اللِّقـاء العشرون
(28 شعبان 1441 هـ)
* المجلس الثَّاني من التَّعليق على رسالة «فضل صَوم رمضان وقيامه» لسماحة الشَّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-.
[جواب إشكال من بعض الإخوة حول مسألة الصِّيام لِلمعتَكِف]
قال الشَّيخ علي -رحمهُ الله-:
.....وموضِع إشكالِه؛ يقول: أنتَ قلتَ بأنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- لم يعتكِف إلا في رمضان، قال: وقد وَرد في «صحيح» البخاري ومسلم: أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- اعتكف في شوَّال؛ فكيف ذلك؟
أقول:
الجواب على هذا: أنَّ اعتِكافَه في شوَّال كان لسبب.. يَقصد -مِن وراء ذلك-: أنَّ النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- اعتكف في شوَّال؛ وبالتَّالي لم يَصُم؛ هذا مَقصد الأخ الكريم، ونحن كلامُنا كان عن الصِّيام للمعتكِف، وذكَرْنا قول السَّيِّدة عائشة -رضي اللهُ-تعالى-عنه-: «من السُّنَّة للمعتكِف أن يَصُوم»، وهو أصحُّ روايةً من الحديث المرفوع: «لا اعتِكاف إلا بِصيام» فهذا -بهذا اللَّفظ- (ضعيف)؛ لكن: ذاك يُغني عنه.
فأقول الجواب -بالتَّفصيل-نوعًا-ما-..:
بوَّب الإمامُ ابنُ خُزيمة في «صحيحِه».. وابتداءً -لمن لا يَعرف ابن خُزيمة-: ابن خُزيمة معدودٌ من شيوخ الإمام البخاري -وإن لم يَروِ عنه في «الصَّحيح»، فقد روى عنه خارج «الصَّحيح»-، وأخذ عنه العلم، فهو ذو مكانة عظيمة وكبيرة وجليلة في العلم.
قال: «بابُ الاعتِكاف في شوَّال إذا فات الاعتِكاف في رمضان؛ لفَضلِ دوام العمل».
إذَن: النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- لم يَعتكف في شوال -ابتداءً-؛ وإنَّما لسبب وهو فواتُ اعتكافه -لسبب معيَّن- الرَّمضاني.
ثم روى حديث السَّيِّدة عائشة: «أنَّ النَّبيَّ ﷺ أراد الاعتكافَ، فاستأذَنَتْه عائشةُ لِتعتكفَ معه، فلمَّا رأتهُ زَينبُ معه فأذِنت لها، فضربتْ خباءَها، فسألَتْها حفصةُ تَستأذن لها لِتعتَكفَ معه» رضي الله عنهنَّ وأرضاهنَّ -أمهاتُنا وأمَّهات المؤمنين-، قال: «فلمَّا رأتهُ زَينبُ ضَربتْ معهنَّ»؛ يعني: الخباء -أشبه ما تكون بالخيمة- «وكانت امرأةً غَيورًا» وهكذا كلُّ النِّساء، قال: «فَرأى رسولُ الله ﷺ أخبيتَهنَّ»؛ يعني: كل واحدة وما صَنعت مِن خباء -أي: خيمة، وما أشبه-، «فقال : «ما هذا؟ آلْبِرَّ يُرِدْن بهذا؟»»؛ يعني: هل هذا العمل -حقيقة- تُرِدْن به البرَّ والعمل الصَّالح، أم غَيرة نِسائيَّة؟ قالت عائشةُ -رضي الله عنها-وهي راويةُ الحديث-: «فَتَرَك» النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- «الاعتكافَ حتى أفطرَ مِن رمضان، ثم اعتكفَ في عشرٍ من شوَّال» والحديث رواه البخاري ومسلم.
ثم -بعد ذلك- روى ابنُ خُزيمة -أيضًا- في «صحيحه»: «باب الاعتكاف في السَّنَة المقبِلة إذا فات ذلك لِسفرٍ أو عِلَّة تُصيب المرء».
ثم أورد الحديث: «عن أُبيِّ بن كعب -رضي اللهُ عنه-: أن النَّبي ﷺ كان يَعتكف العشرَ الأواخر من رَمضان، فلم يَعتكف عامًا؛ فاعتكف من العام الْمُقبِل عِشرين ليلةً»؛ يعني: من رمضان.
إذَن: حرصُ النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- على الاعتكاف الرَّمضاني جعله لَمَّا يُفوِّته؛ يَقضيهِ -بعد ذلك- بالشَّرط المعتبَر، والشَّرطُ المعتبَر: هو الصِّيام -كما سيأتي-.
يقول الإمامُ ابن القيِّم: «لم يُنقل عن النَّبيِّ ﷺ أنه اعتكف مُفطِراً -قطُّ-...ولم يَذكر اللهُ -سُبحانه- الاعتكافَ إلا مع الصَّوم، ولا فَعَلَه رسولُ الله ﷺ إلا مع الصَّوم».
قد يقول قائل: واعتِكافُه في شوَّال؟
نقول: هذا مَبنيٌّ على الأصل، وبالتَّالي: لا يُقال بأنَّه اعتكف بِغير صوم؛ بل الأصل أنَّه اعتكف بِصَوم، مَن أراد عكسَ ذلك يجب أن يأتيَ بدليل -كما قال ابنُ القيِّم- أنَّ النَّبيَّ -عليه الصَّلاة والسلام- اعتكف بِغير صوم، وهذا المطالَب بالدَّليل، الذي يُخالِف الأصلَ هو المطالَب بالدليل.
قال ابن القيِّم: «فالقولُ الرَّاجحُ في الدَّليل الذي عليه جُمهور السَّلف: أنَّ الصَّوم شرطٌ في الاعتكاف» والشَّرط لا يصحُّ الشَّيء دونه، وهذه مُهمَّة من كلام الإمام ابن القيِّم، وهو اختيار ابن تيمية -كما يقول-، يقول ابن القيِّم: «وهو الذي كان يُرجِّحُه شيخُ الإسلام أبو العبَّاس ابنُ تيميَّة» وهذا كلامُه في «زاد المعاد».
الإمامُ أبو بكرٍ الجصَّاص الأصولي المشهور، والذي صنَّف كتابًا فريدًا في «أحكامِ القرآن»، يقول -في كتابِه هذا-: «لمَّا كان الاعتِكاف اسمًا مُجمَلًا لِما بيَّنَّا»؛ يعني: أنَّه حَبسُ النَّفس و..و.. إلخ «كان مُفتقِرًا إلى البيان» كلُّ إجمالٍ؛ لا بُدَّ له من بيان «فكلُّ ما فعلهُ النَّبي ﷺ في اعتِكافه فهو واردٌ مَورِد البيان؛ فيجب أن يكونَ على الوجوب؛ لأنَّ فِعلَه إذا وَرد مَوردَ البيان؛ فهو على الوجوب؛ إلا ما قام دليلُه.
فلمَّا ثبتَ عن النَّبي ﷺ: «لا اعتِكافَ إلا بِصَوم»» نحن رجَّحنا أنَّ هذه الرِّواية غير صحيحة، وأنَّ الرِّواية الصَّحيحة: «السُّنَّة لِلمعتكفِ: أن يَصوم»، قال: «فلمَّا ثبتَ عن النَّبي ﷺ أنَّه قال: «لا اعتِكافَ إلا بِصَوم»؛ وجبَ أن يكونَ الصَّومُ مِن شُروطه التي لا يصحُّ إلا بها؛ كَفِعله في الصَّلاة لأعداد الرَّكعات والقيام والرُّكوع والسَّجود، لمَّا كان هذا -كلُّه- على وجه البيان؛ كان على الوجوب».
الآن نأتي إلى جوابٍ مُباشر على حديثِ صيام العشرِ مِن شوَّال:
يقول بعضُ العلماء مُعترضِين..؛ لأنَّ المسألة خِلافيَّة -ابتداءً- نحن نحترم الرَّأي والرأي الآخر؛ لكن: نُرجِّح الرَّأي الذي تَنصرُه الأدلَّة -في حسب وجهة نظرنا-.
يقول: اعتكاف النَّبي في العشر من شوَّال يَتناول اعتكافَه يوم العيد، ويومُ العيد نُهي عن صومِه!؟ إذَن كأنَّه يقول: لا بُدَّ أن يُفطِر لأنَّه ابتدأ صومَه بيوم العيد.
هذا كلام بعض أهلِ العلم من الذين يقولون بالقول الآخر.
أمَّا الجواب:
يقول الإمام ابنُ عبد الهادي -في كتابه «تنقيح التَّحقيق»- قال: «هذا ليس بصريحٍ في دخول يوم الفطر؛ لجوازِ أن يكون أوَّل العشر التي اعتكف ثاني يوم الفطر؛ بل هذا هو الظَّاهر، وقد جاء مُصرَّحًا به في حديثٍ: «فلما أفطرَ؛ اعتكف»».
والمقصود بذلك: يوم العيد؛ لأنَّ يوم العيد -بإجماعِ الأمَّة- لا يكون فيه صَوم؛ وبالتَّالي: الأحكام المتعلِّقة بالصَّوم والْفِطر؛ تكون بعد يوم العيد مباشرةً.
ثم -هنالك- فائدة أخرى: أنَّ هنالك رواية عند البخاري: (أنَّه اعتكف في العشرِ الأواخِر).
وهذه تقضي على الأولى تمامًا...
في الحقيقة؛ المسألة تَقبَل البحث والنِّقاش، وهي مسألة عِلميَّة جيِّدة.. وأكرِّر شُكري ودُعائي للأخ الكريم الذي كان سببًا في قدحِ فِكرة هذه المسألة.
1. السُّؤال:
نريد توجيهًا لقول عُمَر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- في جمعِه النَّاس وراء أُبَيٍّ في صلاة القيام وقولِه: «وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا خَيْرٌ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ».
الجواب:
يعني: لَمَّا اجتمع النَّاس على القيام، الرِّواية تقول: «في أوَّل اللَّيل»؛ وبالتَّالي: قَصْد عُمر «وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا» يعني: في آخر الليل «خَيْرٌ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ»: في أوَّل اللَّيل؛ لكنْ: فضلُ الجماعةِ هو الَّذي جعل هذا الفضل الشَّامل لِلفِعلَين هو الخير، ولو استطاع النَّاس أن يُؤخِّروا هذه الصَّلاة إلى ما بعد منتصف اللَّيل وإلى آخر الليل؛ فهذا أحسن؛ لكنْ: هذا لا يستطيعُه النَّاس؛ مِن هنا: كان هذا الجمع، مع الإشارة إلى أنَّ آخر الوقت أفضل -لو استُطيع-.
2. السُّؤال:
هل فعلًا بدَّع شيخُنا الألبانيُّ مَن صلَّى أكثر من إحدى عشرة ركعةً في صلاة القيام؟
الجواب:
يجب أن نعلمَ شيئًا في منهجيَّة الإمام الألبانيِّ -ومنهجيَّة العلماء-قاطبةً- ممَّا يخفَى على الكثيرين-، وهذا كان يُكرِّره شيخُنا -رحمه الله- كثيرًا- في مجالسه؛ ماذا يقول؟
يقول: «ليس كلُّ من وقَعَ في البِدْعةِ وَقَعَتِ البِدْعةُ عليها، وليس كلُّ مَنِ ابْتَدَعَ صارَ مُبْتَدِعًا»؛ لاحتمال أن يكونَ ابتداعُه عن جهل، لاحتمال أن يكون ما قام به مِن فِعل وُصف أنه فعل مبتدَع عن اجتهاد؛ وبالتَّالي: هو مأجور -حتى لو كان فعلُه مبتدَعًا-.
لذلك شيخُنا يقول عن الفعل: إنَّه بدعةٌ، وأمَّا فاعلُها؛ فهذا بحسَبِه: هل هو مُقلِّد..هل هو مُعانِد..هل هو مجادِل.. هل هو جاهل..
هذا وجهة نظر شيخِنا في هذا الموضوع، بِغضِّ النَّظر عن مسألة عدد [الرَّكعات] في التَّراويح؛ لكن: أنا أتكلَّم عن تأصيل الفرق بين البدعة والمبتدع -بشكل عامٍّ-.
وأشير -ههنا-: أنَّ ما نُقل عن التَّابعين -ليس عن الصَّحابة- مِن تجويزِ الصَّلاة أكثر من إحدى عشرة ركعة؛ جعلني -شخصيًّا-أعوذ بالله من شرّ نفسي، وسيئات عملي- أميل إلى القول الآخَر؛ بجواز الزِّيادة على إحدى عشرةَ ركعةً؛ لكن: مع مخالَفة السُّنَّة، «وَخَيرُ الهديِ هَدْيُ مُحمَّد»؛ لكن: لا أقول: هي مبتدَعة، ولا أقول بأنَّها بِدعة.
ونبَّهتُ -مِن قَبلُ- أنَّ هنالك فرقًا بين البِدعةِ ومخالَفة السُّنَّةِ؛ كُلُّ بدعةٍ مُخالِفةٌ للسُّنَّةِ ومخالَفةٌ للسُّنَّةِ، وليس كلُّ مخالَفةٍ للسُّنَّةِ بِدْعةً، وضربت المثلَ على ذلك؛ فلا أُطيلُ.
3. السُّؤال:
هل التَّهنئة تكون للتَّشجيع على الطَّاعة؟ [الأخ يقصد التَّهنئة بدخول شهر رمضان]
الجواب:
ونحن أجَبْنا على هذه المسألة -في لقاء سابق-، وقلنا بأنَّ الإمام ابن رجب -ونقلَه عنه الإمام السُّيوطيُّ- استدلُّوا ببعضِ الأحاديث عن النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم- أنَّه جاء يُبشِّر الصَّحابة بشهرِ رمضان، وقد تختلف صُوَر التَّهنئة، أو التَّبشير، أو التَّبريك؛ فحينئذ: الأمر فيه سَعةٌ- إن شاء الله-.
وذكرتُ -ما أريد أن أكرِّره-الآن-: أن شيخَنا -رحمهُ الله- الشَّيخ الكبير الشَّيخ الألباني، أنا أذكر -تمامًا- أنه كان -أحيانًا- يَسبقُنا بالاتِّصال إذا ثبت دخولُ شهر رمضان بأن يبارِك لنا بهذا الشَّهر، وأن يهنِّئَنا فيه.
وكذلك هذا منقول عن الشَّيخين الجليلَين الكريمَين الشَّيخ عبد العزيز بن باز والشَّيخ محمَّد بن صالح العُثيمين -فضلًا عن غيرهم من أهل العلم والفضل-.
والله الموفِّق.
4. السُّؤال:
حُكم الاعتِماد على عِلم الفلك في تحديد الأشهر القمريَّة، وإذا اعتمدت دولة عليها؛ فما الْحُكم؟
الجواب:
ابتداء أقول: أما الاعتِماد -بمعنى الاعتِماد-؛ فلا يجوز؛ ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾-.
ولكنْ: إذا أُخِذ علم الفلك قرينةً؛ لا مانع، أمَّا أن يكون اعتمادنا عليه؛ فلا يجوز.
السُّؤال الثَّاني: يقول: فكيف لو اعتمدت دولة عليها في الحكم؟
أنا أقول: للأسف الشَّديد! المسلمون -الآن- مُتفرِّقون -دُوَلًا متعدِّدةً-، فهل نُفرِّقهم في الدَّولة الواحدة؟!
لذلك: الرَّسول الكريم -عليه الصَّلاة والسَّلام- أشار إلى هذا المعنى فماذا قال؟ قال: «الصَّوْمُ يوْمَ تَصومونَ، والفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرونَ»، وفي لفظ: «الصَّوْمُ يوْمَ يَصومُ النَّاسُ، والفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ»، هذا هو.
فإذا صام أهلُ البلد الذي أنت فيه: إيَّاك أن تقول أنا أصوم مع البلد الفلاني -قد سبقك-، أو مع البلد الفلاني التي ستأتي غدًا أو بعد غد؛ للأسف! هذا لا يجوز!
ونحن نرى في العالم الإسلامي -اليوم -للأسف!- أن بداية رمضان -وقد يكون-أيضًا-يوم العيد-: ثلاثة أيَّام! بعض البلاد تقول: اليوم، بعض البلاد تقول: غدًا، بعض البلاد تقول: بعد غدٍ -وللأسف الشَّديد!-، الأمر دخَله السِّياسةُ، وأهواءُ السِّياسةِ -إلَّا مَن رحِمَ ربِّي، وقليلٌ ما هُم!.
5. السُّؤال:
هل يجوز أن نقول: (رمضان كريم)؟
الجواب:
أنا قرأتُ فتاوى لبعض أهل العلم بأنَّها لا تُقال، وحتَّى العوامّ فيما بينهم لَمّا يقول الواحد لهم: (رمضان كريم)؛ ماذا يكون جوابُهم؟ -على الأقل في بلادِنا- يقولون: (الله أكرم)؛ إذن: ربنا هو الكريم، وربُّنا أكرم الأكرمين -سُبحانه وتَعالى-، فلا يُقال: (رمضان كريم) بِدون حجَّة -في هذا الباب-، والله -تعالى- أعلى وأعلم.
قد لا أستطيعُ أن أقول: هي بدعة، أو حرام؛ لكن: الأَولَى مُجاهدة النَّفس على ترك ذلك -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.
6. السُّؤال:
ما حُكم صلاة العيد إذا كان هناك حَجْر؛ هل تُصلَّى في البيت؟
الجواب:
..نعم؛ تُصلَّى، وهذا قول الإمام الشَّافعي وغيره من أهل العلم، وهو المنقول عن السَّلف: أنَّ من فاتته صلاة العيد؛ يصلِّيها في البيت.
وهذا ردٌّ على مَن يَعكسون الصُّورة في موضوع صلاة الجمعة.
صلاة الجمعة المنقول عن السَّلف: أنهم كانوا يُصلُّونها في البيوت ظهرًا.
بعضُ الإخوان الأفاضل -والفتوى خطأ-مع احترامنا الشَّديد لهم- ماذا يَفعلون في صلاة الجمعة؟ يَخطبون جمعةً، ويُصلُّون ركعتَين!
هذا خلاف المنقول عن السَّلف، فهل في هذه الحالة -هنا- يَخطبون؟ المنقول عن السَّلف الصَّلاة -فقط-، وجواز أدائها في البيت -وفي البيوت-، كلُّ واحد في بيتِه... وفِعل السَّلف هو الذي يجعلنا نُفرِّق بين الصُّورتَين ونفعل ما ورد عنهم -رضي الله-تعالى- عنهم وأرضاهُم-.
7. السُّؤال:
ما الرَّاجح في الحامل والْمُرضِع إذا أفطرتا؟
الجواب:
...والرَّاجح في ذلك -والمسألة خلافيَّة-: أنَّهما تَفدِيان -يعني: تُكفِّران-، ولا تَقضِيان، وهذا هو المنقولُ عن بعض الصَّحابة، ويقول الإمام ابنُ قدامة -في كتاب «المغني»-: (ولا يُعرف لهم مُخالِف).
8. السُّؤال:
ما هو البرنامج اليوميُّ الذي تنصحني أن أمشي عليه في رمضان؟
الجواب:
...أنا أقول: يا أيُّها الإخوة! افعلْ ما يُعينُك اللهُ عليه وأنت مُنشرحٌ له، هذا أعظم شيء في العبادة؛ لا تَقهَرْ نفسَكَ على العبادةِ.
لو كانت العبادةُ قليلةً -مع اطمئنان وانشراح صَدْر-؛ هذا خيرٌ مِن أنْ تقول: أريد أن أُكثِرَ ولا تكون نفسُكَ تائقةً لهذا العمل، مُشتاقةً لهذا العمل، راغبةً بهذا العمل.
لذلك النَّبيُّ ﷺ ماذا يقول؟ يقول: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ».
الصِّيام مفروض، القيام مَسنون، قراءة الْقُرآن، الأذكار، الاستغفار، والصَّلاة على النَّبي ﷺ، الصَّدقة -وهكذا- بِحسَب ما يُعينك الله -تعالى- عليه، ويوفِّقك إليه.
9. السُّؤال:
هل الاستِمناء يُبطل الصِّيام؟
الجواب:
عند جمهور العلماء: الاستِمناء يُبطلُ الصِّيام، وذهب بعضُ أهل العلم -وهو الإمام أبو محمَّد ابن حزم الأندلسيُّ الظَّاهريُّ -رحمه الله- إلى أنَّه لا يُبطِل الصِّيامَ، وانتصر له بعضُ أهل العلم.
ولكنْ -كيفما كان الأمرُ-: الأحوَط لِمَن ابتُلي بهذا أن يقضيَ يومًا مكانَه، مع اتِّفاق الجميع أنَّ هذا الفِعلَ في نهار رمضانَ من المحرَّماتِ؛ لكنَّهم اختلفوا: هل هو مُبطِل أو غير مُبطِل؟
ونحن نقول: كيفما كان الأمرُ؛ الأصل أنْ تَحتاطَ -يا مَن ابتُليتَ بهذا الفعل الشَّنيع- بِصيام يومٍ مكانَه، مع الاستغفار الذي لا بُدَّ منه؛ حتَّى يتوب الله عليكَ.
وشهر رمضان شهرٌ تُكسَر فيه الشَّهَواتُ، وتقالُ فيه العَثَراتُ، وتُغفَر فيه الزَّلَّاتُ، وتُكثَّر فيه الحسناتُ، وتفتح فيه أبواب الجنَّاتِ.
نسأل اللهَ -سبحانه في عُلاه- أن يَغفر لنا، وأن يَرحمنا، وأن يُثبِّتَنا، وأن يتوفَّانا على الحقِّ والهدى، وأن يُحسِن خواتيمَنا؛ إنَّ ربي سميع الدُّعاء.
انتهى اللِّقـاء العشرون