أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
51430 | 151323 |
#1
|
|||
|
|||
النازلة حاضنة الأهواء
سلسلة درك البصيرة للنجاة من الفتن الخطيرة (23) النازلةُ حاضنةُ الأهواءِ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد: فإن القلوب فيها كمائن مختفية ، ودسائس مختبئة ، كالأرض تجمع في باطنها أصنافاً من البذور، فإذا نزل عليها الماء انبتت الزروع والأشجار من جنس كل بذرة ، وكذلك القلب فيه من بذور الشكوك والشبه والشهوات أصنافاً، تهيجها المحن والنوازل، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وَكَمَائِنُ الْقُلُوبِ تَظْهَرُ عِنْدَ الْمِحَنِ " (مجموع الفتاوى:20/9) . فتتولد الأهواء من هذا اللقاح بين المخبآت القلبية، والنوازل القدرية، ثم تكون النازلة كالحاضنة التي تقوم على تربية الصغير، تقوده وتسوسه، وتغذيه وتنميه . وكمائن القلوب على نوعين : ( شهوات ) ، و ( شبهات ) . وقد ينفرد المفتون بواحد منهما وقد يجتمعان في قلبه - غياً وضلالاً - . وتأثير النازلة في تهييج الشهوات ، والشبهات ينبني على ضعف الإيمان بسبب المزاحم منها للعلم والعمل القلبي فلا يبقى في قلب العبد إلا إيمانا هزيلاً ، لا يثبت عند المحنة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :" وَهَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَانِنَا أَوْ أَكْثَرِهِمْ إذَا اُبْتُلُوا بِالْمِحَنِ الَّتِي يَتَضَعْضَعُ فِيهَا أَهْلُ الْإِيمَانِ يَنْقُصُ إيمَانُهُمْ كَثِيرًا وَيُنَافِقُ أَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ الرِّدَّةَ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ غَالِبًا ؛ وَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى غَيْرُنَا مِنْ هَذَا مَا فِيهِ عِبْرَةٌ . وَإِذَا كَانَتْ الْعَافِيَةُ أَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ . وَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِالرَّسُولِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لَكِنْ إيمَانًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الْمِحْنَةِ . وَلِهَذَا يَكْثُرُ فِي هَؤُلَاءِ تَرْكُ الْفَرَائِضِ وَانْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ . وَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا : { آمَنَّا } فَقِيلَ لَهُمْ : { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } " (مجموع الفتاوى : 7/281) . و اعلم أن النازلة وإن كان الواقع ظرفاً – زمانياً أو مكانياً – لأحداثها إلا أن القلب هو المقصود منها ، والمستهدف بمجرياتها ، فالنازلة في الحقيقة نازلة على القلوب ، وإن تعلقت بالبدن والمكان – واقعاً – وكانت لهما بعض أحكامها . وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ : { الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }[العنكبوت : 1 – 3 ] . فالنازلة لا تكتفي بتهييج الهوى وبعثه في القلب . بل تقوم أحداثها ومجرياتها بتغذيته ومده بما يبقيه ويقويه ، فهي ( حاضنة للهوى ) . حقيقة حضانة النازلة للأهواء : إن من خلال توالي أحداث النازلة ، وتكرر مشاهدها ، وتداخل أحكامها ، وتأخر انجلائها ، وتراكم ظلماتها تنمو بذرة الفتنة في قلب المفتون ، كأنما تنضج على نار هادئة ، لأن أخبار الفتنة ومشاهدها تنفذ إلى القلوب مهيجة عواطفها ، ومحركة لأهوائها ، فإذا وافقتها بعض المتشابهات ، واقترن بها زلل بعض المعظمين في قلب المفتون فسيسفر مخاضها عن مولود جديد في قائمة الأفكار والأهواء . فإذا غذي هذا الفكر الوليد بأخبار ومشاهد القنوات الإخبارية ، وأحكام منابر التهييج العاطفية فستستوفي النازلة مدة حضانتها مخلفة (مقالة بدعية) يجتمع حولها جماعة من المفتونين يرفعون لواءها ويتخندقون للذب عنها معلنين حرباً كلامية على كل من خالفهم في صورة جدل ومراء مذموم . وطريق النجاة من الفتنة يكون بتحقيق الإيمان القلبي - الذي يدفع ويرفع الشبهات والشهوات – علماً وعملاً ، فالعلم يمنع الشبهة ، والعمل يمنع الشهوة . وجماع ذلك ( طمأنينة القلب ) بإيمانه ، وانتفاء ريبه ، كما قَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحجرات : 15 ] . قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ رَيْبٌ عِنْدَ الْمِحَنِ الَّتِي تُقَلْقِلُ الْإِيمَانَ فِي الْقُلُوبِ وَالرَّيْبُ يَكُونُ فِي عِلْمِ الْقَلْبِ وَفِي عَمَلِ الْقَلْبِ ؛ بِخِلَافِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ بِالْيَقِينِ إلَّا مَنْ اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ عِلْمًا وَعَمَلًا ؛ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ ؛ وَلَكِنَّ الْمُصِيبَةَ أَوْ الْخَوْفَ أَوْرَثَهُ جَزَعًا عَظِيمًا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ يَقِينٍ . قَالَ تَعَالَى : { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } " (مجموع الفتاوى : 7/281) . وقال ابن كثير – رحمه الله - : " وقوله: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ } أي: إنما المؤمنون الكُمَّل { الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } أي: لم يشكوا ولا تزلزلوا، بل ثبتوا على حال واحدة، وهي التصديق المحض، { وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } أي: وبذلوا مهجهم ، ونفائس أموالهم في طاعة الله ورضوانه، { أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } أي: في قولهم إذا قالوا: "إنهم مؤمنون"، لا كبعض الأعراب الذين ليس معهم من الدين إلا الكلمة الظاهرة " (تفسير القرآن: 7/390) . ففي الصدق المورث لعلم القلب وعمله ، والمثمر لطمأنينته تكون النجاة من الفتنة والله العاصم . |
#2
|
|||
|
|||
نفع الله بك أخي وحبيبي
__________________
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : " إذا أصبح العبدُ وأمسى - وليس همُّهُ إلاّ اللهَ وحدَه - تحمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها ، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ ، وفرَّغَ قلبَه لمحبّتِهِ ، ولسانهِ لذكرِهِ ، وجوارحَهُ لطاعتِهِ ، وإنْ أَصبحَ وأَمسى - والدُّنيا همُّهُ - حمَّلَه اللهُ همومَها وغمومَها وأَنكادَها ، ووكلَه إِلى نفسِهِ ، فشغلَ قلبَه عن محبَّتِهِ بمحبّةِ الخلقِ ، ولسانَه عن ذكرِهِ بذكرِهم ، وجوارحَه عن طاعتِهِ بخدمتِهم وأَشغالِهم ، فهو يكدحُ كدحَ الوحشِ في خدمةِ غيرِهِ ، كالكيرِ ينفخُ بطنَه ويعصرُ أَضلاعَه في نفعِ غيرِهِ ! فكلُّ مَنْ أَعرضَ عن عبوديّةِ اللهِ وطاعتِهِ ومحبّتِهِ بُلِيَ بعبوديّةِ المخلوقِ ومحبّتِهِ وخدمتِه ، قال تعالى : { ومنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الرَّحمنِ نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قرين } [الزخرف :36 ] " فوائد الفوائد ( ص 310 ) |
#3
|
|||
|
|||
كلام جميل سديد
والفتن تفتن الرجل وتصهره فمن كان طيبا كان ذهبا خالصا ومن كان خبيثا كان (حديدا ،وصديدا)..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249 قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) : (وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه). |
#4
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا وبارك فيك ونفع بك ....
|
#5
|
|||
|
|||
أبو يعقوب يوسف جزاك الله خيراً وأحبك الله الذي أحببتنا فيه ــــــــــــــــــــ بوركت أخي الفاضل عمربن محمدالبومرداسي وزادك ربي من فضله ـــــــــــــــــ وجزاك الله مثله أخي العزيز طاهر نجم الدين المحسي وزادك ربي توفيقاً |
#6
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أبا زيد , ونفع بك ...
أسأل الله أن يهدي إخواننا جميعا , وأن يتركوا النوازل لأهلها و وأن يشتغلوا بما ينفعهم وينفع دعوتهم .
__________________
دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ . دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ . دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ . وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ . |
#7
|
|||
|
|||
اقتباس:
عذراًأخي نقلت كلامك الى صفحة التواصل الاجتماعي
__________________
قال ابن القيم – رحمه الله-: إذا اسْتغنَى النَّاس بالدُّنيا ؛ فاستغنِ أنت بالله ..... وإذا فَرِحُوا بالدُّنيا ؛ فافرح أنت بالله ..... وإذا أنسِوا بأحبابهم ؛ فاجعل أُنسَك بالله ..... وإذا تعرَّفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقرَّبوا إليهم لينالوا بهم العزَّة والرِّفعة ؛ فتعرَّف أنت إلى الله ؛ وتودَّد إليه تَنل بذلك غاية العزّ والرِّفعة". كتاب الفوائد [ا / 118] |
#8
|
|||
|
|||
وجزاك الله مثله وزادك من فضله وبوركت أخي الفاضل ( أبوالأشبال الجنيدي الأثري ) وتوجيهكم من معين العلم والحكمة وفق الله الجميع إلى رضاه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وجزاك الله خيرا أخي الحبيب ( خليل حميده ) والدال على الخير كفاعله وزادك ربي حرصا على الخير |
#9
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أيّها الفاضل الكريم فمقالاتك -بحقّ - بهجة النفوس وفاكهة المجالس وليس في هذا غمطا لباقي إخواننا ومشايخنا ولست محبّا للمدح ولكنّه حمد على كريم الشمائل ومليح الخصال فالحمد لله الذي أرانا من إخواننا ما نحبّ ولولا أنّي أعرف إنزعاجك وإنزعاحهم من مخاطبتك ومخاطبتهم بلفظ شيخ - وإن تحقّق فيك وفيهم معناه - لما تأخّرت فالحمد للّه الذي جمع في منتدانا هذا ما تفرّق في غيره والحمد لله حمدا كثيرا مباركا فيه
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة «محمّد العيد» |
#10
|
|||
|
|||
منتداة لايكون فيها أمثالك ينقصها خيركثير
بوركتم أيها الفاضل...
__________________
قال الشيخ ربيع: وكان من أقوم الدعاة إلى الله بهذه الصفات الشيخ بن باز -رحمه الله- وهو مشهور بذلك والشيخ عبد الله القرعاوي - رحمه الله- فلقد كان حكيماً رفيقاً لا يواجه الناس بسوء ولا فحش ولقد انتشرت دعوته بهذه الحكمة من اليمن إلى مكة ونجران في زمن قصير وقضى بعد عون الله بدعوته الحكيمة على كثير من مظاهر الجهل والشرك والبدع ، وكان من أبعد الناس عن الشدة والتنفير وكان يشبهه في أخلاقه : الحلم والحكمة والأناة والرفق تلميذه النجيب الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- فقد ساعد في نشر الدعوة السلفية شيخه القرعاوي رحمه الله بهذه الأخلاق وبالعلم الذي بثه وكانا لا يسبان بل ولا يهجران أحداً حسب علمي ويأتيهم الجاهل والفاسق والزيدي والصوفي فيتعاملان معهم بالعلم والحلم والرفق والحكمة الأمور التي تجعل هذه الأصناف تقبل الحق وتعتنق الدعوة السلفية الخالصة . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|