أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
22435 | 58455 |
#21
|
|||
|
|||
_____ · قوله تعالى: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } البقرة: 256. - روى أبو داود عن أبي بِشْرٍ عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ عنِ ابنِ عباسٍ قال: كانتِ المرأَةُ تكونُ مِقْلاتاً، فتجعلُ على نفسِها إِنْ عاشَ لها ولدٌ أَنْ تُهَوِّدَه، فلما أُجْلِيتْ بنو النضيرِ كان فيهم من أَبناءِ الأَنصارِ، فقالوا: لا نَدَعُ أَبناءَنا، فأَنزلَ اللهُ -عز وجل-: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغيِّ }. قال أَبو داودَ: المِقْلاتُ: التي لا يَعيشُ لها ولدٌ. وروى سعيدُ بنُ منصورٍ والطحاوي عن أَبي بِشْرٍ قال: سألتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ عن قولِه -عز وجل-: {لَا إِكراهَ في الدِّينِ } قال: نزلت هذه الآيةُ في الأَنصارِ خاصَّةً. قلتُ: خاصةً؟ قال: خاصةً؛ قال: كانتِ المرأَةُ في الجاهليةِ إذا كانت مِقْلاتاً تَنْذِرُ إِنْ وَلَدتْ وَلداً تَجعلُه في اليهودِ؛ تلتمسُ بذلك طولَ بقائِه، فجاء الإِسلام وفيهم منهم، فلما أُجْلِيت بنو النضيرِ قالوا: يا رسولَ اللهِ أَبناؤُنا وإِخوانُنا منهم! قال: فسكت عنهم، فأَنزلَ اللهُ تعالى: { لَا إِكْراهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ } فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: خَيِّروا أَصحَابَكُم، فإِنْ اختاروكم فهم منكم، وإِنْ اختارُوهم فهم منهم. وقوله: (خَيِّروا أَصحابَكُم...) هذه من مُرسلِ سعيدِ بنِ جُبير. - قال الشوكاني في "فتح القدير":
قَدِ اختلف أَهلُ العلم في قولِه : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } على أقوالٍ: - الأوَّلُ: إِنها منسوخةٌ؛ لأَنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قد أَكره العربَ على دِينِ الإسلامِ وقاتلهم، ولم يرضَ منهم إِلا بالإِسلامِ، والناسخُ لها قولُه تعالى: { يا أَيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفَّارَ والمُنافِقِينَ }، وقال تعالى: { ياأيها الذين ءامَنُواْ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ مّنَ الكفار وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً واعلموا أَنَّ الله مَعَ المُتَّقِينَ }، وقال: { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ تقاتلونهم أَوْ يُسْلِمُونَ }، وقد ذهب إلى هذا كثيرٌ من المفسرين. - القولُ الثاني: إنها ليست بمنسوخةٍ، وإِنما نزلت في أَهلِ الكتاب خاصةً، وأنهم لا يُكرَهون على الإسلام إذا أدَّوُا الجزيةَ، بل الذين يُكْرَهون هم أَهلُ الأوثانِ، فلا يُقبلُ منهم إلا الإسلامُ أو السيفُ، وإلى هذا ذهب الشعبي والحسن وقتادة والضحاك. - القولُ الثالثُ: إِن هذه الآيةُ في الأنصارِ خاصَّةً، وسيأتي بيان ما ورد في ذلك. - القولُ الرابعُ: إن معناها: لا تقولوا لمن أسلم تحت السيفِ إنه مكرهٌ؛ فلا إِكراهَ في الدين. - القولُ الخامسُ: إنها وردت في السَّبْيِ؛ متى كانوا من أهلِ الكتاب لم يُجبروا على الإسلام. - وقال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه: أيْ: لا تُكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام؛ فإنه بَيِّنٌ واضح جَليُّ دلائِلُه، وبراهينُه لا تحتاج إلى أن يُكرَه أحدٌ على الدخول فيه، بل مَن هداه الله للإسلامِ، وشرح صدرَه، ونوَّر بصيرتَه دخل فيه على بيِّنةٍ، ومن أعمى الله قلبَه، وختم على سمعِه وبصرِه، فإنه لا يفيده الدخولُ في الدين مكرهاً مقسوراً. وهذا يصلحُ أن يكونَ قولاً سادساً. - وقال في "الكشاف" في تفسيرِه هذه الآيةِ: أي: لم يُجْرِ الله أَمرَ الإيمانِ على الإِجبارِ والقَسرِ، ولكن على التمكينِ والاختيارِ، ونحوُه قوله : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }، أي: لو شاء لقَسَرهم على الإيمان، ولكن لم يفعلْ، وبنى الأمرَ على الاختيارِ. وهذا يَصْلحُ أن يكونَ قولاً سابعاً. والذي ينبغي اعتمادُه، ويتعيَّنُ الوقوفُ عندَه أَنها في السببِ الذي نزلت لأَجلِه مُحكمة ٌغيرُ منسوخةٍ، وهو أنّ المرأةَ من الأنصارِ تكونُ مقلاتاً لا يكادُ يعيشُ لها ولدٌ، فتجعلُ على نفسِها إن عاش لها ولدٌ أن تُهَوِّدَه، فلما أُجليت يهودُ بني نضيرٍ كان فيهم من أبناءِ الأنصارِ، فقالوا: لا ندعُ أبناءَنا ، فنزلت. أخرجه أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في السنن والضياء في المختارة عن ابن عباس. وقد وردت هذه القصةُ من وجوهٍ حاصلُها ما ذكره ابنُ عباسٍ مع زياداتٍ تتضمَّن أن الأنصارَ قالوا: إنما جعلناهم على دينِهم، أي: دينِ اليهودِ، ونحن نرى أن دينَهم أفضلُ من دينِنا، وأن الله جاء بالإسلامِ، فَلْنُكْرِهْهُم، فلما نزلت خَيَّرَ الأبناءَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يُكرهْهُم على الإسلامِ، وهذا يقتضي أن أهلَ الكتاب لا يُكرهون على الإسلامِ إذا اختاروا البقاءَ على دينِهم وأدَّوُا الجزيةَ. وأما أهلُ الحربِ فالآيةُ وإن كانت تعُمُّهم؛ لأن النكرةَ في سياق النفيِ وتعريفَ الدينِ يُفيدان ذلك، والاعتبارُ بعمومِ اللفظ لا بخصوصِ السببِ، لكن قد خُصَّ هذا العمومُ بما ورد من آياتٍ في إكراهِ أَهلِ الحربِ من الكفارِ على الإسلامِ. اهـ. من "فتح القدير". |
#22
|
|||
|
|||
___ · قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } البقرة: 267 - روى الترمذي عن البراءِ بن عازب –رضي الله عنه-: { وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيِثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } قال: نزلت فينا مَعشرَ الأَنصارِ؛ كنا أَصحابَ نَخْلٍ، فكان الرجلُ يأْتي من نخلِه على قَدْرِ كَثْرتِه وقِلّتِه، وكان الرجلُ يأتي بالقِنْوِ والقِنْوَيْنِ فيُعَلِّقُه في المسجدِ، وكان أهلُ الصُّفَّةِ ليس لهم طعامٌ، فكان أَحدُهم إِذا جاع أَتى القِنْوَ فضربَه بعصاهُ، فيَسْقطُ من البُسْرِ(1) والتَّمْرِ فيأُكلُ، وكان ناسٌ مِمَّن لا يرغبُ في الخيرِ يأَتي الرجلُ بالقِنْوِ فيه الشِّيصُ والحَشَفُ، وبالقِنوِ قدِ انكسر، فيُعَلِّقُه، فأنزل اللهُ -تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }. قال(2): لو أَنَّ أَحدَكُم أُهدِيَ إِليه مثلُ ما أَعطاه لم يأْخُذْهُ إِلا على إِغماضٍ أو حياءٍ. قال: فكنا بعد ذلك يأْتِي أَحدُنا بصالحِ ما عندَه. - قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. - وقال الألباني: صحيح. - قال في "تحفة الأحوذي": القِنْوُ: هو العِذْقُ بما فيه من الرُّطبِ. الشِّيصُ: التمرُ الذي لا يَشْتَدُّ نَواهُ ويَقْوى، وقد لا يكون له نوىً أَصلاً. كذا في "النهاية". والحَشَفُ: هو أَرْدأُ التَّمرُ، أَو الضعيفُ لا نَوى له، أَوِ اليابسُ الفاسدُ. { وَلا تَيَمَّمُوا }: أَي لا تَقْصِدوا. _______ (1) البُسْرُ: هو التمرُ قبلَ أَن يصيرَ رُطَباً.(2) قال المباركفوري: أَي: النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.
|
#23
|
|||
|
|||
____ · قوله تعالى: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ** لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }. _____
- روى مسلمٌ عن أَبي هريرةَ قال: لما نزلت على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: { لِلَّهِ ما فِي السَّماوَاتِ وما في الأَرْضِ وإِنْ تُبْدوا ما في أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَنْ يشاءُ واللهُ على كلِّ شيءٍ قَديرٌ }، فاشتدَّ ذلك على أَصحابِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فأَتَوْا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بركوا على الركبِ، فقالوا: أيْ رسولَ اللهِ كُلِّفْنا من الأعمال ما نُطيقُ؛ الصلاةُ والصيامُ والجهادُ والصدقةُ، وقد أُنزلت عليك هذه الآيةُ ولا نُطيقها! قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أَتريدون أن تقولوا كما قال أهلُ الكتابين من قبلِكُم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأَطعنا غُفرانك ربَّنا وإِليك المصيرُ. قالوا: سمعنا وأَطعنا غفرانَك ربَّنا وإِليك المصير. فلما اقْتَرَأَها القومُ ذلَّتْ بها ألسنَتُهم، فأَنزل الله فى إِثْرِها: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } فلما فعلوا ذلك نسخَها اللهُ –تعالى- فأَنزلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } قال: نعم، { رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا } قال: نعم، { رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ } قال: نعم، { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } قال: نعم. |
#24
|
|||
|
|||
___
· قولُه تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } آل عمران:77. - روى البخاري عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ حلفَ على يمينٍ يَقتطِعُ بها مالَ امرئٍ هو عليها فاجرٌ، لقي اللهَ وهو عليه غضبانُ. فأَنزلَ اللهُ –تعالى- : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } الآيةَ، فجاءَ الأَشعثُ فقال: ما حدَّثَكُم أَبو عبدِ الرحمن؟ فِيَّ أُنزلتْ هذه الآيةُ؛ كانت لي بئرٌ في أَرضِ ابنِ عمٍّ لي، فقال لي: شُهودَك! قلتُ: ما لي شهودٌ. قال: فيَمِينُه. قلت: يا رسولَ اللهِ! إِذاً يحلفُ. فذكرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديثَ، فأَنزلَ اللهُ ذلك تصديقاً له. وروى عن عبدِ الله بنِ أَبي أَوْفى -رضي الله عنه-: أَنَّ رجلاً أَقامَ سِلعةً وهو في السوقِ، فحلفَ باللهِ: لقد أُعطيَ بها ما لم يُعْطَ؛ لِيُوقِعَ فيها رجلاً من المسلمين، فنزلت: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرونَ بِعَهْدِ اللهِ وأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً }.
- قال ابنُ حجر: لا مُنافاةَ بينَهما، ويُحملُ على أَنَّ النزولَ كان بالسَّبَبَيْنِ جميعاً، ولفظُ الآيةِ أَعمُّ من ذلك؛ ولهذا وقع في صدرِ حديثِ ابنِ مسعودٍ ما يقتضي ذلك. وذكر الطبريُّ من طريقِ عِكرمةَ أَنَّ الآيةَ نزلت في حُيَيِّ بنِ أَخطبَ وكعبِ بنِ الأَشرفِ وغيرِهما من اليهودِ الذين كتموا ما أنزل اللهُ في التوراةِ من شأْنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقالوا وحلفوا أَنَّه من عندِ اللهِ. وقصَّ الكلبي في تفسيرِه في ذلك قصةً طويلةً، وهي مُحتَمَلةٌ أيضاً، لكنَّ المُعتمدَ في ذلك ما ثبت في الصحيحِ. |
#25
|
|||
|
|||
______
· قوله تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } آل عمران:113 - قال الأَلباني في " الثمرِ المُستطابِ": وفي هذا الانتظارِ نزلَ قولُه تعالى: { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } قال ابنُ مسعودٍ -رضي الله عنه- : أَخَرَّ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- صلاةَ العشاءِ، ثم خرج إِلى المسجدِ، فإذا الناسُ ينتظرون الصلاةَ، قال: أَمَا إِنَّه ليس مِنْ أَهلِ هذه الأَديانِ أَحدٌ يذكرُ اللهَ هذه الساعةَ غيرُكم. قال: وأنزل هؤلاِءِ الآياتِ: { لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الكِتابِ . . .} حتى بلغ : { وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خيرٍ فلَنْ يُكْفَروهُ واللهُ عَليمٌ بِالمُتَّقِينَ } أخرجه أحمد ( 1 / 394 ) عن شيبانَ عن عاصمٍ عن زِرٍّ عنه. وهذا سَنَدٌ حَسنٌ. - وفي " المعجم الكبير" للطبراني: حدثنا محمدُ بن عبد الله حدثنا أبو كُريب حدثنا يونس بن بُكير عن محمد بن إسحاقَ حدثني محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابتٍ- حدثني سعيدُ بنُ جبير أو عكرمة عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- قال: لما أَسلمَ عبدُ الله بنُ سلَّامٍ وثعلبةُ بنُ سَعْيَةَ وأَسدُ بنُ عُبيدٍ، ومَنْ أَسلمَ من يهودَ، فآمنوا وصدَّقوا ورغِبوا في الإسلام، قالت أَحبارُ يَهودَ أَهلُ الكفرِ: ما آمنَ بِمحمدٍ ولا تَبِعَهُ إِلا شرارُنا، ولو كانوا من خِيارِنا ما تركوا دينَ آبائِهم، فأَنزلَ اللهُ -عز وجل- في ذلك من قولِهم : { ليسوا سواءً مِنْ أهلِ الكِتابِ } إِلى قولِه : { مِنَ الصَّالِحينَ } وقد ذكر الهيثمي بأن رجالَه ثِقات. لكن محمدُ بنُ أَبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ مجهولٌ؛ قال ابنُ حجر في "التقريب":مجهول، تفرَّد عنه ابنُ إِسحقَ. وقال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. - |
#26
|
|||
|
|||
_
· قوله تعالى: { إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } آل عمران: (122)
- روى البخاري عن جابرٍ -رضي الله عنه- قال: نزلت هذه الآيةُ فينا: { إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا } بني سَلِمَةَ وبني حارثةَ، وما أُحبُّ أَنها لم تنزلْ، واللهُ يقولُ: { واللهُ وَلِيُّهُما }. - روى الطبري في "تفسيره" عن ابنِ زيدٍ قال: هَمَّا أَنْ يَضْعُفا ويَجْبُنا عن لقاءِ عدُوِّهِما. وعن قتادةَ قال: همُّوا بأَمرٍ، فعَصَمَهُم اللهُ من ذلك. وعن السُّدِّي قال: همُّوا بالرجوعِ حينَ رجع عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ، فعَصَمهم اللهُ. _ |
#27
|
|||
|
|||
- · قوله تعالى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } آل عمران: 128 - روى البخاري عن الزهري: حدثني سالمٌ عن أَبيهِ أنه سمعَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأَسَه من الركوع من الركعةِ الآخرةِ من الفجرِ يقول: اللَّهُمَّ الْعَنْ فلاناً وفلانًا وفلاناً، بعدَما يقولُ: سمعَ اللهُ لِمن حَمِدَهُ، ربَّنا ولك الحمدُ، فأَنزلَ اللهُ: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ } إِلى قولِه: { فإِنَّهُم ظَالِمُونَ }. - وعن حَنْظَلةَ بنِ أَبي سفيانَ: سمعتُ سالمَ بنَ عبدِ اللهِ يقول: كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يدعو على صَفوانَ بنِ أُمَيَّةَ وسُهَيْلِ بنِ عَمرٍو والحارثِ بنِ هشامٍ، فنزلت: { لَيْسَ لكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ } إلى قوله: { فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. - وعن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه- أنّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أَنْ يدعوَ على أحدٍ، أو يدعوَ لأحدٍ قَنتَ بعد الركوع، فرُبَّما قال -إذا قال: سمع اللهُ لمن حَمِدهُ-: اللهُمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ، اللهم أَنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ، وسَلَمةَ بنَ هشامٍ، وعياشَ بنَ أَبي ربيعةَ، اللهم اشْدُدْ وَطْأَتَك على مُضَرَ، واجْعلْها سِنينَ كَسِنِي يوسفَ. يَجهرُ بذلك، وكان يقولُ في بعضِ صلاتِه في صلاةِ الفجرِ: اللهمَّ الْعَنْ فُلاناً وفلاناً؛ لأَحياءٍ من العربِ، حتى أَنزلَ اللهُ: { لَيْسَ لكَ مِنَ الأَمرِ شَيْءٌ } الآيةَ. - وعندَ مسلمٍ من رواية الزهري: اللهمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَك على مُضَرَ، واجْعَلْها عليهم كَسِنِي يوسفَ، اللهم الْعَنْ لِحْيَانَ وَرِعْلاً وذَكوانَ وعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ ورسولَه. ثمَّ بلغَنا أَنه ترك ذلك لمَّا أُنزِلَ: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }.
- وروى مسلمٌ عن أَنسٍ أَنّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كُسِرتْ رُباعِيَّتَه يومَ أُحُدٍ، وشُجَّ في رأْسِه، فجعلَ يَسْلِتُ الدَّمَ عنه ويقول: كيف يُفلح قومٌ شَجُّوا نَبِيَّهم وكسروا رُباعيتَه، وهو يدعوهم إلى الله، فأَنزَلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: { لَيْسَ لكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ }. - قال الحافظ في "الفتح": والثلاثةُ الذين سمّاهُم قد أَسلموا يومَ الفتحِ؛ ولعل هذا هو السرُّ في نزولِ قولِه –تعالى-: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } ووقع في روايةِ يونسَ عن الزهريِّ عن سعيدٍ وأَبي سلمةَ عن أَبي هريرةَ نحوُ حديثِ ابنِ عمرَ، لكن فيه: (اللهم الْعَنْ لِحْيانَ ورِعْلاً وذَكْوانَ وعُصَيَّةَ) قال: ثم بلغَنا أَنه ترك ذلك لما نَزَلت:{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ }. قلت: وهذا إِن كان محفوظاً احتملَ أَن يكونَ نزولُ الآيةِ تَراخى عن قصةِ أُحُدٍ؛ لأَنّ قصةَ رِعْلٍ وذكوانَ كانت بعدها كما سيأتي... وفيه بُعْدٌ، والصوابُ أَنَّها نزلت في شأْنِ الذين دعا عليهم بسببِ قصةِ أُحُدٍ، والله أعلم. ويؤيدُ ذلك ظاهرُ قولِه في صدرِ الآيةِ: { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أَي: يقتُلَهم، أَو: { يَكْبِتَهُمْ } أَي: يُخزِيَـهم. ثم قال: { أَوْ يَتوبَ عَلَيْهِم } أي: فيُسلموا، أَو: { يُعَذِبَّهُمْ } أَي: إِنْ ماتوا كُفاراً. - وقال: قولُه: (حتى أَنزلَ اللهُ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ) تقدَّم استشكالُه في غزوةِ أُحُد، وأَن قصةَ رِعْلٍ وذَكْوانَ كانت بعد أُحُدٍ، ونزولَ: { لَيْسَ لكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ }كان في قصةِ أُحدٍ، فكيف يتأَخَّرُ السببُ عن النزولِ؟ ثم ظهرَ لي علةُ الخبرِ، وأَنَّ فيه إِدراجاً، وأَنَّ قولَه: ( حتى أَنزلَ اللهُ ) منقطعٌ من روايةِ الزهريِّ عمَّن بلَغَه، بَيَّنَ ذلك مسلمٌ في روايةِ يونسَ المذكورةِ، فقال هنا: قال -يعني الزهري-: ( ثم بلَغَنا أنه ترك ذلك لما نزلتْ..) وهذا البلاغُ لا يصِحُّ؛ لِما ذكرتُه. - قال: وقد ورد في سببِ نزولِ الآيةِ شيءٌ آخرُ، لكنه لا يُنافي ما تقدَّم، بخلافِ قصةِ رِعْلٍ وذَكوانَ، فعِندَ أَحمدَ ومسلمٍ من حديثِ أَنسٍ: أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كُسِرَتْ رُباعِيَّتُه يومَ أُحدٍ، وشُجَّ وجهُهُ حتى سالَ الدَّمُ على وجهِه، فقال: ( كيف يفلحُ قومٌ فعلوا هذا بنبِيِّـهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم ) فأنزلَ اللهُ –تعالى-: { لَيْسَ لكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ } الآيةَ. وطريقُ الجمعِ بينه وبين حديثِ ابنِ عمرَ أنّه -صلى الله عليه وسلم- دعا على المذكورينَ بعدَ ذلك في صلاتِه، فنزلتِ الآيةُ في الأَمريَنِ معاً؛ فيما وقع له من الأَمرِ المذكورِ، وفيما نشأَ عنه من الدعاءِ عليهم، وذلك كلُّه في أُحُدٍ، بخلافِ قصةِ رِعْلٍ وذكوانَ؛ فإِنها أَجنبيَّــةٌ. ويحتملُ أَنْ يقالَ: إِنَّ قصّتَهم كانت عَقِبَ ذلك، وتأَخَّر نزولُ الآيةِ عن سبَبِها قليلاً، ثم نزلت في جميع ذلك، والله أعلمُ. |
#28
|
|||
|
|||
___
· قوله تعالى: { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً} آل عمران: 154 روى الترمذي عن أَبي طلحةَ الأَنصاريِّ قال: رفعتُ رأْسي يومَ أُحدٍ فجعلتُ أَنظرُ، وما منهم أَحدٌ إِلا وهو يَميدُ تحت حَجَفَتِه من النعاسِ؛ فذلك قولُه -عزَّ وجلَّ-: { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً} - قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. وقال الألباني: صحيح. - قال المباركفوري: -
قولُه: (إِلا يميدُ) أَي: يميلُ، من مادَ يَميدُ مَيْداً ومَيَداناً، إذا تحرَّك وزاغ. (تحت حَجَفَتِه) بفتح الحاءِ المُهملةِ والجيم، أَي: تُرْسِه. قال في "القاموس": الحَجَفُ: التُّروسُ من جلودٍ بلا خشبٍ ولا عَقبٍ، واحدتُها حَجْفة. { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً }: أراد به الغَمَّ الذي حصل لهم عند الانهزام. الأَمَنَةُ والأَمْنُ سواءٌ، وقيل: الأَمَنةُ إِنما تكون مع بقاءِ أَسبابِ الخوفِ، والأَمْنُ معَ عدَمِه. وكان سببُ الخوفِ بعدُ باقياً. |
#29
|
|||
|
|||
____ · قوله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران: 169 - روى أَحمدُ وأَبو داودَ وغيرُهما عن ابنِ عباسٍ قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لما أُصيبَ إِخوانُكم بأُحُدٍ جعل اللهُ -عزَّ وجلَّ- أَرواحَهم في أَجوافِ طيرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنهارَ الجنةِ؛ تأكلُ من ثِمارِها وتأوي إِلى قناديلَ من ذهبٍ في ظِلِّ العرشِ، فلما وجدوا طِيبَ مَشرَبِهم ومأْكلِهم، وحُسنَ مُنقَلَبِهم قالوا: يا ليت إِخوانَنا يعلمون بما صنع اللهُ لنا؛ لئلا يَزهدوا في الجهادِ، ولا يَنْكُلوا عن الحربِ، فقال الله -عز وجلَّ-:أَنا أُبَلِّغُهم عنكم. فأَنزلَ اللهُ -عز وجل- هؤلاءِ الآياتِ على رسولِه. [ قال الألباني: حديث حسن]. - وروى الترمذي وابن ماجةَ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال:
لَقِيني رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: يا جابرُ ما لي أراك منكسرا؟! قلت: يا رسولَ الله اسْتشهدَ أَبي؛ قُتِلَ يومَ أُحدٍ، وترك عِيالاً ودَيْناً. قال: أَفَلا أُبَشِّرُك بما لقي اللهُ به أَباك؟ قال: قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: ما كلَّم اللهُ أَحداً قَطُّ إِلا مِن وراءِ حجابٍ، وأَحيا أَباك فكلَّمه كِفاحاً، فقال: يا عبدي تَمَنَّ عَلَيَّ أَعِطِكَ، قال: يا ربِّ تُحْيِيني فأُقتَلُ فيك ثانيةً، قال الربُّ -عز وجل-: إِنه قد سَبقَ مني: أَنَّهم إِليها لا يُرجعونَ. قال: يا ربِّ فأَبلِغْ مَنْ وَرائي. قال: وأُنْزِلتْ هذه الآيةُ: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآيةَ. [ قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقال الألباني: حسن ]. |
#30
|
|||
|
|||
__ · قول تعالى: { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} [ آل عمران ]. · أخرج الطبراني في "الكبير": حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، حدثنا محمدُ بن منصور الجوّاز، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، وقال سفيان مرة أخرى: أَخبرني عكرمةُ، قال: لما انصرفَ أبو سفيانَ والمشركون عن أُحُدٍ، وبلغوا الرَّوْحاءَ، قالوا: لا محمداً قتلتم، ولا الكواعبَ أَردَفْتُم، شرٌّ ما صنعتم. فبلغ ذلك رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فنَدَب الناسَ، فانْتَدَبوا حتى بلغوا حمراءَ الأَسدِ، أو بئرَ أَبي عُيَيْنةَ، فأَنزلَ اللهُ -عز وجل-: { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابهُمْ القَرْحُ } وقد كان أَبو سفيان قال للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: موعدُكَ موسمُ بدرٍ، حيث قتلتم أصحابَنا؛ فأَمّا الجَبانُ فرجع، وأَما الشجاعُ فأخذَ أُهْبةَ القتال والتجارةِ فأَتَوْه، فلم يجدوا به أَحداً، وتسوَّقوا، فأنزل الله -عز وجل-: { فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ }. - قال الحافظُ في " الفتح": أخرجه النسائي وابنُ مَرْدَوَيْه، ورجالُه رجالُ الصحيح، إلا أنَّ المحفوظَ إِرسالُه عن عكرمةَ، ليس فيه ابنُ عباس. - قال الشيخ مِقبل الوادعي – رحمه الله-: فَعَلى قولِ الحافظِ ابنِ حجرٍ -رحمه الله- يكون الوصلُ شاذاً، والذي أرسلَه هو محمدُ بنُ عبد الله بنِ يزيدٍ المُقرىءِ، كما في تفسيرِ ابن كثير. والذي وصله محمدُ بنُ منصورٍ الطوسي، وكلاهما؛ قال الحافظُ في "التقريب": إنه ثقة. فإذا لم يُتابَع أَحدُهما؛ حُمِلَ أَنّ سفيانَ بنَ عيينةَ تارةً يَرويه متّصلاً، وتارةً يرسلُه، كما تُفيده رواية الطبراني ويَصحُّ الحديثُ والحمد لله. - وأخرج البخاريُّ عن عائشةَ -رضي الله عنها-: { الَّذِينَ اسْتَجابُوا للهِ والرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصَابَهُمْ القَرْحُ لِلَّذينَ أَحْسنُوا مِنْهمْ واتَّقَوْا أَجْرٌ عَظيمٌ } قالت لعروةَ:
يا ابنَ أُختي كان أَبوك منهم؛ الزبيرُ وأَبو بكرٍ، لمّا أَصابَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ما أصابَ يومَ أُحدٍ وانصرفَ عنه المشركونَ، خاف أَن يرجعوا، قال: ( مَنْ يذهبُ في إِثْرِهم )، فانْتَدبَ منهم سبعونَ رجلاً. قال: كان فيهم أَبو بكرٍ والزُّبير. _ |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|