظهار لقوة المسلمين فإنه جائز عند هؤلاء.
-------------------------------------------------------------
(1) أخرجه: البخاري (6047) ومسلم (110) من حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه-.
(2) أخرجه: مسلم (3005) من حديث صهيب -رضي الله عنه- وفيه ((فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي)).


الشيخ عبد الكريم الخضير
http://www.khudheir.com/text/3903
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-06-2010, 11:53 PM
حارث حارث غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 21
افتراضي

الجواب باختصار
هناك ما يقال بمئنة الموت وهو محقق لا محالة
وهناك ما يقال مظنة الموت
الأول انتحار فحرام
والثاني كل من كان في الجهاد فهو في مظنة الموت فجائز
الذي رمى نفسه فهو عاش وقاتل وفتح الحصن إذافهذا مظنة الموت فهو جائز بدليل أنه عاش ولا متمسك لهم بلاستدلال به . لأن منتحروهوم يموتون لا يعشون
أما قصة الغلام فنقول إن كان بموتك يسلم الناس فافعل وإلا فلا, ولكن أنى لك ذلك.
هذا و الله اعلم
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 06-07-2010, 03:00 PM
عبد الله الأعصر عبد الله الأعصر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 49
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله الأعصر مشاهدة المشاركة


لكن هذا لا ينافي ما قررت، من جواز أن يهجم الرجل بنفسه، وأن يقتل العدو ويكون هذا القتل بيده لا بيد عدوه، وهنالك نظائر لهذه المسألة وهذه النظائر ينبغي أن يقدم لها مقدمة.

فأيهما أشد؛ أن تقتل المسلم، أو أن تقتل نفسك فلو خيرت بين أن تقتل غيرك أو تقتل نفسك، فأيهما أشد؟ بلا شك أن تقتل مسلماً أشد من أن تقتل نفسك، وقد علمنا من أحكام الفقهاء رحمهم الله تعالى، لو أن الكفار تترسوا بالمسلمين فإنه يجوز لنا أن نقتل المسلم، من أجل المصلحة المعتبرة، لقتل الكفار.

فكانت نظائر المسألة في مثل هذه العمليات تأذن بالجواز، ولا تأذن بالمنع، لأن قتل النفس أقل درجة في المحذور من قتل الغير، وقد جوز الشرع قتل الغير في حالة تترس الكفار بالمسلمين، فأن يجوز أن يقتل الرجل نفسه في مثل هذه الصورة إن أعمل نكاية معتبرة عند العدو، فهذا أمر لا حرج فيه، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى 28/537) قال: ((فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بالمسلمين، وضيق على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن نرميهم، ونقصد الكفار، ولو لم نخوف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضاً في أحد قولي العلماء)).
ما رأيكم في هذا الكلام من الشيخ مشهور؟؟؟ وما توجيهه على قول المانعين؟؟؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.