أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
76658 | 123412 |
#1
|
|||
|
|||
زكــــاة الفطـــــر: حِكــَـــمٌ وأحكــــام
زكــــاة الفطـــــر: حِكــَـــمٌ وأحكــــام الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: ألف الله - تبارك وتعالى - بين قلوب المؤمنين فجمعهم على الهدى بعد عداوة، فأصبحوا بفضله ومنِّه وكرمه إخوانا؛ وامتنَّ عليهم بقوله - جلَّ شأنه -: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [سورة آل عمران: 103]. وقوله - جلَّ وعلا -:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [سورة الحجرات:10]. ربّى رسول الله ﷺ الصحب الكرام التربية الإيمانية، وجمعهم على الأخوة في الله؛ وبَّين ما لهم من حقوق؛ وما عليهم من واجبات، فآخى بينهم؛ وحث المؤمنين على تآلف قلوبهم فأرسى بذلك دعائم المجتمع المسلم القوي المترابط الذي يقوم على المودَّة والرحمة؛ وينأى عن التنافر والتدابر والتناحر؛ فشبَّههم في توادّهمٍ وتَراحمهمٍ وتعاطفهم، بالجسد الواحد؛ فقال ﷺ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). [أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 5665]؛ و [مسلم في البر والصلة والآداب برقم 2586]. وفي تماسكهم وترابطهم شبههم بالبنيان القوي المكين يشدُّ بعضه بعضا، فقال ﷺ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ). [أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 5680] و [مسلم في البر والصلة والآداب برقم 2585]. ومن هذه الواجبات التي تتجلّى بها الأخوة الإيمانية في أحسن صورها: زكاة الفطر. تعريفها: هي الصدقة الواجبة قبل صلاة عيد الفطر؛ بعد انتهاء صيام شهر رمضان وحلول شهر شوال. وقد أُضيفَتْ إلى الفِطرِ إضافةَ الأشياءِ إلى أسبابِها. قال الحافظ: أضيفت الصدقة إلى الفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان. [فتح الباري شرح صحيح البخاري باب الزكاة: (3/ 367)]. 1. حكمها: زكاة الفطر من رمضان: [ فرض واجب على كل مسلم يملك قوت يوم وليلة؛ وما يُؤَدّي به زكاة الفِطرِ عنه وعمن يقوت؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان على الناس ...). 2. مشروعيتها وحكمتها: - شرعها الله تبارك تعالى لعباده وتعبَّدنا بها عند ختم صيام شهر رمضان تعظيمًا لشأن الله - سبحانه - وأداء شعائره. - شكر الله تبارك وتعالى على نعمائه بأن امتن على عبده بالبَقاءِ، وأنعَمَ عليه بإدراك شهر الصيام وتمامه. - زكاة الفطر زكاةٌ للبَدَنِ يجب إخراجها من طيِّب ماله لا من رديئه، كما قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [سورة البقرة: 267]. - فرضها الله - تبارك وتعالى - لحكمتين عظيمتين جامعتين؛ طهرة للصائمين من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين؛ ليستغنوا بها عن ذل السُّؤال يوم العيد، ويشاركوا الأغنياءِ فرحتهم فيه. - حصول الأجْرِ العظيمِ إذا دُفِعت لمُستحقِّيها المساكين في وَقتِها المحدَّدِ؛ فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما – قال: (فرَض رسول الله ﷺ زكاة الفِطرِ طُهْرَةً للصَّائمِ مِن اللَّغْوِ والرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمساكين مَن أَدَّاها قبل الصَّلاة فهِي زكاةٌ مقبولة ومن أَدَّاها بعد الصَّلاة فهي صدقة مِن الصَّدقات). (رواه: أبو داود (1371) بإِسناد حَسَن؛ وصححه الألباني في صحيح الجامع (3570)]. قوله: (طُهْرَة) أي: تطهيرًا لنفسِ مَن صام رمضان. (والرفث) له معنيان: الجماع؛ والكلام الفاحش البذيء؛ قال ابن الأثير: [الرفث هنا - في هذا الحديث - هو الفحش من الكلام] ا هـ. (وطُعْمَةً) : بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل . (من أداها قبل الصلاة): أي قبل صلاة العيد. (فهي زكاة مقبولة): المراد بالزكاة صدقة الفطر. (صدقة من الصدقات): يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات. [عون المعبود شرح أبي داود]. 3. على من تجب زكاة الفطر؟: تجب على الصغير، والكبير، والذكر، والأنثى، والحر، والعبد من المسلمين؛ لحديث عبدالله ابن عمر - رضي الله عنهما - قَالَ: (فَرَضَ رسول الله ﷺ زكاة الفِطر صاعًا مِن تمرٍ أَو صاعًا مِن شعيرٍ على العبد وَالحرِّ والذَّكر والأنثى والصَّغير والكبير مِن المسلمين). (رواه البخاري 1407). فقوله: من المسلمين، يُخرج غير المسلمين مِن ذِمِّي وكِتابِيّ وغيرهم، ولا يَصِحّ في إخراجها عن الذِّمِّي؛ ولا عن المملوك إذا كان كافرا. فتجب زكاة الفطر على المسلم الحرّ المالك لمقدار نصف صاعٍ مِن بُرّ، أو صاعٍ مِن تمر ونحوه، يزيد عن قوته وقوت عياله يومًا وليلة؛ وعمن يقوت ممن لا صَومَ عليه، والمجنونِ، ومَن عليه قضاءٌ قبل قضائِه . قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: وفيه دلالة على أَنَّ رسول اللهِ ﷺ لم يَفرِضها إلا على الْمسلمين، وذلك مُوافقة لِكتابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ جعل الزَّكاة للمسلمين طَهورًا، والطَّهُورُ لا يكون إلا لِلْمُسلمين]. انظر: [الأم جـ 2 باب زكاة الفطر]. وتجب زكــــاة الفطـــــر على المسلم عن نفسه، وعمن يجب عليه الإنفاق عليهم، كالآباء وإن علوْا؛ والزوجة والأبناء وغيرهم: فعن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: (أمر رسول الله ﷺ بصدقة الفطر عن الصَّغير وَالْكبير، والحرّ والعبد ممن تمونون) (صحيح) انظر: [صحيح سنن أبي داود 1420]. وهذا يفسّر قول عبدالله ابن عمر - رضي الله عنهما: (فَرَضَ رسول اللّه ﷺ زكاة الفِطر صاعًا مِن تمرٍ، أَو صاعًا مِن شعير، على العبد والحُرِّ، والذَّكر والأُنثى، وَالصَّغيرِ والكبيرِ مِن المسلمِين). (البخاري: 1407) . قال الإمام الشَّافعيُّ - رحمه الله تعالى -: [وكُلُّ مَن دَخل عليه شوَّال وعِندهُ قوته وَقوت من يَقوتهُ يومه، وما يُؤَدّي به زكاة الفِطرِ عنه وعنهم أَدَّاها عنهم وعنه، وإِن لم يكُن عِنده إلا ما يُؤدِّي عَن بعضِهم أَدَّاهَا عَن بَعض، وإن لم يكن عِندهُ إلا سِوى مُؤْنَته ومُؤْنَتِهِم يومهُ فليسَ عليه ولا عَلى مَن يَقُوتُ عنه زكاة الفِطرِ]. انظر: [الأم جـ 2 باب زكاة الفطر]. قال النووي - رحمه الله -: [الْمُعسِر لا فِطرة عليْهِ بلا خِلاف ... والاعتبار بِالْيَسار والإعسار بِحال الْوجوبِ، فمَن فَضُلَ عن قوتِهِ وقوت مَن تَلزمُهُ نفقتُهُ لِليلةِ الْعيد ويومه صاع، فهو موسر، وإن لم يفضل شيء فهو معسِر ولا يلزمه شيءٌ في الحال]. [المجموع جـ 6]. وعن سهل بن الحنظلية - رضي الله عنه – قَال: قال رسول الله ﷺ: (من سأل وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من النار). وسئل النفيلي – وهو أحد رواة الحديث – في موضعٍ آخر: [وما الغنى الذي لا ينبغي معه المسألة ؟. قال: (قدر ما يُغدّيه ويُعشّيه). وقال في موضعٍ آخر: (أن يكون له شبعُ يومٍ أو ليلةٍ ويوم) (حديث صحيح. انظر: [مشكاة المصابيح جـ 1 رقم 1848]. قال الشافعي - رحمه الله -: [ويُؤدِّي وَلِيُّ الْمَعتوه والصَّبِيِّ عنهما زكاة الْفِطْرِ وعمَّن تلزمهما مُؤنته كما يُؤدِّي الصَّحِيح عن نفسه ... وإِن كان فيمَن يُمَوِّنُ (أي يُعيل) كافر لم يلزمه زكاة الفطر عنه لأَنه لا يطهُر بالزَّكاة]. [الأم جـ 2 باب زكاة الفطر]. وقال صاحب المهذب: [قال الْمُصَنِّف - رحمه الله تعالى: (ومَن وجبت عليه فِطرَتُهُ وجبت عليه فطرَةُ مَن تَلزمُهُ نفقتُهُ إذا كانوا مسلمين ووجد ما يُؤدِّي عنهم فَاضِلًا عن النَّفقة، فيجب على الأَب والأُمِّ وعلى أَبيهما وأُمِّهما - وإِن علَوْا - فِطْرَةَ ولدهما ووَلد وَلدِهما - وإِن سَفَلوا - وعلى الْولدِ وولد الولد (وإِن سَفَلُوا) فِطرَةُ الأَب والأُمِّ وأَبيهِما وأُمِّهما - وإِن علَوْا - إذا وَجَبَت عليهم نفقتهم]. [المجموع جـ 6]. يُخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها. فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه، ويُخرِج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن، ولا يلزم الولد إخراج زكاة الفطرة عن زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها. ويبدأ بالأقرب فالأقرب، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قانون الميراث. - قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: [ومَن قلت تجب عليه زكاة الْفطر، فإذا وُلِدَ أو كان في مِلْكه، أَو عِياله في شيءٍ مِن نهارِ آخِر يوم مِن شهر رمضان فغابت الشَّمس ليلة هِلال شوَّال وجبت عليه زكاة الْفطر عنه]. [الأم: باب زكاة الفطر الثاني]. وذهب بعض الفُقهاء إلى وجوبها على الجنين في بطن أمه!!. ولا نعلم في ذلك دليلاً، وهو لا يسمّى: صغيرًا لغةً ولا عُرفا. - والخادِم إذا كان له أُجرَةٌ مُقَدَّرَة كل يوم أو كل شهر لا يُخرَج عنه الصدقة - صدقة الفطر - لأنه أجير؛ والأجير لا يُنفَق عليه. [الموسوعة 23/ 339]. - وتجب إخراج زكاة الفطر عن اليتيم من ماله إن كان يملك مالا: قال الإمام مالك رحمه الله: (يُؤدِّي الوَصِيُّ زكاة الفِطر عَن اليتامى الذين عِندهُ مِن أَموالهم وإِن كانوا صغارا). [المدونة جـ 1]. وقال ابن قدامة رحمه الله: [وَتَجِبُ عَلَى الْيَتِيمِ، وَيُخْرِجُ عَنْهُ وَلِيُّهُ مِنْ مَالِهِ، لا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي هَذَا]. اهـ . - وفِي إخراج زكاة الفِطر عن الكافر إذا أسلم يوم الفطر؛ قال الإمام مالك: [مَن أَسلمَ قَبلَ طُلوع الفجرِ مِن يوم الفِطر اُستُحِبَّ له أَن يُؤَدِّي زكاة الفِطْر]. [المدونة جـ 1]. وهي واجبة عن المملوك على مالكه، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قَال: قال رسول الله ﷺ: (ليس على المسلم في فرسه، ولا في عبده صدقة إلا صدقة الفطر). أخرجه البخاري (1464)، ومسلم (982). قال الإمام مالك رحمه الله: [أحسن ما سمعت فيما يجب على الرجل من زكاة الفطر؛ أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن نفقته، ولا بد له من أن ينفق عليه، والرجل يؤدي عن مكاتَبه ومدبِّره ورقيقه، كلهم غائبهم وشاهدهم، من كان منهم مسلمًا، ومن كان منهم لتجارة أو لغير تجارة، ومن لم يكن منهم مسلمًا فلا زكاة عليه فيه...]. وقال -رحمه الله تعالى- في العبد الآبق: [إنْ علم سيده مكانه أو لم يعلم؛ وكانت غيبته قريبة وهو يرجو حياته ورجعته، فإني أرى أن يزكي عنه، وإن كان إباقه قد طال ويئس منه فلا أرى أن يزكي عنه]. ا هـ. [الموطأ - كتاب الزكاة 11]. وقال ابن خزيمة في صحيحه (4/ 82): باب الدليل على أن صدقة الفطر عن المملوك واجبة على مالكه؛ لا على المملوك كما توهّم بعض الناس وذكر حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. 4. أصناف زكاة الفطر: تخرج زكاة الفطر صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب؛ أو سَلْت، لحديث أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه-: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب). (متفق عليه). وعنه - رضي الله عنه - قال: (لم نخرج على عهد رسول اللَّه ﷺ إلاّ صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من دقيق، أو صاعاً من إقِط، أو صاعاً من سَلْت). قال شيخنا الألباني: [حديث حسن دون ذكر الدقيق]. انظر: [سنن النسائي [5 / 52 رقم 2514]. والسَّلْت: نوع من الشعير لا قشر له. والذي تطمئن إليه النفس أنّ لفظ (الطعام) الوارد في حديث أبي سعيد عامٌّ يشمل كل ما كيل من الطعام، كالحنطة، والأصناف المذكورة آنفاً. 5. مقدارها: يخرجها المسلم صاعاً من طعام من الأصناف الآنفة الذكر ونحو ذلك مما يُعدّ قوتاً. والصاع: أربعة أمداد. والُمـُــدّ: حفنة الرجل باليدين، وسميَ مُدّاً لأنّ اليدانِ تُمَدّان. كما في حديث أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه -: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب). (متفق عليه). وأما البُرّ فنصفُ صاعٍ، وهو قول أبي حنيفة، وقياس أحمد في بقيـــة الكفّارات، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية - انظر: [الإختيارات ص 102]، وبه قال شيخنا الألباني - رحمهم الله تعالى -. وعن عروة بن الزبير - رضي الله عنهما -: (أن أسماء بنت أبي بكر كانت تُخرج على عهد رسول الله ﷺ عن أهلها - الحُــرّ منهم والمملوك - مُدّين من حنطة، أو صاعاً من تمر بالمدّ أو بالصّاع الذي يقتاتون به). أخرجه الطحاوي واللفظ له، وابن أبي شيبة وأحمد، وسنده صحيح على شرط الشيخين كما في "تمام المنة" (ص 387). انظر: [الموسوعة الفقهية الميسرة 3/ 163]. هل يجوز الزيادة على المقدار المنصوص عليه ؟. نعم يجوز تنفّلاً وتطوّعا، لا خروجًا عن النص؛ فقد جاء في مجموع الفتاوى (25/ 70) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه سُئل عمّن عليه زكاة الفطر، ويعلم أنها صاعٌ ويزيد عليه ويقول هو نافلة، هل يكره ؟. فأجاب: الحمد لله، نعم يجوز بلا كراهية عند أكثر العلماء، كالشافعي وأحمد وغيرهما، وإنما تنقل كراهيته عن مالك، وأما النقص عن الواجب، فلا يجوز باتفاق العلماء. 6. هل تؤدى القيمــــــة ؟: قال الإمام مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة (1،62): [ولا يجزئ أن يجعل الرجل مكان زكاة الفطر عَرَضَاً من العَرَضْ. قال: وليس كذلك أمر النبي ﷺ]. وقال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - في «الأم» (2/ 67): [ولا يؤدي ما يخرجه من الحب، لا يؤدي إلا الحبّ نفسه، لا يؤدي سويقاً ولا دقيقاً ولا يؤدي قيمته، ولا يؤدي أهل البادية من شيىء من الغث والحنظل وغيره من ثمره، لا تجوز في زكاة، ويكلفون أن يؤدوا من قوت أقرب البلاد إليهم]. وقال إبن قدامة - رحمه الله تعالى - في المغني: (2/ 67) (60 /1 61): [ومن أعطى القيمة لم تجزِؤُه]. وقال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: [ولم يُجِزْ عامة الفقهاء إخراج القيمة، وأجازه أبو حنيفة] انظر: [شرح النووي ص (7/ 60]. وقال فضيلة الشيخ حسين العوايشة في الموسوعة الفقهية الميسرة: قل: [ولعلّ أصل المبحث فيما إذا كانت صدقة الفطر، تجري مجرى صدقة الأموال، أو صدقة الأبدان، كالكفارات ؟. والراجح أنها [تجري مجرى كفارة اليمين، والظهار، والقتل، والجماع في رمضان، ومجرى كفارة الحج، فإنّ سببها هو البدن، ليس هو المال، كما في السنن عن النبي ﷺ أنه (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ). رواه أبو داود (1371). ولهذا أوجبهما الله طعاما، كما أوجب الكفارة طعاما. وعلى هذا القول: فلا يُجزئ إطعامُها إلاّ لمن يستحق الكفارة، وهم الآخِذون لحاجة أنفسهم. فلا يُعطى منها المؤلفة قلوبهم، ولا في الرقاب، ولا غير ذلك. وهذا القول أقوى في الدليل]. ما بين المعكوفين من [مجموع الفتاوى 25/ 73]. وانظر: [الموسوعة الفقهية الميسرة 3/ 164].. 7. جهة إخراجها: ولا تُدفع إلا لمستحقيها وهم المساكين؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما-: (فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين). وردًا على سيد سابق رحمه الله - تعالى - تحت عنوان: مصرفها - زكاة الفِطر - مصرف الزكاة:- أي أنها توزع على الأصناف الثمانية المذكورين في قوله - تعالى -: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة التوبة 60]. قال شيخنا الألباني رحمه الله - تعالى - في كتابه القيِّم: [تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص 387)] [ليس في السنة العملية ما يشهد لهذا التوزيع، بل قوله ﷺ: (... وطُعمة للمساكين) يفيد حصرها بالمساكين، والآية إنما هي في صدقة الأموال، لا في صدقة الفطر، بدليل ما قبلها، وهو قوله - تعالى -: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا}. وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وله فتوى مفيدة [2/ 81 - 84]. وبه قال الشوكاني في السيل الجرار [2/ 86 -87]. وقال ابن القيّم في الزاد: [وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - تخصيص المساكين بهذه الصدقة]. رحمهم الله جميعـًا. وذهب بعض أهل العلم أنها تصرف للأصناف الثمانية ! وهذا مما لا دليل عليه، وقد ردَّه شيخ الإسلام. - ومن السنَّة أن يكون لها مَن تُجْمَع عنده؛ فقد وكّل النبي ﷺ أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: (وكّلني رسول الله ﷺ أن أحفظ زكاة رمضان ...). [أخرجه البخاري (2311)]. 8. وقت إخراجها: تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة، أو تقديمها إلا بيوم أو يومين؛ لما رواه الإمام مالك (1/ 285/ 55) عن نافع أن عبدالله ابن عمر - رضي الله عنهما – كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة). وكان - رضي الله عنهما - يعطيها للذين يقبلونها، وهم: العُمّال الذين ينصِّبهم الإمام لجمعها، وذلك قبل الفطر بيوم أو يومين؛ فقد أخرج ابن خزيمة (4/ 83) من طريق عبدالوارث عن أيوب: (قلت: متى كان ابن عمر يعطي الصاع؟ قال: إذا قعد العامل، قلت: متى كان يقعد العامل؟ قال: قبل الفطر بيوم أو يومين). فإن تأخرت عن صلاة العيد، كانت صدقة من الصدقات لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما -: قال: (فرَض رسول الله ﷺ زكاة الفِطرِ طُهْرَةً للصَّائمِ مِن اللَّغْوِ والرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمساكين مَن أَدَّاها قبل الصَّلاة فهِي زكاةٌ مقبولة ومن أَدَّاها بعد الصَّلاة فهي صدقة مِن الصَّدقات). وإن لم يوجد مَن يستحقها مِن الفقراء حوله؛ أرسلها خارج بلده؛ قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى ردًّ على سؤالحول زكاة الفطر: [أما بعد: فزكاة الفطر فريضة فرضها الله جل وعلا على لسان رسوله محمد ﷺ على الرجال والنساء والصغير والكبير والحر والمملوك، و أمر النبي ﷺ أن تؤدى - زكاة الفطر - قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، فالذي لا يجد حوله فقراء، يلزمه أن يقدمها إلى فقراء آخرين في القرى المجاورة، ويسارع إلى إخراجها قبل صلاة العيد، وليس له تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد؛ لأن هذا خلاف أمر النبي ﷺ، وقد أمر عليه الصلاة والسلام بأن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وقال: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات). [وقد تقدم أعلاه]. فالواجب عليك أيها السائل أن تعنى بهذا الأمر وأن تخرجها قبل صلاة العيد، ولو قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاث لا بأس، في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين،، كان ابن عمر يخرجها قبل العيد بيومين، وهكذا الصحابة وربما أخرجها قبل العيد بثلاثة أيام ابن عمر رضي الله عنه، المقصود أنه لا حرج في ذلك، يبدأ إخراجها من اليوم الثامن والعشرين، ويستمر إلى صلاة العيد، فليس لك أن تؤخرها إلى ما بعد الصلاة، وإذا كان مكانك ليس فيه فقراء، فاطلب الفقراء في مكان آخر، ولو بالسفر]. ا هـ. [فتاوى نور على الدرب (702)]. أسألُ اللهَ - تعالى - أن يتقبّل منا ومنكم الطاعات إنه - سبحانه - وليّ ذلك والقادر عليه. وكتبته: أم عبدالله نجلاء الصالح
من محاضرات اللجنــــة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#2
|
|||
|
|||
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ؟ فتوى فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في زكاة الفطر الذين يقولون بجواز إخراج صدقة الفطر نقودا هم مخطئون لأنهم يخالفون النص : حديث الرسول ﷺ الذي يرويه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط). فعين رسول الله هذه الفريضة التي فرضها الرسول ﷺ ائتمارا بأمر ربه إليه ليس نقودا وإنما هو طعام مما يقتات. اته أهل البلد في ذلك الزمان فمعنى هذا الحديث أن المقصود به ليس هو الترفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسوا الجديد والنظيف وو ... الخ وإنما هو إغنائهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم وفيما يليه من الأيام من بعد العيد . وحين أقول بعد العيد فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد أما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقا ، فعيد الفطر هو يوم واحد فقط وعيد الأضحى هو أربعة أيام فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قصرت . فحينما يأتي انسان ويقول لا، نخرج القيمة هذا أفضل للفقير، هذا يخطئ مرتين: المرة الأولى: أنه خالف النص والقضية تعبدية هذا أقل ما يقال. لكن الناحية الثانية: خطيرة جدا لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة مش داري هو ولا عارف مصلحة الفقراء والمساكين، كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأنه إخراج القيمة أفضل، لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل وكان الإطعام هو البدل لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته إن كان بحاجة إلى الطعام اشترى الطعام، إن كان بحاجة إلى الشراب اشترى الشراب، إن كان بحاجة إلى الثياب اشترى الثياب فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام إذن له غاية، فلذلك حدد المفروض ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره، فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد هذا اتهام للشارع بأنه لم يحسن التشريع لأن تشريعهم أفضل وأنفع للفقير هذا لو قصده، كفر به لكنهم لا يقصدون هذا الشيء، لكنهم يتكلمون بكلام هو عين الخطأ ، إذن لا يجوز إلا إخراج ما نصّ عليه الشارع الحكيم وهو طعام على كل حال. وهنا ملاحظة لابد من ذكرها: لقد فرض الشارع أنواع من هذه الأطعمة لأنها كانت هي المعروفة في عهد النبوة والرسالة لكن اليوم وجدت أطعمة نابت مناب تلك الأطعمة، اليوم لا يوجد من يأكل الشعير، بل ولا يوجد من يأكل القمح والحب لأنه الحب يتطلب شيء آخر وهو أن يوجد هناك الطاحونة ويتطلب وجود تنور صغيرأو كبير كما لا يزال موجود في بعض القرى، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك المهجور فيجب حينئذ أن نخرج البديل من الطعام وليس النقود ، لأننا حينما نخرج البديل من الطعام صرنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروفة في ذلك الزمان. أما حينما نقول نخرج البديل وهو النقود وردعلينا أن الشارع الحكيم ما أحسن التشريع لأننا نقطع جميعا على أن النقود هي أوسع استعمالا من الطعام ، لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعاما ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم حينئذ لازم نحط عن بديله. بديل مثلا الأرز أي بيت يستغني عن أكل الأرز ؟ لا أحد، لا فقير ولا غني إذن بدل القمح بنطلع الأرز أوبنطلع السكر مثلا أو نحو ذلك من أي طعام. يوجد في بعض الأحاديث الأقط والأقط هو اللي بيسموه هنا الجميد يمكن الإنسان يطلّع من هذا الطعام لكن حقيقة بالنسبة لنحن في سوريا في العواصم مش معروف الجميد لكن في كثيرمن القرى معروف وإذا أخرج الإنسان جميدا لبعض الفقراء والمساكين ماشي الحال تماما بس هذا يحتاج إلى شيء من المعرفة انه هذا الإنسان يستعمل الجميد وإلا لا. الذي أراه أنه لا يغلب استعماله كذلك منصوص في بعض الأحاديث التمر لكن أعتقد أنه التمر في هذه البلاد لا يكثر استعماله كما يستعمل في السعودية مثلا فهناك طعامه مغذي فربما يقيتوهم ويغنيهم عن كثير من الأطعمة، المهم الواجب ابتداءً وأصالة إخراج شيء من هذه الأنواع المنصوصة في نفس الحديث ولا يخرج إلى طعام آخر كبديل عنه إلا إذا كان لا يوجد حوله فقراء ومساكين يأكلون من هذا الطعام الذي هو مثلا كما قلنا الأقط أو التمر؛ كذلك الزبيب مثلا الزبيب عندنا يؤكل لكن ما هو إيش ما هو ؟ ما هو طعام اليوم يدّخرويقتاتون به فالأحسن فيما نعتقد والله أعلم هو إخراج الأرز ونحو ذلك مثل ما قلنا أو الفريك فهذه الأقوات يأكلها كل الطبقات من الناس. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: سلسلة الهدى والنور
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|