أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
60046 144714

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 05-03-2021, 04:06 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الحادي والأربعون
(21 رمضان 1441 هـ)


1. السُّؤال:
ما حُكم المأموم إذا لم يقرأ الفاتحة في الصَّلاة الجهريَّة أو السِّرِّيَّة؟
الجواب:
أمَّا الصَّلاة السِّرِّيَّة: إذا لم يقرأ الفاتحة؛ فإن ركعتَه بطلت؛ إلا أن يُدرِك الإمامَ راكعًا فيركعُ معه؛ فهذا يُدرِك، على الرَّاجح من أقوال أهل العلم أنَّه يُدرِك الرَّكعة.
أمَّا إذا جاء من أول الصَّلاة ثم لم يقرأ؛ فلا.
كذلك: لو أنَّه جاء في نِصف القيام، أو في آخِر القيام، بدأ بِقراءة الفاتحة فركع الإمام؛ يركع معه. هذا معذور.
أمَّا في الصَّلاة الجهريَّة -كالفجر-مثلًا-أو أُولى ركعتَي العشاء والمغرب-: فالأصل الإنصات، وإن كان فيها خلاف بين أهل العلم؛ لكن: هذا الذي أرجِّحه، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وترجيح شيخِنا الشَّيخ الألباني -رحمهُ الله-تعالى-.
وأمَّا في ثالثة المغرب، أو الثالثة والرَّابعة في العشاء: فلا بُد أن يقرأ.
فلنفرِض -كما ذكرنا في الصَّلاة السريَّة-..فلنفرِض أنَّه دخل في القيام؛ لكن في آخِر القيام، بحيث لم يستطع أن يُتم قراءته؛ فليس عليه شيء.
لو جاءه راكعًا: أيضًا ليس عليه ذلك.
لكن: هو مِن البداية، وشتَّ ذهنُه، أو لم يقرأ الفاتحة -لسببٍ أو لآخَر-؛ فركعتُه باطلة، يجبُ عليه إعادتُها.

2. السُّؤال:
ما حُكم استخدام الْمَحافِظ الرَّقميَّة، وهي تحتاج لوضع الرَّصيد فيها، أو ربطِها بحساب البنك الذي يتطلَّب إبقاء المال في البنك؛ وذلك للشِّراء الإلكتروني الذي بدأ بالانتشار -خاصَّة في ظلِّ أزمة (الكورونا)؟
الجواب:
إذا كان -هنالك- حاجة لذلك، أو ضرورة، أو شيء مفروض من الدَّولة؛ فلا حول ولا قوَّة إلا بالله.
لكن: إذا كان ذلك في وُسعِك، وفي دائرة قُدرتك؛ فلا، لا ننصح.

3. السُّؤال:
هل صلاة التراويح بعد العشاء مباشرةً أفضل من تأخيرِها؟
الجواب:
الأمرُ يرجع إلى ما هو خيرٌ لكَ في صلاتِك، أن تكون مُقبِلًا عليها أكثر، وخاشعًا فيها أكثر -سواء في أول الليل أو في آخره-، هذا نتكلَّم في الظَّرف الحالي، وإن كان الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «لولا أن أشقَّ على أمَّتي؛ لأمرتُهم بتأخير العشاء إلى نِصف اللَّيل».
لكن: في الوضع العادي في المساجد، لا نعرف المساجد إلا تُقيم الصَّلاة إلا في الوقت الأول -حرصًا على المريض والكبير وذا الحاجة-وما أشبه-.

4. السُّؤال:
كيف الرَّد على التَّنويريِّين؟
الجواب:
مصطلح (التَّنويريِّين) -اليوم-كما يُقال- صار له حضورُه! وإلا: لو أن الأمرَ لم يأخذ معنى الاصطِلاح؛ لقُلنا نحن هم التَّنويريِّين!
اللهُ -في القرآن- يقول: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾، ويقول: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، ووصف اللهُ -تعالى- نبيَّه بأنَّه سِراجٌ مُنير.
نحن أهل النُّور، ونحن التَّنويريُّون على الحقيقة؛ لأنَّنا نُنير أرجاء الأرض بالعلم والهدى والكتاب المنير.
لكن: مصطلح (التَّنويريِّين) -اليوم- صار له بُعدٌ آخر! هم الْعَلمانيُّون، والْحَداثيُّون، والذين لا يتَّبعون الكتابَ والسُّنَّة، ويتوسَّعون..ومَن كان منهم على شيءٍ من الدِّين يتوسَّع فيما يُسمِّيه -وما يزعمه- سماحة الدِّين، ورحابة الدِّين -ولو أن يتلبَّس بالحرام، وأن يخالِف الشَّريعة-!
هذا هو التَّنوير في صورتِه الحاليَّة، وهو -واللهِ- الظَّلام! وهو -واللهِ- الظُّلم!!
دينُنا: دينُ تنوير على الحقيقة..دينُ هداية، ودين استِقامة، ودين سعادة، ودين رفْع الآصار والأغلال؛ لأنَّه دينُ الله ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
بينما نرى هؤلاء النَّاس يريدون مخالَفة دين الله بما يدَّعون أنَّه تنوير، وليس هو مِن التَّنوير في شيء!
هي أفكار دُنيويَّة أرضيَّة ما أنزل اللهُ بها من سلطان، يُراد بها تحريفُ الدِّين!
وإلا: نحن مع التَّنوير الحق الذي هو الهداية، والسَّعادة، والنَّجاة، والنَّجاح، وطاعة ربِّ العالمين، واتِّباع سُنَّة سيِّد المرسَلين -صلى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

5. السُّؤال:
«للصَّائم دعوة مُستجابة»: هل تكون قبل الإفطار بدقائق، أم طُول يومِه؟
الجواب:
الظَّاهر -والله أعلم-: عند فِطره، فليس في عُموم يومِه.
لكن: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.
فنحن نقول: الصَّائم -وهو في عبادة- لو دعا؛ فهذا من مظانِّ الاستِجابة.
لكن الحديث المقصود به: عند الفطر.
الآن؛ عند الفطر يعني: قبلَه، بعدَه، معه؟ الظَّاهر أن الأمرَ واسع.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

6. السُّؤال:
ما دليل أن الحامل والمرضِع لا تَقضي الصَّوم؟
الجواب:
المسألة خِلافيَّة بين العلماء، وكل عالِم له وجهة نظرُه في ذلك؛ لكن المنقول عن بعض الصَّحابة في تفسير قوله -تعالى-: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، وفي قراءة: ﴿طَعَامُ مَسَاكِين﴾ وحَمْلُهم ذلك على الحامل والمرضِع.
هذا هو الدَّليل الأقوى في المسألة.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
ما الأفضل في الفدية: المال، أو لوازِم الطَّعام؟
الجواب:
أمَّا المال: فلا.
أمَّا لوازِم الطَّعام: العبارة غامضة -نوعًا-ما-.
هو الطَّعام؛ لكن: لا يُشترط أن يكون مطبوخًا -أو مَطهيًّا-؛ يعني: لو أتيتَ له بطعام غير مطبوخ -غير مطهيّ-؛ فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-تعالى-.
أمَّا (لوازِم الطَّعام)؛ فالعبارة قلقة -نوعًا-ما-.

8. السُّؤال:
ظلمتُ شخصًا، ولم يُرِد أن يُسامحني؛ فماذا أفعل؟
الجواب:
إذا كان ظُلمك له في شيء مادي: فالأصل أن تتحلَّل من هذه الأمور الماديَّة -كأساس-، ثم لو أنَّك ذهبتَ إليه؛ إن شاء الله سيُسامحك.
لكن إذا كان ظُلمُك له ظُلمًا معنويًّا؛ فالأصل أن يَقبَل، والأصل أنتَ أن تُصلِح -أيضًا-، لا يكتفي أن تقول له: (سامِحني) دون أن تُصلح ما أفسدتَ -ولو بِطريق غير مباشرة-.
يعني: كنتَ تتكلَّم عنه بالسُّوء والظَّن والكذب؛ تكلَّم عنه بالخير والحقِّ والهدى والصَّواب والصِّدق؛ بحيث يكون كلامك الثَّاني ناسخًا ومُلغِيًا كلامَك الأول.
هذا الذي ينبغي أن يكون.

9. السُّؤال:
حُكم من أصبح جُنبًا؟
الجواب:
يعني: حُكم الصَّائم إذا أصبح جُنُبًا.
لا يؤثِّر ذلك على صومِه.
لكن: ليحرص أن يكون ذلك قبل الفجر؛ من أجل الصَّلاة.
لكن: فلنفرض أنَّه لم يستيقظ -رُغمًا عن نفسه، رُغمًا عنه- إلا بعد الفجر: فهل صيامُه صحيح؟
نقول: صيامُه صحيح.

10. السُّؤال:
هل يكون تكبير في سجود التِّلاوة؟ وكيف يكون الْخُرور؟
الجواب:
أمَّا: هل يوجد تكبير؟
فلا؛ لا يوجد، لا تكبير، ولا تسليم، حتى بعض العلماء يقول: ولا يُشترط الاتِّجاه إلى القبلة؛ لكن: عندنا نصوص عامَّة أن «خير مجالسكم ما استُقبِلت به الْقِبلة».
أمَّا: كيف يكون الْخُرور؟
على الوضع الطَّبيعي،ليس عندنا صورة نُلزمك بها، المهم: أن تسجد، حتى لو كنتَ جالسًا لا نقول لك: (قُم، واسجُد مِن قيام)؛ وأنت جالس؛ تسجد من جلوس.

11. السُّؤال:
ما الفرق بين (الحديث المنكَر) و(الحديث الشَّاذ)؟
الجواب:
موضوع (المنكَر) و(الشَّاذ) و(زيادة الثِّقة): هذه الثُّلاثيَّة متداخلة -نوعًا-ما-.
لكن الذي ينشرح له صدري -في ذلك-:
أن (الشَّاذ): مخالَفة الرَّاوي المقبول لِمَن هو أوثَقُ منه، والمخالَفة ليست مخالَفة لفظ؛ ولكن المخالَفة -في الأصل-: مخالَفة معنى، أو -حتى- مُناقَضة؛ يعني: مخالَفة مُناقِضة، وليس -فقط- اللَّفظ؛ لأن الأحاديث قد تُروى بالمعنى، وهذا متَّفق عليه، بِشروط بين المحدِّثين.
أما (المنكَر): مخالَفة الرَّاوي الضَّعيف لمن هو ضعيف مثلُه، أو أكثر منه عددًا، أو أكثر منه ضعفًا.
أمَّا (زيادة الثِّقة) -وهو مما لم يسأل عنه الأخُ السَّائل-: فهي الزِّيادة التي يَرويها الثِّقة، سواء أكان في كلِّ الحديث، أو في بعض ألفاظ الحديث، ويكون أهلًا لهذا التفرُّد، وأهلًا لهذا الْقَبول.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

12. السُّؤال:
من ترك الصلاة عمدًا: هل يجبُ عليه قضاء، أم لا؟
الجواب:
يقصد: تركَ صلوات -صلاةً، أو أكثر من صلاة-؟
نقول كما قال النَّبي ﷺ: «إن أوَّل ما يحاسَب عليه العبدُ يوم القيامة صلاتُه: فإذا كانت تامَّة كُتبت تامَّة؛ وإلا قال الله -تعالى-: انظُروا ما لِعبدي من تطوُّع، أتمُّوا به نقصَ فريضتِه».
إذا لم يكن ذلك تعمُّدًا؛ فعندنا نصٌّ آخَر: يقول النَّبي ﷺ: «مَن نام عن صلاةٍ أو نسيَها؛ فليصلِّها حين يذكُرها».

13. السُّؤال:
هل تُجزئ زكاة الفطر نقدًا؟
الجواب:
أنا لا أريد أن أدخل في (تُجزئ) أو: (لا تُجزئ)؛ لأن الأمر متعلِّق بالقبول الإلهي -تقبَّل الله منا ومنكم-.
ولكن أنا أقول: «خيرُ الهديِ هديُ محمَّد ﷺ»، وقد كانت زكاة الفطر طُهرة للصَّائم، وطُعمة للمساكين.
فعندما نقول: (طُعمة)؛ هذا يتناقض مع النَّقد.
بالمقابل: أنا أعلم أن بعض العلماء يذهب إلى جواز ذلك؛ هذا مجتهد، وله أن يجتهد؛ لكن -بالمقابل-: اجتهادُه قابِل للخطأ والصَّواب؛ لأن أدلَّته على ذلك ليست بالصُّورة القويَّة والمتينة.
يُقال: بأنَّ مصلحة الفقير في المال أكثر.
نقول: كان المال في عصر الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وكانوا يتبادلون الدِّينار والدِّرهم والفضَّة والذَّهب، والفقر كان أشد؛ فالحاجة أشد، ومع ذلك: لم يذهبوا إلى هذا الباب، ولم يدخُلوا هذه الطَّريق.

14. السُّؤال:
ما صحَّة حديث: «من فطَّر صائمًا؛ فله مثلُ أجرِه» -أو كما قال النَّبي ﷺ-؟
الجواب:
الحديث صحيح، وضعَّفه بعضُ المعاصِرين، ولا أرى الحجَّة معه -في ذلك-.

15. السُّؤال:
أحيانًا: يبدو أن للشَّيخ الألباني أكثر من قولٍ في مسألة ما: كيف نتعامل مع هذه الأقوال -سواء في الحديثيَّات، أو الفقهيَّات-؟
الجواب:
أنا أسأل: هل هذا -فقط- في الشَّيخ الألباني، أم في كلِّ العلماء، وفي كلِّ المجتهِدين، وفي كلِّ المحدِّثين؟
ما مِن عالِم إلا وله أقوال:
الإمام الشَّافعي: له مذهبان -المذهب القديم، والمذهب الجديد-.
الإمام أحمد: قلَّ أن تجد له مسألةً فيها قولٌ واحد؛ أكثر مسائله فيها القولان، والثَّلاثة، والأربعة، والخمسة، والسِّتَّة -أحيانًا-.
هكذا اجتهاد العالِم، قد يكون تغيُّر اجتهاد..قد يكون خطأ..قد يكون سهوًا.
فإذا كنتَ أهلًا للنَّظر والتَّرجيح؛ فحينئذٍ نقول: انظُر ورجِّح، فما ظهر لك أنَّه الأرجح؛ اتِّبعه.
وأمَّا إذا لم تكن أهلًا للنَّظر والتَّرجيح: فانظُر آخِر القولَين؛ فاتَّبِعهما.
وإذا أشكل أيٌّ منهما هو القول الأرجح: فاحْتَطْ لدينِك، واتَّبع الأحوط، ولا مانع لو أنَّك تسأل بعض مَن تثق به من أهل العلم أو طُلاب العلم، يُرشدك إلى الصَّواب -إن شاء الله-تعالى-.

16. السُّؤال:
هل صحَّ عن عمر بن الخطَّاب ومعاذ بن جبل وشيخ الإسلام أنَّهم كانوا يرَون إخراج زكاة الفطر نقدًا؟
الجواب:
سأفرض أنَّه صحَّ؛ العبرة بالدَّليل، فكيف إذا عرفنا أن هذا لم يصِح لا عن معاذ، ولا عن عُمر.
وأمَّا عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة: فنَعم؛ صحَّ؛ لكن: بِقَيد الضَّرورة -ليس على الإطلاق-.
يعني: قبل فترة في السُّودان -الشَّقيق- كان -هنالك- عدم وُجود للنَّقد في السُّودان، ولم يَعُد -هنالك- متداوَلًا النَّقد بصورةٍ كافية، فلو أن هذا الظَّرف مثل ذلك الظَّرف في رمضان؛ أنا أفتي أقول: قدِّموا للنَّاس النَّقد؛ لأن النَّقد لا يوجد بين أيديهم، والآن النَّقد لا يوجد إلا بيد الأغنياء -أو من عندهم نَقد-؛ فهذا لا مانع.
لكن: أن نجعل ذلك مصلحة كُليَّة، فنقدِّم النَّقد على الإطعام بأيِّ صورة، وعلى الإطلاق؛ فنقول: لا؛ لا دليل على ذلك.

17. السُّؤال:
هل مفهوم العدد ليس حُجَّة؟
الجواب:
هذه مسألة أصوليَّة خِلافيَّة بين أهل العلم، يقولون: (مفهوم العدد ليس بِحُجَّة)؛ بمعنى: أن الأحاديث -أو حتى الآيات- التي وردت فيها أرقام، فهذا الرَّقم لا يدلُّ على حَدِّيَّة الرَّقم وعدم تجاوزه.
لكن: هذا لا يعني أن كلَّ رقم ورد في القرآن والسُّنَّة أنَّه ليس له مفهوم، هذه لها أدلَّتها..وهذه لها أدلَّتها.
﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ يعني: لو أن أحدًا قال..: لو استغفر لهم النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- إحدى وسبعين مرَّة..؛ هل يُقال هذا؟ لا يقال؛ لأنَّه معروف أنَّه للتَّكثير.
مثلًا: أبواب الجنَّة ثمانية، هل نقول بأنَّه يوجد أكثر من الثَّمانية؟
لا دليل؛ فهي ثمانية.
«سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظلِّ عرشه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه» نقول -هنا-: العدد لا مفهوم له؛ لأنَّه قد وردت نصوص كثيرة -أكثر من ذلك-بكثير-؛ لكن هؤلاء السَّبعة هم الأكثر، أو الأشهر، أو الأفضل.
«إن لله تسعةً وتسعين اسمًا»: هل هي تسعة وتسعون فقط؟
الجواب: لا، يوجَد أكثر؛ لكن هذه أهمُّها وأشهرُها..و..و.. إلخ.

انتهى اللِّقاء الحادي والأربعون

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 05-04-2021, 03:54 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّاني والأربعون
(22 رمضان 1441 هـ)




1. السُّؤال:
ما هو أجمل كتابٍ أدبيٍّ وشِعريٍّ عندك؟ تحياتي ومحبَّتي لك من العراق -ومن الموصل تحديدًا-.
الجواب:
حيَّاكم الله، وحيَّا جميع الإخوة الأحبَّة في كلِّ مكان، وأسأل الله -تعالى- أن يزيدَنا وإيَّاكم من فضله.
أمَّا: أجمل؟
فهذه تحتاج إلى استِحضار أكثر من الواقع؛ لكن -بشكلٍ عام-: أنا أحبُّ شِعر أبي العتاهية؛ لأنَّه شِعر روحاني زُهديٌّ إيمانيٌّ، وطُبع شِعرُه في مجلَّد ضخم، بتحقيق الدُّكتور شُكري فيصل -رحمه الله-.
وأمَّا الكتب الأدبيَّة: فالأدب المعاصِر -بالنِّسبة لأهل العصر الحاضِر- أجْمَلُه كتابات محمود شاكر، مصطفى لُطفي المنفلوطي، ومحمَّد صادق الرَّافعي.
مَن استطاع أن يعوِّد نفسَه على قراءة هؤلاء، والاستفادة مِن تعابيرهم وصياغاتِهم؛ فإنَّه ينتفع بِلسانه وقلمه.

2. السُّؤال:
ما الحكم الدَّين الذي يمضي عليه الْحَول وهو عند الْمَدين، ولم يستلِمه: هل يُخرج الزَّكاة عنه، مع أنَّه لم يَقبِضه؟ أم أن هنالك تصرُّفًا آخر؟
الجواب:
ما دام هذا الدَّين مضمونًا -أو: حيًّا-بالعبارة الأخرى-: فيجب أداءُ زكاته.
أمَّا إذا كان دَينًا ميتًا، أو لا إمكانيَّة لرجوعه؛ فلا تجب الزَّكاة فيه.

3. السُّؤال:
التَّثويب -وهو قول المؤذِّن: (الصَّلاة خير من النَّوم)-: هل يكون في الأذان الأوَّل لصلاة الفجر، أم الثَّاني؟
الجواب:
من حيث عُموم النُّصوص والأدلَّة: متقارِبة.
لكن أنا عندي ترجيح خارج عن النُّصوص والأدلَّة المتقارِبة -التي أشرتُ إليها-؛ وهي: أنَّه لا يُخاطَب بـ(الصَّلاة خير من النَّوم) إلا من هو نائم، فهو إذا استيقظ في الأذان الأوَّل لا يُقال له..: (الصَّلاة خير من النَّوم) في الأذان الثَّاني وهو قد استيقظ -فعلًا-.
هذا -كما قلتُ- قرينة خارجة عن الدَّلائل.

4. السُّؤال:
نرجو منكم التَّفصيل والشَّرح في قنوت النِّصف من رمضان؟
الجواب:
شرحنا -أكثر من مرَّة- وقلنا: لا يوجد دليل على تخصيص رمضان بقنوت ما بعد النِّصف من شهر رمضان؛ وإنَّما القنوت يكون من أوَّل الشَّهر.
لكن: النِّصف تكون فيه الزِّيادة على الدُّعاء المأثور -دعاء: «اللَّهم اهدِني فيمَن هدَيت»- بالدُّعاء للمسلمين، والدُّعاء على الكافِرين.
هكذا تكون الزِّيادة، وهكذا الأحكام بعد النِّصف من رمضان.
ونبَّهنا -أيضًا-في هذا السِّياق نفسِه-، قلنا: هذه الزِّيادة تكون زيادة يسيرة -كما ورد في بعض الآثار- بالدُّعاء للمسلمين، والدُّعاء على الكافِرين، بشرط أن يكون هذا الْمَزيد أو الزَّائد ليس أكثر من الْمَزيد عليه؛ إنَّما قريب منه، أو مِثله؛ لكن أن يكون ضِعفَه -أو أضعافًا مضاعفة-كما يفعل بعضُ الأئمَّة-: فلا.

5. السُّؤال:
كيف نوفِّق بين الحديثين: «أفطر الحاجِمُ والمحجوم»، و«احتجم رسولُ الله ﷺ وهو صائم»؟
الجواب:
المسألة خِلافيَّة قديمة، والذي ينشرح له صدري أن حديث: «أفطر الحاجِمُ والمحجوم» حديثٌ منسوخ، وهو صحيح؛ لكنَّه منسوخ، وأنَّ الحديث: «احتجم رسولُ الله ﷺ وهو صائم»، وحديث آخَر: أن «رسول الله ﷺ رخَّص في الحجامة للصَّائم» هما في حُكم النَّاسخ لهذا الحديث.
وهنالك أجوبة أخرى، ومناقشات أخرى نكتفي بها -ههنا-.

6. السُّؤال:
مَن جامع زوجتَه في نهار رمضان وهو مسافر: ما حُكمه؟
الجواب:
جائز؛ المسافِر يجوز له الْفِطر، فإذا أفطر يجوز له أن يأتي بما أباح الله له في نهارِه.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
هل من تفصيل في كلام ابن القيِّم: (عصاة أهل السُّنَّة من أهل الكبائر قُبورهم روضة، وعُبَّاد أهل البدع قبورُهم حُفرة)؟
الجواب:
لا يقصد (أهل البدع) -هنا- البدع الفقهيَّة التي اختلف فيها الفقهاء؛ ولكن: يَقصد البدع العقائديَّة -كالقدَريَّة، والاعتزال، والرَّفض، والنَّصب، والإرجاء-وما أشبه ذلك-ولو تغيَّرت أسماؤه وبقيتْ على ما هي عليه جواهرُه وحقائقُه-.
فهذا هو المقصود.
وهنا كونُها (روضة) أو(حُفرة) هذه قضيَّة نِسبيَّة.
يعني: هذه بالنِّسبة إلى تلك روضة؛ وإلا هي ليست روضة، هم في عذاب؛ لكن: هذا العذاب بالنِّسبة لذاك العذاب؛ يكاد يكون لا شيء.
هذا هو المقصود.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

8. السُّؤال:
بالنِّسبة للجنين: ألا يُقال بأنَّه يُستحب إخراج زكاة الفطر عنه؟
الجواب:
..ما الدَّليل؟ هل صحَّ دليل بذلك مع وجود المقتضي لهذا الفعل؟
أنا لا أعلم دليلًا على ذلك.
لكن: إذا ولدتْه أمُّه، وكان ابنَ يَومِه، وأدرك رمضان -ولو في آخر ساعة من رمضان-؛ حينئذٍ: تجب الزَّكاة عليه.

9. السُّؤال:
كيف نُخرج زكاة الفطر ما دُمنا في الحجر الصِّحي؟
الجواب:
أنا أخرجت (فيديو صوتي) -قبل يومين- في الموضوع، وشرحت فيه المسألة بتفاصيلِها، وبيَّنتُ قاعدة الفقهاء فيما يقولون: (إذا ضاق الأمر اتَّسع)، فلا مانع: قبل يوم أو يومين، حتى لو ثلاثة أيَّام إذا اضطُررنا، والضَّرورة تقدَّر بقدرها.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
لا نرى خيطًا أبيض عندما يؤذِّن الأذان للفجر؟
الجواب:
أن ترى خيطًا أبيض في المدن -الآن- والأضواء والبنايات والطُّرقات -وما أشبه-: هذا شيء عسير!
لذلك: أنا لا أنصح باستِعجال بعض الشَّباب بالمراقبة في هذا الأمور، نحن -الآن- تنضبط أمورُنا بالتَّقويم الذي تُعِدُّه الدُّول، وإذا يوجَد إثم؛ فعليهم، أمَّا أنت: فاحرص على أن لا تخالف.
والعبرة في تأخير السّحور ليست في خمس دقائق أو عشر دقائق؛ ليست هذه العبرة!
يعني أن تقول: أنا أريد أن أطبِّق السُّنَّة في تأخير السحور، ثم إذا بك تقع في الفطر وأنت لا تدري!؟ هذا لا يجوز.

11. السُّؤال:
بالنسبة لمن يُلزم الناس بِقضاء مَن أكل أو شرب ناسيًا: فهل من قولٍ توجِّهه له؟
الجواب:
ماذا يفعل بالحديث: «مَن أكل أو شرب ناسيًا فلْيُتِمَّ صومَه؛ فإنَّما أطعمه اللهُ وسقاه»؟
ماذا يفعل بالحديث؟
لا أريد أن أنصحَه أو أن أوجِّه له نصيحة..؛ أريد أن أستفيد منه وأن أسأله: ماذا تفعل بالحديث؟ وما جوابُك على الحديث؟
هنا البحث.
حتى التَّفريق بين الفريضة والنَّافلة -الذي يذكره بعضُ الفقهاء-: لا دليل عليه.
فلذلك نحن نقول: الحديث حاكِم وحُجَّة.

12. السُّؤال:
هل يجوز أخذ الأجرة لمن يُصلِّي بالنَّاس التَّراويح؟
الجواب:
وهذه -في العادة- تكون في بلاد الغرب، يَستقدِمون بعض الأئمَّة المسلمين من بلاد المشرق -في غير ظروف (الكورونا) الحالية-، ويعطونهم أُجرة، أو مقابِلًا، أو جُعالة -بالتَّعبير الفقهي-.
لا بأس؛ لأنَّ هذا فيه تفريغًا لأوقاتِهم، وأن فيه إجهادًا لهم؛ فلا بأس في ذلك، في شيء يتَّفقون عليه بتقوى الله -سبحانه في عُلاه-.

13. السُّؤال:
تشريك النِّيَّة في العبادة: صيام ست من شوال وقضاء رمضان بالنِّسبة للحائض؟
الجواب:
يعني: في نفس السِّتَّة من شوال -أو أيَّام شوَّال- تقول: أنا أقضي رمضان، وفي نفس اليوم الذي تكون فيه نيَّتي القضاء الرَّمضاني يكون صيام أحد أيَّام ست من شوال.
هذا قال به بعض أهل العلم.
لكن -الحقيقة-: أنا لا ينشرح صدري لهذا القول؛ و«إنَّما الأعمال بالنِّيَّات»؛ أي: كل عمل له نيَّة.
أما التَّشريك: يوجَد لا أقول أدلَّة؛ ولكن: توجَد نصوص قد يُفهم منها هذا.. حتى بعض العلماء قال: تحيَّرتُ في هذه المسألة حتى مدَّة كذا وكذا من السَّنوات.

14. السُّؤال:
حُكم صُورة شيطان وعليه سلاسل في شهر رمضان؟
الجواب:
وهل أحد رأى الشَّيطان؟ هل تستطيع أن تصوِّر لنا الشَّيطان؟
أمَّا: تصوير الشَّيطان أنه له قُرون وكذا؛ هذا -الله أعلم- من الأفلام الأمريكيَّة والهندية!
أمَّا في الشَّرع الحكيم: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾.
وحتى لو صُوِّر شيطان بصورةٍ قبيحة -للتَّنفير- وأنَّه سلاسل..؛ هذا -كلُّه- غَيب، لا يجوز، حتى لو فَعَلَه فاعلٌ بِنِيَّة حسَنة، الأصل أن هذا: لا يجوز.

15. السُّؤال:
هل تعرفون كتاب «طليعة الحوار الدَّارج بين السُّنَّة والخوارج» للشَّيخ عبد المالِك رمضاني؟
الجواب:
بلى؛ أعرفُه، وأعرف كلَّ مؤلَّفات الشَّيخ عبد المالِك، وهو رجل موفَّق-جزاه الله خيرًا- فيما يكتب وفيما يتكلَّم -ولا نُزكِّيه على الله-، وقد رزقه الله صُحبةً كريمة للشَّيخ عبد المحسِن العبَّاد شيخ السُّنَّة والحديث في مدينة النَّبي ﷺ، نسأل الله أن يُطيل عمرَه، ويُحسن عملَه، ويُصح بدنَه، شيخُنا وأستاذُنا، لم ننقطع عنه -والحمد لله- من سنة (1982)، ما مِن زيارة أو عُمرة أو حج إلا ونَزورُه، كما كنَّا نَزور الشَّيخ حمَّاد الأنصاري -رحمهُ الله-، وكما كُنا نَزور الشَّيخ عمر فلاته، ولا نزال نَزور بعض المشايخ الكرام والكبار، وعلى رأسهم -في مدينة النَّبي ﷺ- شيخُنا الشَّيخ عبد المحسن -حفظه الله-.
فالشَّيخ عبد المالِك وكتابه -هذا-: هذا كتاب حسنٌ جدًّا، وجيِّد جدًّا، وأنا أنصح بالاستفادة منه.

16. السُّؤال:
هل يجوز للزَّوج إقامة صلاة الجمعة في أهلِه وأولاد في البيت -بما أن الجمعة تنعقد بوجود ثلاثة أشخاص-؟
الجواب:
(تنعقد بوجود ثلاثة أشخاص): ليس في البيت!
أمَّا في البيت: فالمنقول عن ابن مسعود أنَّه إذا فاتته الصَّلاة كان يُصلِّيها ظُهرًا أربع ركعات.
أمَّا جمعة وخُطبة في البيوت: فلا؛ هذا لا يُعرَف، وليس عليه أيُّ دليل، وأنا -في حدود عِلمي- لم أجد لهذا القول قائلًا.

17. السُّؤال:
كيف يتعلَّم المسلم الإخلاص والاتِّباع؟
الجواب:
أمَّا الإخلاص: فلا يُتعلَّم؛ وإنَّما يحتاج إلى مجاهدة نفس ودعاء وتضرُّع إلى الله -عزَّ وجلَّ-.
وأمَّا الاتِّباع: فعليك بكتاب «إعلام الموقِّعين» للإمام ابن قيِّم الجوزيَّة، وكتاب «إيقاظ هِمم أولي الأبصار» للإمام صالح الْفُلَّاني، وكتاب «الاتِّباع» للإمام ابن أبي الْعِز الحنفي.
هذه كتب ينفعك الله بها في إدراك معنى الاتِّباع وتحقيقه -إن شاء الله-عزَّ وجلَّ-.

18. السُّؤال:
هل يمكن أن ترسموا لنا -ولو كتابةً- منهج الشَّيخ الألباني في التَّصحيح والتَّحسين،هذا؛ لإسكات الذين أكثروا الشَّغب على منهجه في الصَّحيح والحسن؟
الجواب:
الحقيقة: هذا موضوع جليل، وكُتبت رسائل عِلميَّة أكاديميَّة متعدِّدة -دكتوراه وماجستير-ممكن أكثر من عشر رسائل في هذا الموضوع وأبوابِه ومَداخِله-.
وأنا أنصح بكتابٍ لي، مَن وقف عليه يتَّضِح له الجواب على هذه المسألة التي يسأل عنها السَّائل -ردًّا على أولئك المشاغِبين والْمُشغِّبين-، وهو كتابي «طليعة التَّبيين»، وهو موجود على موقعي الخاص على (الإنترنت)، تستطيع على (قوقل) إذا كتبتَ «طليعة التَّبيين» أن يَخرج لك مباشرة؛ «طليعة التَّبيين في الرَّد على المفرِّقين بين منهج المحدِّثين المتقدِّمين والمتأخِّرين».

19. السُّؤال:
ما هو أحسن شرح لـ«بلوغ المرام»؟
الجواب:
الحقيقة الشُّروح كثيرة؛ لكن أشهرُها: «سُبُل السَّلام» و«توضيح الأحكام».
و«سُبُل السَّلام» أصلُه من كتاب «البدر التَّمام» للمغربي، وهو كتاب ليس مشهورًا، فَرعُه صار أشهر منه.
وأمَّا «توضيح الأحكام»؛ فهو للشَّيخ البسَّام -رحمه الله-.

20. السُّؤال:
هل يجوز القنوت في الصَّلاة لوباء (الكورونا)؟
الجواب:
نعم؛ يجوز؛ لأنَّه دعاء لقوم أو على قوم، وأنت تدعو للمسلمين أن ينجِّيهم من هذا البلاء ومن هذا الوباء ومن هذا الدَّاء، وقد صحَّ عن أنس -كما في «مسند» أحمد-: «أن رسول الله ﷺ ما كان يَقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم» فهذا يتنزَّل عليه هذا المعنى -تمامًا-.
لكن: بعض الدُّول الإسلاميَّة تجعل هذا القنوت مرتبِطًا بإذن وليِّ الأمر؛ فهذا لا مانع منه، لا بد مِن أخذ إذن ولي الأمر.
قد يكون الإذن ضِمنيًّا، فإذا كان الإذن ضَمنيًّا؛ فهو مقبول.
أمَّا إذا كان الإذن لا بد التَّثبُّت منه والثَّبات عليه؛ فلا بد -حينئذ- درءًا للفتنة والمحنة.

21. السُّؤال:
لو أنَّ المرأة نزل حيضُها في آخِر وقت الصَّوم: هل بطل الصَّوم، أم تستمر في صومِها؟
الجواب:
تقصد: لو نزل دمُ حيضِها في آخِر خمس دقائق -أو حتى دقيقة- قبل غُروب الشَّمس؛ فإنَّها يفسُد صومُها؛ وبالتَّالي: أصبحت مُفطِرة بعذرٍ شرعي، ما فائدة أن تستمرَّ بصومها وصومُها غير شرعي؟!

22. السُّؤال:
(الزُّعوط): هل يؤثِّر في صحَّة الصِّيام؟
الجواب:
(السَّعوط) أو (الزُّعوط) -كما يُقال في بعض اللَّهجات-: هو مادَّة توضع في الأنف وتُستنشَق بقوَّة لأسباب -الحقيقة- أنا لا أعرفها -الآن-، وأنا أدركتُ بعض النَّاس من الشُّيوخ الكبار -في السِّن أقصد- مَن يفعل ذلك؛ لكن: لماذا؟
يقولون: هو يفتِّح الذِّهن..الله أعلم.
أمَّا: هل هو يُفطِّر؟ لا أرى أنَّه يُفطِّر.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

23. السُّؤال:
هل شمُّ النعناع يؤثِّر على الصِّيام؟
الجواب:
لا يؤثِّر.
لكن الذي يؤثِّر على الصِّيام: تعمُّد شم البخور -خاصَّة إذا كان كثيفًا-.
أمَّا أنت وضعتَ البخور -هناك أو هناك- في مكان بعيد -لأجل تغيير جو الغرفة-؛ فهذا لا يؤثِّر.
أمَّا الاستنشاق بهذه الصورة الكثيفة التي تُفعل في بعض دُول الخليج -من باب الإكرام-جزاهم اللهُ خيرًا-؛ فهذه تُفطِّر -لا شكَّ، ولا ريب-.

24. السُّؤال:
هل يُسن الاغتِسال يوم الجمعة رغم إغلاق المساجد؟
الجواب:
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «مَن أتى الجمعةَ؛ فلْيغتسِل»، أنت لم تأتِ الجمعة؛ وبالتَّالي: لا يجب عليك غُسل الجمعة.
لكن: لو اغتسلتَ؛ نحن لا نقول: هنالك مانع؛ لكن: نتكلَّم عن الغسل المرتبط بأداء الجمعة في المسجد.

25. السُّؤال:
كيف نُحسن الدُّعاء عند الإفطار؟
الجواب:
عليك بالأدعية الجوامع ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، «اللهم اغفر لي وتُب عليَّ؛ إنَّك أنت التوَّاب الغفور»، اللهمَّ أكرِمني، ولا تُهِني.. هكذا، بالإخلاص والصِّدق وجَمع القلب على هذا الدُّعاء، مع حُسن الظنِّ بالله -عزَّ وجلَّ- بالاستجابة.
[سلام من بعض طلبة العلم من فلسطين، وتعليق الشَّيخ -رحمه الله-]
هنا يقول أحد الإخوة -جزاه الله خيرًا-: سلام لك من كل أبنائك في فلسطين.
جزاكم الله خيرًا -يا أبناء فلسطين..ويا إخواني.. ويا أحبابي..-، وأنا لم أرَ فلسطين منذ كان عمري خمس سنوات، زُوِّرتُ فلسطين والقدس وأنا ابن خمس سنوات -سنة -ممكن-الـ(65)-قبل الاحتلال بِسنتَين-، ولم أرَها -بعد ذلك- إلا في المنام والأحلام، وعسى أن تترجم إلى واقع في قابل الأيَّام، وما ذلك على الله بعزيز.

26. السُّؤال:
هل يُفهم من حديث: «صلَّى أربعًا فلا تسأل عن حُسنِهنَّ وطولهِنَّ» سُنِّيَّة الاستراحة بعد كلِّ أربع ركعات من صلاة التراويح؟
الجواب:
نعم، ومن هنا سُمِّيت التَّراويح (تراويح)؛ للرَّاحة بين الرَّكعات.
الآن: هل الرَّاحة في كل أربع ركعات أو ركعتين؟
الأمر قد يكون مُجتهَدًا فيه.
لكن هذا الحديث: «كان يُصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حُسنِهنَّ وطولهِنَّ، ثُمَّ يُصلِّي أربعًا» (ثُم) تفيد التَّراخي في الزَّمان والفعل، وكما قُلنا: من أجل ذلك سُميت التَّراويح (تراويح).

27. السُّؤال:
بالنسبة لزكاة عروض التِّجارة: هل يُحتسب رأس مال السِّلعة أو ثمن البيع -علمًا بأن السِّلعة يتغيَّر ثمنُها عبر السَّنة، ولربما انهبط الثَّمن عن رأس مالها-؟
الجواب:
قدِّر تقديرًا.
يعني: لو زاد أو نقص قليلًا، وباجتهادك -وأنت تعرف السُّوق، وتعرف الظروف، وتعرف الزَّائد والنَّاقص-؛ فالأمر -حينئذ- أسهل -إن شاء الله-، ولا تُشدِّد على نفسِك في هذا الباب.

28. السُّؤال:
شخص لا يصوم بسبب العذر من المرض الدَّائم: هل عليه صدقة زكاة فطر؟
الجواب:
نعم؛ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «على الصَّغير والكبير» الصَّغير لا يصوم -حتى لو كان ابن يوم..ابن ساعتِه-، لا يصوم؛ لكن: عليه زكاة فطر. هذه قضيَّة أخرى.
وكذلك المريض: عليه زكاة فِطر، حتى كان لا يصوم.
النُّفساء: عليها زكاة فِطر، حتى لو استغرقت شهر رمضان -كلَّه-.. وهكذا.

29. السُّؤال:
هل يجوز إسقاط الدَّين واحتسابه من الزَّكاة؟
الجواب:
يجوز إذا كان دَينًا حيًّا.
أنت تعرف أن هذا الرَّجل قد يسدُّك هذا الشَّهر -أو الشَّهر التَّالي-، فأتيتَ إليه اليوم، قلت له: هذا من الزَّكاة.
لكن: أن تأتي إلى دَين ميِّت -أو في حُكم الميِّت-، ثم تقول: أريد أن أجعل هذا بهذا! هذا لا يجوز.
والأَوْلى من الصُّورتَين -وخاصَّة الصُّورة الأولى التي جوَّزناها-: أن تُملِّكه المال، ثم تطلب حقَّك.
هذا -لا شكَّ- أرْوَح للنَّفس، وأقرب إلى الحق.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

30. السُّؤال:
حديث: «ذهب الظَّمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجرُ إن شاء الله» كثر الكلام حوله -هذه الأيَّام- حول تضعيفه وتعليله: فهل لكم دراسة خاصَّة حوله؟
الجواب:
وهل في هذه الأيَّام -فقط- كثُر القول في التَّعليل والتَّضعيف حول هذا الحديث؟
أعطِني حديثًا صحيحًا في عبادتِك وعقيدتِك لم نَرَ المولَعين بالتَّعليل والتَّضعيف الْغُلاة في ذلك يضعِّفونه ويُعلِّلونه!
أعطِني حديثًا واحدًا!
عشرات -بل مئات الأحاديث- التي يُصحِّحها العلماء، هؤلاء يُضعِّفونها!
وأنصح الأخ السَّائل -إذا كان ذا معرفة وحِرص على معرفة الحديث؛ حتى يعرف كيف يُفكِّر هؤلاء- بكتابي «طليعة التَّبيين» -الذي أشرتُ إليه-قبل قليل-؛ ففيه نفعٌ له -إن شاء الله-، ونفعٌ لجميع الإخوة.

31. السُّؤال:
ما حُكم قول: «ربَّنا ولك الحمد» للمنفرد؟
الجواب:
حُكم المنفرِد أن يقول: «ربَّنا ولك الحمد» كما هو حُكم الإمام إذا قال: «سمع الله لمن حمِدَه»، لا فرق.
الصَّلاة جاءت لتُبيِّن أن الإمام يقول: «سمع الله لمن حمِدَه»، والمأموم يقول: «ربَّنا ولك الحمد» عند التَّناظُر.
أمَّا عند الانفراد: فهذا يقول الكلمتَين، وذاك يقول الكلمتَين.



انتهى اللِّقاء الثَّاني والأربعون


رد مع اقتباس
  #43  
قديم 05-05-2021, 09:18 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّالث والأربعون
(23 رمضان 1441 هـ)



[حول مسألة (والدَي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلاة-، وحُكمهما الأخروي)]
ومما أحبُّ أن أذكرَه بين يديِ اللِقاء: ما أخبرني به بعضُ الإخوة -قبل قليل- حول مسألة قديمة جديدة، تكلَّم فيها أهلُ العلم، وألقى كلٌّ منهم بِدَلوه في هذه المسألة؛ ألا وهي المسألة المعروفة بـ(مسألة والدَي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلاة-، وحُكمهما الأخروي).
وهي مسألة -أوَّلًا- خِلافيَّة بين أهل العلم -حتى الشَّافعيَّة منهم، والأشعريَّة منهم-، وسيأتي ذلك والإشارة إليه.
ثانيًا: هي مسألة ليست من أصول العقائد.
ثالثًا: هي مسألة لا يترتَّب عليها عَمل ولا عِلم.
رابعًا: هي مسألة لا تؤثِّر -في قليل ولا في كثير- على جناب النبوَّة وعظمة سيِّدنا رسول الله -صلَّى الله-تعالى-عليه وآله وسلَّم-.
وأخيرًا: إثارتُها أمام العامَّة والدَّهماء لا تُناسب -بتاتًا-.
وقد أثارها -هذه الأيَّام- بعضُ النَّاس، وقد أظهروها على غير وجهِها -وغير حقيقتِها-! حتى اتَّهموا القائلين بالقول الآخَر أنَّهم تكفيريُّون! فيما بلغني؛ الله أعلم حقيقة القول؛ لكن هذا الذي بلَغني.
وهذه تُهمة -واللهِ- صَلعاء رَعناء، ما أنزل اللهُ بها من سلطان!
ولو قُلنا بها وقبِلناها؛ فإن الإمام النَّووي تكفيري، والإمام البيهقي تكفيري، والإمام الرَّازي تكفيري، والإمام الطَّبري تكفيري، وغير هؤلاء ممَّن ذهبوا هذا المذهب!
وكما قلتُ: نحن لا نبحث هذه المسألة، ولا نُثيرُها؛ ولكن: إثارتُها مقصودة، وإثارتُها مرصودة!
لماذا؟!
وماذا وراء ذلك؟!
وماذا يُريدون!؟ ومنهجنا في باب التَّكفير منهج واضح، وأنا أزعم أنَّه لا يوجَد أحد ردَّ على التَّكفيريِّين وأفكار التَّكفيريِّين والمخالِفين والمنحرِفين والْغُلاة والمتطرِّفين مثل ما ردَّ عليه طلبة العلم من أهل السُّنة ودُعاة منهج السَّلف، وهذا معروف على جميع الأُطُر والدَّوائر -كما يُقال-؛ فبالتَّالي: الْمُزاودة -معذرة من هذا التَّعبير- الْمُزاودة في هذا الأمر لا تَليق، ولا تنبغي، ولا تَحسُن.
وأظن أن الإخوة الذين يشاهدونني في هذه اللَّحظة يَرَون أنِّي أتحفَّظ في التَّعابير، وأتحفَّظ في الكلام -قدر الاستطاعة-، ولا أريد أن أتوسَّع، ولا أريد أن أفصِّل القول، مكتفيًا بالنقاط الأربعة -أو الخمسة- التي صدَّرتُ فيها القول، مُشيرًا ومؤكِّدًا -من قبلُ، ومن بعد- إلى أنَّها مسألة خِلافيَّة بين أهل السنَّة.
الآن؛ رجِّح ما شئتَ أن تُرجِّح؛ لكن: لماذا تُثيرها!؟
ولماذا تثوِّرها!؟
ولماذا تقول: من قال بهذا القول في قلبِه حِقد على الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-!؟
أهكذا التَّسامح -يا دُعاة التَّسامُح!-؟!
أم تتسامحون مع اليهود والنَّصارى ولا تتسامحون مع أهل السُّنَّة إذا أنتم ثوَّرتموهم -وهم يسكُتون ولا يتكلَّمون، ويصبِرون ويتصبَّرون-؟!
هذا -في الحقيقة- ليس من الصَّواب، وليس من العدل، وليس من العلم!
هذه مسألة: إذا بُحثت؛ تُبحث بين يدي العلماء -لا غير-، ولا يُتوسَّع فيها، ولا يُبحثُ فيها؛ للأسباب التي ابتدأتُ فيها كلمتي -على تحفُّظ-، ولا أريد أن أتوسَّع في القول؛ وإلا: فقد رأيتُ بعض الْمُشار إليه بالْبَنان ممن يتكلَّمون في هذه المسألة -بغض النَّظر عن رأيهم واجتِهادهم-؛ لكن: كانت مسالِك الاستدلال التي استدلُّوا بها بعيدة -جدًّا جدًّا جدًّا- عن العلم وأهلِ العلم ونَسقِ العلماء، حتى إن بعض قال: هذا فيه إيذاء للرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ومؤذي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- ملعون!!
والله؛ هذا لا نعرفه في تاريخ العلم!
أنت -بذلك- تتهم النَّووي والبيهقي والرَّازي والطَّبري، وجماعة كبيرة من العلماء في ذلك!
افقَهْ ماذا تقول!
واعقِل ماذا تقول!
ليس هكذا العلم..وليس هكذا أدبُ العلم..وليس هكذا أخلاق العلم..وليس هكذا التَّسامُح في العلم..ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
والله يعفو عنا وعنهم، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجِعون.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
هل يُقرأ دعاء الاستفتاح في كلِّ ركعتَين التراويح؟
الجواب:
نعم؛ يُقرأ؛ لأن كلَّ ركعتَين من التراويح مُستقلَّتان؛ وبالتَّالي: كل ركعة لها تكبير، ولها تسليم، والتَّكبير يَتبعُه دعاء الاستفتاح -أو التوجُّه- الوارِد.
لماذا نبني ركعتَين على ما قبلهما؟ هذا غير صحيح، ولا دليل عليه.

2. السُّؤال:
بعضُهم يقول: إن شُرب الدخان لا يُفطِّر -قياسًا على البخَّاخ، ودخان النَّار، وبخار الماء-؛ ما صحَّة هذا القياس؟
الجواب:
هذا قياسٌ فاسد.
أنتَ تقول: (شُرب الدُّخان)؛ فالدُّخان نوع من الشَّراب -حتى ولو كان منفوثًا ومنفوخًا-، فلَهُ جِرم وله كتلة تتجمَّع فتصبح ذات قدْر من (النيكوتين) والبلاوي الأخرى -نسأل الله العافية-.
فقِياس الدُّخان على الأمور الأخرى -غير المقصود، وغير المرادة لذاتِها-؛ فلا.
بل نحن نعلم -وأنتم تعلمون- أن بعض النَّاس مُستعد أن يصوم ثلاثة أيام..أربعة أيَّام؛ لكن: إيَّاك أن تَمنعه من الشُّرب! رجعنا إلى الشُّرب، والشُّرب من المفطِّرات.

3. السُّؤال:
ما حُكم الاستغفار بِنِيَّة دُنيويَّة؟
الجواب:
في القرآن الكريم من الأدعية القرآنيَّة: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، في القرآن الكريم: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾.
لا مانع من ذلك؛ لكن: إيَّاك أن تَجعله مَبلغ عِلمك، وغاية همِّك.
لِيكنْ مبلغ عِلمك وغاية همِّك: الآخرة، ولا مانع من النَّظر والالتِفات إلى الدُّنيا بِقدرها وعدم تجاوزِها، وأمَّا الآخرة؛ فهي الأصل الأصيل في هذه الحياة.

4. السُّؤال:
ما هي الكيفيَّة الصَّحيحة في عَقد الأصابع للتَّسبيح؟
الجواب:
أنا أعلم أنَّه انتشر -قبل أيَّام-على وسائل التَّواصل الاجتماعي- (فيديو) يتكلَّم عن كيفيَّة التَّسبيح باليد، وأنا أجبتُ على ذلك مِرارًا، وقلتُ: لا يوجد دليل قاطع في المسألة.
من العلماء مَن يُسبِّح على أطراف الأصابع، ومنهم مَن يُسبِّح بِثَني الأصبع كلِّه، ومنهم مَن يُسبِّح على عُقد الأصابع، وهو الذي يَنشرح له صدري، وهو ما رأيتُه عليه شيخَنا -رحمه الله-تبارك وتعالى- فيما كان يُسبِّح.
أمَّا أن نقول بأنَّ هذه الصُّورة هي المقصودة فقط دون غيرها؛ فلا؛ هذا ليس هو المقصود، وليس هو المشروع -في قليل ولا في كثير-..أقصد الجزم؛ وإلا فالأمرُ واسع.

5. السُّؤال:
هل الوتر يُطلق على عدد الرَّكعات، ويُطلق على ما يوتِر به صلاة الليل والنَّهار؟
الجواب:
أمَّا النَّهار: فلا؛ لأن الوتر صلاة ليليَّة.
والوتر: هو ما تُختَم به صلاة اللَّيل، هذا هو المقصود بالوتر.
والوتر المقصود به الواحد: إنسان صلَّى ركعتين؛ يوتر بثالثة..إنسان صلَّى أربعًا؛ يوتِر بخامِسة.. إنسان صلَّى سِتًّا؛ يوتِر بسابعة..وهكذا.. هذا هو المقصود.
أمَّا وتر في النَّهار؛ فلا.

6. السُّؤال:
امرأة صلَّت ولما علِمت أنَّها صلَّت في ثياب طاهرة -يعني: بعد أن صلَّت؛ علمت أنَّها صلَّت في ثياب غير طاهرة-؟
الجواب:
أرجو أن لا بأس في ذلك؛ لأنها لم تَعلَم إلا بعد انتهاء صلاتِها -أوَّلًا-، وهي تَجهل الواقع -ثانيًا-؛ فليس عليها شيء في ذلك -إن شاء الله-.

7. السُّؤال:
هل في رمضان طلبٌ للعلم، أم فقط التفرُّغ لقراءة القرآن؟
الجواب:
لا شكَّ أن شهر رمضان هو شهر القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾؛ لكن: هذا الشَّهر..أقول: لا يعني أنَّك فقط تقرأ القرآن.
هذا شهر قراءة قرآن..هذا شهرُ نوافل..هذا شهرُ صدقات..هذا شهرُ إحسان..هذا شهرُ إصلاح..هذا شهرُ طلب عِلم..هذا شهرُ دعوة إلى الله وتذكير بما عند الله..؛ لا نُحجِّر واسعًا..
وهذا لا ينفي أن يكون الأصل هو قراءة القرآن.

8. السُّؤال:
من يتعامل بالهجر: كيف نُعامله على وفق السُّنَّة؟
الجواب:
عامِله كما صحَّ وورد عن سيِّدنا عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-: (لا يُجزئ مَن عصى اللهَ فيك بأحسنَ مِن أن تُطيع اللهَ فيه).
فليهجُرك وأنتَ لا تهجره، بالعكس: حاوِل أن تَصلَه وتُذكِّره وتأمره وتنهاه بالتي هي أحسن للتي هي أقوم؛ لعلَّه يَرتدع، ولعله يَرتجع، فإن أبى؛ فلا حول ولا قوَّة إلا بالله، أنتَ أدَّيتَ الذي عليك، واسأل الله الهدايةَ له.
واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.

9. السُّؤال:
ما حُكم صندوق التَّقاعد؟
الجواب:
المعروف أن التَّقاعُد هو مِنحة من الدَّولة للذين خَدموا فيها سنوات محدودة معروفة -عبر القانون-؛ وبالتَّالي: حتى في الموازَنة العامَّة للدُّوَل يكون -هنالك- موازَنة خاصَّة للمتقاعِدين، هذا هو المعروف؛ وبالتَّالي: هو أمرٌ جائز.

10. السُّؤال:
ما التَّفصيل في مسألة صلاة الليل بعد الوتر -في حال لم يتم تأخير الوتر خوفًا من النَّوم-؟
الجواب:
الأصل: «اجعلوا آخرَ صلاتِكم في الليل وترًا»؛ هذا هو الأصل.
والأصل -كذلك-: «لا وِتران في ليلة».
هذا هو الأصل في هذا الباب.
فالإنسان إذا فاته الوتر -مثلًا- وأصبح؛ فحينئذٍ نقول له كما قال النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «من نام عن وتره؛ فليصلِّه إذا استيقظ».

11. السُّؤال:
ما رأيك بتقليد الأصوات من غير تكلُّف؟
الجواب:
أنا لا مانع عندي من تقليد الأصوات من غير تكلُّف -أوَّلًا-، ومن غير مخالَفة لأحكام التَّجويد -ثانيًا-، وحديث أبي موسى الأشعري -وقد ذكرناه في بعض الفتاوى قريبًا- لمَّا سمعه الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- وهو يَقرأ القرآن قال: «أمَّا إنَّ هذا فقد أوتي مِزمارًا من مزامير داود»، إلا أن قال: لو أني أعلم -يا رسول الله-؛ لحبَّرتُه لكَ تحبيرًا.
فتقليد الأصوات من باب ضبط هذا الصَّوت والإتقان وحُسن التَّغنِّي بالقرآن: أمرٌ مرغوب فيه، ومُرغَّب به؛ بِشَرطَين:
الشَّرط الأوَّل: عدم التكلُّف.
والشَّرط الثَّاني: عدم مخالفة أحكام التَّجويد المعروفة.

12. السُّؤال:
هل مَن يتوب من ذنب توبةً نصوحًا تزول عقوبة الذَّنب الدُّنيويَّة؟
الجواب:
نعم؛ مَن ستر الله عليه في الدُّنيا؛ يستر الله عليه في الآخرة -إن شاء الله-؛ إلا ما كان مِن حقوق العباد، فحُقوق العباد أمرُها مختلِف، فهي تدخل في باب المقاصَّة يوم القيامة.
أمَّا الذنوب التي بين العبد وربِّه؛ فالله غفور رحيم.

13. السُّؤال:
ما حُكم شُرب المرأة دواء لإيقاف دم الحيض في رمضان؟
الجواب:
قد ورد مثلُ ذلك عن بعض السَّلف كما في مصنَّف الإمام عبد الرزَّاق الصَّنعاني -رحمهُ الله-: عن بعض نساء السَّلف أنَّهنَّ كُنَّ يَشربنَ نَقيع الأراك.
الأراك: هو عصا السِّواك.
يبدو أن هذه التَّجربة عربيَّة مشهورة في الطبِّ العربيِّ؛ لتأخير الحيض -ونزول الحيض-.
لكن: أنا أجعل لذلك شرطَين:
الشَّرط الأوَّل: أن لا يترتَّب على المرأة التي تشرب هذا الدَّواء مفسدة، أن لا يترتَّب عليها ضرر.
والشَّرط الثَّاني: أن يكون بإِذن الولي إذا كانت متزوِّجة، وإذا غير متزوِّجة تستأذن أمَّها أو أختها الكبيرة -وما أشبه ذلك-.

14. السُّؤال:
هل يجوز أن أسبِّح اللهَ بين كلِّ ركعتَين في قيام الليل؟
الجواب:
يجوز، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «أن لا يزال لسانُك رطبًا بِذِكر الله»؛ لكن هذا في الصَّلاة المنفردة.. في صلاة الليل التي في هذه الأيَّام -زمن (الكورونا)-.
أما في صلاة الليل -في الزَّمان العادي- في الجماعات: أنت تَعلم أنه بعد الرَّكعتَين مباشرة يقوم الإمام؛ وبالتَّالي: لا يوجد مكان للتَّسبيح.
أمَّا: أنت وحدك..أو وأنت تُصلي بأهل بيتك، [تُصلي] ركعتين، ثم لا مانع أن تَذكُر الله في السِّر -وما أشبه ذلك-.

15. السُّؤال:
أكل التَّمر مع الماء: هل هو خِلاف السُّنَّة؟
الجواب:
يا إخواني: شُرب الماء، وأكل التَّمر؛ هذه أمور دُنيويَّة -أصلًا-؛ لكن الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يفتتح بالتَّمر، لو افتتحتَ بالماء لا مانع؛ لكن: «خير الهدي هدي محمَّد -عليه الصَّلاة والسَّلام-» ولو بالأمور الدنيويَّة.
اليوم: النَّاس يتأسَّون في الأمور الدُّنيويَّة بِمن هو لا يُقارَن -واحد بالعشرة ملايين- مع الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، فأَوْلى أن يكون تأسِّينا بالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولو في الأمور الدُّنيويَّة..الأمور الْجِبِليَّة؛ لا مانع؛ كما كان يفعل ابن عُمر -رضي الله-تعالى-عنهما-.

16. السُّؤال:
الرَّجل إذا باشر زوجتَه في نهار رمضان، فخرج سائل لزج من المرأة: هل صيامُها صحيح؟
الجواب:
طالما لم يَحدُث جماع؛ فصيامُها صحيح، فقط تتوضَّأ لصلاتِها، ما دام لم يحدث معها -أيضًا- ولو في داخل نفسِها ما هو مِن موجِبات الطهارة؛ لأنَّ المرأة.. لها شهوة كُبرى كالرَّجل، فإذا حصلت هذه الشَّهوة -سواء بِجماع أو بغير جماع-؛ فهذا موجبٌ للغُسل فيها.
أمَّا: هل هذا يَنقض ويُفسد صومَها؟
الصَّواب أنه لا دليل.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

17. السُّؤال:
هل يجوز جمعُ النِّيَّات؟ وما شُروط ذلك؟
الجواب:
أنا أجبتُ على هذه المسألة -مرارًا-، وقلتُ: المسألة خِلافيَّة بين كبار علماء الإسلام، حتى بعض العلماء -الإمام النَّووي- يقول: مكثتُ كذا وكذا من السَّنوات وأنا أبحث في هذه المسألة!
فالقول بالمسألة -سلبًا وإيجابًا- من الأمور التي اختلف فيها أهل العلم؛ لكن: أنا أَميل إلى أن كلَّ عملٍ له نِيَّتُه، وأن جمعَ النيَّات غير مشروع.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

18. السُّؤال:
هل يجوز الصَّلاة في الليل بغير نِيَّة قيام الليل؟
الجواب:
ماذا تفعل في صلاة الليل غير نِيَّة قيام الليل؟!
نعم؛ ممكن إذا توضَّأت أن تُصلِّي ركعتين -سُنَّة الوضوء-، أو -مثلًا-: إذا دخلتَ المسجد -أيَّام المساجد-.. نسأل الله أن يُقرِّبها منَّا، ويُقرِّبنا منها-أكثر وأكثر-يا رب العالمين-؛ بأن يَصرف الله هذا البلاء والوباء والدَّاء، نسأل الله -تعالى- العافية..قد تدخل المسجد تُصلِّي ركعتَين؛ هذه لا تُعد قيام ليل، هذه لها أسبابُها.
وهذا هو الجواب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

19. السُّؤال:
ما حُكم مَن يُفطر على خرخشة الصَّوت قبل الأذان؛ بحجَّة أن الإمام يُفطر على الأذان؟
الجواب:
هذه النِّصف دقيقة -أو: العشرون ثانية- لن تؤثِّر في صومِك، وبخاصَّة إذا كنتَ بين أهلِك وولدِك، سيقولون: كيف أفطرتَ قبل الأذان! لا يَعرِفون أنَّ هذه الخرخشة -فعلًا- هي مؤذِنة ببدء الأذان!!
الأمر يحتاج إلى حِكمة.

20. السُّؤال:
لماذا يتمُّ الأذان قبل الفجر الصَّادق بمدَّة، والأذان بعد الغروب بمدَّة؟
الجواب:
الذين فعلوا ذلك -على وجهِ التعمُّد- قصدوا الاحتِياط، والاحتياط مَقبول؛ لكن: ليس بالصُّورة التي نراها اليوم مِن الإكثار مِن الوقت، أن يكون الوقت كبيرًا.
احتَط لصيامِك عشر دقائق -مثلًا-، أو خمس دقائق، أو -حتى- ربع ساعة؛ لا مانع.
كذلك: تحتاط لصلاتك.
بعض النَّاس يحتاط لصيامِه، ولا يحتاج لصلاتِه، والاحتياط للصَّلاة أهم.
كذلك المغرب -سواء بِسواء-.

21. السُّؤال:
ما حُكم قضاء رمضان مع ست من شوال إشراكًا في الصِّيام؟
الجواب:
قصدُه: إشراكًا في النيَّة؛ كما المسألة التي أجبنا عليها قبل قليل؛ وهي: مسألة جَمع النيَّات في عمل واحد.
أنا لا أرى ذلك.
كل عمل له نِيَّتُه: صيام شوَّال له نِيَّتُه، وقضاء رمضان له نِيَّتُه، ويوم الاثنين والخميس له نِيَّتُه، الأيَّام من كلِّ شهر لها نيَّتُها..
وتخيَّل لو أنَّنا جمعنا الأيَّام البيض مع الاثنين والخميس مع السِّت من شوَّال مع القضاء..كلُّه في فِعل واحد؛ هل هذا هو الشَّرع؟
الذي يقول بالجواز؛ يجب أن يُفتي بهذا الجواز -سواء بِسواء-، وهو ما لا ينشرح له صدري، وفي نفس الوقت مع التَّوكيد إلى أن المسألة فيها خِلاف بين العلماء؛ فلا نُشدِّد، نختار هذا القول، ولا نُشدِّد في القول الآخر.

22. السُّؤال:
ما رأيكم في تحقيق الدُّكتور بشَّار عوَّاد معروف لكتاب «التَّمهيد»؟
الجواب:
الدُّكتور بشَّار عوَّاد صديقُنا القديم -لعلَّنا نعرفه منذ أكثر من ثلث قرن-، وهو رجل مُحقِّق مُجوِّد في التَّحقيق ومُتقِن، ولا أعلم في هذا الزَّمان مَن هو أقوى منه في تحقيق المخطوطات والنَّظر فيها ومعرفتها.
لكن: في باب الحديث والفقه له وعليه.
ومع ذلك: انتقد كثيرٌ من الباحثين والمحقِّقين عمل الدُّكتور بشَّار في «التَّمهيد» باعتمادِه على بعض النُّسخ النَّاقصة التي ليست هي -على تعبيرِه- الإبرازة الأخيرة، أو أنَّ فيها إضافات، فلم يَضع الإضافات في الهامش، فكان بِودِّنا أنه وضع الإضافات في الهامش مع الإشارة إلى أن هذا مما تفرَّدت به النُّسخة الفلانيَّة، أو النُّسخة الفلانيَّة.

23. السُّؤال:
ما حُكم قتل الحشرات -لكثرتِها-؛ مثل: النَّمل والعناكب؟
الجواب:
كل ما يُؤذيك، ولا تستطيع دَفعَه إلا بالقتل -من هذه الحيوانات-؛ فيجوز قتْلُه.
الأصل: محاولة إبعاده -بأي طريقة أو بأخرى-، فإن لم تستطع؛ فلا مانع من قتله؛ لكن: «إذا قتلتُم فأحسِنوا القتلة» -كما قال النَّبي-صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم-.

24. السُّؤال:
حديث: «الذي تفوتُه صلاةُ العصر كأنَّما وُتر أهلَه وماله» هل المقصود الجماعة، أم خروج الوقت؟
الجواب:
لا؛ بل المقصود خروج الوقت، المقصود أنَّه فاتته هذه الصَّلاةُ -كلُّها-، ليس المقصود أنَّه فاتته صلاة الجماعة فقط، هذا وجه التَّفريق بين الأمرَين.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

25. السُّؤال:
مِن أين يبدأ مَن أراد حِفظ الحديث؟ وما الفرق بين حِفظ الحديث وعِلم الحديث؟
الجواب:
حِفظ الحديث: مادَّة من عدَّة مواد موجود في (عِلم الحديث).
هنالك: فِقه الحديث، وهنالك: تخرج الحديث، وهنالك: مصطلح الحديث، وهنالك: غريب الحديث، وهنالك: ناسخ الحديث ومنسوخه.. أبوابٌ كثيرة -وكثيرة جدًّا- في موضوع عِلم الحديث.
حِفظ الحديث بابٌ من هذه الأبواب.
وأنا أقول: إذا لم يكن حِفظ الحديث مقرونًا بِفقه الحديث؛ فلن يُفيد كثيرًا.
فيا مَن وفَّقك الله لِحافظة قويَّة: اجعل هذه الحافظة مُرتبطةً بالفقه للحديث، وبالتأمُّل والتدبُّر لمعانيه وما يُستنبَط منه، وما يُستفاد منه.

26. السُّؤال:
أحدُهم قال: حديث: «مَن قال مئة ألف مرَّة (لا إله إلا الله وحده لا شريك)؛ عُتق من النَّار». قال السَّائل: بحثتُ فلم أجده؛ فهل وقفتُم عليه وعلى صحَّته؟
الجواب:
هذا حديثٌ لا يصح -يقينًا-.
وأنا قلتُ -قبل قليل-: بأن أكثر عدد ورد في الأحاديث الصَّحيحة والأذكار: عدد مئة، ليس (مئة ألف)! ولكن: (مئة) -فقط-؛ هذا هو المنقول عن سيِّدنا الرَّسول -صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه-أجمعين-.
أمَّا غير ذلك..في رواية: (مئتين)؛ لكن: جاءت روايات أخرى تُبيِّن: (مئة صباحًا، ومئة مساء).
أمَّا الأُلوف، وعشرات الألوف، ومئات الألوف..؛ فهذا لا يوجد.

27. السُّؤال:
ماذا تنصحون من الكتب لطلاب العلم المبتدئين؟
الجواب:
دائمًا وأبدًا: أنا إذا سُئلتُ هذا السُّؤال؛ أقول للمبتدئ -بمعنى المبتدئ-: ابدأ بكتاب «توجيهات إسلاميَّة» للشَّيخ محمد جميل زينو -رحمة الله عليه-، وهو شيخ سوري، عاش -أكثر دهرِه- في مكَّة، وكان صوفيًّا، ثم صار من أهل السُّنَّة ودُعاة منهج السَّلف.
كتاباته «التَّوجيهات الإسلاميَّة»:
أوَّلًا: متنوِّعة وجامِعة.
ثانيًا: سهلة.
ثالثًا: صحيحة.
هذا الجمع قد لا تجدُه في مؤلَّف آخر أو في مؤلِّف آخر.
رحم الله الشَّيخ، وأجزل النَّفع والفائدةَ من مؤلَّفاته، رحمه الله -تعالى-.

28. السُّؤال:
ما الفرق بين الإيمان والإسلام؟
الجواب:
الإيمان: هو الأعمال الباطنة، والإسلام: هو الأعمال الظَّاهرة؟
الإيمان: هو العقائد، والإسلام: هو الأفعال.
لكن: العلماء قالوا قاعدة:
قالوا: إذا ذُكر الإسلام والإيمان فهذا هو وجهُ التَّفريق بينهما -على ما شرحتُ-.
أمَّا إذا ذُكر الإسلام -وحده- في نصٍّ منفردًا، وذُكر الإيمان في نصٍّ منفردًا؛ فهذا بمعنى ذاك، وذاك بمعنى هذا.
أما إذا اجتمعا في نصٍّ واحد؛ فهما على ما أشرتُ -وما ذكرتُ-.

29. السُّؤال:
هل يجتهد النَّبي ﷺ في الأمور الشَّرعيَّة؟
الجواب:
بلى؛ يجتهد، فإمَّا أن يُقرَّه الوحي، وإمَّا أن يُسَدِّده، وهذا كثير في السُّنَّة.
ولبعض الْفُضْلَيات من النِّساء المتفقِّهات كتاب -مجلَّد كبير- بعنوان «اجتهاد النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه-أجمعين-».

30. السُّؤال:
استيقظ أحدُهم من النَّوم في الثُّلث الأخير من الليل، وكان قد صلَّى الوتر: فهل يُصلِّي قيام الليل؟ وهل إذا صلَّى القيام يكون مُخالِفًا لأمر النَّبي ﷺ: «اجعلوا آخرَ صلاتِكم بالليل وِترًا»؟
الجواب:
من كان على هذه الحالة، واستيقظ بعد نوم وقد أتمَّ صلاتَه وأوتَر: وردت السُّنَّة بإباحة صلاتِه ركعتَين.
حتى الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- لَمَّا صلَّاهما؛ صلَّاهما جالسًا؛ لكن الجلوس من باب بيان الجواز؛ وإلا فالأصل: أنَّه إذا أراد أن يُصليَهما من قيام؛ صلَّى، ولا شيءَ عليه في ذلك.

31. السُّؤال:
ما حُكم القرض الذي تتولى الدَّولة سَداد فائدته؟
الجواب:
إن كان الحال كما هو لفظ السُّؤال: فيجوز؛ لأن الأمر -كلَّه- راجع إلى الدَّولة -القرض من الدَّولة، والفائدة من الدَّولة، والفائدة إلى الدَّولة-؛ فلا بأس في ذلك.
لكن: أخشى -أحيانًا- أن يكون في ذلك شيء من التَّحايُل -معذرةً-؛ فهنا: الأمرُ مختلف.



انتهى اللِّقاء الثَّالث والأربعون
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 05-06-2021, 04:00 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الرَّابع والأربعون
(24 رمضان 1441 هـ)



[كلمة في رثاء أحد الإخوة الفلسطينيِّين -رحمه الله، ورحم الشَّيخ-]
تُوفِّي فجر هذا اليوم- أخونا (أحمد العبَّاسي) من فلسطين، من القدس، وهو من الإخوة الذين كانوا يَدرُسون مرحلة الدُّكتوراه -عندنا في الأردن-، وزارني في مكتبتي بصحبة إخواننا المقادِسة والفلسطينيِّين -مرَّات ومرَّات-، وأشهد أنَّه ذو دِين وتقوى -ولا أُزكِّيه على الله-، وأشهد أنَّه ذو خُلُق وأدب، ولم تكن ابتسامتُه تُفارقه، وفُجِعنا بوفاتِه، وأظنُّه لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عُمره، وكانت عنده آمال كما هو الحال في كلِّ إنسان مسلم يبتغي وجهَ الله -سبحانه وتَعالى- ويُرضي نفسَه بِرضا ربِّه -تبارك وتعالى-.
وكان -أظنُّه- على وشك تقديم الدكتوراه، حتى بعض الإخوة يُلقِّبونه بالدُّكتور، وإن شاء الله يستحقُّها، وقد طواه الموت؛ لكن: ذِكراه ستبقى مؤثِّرة في نفوسِنا لما رأيناه منه من خُلق حسن، وأدب كريم، وحِرص، وفضل -ولا نُزكِّيه على الله-، وهو بين يدي ربِّه، سائلين الله -عزَّ وجلَّ- أن يتغمَّده برحمته، وأن يجمعنا وإيَّاكم وإيَّاه في جنَّة الله.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
ما هو الفرق بين الشِّرك والكفر؟
الجواب:
الذي أعتقده -وهو ترجيح شيخِنا الشَّيخ الألباني تبعًا لبعض أهل العلم-: أن الشِّرك هو الكفر، وأن الكفر هو الشِّرك، فكلُّ مُشركٍ كافر، وكلُّ كافرٍ مُشرك، والنَّتيجة واحدة: أن الكافر أو المشرِك قد حرَّم الله -تعالى- عليه الجنَّة ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ شِركًا أو كُفرًا.

2. السُّؤال:
زكاة عُروض التِّجارة: هل تُخرج عن عُروض التِّجارة؟
الجواب:
مسألة خِلافيَّة بين أهل العلم، وإن كان الجمهور على ذلك.
وذهب ابن حزم وبعض العلماء إلى القول الآخَر: أنَّه لا تجب فيه الزَّكاة المقنَّنة، تجب فيه زكاة مُطلَقة غير مقنَّنة.
لكن أنا أَميل إلى قول جمهور أهل العلم، وبخاصَّة اليوم- أن الأنظمة المحوسَبة في موضوع التِّجارة، تستطيع بضغطة زِرٍّ -واحدة- على الكمبيوتر أن تُخرج ما لكَ، وما عليكَ، وما عندك، وما بِعتَ، وما اشتريتَ، وما اقتَنَيت..إلى آخر هذه الأمور؛ فحينئذٍ: الأمر يَسير -إن شاء الله-تعالى-.

3. السُّؤال:
هل يجوز قضاء صلاة التراويح في وقت الضُّحى؟
الجواب:
النَّبي -عليه الصَّلاة والسلام- كان إذا فاتته صلاةُ الليل قضاها في النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعة،
إذا فاته حِزبُه -أو وِردُه- في الليل -يعني: وهو الإحدى عشرة ركعة- صلَّاها في النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعة.
وهذا الحديث في «صحيح الإمام مسلم»، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله-تعالى-عنها وأرضاها-.

4. السُّؤال:
الذي نراه في بيت الله الحرام من التَّباعُد بين المصلِّين: ماذا تقول فيه؟
الجواب:
أوَّلًا: إلى الآن المسجد الحرام والمسجد النَّبوي لم تُقم فيه الصَّلوات بشكل مفتوح؛ وإنما الصَّلوات تُقام بعددٍ محدود من موظَّفي الحرم والمسؤولين وبعض الضُّيوف..وما أشبه ذلك..وهم أدرى بظرف بلادِهم وأوضاعهم -نسأل الله أن يعينَهم-.
وأما موضوع المباعدة: أيضًا ليس الأمر بِيد الشُّيوخ -فقط-؛ لأن هذا أمر متعلِّق بالهيئات الصحيَّة وبأولياء الأمور وبالمسؤولين.
نحن قلنا: لو أن الأمر بأيدينا؛ قد نَبحث..وقلنا بأن الأمر ممكن بأن يكون شِبرًا مسافة التَّباعُد بين النَّاس، وهذا -الحقيقة- أحسن.
وأنا -من هنا- أقول: حبَّذا لو أن المسؤولين في بيوت الله وفي المساجد -في الأردن، وفي بلاد الحرمَين، أو في مصر، وفي كل البلاد المسلمة الإسلاميَّة التي منعتْ وحظرت الصلاة في المساجد-خوفًا من الوباء-وباء الكورونا- أن تفتتح هذه المساجد، وأن يكون التَّباعد بين كلِّ مُصلٍّ مقدار شِبر، وهنالك إشارة في كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة لهذا المعنى؛ قال: (تَرْك التَّراص).
(تَرْك التَّراص)؛ يعني: شِبر، أو نِصف شِبر..نحو ذلك..ليس مترًا، أو مترًا ونصف!
هذه واحدة.
الأمر الثَّاني: أن يكون مع كلِّ مُصلٍّ سجادة صلاة خاصَّة به؛ بحيث إذا انتهى يأخذها معه.
الشَّيء الثَّالث: أن يلبِس كلُّ مُصلٍّ كمامة.
الشَّيء الرَّابع: أن يكون هنالك معقِّمات في المسجد، منتشرة في المسجد.
الشَّيء الآخَر: أن تُغلق مصادر المياه في المساجد؛ يعني: أن لا يكون هناك وجود للمياه -حتى لا يستعملها النَّاس-سواء في رمضان أو بعد رمضان-.
شيء آخر -أيضًا-: أن لا يكون هنالك مصاحف، من أراد أن يأتي بالمصحف؛ يأتي بمصحفه معه.
أظن أن هذه الخمسة شُروط -أو الستَّة شروط- إذا وُجدت؛ فإن شاء الله هي عامل مُهم -ومهمٌّ جدًّا جدًّا- مِن عوامل المحافظة على النَّاس وصحَّتهم، مع المحافظة على الصَّلاة في المساجد؛ بحيث تَرجع مساجدُنا إلى ما كانت عليه، وتكون قُدوة للمواطِنين في كلِّ بلد.
وللأسف -الآن-: بدأ النَّاس ينتشرون في الأسواق، وفي الطُّرقات، وبدأت الأمور تُفتح -وتَفتح-! والمساجد أَوْلى، ولا مانع من هذه الشُّروط..أرجو أن يتفكَّر فيها..
أنا لا أفرِض هذه الصُّورة؛ وإنَّما أنا (أَطرح)؛ من باب: التَّواصي بالحق والتَّواصي بالصبر..من باب التَّعاوُن على البرِّ والتَّقوى، والنَّاس بدؤوا يتساءلون، ونحن حريصون على الأمن المجتَمَعي، وأن لا يكون -هنالك- إثارة بين النَّاس، ونحن ضد هذا الموضوع.
فهذا طلبٌ من المسؤولين الأفاضل في وزارة الأوقاف -وعلى رأسهم معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميَّة: الأخ العزيز الصَّديق الكريم الدُّكتور محمَّد الخلايلة-وفقه الله-.
وكذلك -أيضًا- هي رسالة موجَّهة إلى المسؤولين سواء في رئاسة الوزراء، أو وزير الصحَّة، أو لجنة الأوبئة، كل هؤلاء يتَّخذون هذا القرار إذا نظروا في هذه الشُّروط التي أظنُّها لن يستصعِبَها الحريص على الصَّلاة في المساجد.
هذا ما ظهر لي، وهو اجتِهاد أرجو أن يكونَ قريبًا إلى الصَّواب، وأرجو أن يتقبَّله الإخوة الكرام من الجهات المسؤولة، وليس ذلك على الله بِعزيز، وجزاكم الله خيرًا سواء أخذتُم بما رأيتُه واقترحتُه، أو لم تأخذوا، الأمر في أعناقكم وفي رقابكم، وبينكم وبين ربِّكم، ونحن ندعو لكم بالتَّوفيق والسَّداد، والمزيد من فضلِه -سبحانه في عُلاه-.

5. السُّؤال:
هل بإمكانكم إتمام كتاب «تمام المنَّة» على منهج شيخِنا الألباني؟
الجواب:
النِّصف الأوَّل ممكن، أمَّا النِّصف الثَّاني غير ممكن.
النِّصف الأوَّل: نستطيع أن نُتمَّه بما أكرمنا الله -تعالى- به من عِلم وأدوات ونظر ومعرفة لمنهج شيخِنا.
أمَّا على منهج شيخِنا؛ فهذا رجاء، قد نستطيع! لأن شيخَنا كان ذا نظرٍ حادٍّ في الأمور، ونظر عميق في العلم والنِّقاط التي يَنظر فيها وينتقدُها.
ممكن أن يكونَ على منهجِه؛ لكن: ليس على قوَّتِه وعلى طريقتِه.
ألم ترَ أن السَّيف يَنقُص قدرُه ... إذا قيل إنَّ السَّيف أمضَى من العصا!؟
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفرَ للجميع.

6. السُّؤال:
هل يبدَّع من أفتى بجواز إخراج زكاة الفطر نقدًا، أو أنَّه أتى ببدعةٍ وخالف السُّنة -لأنَّه أصبح يوالَى ويعادَى على هذه المسائل-؟
الجواب:
هذا غير صحيح، لك أن تُخطِّئ هذا القول -تقول: هذا خطأ..هذا صواب-كسائر مسائل العلم-.
في كل كتب العلماء والفقهاء: انظُر «المجموع».. انظر «المغني».. انظر «فتح القدير» لابن الْهُمام.. انظر هذه الكتب -كلَّها-؛ ترى أن العلماء يُخطِّئ بعضُهم بعضًا؛ لكن: لا يؤثِّمون، ولا يُضلِّلون، ولا يُبدِّعون، ولا يوالون ويُعادون على هذه المسائل؛ بل يتناصحون، ويُذكِّر بعضُهم بعضًا.
للأسف الشَّديد -الآن-: نرى أن مَن كانوا يُتَّهمون بأنَّهم يُشدِّدون صاروا على غير هذه التُّهمة! وانكشفت الأمور؛ فصار المتَّهِمون لهم هُم المشدِّدين،وهم المتعنِّتين، وهم الذين يَطعنون ويَغمزون ويَلمِزون -للأسف..للأسف!-؛ لماذا؟!
هذه مسألة عِلميَّة..رجِّح ما تشاء، وناقِش كما تشاء؛ لكن: بالعلم والحلم والأدب والحجَّة والبيِّنة، وفي النِّهاية: هذه اجتِهادات لم تَنتَهِ عند مَن هم خيرٌ منا، ولن تنتهيَ عندنا ونحن دونَهم بمراحل!
فهذا أرجو أن يُفهم على وجهه، وأرجو أن يُدرَك على حقيقتِه.

7. السُّؤال:
هل يجوز صلاة راتبة الظُّهر متَّصلة بتشهُّد واحد مثل صلاة الظُّهر؟
الجواب:
صلاة الظُّهر تشهُّدان؛ فكيف يكون تشهُّد واحد؟ هذا أوَّلًا.
الأمر الثَّاني: النَّبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «صلاةُ الليل والنَّهار مَثنى مَثنى»؛ فالأصل أنَّها اثنتان فاثنتَان، ولا نتجاوزُ ذلك، و«خير الهدي هديُ محمَّد ﷺ».

8. السُّؤال:
هل يجوز للمرأة أن تصلِّي بزوجِها وأولادها إذا كانت حافظة للقرآن؟
الجواب:
لا، لها أن تُصلِّي ببناتِها.
أمَّا بزوجها وأولادها الذُّكور -وخاصَّة إذا كانوا كبارًا-: فلا.
الأصل: أنَّ الرِّجال قوَّامون على النِّساء، والمرأة لها أن تُصلِّيَ ببناتِها، بأسرتها..بأخواتها..بصديقاتها..جاراتها.
لكن مع التَّنبيه -هنا- إلى قضيَّة الاجتماع وما إلى ذلك مما نُشير إليه، ونَحذَر منه، خاصَّة بعض العمارات -الآن- والشُّقق السَّكنيَّة تجتمع!
هذا الاجتماع هو الذي جعل المسؤولين الصحِّيِّين يمنعون الصَّلاة في المساجد من أجل الاجتماع؛ فمن باب أولى: في البيوت.
أما في البيت الواحد والشقَّة الواحدة التي أهلُها مع بعض -طيلة الفترة-؛ هي الصُّورة مختلفة.
أما أن نجتمع وقت الصَّلوات أهل العمارة الواحدة، الدور الأول..الدّور الثّاني..كل دور -ممكن- يكون فيه شقَّتان أو ثلاث شُقق..؛ لا؛ هذا غير مقبول في هذه الظُّروف.

9. السُّؤال:
هل على الدَّين زكاة؟
الجواب:
الدَّين نوعان: إمَّا دَين حيٌّ، وإمَّا دَين ميِّت.
الدَّين الحي: عليه الزَّكاة كما لو أن المال في جيبِك.
أمَّا الدَّين الميِّت: فليس عليه زكاة إلا إذا جاءك، وأحياهُ الله بعد موتِه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
إذا كان السَّفر غير سفر الطَّاعة: هل يجوز فيه الفطر؟
الجواب:
الذي يُسافر سفر غير طاعة: هل يسأل أنَّه يُفطر أو لا يُفطر؟ أو: يجوز له، أو لا يجوز؟
القضيَّة فيها تناقُض!
ومع ذلك؛ أنا أقول: هذا بحَثَه أهلُ العلم، واختلفوا فيه، وأنا أَميل إلى أنَّه (لا يُفطِر)، وهذا من باب تقليل الشَّر ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
أمَّا فوق إثمِه في سفره؛ نقول له: يجوز لك أن تُفطر؟!!
نحن نُغلق عليه الطَّريق، ونقول له: لا تُفطر؛ لأن سفرك فيه هذه المخالَفة الشَّرعية.
مع الإشارة إلى القول الآخر الذي يذكره أهلُ العلم.

11. السُّؤال:
ما هو أجر مَن قدَّم السحور لمسلم -سواء في رمضان أو غير رمضان-؟
الجواب:
النَّبي عليه الصلاة والسلام يقول: «في كلِّ كبدٍ حرَّى رطبةٍ أجر»، سواء في سحور، سواء في فطور، سواء في غداء، سواء في عشاء، سواء في رمضان، سواء في غير رمضان..هذا كلُّه -إن شاء الله- فيه أجرُه وثوابه.
لكن حديث: «مَن فَطِّر صائمًا؛ فَلَهُ مِثلُ أجرِه مِن غير أن يَنقص مِن أجورِهم شيئًا» هذا في الفطور الرَّمضاني، وليس عندنا دليل يجعلنا نقوله في السحور.

12. السُّؤال:
ما معنى قول القائل: (اللهمَّ لا تُخرجنا مِن فِكرك) -هذا يدعو به شخص في الإذاعة-؟
الجواب:
غريب هذا السُّؤال!! (مِن فِكرك)!! وهل يَغيب عن الله شيءٌ حتى يُخرج أو يُدخِل!؟! حاشا وكلَّا!
اللهُ -سبحانه وتعالى- يَعلم ما كان وما يكون وما هو كائن، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
لا تَخفى عليه خافية في الأرض ولا في السَّماء، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
فلا يُقال: (لا تُخرجنا مِن فِكرك)! عِلم الله مُستوعِب لكل المخلوقات وكل الحقائق وكل الموجودات.
فالعبارة موهِمة -معذرةً-! وذلك: نحن نقول: لو أنَّه قال: اللهمَّ لا تُخرجنا من رحمتك..اللهمَّ لا تُخرجنا من جنَّتك.. -مثلًا-..نحن -الآن- لسنا نُدقِّق في العبارات التي نقترحها..ولكن نتكلَّم عن عبارة تتكرَّر -كما ورد في السُّؤال-.

13. السُّؤال:
ما هو الفهم الصَّحيح لكلام العلامة الألباني أن الإيمان بدون عمل لا يُفيد؛ فالله -عزَّ وجلَّ- حينما يَذكر الإيمان يَذكره مقرونًا بالعمل الصَّالح؛ إلا إن كان نتخيَّله خيالًا، من هنا مَن قال: (أشهد أن لا إله إلا الله..) ومات، من هنا هذا نستطيع نتصوَّره، لكن: إنسان يقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ويعيش دهرًا مما شاء الله ولا يعمل صالحًا؛ فعدمُ عمله الصَّالح هو دليل أنَّه يقولها بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه، فذِكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان ليدل على أن الإيمان النافع هو الذي يكون...
الجواب:
معروفة هذه العبارة، وهي عبارة قديمة جدًّا، قالها في شرح الأدب المفرد في دمشق -ممكن في السِّتِّينيَّات، أو لعله قبل ذلك-والله أعلم-.
لكن: هذه العبارة -الحقيقة- يجب أن تُفهم بالنسبة لكلام شيخِنا من جهتَين:
الجهة الأولى: التَّصوُّر الدُّنيوي، فعلًا من النَّاحية الدُّنيويَّة هذا غير متصوِّر.
لكن: من الناحية الأخرويَّة متصوَّر، وقد جاءت النُّصوص بذلك: «أخرِجوا من النَّار مَن ليس في قلبِه إلا مثقال ذرَّة» هذا كيف نتصوَّره في الدُّنيا؟
لا أريد أن أقول: (مَن لم يعمل خيرًا قط)، لا؛ أريد أن أقول: «مثقال ذرَّة» كيف نتصوَّره في الدُّنيا؟ لكنَّه موجود في الآخرة، وعِلم الله به هو الذي يُحدِّد وجودَه وعدمَه، أمَّا نحن: لا نستطيع تصوُّرَه دنيويًّا.
الأمر الثَّاني أن قول شيخنا الذي انتصر له كثيرًا، حتى جعل بعض المتسرِّعين يتَّهمونه بالإرجاء وأنَّه مُرجئ..! حتى بعض الحمقى قال: (جهمي)! هذا لا يتَّقي الله في نفسه، ولا في شيوخ العلم، ولا في السُّنَّة، ولا في أهل السُّنَّة!
قُل: (أخطأ الألباني)، أمَّا أن تقول: (مُرجئ)، وأن تقول: (جهمي)، أو أن تقول: (فيه إرجاء) تتلاعب بالألفاظ -هكذا-! هذا لا يَصلح، ولا يليق، ولا يجوز -بأي حال من الأحوال لمن كان عنده قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد-.
الإمام الألباني إمام من أعظم أئمَّة أهل السُّنَّة -في العصر الحديث-؛ لكنَّه بشر، ويصيب ويُخطئ، كالشَّيخ ابن باز وكالشَّيخ ابن عثيمين -ومن في طبقتِهم-، هم بشر؛ لكنَّهم أجِلَّاء وقامات عاليات في العلم والمعرفة والسُّنَّة.
لمن كان شيء من العلم وسويَّة من المعرفة أن يُخطِّئ؛ لكن: بأدب، وباحترام وتقدير وتبجيل، لا على مذهب (كفرَ الشَّيخ! رضي الله عنه!!) -والعياذُ بالله- في القصَّة التي يذكرها لنا شيخُنا -ووُجدت في أشرطتِه كثيرًا-وكثيرًا جدًّا-.
هذه -للأسف الشَّديد- أساليب لا تَليق بطلبة العلم، ولا ينبغي لمن يَنسب نفسَه إلى العلم.
الشَّيخ الألباني أشد من حاربَ الفرق المنحرِفة -سواء من المرجئة، أو من الخوارج، أو من الرَّوافض-.
بل: أنا لا أعلم -في هذا العصر- مَن هو على دِراية ومعرفة بالْفِرَق وبخباياها وخفاياها والجماعات والأحزاب مثل شيخِنا الشَّيخ الألباني، لا أقول هذا لأنَّه شيخُنا؛ ولكن أقول هذا لأنِّي أعرفه وأعرف غيرَه من إخوانه العلماء والأئمَّة، وكلُّهم على الرَّأس والعين؛ لكن: كلُّهم قد ميَّزه الله -تعالى- بشيء يَفوق به إخوانَه الآخَرين، ومما ميَّز الله به شيخَنا -رحم اللهُ الجميع- أنَّه كان ذا معرفة وخبرة عميقة -وعريقة- بالأفكار والمذاهب والْفِرَق والجماعات، ثم يُتَّهم بذلك؟!!
هذا عجبٌ عُجاب! ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
[دعاء]
اللهمَّ اهدِنا للصَّواب، واشرح نُفوسَنا للحق، وتقبلنا، واقبَل منَّا، يا ربَّ العالَمين؛ إنَّك سميع مُجيب.
في هذه الأيَّام المبارَكات، وفي هذه الليالي المبارَكات: نسألك -اللهمَّ- أن تُثبِّتنا، وأن تَهديَنا، وأن تَهديَ بنا، وأن تُطيل أعمارَنا بالصِّحَّة والعافية والإيمان، وأن تُحسِن خواتيمَنا بِمنِّك وكرمك، وخواتيم إخواننا وأهلينا وأبنائنا وذرِّياتِنا، وعُموم المسلمين، وأن تَهديَ الضَّالين والكافرين، وما ذلك على الله بِعزيز.




انتهى اللِّقاء الرَّابع والأربعون

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 05-07-2021, 04:26 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
Thumbs up

اللِّقاء الخامِس والأربعون
(25 رمضان 1441 هـ)



1. السُّؤال:
لو تمَّت صلاة العيد في البيوت: هل سيكون هناك خطبة للعيد في البيوت -أيضًا-، لكل بيت خطبة؟
الجواب:
لا، الوارِد عن علي -رضي الله عنه- أنَّه أذِن للمتخلِّفين عن صلاة العيد مع الإمام في المصلَّى أن يُصلُّوا في المسجد، وبدون خطبة.
وإذا تعذَّر هذا وذاك؛ فحينئذٍ: يكون الحكم فيما تستطيع من الصلاة في البيت.
وهذا له آثار أخرى؛ ورد عن السَّلف: أن من فاتته صلاةُ العيد بِعُذر يُصلِّيها في البيت، ولا فرق بين العذر الشَّخصي والعذر العام، وهذا ما أفتت به الهيئات العلميَّة الشَّرعية في عدد من بلاد المسلمين.

2. السُّؤال:
كثر الكلام حول توقيت صلاة الفجر في الدُّول العربيَّة والإسلاميَّة: هل هو وقت صحيح أو لا؟
الجواب:
ينبغي الاحتياط، احتَط لصَومِك بقليل من التَّبكير، واحتَط لصلاتِك بقليل من التَّأخير، ولا تدخل في متاهة التَّوقيت صحيح أو غير صحيح.
والذي لا يَعلم عن التَّوقيت،ويُصلِّي، وهو على ثِقة بالتَّوقيتات -أو المواقيت- الموجودة في الدُّول؛ ليس عليه إثم.
الإثم على مَن هم قائمون بهذا الشَّأن، وغير ضابطين له على وجهِه.

3. السُّؤال:
هل شُرب المشروبات الغازيَّة -كـ(البيبسي) وما أشبه-، وحسب ما قرأت وسمعت بأنَّه يوجد في مكوِّناته شيء من أمعاء الخنزير -والعياذ بالله-؟
الجواب:
هذا كلام نسمعه منذ سنوات -وسنوات-! وبعضهم يقول أشياء وأشياء! ولا يوجد دليل قاطع على مثل هذا -لا في قليل، ولا في كثير-.
نحن لا نقوم بدعايات لهذه الشَّركات، هذه الشَّركات لا تحتاج إلى دعايات؛ لكن: نتكلَّم عن حُكم الشَّرع (يجوز) أو (لا يجوز)، «الحلالُ بيِّن والحرام بيِّن»، أمَّا مجرَّد القيل والقال؛ هذا لا يَعلم به إلا ربُّ العالمين.

4. السُّؤال:
ما قولكم فيمن يكذب في رمضان؟
الجواب:
نسأل الله العافية!
سمعتُم -قبل قليل- كلام سماحة أستاذنا العلَّامة الإمام الشَّيخ عبد العزيز بن باز، وأن الكذب من الكبائر في غير رمضان؛ فهو في رمضان أشدُّ إثمًا، وأعظمُ كبيرةً وذنبًا.
المسلم في رمضان يجب أن يكونَ أقربَ إلى الله، وأتقى لله، وأصدق مع الله.
ليس -فقط- المطلوب أن يصوم عن الطَّعام والشَّراب -فقط-؛ بل يجب أن تصومَ جوارحُه عن الحرام، ولسانُه عن المنكر، وهكذا..هذا هو الصِّيام.
وذكرنا الحديث -قبل قليل-: «رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوع والعطش».

5. السُّؤال:
هل يجوز تسمية المولود باسم (إسكندر)؟
الجواب:
من حيث الجواز: يجوز؛ لكن: يجب مراعاة الأعراف.
يعني: أهم من اسم (إسكندر) اسم (إلياس)، إلياس نبي -بنصِّ القرآن الكريم-؛ لكن: هنالك مجتمعات لا تَقبل هذا القول، وإذا ورد اسم (إلياس) يقولون هذا نصراني -مباشرة-! مع أن إلياس نبيٌّ كريم.
إذن: مراعاة الأعراف مُهمَّة، وتسمية المسلمين باسم (إلياس) موجودة؛ لكنَّها غير شهيرة، وهي أولى من التَّسمية بـ(إسكندر)، ومع ذلك وضعْنا هذه الملاحظة، فكيف التَّسمية بـ(إسكندر)؟!
لا شكَّ أنَّها تحتاج وقفة، وإلى مراعاة للأعراف.

6. السُّؤال:
ما حُكم الاشتراك بالضَّمان الاجتماعي اختياريًّا؟
الجواب:
لا أَقبَل ذلك، ولا ينشرح له صدري.
والأمر إذا تعلَّق بالاضطرار أو الإلزام شيء، وأمَّا الاختيار فشيءٌ آخر.

7. السُّؤال:
ما قولك في الذي يكذب ومعتاد على الكذب، يكذب على العلماء، ويكذب في رمضان، ويكذب عليك؟
الجواب:
الله المستعان! نحن اعتدنا على هذا الصِّنف، ولم يَعُد كذبُهم يؤثِّر فينا ولا يُسخطُنا، وإذا أصابنا شيءٌ من السَّخط -أو الغضب-؛ والله؛ مِن أجله؛ أن يكون هذا حالَه! أن يكون كاذبًا على أهل العلم، وعلى طُلاب العلم، وعلى شُيوخ العلم.
والكذب ليس من صفات أهل الإيمان ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
فليتَّقِ الله -عزَّ وجلَّ-، وليتُب، وليُجاهد نفسَه، وليصْبِر، وليُصلِح ما أفسد!
أما: (اعتاد على الكذب) -هكذا-!؟
كما أنَّه اعتاد على الباطل والشَّر؛ فليعتَد على الخير، وليعتَد على الصِّدق؛ الرَّسول الكريم ﷺ يقول: «الخيرُ عادَة، والشرُّ لَجاجة».
كما اعتدتَ على الشرِّ؛ اعتَدْ على الخير، والله -سبحانه وتعالى- يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.
اصبِر، وتصبَّر، وصابِر، واتَّقِ الله، وعليك بالدُّعاء أن يَصرف عنك هذا السُّوء.
نعم؛ قد لا يكون الكذب متعمَّدًا؛ لكن -في النِّهاية- هو كذب! -لأن تفهم خطأ-.
الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سَمِع»، وفي رواية: «كفى بالمرءِ كذِبًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمِع».
اليوم الاتِّصال بأهل العلم والمشايخ وطُلَّاب العلم؛ صار سهلًا -وسهلًا جدًّا-.
ما مِن شيخ وعالِم وطالب عِلم مُتميِّز؛ إلا وله موقع على وسائل التَّواصل الاجتماعي.
هل أنت -فقط- تقدِر على نشر هذا الكذب -أو هذا الظَّن-على الأقل- عليه، ولستَ بقادر على التثبُّت منه، والاستفسار منه -أو: عنه-على الأقل-؟
هذا ليس من أخلاق أهل الإيمان.
والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «والذي نفسي بيده؛ لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِه»، هذا هو الواجب، وأسأل الله التوفيق للجميع.

8. السُّؤال:
بالنِّسبة لاستعمال السُّبحة في الذِّكْر؟ [يعني: الْمَسْبَحة، أو الْمِسباح]
الجواب:
الأصل: الأصابع؛ «فإنَّه مسؤولات مُستَنطَقات» -كما ورد في الحديث-.
فسؤال الأصابع واستِنطاقُهنَّ أمرٌ غَيبيٌّ، لولا وُرود النَّص؛ لا نقول به ولا نَعرفه.
فكيف نَقيسُ غيرَه عليه؟ كيف نَقيس السُّبحة على الأصابع والجامعُ المشترَك غَيبي؟
فالأصل أن نقول: الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يَعقِد التَّسبيح بيمينه.
أمَّا الرِّوايات التي فيها ذِكر التَّسبيح [لعله: السُّبحة] لا يصحُّ منها شيء، وقد كتبتُ كتابًا قديمًا -قبل-ممكن ثلاثين سَنة وزيادة- بعنوان: «إحكام المباني» طبع مكتبة المعارف، وأظنُّ أنَّه موجود على الإنترنت، ناقشتُ فيه أكثرَ الوارد في مسألة السُّبحة، والآثار الوارد في هذا الباب.
ويكفينا أن نَذكر قصَّة الصَّحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لما رأى -في الكوفة- أقوامًا جالسين في المسجد حِلَقًا حِلَقًا، على رأس كلِّ حلْقة رجل يقول: (كبِّروا مئة) فيُكبِّرون، (سبِّحوا مئة) فيُسبِّحون..وهكذا، فقال: (عُدُّو سيِّئاتِكم! وأنا ضامن أن لا يَضيع من حسناتكم شيء)! إلى آخر الحديث.
فأنكر عليهم، مع أنَّهم كان بين أيديهم حصى يَعُدُّون بها التَّسبيح والتَّهليل والتَّكبير! أنكر عليهم الصُّورة المجتمِعة.
هذا هو الأصل في منهج سلفِنا الصَّالحين -رضي الله-تعالى-عنهم-أجمعين-.

9. السُّؤال:
ما سبب هجوم الإخوان المسلمين على الشَّيخ محمَّد حسَّان، ويَسبُّونه -في كلِّ يوم- في قنواتهم؟
الجواب:
الشَّيخ محمَّد حسَّان رجل من أهل العلم، ومن أهل السُّنة، نعم؛ يُخطئ ويُصيب -كسائر البشر-، مَن عنده عليه شيء؛ فليناصِحه، ومَن أراد أن يَنتقدَه؛ فليضعْ نفسَه مكانه.
أمَّا الدُّخول في متاهة السَّب والهجوم؛ هذا لا يَصلُح، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وذكرتُ الحديث -قبل قليل-: «لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِه».
الدُّخول في متاهة الهجوم والتَّجريح والسَّب والإقذاع؛ هذا ليس من أخلاق أهل الإيمان، ولا من أخلاق أهل السُّنَّة -فضلًا عن أن يكون من أخلاق منهج السَّلف ومتَّبِعي منهج السَّلف-.
لكن: الحزبيَّة قاتِلة..الحزبيَّة سوداء..الحزبيَّة مُظلِمة.
تريدون أن تنتقدوا الشَّيخ محمَّد حسَّان؛ انتقِدوه؛ لكن: انتقِدوه بِعِلم..انتقِدوه في مسائل عِلميَّة..أمَّا الدُّخول في متاهة المسائل السِّياسيَّة؛ لو كنتُم مكانه: ماذا تفعلون؟
وأكثر الذين ينتقدونه هم خارج الحدود.. نعم؛ هذه مهمَّة -جدًّا-أيضًا-، لو كانوا داخل الحدود؛ لكانوا لا أقول مثله؛ بل كانوا أشدَّ منه!
ونسأل الله أن يعفو عن الجميع، وأن يَدرأ عن المسلمين -جميعًا- الفتن -ما ظهر منها، وما بطن-.
والله؛ لا نُحبُّ الفتن، ولا نحبُّ الدُّخول فيها، ولا نُحب سماعَ أخبارِها؛ بل نُحبُّ للمسلمين -جميعًا- في كلِّ أقطار الأرض، في كلِّ دُوَلهم ومع أولياء أمورهم أن يكونوا على قلب رجل واحد: في أُلفة.. في تناصُح.. في تعاوُن.. في تحابٍّ..في مودَّة..في تواصٍ بالحق والصَّبر..هذا الذي نُحبُّه، وهذا الذي نَسعى إليه.
نعم؛ قد أُخطئ..أو تُخطئ..أو الثَّالث..أو الرَّابع.. نتواصى بالحق، ونتواصى بالصَّبر، ونتواصى بالمرحمة.
لماذا هذا الهجوم؟!
ولماذا هذا الافتراء -في بعض الأحيان-، أو السَّب -في أحيان أخرى-؟!
هذا ليس من أخلاق أهل الإيمان -واللهِ، وتالله، وبالله-!
«أحِبَّ للنَّاس ما تُحبُّ لنفسِك؛ تُكُن مؤمنًا».
ما بالُك ترضى أن تهجم على الشَّيخ الفلاني -بلسانِك، وإقذاعك، وافترائك، أو ظُلمك، أو غِيبتِك، أو نميمتك-، ولا تَقبَل أن يكون جُزءٌ من ذلك نحوك -أو موجَّهًا إليك-؟
أيُّ تناقُض هذا؟!!
والله المستعان، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

10. السُّؤال:
هل يجب أن أدفع رسوم المدرسة الخاصَّة، مع العلم أن الطلبة لم تداوم الفصل الثَّاني إلا أربعين يومًا؟ وجزاك الله خيرًا.
الجواب:
موضوع المدارس -الحقيقة- ليست سواء، والدَّولة -معذرة-أيضًا- نحن نتكلَّم عن الأردن في ظرف (الكورونا) والحجر الصِّحِّي وامتِناع الطلبة عن الذَّهاب إلى المدارس، وأنا لي من الأبناء من هو كذلك، واللهِ؛ دفعتُ القيمة كاملة، وحاولتُ أن أناقشَهم؛ قالوا: نحن لم ننقطِع عن دفع رواتب الأساتذة والمدرِّسين والأداريِّين، وكذلك -أيضًا- نطلب منكم..فالآن المدرِّسون يقدِّمون الدُّروس عبر وسائل التَّواصل الاجتماعي وعن بُعد -وما أشبه ذلك-.
أنا كان بِوُدِّي أن تَفصل الدَّولة في هذا الأمر؛ حتى لا يكون هنالك مثل هذا السُّؤال.
والأصل: التَّفاهم، فإذا أصرُّوا ليس لك إلا أن تَدفع، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله، نسأل الله العافية.

11. السُّؤال:
رجل يؤمُّ النَّاس في الصَّلاة، ويقول: إنَّه -بسبب ضيق وقته-؛ فإنَّه يُراجع القرآن في سِرِّه أثناء وجوده في الحمام، وقبل خروجه من منزله ليصلِّي بالنَّاس صلاة الفجر: هل فِعله صحيح؟ وهل تجوز مراجعة القرآن في السِّر في القلب -وليس جهرًا- في الحمام؟
الجواب:
والله؛ أنا أعجب من هذا -الحقيقة-.
قاعدة: (الواجبات أكثر الأوقات) قاعدة غير صحيحة؛ لكن: نحن لا نَقدر على إدارة الوقت، ولا نَصلُح لإدارة الوقت، فمن هنا نضطرُّ إلى مثل هذا السُّؤال! أو: يضطر قائلنا إلى أن يقول: (الواجبات أكثر الأوقات)!
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾؛ لكن: أنت قد تُحمِّل نفسَك لا أقول فوقَ طاقتِها؛ لكن كثيرًا -مما يزعجك، ويضيِّق عليك وقتك-.
لكن: المراجعة السرِّيَّة هذه قد تكون شيئًا يَهجُم عليك؛ فلا تستطيع ردَّه.
وقد يكون شيئًا تستطيع ردَّه وعدم الالتفات إليه، أو مجاهدة نفسَك به.
فالصُّورة الأولى: مقبولة؛ لأنَّه شيء ليس بيدك.
لكن الصُّورة الثَّانية: غير مقبولة.
والأصل: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.

12. السُّؤال:
إذا ممكن القول الفصل في التَّبايُن المنهجي بين المتقدِّمين والمتأخِّرين؟
الجواب:
هذا السُّؤال وحده -هكذا-: مُبهَم؛ لكن: أنا أعرف قصد السَّائل.
السَّائل: يتكلَّم عن قضيَّة النَّقد الحديثي، وعِلل الأحاديث، ومنهجيَّة العلماء في ذلك.
وقد ألَّفتُ كتابًا -في نحو خمسمئة صفحة- بعنوان: «طَليعة التَّبيين» -وهو موجود على الإنترنت-، تستطيع -أخي الكريم- أن تقرأه، وأن تُطالعه، وأن تنتفع به، والكتاب -الآن- مضى عليه -لعلَّه- أربع سنوات، وإلى الآن لم يكتب أحدٌ عليه حرفًا.
أنا -مثلي مثل غيري- أخطئ وأصيب؛ لكن: أتمنَّى على مَن يُخالفني في هذا المنهج -وهو منهج علماء-على مدار قرون وقرون..عشرة قرون- أن يأتيني بالأدلة.
العجيب أنَّهم يأتون بالأدلة على التَّفريق بين المتقدِّمين والمتأخِّرين من أقوال المتأخِّرين الذين يخالفونهم في التَّطبيق الذي استدلوا بكلامِهم عليه! أُحجيَة! لُغز!!
الرَّسول الكريم -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «لا تزالُ طائفةٌ من أمَّـتي ظاهرين على الحق، لا يضرُّهم مَن خالفهم، ولا مَن خذلهم، حتى يأتيَ اللهُ بأمره».
والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-كما صحَّحه الإمامُ أحمد-: «يَحْمِلُ هذا العلمَ مِن كلِّ خلَفٍ عُدولُه».
أنا طالبتُهم، وناقشتُهم، وقلتُ لهم -وفي الكتاب-: أعطوني من كلِّ قرن عالمًا واحدًا يقول بهذا القول الذي أنتم تقولونه!
لا يستطيعون!
ثم خرجوا لنا بأُحجية أخرى؛ قالوا: هنالك مرحلة برزخيَّة!
أنا أَقْبَل (مرحلة برزخيَّة)! هذه المرحلة البرزخيَّة: ألا يوجَد فيها مُستنكِر واحد يستنكِر انحراف المتأخِّرين عن منهج المتقدِّمين! والله؛ هذا عجيب جدًّا.
أنت -يا من تُلاحقني على كلِّ كلمة أقولها، وتكتب تغريدات، وصوتيَّات، وفيديوهات-.. أنت أحرص من علماء الإسلام الذين يَرَون الانحراف -ولو بَرزخيًّا-أمامهم- يَسري ويَجري، ويسكتون؟!! أين هذا الكلام!؟
الخلاصة: أن المنهج العلمي الحديثيَّ واحد، وكما اختلف المتقدِّمون والمتأخِّرون؛ كذلك اختلف المتقدِّمون فيما بينهم، كذلك اختلف المتأخِّرون فيما بينهم.
الاختلاف بين أهل العلم طبيعي -وطبيعي جدًّا-.
كم من حديث صحَّحه البخاري وضعَّفه ابن المديني، أو صحَّحه مسلم وضعَّفه البخاري -في المتقدِّمين-.
وانظر هذا بين ابن الملقِّن وابن حجر وابن القيم والمزِّي والبرزالي و..و..و..و.. إلى آخر العلماء، فضلًا عن البيهقي والدَّارقطني والطَّحاوي..وما أشبه هؤلاء الكبراء -رحمهم الله-.
الْحُجَّة هي الفيصَل؛ لكن -كقاعدة عامَّة- أقول: كلُّ حديث يُخالِف فيه المتأخِّرون المتقدِّمين؛ يجب التَّأنِّي فيه كثيرًا، وعدم التعجُّل فيه.
لكن: هل هذه المخالَفة لا بُد أن المتأخِّر فيها مُخطئ والمتقدِّم فيها مُصيب؟
الجواب: لا، الحجَّة -بعد التَّأنِّي- هي المرجِّحة بين هذا وذاك.
معذرة الكلام قد يكون صعبًا -شيئًا-ما-، أو غريبًا -شيئًا-ما- على بعض الإخوة -من طلاب العلم المبتدئين الذين هم معنا-؛ لكن: هذه قضيَّة مطروحة، لا بد من الجواب عليها، ولا بُد من بيان الحكم الشَّرعي فيها.

13. السُّؤال:
عندما نضع مصحفًا في المسجد صدقةً جارية عن إنسان مسلم متوفَّى: هل نضع اسمَه على المصحف، أم الأحسن: لا؟
الجواب:
القضيَّة متعلِّقة بالأجر الذي يكتبه الله لمن ترك هذه الصَّدقة الجارية، فهل لا بُد أن يكون في ذلك الاسم والعنوان ورقم التلفون -معذرةً-؟﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، هذا أمرٌ متعلِّق بعلم الله -عزَّ وجلَّ- في النَّاس.
لكن: مَن فعل ذلك مِن باب تشجيع النَّاس على الوقف؛ فليكتب (وقف لله -تعالى-) دون أن يكتبَ اسمًا، هذا فيه تشجيع دون الدُّخول في الأسماء -وما أشبه ذلك-.

14. السُّؤال:
هل يجوز إكمال الصِّيام بعدما استيقظتَ ورأيتَ في فمك دِماء؟
الجواب:
نعم؛ يجوز، وتُلفَظ الدِّماء، وتُكمل صومَك.. أين المشكلة؟
هذا إذا كان السؤال كما ورد في اللَّفظ المنقول.




انتهى اللِّقاء الخامِس والأربعون
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 05-08-2021, 04:02 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّادس والأربعون
(26 رمضان 1441 هـ)



1. السُّؤال:
في بعض البلاد عندما تنتهي مدَّة العدَّة على وفاة الزَّوج يقوم أهلُ الميت بدعوة فقيه المسجد -يعني: إمام المسجد-مثلًا-، وبعض الأشخاص لإطعامهم الطَّعام بمناسبة نهاية العدَّة: فما حُكم هذا الفعل؟ وهل له مستند شرعي؟
الجواب:
أما أنَّه (له مستَند شرعي)؛ فليس له مستند شَرعي.
لكن: هل الفِعل يجوز أو لا يجوز؟
أنا أقول: إذا يُفعل على أساس أنَّه عادة من العادات؛ لا نستطيع أن نَمنع العادات، كل بلد لها عاداتها.
لكن: إذا كان لهذا الفعل بُعد تشريعي، أو تعبُّدي، أو قصد فيه أجر ومثوبة يتوقَّعها الإنسان مِن فعله؛ فهذا لا يجوز -بأيِّ حال من الأحوال-.

2. السُّؤال:
امرأة حيضتُها تتغيَّر في حالة الرَّضاع إلى خمس أو ستة أيَّام، في اليوم السَّادس عند السحور لم ترَ الدَّم، فاغتسلت وصامت، وفي الليل نزلت عليها نقاط لونُها بنِّي، فأفطرت، وكذلك رأت في الثَّامن والتَّاسع نقاط لكنها حمراء؛ فماذا عليها؟ هل صومُها الذي صامته صحيح؟ وهل فِطرُها بهذه الأيَّام صحيح؟
الجواب:
مسألة الحيض والاستحاضة والفرق بينهما والكدرة والصُّفرة في أوَّل الحيض أو في آخرِه: مسألة -الحقيقة- مُحيِّرة وفيها خِلاف.
دمُ الحيض مُميَّز بلونِه ورائحته، بِلونِه الأسود، وبرائحتِه المميَّزة -كذلك-.
إذا صار -هنالك- دم أحمر، أو لَون بُني، أو غير ذلك؛ هذا -على ما ينشرح له صدري-: أنه ليس حيضًا، ولا يُعتبر حيضًا، وليس داخلًا في الحيض -لا في أوَّل الحيض، ولا في آخره-.
لذلك: أنا أعتقد أن الأيَّام التي أفطرتِها بسبب النِّقاط الْبُنِّيَّة أنَّها خطأ؛ لكن الأفضل أن تَسألي، وإن شاء الله تُعيدين بعد ذلك.

3. السُّؤال:
عن عبد الله بن عَمرو: «مَن صلَّى أربعًا بعد العشاء كُنَّ كقدرِهِنَّ من ليلة القدر»: هل إذا صلَّيتُها أربعًا، وتكملة باقي القيام ركعتين ركعتين؛ هل هذا جائز؟
الجواب:
حتى هذه الأربع؛ الأصل: أنَّها تُصلَّى ركعتَين ركعتَين؛ يقول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «صلاةُ الليل والنَّهار مَثنى مَثنى».
وهذا الحديث -الحقيقة- هو (حديث موقوف)؛ لكن: بعض أهل العلم يقول: (هو موقوف لفظًا، مرفوعٌ حُكمًا)؛ يعني: الصَّحابي لا يأتي إلى شيء فيقول: «كُنَّ كَقدرِهِنَّ من ليلة القدر مِن تلقاء نفسه؛ هذا..أجر مرتبِط بالغيب؛ فحينئذ: هذا إشارة -أو دليل- على أنَّ الأمر بِفهمه أو نَقله عن النَّبي -صلَّى الله-تعالى-عليه وسلَّم-

4. السُّؤال:
رجل يُريد أن يخرجَ فِدية عن عشرة أيَّام -يعني: فدية الصَّائم الذي لا يستطيع الصِّيام،أو: فدية الحامل والمرضع..-: فهل يجوز له أن يُخرج لعائلة مكوَّنة من عشرة أشخاص مواد غير مطبوخة: دجاج، وأرز، وبطاطا، وزيت..مكوِّنات الطَّبيخ؟
الجواب:
نعم؛ يجوز، ليس لازمًا أن تطبخ الطَّعام.
لكن -بالمقابل-: هنالك آخرون من النَّاس مَن يدفعون مالًا.
نحن لا نَقول يجب عليك طَبخ الطَّعام، ولا نقول يجوز لك دفع المال؛ نَقول:
المهم أن يكونَ طعامًا -ولو بِدون طَبْخ-، إذا طبختَه؛ لا مانع؛ لكن: لا نُلزِمك بذلك.

5. السُّؤال:
هل يُجزئ أن يخرج زكاة الفطر من الطُّرود الجاهزة في (المولات)، وتكون مكوَّنة من معلَّبات وزيت وأرز وسُكر، وبعض من يشتغل بالصَّدقات يقوم بشراء مواد مِن مثل هذه الطُّرود: فهل هذا جائز؟
الجواب:
هذا جائز لو كان مِن باب فِدية الطَّعام، أمَّا مِن باب زكاة الفطر: فلا.
اشترط العلماء في زكاة الفطر شرطَين:
الشَّرط الأوَّل: أن تكون قوتًا يُتقوَّت بها في أيَّام السَّنَة.
والأمر الثَّاني: أن تُدَّخَر من العام إلى العام.
بينما الزَّيت ليس قوتًا، والسَّكَّر ليس قوتًا -مثلًا-.
ثم هؤلاء الذين هم أصحاب (المولات) أو (السوبرماركت) ليسوا علماء، وليسوا فقهاء، هؤلاء تُجَّار يريدون أن تَمشي بضائعُهم.
أنا لا أتكلَّم عن قضيَّة غش أو ليس بِغِش؛ لا؛ لا أتكلَّم عن هذا.
لكن: أتكلَّم عن أنَّهم يَفعلون ذلك من ناحية شخصيَّة -غير عِلميَّة، ولا شرعيَّة-، يجب أن تُوجِّههم فيما يُريد، وهم يُصلحون لك فيما يجب عليك إصلاحُه وفِعله.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
[طلب مكرَّر -مع عتب ورجاء- من بعض الإخوة للشَّيخ -رحمه الله- لإتمام كتاب الشَّيخ الألباني «تمام الْمِنَّة»، وتعليق الشَّيخ]
...قُلنا -يا أخي الكريم-وسنقول، وسنظلُّ نقول-: نستطيع أن نُكمل «تمام الْمِنَّة»؛ لكن: نخاف على أنفسِنا إذا قورِنت أعمالُنا بأعمال شيخِنا أن يكون -في ذلك- كَشف لحقيقة ما نحن عليه مِن معرفة -ولا أقول: عِلم- مقارنةً بأستاذِنا الكبير -رحمهُ الله-تعالى-.
[طلب دُعاء من مريض نفسي، وتعليق للشَّيخ -رحمه الله-]
نسأل الله أن يَشفيَك.
الحقيقة المرض النَّفسي كأيِّ مرض؛ وبالتَّالي: هو قابِل للشِّفاء والتَّعافي -إن شاء الله-.
فإيَّاك أن تُوسوِس وتَضعف أمام هذا المرض.
بالعكس؛ أنا أقول: يجب أن تكونَ قويًّا.
يجب أن تكون ثِقتُك بالله كبيرةً.
يجب أن يكون عندك الأمل المشرِق بغدٍ فيه المعافاة، وفيه الصِّحَّة، وفيه العافية.
أمَّا أن تقول: (أنا مريض نفسي) وكأنَّ الأمور انتهت، وكأنَّ الدُّنيا أغلقت في وجهِك!
هذا غير صحيح، ولا نَقبَله لك.
هذه واحدة.
الثَّانية: نعم؛ المريض النَّفسي يُراجع الأطبَّاء ويُعطونه أدوية -وما أشبه-؛ لكن: عليه أن يكون -أيضًا- هو -بنفسِه- جانبًا من العلاج والشِّفاء؛ وذلك: بأن يتوكَّل على الله، وأن يعزِم أمره بالله، وأن يزيدَ ثِقتَه بالله -سبحانه وتعالى-، وإن شاء الله بقليلٍ من المجاهدة للنَّفس؛ ترجع الأمور إلى ما كانت عليه، هذا أملُنا بالله.
وأسأل الله -سبحانه وتعالى- لي ولأخي الكريم الشِّفاء والعافية؛ إن ربي سميع الدُّعاء.

6. السُّؤال:
ما صحَّة مقولة: (لا تَقل في مسألة لم يَسبقك بها إمامٌ، ولم يُعمَل بها)؟
الجواب:
هذه الكلمة منقولة عن الإمام أحمد، وذكرها شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، ونقلها عنهما شيخُنا الشَّيخ الألباني -رحمه الله-.
لكن البعض ماذا يقول؟
يقول: هذه إذا كانت مسألة اجتِهاديَّة، أو مسألة فيها تفرُّد عن الأمَّة.
أمَّا: عندك مسألة فيها نصٌّ، وهذا النَّص خالٍ من المعارِض؛ بمعنى: أنَّه مُحكَم وليس بِمنسوخ، بمعنى: أنَّه ليس مُطلقًا تُريد أن تَبحث عن تقييده، أو عامًّا تريد أن تبحث عن مُخصِّصه، فالأصل..أعظم سلف لك رسولُ الله ï·؛.
بالمقابل: ما كان من هذا الصِّنف؛ سيكون شيئًا يسيرًا -ويسيرًا جدًّا جدًّا جدًّا- مِن الأحكام أو الفتاوى الفقهيَّة.
لذلك: اختيارات شيخنا الشَّيخ الألباني في بعض الأمر -هكذا- هي اختيارات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الآن: (أصاب).. (أخطأ)..قضيَّة أخرى. هو مثلُه مثل غيرِه من العلماء.
لكن: المشاغِبون يُشاغبون عليه، يقولون: هذا شُذوذ، وهذا خرق لإجماع الأمَّة، وهذا تفرُّد عن علماء الفقه الإسلامي!
يا أخي! الفقه الإسلامي مئات المسائل، فلنفرض: الشَّيخ الألباني تفرَّد بأربع أو خمس مسائل..؛ يعني: هذا ليس شيئًا كبيرًا، ناقِشوه في المسألة، ولا مانع أن تُخطِّؤوه إذا كانت لكم الحجَّة والبيِّنة.
نحن لسنا ضد هذا.
لكن: نحن ضد التَّهويش والتَّشويش والمشاغَبة والإثارة..هذا الذي -نحن- لا نَقبَله ولا نَرتضيه.

7. السُّؤال:
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا؟
الجواب:
تكلَّمنا في هذه المسألة مرَّات -ومرَّات، ومنذ أعوام وسنوات-.
هذه المسألة خِلافيَّة: قولُ جمهور العلماء أنَّه: لا يجوز.
وقول علماء الحنفيَّة وبعض العلماء الآخرين -من غير المذاهب الأربعة- أنَّه: يجوز.
نحن لا نُشدِّد في هذا الموضوع، ولا نَقول: الزَّكاة -أو الصَّدقة- باطلة -وقد قال بهذا بعضُ أهل العلم-.
لكن: ماذا نقول؟
نقول: الأصل: أنَّ النَّصَّ مُعلَّل، ويجب تطبيقُ هذه العلَّة «طُهرة للصَّائم، وطُعمة للمساكين».
الآن: نَقلُه من طُعمة محدَّدة إلى شيءٍ غير محدَّد؛ هذا يحتاج إلى دليل خاص.
نحن نحترم القولَ الآخر، ونحترم رأي الأحناف في هذا الأمر؛ لكن: هذا الاحترام لا يمنعنا من التَّرجيح.
بالمقابل.. -للأسف-: نرى -الآن- مَن ذهب إلى مذهب الأحناف مخالفًا مذهبَه الأصلي-سواء كان شافعيًّا، أو مالِكيًّا، أو حنبليًّا-، ثم يا ليتَه يسكت! -يخالِف ويسكت-؛ ولكنَّه: يُخالِف ويُشاغِب، ويستهزئ! وتراه يَغمِز بالذين رجَّحوا قولَ الجمهور!
هذا عجيب -والله-!
والله؛ هذا عجيب!
يكفيك أن تُخالف مذهبك، وأن تقول بهذا القول!
اسكُت! ونحترم رأيك، ونحترم اجتهادَك، ونحترم اختيارك -بغضِّ النَّظر أنت مُصيب، أم مُخطئ-.
أنت -عندنا- مُخطئ؛ لكن: لا نتألَّى على الله ونقول: صدقتُك غير مقبولة!
قد نقول: يجوز، أو لا يجوز؛ أما القبول وعدمه بيد ربِّ العالمين -جلَّ في عُلاه فوق عرشه-سبحانه وتعالى-.
هذا الذي ينبغي أن يُفهم في هذا الموضوع.
أمَّا التَّشغيب والاستهزاء والسُّخرية وهؤلاء..وهؤلاء..وهؤلاء..؛ هذا ليس من أخلاق العلماء، وليس من أخلاق طلبة العلم، وليس من أخلاق المنتسِبين إلى العلم.
نسأل الله -سبحانه في عُلاه- الهداية للجميع.

8. السُّؤال:
كتاب «الحاوي من فتاوى الألباني»: هل تصحُّ نِسبتُه إليه؛ إذ فيه جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا؟
الجواب:
الكتاب جمعَه بعضُ الإخوة من مصر، وأنا لا أعرفه شخصيًّا، بل كُتب على الغلاف كُنية، وهذه الكنية قد يكون في مصر مثلُها آلافُ الكنى.
هذه واحدة.
ثانيًا: هذا الشَّيء طُبع في حياة الشَّيخ الألباني، وأنا أعلم -يقينًا-بالسَّماع والمشاهدة- أن الشَّيخ الألباني استنكر هذا الكتاب، ولم يَقبَله، ومثله كتاب «مقارنة فتاوى الشَّيخ الألباني بفتاوى العلماء» لِعُكاشة عبد المنان، كذلك الشَّيخ الألباني استنكرَه استِنكارًا كبيرًا، وكَتَب في ذلك.
النُّقطة الثَّالثة: أن هذه الفتوى فتوى قديمة، فتوى من أيَّام دمشق، وهذا من أهمِّ ما يُلاحَظ على هذا الكتاب أنَّه: لا يُميِّز بين الفتاوى القديمة والفتاوى الحديثة..الفتاوى المرجوع عنها، أو الفتاوى الرَّاجحة المرجوع إليها..أحيانًا يكون الكلام مقصوصًا مبتورًا؛ لا يميِّز.
هذا من دواعي أو مِن صُوَر الخلل الذي وقع في هذا الكتاب.
الذي عِشناه مع شيخِنا نحوًا من رُبع قرن -في بلدنا الأردني المبارَك- أن الشَّيخ كان يُفتي بعدم جواز إخراج صدقة الفطر نقدًا، ولعل المرحلة الأولى من حياتِه كان فيها متأثِّرًا بالمذهب الحنفي؛ إذ: لا يعرف الكثيرون أن الشَّيخ الألباني درس المذهب الحنفي في أوَّل تعلُّمه العلم والفقه، ووالدُه كان من شيوخ الفقه الحنفي -سواء في ألبانيا أو في تركيا أو في دمشق الشَّام-، ومن مشايخه الشَّيخ سعيد البرهاني أيضًا درس عليه الفقه الحنفي، وهو شيخ عالِم من علماء الحنفيَّة المشهورين في دمشق.
فهذا شيء طبيعي أن يتأثَّر الإنسان في أوَّل حياتِه العلميَّة، ثم إذا أصبح متضلِّعًا بالفقه والمعرفة والدَّلائل والحجج والبراهين ومناقشتها؛ فحينئذٍ: له أن يرجِّح ما يراه أصوب وأنسب، أو ما يراه الصَّواب في ذلك.

9. السُّؤال:
ما صحَّة من يقول لأخيه بعد الأفطار: (صح فطورك)؟
الجواب:
هذه كلمة يبدو -والله أعلم- أنَّها مشهورة في بلاد المغرب؛ لأنَّنا لا نَعرفها في بلادنا -على الأقل: في بلاد الشَّام-، وكما ذكرتُ -قبل قليل- أنَّ مَن قالها على سبيل العادة غير مَن يقولها على سبيل التَّعبُّد أو التَّقرُّب إلى الله أو اعتقاد أنَّها من الدِّين.
هذا هو الفيصل في هذا الموضوع.
وفي ظنِّي أن أكثر النَّاس يفعلونها على سبيل العادة لا على سبيل العبادة.

10. السُّؤال:
صلَّيتُ التراويح في البيت إمامًا ببعض الأصدقاء، وفي الرَّكعة الثَّانية سهَوتُ لم أجلس للتَّشهُّد، بل قمتُ وأتيتُ بركعة ثالثة، ولم يذكِّروني إلا بعد التَّسليم، فصلَّيتُ بهم ركعة، ثم سلَّمتُ: فهل تصرُّفي هذا جائز؟
الجواب:
تصرُّفك غير جائز؛ لأنَّك سهوتَ عن ركعة، وتعمَّدتَ إضافة ركعة!
الرَّكعة التي سهوتَ عنها؛ كان يكفيك أن تسجد للسَّهو، أمَّا أن تأتي متعمِّدًا بزيادة ركعة؛ فلا دليل على هذا التعمُّد، وأخشى أن يكون من مبطِلات الصَّلاة.

11. السُّؤال:
هل التَّكسُّب من خلال فتح القنوات على (اليوتيوب) حلال -علمًا أن التَّكسُّب يعتمد على الإعلانات التي أكثرُها فيه نِساء متكشِّفات-، أم أن الأمر جائز حسب المحتوى؟
الجواب:
ما دمتَ تقول أن أكثرها يعتمد على الإعلانات التي فيه نِساء متكشِّفات، هذا؛ فضلًا عن الموسيقا، وفضلًا عن أن الدِّعاية قد تكون دعاية كاذبة لشيء لا يَستحق! هذا -كلُّه- يُشير إلى أن مثل هذا -بهذه الصُّورة- لا يجوز.
فاحرِص على الحلال -ولو كان هو الأقل-.
أسأل الله -سبحانه في عُلاه- أن يتقبَّلنا، وأن يتقبَّل منا، وأن يغفر لنا ولكم.

12. السُّؤال:
من صلَّى فقط ركعتين كلَّ ليلة طوال رمضان: هل ينطبق عليه حديث النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «من قام رمضان إيمانًا واحتِسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه»؟
الجواب:
الأصل أن يكون ذلك على ما فَعله الرَّسول الكريم ï·؛ وهو الذي كان يُصلِّي إحدى عشرة ركعة.
لكن: لا نستطيع أن نمنع ذلك أجرَه، نرجو له أن يكون قد أصاب؛ لأن الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان -أحيانًا- يقوم بما هو أقل، (أكثر): لم يَرِد-؛ لكن (أقل): كان يفعل ذلك -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
فحينئذ نقول: نرجو له ذلك؛ وإن كُنَّا لا نَجزم.

13. السُّؤال:
دعاء ختم القرآن: هل يجوز؟
الجواب:
(يجوز)، و(لا يجوز) -هكذا كان شيخُنا الشَّيخ الألباني يُجيب-.
يجوز: إذا جمع الإنسانُ أهلَه وأولادَه، ودعا لهم بعد ختم القرآن كما ورد عن بعض الصَّحابة -رضي الله-تعالى-عنه-، أظنُّه أنَسًا.
ولا يجوز: أن يكون ذلك في الصَّلاة، وأن يُجمَع لذلك النَّاس، والاحتفالات!
هذا ليس مشروعًا، ولا يجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.




انتهى اللِّقاء السَّادس والأربعون
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 05-10-2021, 03:38 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّابع والأربعون
(28 رمضان 1441 هـ)



1. السُّؤال:
حُكم تقصير المرأة من شعرِها إلى الأذنَين للعلاج والاستشفاء؟
الجواب:
ما دام الأمر للعلاج والاستشفاء: فهذا جائز، حتى لو اضطرَّت أن تَحلِق شعرَها كلَّه.
أحيانًا بعض العمليَّات الجراحيَّة لا يُمكن تُفعل إلا إذا حُلِق الشَّعر في مكان العمليَّة -معذرةً-؛ فبالتَّالي: هذا جائز.
لكن السُّؤال الذي نستخرجه من هذا السُّؤال:
لو كان ذلك لغير عمليَّة: هل يجوز للمرأة أن تَقصَّ شعرَها؟
نقول: يجوز؛ بما لا يُخالِف عُرف النِّساء الصَّالحات -في جيل معيَّن، وفي ظرف معيَّن، وفي مكان معيَّن-.
كانت نساء النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يأخذن من شُعورهنَّ كالوفرة؛ يعني: أنَّهنَّ يُبقين الشَّيءَ الكثير؛ لكن يأخذنَ للتَّزيُّن والتجمُّل.
أمَّا أن تأخذ المرأة من شعرِها -مثلًا- كالرجل: فلا يجوز؛ لأن هذا تشبُّه بالرِّجال، وهذا لا يجوز -بأي حالٍ من الأحوال-.

2. السُّؤال:
رجل صلَّى التَّراويح سبعًا، ثم قام بعد منتصف الليل، فأحب أن يزيدَ في الصَّلاة: فهل يجوز -كونه صلَّى الوتر-؟
الجواب:
المنقول في ذلك عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنه صلَّى ركعتين، والمنقول في صلاتِه الرَّكعتين أنَّه صلَّاهما جالسًا؛ ولكن: يُحمَل ذلك على بيان الجواز؛ وإلا لو صلَّاها قائمًا: لا مانع من ذلك.

3. السُّؤال:
إذا صلَّينا العيد في البيت: هل نُصلِّي جماعة، أم فرادى؟
الجواب:
إذا كنتُم جماعة: صلُّوا جماعة.
وإذا لم يكن -مثلًا- إلا واحد؛ فليس له إلا أن يُصلِّي فَردًا.
أما من حيث صِفة الصَّلاة: فصفة الصلاة واحدة -في جميع الصُّوَر والحالات-.

4. السُّؤال:
انتشر في الآونة الأخير فيديوهات لقاح لشريحة الدجَّال؛ فالمرجو التَّعليق..
الجواب:
والله؛ لا أعرفه، لم يمر بي ذلك، مع أنَّني أعتبر أنَّني مُتابِع -نوعًا-ما؛ لكن: هذا ما مرَّ به..المعذرة..لا أدري.

5. السُّؤال:
هل صحيح أنَّه لم يَثبت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- صلاة القيام في رمضان وفي غيره مباشرة بعد العشاء؟
الجواب:
لا يوجَد دليل صريح على أنَّه (مباشرة) أو (غير مباشرة)؛ لكن: المنقول أن الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كانت صلاتُه تمتدُّ إلى آخر الليل، هذا هو المنقول.
أمَّا أنَّنا نقول (بعد العشاء مباشرة)..
هذا سؤال آخر:
هل الأفضل: بعد العشاء مباشرة، أو تأخيرها؟
أنا -دائمًا- أجيب على هذا السُّؤال؛ فأقول:
الأفضلُ: الأوفق؛ يعني: ما تراه في القيام سببًا في يُقرِّبك إلى الله أكثر في صلاتِك، ويجعلك تُقبِل في صلاتِك أكثر؛ فهذا هو الأفضل، وهذا هو الخير -سواء في أوَّل الليل، أو في آخره-.

6. السُّؤال:
القصَّة التي انتشرت عن الشَّيخ الألباني: أنَّه في يوم عيدٍ مَطِير: صلَّى العيد في البيت جماعةً، وخَطَب.
الجواب:
القصَّة قرأتُها، وقرأتُ نقلَ بعض الإخوة لها، وعلَّقتُ عليها تعليقًا في بعض الفيديوهات، حتى فرَّغه بعضُ الإخوة مكتوبًا.
أنا لا أظنُّ هذا صحيحًا، قد يكون نَعَم صلَّى العيد؛ لكن: قد يكون نصحَهم نصيحة؛ لكن: (خُطبة)؛ لا؛ لأن المنقول عن عليٍّ -رضي الله عنه- أنَّه أمرَ بالصَّلاة للمتخلِّفين عن صلاة الإمام في المصلَّى أن يُصلُّوا جماعة دون خُطبة، فهذا من هذا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
من صلَّى بأهله ثم انصرف قبل أن يوتِر، وأوتَر الأهلُ وحدهم: فهل لهم أجر قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «مَن صلَّى مع إمامه حتى يَنصرِف؛ كُتب له قيام ليلة»؟
الجواب:
لا نَجزم؛ لكن: نرجو، هذا هو الأمر، وإن كان الأفضل في مَن ابتدأ القيام أن يَختمَه معهم حتى يُنيلَهم ذلك الأجر في هذا الباب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

8. السُّؤال:
حُكم القيام والانصراف عند الأذان: هل فيه تشبُّه بالشَّيطان؟
الجواب:
سؤال غير واضح: كيف يعني حُكم القيام والانصِراف عند الأذان؟
أمَّا أنَّ فيه تشبُّهًا بالشَّيطان؛ فلا؛ إلا إذا قصد السَّائل: «إذا أذَّن المؤذِّن؛ ولَّى الشَّيطان وله ضراط -أو: حُصاص-» فهذا غير هذا، الشَّيطان يهرُب فَرَقًا وخوفًا وهلعًا؛ لكن: إنسان عنده ظرف معيَّن فإذا أذَّن المؤذِّن ينصرِف حتى -لعلَّه- يجهِّز نفسَه للوضوء أو للصَّلاة أو إعداد نفسِه لشيء أو آخر؛ فالصُّورتَان مختلِفتان.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

9. السُّؤال:
أرجو شرح حُكم مَن كان تاركًا للصَّلاة ثم تاب والتزم فيها: فهل يقضي ما فاته منها، أم أن التوبة تجُبُّ ما قبلها؟
الجواب:
نعم؛ «التَّائب من الذَّنب كمَن لا ذنب له»؛ لكن: هذا مطلوب منه الاستغفار والنَّدم والإكثار من التَّطوُّع.
يقول النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-: «إن أوَّل ما يُحاسَب عليه العبدُ يوم القيامة صلاتُه، فإذا كانت تامَّة؛ كُتبت تامَّة؛ وإلا قال الله: اكتبوا ما لعبدي من تطوُّع أتِمُّوا به نقصَ فريضتِه» هذا هو..فالتطوُّع الذي يُسَدُّ به نقصُ الفريضة -سواء كان هذا النَّقص في الكميَّة، أو في الكيفيَّة-.

10. السُّؤال:
كيف نُخرج زكاة الفطر في هذه الظروف، مع العلم أن الحجر المنزلي -عندنا- من الخامسة مساء إلى السَّابعة صباحًا؟
الجواب:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
اليوم عندنا -مثلًا- في الأردن، عندنا -الآن- من بعد عشر دقائق إلى منتصف ليلة الاثنين؛ يعني: صباح الاثنين يستطيع النَّاس أن يخرجوا، أيضًا: ضمن شروط معيَّنة.
لكن: هل كلُّ البلاد غدًا عندهم حظر؟
البلد الذي ليس عنده حظر: يستطيع أن يتصرَّف.
أما الذي عنده حظر: يبدو أن الأمر قد فاته، كان ينبغي أن يستفصل، وأن يستفسر في وقت سابق، ونحن أجبنا، قد لا نكون أجبنا عن هذا السَّائل؛ لكن: المسألة طرحناها، وتكلَّمنا بها وحولها كثيرًا..مرارًا وتكرارًا.

11. السُّؤال:
بخَّاخ التَّحسُّس (البودرة): هل يُفطِّر؟
الجواب:
أمَّا (البودرة): أنا لا أعرفه؛ لكن: أنا أعرف بخَّاخ التحسُّس الهواء المضغوط الذي يدخل إلى القصَبات، ويفتح القصَبات لمرضى الرَّبو.
هذا: يجوز، ما فيه أي مانع؛ لأنَّ له ليس علاقة لا بدفعِ عطش، ولا بِدفع جوع، ولا بشيء يَصل إلى الباطن أو إلى المعدة أو الجوف، حتى يكون له مثل هذا التَّأثير.
أمَّا مجرَّد التَّنفُّس؛ فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-.

12. السُّؤال:
هل جرعة الكيماوي لمرضى السرطان في الوريد تُفطِّر؟
الجواب:
لا تُفطِّر، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- الشِّفاء والعافية لنا ولكم ولهم ولجميع المسلمين.

13. السُّؤال:
ما مدى صحَّة حديث: «لا تَمسَّ القرآن إلا وأنت طاهر»، مع بيان وجه صحَّته أو ضعفه؟
الجواب:
الحقيقة: هذا الحديث شيخُنا يُضعِّفه؛ لكن: أرسل إليَّ بعض الإخوة الكرام من الجزائر بحثًا لطيفًا -من زمان، منذ سنوات-..بحثًا لطيفًا في تحسين هذا الحديث، وجمع طُرُقه، وشواهد؛ فاطمأنَّ قلبي إلى تحسينِه.
وإلا -من باب الأمانة العلميَّة-: مفرداتُه لا تَصحُّ عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-.

14. السُّؤال:
هل اطَّلعتم على شرح الشَّيخ الأثيوبي على «صحيح مسلم»؟
الجواب:
نعم؛ اطَّلعنا عليه، ورأيناه، والشَّيخ الأثيوبي رجل من أهل العلم والحديث، ورجل متفنِّن، وعندنا فيه معرفة شخصيَّة -منذ سنوات وسنوات-، نسأل الله أن يجزيَه خيرًا، وأن يمن علينا وعليكم وعليه بالشِّفاء والعافية.
فشرحُه جيِّد جدًّا -جدًّا- باعتِباره شرحًا مَدْرسيًّا؛ يعني: يُفيد عامَّة طُلَّاب العلم، وحتى المتخصِّصين؛ لأن طريقته جميلة، ومُرتَّبة.
لكن: الأبحاث الحديثيَّة العميقة لا توجَد في كتابه كما توجد -مثلًا- في «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني، أو في «فتح الباري» للحافظ ابن رجب الحنبلي، مع أنَّه لم يُطبع منه إلا قليلًا؛ لكن: القليل يُعرِّفك بالكثير.
فلو أنَّ الشَّيخ -حفظه الله- اعتنى بالبحث الحديثي -من حيث النَّقد والتعليل، والجرح والتَّعديل- في كتابه؛ لكان الكتاب آيةً في بابه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
ما الرَّاجح بعدد المصلِّين الذين تنعقد بهم الجمعة؟
الجواب:
ثلاثة؛ لكن العبرة: أين تُقام هذه الصَّلاة.
ما ورد قبل شهرين، أو في بداية أزمة جائحة (الكورونا): أفتى بعضُ طُلَّاب العلم بأنَّه يجوز أن تُصلَّى الجمعة في البيوت بِخُطبة.
وهذا؛ أوَّلًا: الخلاف المنقول عن السَّلف في أن مَن فاتته الجمعة يُصليها أربعًا، ما ورد عن ابن مسعود وغيره. أوَّلًا.
والأمر الثَّاني: الجمعة الأصلُ فيها الوحدة وعدم التَّعدد؛ فكيف نجعلها -الآن- في كل بيت!؟ هذا غير صحيح.
المنقول عن بعض السَّلف في أنَّكم (أقيموا الجمعة في أماكنكم) هذا إذا لا يوجد مسجد.
وكذلك: ما نُقل عن شيخنا الشَّيخ الألباني أنَّه فرِح في بريطانيا لما زار بريطانيا -في السَّبعينات-، لما رأى بعض الإخوة الهنود أو الباكستان استأجروا منزِلًا يُصلُّون فيه الجمعة؛ أيضًا: هذا جائز، لا نُخالفه.
لكن: هل هذا مثل أن تُصلَّى الجمعة في كلِّ بيت؟
الجواب: لا؛ الصُّورتَان مختلِفتان.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

16. السُّؤال:
ما هو أفضل شرح لـ«سُنن النَّسائي»؟
الجواب:
الشَّيخ الأثيوبي شرح موسَّع لـ«سُنن النَّسائي»، وشيخُنا في الإجازة الشَّيخ عطاء الله حَنيف الْفُوجياني -رحمه الله- له كتاب كبير -في سِت مجلَّدات-أظن- بعنوان: «التَّعليقات السَّلفيَّة على «سُنن النَّسائي»».
وبالمناسبة: الشَّيخ محمَّد علي آدم الأثيوبي أيضًا: شيخُنا، ولي منه إجازة، جزاه اللهُ خيرًا، وأسأل الله أن يوفِّقهم جميعًا، وأن يرحم شيخَنا الشَّيخ عطاء الله.

17. السُّؤال:
ما رأيكم في تحقيقات الشَّيخ عصام هادي؟
الجواب:
الشَّيخ عصام من إخواننا وأحبابِنا الذين نَعرفهم منذ أكثر من ثلاثين سَنة، وهو رجل من أهل السُّنَّة، ومن دُعاة السُّنَّة، ومن أهل الحديث، ومن طلبة العلم، وممَّن جمعوا إلى ذلك الْخُلُقَ والأدب، وهذا جَمعٌ نتمنَّاه لأنفسِنا، ونُحبُّه لإخواننا -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.
وتحقيقاتُه مُتقَنة في كتب الحديث السِّتَّة -وغيرها-؛ فجزاه الله -تعالى- خيرًا.

18. السُّؤال:
حُكم مَن أفطر وهو يظنُّ أن الشَّمس قد غربت، وحوله منطقة فيها تِلال صغيرة؟
الجواب:
الأصل: التحرِّي؛لكن: أنا سأفرِض أنَّه تحرَّى ولم يَظهر له إلا أن الشَّمس قد غربت، ثم بعد أن أفطر ظهرت الشَّمس -لسبب، أو آخر-؛ نقول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، ليس عليه شيء «ما تجانَفْنا الإثم» كما ورد عن بعض الصَّحابة الكرام في صورةٍ من مثل هذه الحادثة.
ولكن: المشكِلة أن البعض قد يتعجَّل، وقد يستعجِل، ولا يتحرَّى! هنا الآفة، وهنا المشكلة.

19. السُّؤال:
كيف نقوم ليالي العشر الأواخر فقط بإحدى عشرة ركعة؟
الجواب:
عجيب هذا السُّؤال!
يا أخي: هل تظنُّ أن القضيَّة متعلِّقة بكثرة الصَّلاة؟
ضَبط الصَّلاة، وكيفيَّة الصَّلاة، والخشوع في الصَّلاة، والاطمأنينة في الصَّلاة أعظم بكثير من الإكثار من الرَّكعات، والإكثار من أعداد الصَّلوات، ودائمًا نحن نَقول: «خير الهديِ هديُ محمَّد ﷺ».

20. السُّؤال:
ما الرَّاجح في معنى حديث: «يومَا عِيدٍ لا يَنقُصان: رمضان، وذو الحجة»؟
الجواب:
هذا سؤال جيِّد، ومن باب الأمانة العلميَّة: الحديث فيه خِلاف كبير بين العلماء في شرحِه وفي فِقهه.
لكن الذي ينشرح له صدري هو التَّالي:
قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «شَهرَا عِيدٍ لا يَنقُصان»؛ أي: لا يَنقُصان أجرًا وإن نقصَا عددًا؛ لأن الشَّهر إمَّا تسع وعشرون وإمَّا ثلاثون، فالآن: هذا الشَّهر -مثلًا- تسع وعشرون، هل نَقول: هذا الشَّهر ناقص؟
هذا الشَّهر ليس بِناقص، هذا الشَّهر كامل، الأجر فيه كامل وإن نقصت عددُ أيَّام؛ فهو شهر، سواء كان تسعة وعشرين يومًا، أو كان ثلاثين يومًا، هو شهر، في هذه الصُّورة يُقال فيه (شهر)، وفي هذه الصُّورة يُقال فيه (شهر).

21. السُّؤال:
هل يجوز أن أوكِّل أحدًا في بلد آخر أن يُخرج عنِّي زكاة الفطر، وأُرسل له قيمتَها بعد رمضان، أم الواجب أن تَصلَه القيمة قبل إخراجها؟
الجواب:
التَّوكيل بالقيمة يجوز، ولا يجوز التَّوكيل بِنفس الزَّكاة؛ يعني -مثلًا-: إنسان قال: (زكاتك الفطر محجوزة عندي، أعطيك إيَّاها بعد العيد)؛ هذا لا يجوز، أو: (بعد فكِّ الحظر)؛ هذا لا يجوز.
ما الذي يجوز؟
الذي يجوز: إذا..تقول لفلان: اشتَرِ لي كذا وكذا، وأعطِها لفلان، وأنا أعطيك المال بعد العيد، أو في أوَّل فرصة تتيسَّر.
لا مانع من ذلك.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

22. السُّؤال:
ترجيح أن تعمُّد استِنشاق البخور يُفطِّر لا تتَّضح الحكمة منه، والدُّخان ليس طعامًا ولا شرابًا؟
الجواب:
هذا غير صحيح، الدُّخان والبخور -بهذه الصُّورة المتعمدة- فيها جِرم، لو نظرتَ إلى السِّيجارة ووضعتَها على ماء؛ ستجد الطَّبقة السَّوداء -أو ذات اللَّون الخبيث-؛ مما يدل على أنَّها جِرم، (النِّيكوتين) -في حقيقتِه- إذا حُرِق، وكذلك البخور.
لكن: والله؛ أنتَ في غرفة، والبخور بعيد عنك، فقط لتغيير جوِّ الغرفة، غير ما إذا كان الاستِنشاق بالصُّورة التي يفعلها إخوانُنا أهل الخليج العربي المعروفون بالكرم، وهذا من عاداتهم.
فالصُّورة تختلف.
أمَّا أن الدُّخان ليس شرابًا؛ لا؛ عُرف المدخِّنين أنَّه شراب! يقول: (فلان يَشرب الدُّخان)! والْعُرف مؤثِّر في هذا الباب، إضافة إلى النُّقطة الأولى التي ذكرتُها.




انتهى اللِّقاء السَّابع والأربعون
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 05-12-2021, 01:53 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّامِن والأربعون
(30 رمضان 1441 هـ)





[تكبيرات العيد متى تبدأ، وكذا التَّهنئة بالعيد]
بالنِّسبة لأوَّل أيَّام العيد، وقد وردت عدَّة أسئلة في موضع التَّكبير، متى يبتدئ التَّكبير في العيد، ومتى يكون التَّعييد؟
فتكبير العيد -والله أعلم- كما رجَّحه الإمامُ الشَّافعي أنَّه ليلة ثُبوت العيد؛ يعني: العيد غدًا، من بعد مغرب هذا اليوم يبدأ التَّكبير.
هذا وإن كان خالف في ذلك بعضُ أهل العلم؛ لكن هذا ما ينشرح له الصَّدر أكثر -وأكثر-.
أيضًا: ورد السُّؤال عن متى يهنِّئ النَّاسُ بعضُهم بعضًا؟
ورد عن بعضِ أهل العلم أنَّه نهى عن ذلك إلا بعد صلاة العيد.
لكن: يبدو -أيضًا- أن الأمر واسع، ما دام قد ثبت العيد -على ما قُلنا في التَّكبير-، نقول في التَّهنئة بالعيد، وبخاصَّة أن هذا ليس عن النَّبي ﷺ -حتى نَقول إنَّه توقيفي-؛ فالأمر فيه نوعٌ من السَّعة.
والله -تعالى- أعلم وأعلى.

1. السُّؤال:
ما قولكم فيمَن أفطر بعد عصر هذا اليوم لِثُبوت الهلال في بعض الدُّول الإسلاميَّة الإفريقيَّة؟
الجواب:
هذا غير صحيح، ولا يجوز.
النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «الْفِطر يوم يُفطِر النَّاس، والصَّوم يوم يَصوم النَّاس»، فأنت مُطالب ببلدِك.
لو كانت الأمَّة الإسلاميَّة -للأسف- مُلتزِمة برؤية واحدة -سواء في أوَّل رمضان، أو العيد-؛ لنقول: هذا ننظر فيه، في حالته.
لكن: في الصُّورة الواقعيَّة -الآن- الجواب: أن كلَّ بلد مطلوبٌ منه أن يُعيِّد مع بلدِه.

2. السُّؤال:
ما الرَّاجح في عدد تكبيرات صلاة العيد؟ ورفع اليدين في صلاة العيد؟
الجواب:
أمَّا عدد التَّكبيرات: فأرجح الأقوال أنَّها: (سبع)، و(خمس) -غير تكبيرة الإحرام، وغير تكبيرة الانتقال-.
أمَّا رفع اليدين: فلا يصح -البتةَ- لا عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ولا عن ابن عمر.
وهذا بخلاف ما ورد عن ابن عُمر بالسَّند الصَّحيح في موضوع تكبيرات صلاة الجنازة.
نحن -الآن- نتكلَّم عن رفع اليدين في تكبيرات صلاة العيد؛ لا يصحُّ ذلك عن ابن عُمر -رضي الله-تعالى-عنهما-.

3. السُّؤال:
هل الفرح في العيد سُنَّة؟
الجواب:
نعم؛ الفرح في العيد سُنَّة.
النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «للصَّائم فرحَتان: فرحةٌ عند فِطْرِه، وفَرْحةٌ عند لِقاءِ ربِّه»، بعض العلماء قال: «عند فِطْرِه»؛ أي: عند ثُبوت هلال العيد، وهو يوم عيد الفطر السَّعيد، فضلًا عن «حتى يَعلم اليهود.. أن في دينِنا فُسحة»، ونصوص متعدِّدة تُشعِر بهذا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

4. السُّؤال:
ما حُكم التَّكبير الجماعي؟
الجواب:
التَّكبير الجماعي..حتى نضبِط الجواب: التَّكبير الْجَهري.
التَّكبير الجهري منقول، وإن كان الأصل ليس التَّواطؤ والتَّوافُق على التَّكبير.
لكن: ستجد أنَّ التَّواطؤ قد حصَل في أكثر الحالات تلقائيًّا، طالما حصَل تلقائيًّا من غير تواطُؤ واتِّفاق؛ أرجو أن لا بأس في ذلك -إن شاء الله-تعالى-.

5. السُّؤال:
هل يُشرع قيام ليلة العيد؟
الجواب:
لا دليل على ذلك؛ بل الحديث الوارِد في ذلك: «مَن قام ليلة العيد لا يموت قلبُه حين تموتُ القلوب» لا يصحُّ ولا يَثبُت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
وكما أنَّنا قُمنا في آخر أيَّام شعبان في ليلة رمضان؛ كذلك لا نَقوم في آخر أيَّام رمضان ليلة العيد، و«خَيرُ الْهَديِ هَدْيُ محمَّد ﷺ».

6. السُّؤال:
هل يُقال في التَّكبيرات شيء؟
الجواب:
أمَّا عن النَّبي ﷺ؛ فلم يُنقَل في ذلك شيء.
والذي نُقل في ذلك عن ابن مسعود وبعض الصَّحابة: حُمدٌ لله وثَناء.
والأمر -إن شاء الله- فيه سَعة، وإن كنتُ -أنا-شخصيًّا- أَميل إلى القاعدة الأصليَّة الثَّابتة: «خَيرُ الْهَديِ هَدْيُ محمَّد ﷺ».

7. السُّؤال:
ما قولكم في كلام الدكتور عمر عبد الكافي في عدم صلاة العيد في البيوت؟
الجواب:
هذا قولٌ غير صحيح، والدُّكتور عُمر على شُهرتِه -للأسف- غير متثبِّت من الفتاوى، فضلًا عن الأحاديث التي يَذكُرها مما هبَّ ودبَّ، ولا أدري من أين يأتي بها!
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

8. السُّؤال:
هل تجوز الخطبة في البيت مع الأهل والأقارب؟
الجواب:
لا دليل على ذلك.
وعندما أمر عليٌّ -رضي الله عنه-كما في «مصنَّف» ابن أبي شَيبة-، أمر من فاتتهم الصَّلاة في المصلَّى مع الجماعة، أمرَ بعضَ النَّاس أن يؤمَّهم دون خُطبة.

9. السُّؤال:
هل المعانقة في العيد تدخل في العبادات، أم العادات؟
الجواب:
المعانَقة -بحد ذاتِها- أمر متعلِّق بالعادات؛ لكن: نحن نَحرص أن نكون مُتحرِّين ومُتحفِّظين في موضوع العبادات -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.
بمعنى: مَن لم ترَه إلا يوم العيد وعانقتَه؛ لا بأس.
لكن: إنسان خرجتَ وأنت وإيَّاه من صلاة العيد، أو أنتَ رأيتَه بالأمس؛ فهنا معانقتُك له في غير موضعِها.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
إذا منعت الحكومة صلاة العيد لغير سبب، بغير عُذر، وصلَّاها بعضُ النَّاس: هل الصلاة باطلة؟
الجواب:
الْبُطلان لا نستطيع الإفتاء به.
لكن: موضوع مخالَفة وليِّ الأمر أو لا؛ يُنظر في حينِه وفي وَضعِه، أمَّا بُطلان الصَّلاة؛ فلا.

11. السُّؤال:
نريد كلمة للإخوة المتهاجِرين.
الجواب:
أمَّا الإخوة المتهاجِرون؛ فنقول لهم: اتَّقوا اللهَ في أنفسِكم! وبخاصَّة إذا كان التَّهاجُر لأسباب دنيويَّة وليس لأسباب شرعيَّة.
أمَّا إذا كان لأسباب شرعيَّة: فالهاجِر مأجور، والمهجور مأزور؛ إلا أن يتوب، وإلا أن يَرجع عمَّا هو فيه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

12. السُّؤال:
هل يمكنني أن أؤدي صلاة العيد في البيت؟
الجواب:
نعم، وهذه هي الفتوى والمنقول عن الصَّحابة -رضي اللهُ عنهم-كما عن أنس وغيره-؛ وبالتَّالي: هذه من سُنَّة السَّلف -رضي الله-تعالى-عنهم-.

13. السُّؤال:
هل تجوز الخطبة؟ [يعني: في صلاة العيد في البيت]
الجواب:
لا؛ صلاة العيد في البيت بِغير خُطبة.

14. السُّؤال:
هل إحياء ليلة العيد من باب فضائل الأعمال؟
الجواب:
الأصلُ في فضائل الأعمال: أنَّها تَثبُت بالنَّص، لا تَثبُت بالعمومات، و«خيرُ الهديِ هَدْيُ محمَّد -صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم-».

15. السُّؤال:
هل هنالك وقت معيَّن لتكبيرات صلاة العيد؟
الجواب:
نعم؛ يبتدئ التَّكبير من ليلة العيد إلى صلاة العيد، هذا أرجح الأقوال.
والله -تعالى- أعلم.

16. السُّؤال:
المأمومون في صلاة العيد -يعني: عند حُدوث الجماعة-: هل يجهَرون بالتَّكبير؟
الجواب:
لا يجهَرون بالتَّكبير، الجهرُ بالتَّكبير؛ فقط للإمام.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

17. السُّؤال:
هل اتَّفقت المذاهب الأربعة على إحياء ليلة العيد؟
الجواب:
مع احترامي للمذاهب الأربعة، ونحن لا شيءَ بالنِّسبة لهم، وهم أئمَّتُنا وعلماؤُنا وكُبراؤُنا؛ لكن: العبادة لا تَثبُت إلا بِدليل، فمَن أثبَتَ هذا القول للمذاهب أو نَفاه؛ فالعبرة بالدَّليل، مع الاحترام الجليل للجميع.

18. السُّؤال:
ما الكتب التي اطَّلعتُم عليها للشَّيخ عبد المالك رمضاني؟
الجواب:
تقريبًا اطَّلعتُ على كلِّ كتب الشَّيخ عبد المالك رمضاني -من أوَّل كُتبِه إلى آخرِها-، ولا أرى فيها إلا المنهج السَّلفي الصَّحيح، والمنهج العلمي الرَّاجح القويم.
ولكن: هذا لا يَنفي عنه ولا عن غيره أنَّه بَشَر -قد يُخطئ أو يُصيب-؛ لكن: العبرة بِعُموم المنهج.
نسأل الله أن يزيدَه من فضله.

19. السُّؤال:
البعضُ استدلَّ بقاعدة فضائل الأعمال على إحياء ليلة العيد؟
الجواب:
ذكرْنا -غيرَ مرَّة-: أن إحياء ليلة العيد وفضائل الأعمال تَثبُت بالدَّليل، ليس بالعمومات.

20. السُّؤال:
التَّكبير في الإذاعة؟
الجواب:
بسبب الظَّرف الحالي الذي نعيشُه اليوم -في موضوع (الكورونا) والْحَجر-وما أشبه-: أرجو أن لا بأس في ذلك؛ لتذكير النَّاس، والله -تعالى- أعلم.
كما يَحدُث في الأذان: يُرفَع الأذان ولا أحد يأتي إلى المساجد؛ فهذه مِن تلك -إن شاء الله-؛ للضَّرورة.

21. السُّؤال:
هل تجوز المعايَدة قبل الصَّلاة؟
الجواب:
نعم، أجبنا عن ذلك: أن الأمرَ فيه سَعة، ما دام ثبَتَ العيد؛ فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-.

22. السُّؤال:
حُكم مَن أخرج زكاة الفطر في أوَّل الشَّهر؟
الجواب:
إخراج زكاة الفطر في أوَّل الشَّهر مُخالِف للسُّنة؛ لكن: لا نستطيع أن نُبطِل الصَّدقة.

23. السُّؤال:
هل ذَكر ابنُ تيميَّة إخراج زكاة الفطر مالًا عند الحاجة؟
الجواب:
كلامُ ابن تيميَّة غير واضح -وإن استنبط منه البعضُ ذلك-؛ لكن: يوجد نصوص أخرى واضحة في الإطعام -وليس في القيمة، أو النَّقد-.

24. السُّؤال:
هل يجوز لي أداء صلاة العيد في المساء؟
الجواب:
لا؛ وقتُ صلاة العيد إلى وقتِ الزَّوال، أو قبل الزَّوال: من طُلوع الشَّمس مقدار ذِراع إلى ما قبل الزَّوال.

25. السُّؤال:
هل صلاة العيد بعد الشُّروق بِرُبع ساعة؟
الجواب:
نعم؛ رُبع ساعة..نِصف ساعة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

26. السُّؤال:
هل الخلاف في إعفاء اللِّحية مُعتبر؟
الجواب:
لا؛ ليس بِمعتَبَر؛ الأدلَّة كثيرة على الوجوب، ونُصوص العلماء على ذلك مُتكاثِرة، والخلاف غير معتَبَر.

27. السُّؤال:
هل يوجد سُنَّة قَبليَّة أو بعدِيَّة لصلاة العيد؟
الجواب:
ورد عن النَّبي ﷺ أنَّه بعد أن صلَّى العيد -إذا رجع بيتَه- صلَّى ركعتَين، واختلف العلماء في هاتَين الرَّكعتَين.
فالمسلم الحريص يفعل ذلك، ولا يُبالي -إن شاء الله-؛ فهذه هي السُّنَّة.

28. السُّؤال:
هل تكبيرات الانتقال وتكبيرة الإحرام: داخلة في عددِ تكبيرات العيد؟
الجواب:
لا، وقد ذكرْنا ذلك في السُّؤال الأوَّل.

29. السُّؤال:
تُوفِّي ميت قبل العيد بأشهُر، فلا يقومون بِفرح العيد..إلخ؟
الجواب:
يا إخواني: الميِّت مَيِّت، رحمه الله، وفرحة العيد لا تتعارَض مع الحزن على الميِّت، هذا له أحكامُه، وهذا له أحكامُه.

30. السُّؤال:
هنالك مَن قال بأنَّ أثر عليٍّ لا يُستدل به على صلاة البيوت؟
الجواب:
يُستدل به على الصَّلاة لِمَن فاتته الصَّلاة العامَّة، وهذا مثلُ ذاك، لا فرْق بينهما، وإن كان حديث أنس يدلُّ على ذلك، فهذا لا يتعارض هذا.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

31. السُّؤال:
كيف تكون صلاة العيد في هذه الظُّروف؟
الجواب:
..تُصلَّى في البيوت بِغير خُطبة، فإذا وُجدت جماعة؛ تُصلَّى جماعة، وإذا لم توجَد؛ تُصلَّى فرديًّا..فُرادى.

32. السُّؤال:
هل اطَّلعتُم على كتاب «الفتح الربَّاني من فتاوى الشَّوكاني»؟ وما رأيُكم في الكتاب؟
الجواب:
مؤلَّفات الشَّوكاني -بالجملة- مؤلَّفات جليلة ومبارَكة، وننصح بها.

33. السُّؤال:
لم أخرج صدقة الفطر لغاية الآن: ماذا أفعل -ولا يوجَد قُوت-؟
الجواب:
اتَّقوا اللهَ ما استطعتُم؛ تستطيع أن تسأل بعضَ النَّاس في بعض البلاد -كما في بلادِنا- يحتاطون من الذين يَجمعون الزَّكوات، يحتاطون لأنفسِهم بِجَمع الزَّكاة الزَّائدة، أو بِجمع مواد الإطعام زيادةً، فتستطيع أن تَحتاط، وما يزال معك وقت إلى صلاة العيد -من هذه اللَّحظة-.
فإن ضاق عليك الوقت؛ حينئذٍ نقول: الضَّرورة تُقدَّر بقدْرِها.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

34. السُّؤال:
كم يوم نَبقى نُكبِّر تكبيرات العيد؟
الجواب:
أمَّا عيد الفطر: ففقط إذا قام الإمام إلى الصَّلاة؛ تنتهي التَّكبيرات في العيد.

35. السُّؤال:
ما هو حدُّ الضَّرورة التي تكلَّم عنها شيخُ الإسلام؟
الجواب:
مثلًا: لا يوجَد مواد تموينيَّة في بعض البلاد، ممكن ولا غير ممكن؟
نقول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله.
فللضَّرورة أحكام، و(الضَّرورة تُقدَّر بقدرِها)، و(إذا ضاق الأمرُ اتَّسع) كما يقول الفقهاء.

36. السُّؤال:
الأثر المروي في التَّهنئة: هل هو صحيح؟
الجواب:
نعم؛ بل صحَّت عدَّة آثار في التَّهنئة -وليس أثرًا واحدًا-.

37. السُّؤال:
إذا الولد مات قبل والدَيه وعنده أبناء: كيف يكون تقسيم التَّركة؟
الجواب:
تقسيم التَّركة عادي..إيش المشكلة؟ الوالِدان لهم حُصَّة، والأبناء لهم حُصَّة، التَّقسيم المنقول في الشَّرع الحكيم؛ لكن: أنا أظن أنَّ السَّائل يُريد شيئًا غير ذلك.
فليصحِّح سؤاله.

38. السُّؤال:
كيف يمكن ضَبط الكتب المطوَّلة؟
الجواب:
لعلَّ قصدَه: ضبط قراءة الكتب المطوَّلة.
الكتب المطوَّلة نوعان:
مثلًا؛ كتُب التَّاريخ والتَّراجم: هذه تُجرَد جَرْدًا.
أمَّا -مثلًا- كتب الفقه والحديث: فالأصل أن تُقرأ قراءةً.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

39. السُّؤال:
حكم الإشراك في العبادة -قصده: تشريك النِّيَّة-: صيام سِت من شوَّال مع القضاء؟
الجواب:
يُفتي بذلك بعض أهل العلم، وأنا لا أَميل إلى هذا القول، أَميل -أنا- إلى: كل قول [لعله: عمل] له أحكامُه وحُدودُه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

40. السُّؤال:
نريد كلمةَ للثَّبات بعد رمضان؟
الجواب:
الثَّبات بِيد الله، والنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «أحبُّ الأعمال إلى الله: أدومُها -وإن قلَّ-».
احرِص على المحافظة على القليل؛ تَفُز بالكثير.
وعليك بالدُّعاء والتضرُّع لربِّ العالمين -سبحانهُ وتعالى-.
والله يُثبِّتنا وإيَّاكم على الحق والهدى...
[تعليق على غضب بعض الإخوة من تعليقات بعض السُّفهاء]
يا إخواني؛ لا تغضبوا!
من بين ثلاثمئة إنسان طالب علم حريص أن يَخرج إنسان سَفيه؛ هذا شيء طبيعي!
لا يضرُّكم، ولا يَضيرُكم ذلك؛ بل: افرحوا بما أكرمكم الله به من الحرص والسُّنَّة وسَعة النَّفس والصَّدر.
وأمَّا أمثال هذا السَّفيه وأشباهه؛ فنسأل الله الهداية لنا ولكم ولهم -جميعًا-.
جزاكم الله كلَّ خير.

41. السُّؤال:
ما ورد عن السَّلف في التَّهاني بعد الصَّلاة؟
الجواب:
أجبنا -قبل قليل-، وقلنا أن الأمر فيه سَعة ما دام أن العيد قد ثَبَت.

42. السُّؤال:
نريد منكم جَمع فتاوى الألباني كمثل فتاوى ابنِ باز وابنِ عُثيمين؟
الجواب:
قد حصَل، جمعَها الأخ الدُّكتور شادي نُعمان في أربعين مجلَّدًا، وهي مطبوعة في دار ابنِ عبَّاس في مصر، وهي نازلة على (الإنترنت).

43. السُّؤال:
هل أثر أنس مُخالِف لواقعِنا أنَّه قضاها، ونحن في البيوت؟
الجواب:
أيضًا قضاها في البيت أنس، وهذا تبويب الإمام البخاري -يا أخي-.

44. السُّؤال:
(غالب قوت أهل البلد): ما دليل هذه الجزئيَّة؟
الجواب:
في الحديث قال: (وكُنَّا نُخرج غالبَ قُوت أهلِ البلد)، منصوص عليه مِن راوي الحديث -نفسِه-.

45. السُّؤال:
أكل التَّمرات واجب؟
الجواب:
لا نستطيع أن نقول واجب؛ ولكن: مِن السُّنَّة.

46. السُّؤال:
هل يجوز أن أعطي أخي زكاة فِطر؟
الجواب:
نعم، يجوز؛ بِشَرطَين:
الشَّرط الأوَّل: أن يكون فقيرًا.
والشَّرط الثَّاني: أن يكونَ في غير نفقتِك.

47. السُّؤال:
هل يجوز للمرأة أن تصوم السِّتَّة من شوَّال قبل القضاء؛ لصعوبة القضاء قبل التَّنفُّل؟
الجواب:
الأصل: أن تحرص على العكس؛ أول شيء القضاء.
فإذا لم تستطع؛ فلا بأس -إن شاء الله-.

48. السُّؤال:
ما هو (منهج السَّلف) لُغةً واصطِلاحًا؟
الجواب:
(منهج السَّلف) لُغةً: واضح، لا نحتاج إلى ذِكره.
أمَّا؛ اصطِلاحًا: فهو الطَّريق الثَّابت عن مُجمَل السَّلف الصَّالح في العقيدة والأخلاق والسُّلوك والاتِّباع.
هذا هو (منهج السَّلف).
و(منهج السَّلف) مَبني على الأُخوَّة والمحبَّة والتَّناصُح، ليس قائمًا على شيء من الحزبيَّة أو الحركيَّة أو التَّنظيمات السِّرِّيَّة؛ وإنَّما هو حُبُّ الخير للغير -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.

49. السُّؤال:
ما رأيك فيمن يقول: السَّلفيُّون لا يَعتَبرون بِعلم المقاصد، والمثال على ذلك: زكاة الفطر؟
الجواب:
وهل الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- غاب عنه عِلم المقاصد حتى يَقول: «طُعمة للمساكين»، وقد كان هنالك فقراء كما اليوم فقراء -بل الفقراء يومئذٍ أشد-، وقد كان هنالك درهم ودينار كما هو دينار ودرهم اليوم، وهنالك مقاصد كما اليوم مقاصد.
الذي يقول هذا الكلام؛ للأسف الشَّديد: لم يُحسِن التَّعبير -على أقلِّ الأحوال-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

50. السُّؤال:
هل وقت زكاة الفطر مُعلَّق بِخروج العبد لصلاة العيد؟
الجواب:
لا؛ نحن نوسِّع ونَقول: ما دام ثَبَت العيد، لو في ليلة العيد؛ لا بأس -إن شاء الله-.
أما أفضل الوقت: من بعد الفجر إلى صلاةِ العيد.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

51. السُّؤال:
هل هنالك تكبير مقيَّد بعد الصَّلوات في عيد الفطر؟
الجواب:
لا، يوجد هذا في عيد الأضحى -فقط-، أما عيد الفطر؛ فلا.

52. السُّؤال:
كيف يتمُّ إخراج الفطر مع أنَّنا لا نُصلِّي في جماعة العيد؟
الجواب:
إخراج الفطر -يا أخي- معك الليلة، ومعك أمس، فليس مُرتبِطًا -فقط- بصلاة العيد جماعة، (إذا ضاق الأمرُ؛ اتَّسع).




انتهى اللِّقاء الثَّامِن والأربعون
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 05-20-2021, 02:21 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء التَّاسع والأربعون
( 8 شوال 1441 هـ)



[الرَّد على استِنتاجات مغلوطة في أن البدعة تصير شركًا أصغر ثم يصير تكفيرًا، وكلمة حول التمذهب]
أحببتُ أن أطرح موضوعًا طرحناه كثيرًا -وكثيرًا جدًّا-؛ لكنَّ الكثيرين -إلى الآن- يُجادلون.
وأنا أطلعني -اليوم- بعض الإخوة الكرام مِن طلبة العلم على مُراسَلة -لا أدري هل هي خاصَّة أم عامَّة- بينه وبين بعض طلبة العلم -أيضًا-، فصار النِّقاش حول موضوع البدعة.
واحد منهما يردُّ على الآخر يقول له: أنتم -يا مَن تتكلَّمون في البدعة-..وهذا سمعتُه -أنا- من عدَّة أطراف-.. هذه البدعة تنتقل من البدعة إلى أن تُصبح شركًا أصغر، والشِّرك الأصغر يُصبح تكفيرًا!
الحقيقة: هذه -كلُّها- استِنتاجات أستحي أن أقول: كاذبة! وعلى الأقل: هي استِنتاجات خاطئة! وعلى أقلِّ الأقل: هي استِنتاجات مغلوطة!
ما علاقة البدعة بالشِّرك الأصغر إلى أن تؤول شركًا أكبر أو كُفرًا!؟
هذه علاقة منفكَّة -بكلِّ معنى الوجوه-!
ولكن: يبدو لي أن الخللَ في غير هذا، وأنَّ هذا رُكِّب على خللٍ آخر؛ وهو: أنَّهم توهَّموا إذا قُلنا أن (هذه بدعة) أنَّه يَلزم منها أن صاحبَها مُبتدِع، وإذا استَلزَموا أن صاحبَها مُبتدِع؛ فيَلزَم من ذلك أنَّ: «كلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار»؛ أي: صاحبُها في النَّار.
وهذا -كلُّه- مما لا يَخطر لنا على بالٍ، ولا يَسنح لنا على خيال!
كلامٌ باطل، ولوازِم باطلة.
ومما تقرَّر عند العلماء -قاطبةً- أنَّ (لازمَ المذهبِ ليس بِمَذهَب)، حتى قال بعضُ أهل العلم: (مَن أُلزِمَ بِمَذهبٍ ونَفاهُ عن نفسِه؛ فإن نِسبتَه إليه كذبٌ عليه).
نحن عندما نقول: (بدعة)؛ نَصِف الفعل، الفاعل ليس له حُكم بمجرَّد فِعلِ البدعة.
نعم؛ قد يكون له حُكم إذا أصبحت البدعة مَنهجًا -له- حياتيًّا.
ومع ذلك: إذا قُلنا (مُبتدِع) لا نعنى أنَّه (مُبتدِع) بمعنى أنَّنا نَحكم عليه في النَّار!
وما أجمل كلام أئمَّة الحديث عندما قالوا: إنَّنا نتكلَّم في أقوام لعلَّهم حَطُّوا رِحالَهم في الجنَّة!
لا نتكلَّم عن جنَّة ولا نار!
لا نتكلَّم عن آخرة النَّاس وما لا يَعلمه عنهم إلا ربُّ النَّاس!
أرجو أن يُفهَم هذا -جيِّدًا-.
قضيَّة البدعة قضيَّة حُكميَّة على الفعل، وقد تكون حُكميَّة على الفاعل؛ لكن: أن تكونَ حُكميَّة متعلِّقة باليوم الآخِر؛ فلا؛ إلا بوُجود شُروط وانتِفاء موانع، وهذا مما قد يتعذَّر أو يتعسَّر، وكَلِمتا (يتعذَّر) أو (يتعسَّر) كَلِمتان دقيقتان -قد لا يفهمهما أيُّ أحد من عامَّة طلبة العلم-فضلًا عن-معذرةً-دَهمائهم-!
الأمر ليس كذلك..ينبغي أن يُفهَم.
فهذا السِّلاح..أو هذا الخوف..أو هذا التَّخويف والتَّرهيب الذي نَسمعه من بعض النَّاس من الذين يُخالِفوننا ونُخالفُهم في هذا الموضوع يقولون: أنتم ليس لكم همٌّ إلا أن تقولوا: هذه بدعة، و«كلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار»!
أوَّلًا: هذا حديث النَّبي ﷺ، ليس كلامَنا.
ومع ذلك: نحن نقول ذلك في وصف الأحكام.
ووصفُ الأمر بأنَّه بدعة،أو بعض الأمور بأنَّها بدعة: هذا لم نَختصَّ به -نحن-طلبة العلم وأهل الحديث وأهل السُّنَّة ودُعاة منهج السَّلف-، لم نَختصَّ به.
هذا موجود عند (علماء المالكيَّة): انظروا كتاب «المدخل» لابن الحاج..كتاب «الاعتصام»للشَّاطبي.
وموجود عند (علماء الشَّافعيَّة): انظروا كتاب «الباعث» لابن أبي شامَة، وانظروا كتاب «الأمر بالاتِّباع والنَّهي عن الابتداع» للسُّيوطي.
وموجود عند (علماء الحنفيَّة): انظروا كتاب «اللُّمَع» لابن بَيْدَكِين الحنفي.
وأمَّا (الحنابلة): فأكثر من ذلك.
لذلك: بعض النَّاس (كأنَّهم) استبعدوا الحنابِلة من قائمة التَّفقُّه المذهبي -بالكليَّة-!
وهذا -الحقيقة- غير صحيح، ولا يجوز.
(المذهب الحنبلي) مذهب إمام من الأئمَّة الأربعة الكرام المعتَبَرين، كما أنَّ له وعليه؛ كذلك (المذهب الحنفي) له وعليه، كذلك (المذهب المالِكي) له وعليه، كذلك (المذهب الشَّافعي) له وعليه..كل المذاهب.
نعم؛ أغلبُها -والحمد لله- على صواب، وأغلبُها على حقٍّ وهدى، وما أخطؤوا فيه -لِمن يَعرف كيف يُخطِّئهم، ومتى يُخطِّئهم، وبأيَّة حجَّة يُخطِّئهم-؛ فهُم مأجورون عليه غير مأزورين، مأْجورون لا مَأْزورون.
كل هذه الأمور -للأسف!- المخالِفون لنا كأنَّهم لا يَعرِفونها، أو -أقول- كأنَّهم لا يُريدون أن يُعرِفوها!
لماذا؟
أيَّة مصلحة في استِمرار هذا الخلاف وإخراجِه مِن حيِّز العلم والبحث العلمي والمناقَشة العلميَّة إلى حيِّز الإرهاب والتَّرهيب والتَّخويف وسَلِّ سيوف الإنكار والتَّشديد!؟
أنتم -بالأمس القريب- تتَّهِموننا بذلك بغير حقٍّ؛ فما بالُكم -اليوم- قد وقعتُم فيه؟!!
وهذا هو الواقع -ما له من دافع-!
واللهِ..وتاللهِ..وباللهِ؛ نُحبُّ لكم الخير بِمثل ما نُحبُّ لأنفسِنا، وإذا تكلَّمنا نتكلَّم بالرَّحمة والشَّفقة ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾، والنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول -كما في المتَّفق عليه-: «والذي نفسي بيده؛ لا يُؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِه».
نحن لا نُريد أن نتكلَّم بالكلام الْمُزَوَّق والْمُنَمَّق!
نُريد أن نتكلَّم بالكلام الْمُحقَّق والْمُصدَّق.
هذا هو العلم.
نعم؛ نُخطئ كما يُخطئ غيرُنا، ونُصيبُ كما يُصيبُ غيرُنا، وما اختلَفْنا فيه على مائدة البحث: الحجَّة بالحجَّة، والدَّليل بالدَّليل ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
أمَّا إلقاء الكلام على عواهِنِه، والإعراض وعدم الالتِفات إلى كلام المخالِف وحُجَجِه؛ هذا ليس من أخلاق أهل الإيمان.
لقد سمعتُ..(أكثر) ما قيل -وما يُقال- مِن نَقدات لمنهج السَّلف في العقيدة وفي الفقه، ورأيتُه، وتأمَّلتُه، وتملَّيتُ منه، وعرفتُ مِقدار ما فيه من حقٍّ أو باطل، ما فيه من صواب أو مِن خطأ.. طبعًا؛ إذا قلنا: حق أو باطل -حتى لا تَخافوا-؛ أي: القول -لا شكَّ ولا ريب- ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾، والنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «إذا اجتهد الحاكمُ وأصاب؛ فله أجران، وإذا اجتهد وأخطأ؛ فله أجر..»، فهناك صواب وخطأ -حتى في الاجتهاد، وعند أهل الاجتهاد-؛ فلا يُخيفنَّكم مثلُ هذه التَّعبيرات.
نعم؛ قد تكونون عِشتُم في بؤرة معيَّنة، وإطار معيَّن، لم تعتادوا على مثلِ هذه العبارات، وعلى مثل هذه التَّقريرات..
انطلقوا مما أنتم فيه، وادرُسُوا كلام العلماء، واعرِفوا كُتبَ الخلاف كيف تكون.
ومِن أعجب ما يمكن -قبل أيَّام قليلة-: أحد النَّاس -من المتصدِّرين- يقول: (لا إنكار في مسائل الخلاف)، وواللهِ؛ استَعمَلَ هذه الجملة وهو يُنكِر على مُخالِفيه!
عجيب! هذا ناقِضٌ ومنقوض!!
مع أنَّ كلمة (لا إنكارَ في مسائل الخلاف) لها معنًى عند أهل العلم:
(لا إنكارَ)؛ بمعنى: التَّأثيم.. بمعنى: التَّبديع.. بمعنى: التَّضليل.
ليس (لا إنكارَ)؛ بمعنى: التَّخطئة أو التَّصويب؛ وإلا: افتَحْ أيَّ كتاب من كتب الخلاف الفقهي الموسَّعة؛ ستجد العلماء يُخالِف بعضُهم بعضًا؛ بل حتى علماء المذهب الواحد -أحيانًا- يخالِف بعضُهم بعضًا.
كم من مسألة خالفَ فيه الإمام النَّووي مذهب الشَّافعيَّة -أو المشهور من مذهب الشَّافعيَّة-، ولا نريد أن نجعل سلسلة في المخالِفين والمخالَفات، وهكذا في سائر المذاهب، هذه ليس قضيَّة مُنحصِرة في مذهب، هكذا العلم وسلاسل أهله.
لو وقف الأمر عند الرَّملي وابن حجر الهيتمي: ما فائدة هذا التُّراث في ستِّمئة أو سبعِمئة سَنة -إذَن-بعد ذلك-؟!
خلاص؛ نقِف عن الرَّملي وعند النَّووي وعند الرَّافعي وعند ابن حجر الهيتَمي، ولا نتجاوز ذلك! لأنَّهم هُم أهل التَّرجيح وأهل التَّخريج!
عجيب!! هذا لا يقوله قائل!
لا يقول به قائل؛ بدليل أن التَّفقُّه والتَّأليف والاستِنباط والفتاوى على مذهب الشَّافعيَّة استمرَّ إلى هذه السَّاعة، حتى ممن يقولون هذا الكلام لا يَزالون يؤلِّفون..
ما فائدة تآليفِكم إذا جعلتُم العلم يقِف الرَّافعي والنَّووي والرَّملي وابن حجر الهيتَمي؟!
وهذا قُلْهُ -تمامًا- في المذاهب الأخرى.
وباختصار: نحن لسنا ضد المذهبيَّة؛ بل أكاد أحلِف يمينًا مُغلَّظًا: أنَّنا ننتفع من المذاهب ونستفيد من المذاهب أكثر من استِفادة المتعصِّبة للمذاهب الذين يَنسبون أنفسَهم للمذاهب؛ لأن أكثر هؤلاء لا يخرجون عن مذهب؛ بل عن رأي بعض مُجتهِدي المذهب!
نحن ننطلق في رحابة المذاهب -كلِّها-، ونرى الأقرب للدَّليل، ضمن الحجج والأصول والقواعد، لا نَخرج عنها، ولا نتجاوزها، وقواعدُنا وأصولُنا..حتى لا يُقال منهج أهل الحديث، أو مذهب أهل الحديث مذهب استِعماري -كما قاله (زيدٌ) و(عمرٌو)-من النَّاس-؛ لا؛ مذهب أهل الحديث متوارَث.
وانظر أي كتاب من كتب التَّواريخ والتَّراجم؛ سترى عشرات -بل مئات-..
وأنا نقلتُ -قبل أيَّام قلائل- عن الشَّهرستاني أنَّه أصَّل لمذهب أهل الحديث، وذكَر عُيون أسماء علمائه وأئمَّته وكُبرائه.
فنحن نستفيد في الأصول مِن «الرِّسالة» للإمام الشَّافعي، وغيرها من المؤلَّفات الأصوليَّة المعتبرة.
ليس مذهب أهل الحديث خارجًا عن المذاهب؛ بالعكس: هو يضمُّ المذاهب كلَّها؛ لكنَّه يجعل همَّه الأكبر التَّرجيح بالدَّليل، والانتصار للدَّليل.
نعم؛ المذاهب الأخرى تَفعل ذلك؛ لكن: فَرْق بين أن تكون مُختارًا بين الأقوال -كلِّها- الأدلَّةَ الأرجح، وبين أن تَنظر للأمور بمنظار ضيِّق، أو بِنظَّارتَين مُلوَّنتَين!
هنا الآفة!
وهذه الآفة لا تُشعِرُك أنَّها آفة!
قد تمرُّ بك، وتَنطلي عليك وأنتَ تحسب أنَّك من المحسِنين صُنعًا!
قُل.. ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ﴾: المذهبيَّة غير مُنكَرة.. التَّعصُّب هو المنكَر.
وعندما نقول: (بدعة) لا نَحكم على فاعِلها بأنَّه مُبتدِع؛ نحكُم على الفعل بأنَّه بدعة.
ولو حكمْنا على فلان بأنَّه (مُبتدِع)؛ليس لنا علاقة بآخرتِه؛ بل قد يدخل الجنَّة قبْلَنا.
هذا شأنُ الله ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ -ليس شأنَنا-.
نحن نتكلَّم عن الأحكام الدُّنيويَّة الظَّاهرة، قد نظنُّ أن شيئًا -ما- هو الصَّواب المطلَق، ولا يكون.
أخذنا الوقتُ! وأظنُّه وقتًا عِلميًّا تأصيليًّا..لا بُد من هذه الكلمة -في هذا الوقت، وفي هذه اللَّحظات- لِمُخالِفينا -قبل إخواننا-، وللذين يُسيئون الظنَّ بنا -قبل مَن يحسِنون بنا الظنَّ-.
سائلًا ربي -سبحانه وتعالى- التَّوفيق للجميع والهدى والرَّشاد والسَّداد لنا ولكم ولجميع العباد؛ إن ربي سميع مُجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



انتهى اللِّقاء التاسع والأربعون

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 06-03-2021, 04:06 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الخمسون
(22 شوال 1441)


[كلمة حول حديث: «لكلِّ عملٍ شِرَّة..»]
... أحببتُ أن أتكلَّم -دقائق قليلة-قبل البدء بالإجابات على السُّؤالات التي وردت إلينا في هذا اليوم المبارَك، وفي هذه الأمسية المباركة-:
النَّبي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- صحَّ عنه أنَّه قال: «إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّة، ولكلِّ شِرَّة فترة، فمَن كانت فَترتُه إلى سُنَّتي فقد اهتدى، ومَن كانت فَتْرَتُه إلى غيرِ ذلك فلا يَلومَنَّ إلا نَفسَه» -أو كما قال ï·؛-.
الشِّرَّة: هي النَّشاط والاجتهاد -الذي ممكن أن أقول:- الزَّائد.
والفَتْرة: عكسُ ذلك؛ فهي: الفتور والانكِماش.
فإذا وجدتَ -يا طالبَ العلم- مِن نفسِك شيئًا من الفتور فلا تيأسْ، ولا تضعُف، ولا تَهَنْ؛ ولكنْ: اجعَلْ من هذه الفترة راحةً لكَ ولنفسِك لتنطلِق بعدها قويًّا ماضِيًا ثابتًا -إن شاء الله-تعالى-.
أمَّا (الشِّرَّة): فشيءٌ طبيعي، وشأنٌ واقعيٌّ، لا يستطيع أحدٌ أن يُنكره، ولا يستطيع أحدٌ أن يَدفعه؛ لكن: قد تكون هذه الشِّرَّة على غير وجهِها، وعلى غير سدادِها واستِقامتِها إذا كانت -أوَّلًا- مِن غير تشاوُر ومُشاورةٍ لأهل العلم وطُلاب العلم.
الأمر الثَّاني: إذا كانت غيرَ مَنضبطة، ولا موجَّهة التَّوجيه الصَّحيح.
ونَلحظُ أن هذين الأمرَين مُرتبِطان بعضُهما ببعض.
فمَن تشاوَر هو مع مَن هو أكبرُ منه وأعلمُ منه: فإن ذلك سبيل -إن شاء الله- يُسدِّده به، ويَنصحُه فيه، ويُرشده إليه فيما هو خيرٌ له وأبقى.
وأمَّا إذا فَقَدَ هذا الشَّأن من المشاورة والتَّشاوُر: فإن قراراتِه -بل قُل:- انفِعالاته وتحرُّكاته وإن كان في ظاهرِها خيرٌ؛ لكن: قد يكون في مآلِها ما يُخالِف هذا الخيرَ، وما [..انقظاع..](1)، وما قد يكون يُناقضُه، والله -عزَّ وجلَّ- يقول: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} ، أنت أدرى بِنفسك، وكل واحد منا أدرى بنفسِه.
لكن: إيَّاي وإيَّاكم؛ أن تكونَ معرفة هذه الدِّراية سبيلًا يَدخل منه إلينا الشَّيطان الرَّجيم ليُفسد علينا الطَّريق، وليُنغِّص علينا السَّلامة والاستقامة، فإذا بِنا يُصيبُنا الغرور والاغترار والعجب -والعياذُ بالله-تعالى-، وهذا -كلُّه- مما لا نَرضاه لأنفسِنا [..انقطاع..](2)، والنَّبي ï·؛ يقول: «والذي نَفسِي بِيدِه؛ لا يُؤمنُ أحدُكم حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِه».
هذه كلمات أحببتُ أن أبتدئ بها في هذه الأمسية المباركة، سائلًا ربي -سبحانه وتعالى- لي ولكم جميعًا للمزيد من التَّوفيق والسَّداد.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
هل ثبَتَ عن السَّلَفِ الامتحانُ بالأشخاصِ؟ وإذا قُلتُم: نعم؛ فما مدَى صحَّة تنزيلِه اليومَ على بعضِ العلماءِ؟
الجواب:
لا شكَّ -ولا رَيبَ- أنَّه ثبَتَ؛ بلْ ألَّف بعضُ العلماء -قديمًا -قبل قرونٍ وقرونٍ- كتابًا سمَّاه «امتحان السُّنِّيِّ مِنَ البِدْعِيِّ»، الحقيقة: الكتاب لنا عليه بعضُ الملاحظاتِ -لا شَكَّ -ولا رَيْبَ-؛ لكنْ -بشكلٍ عامٍّ-: الامتحانُ ثبَتَ.
لكن: الامتحان كيف؟ وبماذا؟
الامتحان في أصول -وقواعد- الإسلام المقرَّرة المعتبَرة، ليس في فروع المسائل، هذا واحد.
ثانيًا: الامتحان بالأشخاص المتَّفق على جلالتِهم، أو -على الأقلِّ- المشهور أنَّهم أجِلَّاء في السُّنَّةِ، وعُظَماء في دعوة أهل السُّنَّةِ.
أمَّا مَن اختلف فيه الناس: هذا يشهد له بالخير، وهذا يخالِفُه؛ فلا زال أهل العلم يخالفُ بعضُهم بعضًا في الأشخاصِ، ولا زال أهل العلم يختلف بعضُهم مع بعض في الجرح والتَّعديل -حتَّى في التَّبديعِ-.
وأنا أضرب -على ذلك- مثلًا متكرِّرًا؛ أقول: أبو إسحاق الجوزجانيُّ -صاحب كتاب «أحوال الرِّجال»- اتَّهمه جماهير العلماء بأنَّه ناصِبِيّ، وبعض العلماء المعاصِرين انتصر للقول المخالف أنَّه ليس بِناصبيّ، وأنَّه من أهل السُّنَّة؛ لكن: هذا ما أدَّاه إليه اجتهادُه، ليس مكابرةً ولا غُلُوًّا ولا تساهُلًا.
فقضيَّة الامتحان إذا لم تُضبطْ؛ تؤدي إلى خَلَلٍ كبيرٍ -وكبير جدًّا- كما هو واقعٌ اليومَ -بالتَّمام-للأسف الشَّديد-!
وفي كتابي «منهج السَّلف الصَّالح»، وهو مبذول على شبكة (الإنترنت) بكلّ سهولةٍ: لو تدخل وتكتب «منهج السَّلف الصَّالح» لفلان؛ فإنك تجد الكتاب بسهولة، وفيه تأصيلٌ علميٌّ -إن شاء الله- أقربُ إلى الشُّموليَّة في هذا الموضوع المهمِّ.
فالقضيَّةُ -إذَن- موجودٌ لها أصلٌ عند السَّلف وعلماء السَّلف؛ لكنْ: تنزيلُها في هذه الأيَّام -وفي هذا الزَّمان- أصابَه كثيرٌ من الخَلَلِ، وكثيرٌ من الارتيابِ، وكثيرٌ من البَلاءِ -ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ-.

2. السُّؤال:
إذا تعارَض ترجيحانِ لشيخِ الإسلامِ، أحدُهما في «المجموع» والآخَر في كتاب «الاختيارات»؛ فأيُّهما يُقدَّم؟
الجواب:
موضوع (التَّعارُض) هذا موجودٌ في كثيرٍ من أهل العلمِ وفي مسائلهم ومؤلَّفاتهم؛ يعني: هذا ممَّا لا يختصُّ به شيخُ الإسلام؛ وإنَّما هو في كثير من العلماء، هذه طبيعة البشر.
ولشيخ الإسلام ابن تيميَّة كلمةٌ خاصَّةٌ في هذا الموضوع؛ يقولُ: ما مِن عالمٍ إلَّا وله ما يقع -بمعنى الكلام- مِن تناقُضٍ؛ هذه طبيعة البشر {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.
فالنَّظَرُ يكونُ مِن ثلاثِ جهاتٍ:
الجِهة الأُولَى: أَنْ يُصَرِّحَ العالِمُ بتراجُعِه عن قَوْلٍ إلى قَوْلٍ.
الأمر الثَّاني: أَنْ تَرَى أنَّ الدَّليلَ في القَوْلِ أَقْوَى مِنَ الدَّليلِ في القَوْلِ الآخَرِ.
والصُّورة الثَّالثة: أنْ ترَى آخِرَ القَوْلَيْن زمانًا.
قد يوجَد -هنالك- وسائل أُخرى وأدلَّة أُخرَى -أو طرائق أُخرى- لمعرفة آخِرِ القَوْلَيْنِ؛ لكن: هذا هو الكلام -بشكلٍ عامٍّ-.

3. السُّؤال:
مسافِر لحاجةٍ مَا مكَث مدَّة سفره عند أقاربِه: هل يبقى حكمُه حُكم المسافر طيلة مدَّة مكثه عند أقاربِه؛ بِحُكم أنَّه لا يلقى من العناء والمشقَّة فيما لو مكَث في فندق -مثلًا- أو استأجر بيتًا؟
الجواب:
هذا يختلفُ باختلاف العُرْف:
هل سفَره هذا الَّذي هو فيه: سفَرٌ طارئ أم سفَرٌ فيه استقرارٌ؟
لأنَّ بعض العلماء يفرِّقون بين سفر المقيم وإقامة المسافر، فملاحظةُ هذا الأمر مهمٌّ -جِدًّا- لمعرفة حال هذا الرَّجل، هذا أوَّلًا.
الأمر الثَّاني: أقاربه؛ فرق بين أن يكون عند -مثلًا- أمِّه أو ابنته أو أبيه أو ابنه، وبين أن يكون -مثلًا- في بيت أخيه المتزوِّج أو في بيت عمّه المتزوِّج -مثلًا-؛ فلا شكَّ -ولا ريب- أنَّه إذا وَجَد أمانًا وراحةً كأنَّه في بيتِه؛ فحُكمُه -حينئذٍ- حُكمُ المقيم.
أمَّا إذا لا يزال شأنُه ليس فيه الرَّاحة والاستقرار الَّذي يجدُه المقيمُ في بيتِه؛ فهذا -حينئذٍ- نقول: هو -لا شكَّ- داخلٌ في معنى السَّفَر، لا يَزال.
وأنا لا أنسى الشَّيخ الألبانيّ -رحمه الله- في أواخر السَّبعينات وأوائل الثَّمانينات- لمَّا كان يزور الأردن؛ فبعض الإخوة كان يَسأله -وهذا سمعتُه بنفسي- يقول: يا شيخ؛ أنت تأتي من سورية يومين.. ثلاثة أيام كل شهر -أو كذا-، ولا نراك تقصُرُ، وأنت مسافر؟ قال: أنا آتي إلى بيتِ ابنتي، وبيتُ ابنتي كبَيْتي، فأنا كصاحب البَيْتَيْن والزَّوجتَيْن.
يعني؛ المقصود بالتَّشبيه: هو أنَّه لا يجد قلقًا ولا يجد إزعاجًا ولا حرجًا في سُكناه أو مُكثه عند ابنتِه.

4. السُّؤال:
ما الأَوْلَى للدِّراسةِ بالنّسبة للمبتدئ في الطَّلب: (البَيْقُونيَّة) أم (غَرامي صَحيحٌ)؟
الجواب:
لا شكَّ -ولا ريب-: (البَيْقُونِيَّة)؛ لأنَّ (البَيْقُونِيَّة) هي في النَّظمِ فيها شَرْحٌ لمصطلحاتِ الحديثِ؛ بينما (غَرامي صحيح) ليس فيها شرحٌ، فيها -فقط- ألقاب المصطلحات الحديثيَّة، فيها ذِكر الصَّحيح فقط:
غَرَامِي صَحِيحٌ وَالرَّجَا فِيكَ مُعْضَلُ * وَحُزْنِي وَدَمْعِي مُرْسَلٌ وَمُسَلْسَلُ
ما المعضَل؟ ما الصَّحيح؟ ما المرسَل؟ ما المسلسل؟ لا يوجد في النَّظمِ، يوجد في الشُّروحِ.
وأنا عندما اخترتُ شَرْحَ (غرامي صحيح) ليس من أجل المتن؛ المتن مُغلَقٌ مِن حيثُ شروحُ المصطلَحاتِ؛ ولكن: مِن جِهة شَرْحِ الإمام الحافظِ محمَّد بن عبد الهادي (المتوفَّى سنة 744)، وهو من تلاميذِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ -رحمه اللهُ تعالى-.
فـ(البَيْقُونِيَّة) -مع بعض شُرَّاحها- أفضلُ، وحِفظُها للمبتدئ -من حيث شرحُ المصطلَحاتِ- كذلك- أفضلُ.

5. السُّؤال:
هل عندكم تفصيل في مسألة صلاة المتباعِدِين؟
الجواب:
يا إخواني؛ موضوع صلاة المتباعِدِين -أو الصَّلاة بالتباعُدِ- شأنٌ طارِئٌ، وشأنٌ اضطراريٌّ، ليسَ أمرًا دائمًا، ولا أمرًا بالـخيارِ، وأرجو ملاحظةَ ذلك.
أمَّا بعضُ النَّاس الَّذين يقولون: الصَّلاةُ باطلةٌ -مع انتباههم وإدراكهم للاضطرارِ-؛ فهذا كلام غير صحيح.
القولُ بالبُطلانِ -بُطلان الجماعة، ليس بطلان الصَّلاة- القولُ بِبُطلان الجماعة كان له وجهٌ قبلَ فَرضِ هذه الصُّورة في المساجدِ.
أمَّا الآن؛ بعض النَّاس يقولون بِبُطلان الصَّلاة -بالكُلِّيّةِ-! وهذا غريبٌ عجيبٌ!
هل التَّراصُّ مِن شُروطِ صِحَّةِ الصَّلاة؟
أكثر ما يقال فيه: واجبٌ، وتركُ الواجبِ لحاجةٍ لا إثمَ فيه، تركُ الواجبِ بالتعمُّد -في أرجح الأقوال- إثمٌ، وليس إبطالًا للصَّلاةِ.

6. السُّؤال:
أنا أصلِّي جميع الصَّلوات في البيت وأنا لست مريضًا؛ لأجل هذا الوباء، وأخذت بالرُّخصةِ؛ هل أنا آثَم إذا ما ذهبت إلى المسجد لأداء الصلاة؟ مع الدَّليل على الإثم.
الجواب:
اترُك موضوع الوَباءِ وموضوع البَلاءِ؛ قبل وجود (الكورونا) وجائحة (الكورونا): ألم تكن تذهب إلى المسجد؟ إذا قلتَ: لا؛ فنقول لك: لماذا؟ وإذا قلتَ: نعم؛ فنقول لك: ما الفرق؟ طالما أنَّ سؤالك -ابتداءً- تقول: أنا لستُ مريضًا.. لأجل هذا الوباء؛ فإذن: أيُّ رخصة هذه التي تأخذُها؟ لا يوجد رخصة في الموضوع، وما يدفعُ موضوع البلاء والخوف منه: هو اتِّخاذ أسباب السَّلامة الَّتي فرضتْها الجهات المختصَّة في هذا البابِ.

7. السُّؤال:
شاهدتُّ مقطعًا للشَّيخ الحوينيِّ عن بداية طلبه للعلم، يقول: كنتُ لما أمسك الكتاب؛ أنسى كلّ الهموم، وأشعر كأنَّ الدُّنيا حِيزتْ لي؛ فكيف أصل إلى هذه المرحلةِ -شيخَنا-؟
الجواب:
يا أخي؛ كما كانَ شيخُنا الشَّيخ الألباني يُذكِّرُنا -أحيانًا- بلاميَّة ابن الورديِّ في بعض أبياتِها، أذكُرُ منها قولَ ابن الورديّ:
لا تَقُلْ قَدْ ذَهَبَتْ أَرْبابُهُ * كُلُّ مَن سَارَ عَلَى الدَّرْبِ وَصَلْ
لا تيأسْ، لا تحزنْ، لا تنقطعْ، لا تسأمْ، لا تهتمّ، استمرّ..
مَن حافظَ علَى القليلِ؛ يفُزْ بالكثيرِ.
أمَّا مَن قصَّر بالقليل؛ فلن يحظَى بشيءٍ!
فانتبهْ لنفسكَ، وجاهِدْ نفسَكَ، وعليكَ بالدُّعاءِ والتَّضرُّع إلى الله، وإن شاء اللهُ: ستجدُ أثرَ ذلك -إيجابيًّا- فيما أنت بصَدَدِه من هذا الأمرِ.

8. السُّؤال:
هل الصَّلاة بعد أذان الفجر بعشر دقائق صحيحة؟
الجواب:
الأصل أنَّها صحيحة، وهذه فتوى عامَّة لكلِّ المسلمين؛ لا نستطيع أن نُلزِمَ النَّاس بأن يكونَ العامِّيُّ مجتهدًا، أو المقلِّدُ صاحبَ تخصُّصٍ في علمِ الفَلَك ومعرفةِ الفجر الصَّادق والفجر الكاذِب، هذه نقطة مهمَّةٌ.
فالخِطابُ العامُّ مُلزِمٌ من الجهاتِ المختصَّة، وإذا كان ثمَّةَ إثمٌ؛ ففي أعناقهم؛ الرَّسولُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- يقولُ: «الإمامُ ضامِنٌ والمؤذِّنُ مُؤتَمَنٌ»؛ إذن: الأمانةُ ليس لكَ تعلُّقٌ بها؛ وإنَّما تعلُّقُها بِمَنْ؟ بالمؤذِّنِ، بصاحِبِ التَّوقيتِ، بالموقِّت، واليوم: صاحبُ التَّوقيتِ هو الجهات الرَّسميَّة المختصَّة، فهم الَّذينَ يتولَّونَ هذا الأمرَ بهذه الصُّورة.
لكنْ -بالمقابل-: إنسان طالب علم، يفهم الأمور ويفقهها، ورأى بأمِّ عينِه -على وجه اليقين- خَللًا؛ فهو بينه وبين اللهِ؛ لكن: لا يُثيرُ الفِتن في النَّاس، ولا يُثير الخلاف والخلل في المجتمع؛ هذا -لا شكَّ- سيُسبِّب كثيرًا من المتاعبِ.
والله -تعالى- الهادي إلى سواء السَّبيلِ.

9. السُّؤال:
هل سبق وأن سمعتم الإمام الألبانيّ في مجلسٍ له قال: «اسألوا أخانًا مشهورًا؛ فهو أفقَهُ مِنَّا»؟ هذا مع أنَّني سمعتُ الشيخ مشهورًا يذكركم كتوصيةٍ من الإمامِ الألبانيّ للرُّجوع إليكم في علم الحديث.
الجواب:
أوَّلًا: أخي فضيلة الشَّيخ مشهور أفقَهُ منِّي -لا شكَّ، ولا ريبَ- وأعلَمُ منِّي، وأفضَلُ عند الله منِّي -إن شاء الله -تعالى-؛ لكن: أنا -الحقيقة- لم أسمعْ ذلك مِن شيخِنا، وقد يكونُ قالَه؛ إنَّما أنفي أنا ما سمعتُ، وحُسنُ ظنِّنا بفضيلة الشَّيخ أنَّه مِن نوادِرِ أهل العلم والفقهاء في هذا الزَّمانِ -جزاه الله -تعالى- خيرًا، وزاده من فضلِه-.

10. السُّؤال:
هل تغطية الأنف والفم أثناء الصلاة تفسد الصلاة؟ كمثل الكمامة.
الجواب:
لا نستطيع أن نُبطِلَ الصَّلاةَ، وبخاصَّة مع ما أشرتُ إليه من ماذا؟ مِن حالة الاضطرارِ وحالة الاختيارِ، يجب أن نفرِّقَ بين حالة الاضطرارِ وحالة الاختيارِ، أرجو التَّفريق بين هاتَين الصُّورَتَين.
ومع ذلك: مسألة وجود النَّهي في الصَّلاةِ مسألة خِلافيَّة بين أهلِ العلمِ: هل النَّهي في الشَّيءِ يُبطِلُه؟
إذا كان النَّهي عن الشيءِ في الصَّلاة؛ فإنه لا يُبطلها.
إذا كان النَّهي عن الصَّلاة في الشَّيءِ؛ فإنَّ مِن العلماء مَن يقول بِبُطلانِها.
فتغطية الفمِ جاء النهي عنها في الصَّلاة، ولم يجئ النهي عن الصَّلاة فيها.
أرجو التفريق بين هاتين الصُّورتَين، وهما من الدِّقَّةِ بمكانٍ.

11. السُّؤال:
عن حديثِ عائشةَ -رضي الله عنها- قالَتْ: ما جلس رسول الله ï·؛ مجلسًا قطُّ ولا تلا قرآنًا ولا صلَّى صلاةً إلَّا خَتَمَ ذلكَ بكلماتٍ، قالت: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ ما تجلسُ مجلسًا ولا تتلو قُرآنًا ولا تُصلِّي صلاةً إلَّا ختمتَ بهؤلاءِ الكلماتِ؛ قال: «نعم؛ مَن قال خيرًا؛ خُتِمَ له طابَعٌ على ذلك الخيرِ، ومن قالَ شرًّا؛ كُنَّ له كُفارةً: سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، لا إله إلَّا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ»، وصحَّحه الألباني في «الصحيحة».
هل يُستفاد من هذا الحديث ذِكر هذا الدُّعاء بعد الفراغِ من تلاوة القرآن؟

الجواب:
الأحاديثُ المتكاثرةُ في هذا الحديث تُبيِّن أنَّ هذا الدُّعاءَ دُعاءُ خَتْمِ المجلِسِ، فأنتَ في مجلسٍ، وكان في المجلسِ مِنكَ تِلاوةُ قرآن -ليس أن يكونَ مجلس تلاوة قرآن-، كما في مجالس تداوُل العلم والبحث العلميّ؛ تختمُه.
أمَّا فهم هذا الحديث أنَّه في نهاية خَتْمِ القُرآنِ؛ فهذا غير صحيحٍ، هذا الحديثُ أكثرُ وُرودِه في رِواياتٍ متعدِّدةٍ، وقد أطالَ الحافظُ ابنُ حَجَر في كتابِه «النُّكَت على ابن الصَّلاح» طوَّل في ذِكر طُرُق وألفاظ هذا الحديثِ.

12. السُّؤال:
هل صحَّ ذِكر التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير بين تكبيرات العيد السَّبع والخمس؛ أي يقول: (الله أكبر)، ثمَّ يقول الباقيات الصَّالحات، ثم يُكبِّر؟
الجواب:
(الباقيات الصَّالحات) لا أعلم وُرودها في ذلك؛ إنَّما ورد الذِّكرُ بين التَّكبيرتَيْن، ليس عن النَّبيِّ ï·؛؛ وإنَّما عن الصَّحابة، ولعله -فيما أذكر -الآن- عن ابن مسعودٍ -رضي الله -تعالى-عنه وأرضاه-.
أمَّا كلمة (الباقيات الصَّالحات)؛ فلا أذكرُها في هذا المقام -مطلقًا-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

13. السُّؤال:
عن حديث: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ» حديث عائشة -رضي الله -تعالى- عنها- في ليلة القَدْر؟
الجواب:
بعض العلماء يصحِّحه، وبعضهم يُضعِّفُه، ويجعله موقوفًا على عائشةَ.
الدُّعاء -إذن- ثابتٌ؛ وإنَّما اختُلِفَ في رَفعِه ووَقْفِهِ، وأنا أميلُ إلى الرَّفعِ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

14. السُّؤال:
أختٌ كان عليها صيامُ ثمانية عشر يومًا، ولم تكن تعلم بِحُكم مَن جاءه رمضان آخر ولم يَقضِ ما عليه من صيام، وعند علمِها بالحكم بادرت مباشرة بالقضاء، ولكن كان باقي تسعة أيَّام -فقط- ويدخل رمضان: فماذا يترتب عليها؟ وإذا كان لا بُد أن تَفدي مع القضاء -فالآن وضعُها المادي صعب قليلًا-: فهل تَبقى الفدية مُتعلِّقة في ذِمتها؟
الجواب:
نرجو أن: (لا)، وإن شاء الله: بعد انقضاء رمضان كما هو الحال -والسُّؤال يبدو أنه قديم قبل رمضان أو أثناء رمضان-، فطالما أنَّ الأمر متعلِّق بجهلها بالحكم؛ فلا بأس عليها -إن شاء الله-، والله يتقبَّل منَّا ومنها.

15. السُّؤال:
هل يجوز أن أصلّي أربع ركعات من التَّراويح بعد العشاء، ومِن ثَم أصلي أربع ركعات والوتر في الساعة الثَّانية عشرة؟
الجواب:
يجوز، لا مانع من ذلك -إن شاء الله-.

16. السُّؤال:
قول: (بِدِين الحبِّ آمنَّا)، وأن هذا برنامج.. [كأنَّه متعلِّق بفتوى سابقة للشَّيخ -رحمه الله-]
الجواب:
يا أخي؛ كلامي دقيقٌ، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة يقول: العبارات المطلَقة لا تُعطَى جوابًا مطلَقًا؛ وإنما تُفصَّل.
إذا قصدتّ كذا؛ فيكون كذا، وإذا قصدتّ كذا؛ فيكون كذا.
أمَّا أن نقول بقول واحد مع احتماله لأكثر من قولٍ؛ هذا غير صحيح، وهو مخالف لكلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-.
مع التَّوكيد: أنَّنا ضدّ ما يُسمَّى بِوحدة الأديان، وضدّ ما يسمَّى بتوحيد الأديان، ضدّ مباشرة -هكذا-لا شمالًا ولا يمينًا-، دين الله واضح، ودين الشَّرع الإسلامي واضح، ودين نبينا محمَّد ï·؛ واضح، التَّوحيد لا يلتقي مع الشِّرك.
لكن: هل هذا يَنفي التَّعايش الإنساني البشري بين النَّاس؟
هذه قضية أخرى، والرَّسول الكريم -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- مات ودِرعه مرهونة عند يهوديّ -كما في «الصَّحيحِ»-، وزارَ ولد جاره اليهوديّ ودعاه للإسلام وأسلم، وأبوه يقول له: أطِعْ أبا القاسم ï·؛.
فقضية التَّعايش الإنساني بين النَّاس المختلفين في الدَّولة الواحدة شيء، وقضيَّة العقائد والأديان ودمجها وتوحيدها في شيء واحد؛ هذا باب آخَر لا يجوز القرب منه -لا من قريب ولا من بعيد-مهما كان القائل ومهما كان المدَّعي-.
وإن كنتُ أعلم أن هنالك من النَّاس -للأسف- بدون تقوى، وبدون وَرَع، وبدون خوف مِن العزيز الجبار لا يَزالون يتَّهمونني -إلى الآن- بهذه الفرية التي يعلمُ الله فوق عرشِه أنَّها كذب مَحض صُراح -لم يَخطر لي على بال ولم يَرِدْ لي على خيال-في ليل أو نهار-، والله الهادي لنا ولكم ولهم إلى سواء السبيل؛ إن ربي سميع الدعاء.


انتهى اللِّقاء الخمسون



__________
(1) لعله: قد يُغيِّره.
(2) لعله: ولا نرضاه لإخواننا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:20 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.