أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
93626 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-24-2014, 03:37 PM
انور الدبوبي انور الدبوبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
الدولة: الاردن / عمان
المشاركات: 161
افتراضي سِلسلة فتاوى العلامة الألباني رحمه الله في الصلاة

س)- نرجو توضيح الحديث المنسوخ: (الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر) بحديث النهر والدرن؟

بارك الله فيك، إن الله عز وجل يتفضل على عباده بما يشاء، والحديث الأول يصرح بأن الصلاة تكفر الذنوب التي كانت قبلها، وكان ذلك التكفير مشروطاً بأن يجتنب المصلي للكبائر، حيث قال: ((ما اجتنبت الكبائر) أي: ما دام المصلي يجتنب الكبائر فالصلاة تكفر الذنوب التي بينها وبين الصلاة الأخرى. لو كان هذا الحديث وحده لم يجز لنا أن نزيد عليه، لكن إذا زاد الله عز وجل على عباده في الفضل فنقول: حمداً لله حيث أنعم على عباده بأجر أكبر من ذي قبل. وهذا له أمثلة كثيرة في السنة؛ بأن الله عز وجل يزيد عباده فضلاً، وأجراً، وتخفيفاً، ونحو ذلك، هناك حديثان فيما يتعلق بصلاة الجماعة: أحدهما يقول: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة)، وحديث آخر يقول: (بسبع وعشرين درجة) فلا تخالف بين هذا وذاك؛ لأن الأجر الأقل يدخل في الأجر الأكثر، والذي ينبغي أن نعتقده أن فضيلة صلاة الجماعة هي بسبع وعشرين درجة وليس فقط بخمس وعشرين؛ لأن الزيادة قد ثبتت في الحديث الصحيح. مثلاً: هناك الآية الكريمة في خاتمة سورة البقرة: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا .. ) [البقرة:285-286] إلى آخر الآيات الواردة في خاتمة السورة، الشاهد: أن الله عز وجل في هذه الآية أو لعلي سبقتها وما تلفظت بها وهي: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) [البقرة:284] الشاهد: أن الله عز وجل أنزل هذه الآية أول ما أنزلها، وفيه التنصيف بأن الله عز وجل يحاسب الناس على ما يظهرون، وعلى ما يخفون في صدورهم، ثم إذا حاسبهم فيعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء. لما نزلت هذه الآية جاءت طائفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهتمين بحكم هذه الآية؛ لأنه في الحقيقة إذا تصورتموها أي: لو بقي حكمها لما نجا من الحساب والعذاب إلا القليل من العباد؛ لأن الله عز وجل يقول: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) [البقرة:284]، فكم وكم من وساوس تدور في أذهان الناس وتستقر في صدورهم، ثم الله عز وجل في هذه الآية سيحاسبهم عليها، فكبر وعظم هذا الحكم على أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فجاءوا جثياً وجلسوا على الركب وقالوا: (يا رسول الله! هانحن أُمرنا بالصلاة وصلينا، وبالصوم فصمنا، وبسائر الأحكام فقمنا، أما أن يحاسبنا الله عز وجل على ما في صدورنا فهذا مما لا طاقة لنا به، فقال عليه الصلاة والسلام: أتريدون أن تقولوا كما قال قوم موسى لموسى: (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) [البقرة:93]؟ قولوا: سمعنا وأطعنا، فأخذوا يقولونها بألسنتهم حتى ذلت وخضعت لها قلوبهم، فأنزل الله عز وجل الآية الناسخة لهذا الحكم الشديد: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت) [البقرة:286] ) أي: علمت، فرفعت المؤاخذة على ما في النفوس، هذه المؤاخذة التي ذكرت في الآية السابقة، ثم جاء حديث الرسول عليه السلام مؤكداً لاستقرار الحكم على عدم المؤاخذة بما في النفوس، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به) فما في النفوس لا مؤاخذة عليه. هذا مثال من أمثلة كثيرة، إذا عرفنا هذا رجعنا إلى الجواب مباشرة عن السؤال فنقول:
كان الحكم السابق في الحديث الأول أن الصلوات مكفرات لما بينها ما اجتنبت الكبائر، ثم جاء الحديث بل أحاديث كثيرة وكثيرة جداً تؤكد أن الصلوات المفروضة تكفر الذنوب حتى الكبائر، وذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الثاني الذي أشرت إليه في سؤالك وهو: (أرأيتم لو أن نهراً أمام دار أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، أترونه يبقى على بدنه من درنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يكفر الله بهن الخطايا كلها). وواضح جداً أن هذا الحديث لا يقبل التأويل المعروف عند العلماء بعامة، حيث يقولون: إن العبادات التي جاءت النصوص تترى بأنها مكفرات للذنوب، إنما تكفر الصغائر دون الكبائر. هذا القول لا نتردد في التصريح بأنه قول باطل؛ لأنه ينافي نصوصاً كثيرة وكثيرة جداً، هذا النص أحدها؛ لأن هذا المثل الذي ضربه الرسول عليه السلام رجل قذر وسخ، فإذا انغمس كل يوم في نهر جارٍ وترى هل الأوساخ الكبيرة تبقى والصغيرة هي التي تمحى؟ وإذا كان يبقى هناك شيء فعلى العكس، تذهب الأقذار الكبيرة وتبقى الصغيرة، فهذا المثال الذي ضربه الرسول عليه السلام يؤكد تماماً أن الصلوات مكفرات للذنوب كلها. كذلك -مثلاً- الحديث المتعلق بالحج، وبعضكم قد جاء من الحج سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يكون قد شملهم قوله صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، فهل من إنسان يفهم أن الوليد حينما يسقط من بطن أمه يسقط ممتلئاً بالذنوب الكبائر دون الصغائر، أم التشبيه هنا من أبدع ما يكون أنه نظيف من كل الذنوب كبيرها وصغيرها؟ والأحاديث في هذه القضية كثيرة وكثيرة جداً، وللحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله رسالة خاصة في الخصال المكفرة، من أراد التوسع فيها رجع إليها. لكني أريد أن أنبه إلى شيئين اثنين: الشيء الأول: أنه يؤكد أن هذه المكفرات هي مكفرات للكبائر؛ ذلك أن المكفرات للصغائر منصوص في القرآن الكريم السبب الذي يكفر الصغائر قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) [النساء:31] فإذاً: اجتناب الكبائر نفسها هي تذهب بالصغائر وتكفرها، فلا بد أن يكون لمثل هذه العبادات كالصلاة والحج ونحو ذلك كرمضان، لا بد أن يكون لها فعل آخر أكثر من فعل اجتناب الكبائر، فاجتناب الكبائر يكفر الصغائر، والإتيان بالفرائض ماذا يفعل؟ أيضاً يكفر الصغائر، فالصغائر ممحوة باجتناب الكبائر، فهذا يؤكد بأن الأحاديث السابقة هي على ظاهرها. هذا هو الأمر الأول من الأمرين. أما الأمر الثاني والأخير: أن كثيراً من الناس قد يتوهمون أن القول: بأن هذه العبادات كالصلاة والصيام تكفر الكبائر -أيضاً- أن هذا يكون حاملاً للناس بأن يتساهلوا وأن يواقعوا الكبائر؛ أن يسرقوا، وأن يزنوا، وأن يشربوا الخمر .. بدعوى أن الصلوات -مثلاً- تكفر الكبائر، فنحن نقول الآن لكي تفهم المسألة من هذه الزاوية جيداً: نذكر أن الصلاة التي تكفر الكبائر لا يمكننا أن نقول هي صلاتنا نحن، وهذه حقيقة يجب أن نعرفها؛ حتى ننجو من التورط في هذا الترغيب الكبير الذي جاء ذكره في هذه الأحاديث، وكما يقولون عندنا في سوريا : (نحط رجلينا بمي باردة). فنحن نصلي كل يوم الصلوات الخمس، فمهما فعلنا من كبائر فإذاً هي مكفرة بصلواتنا هذه. نقول: من الذي يستطيع أن يقول بأنه يصلي الصلاة الكاملة؟ لأن الصلاة الكاملة هي التي لها هذه الآثار الطيبة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المعروف: (إن الرجل ليصلي الصلاة وما يكتب له إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها... إلى أن قال عليه الصلاة والسلام: ربعها، نصفها) إذاً: لا نستطيع أن نقول: إن هناك صلاة كاملة حتى نقول: إن هذه الصلوات التي نصليها نحن هي مكفرات للكبائر، كل ما نستطيع أن نقول: إننا نأمل بأن نصلي وأن يغفر الله لنا بهذه الصلوات ما شاء من الذنوب؛ سواء كانت من الكبائر أو الصغائر. هذا ما أردت أن أبينه في نهاية الجواب عن هذا السؤال.

************************************************** *

فصل في شروط الصلاة

س)- إذا أراد الإنسان أن يعمل عملاً فهل يستحضر حكم هذا العمل، كالسلام من صلاة الصبح أو من سنة الصبح، أم أنه يعتبر سنة لأنه من شعائر الإسلام؟
يجب أن تعرف أنه كما لا يجوز أن تحط من الحكم، مثلاً: هو فرض فتنزل به إلى مرتبة السنة، وتعمل به على أنه سنة، كذلك لا يجوز أن ترفع من شأن الحكم، فإذا كان سنة وأنت ترفعه وتجعله في مقام الفريضة، فلا يجوز لا هذا ولا هذا أبداً، فالسلام عندما تسلم كالصلاة التي تصليها، عندما تصليها فأنت تستحضر في نفسك أن هذه الصلاة ليست فريضة، وإنما هي سنة الفجر كما قلت. وهذا يكفي. كذلك لما تقول لأخيك المسلم: السلام عليكم، أنت تؤسس في نفسك أن هذا السلام واجب، أو -لا سمح الله- إذا كنت تعتقد أنه سنة كما يظن البعض فتكون مخطئاً، فيكفي أن تقول: السلام عليكم، وأنت على علم بأن هذا من الواجب، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر به

.دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية .

***********************************************

س)- ألا يعد فعله هذا من شعائر الإسلام؟
لا، لا يجوز، أليست الصلوات الخمس من شعائر الإسلام؟ أليس الأذان من شعائر الإسلام؟دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية .

س)- هل تؤدى الصلاة اذا خرج وقتها عمدا؟
حديث (يا علي مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت , فلما دنا نفاسها أسقطت , فلا هي ذات ولد , و لا هي ذات حمل . و مثل المصلي كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأس ماله , كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة)ضعيف ، وقد شاع الاستدلال بالشطر الأخير منه " المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة " على ما يفتي به كثير من المشايخ من كان مبتلى بترك الصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا بوجوب قضائها مكان السنن الراتبة فضلا عن غيرها , و يقولون : إن الله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تصلى الفريضة ! و هذا الحديث مع ضعفه لا يدل على ما ذهبوا إليه لو صح , إذ إن المقصود به فريضة الوقت مع نافلته , ففي هذه الحالة لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة , فلو أنه صلاهما معا كفريضة الظهر و نافلتها مثلا في الوقت مع إتيانه بسائر الشروط و الأركان , كانت النافلة مقبولة كالفريضة , و لو أنه كان قد ترك صلاة أو أكثر عمدا فيما مضى من الزمان . فمثل هذه الصلاة لا مجال لتداركها و قضائها , لأنها إذا صليت في غير وقتها فهو كمن صلاها قبل وقتها و لا فرق , و من العجائب أن العلماء جميعا متفقون على أن الوقت للصلاة شرط من شروط صحتها , و مع ذلك فقد وجد من قال في المقلدين يسوغ بذلك القول بوجوب القضاء : المسلم مأمور بشيئين : الأول الصلاة , و الآخر وقتها , فإذا فاته هذا بقي عليه الصلاة ! و هذا الكلام لو صح أولو كان يدري قائله ما يعني لزم منه أن الوقت للصلاة ليس شرطا , و إنما هو فرض , و بمعنى آخر هو شرط كمال , و ليس شرط صحة , فهل يقول بهذا عالم?!
و جملة القول : أن القول بوجوب قضاء الصلاة على من فوتها عن وقتها عمدا مما لا ينهض عليه دليل , و لذلك لم يقل به جماعة من المحققين مثل أبي محمد بن حزم و العز بن السلام الشافعي و ابن تيمية و ابن القيم و الشوكاني و غيرهم . و لابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام ممتع في رسالة " الصلاة " فليراجعها من شاء , فإن فيها علما غزيرا , و تحقيقا بالغا لا تجده في موضع آخر .
و بديهي جدا أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا يدخل في كلامنا السابق , بل هو خاص بالمتعمد للترك , و أما النائم و الناسي , فقد أوجد الشارع الحكيم لهما مخرجا , فأمرهما بالصلاة عند الاستيقاظ أو التذكر , فإن فعلا تقبل الله صلاتهما و جعلها كفارة لما فاتهما , و إن تعمدا الترك لأدائها حين الاستيقاظ و التذكر كانا آثمين كالمتعمد الذي سبق الكلام عليه , لقوله صلى الله عليه وسلم : " من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها حين يذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك " ، أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه . فقوله : " لا كفارة لها إلا ذلك " أي إلا صلاتها حين التذكر . فهو نص على أنه إذا لم يصلها حينذاك فلا كفارة لها , فكيف يكون لمن تعمد إخراجها عن وقتها المعتاد الذي يمتد أكثر من ساعة في أضيق الصلوات وقتا , و هي صلاة المغرب , كيف يكون لهذا كفارة أن يصليها متى شاء و هو آثم مجرم , و لا يكون ذلك للناسي و النائم و كلاهما غير آثم ? !
فإن قال قائل : لا نقول إن صلاته إياها قضاء هي كفارة له , قلنا : فلماذا إذا تأمرونه بالصلاة إن لم تكن كفارة له , و من أين لكم هذا الأمر ? فإن كان من الله و رسوله فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين , و إن قلتم : قياسا على النائم و الناسي . قلنا : هذا قياس باطل لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه و هو من أفسد قياس على وجه الأرض . و حديث أنس أوضح دليل على بطلانه إذ قد شرحنا آنفا أنه دليل على أن الكفارة إنما هي صلاتها عند التذكر و أنه إذا لم يصلها حينئذ فليست كفارة , فمن باب أولى ذاك المتعمد الذي لم يصلها في وقتها المعتاد و هو ذاكر .
فتأمل هذا التحقيق فعسى أن لا تجده في غير هذا المكان على اختصاره , والله المستعان و هو ولي التوفيق .انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1257.
س)- ما نصيحتكم لمن ابتليبالتهاون بالصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا؟
الذي ننصح به من كان قد ابتلى بالتهاون بالصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا متعمدا , إنما هو التوبة من ذلك إلى الله تعالى توبة نصوحا , و أن يلتزم المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها و مع الجماعة في المسجد , فإنها من الواجب , و يكثر مع ذلك من النوافل و لا سيما الرواتب لجبر النقص الذي يصيب صلاة المرء كما و كيفا لقوله صلى الله عليه وسلم :" أول ما يحاسب به العبد صلاته , فإن كان أكملها , و إلا قال الله عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع ? فإن وجد له تطوع , قال : أكملوا به الفريضة ".
أخرجه أبو داود و النسائي و الحاكم و صححه , و وافقه الذهبي , و هو مخرج في " صحيح أبي داود ".انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1257.

*****************************************

س)- ما حكم من تعمد ترك استقبال الكعبة؟
قد نقل غير واحد الإجماع على بطلان صلاة من تعمد ترك استقبال الكعبة ومنهم ابن حزم وابن عبد البر أبو عمر فإن صح هذا الإجماع وجب المصير إليه ولا يكون مخالفا للحديث الذي احتج به الشوكاني على عدم الشرطية وذلك لأنه وارد في غير مورد النزاع - أعني : في غير المتعمد - فهو يدل على صحة صلاته والإجماع المذكور يدل على بطلانها من المتعمد فلا خلاف ولا تعارض . وقد جزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (اختياراته) (ص27-28) في غير ما مسألة ببطلان صلاة من لم يستقبل الكعبة وهو حتما يعني به المتعمد وأما غيره فمحل نظر على أنني لا أكاد أتصور مسلما يعلم وجوب الاستقبال ثم يتركه عمدا لأن من يتعمد ترك شيء إنما يتركه عادة لما فيه من الجهاد ومحاربة هوى النفس ولا شيء من ذلك هنا لأن المصلي لا مناص من أن يستقبل شيئا ما فما الذي يدفعه ويحمله على ترك استقبال الكعبة وهي بين يديه يراها هذا أمر أكاد أجزم باستحالة وقوعه من المسلم العالم بالحكم . والله أعلم
انتهى كلام الالباني من كتاب الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب.

********************************************

س)- هل يمتد وقت صلاة العشاء إلى الفجر؟
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط . . " . رواه مسلم وغيره ، ويؤيده ما كتب به عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري : ". . . وأن صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل ، وإن أخرت فإلى شطر الليل ، ولا تكن من الغافلين" . أخرجه مالك والطحاوي وابن حزم ، و سنده صحيح . فهذا الحديث دليل واضح على أن وقت العشاء انما يمتد إلى نصف الليل فقط ، وهو الحق ، ولذلك اختاره الشوكاني في "الدرر البهية" ، فقال : " . . . وآخر وقت صلاة العشاء نصف الليل" ، وتبعه صديق حسن خان في "شرحه" ، وقد روي القول به عن مالك كما في "بداية المجتهد" ، وهو اختيار جماعة من الشافعية كأبي سعيد الإصطخري وغيره .

انظر المجموع (3/40).انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

************************************************** *

س)- متى تكون مدركاً للصلاة؟
في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ) رد على من يقول إن الإدراك يحصل بمجرد إدراك أي جزء من الصلاة , ولو بتكبيرة الإحرام , وهذا خلاف ظاهر الحديث , وقد حكاه في (منار السبيل) قولاً للشافعي , وإنما هو وجه في مذهبه , كما في (المجموع) للنووي , وهو مذهب الحنابلة , مع أنهم نقلوا عن الأمام أحمد أنه قال : (لا تدرك الصلاة إلا بركعة) , فهو أسعد الناس بالحديث , والله أعلم.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم66.

************************************************** ******

س)- هل من طلعت عليه الشمس وهو في الركعة الثانية من صلاة الفجر , بطلت صلاته , وكذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس وهو في آخر ركعة من صلاة العصر؟
قول بعض المذاهب أن من طلعت عليه الشمس وهو في الركعة الثانية من صلاة الفجر , بطلت صلاته , وكذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس وهو في آخر ركعة من صلاة العصر , وهذا مذهب ظاهر البطلان , لمعارضته لنص الحديث(إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ [أَوَّلَ] سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ) كما صرح بذلك الإمام النووي وغيره.
ولا يجوز معارضة الحديث بأحاديث النهى عن الصلاة في وقت الشروق والغروب , لأنها عامة , وهذا خاص والخاص يقضي على العام , كما هو مقرر في علم الأصول.
انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم66.

*****************************************

س)- هل يقضي المجنون والمغمى عليه والنائم ما فاتهم من الصلوات؟
لا قضاء على المجنون سواء قل زمن الجنون أو كثر - وهو مذهب الشافعية وروي عن مالك وأحمد كما في (المجموع) وهو مذهب ابن حزم واختاره شيخ الإسلام ، وكذا المغمى عليه لا قضاء عليه وهو مذهب من ذكر ورواه ابن حزم عن ابن عمر وطاوس والهري والحسن البصري وابن سيرين وعاصم بن بهدلة ، وكذا الكافر إذا أسلم لا قضاء عليه : لقوله صلى الله عليه وسلم (الإسلام يجب ما قبله) ، وأما النائم فيقضي ما فاته من الصلوات في حالة نومه (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكري). انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.

************************************************** **

س)- هل يجب ترتيب الصلوات الفوائت؟
لقد اختلف العلماء في وجوب الترتيب بين الفوائت فنفاه الشافعية وقالوا : إنه يستحب . وبه قال طاوس والحسن البصري ومحمد بن الحسن وأبو ثور وداود .

وقال أبو حنيفة ومالك : يجب ما لم تزد الفوائت على صلوات يوم وليلة فقالا : فإن كان في حاضرة فذكر في أثنائها أن عليه فائتة بطلت الحاضرة ويجب تقديم الفائتة ثم يصلي الحاضرة .
وقال أحمد : الترتيب واجب قلت الفوائت أم كثرت . قال : ولو نسي الفوائت صحت الصلوات التي يصلي بعدها قال أحمد وإسحاق : ولو ذكر فائتة وهو في حاضرة تمم التي هو فيها ثم قضى الفائتة . ثم يجب إعادة الحاضرة .
واحتج لهم بحديث عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام)
وهذا حديث ضعيف ضعف موسى بن هارون الحمال (بالحاء) الحافظ وقال أبو زرعة الرازي ثم البيهقي
(صحيح أنه موقوف) كذا في (المجموع) ثم قال :( واحتج أصحابنا بأحاديث ضعيفة أيضا والمعتمد في المسألة أنها ديون عليه فلا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر وليس لهم دليل ظاهر ولأن من صلاهن بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أمر بها فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل ظاهر والله أعلم)
انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.

*******************************************

س)- هل الفخذ من العورة التى يجب سترها؟
لا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحا للأدلة القولية ، فلا جرم أن ذهب إليه أكثر العلماء ، وجزم به الشوكاني في "نيل الأوطار" و "السيل الجرار".
نعم ، يمكن القول بأن عورة الفخذين أخف من عورة السوأتين ، وهو الذي مال إليه ابن القيم في "تهذيب السنن" كما كنت نقلته عنه في "الإرواء".انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

*****************************************

س)- هل يجوز للمرأة أن تصلي في بيتها بثياب البيت أم يجب عليها أن تصلي بالجلباب ، وهل يجب عليها أن تستر قدميها ؟.
أما ستر القدمين في الصلاة فهذا لابد منه؛ لأن القدمين من عورة المرأة كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
أما هل يجوز للمرأة أن تصلي بثياب بيتها ؟.
فالجواب: يبدو أنه ليس من ثياب بيتها أن تكون ساترة لقدميها، فإذاً الجواب واضح: أنه لا يجوز، ولهذا جاء في بعض الآثار السلفية: أن المرأة إذا قامت تصلي فيجب أن يكون عليها قميص سابغ يستر ظاهر قدميها، إلا إذا افترضنا امرأة -أيضا هذا في الخيال- تعيش في عقر دارها متحجبة متجلببة بجلبابها كما لو كانت تعيش بين الأجانب، قد يكون هناك امرأة في لباسها فيها بيتها شيء من التحجيم، فإذا صلت فهي فعلاً ساترة لعورتها، ولكنها من جهة أخرى مُحَجِمة لعورتها وهذا مخالف لشريعة ربها، ولذلك فلا بد للمرأة أن تتخذ إزاراً أو قميصاً طويلاً تلبسه، ولو كانت يعني حافية القدمين فيكفيها أن تستر ظهور قدميها بهذا الثوب السابغ لظاهر القدمين.
انتهى كلام الالباني من شريط الأجوبة الألبانية على الأسئلة الأسترالية.

************************************

س)- هل يكفي الجوربين في ستر القدمين ؟.
لا ما يكفي لأنُه يَجسم.انتهى كلام الالباني من شريط الأجوبة الألبانية على الأسئلة الأسترالية.

*************************************************

فصل في أركــان الصلاة


س)-ما حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية؟
اختلف العلماء قديما و حديثا في القراءة وراء الإمام على أقوال ثلاثة :
1 - وجوب القراءة في الجهرية و السرية .
2 - وجوب السكوت فيهما .
3 - القراءة في السرية دون الجهرية .
و هذا الأخير أعدل الأقوال و أقربها إلى الصواب و به تجتمع جميع الأدلة بحيث لا يرد شيء منها و هو مذهب مالك و أحمد , و هو الذي رجحه بعض الحنفية , منهم أبو الحسنات اللكنوي في كتابه "التعليق الممجد على موطأ محمد", فليرجع إليه من شاء التحقيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم569.

س)-ما الكيفية التي يحصل بها الاطمئنان في الركوع؟
إن الاطمئنان الواجب لا يحصل الا بتحتيق ما يأتي :-
1 - وضع اليدين على الركبتين.
2 - تفريج أصابع الكفين.
3 - مد الظهر.
4 - التمكين للركوع وإلمكث فيه حتى يأخذ كل عضو مأخذه . وهذا كله ثابت في روايات عديدة لحديث المسئ صلاته ، وهو مخرج في "صفة الصلاة ". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

س)- هل يجهر بالبسملة في الصلاة ام يسر بها؟
الحق أنه ليس في الجهر بالبسملة حديث صريح صحيح ، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم الإسرار بها من حديث أنس ، وقد وقفت له على عشرة طرق ذكرتها في تخريج كتابي " صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، أكثرها صحيحة الأسانيد ، وفي بعض ألفاظها التصريح بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يجهر بها ، وسندها صحيح على شرط مسلم ، وهو مذهب جمهور الفقهاء ، وأكثر أصحاب الحديث ، وهو الحق الذي لا ريب فيه ، ومن شاء التوسع في هذا البحث فليراجع " فتاوى شيخ الإسلام " ، ففيها مقنع لكل عاقل منصف . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س)-هل يشرع للإمام السكوت عقب الفاتحة؟
إن السكتة المذكورة بدعة في الدين إذ لم ترد مطلقا عن سيد المرسلين ، إنما ورد عنه سكتتان إحداهما بعد تكبيرة الاحرام من أجل دعاء الاستفتاح . والسكته الثانية رويت عن سمرة بن جندب واختلف الرواة في تعيينها فقال بعضهم : هي عقب الفاتحة . وقال الاكثرون : هي عقب الفراغ من القراءة كلها ، وهو الصواب كما بينته في " التعليقات الجياد " ، وغيره ، وراجع " رسالة الصلاة " لابن القيم.
ثم إنه ليس فيه التصريح بأن السكتة كانت طويلة بذلك القدر ، فلا متمسك فيه البتة للشافعية ، فتأمل . وأما ما ذكره الشوكاني في "السيل الجرار" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد فراغه من قراءة الفاتحة يسكت سكتة طويلة ثم يقرأ السورة . فليس في شئ من روايات الحديث زيادة طويلة . وكأنه اختلط عليه نص الحديث بتفسير الخطابي إياه بقوله : " إنما كان يسكت . . . ليفرأ من خلفه " ، نقله عنه الشوكاني في النيل " ، ومن المحتمل أنه تفسير منه لرواية لاحمد : " وإذا قال : * (ولا الضالين) سكت أيضا هنية " . وقد عرفت أن محل السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة كلها ، على ضعف الاسناد . ثم فصلت القول في ذلك في "إرواء الغليل". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.


س)- جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)، فهل هذا الحديث مقلوب كما ادعى البعض؟
الحديث من عجائب ما جرى من الخلاف حول فهمه، وأعجب من ذلك العجب أن يقع ذلك من العرب أهل الإبل! حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فلا يبرك كما يبرك البعير) ثم يفسر هذا الإجمال بقوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه) فادعى بعض العرب، فضلاً عن غيرهم من العجم، أن الحديث من المقلوب، فزعموا أن الراوي أراد أن يقول: وليضع ركبتيه قبل يديه، فانقلب -في زعمهم- الحديث عليه فقال: وليضع يديه قبل ركبتيه، وذلك من ذهولهم عما يشاهدونه في بلادهم من بروك الجمل، فالجمل إذا برك برك على مقدمتيه، -أي: على يديه- مع العلم أن ركبتيه في يديه وليستا في مؤخرتيه، ولذلك فالجمل يختلف عن الإنسان من هذه الحيثية، فركبتا البعير في مقدمتيه، لذلك لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (فإذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) أي: لا يبرك على ركبتيه اللتين يبرك البعير عليهما، وإنما ليتلقى الأرض بكفيه، ثم يتبعهما بركبتيه. أما حجة المخالفين لهذين الحديثين الصحيحين، فهو حديث أخرجه أيضاً أبو داود وغيره من رواية وائل بن حجر : (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) لكن هذا الحديث هو من طريق شريك بن عبد الله القاضي، وهو وإن كان قاضياً فاضلاً، وصدوقاً صادقاً، فقد اتفق علماء الحديث على أنه كان سيئ الحفظ؛ ولذلك لما روى له الإمام مسلم في صحيحه إنما أخرج له مقروناً بغيره، إشارة منه إلى أنه لا يحتج بما تفرد به، فهذا الحديث إذاً ضعيف سنده، ومع ضعفه في سنده خالف الحديثين الأولين الصحيحين، ولذلك فلا يجوز المعارضة به لذينك الحديثين الصحيحين، هذا ما يمكن الجواب به عن هذا السؤال بإيجاز. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية .




س)-هل يجوز للمرأة الحامل في الشهور الأولى إن خافت الإجهاض أن تصلي وهي جالسة؟
إذا كان من المعلوم أن الفتوى على قدر النص، فأنا أقول: يجوز، لكني غير مطمئن أن المرأة إذا صلت قائمة تخاف على نفسها أن تجهض، لكن كما قال تعالى: (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) [القيامة:14]، فإذا كانت هذه المرأة غير موسوِسة، أو غير موسوَسة -يجوز الوجهان لغةً- ويغلب على ظنها فعلاً أن تسقط؛ فيجوز أن تصلي قاعدة. وأنا أعرف أن الأطباء ينصحون الحوامل بأن يتحركن وأن يمشين، ونعرف من التاريخ الإسلامي الأول أن المرأة كانت تضع وهي على ناقتها، لكن مع ذلك أعرف أن الحياة المدنية، وما أحاط الله عز وجل الناس اليوم به من نعم لا يعرفها السابقون الأولون، قد جعلتهم لا يتحملون من المتاعب والمصاعب والمشاق، خاصة ما يسمى (بالجنس اللطيف)، فلا أستبعد من هذا الجنس اليوم أن تخشى أن تسقط ولدها من بطنها إذا قامت تصلي قياماً لربها.


سِلسلة فتاوى العلامة الألباني رحمه الله
الصــــلاة
فصل في واجبــات الصلاة



س)-هل تكبيرات الصلاة من سنن الصلاة ام من واجباتها؟
عد هذه التكبيرات من السنن ينافي أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسئ صلاته بها كما جاء في رواية لابي داود وغيره من حديث رفاعة بن رافع ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" ، فهي إذن واجبة ، ومؤيدة بعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صلوا كما رأيتموني أصلي" .وقد قرر الامام الشوكاني في "نيل الاوطار" ثم في "السيل الجرار" أن الاصل في جميع الامور الواردة في حديث المسئ صلاته الوجوب ، وقد نص الشوكاني نفسه في "النيل" أن هذه التكبيرات مما جاء فيه في بعض الروايات ، ثم نسي ذلك في " السيل " فذكرها في جملة السنن ! فسبحان ربي لا يضل ولا ينسى ، وقد ذهب إلى الوجوب الامام أحمد رحمه الله كما حكاه النووي في "المجموع" عنه ، واحتج له بالعموم السابق ، وخفي عليه حديث المسئ ، فإنه قال محتجا عليه لمذهبه : "ودليلنا على أحمد حديث المسئ صلاته ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره بتكبيرات الانتقال وأمره بتكبيرة الاحرام" ! فلم يتنبه لرواية أبي داود وغيره . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

س)-هل التسميع في الاعتدال واجب على كل مصلي؟
عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول : سمع الله لمن حمده ، حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم : ربنا ولك الحمد . رواه أحمد والشيخان " . قلت : وهر مخرج في "الارواء" بزيادة كثيرة في المصادر ، ومن الواضح أن في هذا الحديث ذكرين اثنين : أحدهما : قوله : " سمع الله لمن حمده " في اعتداله من الركوع . والاخر : قوله : "ربنا ولك الحمد" إذا استوى قائما.
فإذا لم يقل المقتدي ذكر الاعتدال ، فسيقول مكانه ذكر الاستواء ، وهذا أمر مشاهد من جماهير المصلين ، فإنهم ما يكادون يسمعون منه : "سمع الله لمن حمده" ، إلا وسبقوه بقولهم : ربنا ولك الحمد ، وفي هذا مخالفة صريحة للحديث ، فإن حاول أحدهم تجنبها وقع في مخالفة أخرى ، وهي إخلاء الاعتدال من الذكر المشروع فيه بغير حجة . قال النووي رحمه الله "ولان الصلاة مبنية على أن لا يفتر عن الذكر في شئ منها ، فإن لم يقل بالذكرين في الرفع والاعتدال بقي أحد الحالين خاليا عن الذكر " . بل إنني أقول : إن التسميع في الاعتدال واجب على كل مصل ، لثبوت ذلك في حديث المسئ صلاته ، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه : " إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله . . ثم يكبر . . ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، ثم يستوي قائما حتى يقيم صلبه . . . " الحديث . أخرجه أبو داود والنسائي والسياق له ، وغيرهما بسند صحيح . وهو مخرج في " صحيح أبي داود".
فهل يجوز لاحد بعد هذا أن يقول بأن التسميع لا يجب على كل مصل؟! انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

س)-هل وضع السترة امام المصلي من مستحبات الصلاة؟
القول بالاستحباب ينافي الأمر بالسترة في عدة أحاديث ، وفي بعضها النهي عن الصلاة إلى غير سترة ، وبهذا ترجم له ابن خزيمة في "صحيحه" ، فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعا : "لا تصل إلا إلى سترة".
وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود ، كما صح ذلك في الحديث ، ولمنع المار من المرور بين يديه ، وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة ، وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في "نيل الأوطار" ، و "السيل الجرار" ، وهو الظاهر من كلام ابن حزم في "المحلى" انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

س)- هل يجوز الاقتصار على التسليمة الواحدة في الصلاة ؟
من أصح الأحاديث التي وردت في التسلمية الواحدة في الصلاة حديث (كان يُسَـلمُ تسلمية واحدة) ، وقد ساق البيهقي قسماً منها ، ولا تخلو أسانيدها من ضعف ، ولكنها في الجملة تشهد لهذا ، وقال البيهقي عَـقِبَها : (ورُوي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سلموا تسليمة واحدة ، وهو من الاختلاف المباح ، والاقتصار على الجائز).
وذكر نحوه الترمذي عن الصحابة ، ثم قال : (قال الشافعي : إن شاء سلَّم تسليمة واحدة ، وإن شاء سلَّم تسليمتين).
قلتُ : التسليمة الواحدة فَرْض لا بدَّ منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (. . . وتحليلها التسليم) ، والتسليمتان سنة ، ويجوز ترك الأخرى أحياناً لهذا الحديث.
ولقد كان هديه صلى الله عليه وسلم في الخروج من الصلاة على وجوه:
الأول : الاقتصار على التسليمة الواحدة ؛ كما سبق.
الثاني : أن يقول عن يمينه : "السلام عليكم ورحمة الله" ، وعن يساره : "السلام عليكم".
الثالث : مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في الثانية أيضاً : "ورحمة الله".
الرابع : مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في التسليمة الأولى : "وبركاته".
وكل ذلك ثبت في الأحاديث ، وقد ذكرتُ مُخرجيها في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ، فمن شاء راجعه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 316.

س)-ما ردكم على قول النووي في "المجموع" : "المختار استحباب الخط ، لأنه وإن لم يثبت الحديث ، ففيه تحصيل حريم للمصلي ، وقد قدمنا اتفاق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، دون الحلال والحرام ، وهذا من نحو فضائل الأعمال "؟
يرد عليه بقول الشافعي المنقول عن "التهذيب" ، فإنه صريح بأنه رضي الله عنه لا يرى مشروعية الخط إلا أن يثبت الحديث ، وهذا يدل على أحد أمرين :
إما أنه يرى أن الحديث ليس في فضائل الأعمال بل في الأحكام ، وهذا هو الظاهر من كلامه . وإما أنه لا يرى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، وهذا هو الحق الذي لا شك فيه. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.

س)-في كتاب صفة الصلاة ذكرتم الحديث المروي عن الصحابة في كيفية التشهد، والصحابة قد غيروا صيغة (السلام عليك) بـ(السلام على النبي ورحمة الله وبركاته)، كيف لنا أن نوفق الأمر الثاني بالأول، علماً بأن الدعوة السلفية منهجها الأخذ بالقرآن والسنة، وفهم الصحابة لهما؟
كأن السائل فهم أن الصحابة غيروا النص الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الذي هو بصيغة الخطاب: (السلام عليك أيها النبي)، فكأنه فهم أنهم غيروه من عند أنفسهم، وهذا ما نبرئ منه أقل الناس فهماً للسنة حتى لو كان خلفياً سلفياً، أعني: حتى لو كان من الخلف الذين يتبنون مذهب السلف، فلا نتصور أن رجلاً من المتأخرين يفقه أن الأوراد توقيفية، يتجرأ على أن يغير حرفاً واحداً في ورد تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأسانيد، فكيف نتصور صحابياً واحداً -لاسيما إذا كان مثل ابن مسعود - يقدم على تغيير نص تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة؟! هذا الخاطر يجب ألا يخطر على بال السائل أو غيره أبداً، وإنما يقول العلماء في مثل هذا: إن ذلك الذي فعلوه هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، ومعنى التوقيف: أن الرسول عليه السلام هو الذي ألمح وأشار إليهم أن هذا يكون في حياته، أما بعد وفاته فيتكلمون بصيغة الغيبة، وليس بصيغة الحاضر، فيقولون في التشهد: السلام على النبي، ونحن نعرف بعد الصحابي عن الابتداع بصورة عامة، وبعدهم عنه في الأذكار بصورة خاصة، وبالأخص منهم عبد الله بن مسعود الذي جاء النص الصحيح في صحيح البخاري عنه أنه قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة وكفي بين كفيه) كناية عن اهتمام المعلم بالمتعلم بتلقينه ما هو في طريق تعليمه إياه، قال ابن مسعود: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه، التحيات لله...) وذكر التشهد المعروف عن ابن مسعود، والذي عليه الحنفية: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) قال ابن مسعود بعد أن ذكر النص الذي لقنه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفه بين كفي الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (وهو بين ظهرانينا) أي: علمه أن يقول هذا وهو بين ظهرانيهم، وهو حي معهم عليه الصلاة والسلام، قال (فلما مات قلنا: السلام على النبي) ما قال هو: قلت، وحاشاه أن يقول! -كما قلت لكم آنفاً- وحاشاه أن يتصرف في مثل هذا النص الذي تلقاه من الرسول مباشرة، وبهذا الاهتمام الذي عبر عنه بقوله: (وكفي بين كفه) وإنما ذلك مما فهمه في أثناء التلقين، لذلك قال في هذا الحديث: (وهو بين ظهرانينا، فلما مات قلنا...) ما قال: قلت، فكيف يقول من عند نفسه شيئاً يبدل فيه نص الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو يعلم أن تعليم الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو وحي من الله؟! والذين يجهلون هذه الحقيقة، أو يغفلون أو يتغافلون عنها، هم في الواقع في خطر كبير جداً، فالذين يتقدمون إلى أوراد الرسول عليه الصلاة والسلام وإلى أذكاره، فيزيدون فيها ما شاءوا من الزيادات، لا يتصورون أبداً أنهم يزيدون على الوحي ولا يخطر هذا في بالهم، وهذا في الواقع تفريق خبيث بين الله ورسوله، وهم لا يتنبهون له، وهو تفريقٌ خبيث بين الكتاب والسنة، أي: بين ما جاء في الكتاب وما جاء في السنة، وإلا هل يجرؤ أحد هؤلاء أن يزيد في نص القرآن حرفاً واحداً؛ من أجل إشباع نهمته وغلوه في حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم؟ مثلاً: هل يقول أحدهم حين قال الله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ ... )[الفتح:29] إلخ ما ورد في الآية، هل يقول أحدهم: سيدنا محمد رسول الله؟ لا أحد يقول هذا؛ فمباشرة سيقال له: هذه زيادة على ما في القرآن، وهو وحي فهو أيضاً لا يجوز، لكنهم يفرقون -كما قلت لكم- بجهلهم، كذلك لا يقول أحدهم: محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم رسول الله؛ لأن هذا زيادة على النص، فنحن معشر الذين ينتمون إلى السلف لا نفرق بين الله ورسوله أبداً، ولا نفرق بين كتاب الله وحديث رسول الله، وبين تعليم الله وتعليم رسول الله؛ كلاهما يصدران من مشكاة واحدة وهي مشكاة الوحي من السماء؛ لذلك لما علم النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عا** ورد الاضطجاع عند النوم: (اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، قال له: إذا أنت قلت ذلك ومت من ليلتك تلك مت على الفطرة) فأعاد البراء بن عا** هذا الدعاء بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ليتمكن من حفظه، فلما وصل إلى قوله في الأخير: (آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت) قال: (وبرسولك الذي أرسلت)، بدل أن يقول: (وبنبيك الذي أرسلت) فصده الرسول عليه الصلاة والسلام ورده عن ذلك، وقال له: قل: (وبنبيك الذي أرسلت) لو سألنا هؤلاء المغيرين والمبدلين في أذكار الرسول عليه الصلاة والسلام: هل هناك فرق يفسد المعنى الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الورد، بين تعليم الرسول الذي هو: (وبنبيك الذي أرسلت) وبين ما أخطأ فيه البراء فقال: (وبرسولك الذي أرسلت). هل هناك فرق؟ لو لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام رسولاً وكان نبياً فقط؛ لصار هناك تغيير للمعنى؛ لأن الرسول أعم من النبي، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، لكن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس فقط رسولاً، بل هو خاتم الأنبياء والرسل جميعاً، فحينما قال البراء: وبرسولك الذي أرسلت، ما خالف الواقع أبداً؛ ولكنه خالف التعاليم النبوية -إخواننا انتبهوا لهذا- كل ما في الأمر أنه خالف تعليم الرسول إياه، أما المعنى فمستقيم تماماً؛ لذلك قال له: قل: (وبنبيك الذي أرسلت) وعلى هذا جرى الصحابة.



وقد ذكرت لكم مراراً في مثل هذه المناسبة عن كثير من الصحابة، وكيف كانوا يفرون من أن يعدل الرجل عن لفظ الرسول إلى لفظ من عنده، فهناك -مثلاً- في مسند الإمام أحمد: [أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلاً يقول في تلبية الحج: لبيك ذا المعارج، فقال له -وهذا من حكمة الصحابة في إنكار المنكر- قال: إنه لذو المعارج؛ ولكن ما هكذا كنا نقول في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، كنا نقول: لبيك اللهم لبيك] إلى آخر التلبية المعروفة، قال له: الله هو ذو المعارج، لكن التلبية ما كانت هكذا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. وأبدع من هذا -أيضاً- في أسلوب الإنكار، قصة ابن عمر التي ذكرتها لكم أكثر من مرة أيضاً، [أن ابن عمر سمع رجلاً عطس فقال: الحمد لله، والصلاة على رسول الله، فقال: وأنا أقول معك: الحمد لله، والصلاة على رسول الله، ولكن ما هكذا علمنا رسول الله، قل: الحمد لله رب العالمين] كأن القضية الآن تتكرر تماماً، لكن -مع الأسف!- دون أن يكون هناك متجاوبون مع المنكرين. وهذه الزيادة -اليوم- في عبادتنا تأتي في صور عديدة، وأشهرها الزيادة في الأذان، والصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام، كما قال ابن عمر: [وأنا أقول معك: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الرسول ما هكذا علمنا] فهكذا الصحابة، والآثار عنهم كثيرة جداً جداً، كانوا يتورعون أن يأتوا بتغيير للفظ الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أشهرهم وأدقهم في ذلك صاحبنا.. صاحب حديث التشهد الذي علمه الرسول إياه وكفه بين كفيه، ألا وهو عبد الله بن مسعود، حيث روى الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار، بالسند الصحيح عن ابن مسعود: [أنه كان إذا علم أصحابه التشهد يأخذ عليهم الحرف الواحد]. أي: إذا زاد حرفاً، أو نقص حرفاً، يقول له: لا. ارجع وقلها كما تلقيتها عن الرسول عليه الصلاة والسلام. فهل نتصور مثل هذا الصحابي -لو كان وحده- يأتي إلى التعليم الذي لقنه الرسول عليه السلام إياه مباشرة: السلام عليك أيها النبي، فيأتي ويعدل منه إلى (السلام على النبي) دون أن يكون عنده تعليم وتوجيه من الرسول عليه السلام له بذلك؟ حاشاه من ذلك! فكيف وليس هو في الميدان وحده، هو أولاً: يروي لنا فيقول: [فلما مات الرسول صلوات الله وسلامه عليه قلنا -أي: نحن معشر الصحابة- السلام على النبي]، ولذلك تأكيداً لهذا المعنى الذي رواه لنا ابن مسعود بصيغة الجمع: قلنا، جاء هذا التشهد مع اختلاف الألفاظ، كما هو مذكور في صفة الصلاة عن السيدة عائشة بـ: السلام على النبي، وجاء عن عمر بن الخطاب في موطأ مالك: السلام على النبي وهكذا. إذا: ما نقوله هو اتفاق وإجماع من الصحابة، وذهبوا إليه ليس اجتهاداً منهم وتغييراً للنص -كما يتبادر من سؤال السائل- وإنما بتوقيف من الرسول صلوات الله وسلامه إياهم. ما أبدع هذا الأمر فيما إذا عرفنا اليوم غلو الناس في دعاء الموتى، والاستغاثة بغير الله عز وجل، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أومأ وأشار إلى هؤلاء الصحابة من باب سد الذريعة، إذا أنا مت فقولوا: (السلام على النبي)؛ ذلك لأن كثيراً من الناس اليوم يتوهمون أوهاماً كثيرة، منها: أن الموتى كلهم يسمعون كثير من الناس اليوم -إذا لم نقل كلهم- يتوهمون أن الموتى يسمعون، فإن سيدهم وسيد المسلمين جميعاً محمد عليه الصلاة والسلام يسمع من باب أولى، فما بالكم إذا كان الرسول لا يسمع حتى الصلاة عليه، وهو أفضل ما يقال في حقه عليه الصلاة والسلام؟ فهل يسمع استغاثة المستغيثين به من دون الله عز وجل؟ هل يسمع توسل المتوسلين به من دون الله عز وجل؟ فالصلاة على الرسول لا يسمعها هو، وقد يستغرب بعضكم ممن لم يطرق سمعه مثل هذا الكلام من قبل.. كيف أن الرسول لا يسمع الصلاة عليه؟ نعم. اسمعوا حديث الرسول عليه السلام الذي قال فيه: (أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني). فقال: (فإن صلاتكم تبلغني) ما قال: أسمعها، قالوا: (كيف ذاك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) ويوضح هذا التبليغ: (فإن صلاتكم تبلغني) يوضحه حديث آخر يرويه أيضاً عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام) إذاً الرسول عليه السلام إذا صلى أحدنا عليه، فإنه لا يسمع هذا السلام كما يتوهم جميع الناس تقريباً، وإنما هناك ملائكة مخصصون وموظفون من رب العالمين؛ لينقلوا سلام المصلين عليه إليه صلوات الله وسلامه عليه، فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يسمع؛ فإذاً نحن نخاطبه حيث جاء الخطاب فقط كما نخاطب الموتى ونقول لهم: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ...) إلى آخر الدعاء المعروف، لكن هذا لا يعني أننا نخاطب من يسمع، فالموتى لا يسمعون بنص القرآن ونص السنة، ولقد شرحت هذا شرحاً وافياً في مقدمتي لكتاب: الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات، وهي مقدمة وافية هناك، فمن شاء منكم رجع إليها بتوسع في هذا الموضوع. خلاصة القول: السلام على النبي، هذا توقيف من النبي للصحابة وليس تغييراً منهم، وحاشاهم في مثل ذلك، وبهذا القدر نكتفي والحمد لله رب العالمين.


منقول
__________________
قال الحسن البصري
إن النفس أمارة بالسوء ، فإن عصتْك في الطاعة فاعصها أنت في المعصية .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.