أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
91206 103191

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منبر الموسوعات العلمية > قسم الموسوعات و الكتب و المخطوطات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-30-2014, 03:19 AM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي معايير الجودة في المؤلفات المعاصرة/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي

تواجه النُّخب العلمية معضلة كبيرة في التعامل مع الثورة العلمية الهائلة التي اتسعت في العالم العربي والإسلامي . والسبب كثرة الزخم والزَّبد في المؤلفات المعاصرة في شتى فروعها ، مما يسبب للقارىء الحصيف شتاتاً في التفكير وضيقاً في الوعي وتضييِّعا للوقت والجهد .
والمقصود بالجودة : الضبط والإتقان في الصنعة العلمية لمدارك التأليف وحسن السبك ومدى الإفادة منه في الحاضر والمستقبل ، والتعرُّف على أفضل ما كُتب ويكتب بأقلام المعاصرين . امتثالاً لأدب القرآن في الإتقان :
” صنع الله الذي أتقن كل شي إنه خبير بما تفعلون ” ( النمل : 88 ) .

وقد تقرر عند الأصوليين أن الحقائق والمعاني أهم ما يطلب تحصيله في الأحكام الشرعية ، ومؤلفات المعاصرين الغالب فيها توضيح مفرداتهما ، فيجب العمل بما أوجب الله فيهما ، لا بما أوجب الناس .
وقد أعجبني ما قاله العلامة عبد الكريم الخضير غفر الله له ووفقه عن مكتبة الشيخ محمد العثيمين (ت: 1421هـ) رحمه الله تعالى : أنها مختصرة ومنتقاة وجامعة للمفيد والمحرَّر .
القارىء الجديد قد يستبشر بالزخم العلمي في الثورة العلمية ، ويظن أن ثمرات المطابع من الخير الذي لا يجوز إيقافه أو التقليل منه ، لأن الخير لا يُردُّ ! .
لكن القارىء الخبير يتألَّم لفوات الجودة في المؤلفات المعاصرة من ناحية الكم ومن ناحية الكيف ، لأن الأعمار قصيرة والوقت محدود لا يكاد يفي بالأولويات .
هذه المعضلة تولَّدت أولًا من المكتبات التي تقذف يوميًا مئات المصنفات في شتى فروع العلم والمعرفة ، وبعضها للأسف لا يُساوي الحِبر الذي طُبعت به .
أصبح الكتاب من حوالي ربع قرن سِلعة تُسوَّق في دنيا التجارة ، ليس من أجل المجهود العلمي الذي بُذل فيه ، ولا القيمة العلمية التي احتواها ، إنما من أجل الكسب المادي وتوسيع رقعة النشر للدار الناشرة ، وقد يكون موضوعه مُكرَّرا جُزافاً لا قيمة له .
وتولَّدت ثانياً من الرقيب على الكتاب الإسلامي ، فأضحى لا ينُشر في المطابع إلا ما يُرضي فئاتٍ معينة ، أو لترسيخ مفهوم معين ! ، على حساب الأمانة والذوق العام . والله المستعان .
سوق المكتبات يغصُّ بالرخيص والنفيس من المصنفات العلمية ، فقد توجد رسالة علمية من خمسين ورقة محررة ومسبوكة ، لكنها مهملة من الناشرين والقارئين ، لأن حاجة السوق لا تنُاسب نشرها والترويج لها ! .
وقد يوجد مجلد كبير فيه فوائد لكنه مكرر وغير مُحرَّر ، لكن نشره له مردود ربحي كبير ، إما لشهرة مُؤلِّفه ، أو لأنه مقرر بحثي فرضه الواقع على طلبة العلم ، أو لغير ذلك من الأسباب .
ثمرة ما تقدَّم من اتساع الزخم العلمي والزبد على الجودة العلمية ، أظهرت جيلا معرفياً يتكلَّم لكن لا يُناقش ، ويناظر لكن لا يستدل ، ويردُّ لكن لا يُؤصِّل ! .
فأضحى الحال كما هو الظاهر اليوم : ضِّيق في الأفق العلمي ، انتصار للذوات والأعلام ، غياب للدليل ، حب للتصدُّر والتشوُّف ، ضبابية في الحكم على النوازل والوقائع ، غياب للفقه العلمي ، وهلم جراً .
أصبح القارىء المسلم يعاني من الشرود الذهني ، والحيرة العلمية ، وضعف الوازع الإيماني ، لندرة المربِّي الناصح وغياب المنهج الثابت ، وكثرة الطائفية والتمزُّق في المجتمع العلمي . ولا ينكر هذا إلا جاحد ! .
*وهذه خلاصة يمكن من خلالها معرفة معايير الجودة في التآليف المعاصرة:
أولاً : المؤلَّفات الجامعة للأدلة مع مراعاة حسن الترتيب :
والمقصود الظفر بما يقرِّر المسائل بأيسر سبيل من المؤلفات المعاصرة . ومما يُحمد للإمام الشافعي (ت: 204هـ)رحمه الله تعالى اتصافه بهذه الصفة في مؤلَّفاته ، فقد أورد الإمام البيهقي (ت: 458هـ ) رحمه الله تعالى أن مؤلَّفات الشافعي انفردت بجودتها بين فقهاء الأمصار بأمور ثلاثة :
الترتيب وإيراد الحجج ومعرفة الأصول .
ولهذا قال الأديب الجاحظ (ت: 255هـ ) : ” نظرتُ في كتب هؤلاء النابغة ، فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي ، كأن فُوه ينظم دُّراً إلى دُّر ” .
فيكون هذا المقياس أمام القارىء وتحت سمعه وبصره ، ليحمد مسعاه .
ثانياً : المؤلفات المختصرة المحررة :
وتُعرف قيمتها ونفاستها بمنهج مقدمة الباحث وخاتمته وإيراده للمسائل وتعويله على الدليل والتعليل وملاحظته للسبر والتقسيم والتبويب ومقارعة الحجة بالحجة لا بالهوى وميل النفس . وإشباع الموضوع بأخصر عبارة .
وفائدة المختصرات ليس في كونها موجزة بل لسهولة جمع المتفرق فيها وتقسيم الكلي إلى جزيئات ، وجمع الجزئيات في كلياتها .
وهذا يساعد على الضبط ، ويكون نواة للترقِّي عند المتقدِّمين في العلم . ولأن تناول المطولات أولا ًقد يُفضي إلى نبذ البحث أحياناً ، والتحايل على النفس للخير من الفقه في الدِّين .
ثالثاً : المؤلفات المربِّية لملكة النقد والتمحيص :
بعض المؤلفات المعاصرة قد تفيد في عرض الأدلة وإدراج المسائل ، لكنها ضعيفة في تنمية الروح النقدية وتمحيص المسائل وتفنيد آراء المعارضين سواء من الفرق والطوائف أو من النخب العلمية المعاصرة . ويستعان على ذلك بكتب من أفضلها : العَلَم الشامخ لصالح المقبلي ، وآداب البحث والمناظر للشنقيطي ، ومناهج الجدل لزاهر الألمعي ، ، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود .
رابعا ً : المؤلفات المحققة للنوازل :
وفائدتها الإلمام بالوقائع وتحرير الدليل المناسب لها لمعرفة الراجح والعمل به . وهذا الباب قد قلَّت فيه الكتب المجوِّدة في فنِّه لوعورة النظر فيه . وللعلامة بكر أبو زيد (ت : 1429هـ ) رحمه الله تعالى كتاب يعدُّ من أنفس الكتب الشاحذة للهِمم للنظر فيه بعنوان : فقه النوازل .
خامساً : المؤلفات الموضِّحة للقواعد والأصول :
وفائدتها ضبط موارد الأدلة والتميِّيز بين الصواب وغيره في أدلة الخصوم ، فهي الميزان الراجح للأقوال والإحتجاج بالأدلة .

وتعدُّ كتب الشيخ يعقوب الباحسين من أنفس ما كُتب في هذا الباب والتأصيل لمفرداتها وطرق النظر فيها ، وهي دسمة إذا جمع بينها وبين كتب الدِّراية .
سادساً : المؤلفات المعتنية بالمناهج والمسالك :
وفائدتها معرفة طرق النظر والتفكير وأصول الدِّيانة والعمل . ويصعب حصر أفضل ما كتب فيها ، لكن من المسبوك في هذا الباب : ” منهج الإستدلال على مسائل الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة ” لعثمان بن علي حسن . وهو نفيس في بابه .
سابعاً : المؤلفات المعتنية بالذكريات والرحلات :
وفائدتها الإعتبار بمن حلَّ وارتحل ، ودبَّ ودرج على المعمورة .
ومن أفضلها : أدب الطلب للشوكاني ، ورحلة الحج للشنقيطي ، ورحلات حمد الجاسر ، ورحلات العبودي ، وذكريات علي الطنطاوي ، وذكريات محمد البشير الإبراهيمي ، ومقالات محمد محمود الطناحي ، رحم الله الجميع .
وليحذر القارىء من مؤلَّفات العقلانيين الخالية من الدليل والتأصيل ،كجودت سعيد ، وخالص جلبي ، ومحمد عبده ، وطه حسين ، ومحمد عماره ، وأحمد أمين ، ومن نحى نحوهم من معتزلة العصر .
وليحذر من أقلام أهل الغلو والتكفير والتصنيف ، وهم معروفون في هذا العصر، لا كثرهم الله ، لا مِرية فيهم . والله الهادي .
فالواجب على القارىء المسلم لا سِّيما من زال غضاً طريَّا لم يشب مِفرق رأسه ، أن يحرص على اقتناء ما تمَّ تجويده من مؤلفات المعاصرين وغيرهم ، لأن العلم جهاد ، وتضيِّيع العمر في الجمع بلا تميِّيز، لا يخرِّج طالباً بل عاميًا ، عالة على نفسه وعلى الناس .
وقد قال ابن عبد البر القرطبي(ت: 463هـ) رحمه الله تعالى : ” من رأى الغدو والروَاح إلى العلم ليس بجهاد ، فقد نقص عقله ورأيه ” .
ومن اللطائف أن أهل التحقيق والرسوخ في العلم في أبوابه كله لو عدَّهم العادُّ على يديه ، لنال أسماءهم لِقلتهم وندرتهم ، لكن مؤلفاتهم اليوم منسية وبعضها مركومة بغبار الجديد والملوَّن ، فمن يعي هذا ؟! .
ويمكن تلخيص ما تقدَّم من معايير في سطرين : الحرص على كل مؤلَّف أبدع في عرض القِيم والمواقف وأنماط السلوك الفردي والجماعي ، مع حُسن الدليل والمعتقد .
ولا يخفى أن هذا العصر وللأسف قد كثر فيه المتشبِّعون بما لم يعطوا ، فيجب الحذر، لأن الفتن كثرت ، والأقلام سُنَّت ، والنوايا محمومة ، عياذاً بالله تعالى . وقد تقرر عند الأصوليين أن تخلف الحكم مع وجود العلة يقدح في صحة العلة ، وعليه فإن ما لا يصلح لديننا ولا دنيانا مردود ولو كان من أعظم المتبوعين .
ولا يخفى أن التربية بالعلم لتكوين النضج العلمي لا تُنال بالمحاكاة ، بل بالمباشرة التي تورث الهدي والسمت الصالح ، وهذا لُّب المسألة .
نسأل الله من فضله .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .


25/ 2/ 1435هـ
http://ahmad-mosfer.com/?p=1021
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-13-2014, 02:01 PM
محمود بن محمد حمدان محمود بن محمد حمدان غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: (المغازي)_غــزَّة _فلسطين .
المشاركات: 612
افتراضي

جزاكم الله خيرًا .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:00 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.