05-05-2021, 09:18 PM
|
مشرفة
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
|
|
اللِّقاء الثَّالث والأربعون (23 رمضان 1441 هـ)
[حول مسألة (والدَي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلاة-، وحُكمهما الأخروي)]
ومما أحبُّ أن أذكرَه بين يديِ اللِقاء: ما أخبرني به بعضُ الإخوة -قبل قليل- حول مسألة قديمة جديدة، تكلَّم فيها أهلُ العلم، وألقى كلٌّ منهم بِدَلوه في هذه المسألة؛ ألا وهي المسألة المعروفة بـ(مسألة والدَي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلاة-، وحُكمهما الأخروي).
وهي مسألة -أوَّلًا- خِلافيَّة بين أهل العلم -حتى الشَّافعيَّة منهم، والأشعريَّة منهم-، وسيأتي ذلك والإشارة إليه.
ثانيًا: هي مسألة ليست من أصول العقائد.
ثالثًا: هي مسألة لا يترتَّب عليها عَمل ولا عِلم.
رابعًا: هي مسألة لا تؤثِّر -في قليل ولا في كثير- على جناب النبوَّة وعظمة سيِّدنا رسول الله -صلَّى الله-تعالى-عليه وآله وسلَّم-.
وأخيرًا: إثارتُها أمام العامَّة والدَّهماء لا تُناسب -بتاتًا-.
وقد أثارها -هذه الأيَّام- بعضُ النَّاس، وقد أظهروها على غير وجهِها -وغير حقيقتِها-! حتى اتَّهموا القائلين بالقول الآخَر أنَّهم تكفيريُّون! فيما بلغني؛ الله أعلم حقيقة القول؛ لكن هذا الذي بلَغني.
وهذه تُهمة -واللهِ- صَلعاء رَعناء، ما أنزل اللهُ بها من سلطان!
ولو قُلنا بها وقبِلناها؛ فإن الإمام النَّووي تكفيري، والإمام البيهقي تكفيري، والإمام الرَّازي تكفيري، والإمام الطَّبري تكفيري، وغير هؤلاء ممَّن ذهبوا هذا المذهب!
وكما قلتُ: نحن لا نبحث هذه المسألة، ولا نُثيرُها؛ ولكن: إثارتُها مقصودة، وإثارتُها مرصودة!
لماذا؟!
وماذا وراء ذلك؟!
وماذا يُريدون!؟ ومنهجنا في باب التَّكفير منهج واضح، وأنا أزعم أنَّه لا يوجَد أحد ردَّ على التَّكفيريِّين وأفكار التَّكفيريِّين والمخالِفين والمنحرِفين والْغُلاة والمتطرِّفين مثل ما ردَّ عليه طلبة العلم من أهل السُّنة ودُعاة منهج السَّلف، وهذا معروف على جميع الأُطُر والدَّوائر -كما يُقال-؛ فبالتَّالي: الْمُزاودة -معذرة من هذا التَّعبير- الْمُزاودة في هذا الأمر لا تَليق، ولا تنبغي، ولا تَحسُن.
وأظن أن الإخوة الذين يشاهدونني في هذه اللَّحظة يَرَون أنِّي أتحفَّظ في التَّعابير، وأتحفَّظ في الكلام -قدر الاستطاعة-، ولا أريد أن أتوسَّع، ولا أريد أن أفصِّل القول، مكتفيًا بالنقاط الأربعة -أو الخمسة- التي صدَّرتُ فيها القول، مُشيرًا ومؤكِّدًا -من قبلُ، ومن بعد- إلى أنَّها مسألة خِلافيَّة بين أهل السنَّة.
الآن؛ رجِّح ما شئتَ أن تُرجِّح؛ لكن: لماذا تُثيرها!؟
ولماذا تثوِّرها!؟
ولماذا تقول: من قال بهذا القول في قلبِه حِقد على الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-!؟
أهكذا التَّسامح -يا دُعاة التَّسامُح!-؟!
أم تتسامحون مع اليهود والنَّصارى ولا تتسامحون مع أهل السُّنَّة إذا أنتم ثوَّرتموهم -وهم يسكُتون ولا يتكلَّمون، ويصبِرون ويتصبَّرون-؟!
هذا -في الحقيقة- ليس من الصَّواب، وليس من العدل، وليس من العلم!
هذه مسألة: إذا بُحثت؛ تُبحث بين يدي العلماء -لا غير-، ولا يُتوسَّع فيها، ولا يُبحثُ فيها؛ للأسباب التي ابتدأتُ فيها كلمتي -على تحفُّظ-، ولا أريد أن أتوسَّع في القول؛ وإلا: فقد رأيتُ بعض الْمُشار إليه بالْبَنان ممن يتكلَّمون في هذه المسألة -بغض النَّظر عن رأيهم واجتِهادهم-؛ لكن: كانت مسالِك الاستدلال التي استدلُّوا بها بعيدة -جدًّا جدًّا جدًّا- عن العلم وأهلِ العلم ونَسقِ العلماء، حتى إن بعض قال: هذا فيه إيذاء للرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ومؤذي الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- ملعون!!
والله؛ هذا لا نعرفه في تاريخ العلم!
أنت -بذلك- تتهم النَّووي والبيهقي والرَّازي والطَّبري، وجماعة كبيرة من العلماء في ذلك!
افقَهْ ماذا تقول!
واعقِل ماذا تقول!
ليس هكذا العلم..وليس هكذا أدبُ العلم..وليس هكذا أخلاق العلم..وليس هكذا التَّسامُح في العلم..ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
والله يعفو عنا وعنهم، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجِعون.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
هل يُقرأ دعاء الاستفتاح في كلِّ ركعتَين التراويح؟
الجواب:
نعم؛ يُقرأ؛ لأن كلَّ ركعتَين من التراويح مُستقلَّتان؛ وبالتَّالي: كل ركعة لها تكبير، ولها تسليم، والتَّكبير يَتبعُه دعاء الاستفتاح -أو التوجُّه- الوارِد.
لماذا نبني ركعتَين على ما قبلهما؟ هذا غير صحيح، ولا دليل عليه.
2. السُّؤال:
بعضُهم يقول: إن شُرب الدخان لا يُفطِّر -قياسًا على البخَّاخ، ودخان النَّار، وبخار الماء-؛ ما صحَّة هذا القياس؟
الجواب:
هذا قياسٌ فاسد.
أنتَ تقول: (شُرب الدُّخان)؛ فالدُّخان نوع من الشَّراب -حتى ولو كان منفوثًا ومنفوخًا-، فلَهُ جِرم وله كتلة تتجمَّع فتصبح ذات قدْر من (النيكوتين) والبلاوي الأخرى -نسأل الله العافية-.
فقِياس الدُّخان على الأمور الأخرى -غير المقصود، وغير المرادة لذاتِها-؛ فلا.
بل نحن نعلم -وأنتم تعلمون- أن بعض النَّاس مُستعد أن يصوم ثلاثة أيام..أربعة أيَّام؛ لكن: إيَّاك أن تَمنعه من الشُّرب! رجعنا إلى الشُّرب، والشُّرب من المفطِّرات.
3. السُّؤال:
ما حُكم الاستغفار بِنِيَّة دُنيويَّة؟
الجواب:
في القرآن الكريم من الأدعية القرآنيَّة: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، في القرآن الكريم: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾.
لا مانع من ذلك؛ لكن: إيَّاك أن تَجعله مَبلغ عِلمك، وغاية همِّك.
لِيكنْ مبلغ عِلمك وغاية همِّك: الآخرة، ولا مانع من النَّظر والالتِفات إلى الدُّنيا بِقدرها وعدم تجاوزِها، وأمَّا الآخرة؛ فهي الأصل الأصيل في هذه الحياة.
4. السُّؤال:
ما هي الكيفيَّة الصَّحيحة في عَقد الأصابع للتَّسبيح؟
الجواب:
أنا أعلم أنَّه انتشر -قبل أيَّام-على وسائل التَّواصل الاجتماعي- (فيديو) يتكلَّم عن كيفيَّة التَّسبيح باليد، وأنا أجبتُ على ذلك مِرارًا، وقلتُ: لا يوجد دليل قاطع في المسألة.
من العلماء مَن يُسبِّح على أطراف الأصابع، ومنهم مَن يُسبِّح بِثَني الأصبع كلِّه، ومنهم مَن يُسبِّح على عُقد الأصابع، وهو الذي يَنشرح له صدري، وهو ما رأيتُه عليه شيخَنا -رحمه الله-تبارك وتعالى- فيما كان يُسبِّح.
أمَّا أن نقول بأنَّ هذه الصُّورة هي المقصودة فقط دون غيرها؛ فلا؛ هذا ليس هو المقصود، وليس هو المشروع -في قليل ولا في كثير-..أقصد الجزم؛ وإلا فالأمرُ واسع.
5. السُّؤال:
هل الوتر يُطلق على عدد الرَّكعات، ويُطلق على ما يوتِر به صلاة الليل والنَّهار؟
الجواب:
أمَّا النَّهار: فلا؛ لأن الوتر صلاة ليليَّة.
والوتر: هو ما تُختَم به صلاة اللَّيل، هذا هو المقصود بالوتر.
والوتر المقصود به الواحد: إنسان صلَّى ركعتين؛ يوتر بثالثة..إنسان صلَّى أربعًا؛ يوتِر بخامِسة.. إنسان صلَّى سِتًّا؛ يوتِر بسابعة..وهكذا.. هذا هو المقصود.
أمَّا وتر في النَّهار؛ فلا.
6. السُّؤال:
امرأة صلَّت ولما علِمت أنَّها صلَّت في ثياب طاهرة -يعني: بعد أن صلَّت؛ علمت أنَّها صلَّت في ثياب غير طاهرة-؟
الجواب:
أرجو أن لا بأس في ذلك؛ لأنها لم تَعلَم إلا بعد انتهاء صلاتِها -أوَّلًا-، وهي تَجهل الواقع -ثانيًا-؛ فليس عليها شيء في ذلك -إن شاء الله-.
7. السُّؤال:
هل في رمضان طلبٌ للعلم، أم فقط التفرُّغ لقراءة القرآن؟
الجواب:
لا شكَّ أن شهر رمضان هو شهر القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾؛ لكن: هذا الشَّهر..أقول: لا يعني أنَّك فقط تقرأ القرآن.
هذا شهر قراءة قرآن..هذا شهرُ نوافل..هذا شهرُ صدقات..هذا شهرُ إحسان..هذا شهرُ إصلاح..هذا شهرُ طلب عِلم..هذا شهرُ دعوة إلى الله وتذكير بما عند الله..؛ لا نُحجِّر واسعًا..
وهذا لا ينفي أن يكون الأصل هو قراءة القرآن.
8. السُّؤال:
من يتعامل بالهجر: كيف نُعامله على وفق السُّنَّة؟
الجواب:
عامِله كما صحَّ وورد عن سيِّدنا عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-: (لا يُجزئ مَن عصى اللهَ فيك بأحسنَ مِن أن تُطيع اللهَ فيه).
فليهجُرك وأنتَ لا تهجره، بالعكس: حاوِل أن تَصلَه وتُذكِّره وتأمره وتنهاه بالتي هي أحسن للتي هي أقوم؛ لعلَّه يَرتدع، ولعله يَرتجع، فإن أبى؛ فلا حول ولا قوَّة إلا بالله، أنتَ أدَّيتَ الذي عليك، واسأل الله الهدايةَ له.
واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.
9. السُّؤال:
ما حُكم صندوق التَّقاعد؟
الجواب:
المعروف أن التَّقاعُد هو مِنحة من الدَّولة للذين خَدموا فيها سنوات محدودة معروفة -عبر القانون-؛ وبالتَّالي: حتى في الموازَنة العامَّة للدُّوَل يكون -هنالك- موازَنة خاصَّة للمتقاعِدين، هذا هو المعروف؛ وبالتَّالي: هو أمرٌ جائز.
10. السُّؤال:
ما التَّفصيل في مسألة صلاة الليل بعد الوتر -في حال لم يتم تأخير الوتر خوفًا من النَّوم-؟
الجواب:
الأصل: «اجعلوا آخرَ صلاتِكم في الليل وترًا»؛ هذا هو الأصل.
والأصل -كذلك-: «لا وِتران في ليلة».
هذا هو الأصل في هذا الباب.
فالإنسان إذا فاته الوتر -مثلًا- وأصبح؛ فحينئذٍ نقول له كما قال النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «من نام عن وتره؛ فليصلِّه إذا استيقظ».
11. السُّؤال:
ما رأيك بتقليد الأصوات من غير تكلُّف؟
الجواب:
أنا لا مانع عندي من تقليد الأصوات من غير تكلُّف -أوَّلًا-، ومن غير مخالَفة لأحكام التَّجويد -ثانيًا-، وحديث أبي موسى الأشعري -وقد ذكرناه في بعض الفتاوى قريبًا- لمَّا سمعه الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- وهو يَقرأ القرآن قال: «أمَّا إنَّ هذا فقد أوتي مِزمارًا من مزامير داود»، إلا أن قال: لو أني أعلم -يا رسول الله-؛ لحبَّرتُه لكَ تحبيرًا.
فتقليد الأصوات من باب ضبط هذا الصَّوت والإتقان وحُسن التَّغنِّي بالقرآن: أمرٌ مرغوب فيه، ومُرغَّب به؛ بِشَرطَين:
الشَّرط الأوَّل: عدم التكلُّف.
والشَّرط الثَّاني: عدم مخالفة أحكام التَّجويد المعروفة.
12. السُّؤال:
هل مَن يتوب من ذنب توبةً نصوحًا تزول عقوبة الذَّنب الدُّنيويَّة؟
الجواب:
نعم؛ مَن ستر الله عليه في الدُّنيا؛ يستر الله عليه في الآخرة -إن شاء الله-؛ إلا ما كان مِن حقوق العباد، فحُقوق العباد أمرُها مختلِف، فهي تدخل في باب المقاصَّة يوم القيامة.
أمَّا الذنوب التي بين العبد وربِّه؛ فالله غفور رحيم.
13. السُّؤال:
ما حُكم شُرب المرأة دواء لإيقاف دم الحيض في رمضان؟
الجواب:
قد ورد مثلُ ذلك عن بعض السَّلف كما في مصنَّف الإمام عبد الرزَّاق الصَّنعاني -رحمهُ الله-: عن بعض نساء السَّلف أنَّهنَّ كُنَّ يَشربنَ نَقيع الأراك.
الأراك: هو عصا السِّواك.
يبدو أن هذه التَّجربة عربيَّة مشهورة في الطبِّ العربيِّ؛ لتأخير الحيض -ونزول الحيض-.
لكن: أنا أجعل لذلك شرطَين:
الشَّرط الأوَّل: أن لا يترتَّب على المرأة التي تشرب هذا الدَّواء مفسدة، أن لا يترتَّب عليها ضرر.
والشَّرط الثَّاني: أن يكون بإِذن الولي إذا كانت متزوِّجة، وإذا غير متزوِّجة تستأذن أمَّها أو أختها الكبيرة -وما أشبه ذلك-.
14. السُّؤال:
هل يجوز أن أسبِّح اللهَ بين كلِّ ركعتَين في قيام الليل؟
الجواب:
يجوز، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «أن لا يزال لسانُك رطبًا بِذِكر الله»؛ لكن هذا في الصَّلاة المنفردة.. في صلاة الليل التي في هذه الأيَّام -زمن (الكورونا)-.
أما في صلاة الليل -في الزَّمان العادي- في الجماعات: أنت تَعلم أنه بعد الرَّكعتَين مباشرة يقوم الإمام؛ وبالتَّالي: لا يوجد مكان للتَّسبيح.
أمَّا: أنت وحدك..أو وأنت تُصلي بأهل بيتك، [تُصلي] ركعتين، ثم لا مانع أن تَذكُر الله في السِّر -وما أشبه ذلك-.
15. السُّؤال:
أكل التَّمر مع الماء: هل هو خِلاف السُّنَّة؟
الجواب:
يا إخواني: شُرب الماء، وأكل التَّمر؛ هذه أمور دُنيويَّة -أصلًا-؛ لكن الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يفتتح بالتَّمر، لو افتتحتَ بالماء لا مانع؛ لكن: «خير الهدي هدي محمَّد -عليه الصَّلاة والسَّلام-» ولو بالأمور الدنيويَّة.
اليوم: النَّاس يتأسَّون في الأمور الدُّنيويَّة بِمن هو لا يُقارَن -واحد بالعشرة ملايين- مع الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، فأَوْلى أن يكون تأسِّينا بالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولو في الأمور الدُّنيويَّة..الأمور الْجِبِليَّة؛ لا مانع؛ كما كان يفعل ابن عُمر -رضي الله-تعالى-عنهما-.
16. السُّؤال:
الرَّجل إذا باشر زوجتَه في نهار رمضان، فخرج سائل لزج من المرأة: هل صيامُها صحيح؟
الجواب:
طالما لم يَحدُث جماع؛ فصيامُها صحيح، فقط تتوضَّأ لصلاتِها، ما دام لم يحدث معها -أيضًا- ولو في داخل نفسِها ما هو مِن موجِبات الطهارة؛ لأنَّ المرأة.. لها شهوة كُبرى كالرَّجل، فإذا حصلت هذه الشَّهوة -سواء بِجماع أو بغير جماع-؛ فهذا موجبٌ للغُسل فيها.
أمَّا: هل هذا يَنقض ويُفسد صومَها؟
الصَّواب أنه لا دليل.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
17. السُّؤال:
هل يجوز جمعُ النِّيَّات؟ وما شُروط ذلك؟
الجواب:
أنا أجبتُ على هذه المسألة -مرارًا-، وقلتُ: المسألة خِلافيَّة بين كبار علماء الإسلام، حتى بعض العلماء -الإمام النَّووي- يقول: مكثتُ كذا وكذا من السَّنوات وأنا أبحث في هذه المسألة!
فالقول بالمسألة -سلبًا وإيجابًا- من الأمور التي اختلف فيها أهل العلم؛ لكن: أنا أَميل إلى أن كلَّ عملٍ له نِيَّتُه، وأن جمعَ النيَّات غير مشروع.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
18. السُّؤال:
هل يجوز الصَّلاة في الليل بغير نِيَّة قيام الليل؟
الجواب:
ماذا تفعل في صلاة الليل غير نِيَّة قيام الليل؟!
نعم؛ ممكن إذا توضَّأت أن تُصلِّي ركعتين -سُنَّة الوضوء-، أو -مثلًا-: إذا دخلتَ المسجد -أيَّام المساجد-.. نسأل الله أن يُقرِّبها منَّا، ويُقرِّبنا منها-أكثر وأكثر-يا رب العالمين-؛ بأن يَصرف الله هذا البلاء والوباء والدَّاء، نسأل الله -تعالى- العافية..قد تدخل المسجد تُصلِّي ركعتَين؛ هذه لا تُعد قيام ليل، هذه لها أسبابُها.
وهذا هو الجواب.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
19. السُّؤال:
ما حُكم مَن يُفطر على خرخشة الصَّوت قبل الأذان؛ بحجَّة أن الإمام يُفطر على الأذان؟
الجواب:
هذه النِّصف دقيقة -أو: العشرون ثانية- لن تؤثِّر في صومِك، وبخاصَّة إذا كنتَ بين أهلِك وولدِك، سيقولون: كيف أفطرتَ قبل الأذان! لا يَعرِفون أنَّ هذه الخرخشة -فعلًا- هي مؤذِنة ببدء الأذان!!
الأمر يحتاج إلى حِكمة.
20. السُّؤال:
لماذا يتمُّ الأذان قبل الفجر الصَّادق بمدَّة، والأذان بعد الغروب بمدَّة؟
الجواب:
الذين فعلوا ذلك -على وجهِ التعمُّد- قصدوا الاحتِياط، والاحتياط مَقبول؛ لكن: ليس بالصُّورة التي نراها اليوم مِن الإكثار مِن الوقت، أن يكون الوقت كبيرًا.
احتَط لصيامِك عشر دقائق -مثلًا-، أو خمس دقائق، أو -حتى- ربع ساعة؛ لا مانع.
كذلك: تحتاط لصلاتك.
بعض النَّاس يحتاط لصيامِه، ولا يحتاج لصلاتِه، والاحتياط للصَّلاة أهم.
كذلك المغرب -سواء بِسواء-.
21. السُّؤال:
ما حُكم قضاء رمضان مع ست من شوال إشراكًا في الصِّيام؟
الجواب:
قصدُه: إشراكًا في النيَّة؛ كما المسألة التي أجبنا عليها قبل قليل؛ وهي: مسألة جَمع النيَّات في عمل واحد.
أنا لا أرى ذلك.
كل عمل له نِيَّتُه: صيام شوَّال له نِيَّتُه، وقضاء رمضان له نِيَّتُه، ويوم الاثنين والخميس له نِيَّتُه، الأيَّام من كلِّ شهر لها نيَّتُها..
وتخيَّل لو أنَّنا جمعنا الأيَّام البيض مع الاثنين والخميس مع السِّت من شوَّال مع القضاء..كلُّه في فِعل واحد؛ هل هذا هو الشَّرع؟
الذي يقول بالجواز؛ يجب أن يُفتي بهذا الجواز -سواء بِسواء-، وهو ما لا ينشرح له صدري، وفي نفس الوقت مع التَّوكيد إلى أن المسألة فيها خِلاف بين العلماء؛ فلا نُشدِّد، نختار هذا القول، ولا نُشدِّد في القول الآخر.
22. السُّؤال:
ما رأيكم في تحقيق الدُّكتور بشَّار عوَّاد معروف لكتاب «التَّمهيد»؟
الجواب:
الدُّكتور بشَّار عوَّاد صديقُنا القديم -لعلَّنا نعرفه منذ أكثر من ثلث قرن-، وهو رجل مُحقِّق مُجوِّد في التَّحقيق ومُتقِن، ولا أعلم في هذا الزَّمان مَن هو أقوى منه في تحقيق المخطوطات والنَّظر فيها ومعرفتها.
لكن: في باب الحديث والفقه له وعليه.
ومع ذلك: انتقد كثيرٌ من الباحثين والمحقِّقين عمل الدُّكتور بشَّار في «التَّمهيد» باعتمادِه على بعض النُّسخ النَّاقصة التي ليست هي -على تعبيرِه- الإبرازة الأخيرة، أو أنَّ فيها إضافات، فلم يَضع الإضافات في الهامش، فكان بِودِّنا أنه وضع الإضافات في الهامش مع الإشارة إلى أن هذا مما تفرَّدت به النُّسخة الفلانيَّة، أو النُّسخة الفلانيَّة.
23. السُّؤال:
ما حُكم قتل الحشرات -لكثرتِها-؛ مثل: النَّمل والعناكب؟
الجواب:
كل ما يُؤذيك، ولا تستطيع دَفعَه إلا بالقتل -من هذه الحيوانات-؛ فيجوز قتْلُه.
الأصل: محاولة إبعاده -بأي طريقة أو بأخرى-، فإن لم تستطع؛ فلا مانع من قتله؛ لكن: «إذا قتلتُم فأحسِنوا القتلة» -كما قال النَّبي-صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم-.
24. السُّؤال:
حديث: «الذي تفوتُه صلاةُ العصر كأنَّما وُتر أهلَه وماله» هل المقصود الجماعة، أم خروج الوقت؟
الجواب:
لا؛ بل المقصود خروج الوقت، المقصود أنَّه فاتته هذه الصَّلاةُ -كلُّها-، ليس المقصود أنَّه فاتته صلاة الجماعة فقط، هذا وجه التَّفريق بين الأمرَين.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.
25. السُّؤال:
مِن أين يبدأ مَن أراد حِفظ الحديث؟ وما الفرق بين حِفظ الحديث وعِلم الحديث؟
الجواب:
حِفظ الحديث: مادَّة من عدَّة مواد موجود في (عِلم الحديث).
هنالك: فِقه الحديث، وهنالك: تخرج الحديث، وهنالك: مصطلح الحديث، وهنالك: غريب الحديث، وهنالك: ناسخ الحديث ومنسوخه.. أبوابٌ كثيرة -وكثيرة جدًّا- في موضوع عِلم الحديث.
حِفظ الحديث بابٌ من هذه الأبواب.
وأنا أقول: إذا لم يكن حِفظ الحديث مقرونًا بِفقه الحديث؛ فلن يُفيد كثيرًا.
فيا مَن وفَّقك الله لِحافظة قويَّة: اجعل هذه الحافظة مُرتبطةً بالفقه للحديث، وبالتأمُّل والتدبُّر لمعانيه وما يُستنبَط منه، وما يُستفاد منه.
26. السُّؤال:
أحدُهم قال: حديث: «مَن قال مئة ألف مرَّة (لا إله إلا الله وحده لا شريك)؛ عُتق من النَّار». قال السَّائل: بحثتُ فلم أجده؛ فهل وقفتُم عليه وعلى صحَّته؟
الجواب:
هذا حديثٌ لا يصح -يقينًا-.
وأنا قلتُ -قبل قليل-: بأن أكثر عدد ورد في الأحاديث الصَّحيحة والأذكار: عدد مئة، ليس (مئة ألف)! ولكن: (مئة) -فقط-؛ هذا هو المنقول عن سيِّدنا الرَّسول -صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه-أجمعين-.
أمَّا غير ذلك..في رواية: (مئتين)؛ لكن: جاءت روايات أخرى تُبيِّن: (مئة صباحًا، ومئة مساء).
أمَّا الأُلوف، وعشرات الألوف، ومئات الألوف..؛ فهذا لا يوجد.
27. السُّؤال:
ماذا تنصحون من الكتب لطلاب العلم المبتدئين؟
الجواب:
دائمًا وأبدًا: أنا إذا سُئلتُ هذا السُّؤال؛ أقول للمبتدئ -بمعنى المبتدئ-: ابدأ بكتاب «توجيهات إسلاميَّة» للشَّيخ محمد جميل زينو -رحمة الله عليه-، وهو شيخ سوري، عاش -أكثر دهرِه- في مكَّة، وكان صوفيًّا، ثم صار من أهل السُّنَّة ودُعاة منهج السَّلف.
كتاباته «التَّوجيهات الإسلاميَّة»:
أوَّلًا: متنوِّعة وجامِعة.
ثانيًا: سهلة.
ثالثًا: صحيحة.
هذا الجمع قد لا تجدُه في مؤلَّف آخر أو في مؤلِّف آخر.
رحم الله الشَّيخ، وأجزل النَّفع والفائدةَ من مؤلَّفاته، رحمه الله -تعالى-.
28. السُّؤال:
ما الفرق بين الإيمان والإسلام؟
الجواب:
الإيمان: هو الأعمال الباطنة، والإسلام: هو الأعمال الظَّاهرة؟
الإيمان: هو العقائد، والإسلام: هو الأفعال.
لكن: العلماء قالوا قاعدة:
قالوا: إذا ذُكر الإسلام والإيمان فهذا هو وجهُ التَّفريق بينهما -على ما شرحتُ-.
أمَّا إذا ذُكر الإسلام -وحده- في نصٍّ منفردًا، وذُكر الإيمان في نصٍّ منفردًا؛ فهذا بمعنى ذاك، وذاك بمعنى هذا.
أما إذا اجتمعا في نصٍّ واحد؛ فهما على ما أشرتُ -وما ذكرتُ-.
29. السُّؤال:
هل يجتهد النَّبي ﷺ في الأمور الشَّرعيَّة؟
الجواب:
بلى؛ يجتهد، فإمَّا أن يُقرَّه الوحي، وإمَّا أن يُسَدِّده، وهذا كثير في السُّنَّة.
ولبعض الْفُضْلَيات من النِّساء المتفقِّهات كتاب -مجلَّد كبير- بعنوان «اجتهاد النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه-أجمعين-».
30. السُّؤال:
استيقظ أحدُهم من النَّوم في الثُّلث الأخير من الليل، وكان قد صلَّى الوتر: فهل يُصلِّي قيام الليل؟ وهل إذا صلَّى القيام يكون مُخالِفًا لأمر النَّبي ﷺ: «اجعلوا آخرَ صلاتِكم بالليل وِترًا»؟
الجواب:
من كان على هذه الحالة، واستيقظ بعد نوم وقد أتمَّ صلاتَه وأوتَر: وردت السُّنَّة بإباحة صلاتِه ركعتَين.
حتى الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- لَمَّا صلَّاهما؛ صلَّاهما جالسًا؛ لكن الجلوس من باب بيان الجواز؛ وإلا فالأصل: أنَّه إذا أراد أن يُصليَهما من قيام؛ صلَّى، ولا شيءَ عليه في ذلك.
31. السُّؤال:
ما حُكم القرض الذي تتولى الدَّولة سَداد فائدته؟
الجواب:
إن كان الحال كما هو لفظ السُّؤال: فيجوز؛ لأن الأمر -كلَّه- راجع إلى الدَّولة -القرض من الدَّولة، والفائدة من الدَّولة، والفائدة إلى الدَّولة-؛ فلا بأس في ذلك.
لكن: أخشى -أحيانًا- أن يكون في ذلك شيء من التَّحايُل -معذرةً-؛ فهنا: الأمرُ مختلف.
انتهى اللِّقاء الثَّالث والأربعون
|